لا فرق بين مأمون بيك ومحمود عباس بيك/ نافزعلوان


مأمون بيك في مسلسل باب الحارة السوري شخصية أتت من خارج الحارة لتحتل مركز الزعامة في داخل الحارة متجاوزاً ورغماً عن ( عضوات ) وكبار رجالات الحارة وهوغير معروف الأصل ولا الفصل وبناء على صلة قرابة ( غامضة ) بزعيم الحارة السابق تم تتويجه زعيماً للحارة، ومحمود عباس في مسلسل القضية الفلسطينية أيضاً شخصية أتت من الخارج الفلسطيني لا تاريخ حقيقي له ومجهول الهوية في تاريخ القضية الفلسطينية ليحتل هو الآخر منصب الزعامة بين الشعب الفلسطيني متجاوزاً هو الآخر كل ( عضوات ) وكبار رجالات الشعب الفلسطيني.

مأمون بيك في مسلسل باب الحارة على علاقة وطيدة بالفرنسيين على يده تحل مشاكل عديدة مع الفرنسيين ويستصدر عفواً عاماً عن المحكوم عليهم بالإعدام من أبناء الحارة وتدخل الأطعمة والإمدادات إلي الحارة بعد زيارة غامضة لمأمون بيك إلي الفرنسيين دون أن يكون برفقته أي من ( عضوات ) الحارة، محمود عباس أيضاً على علاقة وطيدة بإسرائيل ويستصدر أيضاً عفواً عاماً عن مطلوبين من إسرائيل وعلى يده أيضاً تحل إستشكالات عديدة مع إسرائيل ويدخل إلى الأراضي الفلسطينية من هم محكوم عليهم بلإعدام من قبل إسرائيل لحضور مؤتمر حركة فتح وبتليفون منه إلي ( الفرنساوي ) عفواً أقصد إلي ( الإسرائيلي ) تفتح المعابر الإسرائيلية وتدخل الأطعمة والأدوية إلي قطاع غزة المحاصر.

مأمون بيك يقوم بتغذية الفرنسيين بالمعلومات عن كل ما يدور داخل الحارة و محمود عباس بيك أيضا يقوم بتغذية الإسرائيليين عن كل ما يدور بين الفلسطينيين. مأمون بيك يقوم بشراء بيوت الحارة و ( ملكاناتها ) ومحمود عباس بيك وأولاده أيضا يستولون على كل المشاريع والأراضي الفلسطينية. مأمون بيك في مهمة رسمية من الفرنسيين داخل الحارة ومحمود عباس بيك أيضاً في مهمة رسمية من الإسرائيليين.

مأمون بيك ضالع في إقامة مفاوضات بين أهالي الحارة وبين الفرنسيين ومحمود عباس بيك أيضاً ضالع في إقامة مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وبين الشعب الفلسطيني.

مأمون بيك أدخل عناصره وجواسيسه ليتغلغلوا بين أهالي الحارة ومحمود عباس بيك أيضاً أدخل ويدخل في كل يوم المزيد من عناصره وجواسيسه ليتغلغلوا بين الشعب الفلسطيني.

مأمون بيك يقوم بزرع الفتنة والفرقة بين أبناء الحارة ومحمود عباس بيك أيضا زرع الفتنة وقام بتفريق الشعب الفلسطيني.

مأمون بيك يسيطر على البسطاء من أبناء الحارة بالأموال التي يغدقها على كل من يبدي إستعداداً لأن يقبضها ومحمود عباس بيك أيضاً يسيطر بالأموال على البسطاء من الشعب الفلسطيني ويغدقها على كل من يبدي إستعداداً على بيع ذمته الفلسطينية.

مأمون بيك كان ضالع في تعذيب وشقاء أبناء كل الحارات المجاورة و محمود عباس كان أيضا ضالعاً في تتويه وتعذيب الشعب الفلسطيني عن طريق منظمة التحرير التي ينحدر منها خلال الأربعين سنة الماضية. مأمون بيك لا يرتاح له ولا يأمن جانبه الكثيرون من أبناء الحارة الشرفاء ومحمود عباس بيك أيضا لا يرتاح إليه ولا يأمن جانبه الكثيرون من أبناء الشعب الفلسطيني.

مأمون بيك ستكون نهايته على يد أحد أبناء الحارة الشرفاء و محمود عباس بيك أيضاً ستكون نهايته على يد أحد أبناء فلسطين الشرفاء.
 - لوس أنجليس

أحجار على رقعة الشطرنج/ فريال حموري


قبل أعوام طويلة قرات كتابا لازلت أراجعه بذهني, كلما عصفت في العالم الأحداث, وهذا الكتاب عكف المؤلف عليه سنوات طويلة ,ليصل في نهاية بحثه لأجابات تقنعه, وتقنع القارئ بما يحاول اثباته في هذا الكتاب ,حتى توصل وبعد أعوام طويلة أمتدت لعقدين وأكثر الى حقيقة مذهلة حول السبب الرئيسي للصراعات التي تدور في الكون من مشرقه الى مغربه

ومن جنوبه الى شماله وتأكد وبعد سنين طويلة لنتيجة ثابتة تلخص جميع أفكاره في هذا الكتاب الرائع والمسمى ......أحجار على رقعة الشطرنج.....لوليم غاي كار,,, ففي ذلك الكتاب الذي تطرق به الكاتب للأحداث التي عصفت في أوروربا على مدى عقود طويلة والأحداث التي أدث للحربين العالميتين وللدكتاتوريات العالميه,, والتوسع الشيوعي في العالم ,والستاليني بالذات

ولم ينسى التطرق الى التشهير, والعنف الذي مورس ضد الكهنة في اسبانيا, ودول البلقان ,أبان تلك المرحلة من صراع الديوك,, والحرب الباردة بين المعسكرين الغربي, والشرقي, أو الرأسمالي,, والشيوعي ولم يسلم أيظا عالمنا العربي من التحليلات التي أدت الى قيام التقسيمات بين دولها مما أدى بعد ذلك الى ما نحن عليه اليوم من هوان ,وذل ,وانحدار.

كل تلك البحوث الأستكشافيه من الكاتب جعلته يصل لكنه الموضوع وللخلاصة النهائيه بأن الصهيونيه العالميه والتي تتخذ العالم كرقعة شطرنج هي اليد الخفية التي تحرك الأحجار ,وتزيحها كما تشاااء.وان بروتوكولات آل صهيون التي وضعها زعمائهم هي أساس اللعبة وهي ما يسعون لتطبيقها حرفيا من خلال السيادة لمبادئهم والوصول الى أصحاب القرار من خلال المال والجنس والقمار فتولت الحركة الصهيونية توزيع أعمالها , والبدء في اذكاء نار الفتن بين الدول ,وازاحة الأنظمة التي لا ترحب بها, أو تتعاون معها ,وهكذا استطاعت هذه الحركة من توظيف رؤساء دول ,وقادة ,ومسؤولين , وصحفيين وفنانيين لمساعدتها في تنفيذ أحلامها ,ومخططاتها ,للسيطرة على الكون .

وهذا الكتاب الرائع يكاد يكون مرجعا مهما لمن يريد أن يعرف حقيقة ما حدث لنا ,وللشعوب المقهورة,, واالأنظمة التي انقلبت الموازين لديها فصارت مثل ألعوبة بيد هذه الحركة الصهيونية العالمية أو فلنقل حجرا من أحجار الشطرنج تضعه في مكانه ثم تعود لتكسره وتكشه خارج الرقعة مجرد أن انتهى من أداء دوره في خدمة هذه الحركة اللعينة.

نعود الآن الى ما يحدث في أمريكا بالذات والتي بقيت منذ عقود طويلة من أكثر المساندين لهذه الحركة والداعمة لها على بغيها وعدوانها واقامة دولتها على أنقاض الشعب الفلسطيني العظيم لكنني أتوقف أمام شخصيتين أمريكيتين حاولتا البحث عن حلول جذرية للقضية الفلسطينية الأولى لبيل كلينتون الذي حين شرع بتحديد مواعيد نهائية لحل القضية الفلسطينية وتوصل لبعض الأتفاقيات مع عدة أطراف ومع ظلم هذه الأتفاقيات لحقوق الفلسطينيين الا ان اسرائيل لا تريد أية حقوق لغيرها هي تحلم بأرض العرب كاملة وبلا نقصان لذا وبمجرد أن شعرت هذه الحركة بميول خفيفة من كلينتون نحو الجانب العربي قاموا بتلفيق تهمة أخلاقية تلك التي سميت بفضيحة مونيكا لوينسكي والتي أدت الى تضاءل شعبيته وخروجه من الحكم وهزيمته أمام بوش الذي كرهه العالم بأجمعه على ما قام به من أعمال قذرة بحق الشعبين العربيين في فلسطين والعراق ولا أريد تفصيل أعماله التي لن يغفر له التاريخ اياها ولن يغفر أيظا لكل من ساهم معه في سيادة الباطل, واضعاف العرب ,وكل ذلك أيظا كان لصالح تلك اليد الخفية التي تملك حرية تحريك الأحجار.

وأخيرا

جاء أوباما

لن أمدح ليقال انني معجبة به أو غاضة للنظر عما يحصل في بلاد العرب من خنق للأقتصاد وتبديد للآمال وضياع للحقوق بأيامه كما بأيام غيره ولكن الحق يقال بأن العرب هنا شعروا بتغير كبير في المعاملة الأمريكية وفي احترام الأديان وهذا الشيء لا يسر اللقيطة اسرائيل أبدا لذا واتماما لما فعلته بحق الشعب الامريكي بعام 2001 من تفجيرات نيويورك فصارت خلال العامين المنصرمين ومنذ فوز أوباما التي تتهمه هذه الحركة والحركات العنصرية هنا بأنه مسلم متخفي تعمل ساعية لأثرة المشاكل والقلاقل عليه وحوله.

وأخيرا تأتيهم الفرصة من خلال أعطاء أوباما موافقته للقائمين على بناء المبنى الاسلامي الضخم والمكون من ثلاثة عشر طابقا والمسمى ببيت قرطبة والذي من ضمن التصورات أن يحتوي على مركز اسلامي ومسجد ومكتبة وأماكن للمساعدة في أيواء المحتاجين واطعامهم حتى قامت الدنيا من حوله ولم تقعد وصار هدفا للقصف من الحزبين الجمهوري والديمقراطي والتجمعات اليهوديه والحركات العنصريه وبعض الجماعات الدينية كجماعة المسميين المسيحيين الجدد والتي تدعو الى القضاء على الأسلام ومحاربته بحجة أحداث أيلول التي لولا الصهاينة ما كانت لتحدث وان من قاموا بها قد باعوا أنفسهم للصهيونية العالمية فقام بعض الحاقدين بشحن الأمريكان للتظاهر ضد الأسلام وأخيرا يخرج علينا القس الشاذ باستور تيري جونز ليقرر احراق القرآن يوم 11 سبتمبر وكأن القرآن هو فقط مجرد كتاب ليحرق وليس نطاما وعقيدة ومبادئا تحفظها الصدور والأرواح ولكن والحمد لله قرأت خلال اليومين الماضيين انه اعتقل بتهمة التحرش بالأطفال ...

وأخيرا يحز في النفس والله ما يحدث من تجاوزات في حق المواطن العربي بشكل عام ما دامت رقعة الشطرنج مفرودة وما دامت هذه اليد الحاقدة والصهيونية هي التي تحرك أحجارها فهل يتنبه العرب قادة وشعوبا للعبة القذرة التي تجري فوق سطح هذه الرقعة ليقطعوا بها هذه الكف السوداء ويوقفوا العنجهية الصهيونية التي رزحنا تحت سياطها منذ عقود طويلة؟


لمصلحة من حرق الوطن؟/ مجدى نجيب وهبة


** خبر تناقلته الصحف والمواقع على صفحات الإنترنت عن إختفاء زوجة كاهن كنيسة دير مواس ، وهو ما دفع زوجها الكاهن إلى تحرير محضر بالقسم إتهم فيه زميلها بالمدرسة التى تعمل بها بالتحريض على هروبها ، عقب ذلك تظاهر الأقباط بدير مواس بل وتجمع المئات وقرروا الحضور إلى الكاتدرائية بالعباسية حيث قرروا الإعتصام حتى عودة زوجة الكاهن .. ظلت الزوجة أكثر من أربعة أيام لا يعلم أحد شيئا عنها .. تدخل رجل الأعمال والعضو البرلمانى بمجلس الشورى وأجرى مفاوضات مع جهاز أمن الدولة كما ذكرت الصحف .. عقب ذلك أعلن رجل الأعمال عودة زوجة الكاهن ، وفك الأقباط الإعتصام وعادوا إلى منازلهم ، أما أين ذهبت زوجة الكاهن وما هى طبيعة المفاوضات التى أجراها رجل الأعمال ومن هى الأطراف التى أجرى معها المفاوضات فيبدو أن البعض طبقوا المثل القائل "فى أفراحكم منسيين وفى أحزانكم مدعويين" ، فظل الإختفاء والعودة خبر مبهم ، حيث أن الجميع يبدو أنهم لم يبلغوا بعد سن الرشد ..
** ومرت الأيام والأسابيع ولأنه لم تعلن عن الحقيقة فمن الطبيعى أن تنطلق الأكاذيب والروايات والإشاعات لنقل كل ما هو سيئ والنتيجة قيام بعض المواقع الإسلامية بحملة مسعورة ضد المسيحيين ، فبدأت بنشر صور عديدة للسيدة كاميليا شحاتة وهى ترتدى الحجاب وإنطلقت القصص على لسان بعض المشايخ بأسلمة زوجة الكاهن وأنه تم إختطافها وإحتجازها فى أحد الأديرة بل وصلت بعض الأقلام بإتهام الدولة بالرضوخ للكنيسة وأن الكنيسة أصبحت دولة داخل الدولة ، ودافعت بعض الأقلام القبطية عن الكنيسة وموقفها الصامت بأن ذلك تعليمات أمنية لا يجرؤ أحد بالكنيسة مخالفتها .. بل صدرت تعليمات أمنية بغلق ملف كاميليا شحاتة ، وبلعت الكنيسة الطعم الذى قدمته أمن الدولة وإلتزمت الصمت وهو ما أدى إلى إشتعال الموقف وأصبح أكثر سخونة وطالت الهتافات العدائية البابا والكنيسة والمسيحيين ، وخرجت المظاهرات الغوغائية من مسجد "النور" بالعباسية مرددين هتافات لا توصف إلا بالسفالة والوقاحة ضد البابا والكنيسة ويتم كل ذلك فى حراسة أمن الدولة ... والسؤال هنا ما هو شعور أى مواطن مسيحى إذا تصادف مرور إبنه أو إبنته أو بعض شابات أو شباب الكنيسة أمام مسجد النور وهم يسمعون هذه العبارات القذرة يرددها الغوغاء أمام سمع وبصر الجميع والكاتدرائية تبعد أمتار قليلة عن المسجد ...
** ماذا تنتظرون لو تفاعل بعض الشباب المسيحى للدفاع عن الكنيسة .. وماذا تنتظرون لو تفاعل بعض الشباب المسلم لقذف الكنيسة والأقباط بالحجارة وضربهم بالمطاوى والسنج ، بالقطع سيتحول السيناريو إلى مذبحة من أجل إصرار الكنيسة على عدم الإفصاح عن الحقيقة وليدفع أقباط مصر ثمن هذا الصمت بل وليدفع الجميع أرواحهم من أجل سواد عيون زوجة الكاهن كاميليا شحاتة المنفلتة والتى تسببت فى كل تلك المشاكل .
** أعتقد أن لو أرادت زوجة الكاهن أن تشهر إسلامها فمع مليون ألف سلامة ، فلن يشرف المسيحيين فى مصر وجميع أنحاء العالم هروب زوجة كاهن لأى ديانة مهما كانت من أجل البحث عن الجنس أو أى أسباب أخرى للإنضمام إليها ، وعلى الكنيسة أن تعلن ذلك ، أما إذا كانت إختطفت أو أى قصة أخرى فليس فى صالح الكنيسة أن تكتم على هذه القصة مهما كانت الدوافع أو المبررات ، فهذا الإصرار يعطى للغوغاء والسفلة المبرر للتطاول على الكنيسة ورموزها ونسج الروايات المضحكة .
** وفى النهاية نتساءل لمصلحة من التكتم على الحقيقة وعدم إظهارها حتى تشتعل الأزمات .. نرجو أن نعلم جميعا أن مصلحة الوطن فوق الجميع ...
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email : elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتجميد عضويتها بمنظمة التحرير/ سامي الأخرس


