وثائق ويكيليكس ..بين كشف المستور وضرورات المرحلة القادمة!/ محمد الياسين


لم تاتي الوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس الأمريكي عن حقيقة جديدة ، بل انها جاءت كتوثيق لتلك الحقائق المرة التي عاشها ويعيشها العراق وشعبه منذ العام2003 سواء من ممارسات جيوش الإحتلال آو من ممارسات الحكومات الطائفية التي تسلمت السلطة في البلاد ، لكن المهم في الآمر وباعتقادي انه سيشكل طفرة نوعية وحقيقة يجب التعامل معها بقدر المسؤولية خدمتا للقضية العراقية من المنظور الوطني الرافض للإحتلال وعمليته السياسية ورموز تلك العملية الذين جربهم شعب العراق ولم يجد منهم سوى الشر ؛ فعلى الجهد الوطني في هذه المرحلة الحرجة ان يتوحد في رؤية التعامل مع هذا المتغير الجديد الذي طرئ على ساحة الأحداث دون التقليل من شأن الآمر كما يحاول البعض بالقول انها حقائق معروفة لدى العراقيين ! ، فقد القت الاحداث الكره في ملعب القوى الوطنية ، فلابد وفي خضم هذه الاحداث خلال المرحلة الراهنة ان ينصب الجهد الوطني وبقوة في مشروع وطني من خلال المحاكم الدولية المختصة لمقاضاة رموز الإدارة الأمريكية السابقة ورموز العملية السياسية والاطراف التي ذكرت في تلك الوثائق بما فيها ايران على اعتبار انها ساهمت بشكل واسع وكبير في جرائم ضد الشعب العراقي وبناءا على تلك الادلة والوثائق،حيث تمتاز بميزتين ساتطرق اليهما فيما بعد ، كما ويجب على القوى الوطنية والمنظمات الحقوقية والانسانية ان لا تفوت هذه الفرصة الثمينة .

الميزة لهذه الوثائق تكمن في انها لم تكشف في العراق فهذا الآمر يعد من المستحيلات وكذلك لم تكشف في دولة عربية فكان من المحتمل لو تم هذا الامر ان يلملم في ليلة وضحاها بسبب ما جاء في الوثائق من ادلة دامغة على جرائم الجيش الأمريكي والبريطاني في العراق فلهذه الدولتين علاقات وطيدة مع اغلب الدول العربية و تساعدها على لملمة الآمر في غضون ساعات على الرغم من كشفها حقائق هامة بقدر اهمية جرائم الامريكيين والبريطانيين ، ان لم تكن اهم من حيث الاشارة الى الدور الايراني الخبيث الرامي الى اضعاف العراق وشعبه وتقسيم البلاد وفق رؤية ايرانية الى طوائف واديان وقوميات تتناحر فيما بينها ليسهل بذلك اتمام المخطط الايراني في السيطرة على العراق بالكامل والانطلاق منه نحو دول الخليج والمنطقة العربية. فقد جاء كشف تلك الوثائق السرية من لندن احدى عواصم الاتحاد الاوربي وحليفة واشنطن في غزو واحتلال العراق لذا فان كشف وثائق عن جرائم الجيش البريطاني في العراق شكل ضجة عالمية وصدمة في الراي العام الدولي .

آما الميزة الاخرى لهذه الوثائق فهي تكمن في الاشخاص الذين كشفوا عنها فهم ليسوا عراقيين وانما اميركيون فلوا كان من كشف تلك الوثائق عراقيين لاتهموا بانهم ارهابين وضد الديمقراطية وان تلك الوثائق مزورة! مما سد الطريق على الامريكيين والبريطانيين وكذلك حكومة المالكي فيما لو حاولوا التشكيك بصحة تلك الوثائق فان كشفها من قبل امريكيين وفي لندن اعطى للقضية مصداقية اكبر مما لو كشفت من قبل جهة عراقية او حتى عربية .

ومن الجدير بالذكر الاشارة الى ان هنالك الالاف من الادلة الموثقة بمختلف اشكال التوثيق لجرائم وحالات تعذيب ارتكبتها القوات الامريكية وحكومة المالكي والميليشيات والجماعات التكفيرية التابعة لايران ضد المواطنين العراقيين بحوزة القوى الوطنية العراقية والمنظمات الحقوقية والانسانية ؛ لذا فقد اصبح من المهم ان تكشف وتضاف الى الوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس وتقدم كادلة ثبوتيه الى المحاكم الدولية المختصة بجرائم الحرب لتقديم كل من تلطخت يداه بدماء العراقيين الى المحاكم المختصة لينال جزاءه العادل.

كاتب وسياسي عراقي مستقل

الوعي الإنساني في التصور الفنومينولوجي/ زهير الخويلدي


"هذه الضرورة بالنسبة إلى الوعي في أن يوجد من حيث هو وعيا بشيء آخر غير ذاته يسميها هوسرل قصدية."[1]

لقد ادخل البحث في مطلب الوعي منذ الوهلة الأولى التساؤل عن ماهية الإنسان إلى صميم التفكير الفلسفي ولقد أيد المعنى الايتيمولوجي هذا الربط بين المعرفة والأخلاق وحازت ملكة الوعي على لقب الضمير.

غير أن الجديد الفلسفي عند ديكارت بالمقارنة مع السابقين هو المعنى البسيكولوجي الذي أعطاه للوعي وذلك بالانتقال من تعريف الإنسان بكونه جوهر ميتافيزيقي وحيوان ناطق يخضع إلى نواميس الكون عند الإغريق والعرب والرومان إلى التعامل معه على أنه ذات عارفة وأنا مفكر وثنائية تتصل فيها النفس بالجسم ولكن النفس تحدد وفق ثلاثة معان:

- النفس هي مبدأ حيوي يغذي ويوجه الجسم.

- النفس موجود روحي متميز عن الجسم وغير فان ويجعل من الإنسان كائنا دينيا وأخلاقيا.

- النفس هي جوهر كل طبيعته أو ماهيته تقوم على الفكر.

على النحو يعرف ديكارت الذات بالاعتماد على الوعي والكوجيتو وإذا كان الوعي هو الإدراك الذاتي والمعرفة التي يتقاسمها المرء مع غيره وينقسم إلى وعي مباشر يرافق كل واحد منا في حركاته وأفكاره ووعي منعكس على ذاته يطرح نفسه في علاقة مع موضوعه سواء كان وعيا بالذات أو وعيا بالعالم الخارجي ووعي أخلاقي وهو ملكة خاصة بالحكم على القيمة الأخلاقية للأفعال بطريقة عفوية فإن الذات تتمثل في الكائن الذي نتكلم عنه بالتعارض مع الصفة التي تحمل عليه أيضا تتحدد في الكائن الذي يكون مبدءا لأفعاله وعارفا أفكاره التي يعرفها بالتعارض مع الموضوع المعرف. غير أن الأهم هاهنا هو اعتبار الكوجيتو جوهر الذات ويقين أول ومبدأ الفلسفة ويربط بين التفكير الشخصي والوجود الذاتي بحيث ينقطع التواجد إذا كف المرء عن الحضور في الذات عن طريق الوعي ويترك المجال لتدخل فرضية ميتافيزيقية حافظة هي فكرة الإله الضامن المتعارضة مع فرضية الشيطان الماكر التي هي مصدر الشك والتضليل.

لكن هل يمكن أن نعرف الإنسان بواسطة الوعي؟ أو هل يكفي الكوجيتو لوحده لتحديد جوهرية الذات؟

إن طرح واقعية الجوهر المفكر قد مكن ديكارت من إثبات سيادة الفكر على مجموع انتاجاته ومن المماهاة بين الفكر والوعي وبين الشك والتحرر وبين الأنا والذات وان المبتغى الذي تحقق هو أن هذا الوعي الديكارتي قد جعل من الإنسان ذاتا منطوية على ذاتها ومشاهد خارج الأشياء ينظر إليها من موقع متعال.

يعلق سارتر على فكرة الكوجيتو الديكارتي:"إن كل ما يتصور خارجا عن هذه الحقيقة الأولية، حقيقة أنا أفكر أنا موجود يقع في عالم امكانيات لا يتصل بالواقع والحقيقة وهو لذلك يذوب في العدم. إننا لا نستطيع أن نحدد الممكن إلا إذا تملكنا الحقيقي الواقعي إذن فمن شروط إيجاد حقيقة ما يجب أن نعتمد حقيقة مطلقة، وهذه الحقيقة بسيطة للغاية: هذه الحقيقة هي في متناول الجميع وهي لا تعني أكثر من أن علينا أن نعي أنفسنا بأنفسنا وبدون أية واسطة كانت"[2].

ان اللافت النظر هو أن الكوجيتو الديكارتي تعرض إلى قراءات متنوعة ومراجعات عديدة من كل الاتجاهات تقريبا سواء كانت تجريبية مثل هوبز وهيوم ولوك و أو مثالية مثل باركلي وفيخته وشيلينغ وهيجل أو نقدية مثل كانط وماركس ونيتشه أو علمية مثل فرويد ولاكان وكلود ليفي ستروس ولكن أهم المنهجيات المعاصرة التي اشتغلت عن كثب على هذا المبدأ هي المدرسة الفنومينولوجية من خلال منهج الوصف والتمعين والتفسير والتأويل والفهم وهي اجراءات متفرقة قام بها هوسرل وسارتر ومارلوبونتي وريكور.

لقد تفطنت الفنومينولوجيا في البداية الى وجود وعي قبل تفكيري هو الذات من حيث هي موجودة في العالم وتحوز على وعي يحضر في العالم وتلقي به نحو الأشياء من أجل إعطائها دلالة وجودية. كما انتبه إلى خضوع الوعي إلى جملة من الشروط الموضوعية عند ظهوره ويرافق عادة ظاهرة الحياة عندما تبلغ درجة عليا من النمو والتعقيد وتحوز على ملكة إحساس ناضجة وتخيل واسع وتذكر عميق ويعكس ثراء البنية العلائقية التي تربط الكائن الفردي بالأسرة والجماعة والطبقة والمجتمع والتاريخ والمطلق اللامتناهي. فهل يمكن أن نفسر الذات تفسيرا متكاملا بواسطة الوعي؟ ولماذا نقوم برسم حد فاصل بين الوعي وموضوعه؟ وألا ينبغي أن نعود إلى الإنسان كما هو موجود العالم قبل كل معرفة مسبقة؟

على هذا" لا يتوانى هوسرل في التأكيد بأننا لا نستطيع إذابة الأشياء في الوعي...إن الوعي يتطهر وهو واضح مثل ريح قوي ولا يوجد شيء فيه سوى حركة هروب منه وانزياح من ذاته."[3]

من هذا المنطلق يكشف مارلوبونتي عن وجود ثلاثة معان للوعي:

1- معنى نفساني ويتمثل في إدراكي لذاتي ككائن مفكر وهي تجربة فورية ويقين مباشر لا يمكنني أن أشك فيه يمنحني الوجود ما دمت أفكر. وهذه الحقيقة الأولى المفهومة تظل هي الحقيقة الوحيدة أو لا تستطيع أن تصاغ كحقيقة ولذلك فهي تختمر في اللحظة ويقع التثبت منها بصمت.

2- معنى مثالي لا يقتصر على فعل التفكير وإنما يتعدى ذلك إلى المواضيع التي يقصدها هذا الفكر وهنا تحصل بداهة ليس فقط بالوجود الخاص بل وأيضا بالأشياء التي يفكر فيها أو على الأقل كما يتمثلها وهنا يكون الكوجيتو هذه البداهة المثالية حيث تكون الذات شفافة تماما بالنسبة إلى ذاتها.

3- معنى واقعي ثابت هو حركة الشك التي تضع بين قوسين كل المواضيع التي تطالها التجربة الإنسانية وتعي ذاتها كتجربة واقعية قائمة الذات ولا يمكن أن تضع ذاتها في موضع شك. إن اليقين الذي تكون الذات عن ذاتها هو إدراك واقعي وعلى الحقيقة.

"ان الكوجيتو هو الحصول على الوعي بهذه الباطنية. لكن كل دلالة هي من هنا مدركة بذاتها بوصفها حركة فكر وبوصفها عملية للأنا المجرد."[4] ألا تمثل هذه الباطنية نوع من الأنانة أو الأناوحدية؟ وكيف السبيل للخروج من الانفصال عن العالم والتعالي عن الجسم الذي يسم الوعي الديكارتي؟

غني عن البيان حسب مارلوبنتي"أن الفكر معطى إلى ذاته وقد قذف بي بشكل ما في الفكر وأدرك ذاتي بذلك. وبهذا العنوان أنا متيقن من أني أفكر في هذا أو ذاك في نفس الوقت الذي أفكر فحسب."[5]

يتمثل التصور الفنومينولوجي للوعي في إشباع العقل في مقابل كثافة المادة وإعادة الاعتبار إلى سمو الشخص بالنظر إلى الفكر بكونه ملقى به في العالم وفي مواجهة الأشياء وهو فكر متحرك نحو جملة من المقاصد وملتزم بجملة بالمهام ولذلك يمكن الخروج من الوعي النفساني والبحث عن كوجيتو كوني خاصة وأن الوعي ليس حدثا متكونا وإنما هو فكر يتحرك ولا يقدر على بلوغ حقيقته المثالية وبالتالي لا يستطيع في كل عملية تفكير أن يقدم جميع شروط تحققه ولذلك يفضل أن يكون الأفق لكل عملياته فحسب. ان"القصدية التي نحن هنا بصددها ليست قصدية وجدان ترنسندنتالي، إنها قصدية حياة كما يقول هوسرل قصدية شخص غائص في أعماق العالم الأصلي لذلك يبحث مرلوبونتي عن مصدرها في الجسد ذاته"[6].

من هذا المنطلق إن الوعي الفنومينولوجي هو وعي قصدي يتجاوز فراغ المحتوى وحالة الانثناء على الذات ويهم بالخروج نحو عالم الأشياء دون مبارحة عالم الذات وذلك بأن يكون لحركة الوعي وجهة ومشروع تنجزه. بين إذن أن "الوجود - يقول هايدغر- هو الوجود في العالم، وافهموا هذا الوجود في العالم بمعنى الحركة. إن الوجود هو الانفجار في العالم ، انه الانطلاق من عدم العالم والوعي من أجل الانفجار فجأة وعيا في العالم."[7]

لكن كيف ينظم الوعي عملياته التفكيرية؟ وما الفرق بين الذات الواعية والموضوعات التي تظهر على سطح الوعي؟ وكيف يستطيع المرء أن يرى في ذاته العالم الخارجي وهو ليس له وعيا واضحا بذاته؟ وكيف يستطيع أن يرى ما يحدث داخل ذاته وهو ليس له وعيا واضحا بالعالم الخارجي؟

إن العمل المميز للوعي يتمثل في حفظ الماضي عبر الذاكرة والانتباه إلى الحاضر عبر التعقل والفطنة وتوقع المستقبل المداهم عبر الافتراض والتخيل ولذلك يفترض الوعي قدرة الذات على رؤية ذاتها بل أكثر من ذلك بعبارة الضمير المتكلم: إني أريد أن أرى أني أرى وذلك لكون الوعي هو القدرة على الترائي والرجوع إلى الذات تماما مثلما يحدث في العملية البصرية لاسيما وأن عمل الوعي ينقسم بين التصور والنظر ويكون إذن أساس الحرية والمعنى ،وفي اختبار الوعي يدرك المرء عمله وكأنه معروض أمامه في خزانة من البلور المضاءة ويتكلم عنه ويصدر بشأنه قرارا نفيا أو إثباتا.

إن الوعي هو بالأساس استعداد المرء للانخراط في تجربة التفكير والنظر عبر المفاهيم والتمثلات نحو العالم والالتزام النقدي بالبحث عن الحقيقة والمعرفة ، وفي الوقت الذي يفكر فيه في المواضيع الخارجية لا ينفك يفكر في نفسه ولا يستطيع ألا يدرك ذاته وعندما يفكر في نفسه لا يمسك نفسه عن النظر في حقائق العالم الذي يندرج ضمنه ويضفي عليه المعنى. وكما يقول مارلوبونتي:"انه داخل ذواتنا نعثر على وحدة الفنومينولوجيا ومعناه الحقيقي...وان الأمر يتعلق بالوصف وليس بالتفسير ولا بالتحليل...وان العودة إلى الأشياء ذاتها يعني العودة إلى هذا العالم قبل المعرفة حيث تتكلم المعرفة دائما عنه."[8]

في النهاية يمكن طرح بعض الاعتراضات مثل :هل يمكن أن يعكس الوعي الذاتي الفردي وعي المجموعة الثقافية التي ينتمي إليها؟ ماذا لو كان شعور المرء بأنه واع مجرد أضغاث أحلام وشعور زائف؟ ألا يمكن التمييز بين الوعي المباشر والوعي المنظور الذي يعطي المرء اليقين إلا بتفعيل التفكير؟ وهل اللاوعي هو عدم القدرة التي عند المرء في تذكر الماضي وصعوبة الانتباه إلى الواقع الحاضر والخطأ في توقع المستقبل؟ وهل يؤدي ذلك إلى استحالة وجود كوجيتو كوني ووعي كلي؟

المراجع:

جان بول سارتر، الوجودية مذهب إنساني، ترجمة كمال الحاج، منشورات مكتبة الحياة، بيروت، 1983.
جان فرنسوا ليوتار، الظاهرتية، ترجمة خليل الجر، سلسلة ماذا أعرف 43، المنشورات العربية.
Jean – Paul Sartre, situations1, Gallimard, 1947.

M. Merleau-Ponty, phénoménologie de la perception, éditions Gallimard, paris, 1945.

M. Merleau-Ponty, le primat de la perception et ses conséquences philosophiques, Bulletin de la société française de philosophie, Armand Colin (oct- dec.1947).

[1] Jean – Paul Sartre, situations1, Gallimard, 1947, p.33.

[2] جان بول سارتر، الوجودية مذهب إنساني، ترجمة كمال الحاج، منشورات مكتبة الحياة، بيروت، 1983.ص.ص.70-71.

[3] Jean – Paul Sartre, situations1, Gallimard, 1947, p.32

[4] M. Merleau-Ponty, phénoménologie de la perception, éditions Gallimard, paris, 1945,p.172.

[5] M. Merleau-Ponty, le primat de la perception et ses conséquences philosophiques, Bulletin de la société française de philosophie, Armand Colin (oct- dec.1947),p.p.129-130.

[6] جان فرنسوا ليوتار، الظاهرتية، ترجمة خليل الجر، سلسلة ماذا أعرف 43، المنشورات العربية، ص.57.

[7] Jean – Paul Sartre, situations1, Gallimard, 1947, p.33.

[8] M. Merleau-Ponty, phénoménologie de la perception, avant propos II- III.

هل مصر فرعونية ام عربية ؟ (4)/ لطيف شاكر

يسأل البعض عن علاقة اللغة المصرية الحديثة باللغة العربية والذي يجهل هذه العلاقة يرفض الاعتراف باللغة المصرية بل ويهاجمها بضراوة معتبرا ان هذا من باب الغلو للغة المصرية ,واود في هذه المقالة ان نوضح العلاقة القوية والرابطة المتينة لتطور اللغة المصرية القديمة الي اللغة التي نتكلمها الان ,ويعتبرها البعض انها عربية او عامية الفصحي ,وكما وضحت في مقالات سابقة عن ان اللغة تتمثل في: تركيب ونحو وصرف اللغة , وقد اثبتنا بطريقة تخلو من الشك وتبعد عن الجدل ارتباط لغتنا الحالية بالقبطية او المصرية القديمة من هذه النواحي بما فيها ايضا الفونميات اي الصوتيات , وبالرغم من ان الكلمات لاتصنع لغة لكن في هذا المقال سوف اوضح كثير من الكلمات المصرية التي شكلت اللغة الحالية ,اضافة الي تركيب وصرف اللغة القبطية في اللغة المصريةالحديثة التي نتكلمها .

ويقول الاستاذ الراحل جمال حمدان الباحث في شخصية مصر : لكن الثابت المحقق أن اللغة المصرية القديمة‏,‏ الحامية تصنيفا‏,‏ تشترك في أكثر من عشرة آلاف كلمة مصرية مع اللغة العربية‏!‏

وفي الحقيقة وقفت حائرا امام الكلمات القبطية التي اردت توضيحها للقارئ والتي اندمجت في اللغة الدارجة الان, لكثرة عددها وبين يدي كلمات لاحصر لها ولا استطيع ان ذكرها في مقال واحد او عشرات المقالات, وسنذكر القليل منها علي سبيل المثال ومن يريد التوسع في المعرفة , ارجو الرجوع الي موسوعة من تراث القبط المجلد السادس ومؤلفات الدكتور جورجي صبحي ودكتور احمد كمال وقاموس الكلمات العامية المصرية ذات الأصل القبطي ومؤلفات دكتور اميل ماهر بعدة لغات .... وغيرهم من الكتب التي تتكلم عن القبطيات ومفرداتها.. وايضا يمكن تداركها بسهولة من عدة مواقع بالانترنت تحت عنوان اللغة القبطية .

واللغة القبطية الان لها مراكز علمية وابحاث و اقسام وكراسي في اغلب جامعات العالم المتقدمة باسم كوبتولوجي (علم القبطيات) و لاخراج ذرات التراب من العيون, اضطرت الي كتابة بعض الكلمات الشائعة التي نستخدمها الآن طوال اليوم في كل شئون حياتنا , دون ان نعرف مصدرها ومن اين اتت , وبالرغم من ذلك فانها كلمات تتوارثها الاجيال منذ ان اصبحت مصر أول واعظم حضارة علي مر العصور .

ودعونا نغوص معا فى بحور الكلمات القبطية , كلمات لها تاريخ, تاريخ يرجع لخمسه الاف عام .
فاللغة المصرية القديمة لم تندثر تماما - بل انها باقية الى يومنا هذا , بل لااكون مغاليا ان اللغة القبطية المصرية بدأ يدب فيها الحياة مرة ثانية بعد ان طال غيابها المؤقت تحت نير مستعمر جاهل احمق. وبدأت تنتشر بسرعة ملحوظة ليس في اوساط الاقباط فحسب بل بين كثير من المسلمين المصريين العقلاء الملتحقين بمعاهد اللغة القبطية ,اضافة الي العدد المهول من الاجانب من جميع الجنسيات واصبح للغة القبطية مكانة متميزة في اغلب جامعات العالم ومراكز اللغات القديمة ,خاصة بعد اكتشاف مكتبة نجع حمادي والكتب والمخطوطات والبرديات القبطية .
ان مئات الجمل والالفاظ لاتزال مستعملة كل يوم فى اللغة العامية للمصريين .. فما يكاد المولود يرى النور حتى يسمع امه تخاطبه بلغة غريبة عنه ولكنها فى الوقت نفسه اقرب ماتكون الى حسه وفهمه ..
فهو اذا جاع - تقوم امه باحضار الطعام له وتقول له ( مم ) بمعنى ان ياكل
واذا عطش - احضرت له الماء وقالت له ( امبو ) بمعنى ( اشرب) .
ان اصل كلمة ( مم ) مأخوذ من اللغة القبطيه القديمة )موط ) والهيروغليفية ( اونم ) بمعنى كل - ( وامبو ) ماخوذة من كلمة ( امنموا ) القبطية بمعنى اشرب ..
اما اذا ارادت الام ان تنهر طفلها تقول له ( كخة ) وهذه الكلمة قديمة ومعناها القذارة ..
واذا ارادت ان تعلمه المشى قالت له ( تاتا خطى العتبة ) وتاتا فى الهيروغليفية معناها ) امشى) .
اما اذا ارادت الام تخويف ابنها فانها تقول له ( هجيبلك البعبع) والماخوذ من القبطية ( بوبو ) وهو اسم عفريت مصرى مستخدم فى تخويف الاطفال .
وفى موسم الشتاء يهلل الاطفال لنزول المطر بقولهم ( يامطرة رخى - رخى ( وأصل كلمة ( رخى ) فى العامية المصرية هو ( رخ ) فى الهيروغليفية معناها ( نزل) .
وسيدهش المصريون هنا - اذا ماعلموا ان اصل كلمة ( مدمس ) ومعناها الفول المستوى فى الفرن بواسطة دفنه او طمره فى التراب والتى تشير الى اكثر الوجبات الشعبية لدى المصريين وهو كلمة ( متمس ) الهيروغليفية - اى انضاج الفول بواسطة دفنه فى التراب
ومن الاكلات الشعبية ايضا التى اكتسبت اسمها من المصرية القديمة اكلة ( البيصارة ) واسمها القديم ( بيصورو ) ومعناها الفول المطبوخ .
ثم هناك المصطلحات الشعبية الدارجة مثل كلمة ( شبشب ) ( الخف ) والتى اصلها قبطية ( سب سويب ) ومعناها مقياس القدم .
وفى الحر يقول المصريون ( الدنيا بقت صهد ) وصهد كلمة قبطية تعنى نار .
كلمة واح والتى صارت واحة بالعربية,معناها جزيرة العرب,
وكلمة نونو وهي الوليد الصغير,وكلمة كحكح وتعنى العجوز,
وكلمة طنش معناها لم يستجب,....وغيرها كثير -- بطط اى دهس

هذا بخلاف كلمات كثيرة جدا وعبارات عديدة من اللغة العامية والدارجة تتبع النطق وما ذكرناه هو أن القبطية لا مثيل لها فى اللغة العربية فى شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج والدول العربية الأخرى وماذكرناه هو علي سبيل المثال فقط وليس الحصر .

ويقول عالم القبطيات د.اميل ماهر (القس شنودة ماهر حاليا) ان بعدما توقف استخدام اللغة القبطية كلغة تخاطب فى الحياة اليومية في القرون المتوسطة بقيت مفردات وتراكيب قبطية كثيرة مستعملة فى لهجة مصر العربية العامية. وقد اجريت دراسات علمية حولها ، ذكرنا أهمها فى كثير من المراجع، ومنها رسالة الكتوراة التى تقدم بها كاتب هذا المقال (د.اميل ماهر)إلى جامعة أكسفورد سنة 1975م.

وفى حدود المساحة المحددة لهذا المقال نقدم هنا أمثلة مختارة لبعض المفردات الواضحة وننبه إلى أن معظم المفردات القبطية التى نوردها ارجعناها الي أصولها الهيروغليفية والديموطيقية التى لم نستطع ذكرها هنا لضيق المساحة ,مع ملاحظة أننا نكتب الفعل العربى فى صورته فى الزمن الماضى كما فى القواميس، ولكننا فى احيان كثيرة نفضل كتابته بصورته فى الزمن الحاضر تمييزا له عن الإسم . كما ان أداة التعريف فى القبطية تختلف من المذكر المفرد عن المؤنث المفرد . وعالجنا المفردات تحت الأقسام التالية:

مفردات زراعية: وتتضمن..الفيضان والسدود و القنوات.الأراضى والشون

.تجهيز الأرض الزرع و الحصاد.: أغانى العمل. الادوات. المحراث الات الرى .