تتناثر التصريحات وتتسارع وتيرتها يوميًا من قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الموقف من المفاوضات المباشرة المراد البدء فيها بين م.ت.ف وإسرائيل، وهي مفاوضات قديمة جدًا لها من العمر خمسة عشر عامًا، نفس عمر الخطوات التي تعلن عنها الجبهة الشعبية وقيادتها، دون فهم مغزى وأسباب ذلك.
الحق أن مواقف الجبهة الشعبية الحالية على المستوى السياسي والوطني في قمة التوازن الوطني، حيث إنها تحاول خلق حالة من التوازن، واستدعاء موروثها الفكري والسياسي الذي خطه الشهيد الدكتور "جورج حبش" كنهج عام في التعامل مع القضايا الوطنية، وما يؤكد على صحة ومصداقية مواقف الجبهة الشعبية هو إتهامها من كل الأطراف بأنها منحازة للطرف الآخر، فحماس تتهم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إنها منحازة لفتح بل وهوت عصا الحكومة المقالة في غزة على أبدان أبناء وقادة الجبهة الشعبية، ولاحقتهم عدة مرات لأنهم اصطفوا بجانب شعبهم، ولا ننسى تسخير الأقلام الأجيرة والوضيعه في مهاجمة الجبهة الشعبية بل هناك من المأجورين من عمل مقارنة جدوليه لمواقف الجبهة، واعتبر أن السجائر خط احمر لديهم.
وهناك من هاجمهم لأنهم طالبوا بإجراء الانتخابات بموعدها واستحقاتها، كما إنها وبذات الوقت تتعرض لهجمات واعتقالات لقيادتها من الطرف الآخر في رام الله، وفي هذه الحالة تؤكد الجبهة الشعبية إنها تقف موقف صادق ومتوازن من القضايا الوطنية، وهو ما يحسب لها وليس ضدها بأي حال لأنها إن لم تكن كذلك، فإنها لن تكون جبهة جورج حبش، ووديع حداد، وغسان كنفاني، وأبو علي مصطفى.
ورغم التقاسم الواقعي الجغرافي الذي تعيش في خضمه الجبهة الشعبية، وهو واقع ينقسم إلى ثلاثة أقسام جغرافيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا يحتم عليها تهيئة تمازج بين هذه الاختلافات البيئية والجيوسياسية التي تعيش فيها قيادتها الممثلة بالمكتب السياسي واللجنة المركزية، آلا وهي سوريا ذات المواقف السياسية المعلنة من المفاوضات، وسلطة عباس، وم.ت.ف، ورام الله والوضع الأمني الخاص بها، وغزة وحكومة العصا التي لا تؤمن بأي شراكة إلا مع حماس فقط، أي أن حماس لا تؤمن بغير حماس وكل ما يصرح به عن شراكة وغيره، ما هو سوى لذر الرماد في العيون.
أمام هذا الواقع استطاعت الجبهة أن تكون أكثر قدرة على الحياد في العديد من المواقف المتوازنة، إلا أن ما يثير الدهشة، والعجب هي بدء حملة تسويقية كبيرة من بعض القيادات الجبهاوية، حول تجميد عضوية الجبهة الشعبية من اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف، دون إبداء أي أسباب واقعية لهذا التجميد، وهو قرار أو سلوك سياسي إتبعته الجبهة الشعبية في السابق، حيث جمدت عضويتها في اللجنة المركزية عدة مرات وكانت تقدم مبرراتها حول هذا القرار، وكان أخر تجميد لعضوية الجبهة الشعبية في اللجنة التنفيذية لـِ م.ت.ف هو مع بدء مفاوضات "أوسلو" 1993م، كرد سياسي وتنظيمي طبيعي على هذه المفاوضات، وخلال الحقبة الماضية كان الخاسر الأكبر من عملية التجميد هي الجبهة الشعبية حيث إنها بذلك منحت اليمين كل ما يريد، وقدمت له على طبق من ذهب الإستفراد الكلي دون مضايقات أو مناوشات، فبلغت هيمنته ذروتها على مفاصل المنظمة، وبدء تفكيك عظامها ومفاصلها حسب مقاسه ورغباته في ظل غياب القوة الوحيدة القادرة على مواجهته وتعريته أمام جماهير شعبنا، كما أن الجبهة الشعبية قد خسرت على صعيدها الداخلي، حيث أنها افتقدت لتمثيلها الحزبي في مؤسسات م.ت.ف على كافة الصعد، وتركت عناصرها وكادرها فريسة للتسكع في طرقات الظلم الوظيفي والمعيشي، الذي أصبح فرض عين لأعضاء فتح وحماس فقط، وها هي النتيجة على الصعيد الداخلي، فحماس طالبت قبل الموقف السياسي بحصة أبنائها في الحياة والوظائف .....إلخ على كل مستوياتها، بل وتقاتل لأجل ذلك.
من هنا فان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يبدو إنها لم تتعظ، ولم تتعلم من الماضي الذي هو مؤشر للحاضر، وللمستقبل، وعليه لم تعد تقوى على طرح سبب تجميد عضويتها في م.ت.ف سوى الاحتجاج على المفاوضات المباشرة، فان كان هذا السبب الوحيد، فأنا أوجه سؤالي للمكتب السياسي للجبهة الشعبية منذ متى وقفت المفاوضات ؟! وما الجديد الذي يتطلب تجميد العضوية في اللجنة التنفيذية لـِ م.ت.ف؟
بكل تأكيد قرار الجبهة الشعبية (المقترح) بتجميد عضويتها في م.ت.ف لا يخضع لرؤية سياسية، بل يتأثر بعوامل جغرافية تحاكى المحيط الواقعي لهذه الاقتراحات الحالية، وخاصة من فئة تسلقت لتجد نفسها اليوم متأسلمة سياسيًا أكثر من منظري "الإسلام السياسي " الذي يشطح بمصيرنا على موائد الرحمن دون أن تجد بها فقيرًا واحدًا.
بل إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مطالبة اليوم بمواقف أكثر جدية وعقلانية، وجرأة، ووطنية، فعليها العودة للخلف، وقراءة الواقع السياسي بأكثر منطقية ووطنية، بعيدًا عن هوجات العاطفة، ولو أدرك قادة المكتب السياسي للجبهة الشعبية وجلهم مغتربون عن الوطن، الحقيقة لقرروا الموافقة والاشتراك في المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، لأن لا احد يستطيع الوقوف في وجه التنازل عن حق العودة سواهم، بعد أن تنازل تجار القضية عن كل شئ، فكيف لنا الصمود والحد من هذه التنازلات؟! هل بالهروب والجلوس في ميتم اللطم الذي نمارسه من عام 1993م، أم المشاركة في المفاوضات، وقول (لا) بثبات، ونكون في دائرة الحدث وفضح أي تخاذل أمام شعبنا، خاصة وأن الجبهة الشعبية أثبتت قدرتها على حشد وتعبئة الجماهير، كونها تحظى على المصداقية من أبناء شعبها كما تستطيع الجبهة الشعبية من خلال اشتراكها بالمفاوضات من الوقوف في وجه التفريط بتقرير المصير، وحقنا في القدس، وحالة التسويف الإسرائيلي، وربما تجربة الفقيد "حيدر عبد الشافي " في مؤتمر مدريد كانت تجربة فريدة، حيث ازداد صلابة أمام الصلافه الإسرائيلية، ولم يتهم بالخيانة بل ازداد حبًا لدى شعبنا، ومن جميع أطيافه، وهذا الدور الذي افتقدناه مع الفقيد حيدر عبد الشافي، يجب أن تمارسه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتمارسه بقوة كما وافقت على دخول المجلس التشريعي والانتخابات البلدية وهي إفرازات لأوسلو.
إن الواقعية السياسية مطلبيه هامة أكثر من الواقعية الاستعراضية الخطابية التي يمارسها بعض قادة الجبهة الشعبية في الوقت الراهن، والتي يراد منها العزف على طوباوية السياسة وليس واقعيتها.
فالجبهة الشعبية اليوم مطالبة بالوقوف طويلاً أمام حالتها السياسية، لأنها قوة مؤثرة في الحياة السياسية الفلسطينية، وعليها لفظ حالة الوهن الذي تعيشه، والإنتقاض بثورة دافعة إلى الأمام، وإحتلال موقعها المناسب في النظام السياسي الفلسطيني الذي أصبح ملكًا لحكومتي العصا بغزة، والاعتقال برام الله.


مع بداية كل عام دراسي أزمة التعليم في القدس الشرقية تزداد تفاقماً/ راسم عبيدات


.......مع بداية كل عام دراسي جديد يزداد الحديث عن أزمة التعليم في القدس الشرقية،حيث نسمع الكثير من التصريحات والبيانات ونقرأ الكثير من التقارير التي تتحدث عن تلك الأزمة،فها هي جمعيتا "عير عميم وجمعية حقوق المواطن" الإسرائيليتين تصدران تقريراً عن أوضاع التعليم في القطاع الحكومي في القدس الشرقية، قبيل ثمانية أيام على افتتاح العام الدراسي الجديد،هذا التقرير الذي حمل عنوان شهادة فقر"تقرير عن وضع التعليم الحكومي في القدس الشرقية 2010 "أنه برغم من أن دولة إسرائيل ملزمة بتوفير التعليم بالمجان إلا أن ألاف من الأطفال في القدس الشرقية سيبقون خارج إطار التربية والتعليم في العام الدراسي الحالي 2010 – 2011"

وحسب ما ذكره التقرير فإن هناك عجز كبير في عدد الغرف الصفية يصل إلى ما مجموعه إلف غرفة صفية،ناهيك عن الاكتظاظ الشديد في الصفوف وغياب الخدمات المساعدة والبنية التحتية من ملاعب وساحات وقاعات ومختبرات علمية ومحوسبة،وحتى الغرف الصفية المتوفرة فإن حوالي 647 غرفة صفية من أصل 1398 غرفة صفية لا تلبي المعايير،أي لا تصلح أو تصمم للاستخدام كمباني تعليمية،والكارثة الأخطر في التقرير تشير الى نسبة التسرب من المدارس الثانوية الحكومية تصل الى 50%،وأن من أصل حوالي 88000 ألف طلاب مقدسي يتعلم من جيل 6 سنوات وحتى 17 سنة في مدارس البلدية والمعارف الإسرائيلية حوالى 42000 طلاب فقط،والبقية رغم أن نسبة منهم لا يتعلمون في مدارس البلدية والمعارف لدوافع قومية وأيدولوجية ووطنية وتدني مستوى التعليم في تلك المدارس،فإن النسبة الأكبر منهم لا يجدون لهم مقعداً في تلك المدارس،فيضطرون للبحث عن مقاعد لأبنائهم في المدارس الخاصة والأهلية،والتي مستوى الأقساط فيها خيالي ويفوق معدل أقساط الجامعات المحلية،ولا يتلائم مع القدرات والظروف الاقتصادية لأهالي الطلبة،ناهيك عن تعقد شروط القبول في تلك المدارس وكذلك عدم قدرتها على إسنيعاب الطلبة بسبب عدم توفر المباني والغرف الصفية،وهذا كله يدفع بالطلبة وأهاليهم إلى إخراج أبنائهم من المدارس لسوق العمل أو الدفع بهم إلى ساحات البطالة والتسكع في الشوارع وما ينتج عن ذلك من إمكانية الانحراف نحو الأمراض والآفات الاجتماعية والتي يقف على رأسها المخدرات والتي تنتشر بفعل الاحتلال في القدس انتشار النار في الهشيم،وحتى لا يخسر الأهالي مستقبل أبتائهم الطلبة يضطرون لنقل مراكز حياتهم لخارج مدينة القدس،وفي كل الحالات يشكل ذلك خدمة مجانية لأهداف وسياسة الاحتلال في طرد وترحيل أبناء القدس عن مدينتهم،وحسب المعطيات التي نشرتها جمعيتي "عير عميم وحقوق المواطن" فإن أكثر من 5300 طالب من طلاب القدس الشرقية سيبقون خارج إطار العملية التعليمية،بينما يقول السيد سمير جبريل مدير التربية والتعليم في القدس عن السلطة الفلسطينية بأن هذا العدد يصل إلى عشرة ألاف طلاب،وهو يرى أن سلطات الاحتلال تدمر بشكل ممنهج التعليم في القدس،وتتعمد نشر التخلف والتجهيل في أوساط مجتمعنا المقدسي لدوافع واعتبارات سياسية،ولا تختلف تقييمات "عير عميم وحقوق المواطن" عن تقييمات السيد جبريل فهما تقولان في تقريرهما بأن البلدية والمعارف لا يقومون بواجباتهم تجاه التعليم في القدس الشرقية ورغم وجود قرارات قضائية تلزمهما بحل ضائقة التعليم في القدس الشرقية،فهما لا تلتزمان ولا تنفذان تلك القرارات،ولم تقومان ببناء المدارس الكافية التي تمكن من استيعاب الطلبة أو التقليل والتخفيف من مشكلة الاكتظاظ، والمشكلة ليس هنا فقط،بل التعليم في القدس الشرقية يخضع لأربعة مظلات تعليمية أكبرها ما هو مرتبط ببلدية القدس ووزارة المعارف الإسرائيلية،وما هو مرتبط بالوكالة والسلطة الفلسطينية والمدارس الأهلية والخاصة،وهذا كله يؤثر على السياسة والخطة والرؤيا التعليمية ومعدلات نجاح الطلبة والتحصيل العلمي،أضف الى ذلك ما أقدمت عليه بلدية القدس من خصخصة للتعليم الثانوي،حيث أن هناك جهات ربحية تتولى الأشراف على هذا القطاع التعليمي،فمدارس سخنين على سبيل المثال لا الحصر تدير 11 مدرسة ثانوية في القدس.

والمأساة هنا أننا مع كل بداية عام دراسي جديد، نعيد اجترار نفس العبارات والكليشهات والشعارات عن كارثية وضع التعليم في القدس الشرقية،ولعل الكثير منا في السلطة الفلسطينية والأحزاب الوطنية والإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني،يجد الشماعة في الاحتلال لكي يعلق عليها ما آل اليه وضع التعليم من أوضاع كارثية في القدس الشرقية ويعفي نفسه من المسؤولية،فعلى الرغم من ان الاحتلال يتحمل مسؤولية كبرى في هذا الجانب،ولكن هذا لا يعفينا كسلطة وأحزاب ومؤسسات أهلية ومجتمع مدني وتربويون من المسؤولية في هذا الجانب،حيث لا يتم رسم أي خطط واستراتيجيات أو برامج لأخراج التعليم في القدس الشرقية من أزمته،كما لا يتم رصد أية ميزانيات كافية في هذا الجانب للتغلب على تلك الأزمة،والأمور لا تخرج عن إطار الحلول الترقيعية والجزئية،وأيضاً فالوضع التعليمي الكارثي ليس قصراً على المدارس الحكومية،بل والأزمة لها تجلياتها العميقة في المدارس الأهلية والخاصة والمرتبطة بالسلطة ووكالة الغوث،فالمدارس الأهلية والخاصة وإن لم يكن جميعها،فهي تسهم في عملية تسرب الطلبة من المدارس،ونقل الأهالي لمركز حياتهم من القدس،فهي في سبيل تبرير ما تجبيه من أقساط عالية من الطلبة،تشترط عليهم الحصول على معدل 80% فما فوق وما دون ذلك لا يقبل أو يفصل من المدرسة،والأقساط العالية التي تجيبها من الطلبة يضاف اليها تعاقدات مالية من الباطن مع بلدية القدس،تشمل دفع مبلغ مالي معين من البلدية للمدرسة على كل طالب،وهذه مسألة يجب التوقف أمامها بشكل جدي،وهي هذه الأقساط الخيالية على الرغم من تلقي تلك المدارس مبالغ ماليه من بلدية"القدس"؟،وأيضاً فرغم كل ما تسبغه المدارس الخاصة عن نفسها من توفر الكادر التعليمي والإداري الكفؤ والمتمرس،فإن الفرق في هذا الجانب بين المدارس الحكومية والخاصة يضيق كثيراً،ففي العام الدراسي الحالي كان من بين العشرة الأوائل في امتحان الثانوية العامة طالبين من مدرسة شعفاط الحكومية،وهذا له الكثير من المعاني والدلالات،وبالتالي لا يجوز لإدارات المدارس الخاصة والأهلية ان تتحكم برقاب الأهالي،كما لا يحق لها بالمطلق أن تفرض شروطها ورؤيتها،لكي تيرر النتائج المرتفعة التي يحصل عليها طلبتها في امتحان الثانوية العامة،وأيضاً على مديرية التربية والتعليم الفلسطينية أن تنسج علاقات وتنفذ خطط وبرامج تعليمية مع إدارات المدارس التابعة للبلدية ووزارة المعارف من أجل التأثير عليها،بما يخدم التوجه الفلسطيني في العملية التربوية والتعليمية،أما استمرار اجترار نفس الكليشهات والشعارات والعبارات والندب والبكاء على واقع التعليم في القدس،بدون رسم خطط واستراتيجيات وتوفير إمكانيات وميزانيات كافية،وخوض معارك جدية مع الاحتلال حتى لو وصل الأمر حد طرح المسألة على المحاكم والمؤسسات الدولية،فهذا لن يساهم في إنقاذ القطاع التعليمي في المدينة سنتمتر واحد،بل من شأنه أن يفاقم من أوضاع التعليم المقدسي عاماً بعد عام،كما أنه من الضروري جداً تفعيل البعدين العربي والدولي في هذا الجانب،من أجل توفير الدعم والإمكانيات المادية والتي تساهم في ايجاد حلول لمشاكل هذا القطاع المتفاقمة،والتي تهدد مستقبل أبناء شعبنا المقدسي بجهل وتخلف كبيرين،ناهيك عن إغراقهم في الآفات والأمراض الاجتماعية المدمرة.