النباتات الطيور و الحيوانات .والاسماك والحشرات

الجسم ..ويتضمن.. أجزاء الجسم .إفرازات الجسم. الامراض و الاورام.

الأبنية و ما يتعلق بها..

الأطفال.. ويتضمن..كلمات اللعب. كلمات أخرى تتعلق بالأطفال. الملابس.

مصطلحات كنائسية وروحية .

النار والمصابيح والأفران الأوانى والأوعية.

الطعام والشراب. أصوات التعجب وصرخات النداء.

المكاييل والاكياس والسلال مصطلحات بحرية.

جماعات الناس و نوعياتهم.

الكلام والمخادعة والضوضاء. العصى والأدوات

مصطلحات أخرى.(انظر المراجع المذكورة بالمقال والانترنت)

وتحت كل قسم من هذه الأقسام عدد لا يحصي من الكلمات القبطية التى نستخدمها . و تفصيلها يحتاج الى مجلدات لايمكن حصرها.و اكتفينا برؤوس المواضيع فقط و للمزيد يمكن الرجوع الى موسوعة من تراث القبط المجلد السادس تأليف د. سمير فوزي جرجس وبها ايضاح كامل عن كثير جدا من الكلمات المستخدمة فى لغتنا وأصلها يرجع الى اللغة القبطية ونحن نتكلمها ونظنها عربية ..

يقول الراحل الاستاذ بيومي قنديل : لماذا يميل المصريين في لغتهم المصرية الحديثة الي وضع اداة الاستفهام في آخر السؤال ؟ وذلك عكس اللغة العربية الفصحي :رايح فين؟ جاي من اين؟ عامل ايه؟ اسمك ايه؟ في مقابل الي اين ذاهب؟ من اين قادم؟ ماذا تفعل؟ مااسمك؟ علي التوالي.

ويسأل لماذا يضع المصريون في لغتهم اسم الاشارة بعد الاسم المشار اليه علي نحو الولد دا..البنت دي...البنات دول بدلا من هذا الولد ..هذه البنت ..هؤلاء البنات علي التوالي. وغني عن القول ان عبارة :دا ولد لاتضم اسم اشارة بل ضمير اشارة. وهل يمكن ارجاع الكلمات دا..دي..دول ..الي اصل عربي طبعا لايمكن وهنا نؤكد ماسبق ذكره ان الفيصل في اللغة هي البنية Structure وليس الطوب الذي يعلو عليه.

واخيرا يقول لماذا تشكل الاصوات البين اسنانية الثلاث "ث , ذ ,ظ " مناطق صعبة النطق بالنسبة للتلميذ المصري في حين ان اللغة لابد ان تكون لينة حتي يمكن نطقها بسهولة بالنسبة للصغار هل تعتبر لغته القومية . وهل نعتبر اللغة القبطية كما يدعي البعض لغة عصافير او همهمة او ليست لغة!!!!

قيادات لبنانية تأخر عنها الطوفان والحريق/ الياس بجاني

متى 13/13-14: "مهما سمعتم لا تفهمون، ومهما نظرتم لا تبصرون. لأن هذا الشعب تحجر قلبه، فسدوا آذانهم وأغمضوا عيونهم، لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويتوبوا فأشفيهم".
تعلمنا الأساطير والكتب المقدسة إنه إذا عمّ الفساد في مجتمع ما فالألهة تعاقبه إما بالطوفان أو بالحرق والسلي مصطفية من أفراده نُخب الأبرار فقط، تماما كما جاء في أسفار الأنبياء نوح ولوط والياس وغيرهم الكثير، وقد ربط هوميروس وأيضاً أفلاطون أسباب دمار وغرق قارة أطلنطيا إلى الفساد الذي دبّ في كيان مجتمعها المتطور آنذاك ففتح البحر شدقيه وابتلعها.
ترى لماذا تأخر الطوفان والحريق عن إراحتنا من قادة وسياسيين لبنانيين حضورهم غياب وغيابهم نعمة، تفوقوا بمرات على شعوب سادوم وعامورة في كفرهم وفسادهم وفسقهم؟
ترى لماذا تترك الألهة شعبنا ووطننا ومصيرنا في أيدي وأشداق زمرة من الأوباش والأقزام الأنجاس الذين يسوِّقون للفساد والإفساد ويبشرون بالهزيمة والعبودية وقد أوصلوا وطننا إلى أتون الذمية وأدراك التقية وسجنوه في قراني التهميش والنسيان.
تأخر العقاب السماوي عنهم وطال، وقد أينعت رقابهم ورؤوسهم للسلي في نار جهنم. (رومية-12-19: "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل دعوا هذا لغضب الله. فالكتاب يقول: لي الانتقام، يقول الرب، وأنا الذي يجازي). نستعجل ساعة العقاب التي لا محالة أنها آتية حيث العقاب على عمى بصر وبصيرة، وجشع ودناءة نفوس، وخور رجاء، وقلة إيمان، وحربائية ونرجسية، وتهور وحماوة رؤوس.
لقد قدس الأوباش والمارقين القتل والسرقات والغزوات وشريعة الغاب والدمار والإرهاب وأقاموا لمقترفيهم الاحتفالات والاستعراضات والمهرجانات وشربوا نخب ظفرهم الذي ألبسوه كفراً الحلة الإلهية. سرقوا ونهبوا وجاروا وظلموا وتجبروا واستكبروا وتطاولوا على الأشراف وحللوا المحرمات وتنعموا بأموال الحرام ممنين النفس بكرسي رئاسة مُخلع ومفكك وبموقع لم يبق منه بسبب غباوتهم وقصر نظرهم وجنونهم وجنوحهم ومركبات حقدهم سوى المسمى ليس إلا.
تطاولت الطبقة السياسية على القيم والأخلاق ونحرت مبادئ الإيمان، وتخلت عن الحقوق والواجبات، وانقلبت على الثوابت، وتخاذلت في الدفاع عن الكيان، وتنازلت عن المكتسبات، ونقضت كل الوعود والعهود. دمرت وباعت كل شيء حتى أرضنا المروية بدم وعرق وتضحيات الشهداء الأبرار. عشعشت الأبالسة في القلوب وسكن الشر في العقول وتلوثت الأيدي بدم الأبرياء فتراقصت وقهقهت في وطننا عفاريت الذمية والتقية وتفشت بين أهلنا عاهات الخنوع والانحطاط والابتذال.
إن حضارات ومجتمعات كثيرة في الأزمنة الحاضرة والماضية جاء دمارها واندثارها بنتيجة سكوت أفرادها على فساد وإفساد وكفر وأنانية وجنون ممسكي زمام مصيرها وحكامها والرعاة، فهل يرضى الشعب اللبناني بهذا الحال المحال بانتظار الطوفان والحريق، أم سيثور أولاً على ذاته ومن ثم على جلاديه ساعياً للخلاص والانعتاق والرجوع إلى بيادر العزة والكرامة والفضائل وهي أقرب إليه من حبل الوريد ؟
إنساننا اللبناني على مفترق طرق والقرار له وحده فهو مقهور بلقمة عيشة وحريته وكرامته، وساكت على الظلم دون اعتراض، وراضي بالتبعية والولاء الغنميين لقيادات وأحزاب وسياسيين مغربين عن أمانيه وتطلعاته وأوجاعه. إن القرار قراره فإما الاستمرار باللامبالاة والسكوت على لسع أفاعي المحن والفقر والذل والاستسلام صاغراً لنهش كلاب التسلط والغطرسة والعيش بذل مع عبث عفاريت الفساد والتخلي، أو الانتفاض لكرامته وقلب الطاولة على كل الطبقة السياسة وإنتاج بدائل صادقة ومؤمنة تشبهه بفكرها وتطلعاتها ولديها الكفاءة والمعرفة لقيادة دفة سفينة الوطن إلى بحر الأمان.
إن أطقم السياسيين والأحزاب والمسؤولين اللبنانيين بأغلبيتهم مغربين عن ناسهم وأموات في ضمائرهم والوجدان وليسوا على مستوى المسؤوليات ولا قادرين ولا راغبين في تولي قيادة دفة السفينة إلى مرافئ السيادة والحرية والاستقلال. إن خلاص وطن الأرز يتطلب وجود رعاة صالحين يكون همهم الأول إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حلول الدمار الأخير.
إن الحصاد الوطني كثير والغلال وافرة غير أن القادة الشرفاء قليلون والزمن نخره سوس وعث المحل، ويبقى أن المطلوب من الشعب أن يلفظ كل قيادي ونافذ وراع منحرف يتاجر بدمه ولقمة عيشه ولا يعمل من أجل الاستقلال والسيادة والحريات.
نستعجل ساعة العقاب التي لا بد أنها آتية لا محالة لتُخلصنا من كفر ورجس قادة أبالسة ارتهنوا لمخططات محور الشر ويعملون على تدمير وطننا الحبيب والقضاء على هويته وحضارته وتاريخه ورسالته.
يا أبالسة الإرهاب والسياسة في لبنان عودوا عن غيكم وكفركم والجحود وطهروا قلوبكم واحزنوا على بؤسكم ونوحوا وابكوا وتوبوا واستغفروا ربكم قبل ساعة الحساب حيث البكاء وصريف الأسنان.

المصالحة الفلسطينية بداية خاطئة ومستقبل غامض/ سامي الأخرس

كعادتها القوى الفلسطينية كل عام تُبدِع في حشد الجماهير بمهرجانات انطلاقتها كما فعلت حركة الجهاد الإسلامي بالأمس، وكما أتوقع أن تفعل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الشهر القادم، وعلى ثقة كاملة بأن الجبهة الشعبية ستبهر الرأي العام بمهرجانها القادم لما تمارسه على الأرض من سياسة واضحة تحاكي الهم الجماهيري، وبتحركات ثابتة ستثبتها الأيام القادمة، وهو ما يدفعني للتساؤل بشكل علني، إن كانت هذه القدرات الفصائلية تؤهلها لهذا الفعل الجماهيري، فلماذا لا تستغله في الحشد السلمي للجماهير للوقوف أمام الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني؟
لأن سؤالي قديم وتقليدي، فإنه لن يجد صدى لطوباويته من وجهة نظر الفصائل التي لا تريد الأخذ على عاتقها استنهاض الجماهير لأسباب داخلية لديها، وهو ما يؤكد معالم الصراع الداخلي الفلسطيني – الفلسطيني الذي استند في جميع مراحله على القاعدة العامة( صراع- وحدة- صراع) ولكنه في هذه المرحلة يستند على قاعدة مستحدثة من قانون وشعار مستبدل" بدل من سنصلي في القدس" " صلينا في موقع السرايا بغزة"، وهو لغة الفتح والحسم المعلنة بمرحلة الصراعات غير الخلاقة، على هدى ورشد " الفوضى غير الخلاقة" التي أطلقتها سوداء الوجه والقلب (رايس) في الشرق الأوسط، فأصبحت قاعدتنا الأساسية (صراع – صراع – صراع) بما أن فلسطين تحررت وفق قناعات البعض، وغزة أصبحت مطهرة حرة، والضفة في الطريق، بل تداهمنا لغة الاعتراف بيهودية الدولة لكي نقتلع ما تبقي من أهلنا بفلسطين الداخل، ونقدم لإسرائيل هدية أخرى من هدايانا المجانية، وهي رقاب وأجساد أبناء فلسطين الداخل الأطهر من هؤلاء كلهم، وهو ما يعبر عن استحداث سياسي عبر عن ذاته، بوجهة نظري، من خلال التشخيص السليم والواقعي الذي قدمه الدكتور محمود الزهار قبل عدة أيام في مطلع حديثة عن المصالحة، معبرًا عن أول الخطوات الضرورية بتشكيل لجنة مصالحة اجتماعية، تأخذ على عاتقها بداية إنهاء الانقسام في النسيج الاجتماعي الفلسطيني الذي خلفه الانقسام ومظاهرة من عمليات" إعدام، قتل، إعاقة، هدم...إلخ" وربما لأول مرة يقوم مسؤول فلسطيني بتشخيص الحالة تشخيص واعِ وبمنطق سليم، دون استخدام الدبلوماسية السياسية التي يباغتنا بها الساسة الفلسطينيون، وأخرها البدعة اللطيفة التي قدمها الأخ عزام الأحمد الذي نفي وجود اليسار الفلسطيني كليًا، وهو مدلول واقعي للحالة النفسية التي تتوافق عليها أطراف الصراع الفلسطيني – الفلسطيني، ففتح التي تخوض في غفلة عن ذاتها الوطنية مفاوضات خاسرة بكل مدلولاتها، وتحاول العبث بعواطف جماهير شعبنا ببعض التصريحات الهيلامية عن الدولة وتقرير المصير، والتي لا تنم عن شيء سوى عن حالة استغباء للعقول، وللضمير، وكذلك الطرف الأخر من الصراع الذي لا يريد بأي حال مصالحة فهو يعيش في مملكته التي تدر عليه الغنائم والمغانم دون شريك، أو سائل ومسؤول، وعليه فحديثهم عن المصالحة ولقاءاتهم تبدأ من الذيل وتبعد عن الرأس، وهو ما عبر عنه بكل شفافية الدكتور محمود الزهار، الذي أدرك من اين تبدأ المصالحة، وأدرك طبيعة المجتمع الفلسطيني وتركيبته الاجتماعية، التي تـألف من عشائرية، لو تم تجاوزها وغض الطرف عنها لن تكون غزة أفضل بأي حال من الأحوال من المشهد الطائفي في العراق حاليًا، أو من الحرب الأهلية اللبنانية السابقة التي غذتها روح الطائفية، وهو ما يتطلب أن تترفع قوى الانقسام، وجهابذة البذخ والفساد السياسي الفلسطيني عن تعاليهم ونزقهم الشخصي، والنظر للشعب الفلسطيني الذي يطحن أمام شهواتهم السلطوية تارة، وفسادهم السياسي تارة أخرى.
فالمجتمع الفلسطيني شهد مذبحة قاسية بنسيجه الاجتماعي، تتطلب منا الوقوف أمام تفصيلياتها بضعًا من الوقت وبمسؤولية وطنية، لكي لا نغرق في تبعاتها مستقبلًا، فالأهم أن نعالجها بجذرية ومنطقية وعدالة، من خلال البدء بعملية تصالح ومصالحة اجتماعية تستند على أسس ومرتكزات اجتماعية تقودها فئات وشرائح المجتمع من ممثلين عن " الأحزاب والفصائل السياسية، منظمات المجتمع المدني، المستقلين، وجهاء وممثلي العائلات" ووضع الترتيبات القانونية والاجتماعية المستندة على العرف الاجتماعي والدين والسياسية، كبداية فعلية لإعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي الممزق، والذي يعيش حالة من التربص كلًا للآخر، بعيدًا عن خطابات ومهرجانات الساسة، ونفاق وخداع خطباء صلاة الجمعة، ودجلهم الديني، وعن شعارات الزيف التي تطلق هنا وهناك من البوم الأسود الذي تكتسي به سماء فلسطين بثوب القادة.
لقد لمس الدكتور محمود الزهار الجزء الأهم من المصالحة الفعلية، ووضع النقاط فوق الحروف، متجاوزًا ضلالة من يبيعون الهوى للشعب الفلسطيني.
لن يكتب لأي مساعِ بالنجاح دون البدء من رأس العملية التصالحية الفعلية ألا وهي الشعب الفلسطيني ونسيجه الاجتماعي، فليستحي هؤلاء الأفاقون بثوب الساسة، وينصروا شعبهم.

ليس مختلفاً/ محمد طعيمة


"اشتغلوا.. وما حدش ح يتعرض لكو"، أمر السادات قيادات الإخوان. "لم تكن هناك صفقة كما أشاع خصوم الحركة"، يقول عبدالمنعم أبوالفتوح في كتابه (شاهد علي تاريخ الحركة الإسلامية).
السادات حدّد بوصلته الحقيقية: 99% من أوراق اللعبة أمريكية، ويُريد داعمًا داخليًا لتحوله، فاقترح محمد عثمان إسماعيل "إطلاق الإخوان على".. التيارات الوطنية بالجامعة وبالتبعية في الفضاء السياسي العام. تم الاتفاق، المشكلة أنه لم يكن للإخوان كوادر مؤثرة بالجامعة.. فكان "الاستجلاب" من فصيل ليس بعيدًا عنهم.
في بنية جماعة البنّا لا تصل لدرجة "الأخ" قبل أن تمر بتراتبية المُحب ثم المؤيد ثم المنتسب.. إلخ، قفز المُستجلبون إلى "الأخ" مباشرة، لتظل القيادات التاريخية تعتبرهم غرباء حتى الآن، رغم دورهم في تنفيذ صفقة ضرب التيارات الوطنية تحت حماية السادات، فخلال سنوات سيطروا على اتحادات الطلبة بكل الجمهورية، ليصبح حمدين صباحي آخر رئيس اتحاد طلاب مستقل عرفته جامعاتنا.
أبوالعلا ماضي، الآتي من الجماعة الإسلامية للإخوان كما أبوالفتوح، يروي كيف اعترض السادات على رئاسته لاتحاد طلاب الجمهورية عام 1978 بعد فوزه برئاسة اتحاد جامعة المنيا، ثم الاتفاق على محمود طلعت الدُقش المُتعاطف مع الإخوان رئيساً وأبوالعلا نائبه الأول. في العام السابق مباشرة كان أبوالفتوح رئيساً لاتحاد طلاب جامعة القاهرة، خليفة لصباحي الذي كان، أيضاً، نائباً لرئيس اتحاد الجمهورية.
الثابت تاريخياً أن البنّاوية والسادات عقدوا صفقة تحمي العهد الأمريكي من التيارات الوطنية، ناصريين وشيوعيين ومستقلين. لذا تدهشك "جرأة" الإخوان على المعلوم يقيناً من تاريخهم.. ومازال شهود العيان عليه أحياء. مع نفي أبوالفتوح في كتابه الصادر عن دار الشروق للصفقة، يتفاخر بما أسماه "مواجهة السادات"، رغم أن من يسمعها، على اليوتيوب، سيجدها تؤكد الصفقة ودورهم، شباباً وشيوخاً.. مؤسسين ومُستجلبين، في ضرب مُعارضي الأوراق الأمريكية.
التوقيت: أسبوع واحد بعد انتفاضة 17 و18 يناير 1977، التي وصفها السادات بـ"انتفاضة حرامية". الحدث: لقاء السادات بالقيادات الطلابية. يتفق معه أبوالفتوح.. "أؤيد حضرتك تماماً" في أن الطلبة المشاركين بالمظاهرات "شرذمة في منتهى الوقاحة ومجموعة شيوعيين"، بين الشرذمة كان الزميل جمال فهمي "الهارب" من الاعتقال. في كلمته، بدا أبوالفتوح كـ"سِن في تِرس" يشكو تغييب زعيم فريقه المُكلف بدور "الضارب" في لعبة "دولة العلم والإيمان".. للتغطية على تحولات الثورة المُضادة. فـ"وقاحة" الطلبة، وفق الناشط الإخواني، تتحملها الدولة والإعلام "إللي بيربي شيوعي وزنديق وعبدة بقر". لم يكن مهموماً بالمعتقلين ولا بالمطاردين من زملائه، كان كل همه "شيخه في اللعبة".. محمد الغزالي، مُكفر نجيب محفوظ وواصف صلاح جاهين بـ"عدو الله"، من الخطابة.. لاتهامه بالترويج للفتنة الطائفية.
في ذات اللقاء، تجده أيضاً على اليوتيوب، ستسمع "مواجهة" حمدين للسادات. وعي وندية قيادي مختلف مع النظام، وخطاب وطني عام برؤية متكاملة تنتقد "الانفتاح الطُفيلي" ووقف خطوات التنمية وتوسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتهديد الثوابت القومية لمصر كدولة قاطرة للعرب.
الفرق بينهما شرحه المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي في كتابه (فكرة الإفريقية الآسيوية) 1956، مُثمناًً "إفلات الثورة المصرية مما أراد الغرب سجن العالم الإسلامي فيه، باستدراجه للتركيز على قضايا جانبية وإدارة ظهره للقضايا الأساسية، ليعطّل تطوره"، مُشدّداً على أنّ "الإخوان" لم يتحرّروا من "الاستدراج"، وظلوا بعيدين عن قضايا المسلمين الكبرى.
هذا دورهم التاريخي، مع الاحتلال وضد ثورة يوليو، مع الثورة المُضادة وضد الحراك الأخير. فرغم إقراره بأن الخلاف بين ناصر والإخوان كان سياسياً لا دينياً، يردد أبوالفتوح في مذكراته نفس خطاب "الاستدراج/ الإلهاء" متحدثاً عن "الرجوع والعودة للدين"، وكأن مصر كانت كافرة.. أو أن تطويرها في عهد ناصر ليس هو جوهر الدين الحنيف.. لخلافة الله في أرضه. يعترف، بعفوية، كيف حوّلوا اتحاد الطلبة إلى أداة لنشر مُخدر الإلهاء الإخواني، فمع سيطرتهم منذ 1973 على اتحادات الكليات ثم الجامعات "تضاعفت قدرتنا مع ميزانية الاتحاد الكبيرة.. يسرت لنا نشر الحجاب، وإصدار نشرات وكتيبات، منها رسالة المؤتمر الخامس لحسن البنا وكتب سيد قطب والمودودي وناصر الدين الألباني". يروي كيف سيطروا على كل اللجان بما فيها لجنة الفن بـ"أخ لم يخرج من بلدته الريفية"، فالفن فجور يجب القضاء عليه بالتكبير أو بالجنزير، مُقراً بأن "السلطة الحقيقية في يد أمير الجماعة".. لا رئيس الاتحاد. هكذا، دمروا كل الأنشطة الحقيقية بقاطرة المجتمع.. لصالح الاستدراج.
يتوقف كتاب أبوالفتوح عند عام 1984، لكن الناشط الذي أصبح قيادياً لم يغادر خندق الإلهاء.. ولا دائرة الصفقات. مع الحراك الأخير وقّع القيادي الإخواني على بيان كفاية وتعهد بالتحرك معها.. فرداًً وجماعة، لكنه تخلف عن كل تحركاتها، وعن كل تعهداته مع الحركة التي ضمت حينها كل الطيف السياسي، أبسطها.. تهربه من فتح دار الحكمة لمظاهرة مسرح فيصل ندا بحجة أنه في الخارج. وذروتها عقد جماعته، وهو عضو مكتب إرشادها، صفقة أمنية تضمن كتلة مقاعد في انتخابات 2005.. بينما المتظاهرون يسحلون في الشارع. وبعدها.. هجومه على إضراب 6 أبريل و"تحقيره" المشاركين فيه، ليصدم من ظنوا أنه "مختلف" عن باقي الجماعة.. كالزميلة نجلاء بدير.
ليس "مختلفاً".. هو "أنعم" وجوههم.. في السبعينيات والآن، فالإخوان ملة واحدة.. الفرق، فقط، في لون الجلد.
قرأنا "تلوّينة" شاهد من أهلهم.. لننتظر شهادات أهل مصر.
العربي القاهرية

نعم آن الأوان لإنهاء هذه الاستباحة/ راسم عبيدات


.......نعم كما قال سماحة الشيخ حسن نصر الله بأنه آن الأوان لإنهاء هذه الاستباحة،استباحة وصلت حد الأعراض والكرامات من قبل ما يسمى لجان التحقيق الدولية "لجان الجواسيس " في قضية اغتيال الشهيد الحريري،،وهذه اللجنة تذكرنا بلجان التحقيق الدولية "لجان الجواسيس" التي كانت تحقق في إدعاء امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،حيث كان واضحاً من عمليات التفتيش تلك والتي وصلت حد تفتيش قصور وبيوت وممتلكات وحتى مخادع القادة والمواطنين العراقيين أن الهدف منها ليس البحث عن أسلحة الدمار الشامل،بل إذلال العراقيين واستباحة أعراضهم وكراماتهم، ومن ثم دفع القيادة العراقية لوقف مهمات لجان التفتيش " لجان الجواسيس" لكي يصلوا إلى المبرر الذي يريدونه ،وهو غزو العراق واحتلاله وتدمير قدراته العسكرية ومنجزاته العلمية والتكنولوجية ونهب خيراته وثرواته وتجزئته وتقسيمه،وقبل أن تتضح الحقائق بعد غزو العراق واحتلاله بعدم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،اعترف واحد من اهمم أعضاء لجان التفتيش تلك سكوت ريتر وهو أمريكي الجنسية بأن الهدف من لجان التفتيش تلك له مهام وطابع تجسسي واستخباري ،والهدف تدمير العراق واحتلاله وبغض النظر عن نتائج التحقيق وبمعزل عن المؤسسات الدولية،كما أن التفتيش هدف إلى عزل سوريا وتشديد الحصار والخناق عليها،واليوم واضح ما هو الهدف من لجنة التحقيق التي يترأسها القاضي الدولي"دانيال بلمار"،ومن قبله الجاسوس ديتلف مليس،حيث وجهة التحقيق وأصابع الاتهام وبناء على قرار أمريكي- إسرائيلي- أوروبي غربي إلى سوريا لمعاقبتها على مواقفها المتعارضة والرافضة للمواقف والسياسة الأمريكية في المنطقة،وتم فبركة شهادات الزور واعتقل قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الأربعة على تلك الخلفية،ولكن كل ذلك لم يرهب او يخيف القيادة السورية والتي تعاملت مع الموضوع بذكاء وحنكة عالية وأفشلت مخطط الجاسوس ميلتس والإدارة الأمريكية،ولكن الإدارة الأمريكية ومعها بعض الأطراف العربية واللبنانية،وعلى ضوء التطورات الحاصلة على الساحة اللبنانية تحاول توجيه الاتهام باغتيال الشهيد الحريري إلى حزب الله اللبناني،والاستهداف السياسي هنا واضح وهو ليس استهداف للمقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله،بل استهداف للبنان وموقعه في الخارطة العربية والإقليمية، لبنان مقاوم او غير مقاوم؟،لبنان تحت السيطرة والهيمنة والنفوذ الأمريكي أو خارجها؟.

ومن هنا نجد أن عمليات التحقيق الجارية،والتي في أغلبها وطابعها الاستفزازي،تستهدف دفع حزب الله والمقاومة اللبنانية إلى رفض استمرار التعاطي مع لجان"الجواسيس" تلك،لكي تجد المبرر لها في إصدار قرارها الظني بتوجيه الاتهام في قضية اغتيال الشهيد الحريري إلى حزب الله،ومن ثم القيام بعمل عسكري إسرائيلي- أمريكي- وبصمت رسمي عربي مريب ضد حزب الله لنزع سلاحه بالقوة،وبما يضمن هيمنة مطلقة أمريكية على لبنان،وتوفير الحماية والأمن لإسرائيل وبقائها كقوة إقليمية وحيدة في المنطقة تذل من تشاء وتعز من تشاء "لا عزة لأحد هنا" من دول النظام الرسمي العربي وتستبيح أرضها ليل نهار.