أسئلة حول دور الأردن في المفاوضات المباشرة/ نقولا ناصر


(إذا لم يفاوض الأردن إسرائيل في قضايا "لها مساس مباشر بالأمن الوطني الأردني" فمن يفاوض عليها إذا ؟)


كما في الحالة الفلسطينية، تجد المعارضة الأردنية لتأييد المملكة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة دعما لها من داخل "معسكر السلام" نفسه، فلم تعد هذه المعارضة تقتصر على منطلقات أحزاب المعارضة والنقابات المهنية التي تعارض التفاوض مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من حيث المبدأ، بل إنها تجد مسوغات قوية لها في المنطلقات الرسمية الملتزمة ب"عملية السلام".

إن تجربة تأييد الأردن لحل اعتبره الشعب الفلسطيني مفروضا عليه أملته مقتضيات موازين قوى دولية وإقليمية وفلسطينية بعد نكبة عام 1948 قد أثبتت، بالتطورات اللاحقة، بأنها زرعت قنبلة موقوتة كانت تنتظر من يشعل فتيلها في ظروف مغايرة ليفجر الأمن الوطني الأردني من الداخل، ومن المشروع التحذير، عشية اطلاق جولة جديدة من المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة بواشنطن في الثاني من الشهر المقبل ثم بعد ذلك في شرم الشيخ المصرية، من أنه قد لا يكون من الحكمة تكرار التجربة.

ولا يجادل اثنان اليوم أن المفاوض الفلسطيني لا يملك خيار رفض التفاوض، باختياره التفاوض خيارا استراتيجيا لا بديل له، لذلك فإن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، خالد مشعل، لم يجانب الصواب كثيرا عندما قال إن هذا المفاوض يذهب للمفاوضات "بمذكرة جلب أميركية"، وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها مشعل عن إجماع فلسطيني يمثل فيه حتى رأي الفصائل المؤتلفة مع المفاوض الفلسطيني في إطار منظمة التحرير، وهو إجماع من المفترض أن يكون الرئيس محمود عباس مسلحا به ويمثله وهو يستعد للمفاوضات الجديدة.

لكن الأردن يملك خيار رفض دعم "هذه المفاوضات" تحديدا دون أن يستطيع أحد أن يشكك حتى تلميحا في مصداقيته السلمية، كونها مفاوضات تشير كل الدلائل إلى فشلها حتى قبل أن تبدأ، وكونها مفروضة بالإكراه على الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن نتائجها سوف تفرض عليه بالإكراه أيضا. إن عوامل الجغرافيا السياسية، ناهيك عن صلة الرحم القومية والأخوة الإسلامية، تقتضي أن لا يعيش الأردن التجربة المرة ذاتها مرتين.

من الناحية الاستراتيجية، ينسجم التأييد الأردني لاستئناف المفاوضات المباشرة الفلسطينية – الإسرائيلية "الثنائية" مع خمس محددات رئيسية تحكم القرار الأردني، أولها أن التوصل إلى حل سلمي للصراع العربي – الصهيوني في فلسطين كان استراتيجية أردنية مبكرة قبل الإجماع العربي على هذه الاستراتيجية بوقت طويل، وثانيها أن ما وصفه البيان الصادر عن الديوان الملكي الأردني الأسبوع الماضي ب"مركزية الدور الأميركي في الجهود السلمية" و"الدور القيادي" الأميركي في المفاوضات هو تعبير عن علاقات استراتيجية طويلة تحرص المملكة على استمرارها مع الولايات المتحدة، وثالثها التزامات المملكة بموجب معاهدة السلام التي وقعتها مع دولة الاحتلال، ورابعها قناعة الأردن المعلنة بأن إقامة دولة فلسطينية في إطار "حل الدولتين" هو مصلحة أردنية وطنية عليا، وبالتالي كان التأييد الأردني للدعوة الأميركية ولاستئناف المفاوضات متوقعين تماما.

والمحدد الاستراتيجي الخامس الذي لا يقل أهمية هو أن المملكة تتعامل مع "عملية السلام" تعاملا جادا كوسيلة للتوصل إلى تسوية سياسية وليس كهدف في حد ذاته، كما تريدها دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو كوسيلة ل"إدارة الصراع" فحسب كما تريدها الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولهذا السبب على وجه التحديد توجد مسوغات وجيهة للأصوات الأردنية والفلسطينية والعربية التي تحذر من أن محطة واشنطن المقبلة في "عملية السلام" لا تخدم الاستراتيجية الأردنية بمحدداتها الخمسة المذكورة.

فهي أولا مطلب إسرائيلي معلن وملح تجمع الحكومة والمعارضة على أنه "لمصلحة" دولة الاحتلال، مطلوب في حد ذاته "دون أي شروط مسبقة"، وهو مطلب حاصر المفاوض الفلسطيني حصارا جعله يبدو "عقبة" أمام استئناف عملية السلام في أعين "المجتمع الدولي" الضاغط من أجل استئنافها "بأي ثمن"، وهذه هي المصلحة الإسرائيلية الأولى. وتدرك دولة الاحتلال أن استئناف المفاوضات سوف يخفف ضغط العزلة الدولية التي ضاقت عليها بعد عدوانها قبل أقل من عامين على قطاع غزة ومضاعفاته من تقرير غولدستون إلى لجنة تقصي الحقائق التي أعلنها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف مرورا بفصول سفن كسر حصار غزة وبخاصة الفصل التركي منها. لكن المصلحة الإسرائيلية الأولى والأخيرة تظل في استئناف "عملية السلام" كمظلة لاستئناف الاستعمار الاستيطاني المتسارع للأراضي العربية المحتلة، وفي القدس بخاصة، الذي تضاعف أكثر من ثلاث مرات في المساحة وفي عديد المستوطنين على حد سواء منذ انطلقت عملية السلام قبل حوالي عشرين عاما. وبالتأكيد فإن كل هذه المصالح الإسرائيلية وغيرها تتعارض تماما مع الاستراتيجية الأردنية وبخاصة عندما لا يوجد ما يوازنها لا أردنيا ولا فلسطينيا ولا عربيا في استئناف المفاوضات المباشرة.

ومحطة واشنطن المقبلة لاستئناف المفاوضات هي، ثانيا، مطلب أميركي مطلوب في حد ذاته أيضا، كأداة من أدوات "إدارة الصراع"، لأسباب داخلية (انتخابات الكونغرس النصفية) وخارجية إقليمية تتعلق بتهدئة الجبهة العربية – الإسرائيلية في وقت تتأزم فيه عسكريا وسياسيا جبهات الحروب الأميركية على العراق وأفغانستان وباكستان بقدر ما تتعلق بإقامة جبهة أميركية – عربية – إسرائيلية لتحييد قدرة إيران المتنامية على تقاسم النفوذ مع الولايات المتحدة إقليميا. فهل تخدم جولة جديدة من جولات "إدارة الصراع الأميركية"، في واشنطن أو في غيرها، الاستراتيجية الأردنية في أي من منطلقاتها الرئيسية ؟

وهي ثالثا تجر المفاوض الفلسطيني إليها بالإكراه، لتخير الرئيس الفلسطيني محمود عباس بين "طاعون" الضغوط والتهديدات الأميركية وبين "كوليرا" عدم وجود أي التزام إسرائيلي سواء بتجميد الاستيطان أو بتحديد مرجعية أو جدول زمني للمفاوضات كما كتب أكيفا إلدار في هآرتس مؤخرا، بحيث يذهب عباس إلى التفاوض وهو في أضعف حال، وكل المؤسسات الشرعية لديه قد انتهت شرعيتها، بينما الانقسام الوطني مستمر، والانقسام في "خندقه" نفسه يتفاقم، والمعارضة لاستئناف المفاوضات عليها إجماع وطني، وبين رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي يذهب إلى واشنطن وهو في أفضل حال، مسلح بشرعية داخلية له ولمؤسساته، وبوحدة على باطله حظيت بدعم "المعارضة" (تسيفي ليفني و"كاديما").

والنتيجة المتوقعة لمفاوضات واشنطن المقبلة واحدة من اثنتين، إما أن يقدم عباس تنازلات جديدة فتنجح المفاوضات وفي هذه الحالة سيكون النجاح اتفاقا يتوصل إلى "حل وسط في الضفة الغربية" يفرض على الشعب الفلسطيني(مثل "اتفاق إطار ينفذ على مدار عشر سنوات"، أي دولة مؤقتة طويلة الأمد/ على ذمة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي)، وإما أن يرفض عباس أي حل وسط أو حل انتقالي طويل الأمد في الضفة الغربية مما يعني فشل المفاوضات. وليس للأردن أي مصلحة لا في نجاح كهذا ولا في فشل المفاوضات. فلماذا يتورط الأردن في مفاوضات تفتقد كل عوامل نجاحها بمنظور الاستراتيجية الأردنية نفسها ناهيك عن كون النتيجتين المتوقعتين منها كلتاهما مرة ولا تخدم أي منهما أيا من المحددات الخمسة لاستراتيجيته ؟ أما الفشل المتوقع لهذه المفاوضات فقد عبر عنه أحد المهندسين الإسرائيليين لاتفاق أوسلو والشريك الإسرائيلي لياسر عبد ربه من الجانب الفلسطيني في "مبادرة جنيف"، يوسي بيلين، عندما قال ساخرا إن "الفكرة الذكية" الأميركية "بإلزام" رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالدعوة الأميركية و"إلزام" الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدعوة الرباعية هي "سابقة" لكنها تدل على "الاستهتار" الأميركي لأنها تدفع الجانبين إلى طاولة المفاوضات على أساس جدولي أعمال مختلفين !

فحسب البيانات الأردنية الرسمية لا بد من توفر ثلاثة عوامل لنجاح المفاوضات المرتقبة، أولها "تحقيق المفاوضات للتقدم المطلوب يستوجب التزام بيان اللجنة الرباعية (الذي رفضته حكومة دولة الاحتلال قبل وبعد صدوره) وجميع المرجعيات التي تؤكد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة" وثانيها "ضرورة استمرار الولايات المتحدة بالقيام بدور قيادي في المفاوضات" (بيان الديوان الملكي)، وثالثها اعتماد بيانات اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والاتحادان الأوروبي والروسي والأمم المتحدة) الصادرة "خلال العامين المنصرمين" وهي تحديدا كما ذكرها وزير الخارجية ناصر جودة بيانات الرباعية الصادرة في تريستي بشمال إيطاليا في 26/6/2009 وفي نيويورك في 24/9/2009 وفي موسكو في 19/3/2010، وهي نفسها البيانات التي وردت في بيان الرباعية الأخير (20/8/2010) الذي وجه الدعوة لاستئناف المفاوضات في الثاني من أيلول / سبتمبر المقبل. وهذه البيانات كررت إلإشارة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي أرقام 242 و338 و1397 و1515 و"مبادئ مدريد" و"خريطة الطريق" (التي كان للأردن دور رئيسي في التوصل إليها) كأساس ومرجعية للمفاوضات، وأضافت إليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1850 كمرجعية لحل الوضع في قطاع غزة في إطار "شرعية السلطة الفلسطينية" وليس شرعية منظمة التحرير. أما مبادرة السلام العربية (التي لعب الأردن دورا حاسما في إقرارها وما زال صوته الأعلى في تسويقها) فقد ذكرت في البيانات الأربعة بعبارات مثل "تأييد الرباعية للحوار بين كل الدول في المنطقة بروح مبادرة السلام العربية" وأن الرباعية "تدرك أهمية مبادرة السلام العربية (لكنها) تحث الحكومات الإقليمية على دعم استئناف المفاوضات الثنائية" لكنها لا تعتمد المبادرة كمرجعية ولا تدعو دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتراف بها كمرجعية.

* أسئلة

ألم تكن هذه هي نفسها المرجعيات التي أوصلت "عملية السلام" إلى الفشل الذي من المفترض أن تكون المفاوضات الجديدة مخرجا منه ؟ ألا ينسف تأكيد الوسيط الرئاسي الأميركي جورج ميتشل وإدارته بأن "مرجعية المفاوضات ما زالت غير محددة وسيقررها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي الأسبوع المقبل" (وفا) الرؤية الملكية بأن " تحقيق المفاوضات للتقدم المطلوب يستوجب التزام بيان اللجنة الرباعية" ؟

وهل يمكن التفاؤل حقا بالرباعية وبياناتها عندما تستخدم كأداة في يد الولايات المتحدة لتوجيه الدعوة إلى إطلاق مفاوضات لا تتم دعوة الرباعية لحضورها ؟ وهل يمثل الاحترام الأميركي الشكلي والرمزي للرباعية بدعوة ممثلها توني بلير للحضور تعويضا عن حضور قادة الرباعية الثلاثة الآخرين بكل ما كان سيعنيه حضورهم من ثقل يضفي جدية على المفاوضات ويوازن الانحياز الأميركي لدولة الاحتلال، وهل ينسجم ذلك مع "حرص الملك على بلورة موقف دولي فاعل يعمل على انجاح المفاوضات" كما جاء في بيان للديوان الملكي ؟ أليس من المؤسف أن يعبر وزير الخارجية الفرنسي الجمعة الماضي عن الأسف لعدم تمثيل أوروبا في المفاوضات بينما لم يسمع أي احتجاج أردني أو فلسطيني على الاستهتار الأميركي بالرباعية ؟ ثم أين هو "الدور القيادي" الأميركي الذي يعتبره الأردن "ضروريا" في وقت تكرر فيه بيانات الرباعية وكذلك الإدارة الأميركية بان المفاوضات يجب أن تظل "ثنائية ومباشرة" وأن الاتفاق الثنائي فقط هو الذي يقرر نتائجها ؟ فأي دور يتركه هذا السيناريو للمملكة ؟

لقد دعا البيت الأبيض الملك عبد الله الثاني للمشاركة في تدشين إطلاق المفاوضات، ويقول المفاوض الفلسطيني إن الأردن سوف يشارك في المحادثات المباشرة بفعالية وقوة وسوف تكون له كلمة حاسمة في قضايا الحدود والقدس واللاجئين، وتكرر المملكة القول إن قضايا الحل النهائي الأساسية وهي القدس والامن واللاجئون والحدود والمياه لها مساس مباشر بالامن الوطني الاردني وإنها لن تقبل أي حل يفرض عليها ويتم التوصل إليه دون علمها في هذه القضايا، وتقول تقارير إن خبراء أردنيين سوف يساعدون المفاوض الفلسطيني وإن وزارة الخارجية ألفت لجانا لمتابعة قضايا الحل النهائي في المفاوضات.

فما هو إذن تعريف دور الأردن في المفاوضات المرتقبة، وبأي صفة على وجه التحديد يشارك فيها، وهل يتفق ذلك الدور وتلك الصفة مع خطورة مساس القضايا موضوع التفاوض "بالامن الوطني الاردني" ؟ ألا يفترض قول ذلك أن يكون الأردن شريكا في التفاوض على هذه القضايا وطرفا فيها ؟ لماذا إذا "يؤكد" مسؤول أردني يوم الثلاثاء الماضي (بترا) أن الأردن "ليس طرفا مفاوضا" وأنه "لن يفاوض إسرائيل".

وإذا لم يفاوض الأردن إسرائيل في قضايا "لها مساس مباشر بالأمن الوطني الأردني" فمن يفاوض عليها إذا ؟ وهل المفاوض الفلسطيني موكل بالتفاوض عن الأردن بالنيابة بمساعدة "خبراء" أردنيين "تتابعهم" اللجان التي ألفتها الخارجية ؟ وهل يكفي أن "رأيه سوف يكون متواجدا ويؤخذ بعين الاعتبار" كما قال المسؤول نفسه ؟ صحيح أن وجود هؤلاء الخبراء وهذه اللجان قد يكون كافيا "للعلم" بما يجري حتى لا تتكرر تجربة إبرام اتفاق أوسلو من وراء ظهر الأردن وغير الأردن من العرب، لكن هل يكون "العلم" بما يجري في حد ذاته، أو ما يقال عن "ضمانات" أميركية للأردن بالتشاور معه حول أي اتفاق له علاقة بأي من القضايا التي تصفها المملكة بأنها ذات "مساس مباشر" بأمنها الوطني، بديلا كافيا لمشاركته بدل استبعاده كطرف مفاوض وهو دور تقتضيه قضايا بهذا الوصف ؟

وتثير هذه الأسئلة بدورها مسألتين هامتين، أولاهما سؤال يفرض نفسه: إذا كانت خمس من قضايا الوضع النهائي التي سيتفاوض عليها الفلسطينيون والإسرائيليون وهي القدس والامن واللاجئون والحدود والمياه لها مساس مباشر بالامن الوطني الاردني، فهل يعني ذلك أن معاهدة السلام المبرمة بين الأردن وبين دولة الاحتلال كانت منقوصة وبالتالي توجد مسوغات أمنية ووطنية لإعادة النظر فيها ؟ والمسألة الثانية تتعلق باستمرار إصرار الولايات المتحدة على أن تكون أي مفاوضات عربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي "ثنائية ومباشرة"، حسب بيانات الرباعية المتكررة، وهذا شرط إسرائيلي قديم متجدد. إن استمرار التزام الولايات المتحدة على الأخص بهذا الشرط قد يفسر ما قيل عن ضمانات أميركية للأردن في المفاوضات المرتقبة من الواضح أن الهدف منها هو حرمان الأردن من التفاوض على قضايا يعتبرها "ذات مساس مباشر" بأمنه الوطني.

وكلتا المسألتين تفرض سؤالا ثالثا: ألم يحن الوقت كي يصر المفاوضون العرب جميعهم على أن يفاوضوا جماعة، وأن يرفضوا المفاوضات "الثنائية" من حيث المبدأ كأسلوب أثبتت التطورات والمعاهدات المنفردة التي تمخضت عنه أنها خلقت من الحروب وعدم الاستقرار الإقليمي أكثر من السلام المفترض انها كانت تستهدفه، طالما أجمعوا على السلام كخيار استراتيجي ؟ الا ينسجم ذلك مع روح مبادرة السلام العربية التي أجمعوا عليها ؟

ما تقيش تلفزتي ..اا/ علي مسعاد


"إذا تعلمت يوما الإنسحاب ..فسوف يصبح عادة "
فينس لومباردي مدرب كرة قدم أمريكي



من قال أن الصمت ، حكمة ورجاحة عقل ، وأن الكلام ، غير ذلك ؟ا

فهو ، مخطئ ، وقد جانب الصواب ، حيث لا يدري ..لأنه ، لو كان يدري ، أن الصمت ، طول الوقت ، جبن ، خوف و تواطؤ ، في أحط مستوياته ..لتكلم ، حيث يجب الكلام وصمت حيث يجب ،أن يكون حكيما ولبيبا ..

وبين الصمت وكلام ، مساحة للتأمل والتفكير ..في ما حدث ويحدث ، على هامش بث ، الإنتاجات الرمضانية ، التي أتفق عليها ب"المهازل"، حيث أصبح كل من هب ودب ، كاتبا للسيناريو و صاحب فكرة كوميدية و فنانا كوميديا ، تثير الشفقة ، أكثر مما تثير الضحك ..وإلا ، كيف نفسر ، صمت الهيئات الفنية والنقابات التي تدافع ، عن مصالح وحقوق الفنان ، وهي بالأحرى ، لو دافعت عن الفن ، الذي تنتهك حرمته ، لكانت أكثر فعالية وجدوى ، من الدفاع ، عن أشخاص أصبحوا بين عشية وضحاها ، نجوما كوميديين ، بالتقادم و هم أبعد من أن يدخلوا البسمة ، إلى قلوب الجماهير .

الجماهير ، التي تتساءل ، عن دور المعاهد الفنية والمسرحية و دور المركبات الثقافية ، في تخريج الوجوه الفنية ، التي تمارس المهنة عن تكوين ودراسة ، وليس من خلال الزبونية والمحسوبية ، أم أن تأثروا بما هو كائن ، عوض أن يؤثروا في المشهد الفني والإبداعي ، وعوض أن يصبحوا الفاعل ، أصبحوا المفعول به .

أين هم ، المشرفون ، على صفحات الإعلام والتلفزيون ، في الصحافة الوطنية ، أم أصابهم الخرس ، لأن نصيبهم ، من العكعة ، تقاسموه ، مع الشركات المنتجة ، عبر تسويد مشاريع أعمال وسيناريوهات ، تقاضوا ثمنها ، في مقابل " لا أرى ..لا أسمع ..لا أتكلم " .

الحكمة ، الأكثر تداولا ، عند الكثيرين ، المفروض فيهم ، فضح المهازل الرمضانية والتي يصرف عنها ، من مال الشعب ومن ضرائبه ، لكنها عوض أن تدخل الفرحة إلى قلبه ، كانت أقصر الطرق ، لجره إلى المزيد من الخيبات التي أبتلي بها ، شعب بلا فكاهة وبلا فن .

في زمن ، تكاثرت فيه القنوات الأرضية منها والفضائية ، " المغربية ، الأولى ، الثانية ، الرياضية ، الرابعة ، السادسة ، السابعة و الثامنة " ، وقد تلتحق بها ، أخريات في الموسيقى والبرلمان ووو ...، قنوات متعددة بصيغة المفرد ، حيث أسلوب الإعادة وإعادة الإعادة ، دفعت بالكثيرين ، إلى اعتبارها بقنوات الإعادة وبامتياز .

فأصبح ، بالتالي الأمر القنوات ، أشبه بالأحزاب والنقابات وغيرها من القطاعات التي أصبحت أكثر من الهم على القلب ، لكن بدون فعالية تذكر .

فمن ، إذن ، سيدافع عن حقوق المشاهد المغربي وحقه في فرجة ممتعة ؟ا

فمن ، سيحمل ، لواء التغيير ، في سياسة البرمجة والإنتاج والدعم ؟ا

ومن سيضع ، أمامه حق المشاهد المغربي ، في الفكاهة والضحك ، كحقه في التثقيف والوعي ؟ا

إذا ، استمر الكثيرون ، في صمتهم و لامبالاتهم ، كأن القناة ليست قناتهم و أن المال الذي يصرف ، عن الإنتاجات الرمضانية ، ليس مالهم ، خوفا عن مصالحهم وعلاقاتهم الشخصية ، وفي أحسن الأحوال ، عن مناصبهم ، التي لا تحتمل ، قول أحسنت لمن أحسن و فاشل ، لمن أخطأ طريقه إلى النجاح .

فالمهازل الرمضانية 2010 و الوجوه ذاتها ، ستعود ، باستمرارنا ، في إخفاء رؤوسنا في الرمال ، وخوفنا من الكلام ، في كل أوجهه ، في الوقت الذي تألقت ، فيه العديد من الفضائيات العربية ، واستطاعت في طرف وجيز ، أن تتصدر قائمة القنوات ، الأكثر متابعة .

وهذا ، لعمري ، لن يتحقق ، لو لم يكن الرجل المناسب في المكان المناسب وأن تعطى الأموال لمن يستحقها و الدعم لمن أجتهد وأتى بالجديد وليس لمن هو أكثر قربا من أصحاب القرار و الأكثر نفاقا في تعاملاته .

لأننا ، في زمن المنافسة والجودة ، وإرضاء الزبون أولا وليس في زمن " عدي بلي كاين " ، الأسلوب الأكثر رواجا ، لدى العديد من مسيري المرافق العامة ببلادنا .

أحرارٌ لاهون وأبطالٌ منسيون/ د. مصطفى يوسف اللداوي

إنها الحقيقة المرة التي لا نستطيع إنكارها أو التخفيف من حدتها، مهما حاولنا أن ننسى أو أن ننشغل عنها بهمومٍ يومية، وقضايا حياتية قاسية، وأخرى سياسية ضاغطة، إنها الحقيقة التي تقفز أمامنا بكلِ صراحةٍ ووضوح، وتمثل أمامنا بكلِ تحدٍ خطر، وجرأةٍ صارخة، إنها الحقيقة التي تضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية والإنسانية، والتي لا تغفر لنا أبداً تقصيراً او إهمالاً أو انشغالاً عنها مهما كانت الأسباب والظروف، إنها الحقيقة المرة التي يدركها كلُ معتقلٍ سابق، وكل سجينٍ ذاق مرارة السجن، واكتوى بظلم السجان، وعانى من الوحدة والغربة والفرقة والبعد عن الأهل والولد والصحب والخلان، إنها الحقيقة التي يعرفها مئات آلاف الفلسطينيين الذين حرموا لسنواتٍ طويلة رؤية أولادهم والعيش في بيوتهم، بين أهلهم وأسرهم، يلتمسون فيها رضا والديهم، وعطف وحنو أولادهم، ويجدون فيها دفء الأسرة، وحنان العائلة.

إنها الحقيقة التي لا نستطيع أن ننكرها، فمن هم داخل السجون والمعتقلات ليسوا كالأحرار خارجها، فهم وإن كانوا أسوداً رابضة، وليوثاً ثائرة، وأبطالاً مضحين، ورجالاً كالشم الرواس في كبرياءهم وعنادهم وصمودهم، إلا أن الأسر مذل، والقيد مقعد، والأسوار تشل، والقضبان تحد من القدرة، وصلف الاحتلال وسادية السجان تحزان في القلب، وتدميان الجسد، وتكادان أن تقتلا الأمل الباقي، واليقين الراسخ، ولكنهم يبقون دوماً أقوى من السجان، وأبقى من الاحتلال، وأصلب من حجر الصوان، عقيدةً وإيماناً بالحق والنصر والحرية والتحرير.

والسجناء رغم الأغلال التي تقيد معاصمهم، والقيود التي يرسفون بها في سجونهم، والعصابة التي تحجب عنهم الرؤية، إلا أن هَمَّ قضيتهم يسكن قلوبهم والحنايا، ويسيطر على تفكيرهم وعقولهم، ولا شئ من معاناتهم ينسيهم حاجة الأهل، ومعاناة الشعب، وحاجتهم إلى الحرية والعودة، فينشغلون في سجنهم، وعلى برشهم القاسي في هموم شعبهم، ويفكرون في اجتراح الحلول لمشاكلهم، ويضعون المشاريع والتصورات للوحدة والاتفاق، ويجأرون بعالي صوتهم أننا بحاجةٍ إلى الوحدة، وأن قضيتنا بحاجة إلى القوة، وأن عدونا يتربص بنا، ولا يسعى لحقنا، وهمه أن يوقع العداوة بيننا، وأن يفسد الأخوة التي تجمعنا، ويحلمون بأن صوت أهلنا في غزة، يتردد صداه في نابلس والخليل، وحيفا والجليل، ومعاناة القدس ومواطنيها، يهب من أجلها أهلنا في عسقلان وجنين، وغزة واللد، ورام الله والرام والعفولة واالناصرة والخضيرة.

إنها الحقيقة التي لا يمكن اغفالها، فمن هم خارج السجون والمعتقلات أبداً ليسوا كالأسرى والمعتقلين، ولا يرقى أيٌ منهم إلى درجة المعتقل أو الأسير حتى يعيش ظروفه، ويكون يوماً مكانه، معصوب العينين، مقيد اليدين، محبوس الحرية، مكبوت الرأي، ومسلوب الإرادة، فهم أحرارٌ مهما انشغلوا بهموم الأسرى، وأحسوا بمعاناتهم، واهتموا بقضيتهم، إلا أنهم يبقون أحراراً لاهين بحريتهم، منشغلين بمتعهم، مغرورين بسراب عملهم، وخيال إبداعهم، تلهيهم متع الدنيا، وزخارف الحياة عن معاناة الأسرى والمعتقلين، وهم الذين قدموا زهرة عمرهم من أجل قضيتهم، ورفعة وحرية شعبهم، واستعادة أرضهم وحقهم، فليس من يلبس لباس السجن الأزرق أو البني، ويحمل على صدره رقماً، ويتنقل من غرفةٍ إلى أخرى بإذنٍ، ويحرم من الفسحة ومن تنسم الهواء النقي، ويسمع كل حينٍ رطانةً عبرية مكروهة، كمن يضيق جسده بحلةٍ زاهية، ويختنق عنقه بربطة عنقٍ براقة، ويزين صدره بوردةٍ أو منديلٍ أحسن طيه ليكون جميلاً، ويتحرك من مكانٍ لآخر، وسط جمهرةٍ من الحراس، وداخل سياراتٍ مصفحة، ومواكب محروسة، خشية اللحاق بركب الشهداء، والانتساب إلى جمهرة الأنبياء والصديقين وخيرة الشهداء الذين سبقوا، إذ أن السبق لديهم يعني الحرمان، والفوز في حسابهم سراب، والتضحية لديهم محال وخيال.

ليسوا سواء، ولن يكونوا سواءاً حتى يكونوا مثلهم، ويفكروا بهم، ويعيشوا مثلهم، ويهتموا بقضيتهم، ويعطوا بصدقٍ شعبهم، ويسعوا بكل ما هو ممكنٌ لاستعادة حريتهم، وتحقيق حلم أسرهم باحتضانهم، وتلمس أجسادهم، ولن يكونوا مثلهم حتى يتخلوا عن كل ما يبعدهم عن تحقيق هذا الحلم، ونيل هذا الأمل، من مغريات الحياة ومفاتن الدنيا، وإلا فهم أحرارٌ لاهون بزيف متعهم وزخرف حياتهم، الذي صنعه لهم أسرانا الأبطال، وشهداؤنا البواسل، ففي مثل هذه الأيام، كما كل الأيام، يذكر الفلسطينيون أسراهم، وأبناءهم المعتقلين في السجون الإسرائيلية، الذين حرموا نعمة وبركة موائد الافطار العائلية في شهر رمضان المبارك، الغنية بالمودة والمحبة والحنو والتراحم والتعاطف، ويتمنون الحرية لهم، وأن يجمع الله شملهم مع أهلهم، وأن يعيدهم من شتاتهم البعيد، وغياهب سجونهم المظلمة إلى فضاء الحرية، ومودة الأهل والأحبة، وسجناؤنا أطفالٌ ورجالٌ وشيوخ، ونساءٌ وفتياتٌ وحتى أجنة ومواليد صغار، ومرضى وأصحاء، وفلسطينيون وعرب، مسلمون ومسيحيون، جميعهم قد أحاطت بهم جداران السجون السميكة، وأسوار المعتقل العالية.

لست فيما قدمت قاسياً أو متشدداً، ولست فيما أوردت ناقماً أو غاضباً، وإنما هي الحقيقة التي يجب أن نعيها وندركها، أن أسرانا في سجون العدو يعانون، وفي غياهب الاعتقال النائي الصحراوي يقاسون، ويئنون في سجونهم من العزل والحرمان، ومن حر الصيف وبرد الشتاء، وتضيق صدورهم وتتحشرج أرواحهم، لما آلت إليه قضيتهم، ولما أصاب شعبهم من فرقةٍ وتشتتٍ وضياع، وتدور عيونهم في محاجرها لهذا التيه الذي دخلت فيه قيادتهم، فأفقدوا شعبهم البوصلة، وشغلوهم بهمومٍ يومية عن همهم الأكبر، وفرطوا في تضحيات السابقين، وغضوا الطرف عن عطاءات المجاهدين والمقاومين، وأغمضوا العيون وأصموا الآذان عن آهات ومعاناة السجناء والمعتقلين، بل سهلوا أحياناً للاحتلال اعتقال المزيد، ومطاردة المطلوبين، وقتل النشطاء والفاعلين.