فالشيخ حسن نصر الله كان واضحاً عندما أكد على أن ما تطلبه لجان التحقيق الدولية"لجان الجواسيس" أبعد وأكبر وأوسع بكثير من قضية اغتيال الشهيد الحريري،فهي تدخل في صلب استباحة أرض لبنان والتعدي على سيادته وأعراض وكرامة مواطنيه،وهناك أشياء مريبة وخبيثة في هذا الجانب تتشارك وتتعاون فيها أطراف دولية وعربية ولبنانية من أجل استصدار قرار ظني بتوجيه الاتهام في قضية اغتيال الحريري إلى حزب الله،وكذلك أشياء تطلبها تخرج عن نطاق حدود صلاحية وحاجة لجان التحقيق،مثل ملفات طلبة الجامعات اللبنانية من عام 2003 ولغاية عام 2006 بالإضافة إلى كل الداتا والاتصالات والرسائل الصوتية على الهواتف الخلوية من 2003 ولغاية اليوم،وكذلك البصمات على جوازات السفر وقاعدة بيانات"ال دي أن أيه"وقاعدة البيانات الجغرافية وقاعدة بيانات المعلومات الجغرافية أل " جي أي سي"، أي كل ما له علاقة بالجغرافيا من الحدود الى الحدود وبما تشكله من وديان وجبال وكذلك لوائح مشتركي شركة الكهرباء،باختصار لم يتركوا أي قطاع في لبنان إلا وطلبوا معلومات عنه.

كل هذا تحمله الحزب حتى لا يكون مبرراً لاتهام حزب الله بعرقلة عمل لجان التحقيق ومراعاة لمصلحة لبنان ولعائلة الشهيد الحريري،ولكن وصلت الأمور إلى حد لا يمكن احتماله أو السكوت عليه تحت أي اعتبار سياسي داخلي أو خارجي أو كرامة لفلان أو علان،وهو الدخول إلى الملفات الطبية السرية لزوجات وبنات وأخوات اللبنانيين،فهذا تعدي سافر ووقح على الأعراض والشرف وحتى مهنة الطب نفسها ولا يمكن لأي عاقل أن يقبل به،فما حدث مع الطبيبة النسائية ايمان شرارة في الضاحية الجنوبية من قبل ما يسمى بلجان التحقيق"لجان الجواسيس" هو عمل وقح وسافر لا يمكن القبول به بالمطلق وله أغراض وأهداف خبثية ومشبوهة،فما حاجة لجان التحقيق "لجان الجواسيس" إلى الملفات الطبية للنساء اللواتي ترددن على عيادة الدكتورة ايمان شرارة من 2003 وغاية الان؟، سوى المس بأعراض اللبنانيين وكراماتهم،وخصوصاً أن كل ما تحصل عليه تلك اللجان من معلومات تصل مباشرة إلى إسرائيل وأمريكا،وأيضاً ما هو بحاجة إلى تفسير ويضع ألف علامة استفهام على دور القضاء اللبناني الذي استعاد نشاطه وحيويته فجأة بفتح تحقيق في حادثة الضاحية الجنوبية" حادثة عيادة الدكتورة ايمان شراره" حيث منعت نساء لبنانيات ماجدات لجنة التحقيق" لجنة الجواسيس" من الاطلاع على الأسرار الطبية لأكثر من سبعة ألآلاف سيدة وفتاة لبنانية،في الوقت الذي لم يحرك هذا القضاء ساكناً لأكثر من أربعة سنوات في قضية شهود الزور؟.

ان كل الاستباحة الأمنية الحاصلة في لبنان تحت ذريعة التحقيق الدولي ما كان لها أن تصل الى ما وصلت إليه لولا التعاون من قبل فريق لبناني،وهذه الاستباحة ستزداد تغولاً وتوحشاً في المستقبل القريب،إذا ما استمر البعض في الداخل اللبناني يتعاون معها.

وواضح جداً حجم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها لجان التحقيق الدولية" لجان الجواسيس" من قبل الإدارة الأمريكية لإصدار قرارها الظني بتوجيه الاتهام إلى حزب الله في قضية اغتيال الشهيد الحريري بأٍسرع ما يمكن،وخصوصاً أن التقرير الظني قد كتب ونشر في وسائل الإعلام الغربية منذ عام 2008،وكل الذي يجري من تحقيقات والحصول على المزيد من المعلومات،ليس سوى في إطار "الفبركات" وتوفير الغطاء للاتهام والعدوان على المقاومة وحزب الله.

لذلك وكما قال سماحة الشيخ حسن نصر الله يتوجب على كل اللبنانيين على اختلاف مواقعهم عدم التعاطي بالمطلق مع لجان التحقيق الدولية "لجان الجواسيس" ومقاطعتها،والإدارة الأمريكية التي تدين بأشد عبارات الإدانة ما جرى في حادثة الضاحية الجنوبية،تصمت وتعمى كلياً عن كل جرائم الاحتلال الإسرائيلي وعصابات مستوطنيه بحق شعبنا الفلسطيني كما حدث في مدينة ام الفحم مؤخراً،فهذه الإدارة هي من يوفر الغطاء للاحتلال الإسرائيلي في كل جرائمه التي يرتكبها بحق شعبنا الفلسطيني،وهي التي تدفع الأوضاع في لبنان نحو الانفجار،من أجل إيجاد الحجج والذرائع لها ولإسرائيل من اجل شن العدوان على لبنان والمقاومة،وخصوصاً ما نسمعه من تصريحات إسرائيلية يومية تقرع طبول الحرب،وهي لا تريد للبنان الوحدة والاستقرار أو التغريد خارج السرب الأمريكي،ولكن نحن على ثقة تامة بأن اللبنانيين بكل ألوان طيفهم السياسي وطوائفهم،يدركون حجم المؤامرة التي يتعرض لها لبنان،وأيضاً نحن على ثقة بأن المقاومة سيتعزز دورها وحضورها لبنانياً وعربياً وسيتقلص النفوذ والدور الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.

المكان عقدة الحوار/ د. مصطفى يوسف اللداوي



هل نستطيع أن نصدق أن المكان أصبح هو عقدة اللقاء بين حركتي فتح وحماس، وأن الجهود التي تبذل الآن فقط هي من أجل التوصل إلى اتفاقٍ حول المكان، بعد أن وضعت السلطة الفلسطينية فيتو حول دمشق، رافضةً أن يلتئم الاجتماع فيها، بعد أن ألقت بظلالها على المجتمعين فتمكنوا من تجاوز خلافاتهم، ووضعوا حلولاً لمختلف مشاكلهم، وأعلنوا أنهم وضعوا أقدامهم على أول طريق الوحدة، لكن دمشق لم تعلق حتى اليوم على هذه العقبة المصطنعة، ذلك أنها لا ترى أنها عقبة في طريق الحوار الوطني الفلسطيني، وهي بالتأكيد لا تتمسك بجغرافيتها لاتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية، ولن تقبل أن تتهم بأنها عقبة في طريق الوفاق، إذ يهمها أن يستعيد الفلسطينيون وحدتهم وألقهم وبريقهم، ويستعيدوا احترام وتقدير الأمة العربية والإسلامية لهم، وقد تبادر هي وغيرها من الدول العربية، التي سبق لها وأن رعت الحوارات الفلسطينية، لتقدم مبادرة جديدة، ومخرجاً كريماً من هذا المأزق الحرج، بل الدول العربية مكلفة أن تبتدع آفاقاً تقود إلى النور، وطرقاً تؤدي إلى الوحدة، فهذا جزء من مسؤوليتها، والنجاح رهنٌ بصدق نواياها.

هناك شكٌ كبير في الأسباب التي عرقلت مواصلة الحوار، ويبدو أنه من الصعب علينا أن نصدق أن العقبة هي المكان فقط، وأنه لا توجد هناك أسبابٌ أخرى، وأنه لا توجد عوامل ضغط خارجية، وأطراف دولية وإقليمية نافذة، ساءها الاتفاق، ولم يرق لها أن ينهي الفلسطينيون خلافاتهم، وأن يتجاوزوا حسابات فصائلهم الحزبية والفئوية الضيقة، التي تأتي دوماً على حساب المصالح الشعبية الفلسطينية، والتي تنعكس دوماً سلباً على الشارع الفلسطيني، وقد تعود أن يدفع بنفسه من قوت أطفاله، ومن راحة باله، ومستقبل أجياله، ثمن خلافات الفصائل الفلسطينية، والتي لا يكون له غالباً في نشوءها وتكوينها دورٌ أو شأن، فليكن الفرقاء صادقون، وليصدقوا مع أنفسهم وشعبهم، وليكشفوا عن الأسباب الحقيقية التي تحول دون اللقاء، فإن كانت دمشق عقبة، فلنجتمع في غزة، ونلتقي في رحابها، فهي تتسع للقاء الفرقاء، وفيها مكانٌ دافئ وودود، وقلوبٌ رحيمة بأهلها، وأناسٌ يتطلعون إلى الاتفاق، ويرنون إلى الوحدة، فغزة فيها الرحابة على اتساعها، وفيها الحرية بلا حدود، فلنلتقي فيها، ولندعُ إليها من نشاء من العرب، ومن الخبراء الأمنيين الذين سيساعدوننا في بناء أجهزتنا الأمنية على أسسٍ وطنية ومهنية من جديد، وغيرهم ممن سيكونون شهداء على الإتفاق، وضامنين وكافلين لأطرافه.

ورام الله لا تختلف كثيراً عن غزة، ففيها كل الأطراف، وحماس حاضرة فيها وغير غائبة، وإن كان أبناؤها لا يتمتعون بالحرية التي يتمتع بها نظراؤهم في غزة، إذ أن حكومة السيد فياض تلاحقهم وتعتقلهم، وتضيق عليهم وتأسر حريتهم، وتراقب حركاتهم، وتمنع تواصلهم مع أبناء حركتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، فلترفع حكومة فياض قبضتها الأمنية عن كوادر حركة حماس في مدن الضفة الغربية، ولتيسر عقد لقاءات ثنائية معهم، فهذه اللقاءات من شأنها تيسير الوصول إلى إتفاقٍ بين الحركتين، وإلا كيف نتصور أن يتم اللقاء، وأن ينجح المتحاورون في الوصول إلى إتفاق، بينما عناصرٌ أمنية تابعة إلى سلطة سلام فياض، تعتقل وتحاكم، وتضيق وتصادر، وتتعاون مع العدو تحت عنوان التنسيق الأمني، فتسهل له عمليات الاعتقال والاغتيال، فلا يقبل عاقل أن يهان أتباعه، ويسامون سوء العذاب، قتلاً وتعذيباً واعتقالاً، بينما يطلب منه أن يقدم للسجان فروض الطاعة، وأن يسلم له ما لديه من مفاتيح القوة التي يملك، سلاحاً أو نفوذاً، ليسهل عليه زجهم في السجون والمعتقلات، وتمرير السياسات التي يرسمها بنفسه، بعد أن يتخلص من المعارضين لها، والمانعين تنفيذها.

لهذا فالفلسطينيون يقولون بصدقٍ وصفاء، وببساطة وسذاجة الشعب الذي لا يكذب، والذي لا يعرف تخوين قادته، إن تعذر عليكم اللقاء في دمشق أو القاهرة أو مكة أو صنعاء، فلتلتقوا في غزة أو رام الله، فأرضنا على ضيقها وصغر مساحتها رحبة، وأهلنا رغم معاناتهم وقسوة الحياة المحيطة بهم، كرامٌ وأسخياء، المودة تملأ قلوبهم، والمحبة تسكن صدورهم، فلنلتقِ اليوم في غزة، وغداً في رام الله، ثم لنذهب إلى القاهرة لنوقع على ما رأته الحكومة المصرية أساساً لأي إتفاق، وقاعدةً لأي مصالحة وطنية فلسطينية، هذا إن كانت الجغرافيا هي المانع للاجتماع، والسبب في تعذر اللقاء، أما إن كانت هناك أسبابٌ أخرى تمنع وتعيق، فلنعلنها لشعبنا، ولنضعه أمام حقائق الاختلاف، ولنضع النقاط على الحروف، ليحسن شعبنا قراءة أسباب الخلاف، ومكامن الأزمة، أما أن نخدعه ونكذب، ولا نصدقه ونبرر، فإننا بهذا نخون الأمانة التي نحمل، ونفرط بالثقة التي منحها الفلسطينيون لقادتهم.


مؤسسات القدس.. وظلم ذوي القربى/ ندى الحايك خزمو


جارت الأيام على مؤسسات القدس.. بعد أن جارت على القدس ومواطنيها .. فبعد ان كانت المدينة تعجّ بمؤسساتها التي كانت تعمل وتكد من أجل الحفاظ عليها، والعمل ضد تهويدها ، كل في مجال تخصصها، أصبحنا لا نجد الا مؤسسات قليلة .. فأين مؤسسات القدس وماذا حدث لها؟!

التقيت مؤخراً بصديق من القدس بعد أن لم أره لمدة طويلة، كم سرني رؤيته وكم حزنت لما سمعته منه..

فبادرته بالسؤال : أين أنت يا رجل، ولماذا لم نعد نراك في القدس؟

- حججت مثلما حج الآخرون الى رام الله.

- وماذا عن مؤسستك ؟

- نقلتها الى رام الله.