فيا أيها اللاهون العابثون بالقضية، أفيقوا من سكرتكم، واستيقظوا من غفلتكم، واعلموا أنكم تقامرون بشعبكم وقضيتكم وأرضكم ووطنكم، وأن الأسرى والشهداء الذين أسكنوكم هذه المساكن العالية، ووضعوكم في هذه الأقدار الرفيعة، يوماً ما سينزلونكم من صياصيكم وأبراجكم العاجية، إن أنتم مضيتم سادرين، وواصلتم غافلين، فالسجناء في أعناقفكم أمانة، وحريتهم عليكم واجبة، وسعادة أهليهم واطمئنان ذويهم عليكم فرضٌ واجب، فلا تنسيكم الأيام أداءه، ولا بهرج الحياة الوفاء به، ولا تركنوا إلى عدوكم يوماً، فهو لن يمن عليكم بحرية أبناءكم، ولن يدخر جهداً في التفريق بين شعبكم، والتمييز بين معتقليكم، وانتبهوا أن معتقلينا عندنا سواء، وحقهم في الحرية لدينا واحدٌ وكلٌ لا يتجزأ.

مرة أخرى يتسرع المسلمون في ردهم!/ د. صلاح عودة الله

أقر وأعترف بأنني من أشد الناس المطالبين باحترام حرية التعبير عن الرأي والرد واحترام الرأي الآخر, وعدم استعمال الكلمات البذيئة في الردود والتعقيبات, فاستعمالها لا يدل إلا على مدى ضعف حجج مستعملها وقصر نظره.
بغض النظر عن انتمائي الفكري والسياسي وموقفي من الأديان, ورغم تمسكي وقناعتي التامة بمبدأ" أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله, وان الدين لله والوطن للجميع", إلا إنني أرفض جملة وتفصيلا أن يقوم البعض بالتهجم على الأديان ورموزها, مدعين بأن هذا هو ما تحمله العلمانية في طياتها, والعلمانية منهم براء.
قرأت أثناء تصفحي لبعض المواقع على الشبكة العنكبوتية خبرا نشر على موقع صحيفة الوطن الكويتية, وجاء فيه:(فيما دشنت الملحدة إيناس مالك صفحة على موقع"فيس بوك" تتطاول فيها على الإسلام وتسب الذات الإلهية والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ظهرت حملة الكترونية تدعو إلى إغلاق الصفحة التي اعترفت صاحبتها بالكفر والإلحاد).
وبما أنني لم أسمع باسم صاحبة الصفحة من قبل, قررت البحث عنها في محرك البحث"غوغل", وقد تباينت ردود الفعل على ما تنشره هذه الفتاة, من تكفير وتخوين وإهدار دمها إلى آخره من الردود غير العقلانية المتسرعة والتي تطغي عليها صفة العاطفية, إلى ردود عقلانية تطالب أولا بقراءة ما كتبته على صفحتها, وتطالب كذلك من يقوم بالرد أن يكون رده هذا عقلانيا مع الحجج التي بإمكانها ضحد ما تكتبه من أفكار لا تعبر إلا عن رأيها الشخصي أو إهمالها بشكل قطعي.
وبالعودة إلى الخبر الذي نشرته صحيفة الوطن الكويتية, فقد لفت نظري أول تعقيب عليه ويحمل أسم مستعار"جوان", وجاء فيه:"لا اعلم من هي إيناس مالك و لم اسمع بها بحياتي و لم أرها", وهنا يكمن مربط الفرس, فلو أن جميع من طالعوا صفحتها على موقع"الفيس بوك" قاموا بإهمالها لكان أفضل لهم ولدينهم, فهذه الفتاة المغمورة أرادت الشهرة وتم لها ذلك, بفعل جهل المعقبين.
وتقول معقبة ثانية:"يبدو أننا نملك غيرة على ديننا ورسولنا الكريم عظيمة ..ولكن كان من المفروض الابتعاد عن وضع النفس أمام المدفع أو ترك النقاش لمن كان عالما ويقدر على مواجهة الأفكار الضالة وإلا فعدم الخوض في النقاش أفضل..صفحة إيناس مالك صفحة فيها من الكفر ما يوازي الم الردود من المسلمين أنفسهم".
لقد سبق وأن قلت بأننا نحن من أدى إلى ازدياد مبيعات كتاب"آيات شيطانية" للكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي, والذي أهدر دمه الإمام الراحل آية الله الخميني قبل أكثر من عشرين عاما, رحل الخميني ولا يزال رشدي ينعم بالحياة ويقلد الأوسمة ويبيع الملايين من النسخ من كتابه..قمنا بمهاجمة "وفاء سلطان" السورية الأصل والتي تعيش في أمريكا والمعروفة بعلمانيتها التي تجاوزت كل الحدود بعد تطاولها على الإسلام والمسلمين وقام الدكتور فيصل القاسم باستضافتها مرة أخرى في برنامجه المشهور"الاتجاه المعاكس" على فضائية الجزيرة, فازدادت شهرتها..كثيرة هي الكتب التي منعت من النشر والتداول في دولنا العربية والإسلامية وأصحابها عرب ومسلمون, ولكن فضول القارئ عندما يمنع كتاب من النشر يجعله يبحث عنه والحصول عليه بأية طريقة وهكذا ينتشر وبسرعة البرق, ولو سمح لهذه الكتب بالتداول لما لقيت من يقرأها فنحن أمة"لا تقرأ".
وفي النهاية أنصح أمة المليار ونصف المليار بالاهتمام بأمور أهم..أوضاعهم الاقتصادية الخانقة, وسياسة تكميم أفواههم, وغياب الديمقراطية, وانتشار البطالة والفقر والجوع والأمراض وغيرها من المظاهر التي تنخر عظام الأمتين العربية والإسلامية على السواء..وهنا أستذكر الروائي الكبير الراحل السباعي وروايته"في بيتنا رجل", وأقول في أوطاننا الآلاف ممن هم على شاكلة"إيناس مالك", فعليكم بهم, إن كنتم قادرين.
-القدس المحتلة

حلم.. عابدين/ محمد طعيمة


في متن خبر بالمصري اليوم الأحد الماضي، انشغل عنوانه بفراغ سرادق لـ"حث" الابن على احتلال كرسي أبيه، قال اللواء أحمد زكى (عابدين)، محافظ كفر الشيخ، في حفل إفطار: "إن الرئيس المقبل قد يكون مدنياً وليس بالضرورة عسكرياً. إذا أراد جمال الترشح فلديه الحق، فالشعب هو من سيختار".
دعك من اللعب بـ"المدني"، وتجاهل أنه لا يتعلق بزي معين بقدر ما هو ثقافة دولة ومجتمع، فالجديد في التصريح المراوغ كما تعبيرات دعاة التوريث، إن مُطلقه هو أول شخصية ذات "جذر" عسكري تبشر بقدوم جمال. صحيح أن "أفراداً" تعود جذورهم لمؤسسات الكتلة الصلبة نشطوا في حملة التوريث، إلا أن أياً منهم لم يقلها صراحة.
في اسم وعائلة (عابدين) تتشابك الدلالات، فقصر جدهم هو مقر الرئاسة. كان أحد رجال محمد علي الذين بنوا مصر الحديثة، وحفيده المحافظ أحد أبطال أكتوبر، وبينهما (عبدالحكيم عابدين) سكرتير عام الإخوان سنة 1940 وزوج شقيقة حسن البنا. عبدالحكيم هو مهندس التحالف التاريخي بين الإخوان وبين إمارة شرق الأردن منذ سنواتها الأولى.. كـ"كيان وظيفي" خلقته ورعته لندن، كما مولت وحمت البنا وجماعته.
تحالف عابدين ممثلاً للبنا مع عبدالله الهاشمي يذكرنا بتحالف ابن عبدالوهاب مع آل سعود. كلاهما تم بين أسرة تحلم بدولة خريطتها بريطانية وبين رجل أصبح ظاهرة، وكلاهما وظّف الدين كمبرر لشرعية وجوده، وكلاهما يوجه الدين لما يعرقل تقدم المسلمين. الفارق أن حلم آل سعود عمره قرون.. بينما اُختُلقت شرق الأردن فجأة، وأن طرفي التحالف الأول محليين.. بينما استدعي الثاني "خبيراً" إخوانياً، ظلت الوهابية مجرد غطاء ديني لآل سعود.. بينما بنّاوية الأردن شركاء في الحكم حتى منصبي رئيسي الوزراء والبرلمان.. وفي تنفيذ سياساته "الوظيفية" بما فيها مذابح أيلول الأسود. ذات التحالف كرره الإخوان بالمغرب، وحديثاً في الجزائر ضد جبهة الإنقاذ برعاية الغرب.. ثم دعموا التمديد المفتوح لبوتفليقة تمهيداً لتوريث شقيقه، وفي قطر وفروا "شرعية" لانقلاب الابن على أبيه.. برعاية واشنطن، وهم مع توريث سيف الإسلام في ليبيا.
دعم "تقليدي" للتمديد والتوريث، ومنذ سنوات تتداخل شبكة تمويلهم الخليجية مع دوائر بيزنس التوريث. قبل ثلاث سنوات سألت د.محمد كمال المتحدث الرسمي باسم السياسات عن خيوط تواصل بين جمال والإخوان، منها أعضاء نادي جامعة القاهرة، قال: "أمر واقع.. كما نتعامل في البرلمان مع نوابهم"، قلت له إن لفتحي سرور صفة رسمية وجمال بدونها؟ أجاب: "لماذا لا يجتمع كحزبي مع المجتمع المدني.. والنادي جزء منه، ناقشنا قضايا التعليم ولم نتحاور مع الإخوان، وإن تطرقنا إلى قضايا عامة".
لم تكن قد تكشفت وقتها صفقة الفكر الجديد مع الإخوان. في أبريل 2004، ناوش الإخوان النظام بفزاعة كفاية. حينها لم يلتفت أحد لإعلان أحمد كمال أبوالمجد استعداده للوساطة مع الإخوان.. لأنهم "سيراجعون موقفهم، واللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش"، ملاحظاً لبرنامج (منتهي السياسة): "تشابه أفكار الجيل الجديد في الإخوان والحزب الوطني". انتظرنا أربع سنوات ليكشف لنا مهدي عاكف، بعفوية، أنهم "باعوا" الحراك السياسي، ثم أيده مستشاره عبدالحميد الغزالي: "كلام صحيح 100%، عقدنا صفقة مع الأمن فى انتخابات ٢٠٠٥". التفاصيل شرحها نائبهم حمدي حسن في (صباح دريم): عشرات المقاعد مقابل التخلي عن "لا للتمديد.. لا للتوريث".
بعد الانتخابات في أغسطس 2006 تكشف الأخبار اللبنانية عن "قنوات سرية بين الإخوان وجمال مبارك"، وفي ذات العام رفعت حركة "أحرار الإخوان"، التي وُصفت بالمنشقة، لافتات "بحبك يا جمال" و"جمال.. حلم جميل لبلد أجمل" في ست محافظات. قبلها وبعدها توالت التصريحات الزئبقية، أبرزها تأكيد محمد حبيب لرويترز أنهم لا يعترضون على التوريث مقابل شروط إصلاحية، ثم عاد ليقول إنه "فُهم خطأ"، لكنه كرر ذات التصريح لنفس الوكالة أبريل 2009 .. متوقعاً أن شروطهم لن تتحقق. قبله في مايو 2008 عبر حوار مخدوم بالمصرى اليوم، "تمنى" يوسف ندا، رئيس حكومة ظل الإخوان، "ترتيب اتفاق بين الإخوان وجمال"، رافضاً مفردة التوريث.. لأن "له حقاً كمصري، علي ألا يكون مقروناً بالسلطة" ولا يصح "أن نقع في نفس الخطأ، وننادي بمنعه"، ممهداً بأن الإخوان "لا يهمهم من يحكم مصر، بل كيف تُحكم"، وإذا كانوا "مش عارفين يتفاهموا.. فأنا مستعد، وبيننا صديق مشترك سويسري مصري". يوسف كرر نفس العرض في أكتوبر 2009 لتليفزيون الـ"بي.بي.سي".
لم يوضح يوسف الاتفاق المُقترح، فالبنّاوية مهدوا لعرضهم بمقال للإخوانجي التونسي عادل الحامدي في القدس العربي أبريل 2008، عن "زواج مُكره" لن يحقق "نموذجية" زواج الجزائر، لكنه "مدخل جمال مبارك إلي الحكم على جواد ابن العاص"، ويحمي من "الدهماء".. ويقي الحياة السياسية "الرافضة والخوارج والأزارقة". ومع تذكيره بأن الغرب ضد التصعيد مع الإخوان، يوضح الحامدي أن العرض ليس فقط تقاسم سلطة "لكن أيضاً مغارمها"، فـ"البابا بنديكت الثاني، ممثل مليار من إخواننا الكاثوليك، دعا للتحالف مع الإسلام المعتدل ضد المتشددين الإسلاميين والعلمانيين"، والخلاصة "وزارات السيادة للحزب الحاكم، وللإخوان باقي الوزارات مع الفائزين في الانتخابات القادمة".
الآن تمهد تصريحات المرشد وكمال الهلباوي زعيم التنظيم الدولي والنائب محمد البلتاجي لصفقة قادمة، تهدد أقدس ما في ذاكرة (عابدين): قسم عرابي بـ"لا نورث ولا نستعبد" وأذرع محمد علي وروح أكتوبر والقصر/ المقر. صفقة تُفاقم انحدار مصر إلى كيان وظيفي، يتقاسم أدواره.. الإخوان والوريث.
العربي القاهرية

الحدود الفلسطينية المصرية ..عيون تتنفس الموت/ نجوى شمعون


بكل لحظة أوجاع تراب لجسد يلاصقه،أن تعيش فوق نفق أنت وأسرتك،وان تعيش أجواء القصف أربعة وعشرين ساعة قرب الحدود وأنت المسيج بخوفك عليك،لا مناص من الموت،ومن قلق النوارس عليك،من يحمي وجهك من طائرة تقتنص أيامك وعمرك في لحظة تنهش كل شيء قلوبنا وبعضاً من أشلاء فكرة شقية،
الوقت يمر يكسر أحلامك بحد سيفه الذي لا يهزم ..ينتظر منك أن تتحداه بوجهك المنقسم لشطرين ضفة باردة وغزة المعتمة إلا من سراج ينير بعض الأفئدة.

في زيارة للمنطقة الحدودية بمنطقة رفح زرت إحدى العائلات المقيمة في بيت يكاد ينهار في أي لحظة وكان الهدف جمع معلومات لفيلم وثائقي "حياة قرب الحدود" الذي فكرت بإخراجه
قرب الحدود الفلسطينية المصرية تعيش عائلة فرت من حرب أخوية جدا
عائلة مكونة من أربع عائلات في مبنى من عدة طوابق ،تبعثرت العائلة في كل مكان، أحدهم اضطر للسكن في بيت مستأجر ملاصقا للحدود،أما الغرفة التي يعيش فيها مع زوجته وأولاده فإنها قائمة فوق نفق قد يتهاوى في أي لحظة فتسقط الغرفة بمن فيها
الأب يصرخ "صاحب البيت ساعدنا في السكن لكنه يرفض أن نجلس في غرفة أخرى غير الغرفة التي تقاوم سقوط النفق في أي لحظة ومع إطلاق الاحتلال للصواريخ على الأنفاق وعلى البيوت التي تكتظ بسكانها والذين لا يجدون مأوى آخر ليعيشوا فيه مع أطفالهم وأوجاعهم التي لا تنتهي
السيدة تنظر بعيون اقتنصها موت عشش فيها أبد الروح قالت:"لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من الموت أو فكرة التلاشي كأننا لم نكن يوما ،فبمجرد أن نفكر بأننا نجلس فوق نفق سينهار فينا بأي لحظة،نصاب بهوس الجنون وبظلال تتحرك أمامنا هى ظلالنا التي تخرج منا لتعود بنصف حياة،حياتنا ليست حياة لا شيء قائم كما في البيوت ..
صواريخ ماكرة تركض حولنا وفينا تبدد فكرة الحياة تهاجمنا في خوفنا
العائلة فرت من بيت قصف بالصواريخ الصواريخ المحلية الصنع قصفت أيضا دمنا فانشق إلى لونين متناحرين حتى اللحظة،العائلات لم تمت لكن مات فيها حس وطني تجاه البحر فاستمالت أنفاس الرمال المتحركة حولها احتضنت كعادتها أجساد تبحث عن قوت يومها
القصة باختصار شديد أن العائلة تسكن في حي البرازيل وقامت فتنة هكذا ادعوا وقصف البيت وهربت الصبية إلى حدود أكثر خوفا وتشردا ،وبات البيت أطلال ولم يسعفهم أحد في تشردهم هكذا قالت السيدة بعيون ناخرة واكتفى الزوج بأن صرخ في قلبه صرخة الموت الراكض فينا /فيهم
البنت تجرى ناحية النهر والنهر يرد كلامها ناحية البحر،خلف كلام تقيده نوارس بحر ممنوع من البوح،محاصرا بأشرطة الفاتحين للوقت وماتت البنت سقطت الطلقة على حال تشردهم،
المنطقة شبه خالية من العائلات جميع الجيران هربوا منذ بداية استهداف الحدود ولم يعودوا لمنازلهم وحدنا /وحدهم الباقون رغما عنا
السيدة الحاملة أوجاعها تضعها في صرة القلب وتمضي ناحية الحدود تعطينا ظهرها ولا تلتفت ناحيتنا أبدا
السيدة تعبر حدود الليل تبكي أمنها المتآكل لا شيء يوجع الكلام غير بيت يتهاوى مع أبسط ذاكرة تنخر فيها الصواريخ عضلاتها
والسيدة تركض مرة وأخرى تدير ظهرها للكون
الزوج شاحب تركله الريح كلما صرخ تعيده لوحدته تتآكله الأصوات ووحده يبقى نازفاً يحدق بعيني زوجته وأولاده يحدقون بالنفق المطل على شحوبهم منتظرين سقوطه وهو أي النفق منتظرا سقوطهم فيه،مكملاً لحصارنا حصارهم وسقوطنا سقوطهم ووقوفنا جميعاً في وجه الحصار هذا الحصار ليس لنا .....
آمل أيتها السيدة الكسيرة ،أيتها السيدة الحاملة حزناً منسياً
بعينين يعبئ الحزن أفراحها..أن أكون قد بلغت.
*شاعرة وإعلامية

ذكريات.. العمر اللي فات - 19/ أنطوني ولسن


ثانيا: في أستراليا..5

ذكريات.. العمر اللي فات، هي محطة استراحة فكرية، أنزل فيها من قطار الحاضر محاولا الاسترخاء والتجوال في شوارع وحدائق حياتي. اثناء تجوالي أحكي للقارئ حكاية من هنا او من هناك.. اربطها بحكاية اخرى او حكايات. وان اقتضي الأمر العودة الى قطار الحاضر..

سأفعل ذلك لاستمرارية التفاعل مع الحاضر الذي سيصبح يوما.. ذكريات.. العمر اللي فات.
دعونا الآن نكمل الحكاية..

في المنزل بعد عودتي من العمل فوجئت بوجود ماما صارافينا وتينا في البيت مع الأولاد. ظننت ان زوجتي في المطبخ او احدى الغرف. لكن ماما صارافينا، بلغتها الانجليزية البسيطة حاولت ان تخبرني بان زوجتي في المستشفى على أثر حادث وقع لها. وهي بمستشفى لويشام.. المستشفى الذي ذهبوا إليه للبحث عن عمل.

كدت أن أنهار.. اعرفها وأعرف تنبؤاتها واحلامها.. لقد طلبت مني في الصباح (خد بالك من نفسك وانتبه للعيال).. وايضا قالت (لا تقلق.. كل شيء مكتوب.. روح الرب معاك ويحافظ عليك.. روح احسن تتأخر). والانهيار الذي انتابني في المصنع والشهقات والدموع التي انسابت غزيرة من عيوني مما لا شك فيه شعرت بالروح لما حدث لها.. شيء فظيع ونحن في الغربة وبعد ما يقرب من ثمانية اشهر يحدث لزوجتي حادث.

تماسكت وطلبت من ابنتي الكبرى ميرفت ذات العشر سنوات ونصف ان تتماسك ايضا وخرجنا الى الطريق واستقلينا تاكسي الى مستشفى لويشام الخاص، فلم يكن عندي سيارة في ذلك الوقت.

أخبرتني ماما صارافينا ونحن في طريقنا الى المستشفى لرؤية زوجتي كيف وقع الحادث.

ذهب ثلاثتهم (ماما صارافينا وزوجتي وتينا) للبحث عن عمل، واول مكان ذهبوا اليه كان المستشفى.. مستشفى لويشام. عرضت ادارة المستشفى عليهما (زوجتي وتينا) عملا كعاملتين نظافة Cleaner قبلت تينا العمل ورفضت زوجتي ذلك العمل وكانت تفضل عملا في قسم (الخياطة) أو (المطبخ). بناء عليه تكرمت ماما صارافينا وخطيبة ابنها تينا بمصاحبة زوجتي للبحث عن عمل عند بعض أصحاب الأعمال من الايطاليين في حي (لايكارد).. وهو ليس بالبعيد عن حي لويشام الذي تقع به المستشفى.

اتجه ثلاثتهم الى لايكارد سائرين على الاقدام في باراماتا روود، عند اشارة المرور التي تقع قبل نورتون ستريت، عبروا الشارع حتى وصلوا الى منتصف الطريق حيث توجد جزيرة صغيرة يقف عليها العابرون لحين تغير اشارة المرور للمشاة التي كانت تقول للمشاة (قف) وما ان تحولت الاشارة للسماح للمشاة بالعبور وخطت زوجتي الخطوة الأولى لتعبر الطريق، فوجئ الجميع بسيارة مسرعة قادمة من اليسار (اي من المرور القادم من باراماتا) فصدمت زوجتي واطاحت بها في الهواء، ثم سقطت على حافة رصيف الجزيرة الموجودة في منتصف الطريق.

في المستشفى كان منظر زوجتي حقيقة يبعث على الاسف والحزن. وعلى الرغم من كل تلك الإصابات في وجهها ورجلها وأماكن اخرى من جسمها، إلا ان الابتسامة لم تفارق شفتيها وهي تتمتم بكلمات الشكر للرب يسوع الذي انقذها من موت محقق. ما ان رأتنا حتى بكت فرحة مهللة وهي تحاول طمئنتنا «الحمد لله أنا بخير».

وهكذا بدأ خط حياتنا في أستراليا يأخذ منعطفا جديدا.. طال وقت العلاج.. حاول كثيرون العناية بالأولاد، لكني رفضت.. ولا انسى ذلك اليوم وانا جالس وغارق في همي وهم الأولاد وزوجتي اذا تأخرت على زيارتها دقائق قليلة تغضب وتثور.. وكنت اجد لها العذر لأنها لا ترانا إلا مرة واحدة ولمدة ساعة في اليوم ولا أقارب لنا والذين تعرفنا عليهم في أعمالهم، في وسط غيابي ذهبنا عن ارض الواقع سمعت خطوات أقدام نسائية اعرفها تمام المعرفة. انها خطوات اقدام أمي.. افقت من غيبوبة تفكيري محاولا الاستماع الى تلك الخطوات التي بدأت تقترب مني.. أمي في اميركا.. لم اخبر احدا بما حدث فكيف تأتي.. وكيف يحدث هذا؟

سمعت طرقات على الباب.. اسرعت في لهفة وفتحت الباب وإذ بي اجد أمامي قدس ابينا مينا نعمة الله وتاسوني زوجته.. فتبينت ان تلك الخطوات.. خطواتها. وانا الذي ظننت انها خطوات امي التي استطيع تمييزها من بين خطوات كل النساء. وكان لحضورهما وقع عظيم علي. لقد حاولا مشكورين اخذ الأولاد الثلاثة للبقاء معهم والإشراف عليهم لحين عودة زوجتي من المستشفى. وصدق حسي عندما شعرت بان امي قادمة.. فقد كان ابونا مينا نعمة الله بمثابة الوالد لنا في الغربة وزوجته بمثابة أمنا..

استمر عذاب العمل في المصنع، والعودة الى المنزل لاجد ابنتي الكبرى ميرفت قامت بمساعدة شقيقها مجدي وشقيقتها ماجدة فيما يمكن عمله في المنزل بعد العودة من المدرسة ونبدأ نحن الأربعة في الاعداد والاستعداد للذهاب الى المستشفى لزيارة ام الأولاد.

خرجت زوجتي من المستشفى.. ثم عادت مرة ثانية وبقيت فترة غير قصيرة. ثم خرجت مرة اخرى في تلك الفترة كنت قد اشتريت سيارة وفي الليلة الأولى اخذت ميرفت وماجدة معي في السيارة للقيادة حول البيت في الشارع المجاور حاولت تفادي سيارة مقبلة من الطريق المضاد فإذ بي اصطدم بشاحنة صغيرة مما دفع بالشاحنة الى داخل احد المنازل فحطمت سور المنزل.. ولحسن الحظ اوقفت السيارة قبل ان تصطدم بعمود الكهرباء. خرج الناس من منازلهم لاستطلاع ما حدث، وهنا لمست مدى محبة هذا الشعب الأسترالي ومدى تفهمه للأشياء ومدى اهتمامه بالإنسان.

جاءت عربة الاسعاف لتقلنا إلى مستشفى ماركفيل.. لم نُصَب بإصابات خطيرة، بل خدوش بسيطة.. وجاءت الشرطة.. وعندما رأى رجالها الحالة التي كنت فيها ساعدوني في ركوب سيارة الاسعاف واخبروني انهم سيلحقونني والبنات بالمستشفى وبعد الاطمئنان علينا يبدأون معرفة ما حدث.

في الطريق الى المستشفى طلبت من المسؤول التوقف عند البيت قبل الذهاب الى المستشفى لأطمئن زوجتي لأنني أعرف انها لا شك سمعت صوت الاصطدام او على الاقل صوت عربة الإسعاف ولا بد انها قلقة.

استجاب الرجل فقد كانت بالفعل في حالة قلق شديد واقفة في البلكون فالحادث لم يكن بالبعيد عن المنزل.. وما ان وقفت سيارة الإسعاف امام المنزل حتى صرخت.. نزلت اليها وطمأنتها.. سألتني عن البنات.. طلبت منهما النزول أيضا وطمأنة أمهما على انهما بخير.

بعد عودتنا من المستشفى مع جيراننا اليوغسلاف الذين جاءوا للإطمئنان علينا وإعادتنا إلى المنزل، سألت زوجتي عن ابننا مجدي. قالت انه عندما عرف انك اخذت شقيقتيه ميرفت وماجده في السيارة قال لها:

- بابا لا يعرف قيادة السيارات جيدا هنا في أستراليا..

ثم تركها واتجه الى سريره وهو نائم الآن.

في الصباح اخبر أمه عندما جرى الى غرفته غطى نفسه بغطاء السرير واخذ يصلي طالبا من الرب يسوع ان يحفظ والده وشقيقتيه ميرفت وماجده. وقد استجاب الرب لصلاته.

اتساءل دائما.. هل التعصب وراثي ام مكتسب؟ هل الأديان والعقائد والفكر الاجتماعي او السياسي او الفلسفي هو السبب للتعصب؟

المتعصب عند تعريفه برأي المتواضع هو حالة تنتاب الانسان الفرد او الجماعة ضد او مع عقيدة او فكر ديني او سياسي او اجتماعي يعتنقه الانسان الفرد او الجماعة.

اما الوراثة فاعتقد ان لا دخل لها بالنسبة للتعصب لأن الطفل المولود يكتسب كل ما نريده أن يتعلم سواء بالطرق المباشرة عن طريق التعليم اللفظي او الكتابي نشجعه على هذا او نمنعه من التفكير او حب ذاك.. واحيانا كثيرا يتعلم الطفل من البيت تصرفات الوالدين والمحيطين به فيتعلم حب هذا وكُره ذاك فيكتسب الصدق او الكذب والمراوغة والنفاق.. بعد البيت يأتي دور المدرسة ثم المجتمع. فإن كان البيت محبا للغير أحب الطفل.. وان كان العكس تعلم الطفل ذلك. واذا كان البيت متعصبا دينيا اوعقائدياً تشبع الطفل بالفكر التعصبي وليس بالضرورة تعصبه لنفس الشئ الذي يتعصب البيت له سواء مع او ضد. لكنه يكون قد تعلم أن يتعصب.

في النهاية مهما فسرنا وفسر الفلاسفة والعلماء معنى التعصب فإن التعصب الأعمى.. اي التابع دون تفكير.. فهو ضار ولا نفع من ورائه مهما كانت النيات الحسنة سبيله.. فالطريق الى الجحيم مليء بالنوايا الحسنة.

بعد كل هذا الكلام عن التعصب وهل هو موروث ام مكتسب؟.. وعن التعصب بالنسبة للعقائد والفكر.. اقول لكم السبب الذي دعاني إلى الخوض في مثل هذا الموضوع الشائك.

الحادث الذي وقع لزوجتي في يوم الأثنين 17/4/1972 جرني الى هذا الحديث.. الم أقل لكم انه كان نقطة تحول كبير في حياتنا.. الشيء الوحيد الذي اشكر الرب عليه.. انه لم يؤثر تأثيرا سلبيا على إيماننا المسيحي.

قرر الطبيب المعالج اجراء عملية جراحية لزوجتي في (ركبتها) أجريت لها العملية ووضع الساق كله في (الجبس).. ووضع في داخل فتحة العملية انبوبة بلاستيكية مجوفة داخل (الجبس) تنتهي خارجه الى زجاجة فارغة، والسبب من وضع هذه الانبوبة هو السماح بالدم الفاسد الناتج بعد اجراء العملية الجراحية بالخروج عبر الانبوب البلاستيكي الى الزجاجة الفارغة والتي على الممرضة تغيرها كلما امتلأت وإثبات ذلك بالساعة والتاريخ في الأوراق الخاصة بالمريض.

قامت وفي صباح ذات يوم.. في ساعة مبكرة منه.. الممرضة بتغيير الزجاجة الممتلئة بالدم الفاسد.. ووضعت بدلا منها زجاجة نظيفة ولم تثبت ذلك في الأوراق الخاصة بزوجتي. وفي حوالي الساعة التاسعة صباحا ذهب الطبيب المعالج لرؤية زوجتي فرأى الزجاجة نظيفة. نطر الى الأوراق فوجد ان اخر موعد تم فيه التغير للزجاجة كان بالأمس.

اذن الجرح نظيف ولا حاجة للإستمرار في وضع الانبوب البلاستيكي، حاولت زوجتي إخباره بكل الوسائل، بالاشارة واللغة الانجليزية ان تخبره ان الزجاجة قد وضعت في صباح اليوم وليس بالأمس، لكنه ظن انها خائفة من الألم الذي سينتج عن سحب الانبوبة، غافلها وقام بسحبها.

أربعة أيام بعد ذلك وحالة زوجتي تسير من سيء الى اسواء.. وأخذت درجة حرارتها في الارتفاع.. إزدادت آلامها.. في كل مرة يمر فيها الطبيب في الغرفة الموجودة فيها يبعدونه عنها.

في اليوم الرابع صرخت زوجتي ونادت على الطبيب وأشارت غلى ساقها.. أسرع الطبيب وذهب اليها ووضع انفه ناحية الساق، بعدها وقف صارخا في وجه كل المحيطين به وأمر بنقل زوجتي الى غرفة «الاشعة» واخذ صور (لركبتها) مكان العملية، وكانت المصيبة. لقد تجمع الدم الفاسد وكون (غرغرينة) والتي يبدو انها وصلت الى (العظم) نفسه. مما دعاه الى ارسال تلغراف إلي يطلب مني الحضور الى المستشفى ومقابلته على وجه السرعة.

تركت العمل وتوجهت الى المستشفى وعندما رأني بدأني بالقول:

- لا مفر.. لا بد من بتر ساق زوجتك وعليك ان توقع على الموافقة على ذلك وفوراً.

لم احتمل.. انهزت تماما.. أعرف زوجتي.. لو حدث لها هذا لجنت .. حاورته في محاولات تنظيف (الركبة).. لكنه اصر على ذلك وإلا التسمم سيقضي ليس فقط على الساق.. بل وعليها.