- ولماذا يا رجل فالقدس بحاجة الى مؤسسات مثل مؤسستك؟

- قلّة ما باليد يا أختي ؟

- وهل الوضع أفضل في رام الله؟

- ليست القضية أفضل أو أسوأ، ولكني فعلت ذلك مجبراً وسأقول لك لماذا.. فبعد أن أوقفت السلطة الدعم لمعظم مؤسسات القدس ، اضطررت للبحث عن مصدر آخر لتمويل المؤسسة، وبخاصة مع الضرائب الباهظة والايجارات المرتفعة الخ.. نصحني البعض باللجوء الى الدول المانحة فهي على حسب قولهم تمول مشاريع لمؤسسات مثل مؤسستي، وفعلاً توجهت اليها لأفاجأ بشرط للحصول على التمويل لمشاريع المؤسسة، نقل المؤسسة الى احدى مدن الضفة لأنها لا تستطيع – اي الدول المانحة – مساعدة مؤسسات القدس بحسب اتفاقها مع السلطات الاسرائيلية، والمساعدات فقط لمؤسسات موجودة في مناطق السلطة الفلسطينية .

- ولكن يا أخي إذا فعل كل صاحب مؤسسة مثلك فهذا يعني تفريغ المدينة المقدسة من مؤسساتها، وقد فرغت تقريباً منها، فماذا سيحصل للقدس من دون مؤسسات؟!

- هذا فعلاً ما يريدونه ، يضغطون علينا بالضرائب الباهظة ، وتثقل ظهورنا الديون الكبيرة ولا ندري ماذا نفعل، فليس أمامنا الا خياران أحلاهما مر.. إما اغلاق المؤسسة كلياً ، أو نقلها الى مناطق السلطة، أي في كلتا الحالتين فالقدس ستخسر مؤسساتها بسبب عدم ايجاد من يقف معها في محنتها.. وأنت أدرى بوضع مؤسسات القدس، وكيف هي في نزاعها الأخير وما من دواء شاف لينقذها مما هي فيه، فهي مسألة وقت فقط وتلفظ باقي مؤسسات القدس أنفاسها الأخيرة، لذلك فالحل رغم صعوبته كان بنقل المؤسسة الى رام الله لئلا يكون مصيرها الاغلاق ..

قمة المأساة ما سمعته، وللأسف فقد سمعته أيضاً من أصحاب مؤسسات أخرى اضطرت للنزوح الى الضفة بعد أن وصلت الى وضع مأساوي لا تحسد عليه.. نعم قمة المأساة ما وصلت اليه مؤسسات القدس، ورغم أن هذا الأمر ليس بغريب علي وكلنا نعاني منه ، وقد حذرت مراراً وتكراراً عبر هذه الصفحة من الوضع المأساوي الذي تعيشه مؤسساتنا الفلسطينية في القدس، إلا أن أحداً لم يتحرك.. والمأساة الأكبر أن المؤسسات التي لم يقم الاحتلال باغلاقها ومنع نشاطها في القدس أجبرت على أن تغلق نفسها بنفسها او البحث عن ملجأ لها خارجها. وما حصل مع مجلس الاسكان الفلسطيني، هذه المؤسسة العريقة التي قدمت خدمات جليلة للمواطنين المقدسيين والتي أغلقها الاحتلال لمدة ستة أشهر، فهي تعاني ليس من الاحتلال فحسب، بل من ظلم ذوي القربى . فبعد أن أعيد فتحها جمدت من قبل وزير الداخلية الفلسطيني السابق، فهي مسجلة في القدس كشركة ، وفي السلطة كجمعية عامة وتم مؤخراً نقل مقرها الى رام الله وشكلت لها هيئة عامة جديدة. وبسبب التدخلات فيها وبسبب عدم الدعم لها، وصلت الأمور الى معارك في القضاء الفلسطيني من أجل اعادة تفعيلها، ونُشرت اعلانات واعلانات مضادة في الصحف، فأين مجلس الوزراء مما يحدث لهذه المؤسسة، فقد كان من الواجب أن يتدخل لحل هذه الإشكال الذي جمدها لتستطيع القيام بخدماتها الكبيرة التي كانت تقوم بها، وقد ساعدت العديد من مواطني القدس ودعمت صمودهم فيها من خلال تقديم قروض لهم للمساهمة في بناء شقق وبيوت تأويهم..

ما يجري في القدس ولمؤسساتها لهو قمة المأساة .. فالقدس ليست بخير من كل النواحي .. مقدسات، ومؤسسات ومواطنين.. فالى متى سيظل الاهمال للقدس سيد الموقف .. ومتى سنصحح الموازين لنعيد للقدس كرامتها المهدورة..

أسئلة برسم الاجابة .. (البيادر)
*كاتبة وصحافية في مجلة البيادر المقدسية


اليقظة المتأخرة/ نبيل عودة

هل يقرأ العرب؟
لا أطرح هذا السؤال لأعطي عليه إجابة محددة، إنما كمدخل لواقع يزداد انشطاراً بين نواتين في المجتمع نفسه، نواه مثقفة متنورة، ونواه أمية ومعادية للثقافة والتنوير، بمعنى آخر، مجتمعنا كله في حالة انقطاع كامل في التواصل والتكامل الثقافي والفكري وحتى اللغوي.
القراءة تفترض أن يكون هناك مبدعون في مختلف أبواب الثقافة والأبحاث والعلوم والفنون، وأن يكون هناك تفاعل وتبادل فكري دينامي بين الكاتب والمجتمع. هل نستطيع الإدعاء أن هذا قائم في مجتمعاتنا العربية؟ أو حتى هنا في مجتمعنا العربي في إسرائيل، الذي يتفاخر البعض بأنه من أرقى المجتمعات العربية؟ إننا نجد أن الصورة عندنا لا تختلف كثيراً عن واقع المجتمعات العربية، إلا في حدود ضيقة، رغم أن نسبة الأمية في مجتمعنا العربي الإسرائيلي هي شبه معدومة.
بلا شك أن العالم العربي يشهد تياراً تنويرياً إصلاحيا حديثاً ويوازيه تيار ثقافي لا يقل في إبداعه عن أية ثقافة لشعب من الشعوب. غير أن الواقع الاجتماعي، كما تدل أبحاث وتقارير عدة، وعلى رأسها تقارير "التنمية" الصادرة عن الأمم المتحدة، هو في حالة تعثر بل وتراجع على كل المستويات، إن كان على المستويات الاقتصادية حيث تتراجع المداخيل الإجمالية للعالم العربي بالنسبة للفرد الواحد، لدرجة أن كل ما ينتجه العالم العربي، الغني بالنفط.. لا يتجاوز إنتاج دولة أوروبية متوسطة وصغير مثل إسبانيا، وتصدير العالم العربي كله اقل مما تصدره دولة متوسطة أخرى مثل ايطاليا، وأيضاً على المستوى التعليم، وشح في الأموال المخصصة للأبحاث العلمية في الجامعات. هذا، إلى جانب سيطرة قوى متماثلة مع الأنظمة القمعية على المعاهد العلمية والمؤسسات التعليمية مثل الجامعات وغيرها، لدرجة أن مستوى التعليم الجامعي في مصر مثلاً والتي تعتبر النموذج الأبرز، هو في انحطاط متواصل إذا ما قورن مثلاً بالفترة التي سبقت ثورة 23 يوليو في مصر، أي فترة الملكية. وتشير إحصائيات مختلفة إن ما يخصص من أموال للأبحاث العلمية في الجامعات العربية كلها لا يتجاوز 10% مما يخصص في اسرائيل ، وهذا بدون الأبحاث العسكرية.
على المستوى الاجتماعي نشهد ردة مروعة لإعادة المرأة إلى البيت، متجاوزين ما تحقق من أفكار تحررية في الفترات التي سبقت قيام ما بات يعرف باسم "الأنظمة الوطنية". إلى جانب هذا، فأن البطالة على مستوى العالم العربي، تتجاوز نسبة أل (30%)، وبدون أن يخلق العالم العربي فرص عمل تصل إلى (5) ملايين فرصة عمل جديدة على الأقل كل سنة ، سيزداد الوضع تدهوراً وإملاقاً للجماهير العربية، وتخلفاً للمجتمع العربي والاقتصاد والعلوم في العالم العربي.
هذه "لوحة" صغيرة قائمة عن واقع لا شيء فيه يبشر بالخير. تقرير التنمية العربية الصادر عن الأمم المتحدة للعام 2003 أشار إلى حقيقة مرعبة أخرى: في عهد الخليفة العباسي الأمين، الذي شهد نهضة علمية وحركة ترجمة واسعة مباركة نقلت العلوم من اللغات الأجنبية للغة العربية وأسست عملياً مجد الحضارة العربية وسيادة مطلقة للعلم والمعرفة، حولت الأمة العربية إلى أمة مولعة بمطالعة الكتب واقتنائها، ولكن الصورة القاتمة تقول أن ما ترجم من كتب منذ عهد الأمين وحتى يومنا الحاضر يبلغ (11) آلف كتاب، وهو رقم تترجمه دولة مثل إسبانيا اليوم في عام واحد.
حقاً توجد حركة تنوير وإصلاح عربية فكرية، وأسماء لها وقع في مختلف دول العالم ولغاته، إلا في لغتهم ولدى معظم أبناء شعبهم. بل والانكى من ذلك يتعرض المتنورون من رجال الفكر والتنوير والإصلاح إلى حملة تخوين وتكفير وتهديد لحياتهم ودفعهم للهجرة الاضطرارية دون أن تقوم "الأنظمة الوطنية" بتوفير الحماية لهم والدعم لدورهم الطليعي في إنقاذ المجتمعات العربية من حالة التخلف والفقر المستشري فيها.
المشكلة اللغوية
هناك حقيقة أخرى تبدو أقل أهمية، وتتعلق باللغة العربية نفسها. إذ بينت دراسات عدة، وجود انفصام بين اللغة المستعملة في الدوائر الحكومية ووسائل الإعلام وبين الجمهور العربي، الأكثرية من الجماهير العربية لا تفهم حتى لغة الصحافة، والتي هي اللغة العربية الفصحى الأكثر سهولة وتماثلاً مع المناخ الثقافي، وقدرة على التعبير السهل والواضح عن مختلف قضايا الحياة.
هذا يشير إلى فشل جهاز التعليم العربي في كل أقطار العالم العربي إلى جانب حقيقة وجود ما يقارب (80) مليون عربي أميون لا يقرأون ولا يكتبون. وهذا يقول أمور أكثر خطورة من مجرد الأرقام، يقول أن الأكثرية المطلقة من الجماهير العربية، لا تشارك عملياً في صناعة القرارات التي تتعلق بحياتها ومستقبلها، وهي مهمشة، ليس بفعل أنظمة القمع العربية فقط، إنما بفعل انقطاعها عن المفهوم اللغوي لمجتمعها ولحركته الثقافية والتنويرية والإصلاحية.
الكتاب صار من لوازم الزينة
كثيراً ما أدخل لبيوت مثقفين أكاديميين، أو لمكاتبهم الفخمة، وأفاجأ بكتب التراث المجلدة وموسوعات مختلفة، ونادراً ما أجد بينها "الكتب الرخيصة" وأعني، دواوين شعر، روايات، أبحاث فكرية واجتماعية (غير مجلدة)، ربما لو أصدر أدباؤنا مؤلفاتهم الكاملة بمجلد ضخم، لوجد مكانه إلى خزائن الكتب. ومن استفساراتي غير المباشرة، تأكد لي، أن هذه الكتب للزينة فقط، ويكاد صاحبها لا يعي ما تحويه من كنوز ثقافية وفكرية.
في تقرير حول معارض الكتب في العالم العربي، بيَّن كاتب التقرير أن هذه المعارض أصبحت سوقاً موسمية للربح بالأساس، بدل أن تكون ظاهرة تستهدف التثقيف والتنوير، وأنه حتى من ملاحظة اتجاه بيع الكتب، أشار التقرير إلى أن كتب المواعظ الدينية تبيع أضعافاًَ من أي كتاب فكري أو أدبي حتى لو كان لأبرز أديب عربي، أو كتاب فكري لأحد قادة حركة التنوير والإصلاح الفكري ، هذا إذا سمح بعرضها أصلاً. هذا عدا مصادرة كتب وروايات، أحياناً من غير المفهوم سبب مصادرتها، مثلا مصادرة مصر لرواية "زوربا اليوناني" للكاتب كازنتزاكس أو روايتين "خفة الكائن لا تحتمل" و "الحياة في مكان آخر" للروائي ميلان كونديرا ورواية للكاتب المصري إدوار الخراط (مخلوقات الأشواق الطائرة) رغم أنه حاز على جائزة الدولة التقديرية. ورواية نوال السعداوي " جنات إبليس" ومنع رواية "الدنيا أجمل من الجنة" الصادرة في لبنان للكاتب المصري خالد البري من دخول مصر، وقبلها منع توزيع روايات مثل رواية "وليمة لأعشاب البحر" للسوري حيدر حيدر، ومصادرة روايات الكاتب السعودي الأصل عبد الرحمن منيف ("مدن الملح" و "أرض السواد") وغيرها....
إن حالة التدهور الثقافي بالغة الخطورة ليس في العالم العربي فقط، بل هنا عندنا أيضاً، رغم أني ألاحظ أن بعض مدارسنا بدأت تنتهج بما يحقق التقارب بين الكتاب وإنسان المستقبل، أما في عالمنا العربي فما زلنا نسمع عن عزم الأنظمة إحداث تغيير، ولكن عملية التسارع في النمو الاقتصادي والعلم و الثقافي العالمي تجعل الفجوة تزداد أتساعا لدرجة رهيبة. ويصدمني كثيراً، أن الكثير من المفكرين العرب متفائلين بأن المستحيل سيتحقق ليلحق العالم العربي بركب الحضارة... وربما تكون رؤيتهم تنحصر أكثر بأوساط معينة، تعيش بأجسادها في المجتمعات العربية، وبعقولها تعيش في عالم آخر. حقاً يطرحون الحلول ويقترحون كل ما هو صحيح. ولكن من سينفذ هذه الاقتراحات؟ أي نظام عربي سيتبنى المبدعين ويشجع أعمالهم حتى تنفجر الطاقات بثقافة جديدة متنوعة المواضيع والاهتمامات، وبرقي علمي يضاهي رقي الشعوب الأخرى؟
ويبقى السؤال البسيط، هل هناك أنظمة عربية مؤهلة لتبني هذه الاقتراحات لما هو أكثر من مجرد ترديدها؟! هل سيقتطعون من ميزانيات حفظ أمن النظام وتوريثه لأبنائهم، من أجل تنمية المعرفة وتطوير قدرات شعوبهم الفكرية والثقافية؟!
مجرد أسئلة قد لا يكون لها جواب إلا بعد الغزو الأجنبي القادم لقطر عربي آخر!!

متغيّرات ثقافية واجتماعية في الانتخابات الأميركية/ صبحي غندور


ستترك الانتخابات "النصفية" الأميركية (لكلّ أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ) المقرّرة يوم 2 نوفمبر القادم، مزيجاً من التأثيرات السياسية داخل أميركا. لكن ستختلف هذه الانتخابات في معاييرها عن مثيلتها "النصفية" في العام 2006 والتي أوصلت نتائجها آنذاك غالبيةً من الحزب الديمقراطي إلى مجلسيْ الكونغرس، بسبب سياسات خارجية وحروب قامت بها إدارة بوش، لا لاعتباراتٍ وسياساتٍ داخلية. فالحملات الانتخابية المشتعلة الآن تؤكّد ارتفاع نسبة القضايا الاجتماعية والثقافية في معايير الناخب الأميركي بينما كانت معايير السياسة الخارجية والأوضاع الاقتصادية هي السائدة في الانتخابات الرئاسية منذ سنتين، كما طغت المسألة الخارجية قبل ذلك على الانتخابات النصفية في العام 2006.

إنّ غالبية الأميركيين يتفهّمون الآن ظروف السياسة الأميركية الخارجية حالياً وكيفية تعامل إدارة أوباما مع حربي العراق وأفغانستان. لكن مشكلة هذه "الغالبية" التي أوصلت باراك أوباما للبيت الأبيض هي في انقسامها الراهن حول القضايا الداخلية وعدم لمسها لتحسّن الأوضاع الاقتصادية واستمرار ارتفاع معدّل البطالة.

صحيح أنّ ما حدث في انتخابات الرئاسة الأميركية منذ عامين، كان تحولاً ثقافياً في المجتمع الأميركي سمح بوصول مواطن أميركي أسود، ابن مهاجر إفريقي يحمل اسم حسين، إلى سدّة "البيت الأبيض"، لكن الأصوات التي حصل عليها أوباما في نوفمبر 2008 كانت فقط أكثر من النصف بقليل من عدد الذين شاركوا بالانتخابات، وهذا يعني وجود حوالي نصف عدد الأميركيين في خانة المعارضين لكل ما عليه أوباما من برنامج ورؤية ولون وأصول عرقية، وقبل أن يبدأ حكمه!. كذلك، فإنّ مشكلة الرئيس أوباما الآن هي أنّ مؤيّديه كانوا أشبه بتحالف أو جبهة مؤقتة قامت بين قوًى عديدة اتفقت فقط على دعمه في الانتخابات، لكنّها ليست قوّة واحدة فاعلة الآن بالمجتمع الأميركي، بل إنّ بعض هذه القوى المحسوبة على اليسار الأميركي والتيّار الليبرالي تريد من أوباما أكثر ممّا فعل وقد بدأت بسحب تأييدها السياسي له، بينما نجد على جبهة المعارضين أصلاً لوصول أوباما للرئاسة مزيداً من التنظيم والحركة الشعبية التي تزرع الخوف من برنامج أوباما وتُشكّك حتى في شهادة ولادته الأميركية، كما هو حال "حزب الشاي" وبعض المحافظين المتشددين في "الحزب الجمهوري"!.

هذا هو الظرف الصعب الآن بالنسبة لرئيسٍ أراد على المستوى الداخلي إقرار برامج صحّية واقتصادية واجتماعية وتربوية لم يكن هناك إجماع وطني أميركي عليها ولا توافق حتى داخل الحزب الديمقراطي نفسه، وفي ظلّ شبكات ضخمة من المصالح والشركات والمصانع التي تمارس نفوذها الضاغط داخل الكونغرس وعبر وسائل الإعلام لمنع أوباما من تنفيذ برامجه الإصلاحية الداخلية.

وظهرت أيضاً مشكلة الرئيس أوباما داخل الولايات المتحدة حينما تمّ التعامل مع الملف الأمني حيث زادت الأصوات المشكّكة في قدرته على حفظ أمن أميركا مقارنة مع سياسات "الجمهوريين"، وهو الذي دعا لإسقاط شعار "الحرب على الإرهاب"، هذا الشعار الذي استغلّته إدارة بوش لتبرير حروبها العسكرية وإجراءاتها الأمنية، ولإقامة معتقل غوانتامو وممارسة وسائل التعذيب ضدّ المعتقلين.

إنّ باراك أوباما دعا إلى رؤية تتّصف بالاعتدال في مجتمع أميركي حكَمه التطرّف لعقدٍ من الزمن تقريباً وجرت على أرضه أحداث 11 سبتمبر 2001، وهو مجتمع قام تاريخه على استخدام العنف، وما زال عدد كبير من ولاياته يرفض التخلّي عن اقتناء الأسلحة الفردية وفكرة الميليشيات المسلّحة.

هي خسارة كبرى لأميركا أنْ تتغذّى فيها من جديد مشاعر التمييز العنصري والتفرقة على أساس اللّون أو الدين بعدما تجاوزت أميركا هذه الحالة منذ عقود.

فالقوة الحقيقية لأمريكا هي في تعدّديتها وفي تكامل عناصرها وفي نظامها الدستوري الذي يساوي بين جميع المواطنين، وحينما تهتزّ عناصر القوّة هذه فإنَّ الضعف والوهن لا يكون حينذاك في القرار السياسي أو في الحكومة المركزيّة، بل في خلايا المجتمع الأميركي كلّه.

إنَّ أميركا تعيش في هذه السنوات الأولى من عمر القرن الحادي والعشرين مزيجاً من حالات التمييز الديني والثقافي بحقّ بعض العرب والمسلمين، كما ضدّ المهاجرين الجدد عموماً، إضافة إلى مشاعر عنصرية ضدّ الأميركيين الأفارقة ذوي البشرة السوداء. وهذه المشاعر بالتمييز على أساس لون أو دين أو ثقافة هي الّتي تهدد وحدة أي مجتمع وتعطّل أي ممارسة ديمقراطية سليمة فيه.

وما يُسجّل لباراك أوباما من اعتماد على نهج الاعتدال ضدّ فكر التطرّف الذي ساد طيلة إدارة بوش السابقة، يواجه الآن تحدّيات داخلية كثيرة أبرزها الشعور العنصري الدفين في المجتمع الأميركي مقابل ما يمثّله أوباما شخصياً من أصول إثنية أفريقية، ودينية إسلامية (لجهة والده)، ثم برنامجه السياسي والاجتماعي المتناقض مع برنامج اليمين المحافظ الأميركي، إضافةً إلى الانقسام السياسي التقليدي في أميركا بين "ديمقراطيين" و"جمهوريين" وما في كلِّ معسكر من برامج صحّية واجتماعية واقتصادية مختلفة، وتأثيرات هامّة لشركات كبرى ومصالح ونفوذ "قوى الضغط" الفاعلة بالحياة السياسية الأميركية.

فمشكلة أوباما ليست مع خصومه وخصوم حزبه التقليديين فقط، بل هي أيضاً في داخل "المعسكر" الذي ساهم بوصوله إلى سدّة الرئاسة. فأعداد كبيرة من المستقلين وجيل الشباب الأميركي كانت معه من أجل تغيير شامل ولوقف حروب أميركا الخارجية، وهي أمور لم تحدث طبعاً في فترة رئاسته حتى الآن. كذلك بالنسبة للأوضاع الاقتصادية حيث كانت توقّعات الناخبين لأوباما أكبر من الممكن فعله لتحسين الاقتصاد الأميركي.

العوامل ذاتها التي ساعدت على فوز أوباما بانتخابات الرئاسة هي المسؤولة الآن عن تراجع شعبيته وعن تحوّل بعض مؤيّديه عنه. فحجم سيّئات إدارة بوش وشموليتها لأوضاع أميركا الداخلية والخارجية، كانت لصالح انتخاب أوباما، لكن عدم القدرة على إزالة هذه السيئات حتى الآن أضعف ويُضعف من قوّة التيّار الشعبي المساند للإدارة الحالية.

لقد شكّلت شخصية أوباما خلال الحملة الرئاسية الانتخابية رمزاً لمزيج يجمع الأميركيين ولا يفرّقهم. فأوباما الشاب المنتمي إلى الطبقة الوسطى والمدافع عن مصالحها، هو ابن مهاجر إفريقي رمَز إلى عشرات الملايين من المهاجرين الجدد إلى أميركا، أبوه مسلم أسود وأمّه مسيحية أميركية بيضاء اللون، وقد جمع بين مستوى عالٍ جداً من الدراسة الأكاديمية في أشهر جامعات أميركا وبين التطوّع والتفاعل العملي مع المحرومين من العلم والعمل. فانتصار أوباما كان رمزاً إلى المستقبل الذي يطمح إليه الجيل الأميركي الجديد. هذا الجيل الذي لم يجد في سنوات إدارة بوش إلا الحروب والفساد والانهيار الاقتصادي والانقسام الاجتماعي، وكلّها حالات تهدم الحاضر وتعيق بناء المستقبل.

لذلك كانت الآمال الأميركية كبيرة حين فاز أوباما بسدّة الرئاسة، تماماً كما كانت آمال شعوب عديدة في العالم بأن يكون فوزه بدايةً لعصر جديد في العالم. لكن أوباما هو رئيس أميركي للأمّة الأميركية وما لها من مصالح وأولويات في العالم، وما عندها من مؤسسات وقوى ضاغطة تصنع القرار في واشنطن.

صحيح أن هذه الانتخابات الآن هي بمثابة "استفتاء" أميركي على أوباما، لكنه "استفتاء" تتلاعب فيه حملات دعائية بمئات الملايين من الدولارات!. وقد تسفر هذه "الانتخابات النصفية" عن فوز غالبية "جمهورية" في مجلس النواب وعن تقليص لغالبية "الديمقراطيين" في مجلس الشيوخ، لكن لن تؤثّر نتائجها كثيراً على مجرى السياسة الخارجية وعلى أجندة إدارة أوباما. فما زال أمام الرئيس الأميركي "نصف عهد" لتنفيذ تعهداته الداخلية والخارجية.