تحدد اليوم التالي لاجراء عملية البتر. وشدد علي ان لا اخبرها بأي شيء. اخبرها بان الطبيب سيجري لها عملية جراحية فقط.

اماالمقدمة عن التعصب فمرجعه الحالة التي وصلت اليها زوجتي. ففي اليوم الأول بعد ان افاقت من الحادث، سألتها الراهبة إن كانت ترغب في اخذ المناولة المقدسة من يد القس الكاثوليكي الموجود وقتها بالمستشفى، ويمر على المرضى للصلاة والمناولة. فوافقت زوجتي.. اذن زوجتي كاثوليكية هكذا ظنت الراهبة وإلا ما كانت وافقت على المناولة. لكن عندما رأت مستر ديكسون بعد ذلك وهو قس استرالي انجيلي يقوم بزيارتها والإهتمام بها، ثم ابونا القمص مينا نعمة الله الكاهن الارثوذكسي.. اكد للراهبة ان زوجتي ليست بالكاثوليكية. وبدأت عملية عدم الإرتياح، وليس فقط الإهمال الذي حدث لها وكان السبب في قرار بتر ساقها.. بل طوال فترة علاجها بالمستشفى بعد ذلك سواء بالداخل او الخارج.. فقد ذاقت زوجتي بالفعل مرارة التعصب الأعمى.

أعود بكم قليلاً بعد ان سحب الطبيب المعالج «الانبوب البلاستيك» والزجاجة الملحقة به من ساق زوجتي، ودرجة حرارتها في ارتفاع، لم يهتم احد بالكشف عليها ومتابعة الحرارة المرتفعة او حتى الاستجابة لنداءاتها المتكررة. في اليوم الثالث للعملية بعد ان اشتكت لي زوجتي الاهمال الذي تعانيه.. اصريت على ضرورة احضار طبيب للكشف عليها ومعرفة سبب ارتفاع درجة حرارتها هذا الارتفاع الكبير.

جاء الطبيب واخبرني ان زوجتي كثيرة الشكوى.. وامر باعطائها حقنة بنسلين.. ولم تنم زوجتي في تلك الليلة للأثر السيء الذي احدثته حقنة البنسلين فيها.

لذا عندما سمعت صوت طبيبها المعالج في اليوم الرابع صرخت واخذت تنادي عليه كما سبق واوضحت.

بعدما وقعت على الموافقة على بتر ساقها مرغما ومضطرا.. عدت الى المنزل ولم اخبر الأولاد بشيء.. هرب النوم مني.. بدأت صورتها تلاحقني بعدما سمعت من إحدى الممرضات انها قد تفقد ساقها.. ولحسن الحظ انها لم تفهم ما كانت تعنيه الممرضة. لقد حاولت المستحيل ان اتماسك امامها ولا انهار. يبدو انها كانت تحس بان شيئا ما قد يحدث لها, وان العملية التي ستجري لها في الصباح سيكون لها اثرها الخطير على ساقها. ومع ذلك عندما حان وقت انصرافي امسكت بكلتا يديها بيدي وقالت:

- ارجوك يا ولسن ان تصلي والرب سوف يتدخل.

في الصباح الباكر بعد ان ذهب الاولاد الى مدارسهم توجهت الى المستشفى لاواجه أصعب يوم في حياتنا..

وإلى اللقاء.. مع ذكريات العمر اللي فات..

المدابل والحدائب/ فوزي ناصر

ما أن تقترب من مدخل قرية أو مدينة عربية إلا وتستقبلك أكوام النفايات وقطع الأثاث المكسّرة والصناديق الفارغة وشظايا زجاجات كبيرة، لا حاجة لمعرفة انتماء سكان القرية أو المدينة التي ستدخلها، إن وجدت مثل هذا الاستقبال تعرف أن السكان عرب.
هذه الزهور والأشجار والحدائق والتماثيل والنوافير واللافتات التي نستقبل بها العائدين من زياراتهم ورحلاتهم وأعمالهم والزائرين الوافدين، هذه هي الهوية التي نريد للآخرين أن يعرفونا بها، هذا هو العنوان الرئيسي، هذا هو بابنا، واجهتنا أو ربما شرفة العرض التي نعرض فيها أحسن ما لدينا من بضاعة.
والمثير حقاً انك حين تدخل البيوت تجدها غاية في الأناقة والنظافة، الأمر الذي يجعلك تتساءل بحيرة كبيرة عن أن هؤلاء الناس الذين يسكنون في هذه البيوت والتي يحرصون على نظافتها وأناقتها هم أنفسهم من يلقي بنفاياته في الشارع العام، أمر في غاية الغرابة وكأنه من الأمور التي لا تصدّق.
أضيف إلى الشارع العام الحدائق العامة التي تتحوّل إلى مزبلة للحي الذي أقيمت خصيصاً من أجل راحته ورفاهيته، إذا كانت فيها العاب للأطفال تكسّر وتحرق، وإن كانت فيها مقاعد تكسّر وتحرق وإن غرست فيها الأشجار تكسّر أو تقلع، ويطلق من يكسّر ويلقي النفايات العنان للسانه في شتم السلطة المحلية التي أوصلت هذه الحديقة إلى مثل هذه الصورة، متناسياّ دورة في المحافظة عليها ومساعدة السلطة المحلية في صيانتها.
لا ننفي مسؤولية السلطة المحلية بالمحافظة على الملك العام الذي بذل في تطويره مال وجهد عظيمان، وبالمحافظة على المداخل والشوارع نظيفة الجانبين من النفايات، لكن يجب أن نعرف أن من يقوم بمثل هذه الأعمال التخريبية(منا وفينا) ولا يأتي من كوكب أخر، لكن السلطة قادرة على مراقبة الملك العام وتقديم من يعتدي عليه للقضاء، وحتى يتم ذلك ستبقى حدائقنا خرائب وشوارعنا مزابل.

• المدابل: المداخل – المزابل
• الحدائب: الحدائق- الخرائب

ما يقبله الفلسطينيون اليوم ليس شرطا ان يقبلوه غداً/ نبيل عودة

سننشغل خلال الأسابيع القادمة بالمفوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. هذه بديهية صحفية.
حتى اليوم ما زلنا نجمع الكثير من الأخبار وأجزاء الأخبار في محاولة لوضع تصور للمسار التفاوضي. كل ما استطيع أن أقوله اليوم، أننا أمام مسرحية بلا نص، نوع من المسرح الصامت، صحيح أن الضجيج قوي جداً، ولكنه ضجيج الصمت، وتجربتنا السياسية جعلتنا قادرين على عدم الانجرار وراء البخار الذي ينطلق من شدة الضغط، ولا يشير إلا إلى لأمر واحد أن الطبخة جاهزة!!.
حسناً، لا نعرف ما هي الطبخة، نعرف الطباخ، طباخنا بيبي نتنياهو، أضاف الكثير من الماء لقطعة لحم صغيرة، حتى لو نضجت لن تكون كافية،او ذات مذاق ، أو صالحة لتؤكل، ونحن نتوقع أن يضيف للماء وقطعة اللحم الكثير من التوابل حتى يخفي الطعم السيء . ويبدو ان المدعوين لطاولة المفاوضات يجب ان يتدربوا على الصيام الطويل..
نحن نعرف نتنياهو، ونعرف بشكل جيد أن نتنياهو لا يعرف ما يريد من نفسه. ليقل لنفسه أولا ما هو برنامجه في التفاوض؟!
تصريحاته الوردية بأنه يمكن الوصول إلى حل تتناقض مع كل ما طرحه نتنياهو نفسه من شروط لمفاوضات ارادها بدون شروط مسبقة انما بواقع جعلته اسرائيل مليء بالشروط المسبقة.ويتناقض مع ما يطرحه وزراء حكومته، وخاصة وزير خارجيته ليبرمان. ليس سراً أن أربع وزراء في المجلس الوزاري المصغر هم ضد أي تنازل للفلسطينيين، بمعنى آخر هم من اجل السيطرة على المزيد من الأرض الفلسطينية. بل وطرح أحدهم احجية قمة في السادية ، ان يشمل تجميد البناء في الضفة الغربية الجانبين ، الفلسطيني والاسرائيلي .
ومع ذلك لا بد من رؤية أكثر اتساعاً،وأن لا نغرق في سيرك وزراء الحكومة . في إسرائيل يوجد 120 عضو كنيست، والتقديرات تقول أن 80 عضو كنيست يدعمون حل دولتين لشعبين وقبول مبدأ الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967 مع الحفاظ على كتل الاستيطان، وتبديلها بأراض بنفس المساحة وأن تكون القدس عاصمة للدولتين. أي لا توجد لنتنياهو مشكلة في الحصول على دعم الكنيست، مشكلته ليست الكنيست إنما حزبه، وائتلافه وقناعاته.
منذ اتفاق أوسلو قبل 17 سنة، ونحن شهود لمسرحيات تفاوضية لا تنتهي، ويبدو لي أننا وصلنا إلى جوهر الدراما، إذا صدق حدسنا أن الرئيس الأمريكي اوباما يختلف في رؤيته لأهمية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي بدأ يشكل إرباكا للسياسة الأمريكية حتى مع حلفائها.لذا ليس بالصدفة أن صحيفة رصينة مثل " الجارديان" البريطانية نشرت تقريراً عن دور اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، في فشل سياسات واشنطن. اوباما بدأ طريقاً مبشراً بتحول هام في خطابة في القاهرة، ولكنه سرعان ما تراجع، وبدل شن حمله ضد سياسات إسرائيل المخالفة للقوانين الدولية، بدأ بجهود لإصلاح العلاقة مع نتنياهو.
نتنياهو يعتقد أنه قادر على اللعب بإدارة البيت الأبيض والتأثير على سياسة الكونغرس، وهذا كشف عنه بشريط مسجل بثته إحدى القنوات الإسرائيلية .للأسف حتى ألان هذا صحيح ، على الأقل حسب التطورات السياسية في الشهرين الأخيرين، نتنياهو أخضع الإدارة الأمريكية لدرجة أنها قبلت شروطه ألمسماه: " بدون شروط مسبقة" أي كل ما توصل اليه المفاوض الفلسطيني مع حكومات اسرائيلية سابقة ،وكل ما صدر عن قوى دولية تعمل على حل النزاع مثل مجموعة الأربعة وخارطة الطريق الأمريكية،كلها ملغاة ونبدأ من الصفر .. صحيح أن محمود عباس ثار غضبه، مما اضطر الأمريكان للاتصال به ثلاث مرات لتبريد غضبه. البعض يظن أن السلطة الفلسطينية يجب أن لا تذهب للمفاوضات بدون جدول متفق عليه. يؤسفني أن أقول أن هذا فهم ميكانيكي منقوص لواقع شديد التعقيد والتداخل. محمود عباس "مرغماً أخاك لا بطل"، أتخذ الخطوة الصحيحة، صحيح أننا غير مطلعون على جميع التفاصيل ولكننا مطلعون على حقائق ما يدور في عالمنا. الدول العربية أوقفت دعمها المالي للفلسطينيين تماماً في الوقت الذي بدأ الضغط الأمريكي لمفاوضات مباشرة بدون أجنده واضحة.
هل كان ذلك مجرد صدفة ؟!
أين الدور العربي في التغطية السياسية للسلطة الفلسطينية ؟!
قبل أن ننتقد القرار الفلسطيني بالذهاب إلى المفاوضات بدون أجندة، إلا الشروط الإسرائيلية، كان من الاوجب أن نفهم الموقف العربي الضاغط على الفلسطينيين، بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر بوقف الدعم المالي.
رابين في وقته لم يتردد، وقامر على مصير حكومته في سبيل رؤيته لضرورة الوصول إلى حل تاريخي للنزاع الدموي مع الفلسطينيين. وأكثر من ذلك دمج بين الحل السياسي مع منظمة التحرير الفلسطينية والحلول الاقتصادية والاجتماعية للجماهير العربية في إسرائيل. رؤيتة كانت متكاملة، هذه الرؤية أوقفتها رصاصات قاتل يميني، ما كان يجرؤ على إطلاق رصاصاته لولا الجو المشحون بالعداء ليتسحاق رابين، في المظاهرات التي قادها نتنياهو نفسه،متبوءا الصدارة في العداء لاتفاق أوسلو ولنهج المصالحة التاريخية.
نتنياهو لم يتغير. الأمريكيون حساباتهم أكثر أتساعاً، ولكن أمامهم عقبة اسمها قضية فلسطين، أي تفكير استراتيجي سليم، يجب أن ينظف بيته قبل الاهتمام بالإشكاليات الكبيرة خارج البيت في الشرق الأوسط الكبير .
امتلاك إيران للسلاح النووي هو مشكلة مقلقة وتشكل تهديداً استراتيجياً للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ، وإسرائيل ضمن هذه المصالح.
استمرار النزاع مصلحة إيرانية، سوريا إلى جانبها،تركيا تتقدم لتصبح حليفا اقتصاديا وسياسيا . لبنان جزءا من إستراتيجيتها السياسية والعسكرية .. في مثل هذه الظروف ستصل إيران إلى السلاح النووي. وعندها قد تكون الحلول مدمره للمصالح ألاستراتيجيه، لإسرائيل وللولايات المتحدة، عبر نشؤ كتلة سياسية – إيرانيه- تركية- سورية- لبنانية (ليس شرطاً لبنان الرسمي).
الزمن يركض، والتقديرات تقول أنها سنه حاسمة في وقت ينمو من المنظار الأمريكي الإخطبوط النووي والسياسي الإيراني...
المفتاح لن يكون في الخليج، بل هنا تحت أنف نتنياهو ويبدو أن رائحة الأرض الفلسطينية ستعمي أبصار الحمقى، والحل الذي يتهرب منه نتنياهو... ليس بعيداً اليوم الذي لن يجد مفاوضاً فلسطينياً يقبله، ليس لأن الموقف الفلسطيني ازداد تطرفاً او قوة ، بل لأن واقع الشرق الأوسط لن يكون كما يحلم اليوم نتنياهو !!
nabiloudeh@gmail.com

لا تسوية في الأفق وإسرائيل تقرع طبول الحرب/ راسم عبيدات


........في كل مرة تسعى فيها إسرائيل وأمريكا إلى شن حرب في المنطقة خدمة لمصالحهما وأهدافهما،تنشطان في البحث عن كيفية إدارة الأزمة وبما يؤمن لهما أوسع اصطفاف عربي واقليمي حول تلك الحرب،وكذلك تقديم الدعم والمساندة لهذه الحرب،وطبعاً لا بد من خلق حجج وذرائع لتبرير شن هذه الحرب،ولعل المثال الساطع تمثل في غزو العراق واحتلاله،حيث اختلقت الإدارة الأمريكية قصص وذرائع امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،والتي كانت ذريعتها لاحتلال العراق،وهذه الحجج والذرائع التي ثبت زيفها وكذبها،ولكن كل ذلك بعد تدمير العراق واحتلاله،وقد قدمت في حينه الجزرة للعرب مقابل موافقتهم ومساهمتهم في غزو العراق وتدميره،على شكل وعد بحل القضية الفلسطينية،هذا الوعد الذي تبخر بمجرد تحقيق العدوان الأمريكي لأهدافه،حيث جلب العرب الى مدريد مهزومين من أجل حضور مؤتمر مدريد وما أفضى إليه من توقيع اتفاقية اوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل،تلك الاتفاقية التي ما زال يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا مزيداً من النهب للأرض وتكثيف الاستيطان وانقسام سياسي وانفصال جغرافي.

واليوم نرى تقريباً إعادة لرسم نفس المشهد والسيناريو.حيث نرى أن هناك في الأفق القريب ضربة عسكرية لإيران أو أحد حلفاءها في المنطقة،ومن المرجح إذا كانت الضربة لإيران مكلفة عسكرياً وبشرياً ومادياً واقتصادياً أو قد ينتج عنها تداعيات خارج إيقاعات السيطرة الأمريكية،فإنه قد يستعاض عن ذلك بالاستمرار في العقوبات على إيران بمختلف أشكالها مع تشديدها واستمرار التلويح بالقوة،وبما يمكن من تقزيم وتحجيم دورها الإقليمي،ونحن نشهد تحركات أمريكية – أوروبية غربية- إسرائيلية نشطة على هذا الصعيد، وليس من باب الصدفة توجيه الاتهام إلى حزب الله في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري،والتحرشات الإسرائيلية على شكل اختراقات متكررة للحدود والأجواء اللبنانية،والتي وصلت مؤخرا حد الاشتباك المسلح،وأيضاً السعي المحموم الى فك عرى التحالف بين سوريا وإيران،من خلال الموافقة على دور سوري في لبنان بمباركة سعودية وكذلك مراعاة المصالح السورية في العراق بعد الانسحاب الأمريكي هناك،وربما تضارب واختلاف الأولويات بين طهران ودمشق هناك،يمكن من اللعب على وتر هذا الخلاف والتضارب،وكذلك تغير لهجة واشنطن من السعي الى احتواء طهران من خلال تشديد العقوبات والتعايش معها كقوة نووية والتخلي عن تلك السياسة والعودة لسياسة المحافظين الجدد بشن الحروب الاستباقية،وكذلك تعين الجنرال غالانيت في منصب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية المعروف بعدائه وتأييده الكبير لشن حرب على حزب الله وحماس وإيران،وبناء إسرائيل لملاجئ ضخمة تحت الأرض،ما هي إلا خطوات على صعيد التمهيد لشن حرب على حزب الله وغزة ومحاولة ضبط إيقاعاتها بما يوجه ضربة قاسمة للحزب وقوى المقاومة الفلسطينية،وبما يضعف من دور دمشق ويساهم في إبعادها عن طهران،وهذا الهدف لا تسعى إليه أمريكا وإسرائيل،بل والعديد من الدول العربية وفي المقدمة منها السعودية ومصر والأردن،والتي ترى في تنامي الدور الإقليمي الإيراني خطراً على دورها ومصالحها ونفوذها في المنطقة.

ولضمان حالة من الاصطفاف والمشاركة والمساندة العربية في هذه الحرب،فلا بد من جزرة تلقى إلى العرب لكي يتلهو بها كما هو الحال في غزو العراق واحتلاله، ولا بد من حجج وذرائع،حجج وذرائع تقول بأن إيران بامتلاكها لأسلحة الدمار الشامل ستشكل خطر رئيسي على الوجود والمصالح العربية وليست إسرائيل التي تحتل أرضهم وتذلهم بشكل يومي ومستمر.؟

والجزرة هي السعي لحل القضية الفلسطينية،أو بالأصح العمل على تصفية القضية الفلسطينية،ومن هنا كان السعي الأمريكي المحموم لجلب السلطة الفلسطينية لطاولة المفاوضات المباشرة،لكي تقول للعرب بأنها تتحرك نحو حل القضية الفلسطينية،ونحن ندرك جيداً أن ذلك يندرج في إطار إدارة الأزمات وليس حلها،فالموجود على رأس الحكومة الإسرائيلية حكومة مغرقة في اليمينية والتطرف جوهر برنامجها يقوم على التوسع والاستيطان،وبالتالي لا مجال لا تسوية سياسية تلوح في الأفق،وكل ما في الأمر لا يتعدى كسب الوقت،من أجل أن تتمكن إسرائيل وأمريكا من أجل ترتيب أوراقهما في المنطقة,

ومن هنا علينا أن لا نغرق في الأوهام،وعلينا أن نلحظ بشكل واضح أن سياسة الإدارة الأمريكية الحالية،والتي حاولت أن توحي للعرب بسذاجتهم أن هناك تغير في السياسة الأمريكية نحو إقامة علاقات أكثر توازناً مع العرب والمسلمين،ونحو السعي لحل جوهر الصراع العربي- الإسرائيلي القضية الفلسطينية حلاً يقوم على أساس دولة فلسطينية مستقلة،هي فقط مجرد أوهام وأحلام،وهذا يمكن رؤيته بوضوح من خلال تطابق الرؤيتين الأمريكية والإسرائيلية فيما يتعلق بالمفاوضات والتسوية،حيث وجدنا استدارة أمريكية كبيرة ونفي كلي لمواقفها ورؤيتها التي طرحها "أوباما" في بداية حكمه والقائمة على الوقف الإسرائيلي الشامل للاستيطان مقابل التطبيع مع العالم العربي،لكي يتم تبني كلي لوجهة النظر الإسرائيلية مفاوضات مباشرة وبدون شروط مسبقة،وأيضاً الانتقادات التي وجهت لسياسة المحافظين الجدد والقائمة على الحروب الاستباقية والفوضى الخلاقة،والتي كانت سبباً في تعميق حالة الكراهية والفشل للسياسة الأمريكية على الصعيد الخارجي وخصوصاً العربي والإسلامي،يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية تتجه للعودة اليها بشكل قوي.

ويبدو أن المعادلة التي تسعى لها الإدارتان الأمريكية والإسرائيلية حالياً،هي استثمار حالة الضعف والانهيار الرسمي العربي والانقسام والضعف الفلسطيني من أجل العمل على التصفية السياسية للقضية الفلسطينية،وتحقيق هذا الهدف يتطلب العمل على جبهة موازية وهو التصفية العسكرية لقوى المقاومة فلسطينياً وعربياً واقليمياً،فبدون هذه التصفية يبقى الحل والتصفية السياسية يوجهان صعوبات وعراقيل جدية.

وطبعاً طريق التصفية في كلا الحالتين لن تكون معبدة وسالكة،بل كل ذلك يعتمد على الأطراف المقابلة والتي يبدو أنها تمتلك من الطاقات والقدرات والإمكانيات الشيء الكثير الذي يمكنها من الصمود والمقاومة وربما إلحاق الهزيمة بالمشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة،وخصوصاً أن الحروب العدوانية التي شنت على المقاومتين والشعبين اللبناني والفلسطيني في تموز/2006 وكانون أول/2008،رغم ما نتج عنهما من دمار وخسائر كبيرة ،أثبتت أن قوة الردع التي كان يتمتع بها الجيش الإسرائيلي لم تعد قائمة،ورغم ما يتمتع به من تفوق بشري وعسكري وتكنولوجي لم يستطع أن يحقق نصراً على المقاومة،بل تم إذلاله وقهره بشكل واضح في الحالة اللبنانية.

ومن هنا نقول أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً خطيراً نحو التصفية السياسية للقضية الفلسطينية مقرونةً بتصفية عسكرية لقوى المقاومة العربية والفلسطينية وحلفاءها في المنطقة عربياً وإقليمياً وبالتحديد سوريا وإيران.


اشتباكات برج أبي حيدر والذئب السوري/ الياس بجاني


مما لا شك فيه أن النظام السوري كان ولا يزال مباشرة أو مواربة وراء كل القلائل والإشكالات والحروب والاغتيالات والصعاب والأزمات التي واجهها لبنان منذ انتهاء حقبة الانتداب الفرنسي وحتى يومنا هذا. إنه وبسبب أطماع هذه الشقيقة الشقية ورزم أحقادها ومخططاتها المخابرتية الدنيئة لا يزال وطننا الحبيب في حالة من الفوضى واللادولة، والأمر هذا لا يحتاج للكثير من الذكاء أو التحليل لأن الأمور واضحة وضوح الشمس. سوريا لا زالت تعيش وهم كون لبنان محافظة سورية وكل ممارساتها مبنية على هذه الخلفية السرطانية.


خلال ال 28 سنة من احتلالها النازي والهتلري والإجرامي للبنان الذي انتهى نظرياً سنة 2005 لم تترك سوريا قباحة أو شناعة أو هرطقة إلا ومارستها، فهي قتلت وأرهبت وخطفت وعذبت واضطهدت وهجرت وجنست وأبعدت وأفقرت ونهبت وظلمت وافترت وفرقت وأقامت دويلة حزب الله والدويلات الفلسطينية وحاولت بكل الوسائل الإبليسية إلغاء كل ما هو لبناني، وهي حالياً مستمرة بكل أعمالها الإرهابية والتخريبية.


يوم الثلاثاء في 24 آب/10 كانت سوريا كما يرى العديد من السياسيين والمحللين وراء الاشتباكات الدامية التي شهدتها منطقة برج أبي حيدر البيروتية بين مقاتلي حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش).


ماذا تريد سوريا من لبنان، ولماذا تشعل حرباً بين حليفين لها؟ ببساطة متناهية تريد إظهار اللبنانيين بالعاجزين عن حكم أنفسهم والمتحاربين والمتناحرين فيما بينهم. هي تسعى باستمرار لإخافة الشرائح اللبنانية من بعضها البعض لذلك تشعل الحرائق والحروب فيما بينهم ومن ثم تعرض عليهم دور الاطفائي. هذا هو الدور السوري، دور مشعل الحرائق والإطفائي منذ انتهاء حقبة الانتداب الفرنسي.


حالياً يتوهم السوري أن الظروف العربية والدولية والمحلية مواتية لعودة جيشه إلى لبنان، ومعارك الثلاثاء في بيروت تأتي في هذا السياق. في أسفل مداخلة للمحلل والكاتب السياسي محمد سلام تعليقاً على اشتباكات برج أبي حيدر أذيعت يوم الأربعاء 25 آب/10/عبر برنامج ما قبل الأخبار من تلفزيون المر ولم تأتِ على ذكرها أية وسيلة إعلامية في لبنان لأن الرجل وضع إصبعه على الجرح وسمى الأشياء بأسمائها دون لف أو دوران.


باختصار، طالما بقي في لبنان مفكرين وسياسيين ومواطنين من أمثال محمد سلام، حماه الله، لبنان الدولة والرسالة والحريات والسيادة والديموقراطية والانفتاح والتعددية، هذا اللبنان باق بإذن الله ولن تقوى عليه كل مخططات الأبالسة. إن النظام السوري ذئب مفترس وهو مستمر في قتل رعاتنا وقادتنا بهدف تشتيتنا وبالتالي لا يجب أن يؤتمن على خرافنا.


بالصوت/اضغط هنا للإستماع لمداخلة محمد سلام/8 دقائق/وزندوز ميديا بلير


في أسفل نص المقابلة الحرفي:

سؤال مقدم البرنامج أنطوان سعد: في اشتباكات أمس هل كان المعطى مذهبي باعتبار أن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) هي فصيل سني وحزب الله فصيل شيعي؟ وهل المعطى المذهبي هو ما جعل الإشكال يتفاقم أم أن هناك خلفية سياسية ما وراء هذا الإشكال؟


جواب محمد سلام: بواقع الحال مضطرين التحدث بالتوصيف المذهبي وليس في الغاية المذهبية لأن للطرفين علاقة بمذاهب سياسية في البلد. إن ما جرى يوم الثلاثاء في برج أبي حيدر كان 7 أيار إيراني استهدف سنة سوريا، نعم بهذا الوضوح السياسي جاء الإشكال. أما 7 أيار 2008 فكان عمل سوري وإيراني استهدف سنة السعودية في بيروت. ما جرى الثلاثاء في 24 آب/10 هو 7 أيار إيراني استهدف سنة سوريا باعتبار أن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) مصنفة أساساً ومعروفة مرجعيتها.

بغض النظر على الخسائر التي خلفها الاشتباك وبغض النظر عن أسلوب انتشاره أن اخطر ما في الأمر أن طرفي الاشتباك وصفوه أنه بالفردي مدعين أنه يحصل في أي شارع أو حارة. وأخطر من ذلك هو المشهد الذي لم يتابع والذي جرى خارج ساحات القنال حيث قامت جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) في منطقة الطريق الجديدة بحشد ما يقارب 500 مقاتل في ظرف ساعة واحدة، علماً أن الطريق الجديدة لم تكن ساحة قتال. وبالتالي عندما حشدت 500 مقاتل في ساعة واحدة بأسلوب منظم حيث تم قطع طرقات معينة بأسلوب منظم وتم نقل المسلحين على دراجات نارية بالتواتر والتوالي بما يوحي أن كل مقاتل يعلم مكانه ومن احضره يعرف كيف ينقله وإلى أي موقع ... هذا المشهد كشف أن هناك خطة ما.

إن تأثير هذه الخطة على الواقع الاجتماعي المحتقن مذهبياً أدى ببعض سكان الطريق الجديدة أو لنقل بغالبيتهم من الذين يملكون سلاحاً فردياً أن يعتبروا منطقتهم معرضة للخطر وأن ينزلوا إلى الشوارع بأسلحتهم إلى جانب مسلحي الأحباش تحت عنوان الدفاع عن المنطقة، ما افرز عملياً بالقراءة السياسة تنظيم سني مسلح يحمل عصا الدفاع وبالتالي يستدرج تعاطفاً من بقية السنة الخائفين والذين لا يجدون من يدافع عنهم. علماً أن المنطقة الجديدة هي المنطقة الوحيدة التي لم تسقط في 7 أيار 2008


سؤال انطوان سعد: هذا كلام خطير يا أستاذ محمد!!

محمد سلام: طبقاً ولكن هذا هو توصيف لما جرى بالضبط. وأسوأ من هذا أنني عندما حاولت أن أتابع أداء الجيش وجدت أنه اكتفي بعزل منطقة الاشتباكات ومنع مرور المواطنين حفاظاً على سلامتهم وهذا عمل كان بإمكان أي فرقة كشافة أن تقوم به. الناس كانت متوقعة أن يكون دور للجيش اللبناني ضد كل المسلحين. وبالنسبة لأهل بيروت العاديين العزل كل من يحمل سلاحاً في العاصمة هو عصابة، وبالتالي لا يميز بين عصابة وأخرى إلا إذا دُفِع بالخوف عبر خلق بيئة حاضنة للالتصاق بعصابة جديدة تناقض العصابة الأولى، واشدد هنا على البيئة الحاضنة المهندسة التي دُفع إليها المواطن الذي كان يأمل بدور فاعل للجيش اللبناني.


انطوان سعد: وماذا كان بإمكان الجيش أن يفعله ومعروف كم هي متشابكة المعطيات والاعتبارات السياسية والأمنية والطائفية؟

محمد سلام: هذا صحيح وبالتالي اقتصر دور المؤسسة العسكرية عبر مديرية المخابرات على رعاية جمع ممثلي العصابتين للاتفاق على وقف إطلاق النار وتكريس أمر واقع مفاده أن الجيش هو المصلح ويقوم بجمع العصابتين في كل مرة يحدث أمر ما وهو نفس الدور، دور المصلح، الذي قام به الجيش في الجنوب بين ما سُمي الأهالي وقوات اليونيفيل. هذا يعنى أن الأداء الأمني قد انتفى ولم يعد موجوداً مما خلق إرباكاً في ذهن المواطن.

انطوان سعد: هل القرار السياسي متوفر لقيام الجيش بما تطالب به؟

محمد سلام: السؤال هو أكبر من ذلك لأن المطلوب من قوى 14 آذار تحديداً أن تخرج من الشيزوفرينا (الانفصام) السياسة الواقعة فيها، أي الانفصام السياسي. فهي تقول لناسها إن مشروعها السياسي هو العبور إلى الدولة وفي مواجهة الخطر تقول إنها لا تؤيد الميليشيات والدولة تدافع عن الناس. في حالات الخطر لا يجد الناس من يدافع عنهم وبالتالي يقول المواطن تريدوننا أن نعبر إلى الدولة ولكن هذه الدولة لا وجود لها وهي لا تدافع عنا كما تعدوننا.

هنا كلام المواطنين العزل وبالتالي أرى بيروت تحديداً موضوعة أمام خيار صعب جداً يستجدي رعايةً أمنيةً خارجيةً ما يضعنا على مسار اتبع في سنة 1975 إلزامياً. بمعنى أن المسيحي ألزام في الـ 75 اللجوء إلى سوريا وطلب حمايتها التي انقلبت عليه فيما بعد.

يبدو حالياً أن هناك مخططاً ما يُلزم السني طلب حماية ما تمارس عن بعد بالريموت كونترول.

يشار هنا إلى انه في الـ 86 و87 اخذوا كل من يدب ويمشي وله حيثية إلى� سوريا طالبين منها ومستجدين أن تعود إلى بيروت. حالياً لم نصل بعد إلى هذا المرحلة ولكن عدنا على إلى سيناريو الـ 75 الخيار الأول، أي طلب الحماية. في الـ 75 و76 فُرّضت ظروف القهر على المسيحيين مما اضطرهم وتجنباً لاتهامهم بالعداء للعروبة أن يذهبوا إلى عربي (سوريا) يطلبون منه الحماية، السيناريو الحالي على ما يبدو يفترض أن تُطلب الحماية من قبل السني." (انتهت المداخلة)