الهند تدخل عصر بطاقات الهوية البيومترية/ د. عبدالله المدني

دشن رئيس وزراء الهند السيد مانموهان سينغ مؤخرا مشروعا طموحا يتكلف نحو 33.5 مليار دولار، ويؤمن لبلاده دخول نادي الدول التي يحمل سكانها ما يسمى بـ "بطاقات الهوية البيومترية" الذكية سريعة المسح. وهذا النادي يقتصر عضويته حتى الآن على 50 دولة فقط، من بينها معظم دول أوروبا، والصين، والبرازيل، واليابان، وإسرائيل، والعراق، علما بأن دولا مثل كندا، وأستراليا، ونيوزيلندة، والولايات المتحدة الإمريكية، ماضية الآن في صياغة التشريعات اللازمة لدخول النادي تحت تأثير مخاوفها من تسرب الإرهابيين إلى أراضيها.
وميزة بطاقات الهوية هذه التي تأخذ شكل معينا وتشتمل على إسم الفرد وعنوانه وتاريخ ميلاده وجنسه وأسماء أبيه وأمه أو زوجته وزوجه أو بناته وبنيه، إضافة إلى معلومات جغرافية وبصمات لأصابع اليد العشرة وقزحية العين، أنها تحمل رقما فريدا. وهذا الرقم مرتبط بدوره بقاعدة بيانات مركزية تساعد على التيقن من حقيقته أو زيفه، الأمر الذي يقلل أو يلغي إحتمالات وجود بطاقات هوية مزدوجة للفرد الواحد، أو وجود هويات قومية مزورة.
وقد يستنكر البعض أن تنفق دولة كالهند، يعيش نصف سكانها تقريبا تحت خط الفقر، مثل هذا المبلغ الضخم على مشروع كهذا، لا يخلق فرص عمل جديدة، ولا يرفع من مستويات المعيشة والدخل. غير أن الهند بهذا المشروع، الذي أطلق من قرية قبيلة "تيمبلهلي" (حيث يعيش نحو 1500 نسمة) في ولاية "مهاراشترا" الواقعة على سواحل الهند الشرقية، تريد أن توطد أقدامها في الساحة العالمية للحوكمة الإلكترونية، عبر إصدار بطاقات هوية بيومترية ذكية موحدة الشكل لكل فرد من سكانها الذين تجاوزوا اليوم رقم مليار ومائتي ألف نسمة، بمن فيهم أولئك المهمشون الذين لم يحصلوا يوما على أية هوية، ممن يزيد عددهم عن 300 مليون نسمة، علما بأن المواطنين الهنود يثبتون هوياتهم في الوقت الحاضر بواسطة وثائق مختلفة في تصاميمها وأشكالها، ونوعية بياناتها، وأغراضها، مثل شهادات الميلاد، ورخص القيادة، وبطاقات التموين، وغير ذلك من الوثائق التي لم تعد مقبولة عالميا للتحقق من الشخصية.
ثم أن هذا البلد الكبير لجهة سكانه، والشاسع لجهة مساحته وتقسيماته الإدارية، والضخم لجهة مشاكله، و الفريد لجهة تعدد قومياته وأديانه وثقافاته، بحاجة ماسة إلى مثل هذه التقنية، لتحقيق المزيد من الشفافية في العمل، وإيصال الخدمات الإجتماعية لمستحقيها بكفاءة أكبر( وبالتالي جعل حياة الملايين من المهمشين، والمهاجرين من الأرياف إلى المدن، وحملة الوثائق المزورة، أكثر سهولة)، ووضع خطط أكثر دقة للمستقبل (خصوصا في هذه الحقبة الزمنية المتميزة بالتنافس والصعود في آسيا)، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون الأخذ بالتقنيات العصرية الجديدة في مجالي الإحصاء والمعلوماتية، وتوحيد أشكال بطاقات الهوية ونوعية المعلومات التي تتضمنها.
والحقيقة ان الحكومة الهندية تعرضت لنقد مرير من قبل بعض الجماعات والمنظمات التي تسرعت في إطلاق الأحكام على المشروع (دون التدقيق في دوافعه وفوائده)، ووجدت فيه إهدارا للمال العام، غير أن نيودلهي سارعت، عبر الشخص الذي إختاره رئيس الوزراء بنفسه لقيادة مشروع "الهوية البيومترية"، وهو "ناندان نيلكاني" (شخصية معروفة على مستوى الهند كلها كأحد مؤسسي ثاني أكبر مجموعة لتقنية المعلومات في البلاد، وهي مجموعة "أنفوسيس") إلى توضيح بعض الأمور الخافية، مثل أن المشروع المذكور عبارة عن تحالف أو إئتلاف قومي كبير تشترك فيه وزارات الدولة المختلفة، وحكومات الولايات الهندية، وقطاعي المصارف والتأمين، إضافة إلى ثلاث من شركات النفط المحلية الكبرى، ومؤسسات خاصة عاملة في قطاع تقنية المعلومات، ومثل أن المشروع يفرض رسوما على كل من يريد التزود بخدمات التأكد من الهوية، وبالتالي فإنه (أي المشروع) يتوقع له أن يدر سنويا ما لا يقل عن 60 مليون دولار. هذا ناهيك عن ما لا يقل عن أربعة بلايين دولار يمكن للدولة أن تحصل عليها، بعد إكتمال المشروع، كنتيجة لسده الطريق أمام المتهربين من دفع الضرائب الحكومية.
على أن ما سبق ذكره، لم يكن النقد الوحيد الذي وجه إلى المشروع. فحينما قام النشطاء المدافعون عن الخصوصية، والمنظمات المدافعة عن الحريات المدنية بحملة إنتقادات ضد مشروع "البطاقات البيومترية" بحجة أن الهند ليست لديها قوانين صارمة كتلك الموجودة في الغرب لحماية البيانات ومنع سرقتها أو إفشائها أو بيعها من قبل البيروقراطيين الفاسدين، ثم بحجة وجود تلك البيانات الحساسة في مكان مركزي واحد، مما يشكل مخاطرة أمنية جسيمة بحسب زعمهم، تصدى لهم "نيلكاني" قائلا أن الهيئة التي شكلت لتنفيذ وإدارة المشروع (الهيئة الهندية للهويات الإستثنائية) سوف تستعين بأفضل الخبراء وأحدث التقنيات من أجل ضمان سرية البيانات، ومضيفا أن البرلمان الهندي في طريقه للموافقة على حزمة قوانين جديدة من شأنها – حين دخولها حيز التطبيق – أن تضمن الأمن والحماية لكل المعلومات التي يتم جمعها عن الشعب ضد الضياع أو السرقة أو الإعتداء أو التسريب غير القانوني، علاوة على تحديد عقوبات رادعة سوف تطبق بحق كل من يعتدى على قاعدة البيانات بأي صورة من الصور.
وقد إعترف "نيلكاني" في حديث له لمجلة "تايم" الإمريكية بأن المشروع الهندي المذكور، ليس سهل التحقيق في بلد كبير كالهند، بمعنى أنه لكي يكتمل وفق الخطة الموضوعة في عام 2018، سوف يواجه تحديات كبيرة، قائلا: " إننا بصدد إصدار هويات لنحو مليار وربع المليار من البشر، ولكم أن تتخيلوا المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه الهويات لو وضعنا الواحدة فوق الأخرى"، ومضيفا: "سوف يبلغ إرتفاعها مائة وخمسين مرة أكثر من إرتفاع قمة إيفرست البالغ 1200 كيلومترا. غير أنه أوضح أن الفوائد التي ستتحقق للهند وللهنود من وراء المشروع يبرر المضي فيه بعزيمة وإصرار. فهو يسمح للدولة بخلق قاعدة بيانات سليمة ودقيقة عن الشخصيات الضالعة في عوالم الجريمة والإرهاب وقطع الطرق. ومن ناحية أخرى، هو يسمح للهند بتتبع الأفراد الذين يتهربون من دفع الضرائب للدولة، علما بأن دافعي الضرائب الهنود لا يتجاوزون حاليا نسبة 5 بالمئة من السكان. إلى ذلك فإن المشروع سوف يساعد الهنود على الإرتباط أكثر بخدمات النظام المصرفي الذي لا يستفيد منه سوى القلة، بسبب عجزهم عن فتح حسابات في المصارف لأن هذه الأخيرة تشترط عليهم تقديم ما يثبت هوياتهم بصورة مفصلة، والهويات الدقيقة المعتمدة لا وجود لها.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين
تاريخ المادة : أكتوبر 2010
البريد الإلكتروني: elmadani@batelco.com.bh


سعدات يتعرض لعملية قتل ممنهجة/ راسم عبيدات


......واضح أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها والمستوى السياسي في الحكومة الإسرائيلية قد اتخذوا قراراً بتصفية الأمين العام للجبهة الشعبية القائد احمد سعدات،وعملية الاستهداف لهذا القائد جزء منها ثأري وانتقامي كون سعدات وقف على رأس التنظيم الذي قتل الوزير زئيفي ردا على اغتيال الأمين العام السابق للجبهة الشعبية الشهيد أبو علي مصطفى،والجزء الآخر متعلق بمبدئية وعقائدية هذا الرجل،الذي لم تهزمه لا أجهزة المخابرات الإسرائيلية ولا معتقلاتها ولا أقسام عزلها ولا زنازينها،بل استمر ثابتاً راسخا على نفس القناعات والمبادئ،لم يتخلى عن دوره لا الوطني ولا الحزبي ولا الاعتقالي ورغم كل القيود والحواجز ظلت هموم شعبه ومشروعه الوطني من أولويات هذا القائد،هذا القائد من القيادات الفلسطينية القليلة الملتحمة بهموم وقضايا شعبها،المشبع بروح النضال والثورة في ميدان ومعمان العمل والكفاح،أدركت إدارة السجون الإسرائيلية وأجهزتها الاستخبارية ومعهما حكومة الاحتلال في قمة هرمها السياسي،أنه لا مناص إلا التخلص من هذا القائد بعيداً عن التصفية المباشرة وبدون إثارة جلبة وردات فعل،حيث لجأت الى عزله منذ أكثر من خمسمائة يوم في أقسام العزل الانفرادية،وليترافق ذلك مع منعه من زيارة أهلة وذويه،ولتقوم أيضاً في الحادي والعشرين من هذا الشهر محكمة صهيونية بتمديد عزله لمدة ستة أشهر الأخرى حتى 21/4/ 2011،وبما يعني أن هناك قرار في أعلى المستويات السياسية الإسرائيلية بتصفية الأمين العام للجبهة الشعبية القائد سعدات،ظانة أنها بالعزل المستمر له ستتمكن من كسر إرادته وتحطيم معنوياته أو لربما تفتك رطوبة جدران الزنزانة وقذارتها وكذلك سياسة الإهمال الطبي في جسده،وبما يسبب له عاهات وأمراض مستديمة أو الموت البطيء في زنازين العزل،أو قد تقدم إدارة مصلحة السجون وبقرار سياسي ومخابراتي على تصفية القائد سعدات بواسطة أدوات مأجورة وعميلة كما حدث مع الشهيد ابراهيم الراعي في زنازين سجن الرملة.

ومن هنا وفي ظل الخطر الحقيقي الذي يتهدد حياة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات،حيث لم يقتصر الأمر على العزل الانفرادي المستمر والمفتوح،بل يترافق ذلك مع منع الزيارة العائلية للقائد سعدات وحرمانه من أبسط حقوق ومقومات الحياة في زنزانة لا تصلح كزريبة للحيوانات.

وإن من يتحمل المسؤولية الأولى والمباشرة في هذا الجانب مع حكومة الاحتلال عن حياة الأمين العام للجبهة الشعبية،هم الذين جرى اختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية من سجونهم في 14/3/2006 ،والذين تصورا أن حكومة الاحتلال ومعها الحكومتين الأمريكية والبريطانية ستلتزمان بالاتفاقية التي تنظم اعتقال سعدات ورفاقه في سجون السلطة،وكأن كل التصريحات الرسمية الإسرائيلية بأنها ستقوم باختطاف وقتل سعدات ورفاقه لم تكن كافية لهم ،لكي يدركوا أن حكومة تمارس كل أشكال البلطجة والزعرنة والخرق السافر والوقح لكل الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية،لن تتورع عن اقتحام سجن أريحا واعتقال سعدات ورفاقه وخصوصاً أن لها سجلاً حافلاً في هذا الجانب والمجال.

وقضية سعدات ليس قضية فردية،بل هي قضية كل الأسرى المعزولين وخصوصاً الذين قضوا منهم خمس سنوات فما فوق في العزل الانفرادي المتواصل وعلى رأسهم الأسير معتز حجازي من القدس والذي دخل عامه العاشر في هذا العزل،وهذه القضية الأهم التي تجعل الحركة الأسيرة الفلسطينية بمجموعها تقدم على خوض إضراب مفتوح عن الطعام على الطريقة الايرلندية بدون ماء وملح من أجل إخراج وإغلاق أقسام العزل،ولكن ما يمارس بحق سعدات من إجراءات وممارسات قمعية وإذلالية وعزل كلي عن العالم الخارجي،ينذر بأن حكومة الاحتلال وأجهزة مخابراتها وإدارة مصلحة سجونها،تبيت شيئاً مريباً لهذا القائد.

نعم هناك تحرك حزبي وجماهيري محلي وعربي ودولي للمطالبة بإنهاء عزل الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات والعمل على إطلاق سراحه،جهد وتحرك عماده الأساس الجبهة الشعبية أعضاءها وأنصارها محلياً وعربياً ودولياً والأطر والمنظمات والأحزاب الصديقة،وهذا التحرك والنشاط يأتي في إطار الفعاليات التضامنية التي أعلنتها الجبهة الشعبية مع أمينها العام،ولكن هذا الجهد والتحرك لوحده غير كافي لإنقاذ حياة الرفيق القائد سعدات وأسرى العزل،بل لابد من رسم إستراتيجية فلسطينية شاملة يتكاتف فيها الجهد الشعبي والحزبي مع الجهد الرسمي محلياً وعربياً ودولياً،وخصوصاً ونحن نعرف جيداً أن هناك قصور جدي في هذا الجانب من قبل البعثات والسفارات الفلسطينية في الخارج فيما يخص قضية الأسرى عامة والمعزولين منهم خاصة،وهنا يجب التحرك ضمن إطار العمل على تدويل قضية الأسرى،وتدويل القضية يعني ضرورة اعداد ملف كامل يرصد كل الانتهاكات التي تمارس بحق أسرانا في سجون الاحتلال،تلك الانتهاكات التي لا تشكل فقط خروجاً وخرقاً للقوانين والمواثيق والاتفاقيات والأعراف الدولية،بل تصل حد جرائم الحرب،وبما يعني جلب قادة الاحتلال الذين يشرعون ويوافقون ويمارسون التعذيب المنظم والممنهج بحق الحركة الأسيرة الفلسطينية إلى المحاكم الدولية كمجرمي حرب،وأيضاً التحرك الفلسطيني بشأن قضية الأسرى بالضرورة أن لا يكون موسمياً،بل يجب أن يكون العمل والتحرك وفق رؤيا وخطة وبرنامج يغطي كل أوجه وجوانب العمل في الداخل والخارج،بحيث تتجند له كل الإمكانيات والطاقات شعبية وحقوقية ومؤسساتية وحزبية ورسمية،فمن غير المقبول بل من العار علينا أن يبقى 24 أسيرا فلسطينياً خمسة وعشرين عاماً فما فوق في سجون الاحتلال،وكذلك أكثر من مئة آخرون يقضون عشرين عام فما فوق،فأنت في الأسر كثيراً ما تسمع من المناضلين ومن مختلف ألوان الطيف السياسي في سجون الاحتلال عبارات من طراز أي ثورة وأي قيادة هذه التي تترك أسراها في السجون ثلاثين عاماً فما فوق؟!وهذا دلالة على حالة من الإحباط وعدم الثقة،ونحن لا نريد لأسرانا وفي المقدمة منهم المعزولين وعلى رأسهم الأسير القائد احمد سعدات،أن يتحولوا من شهداء مع وقف التنفيذ إلى شهداء فعلين في سجون الاحتلال وأقسام عزله وزنازينه،فواجبنا ومسؤولياتنا جميعاً قوى وأحزاب وسلطة ومؤسسات وجماهير،خوض كل أشكال النضال من أجل تحرير أسرانا من سجون الاحتلال.

عواصف الذعر .. وموسم إبادة الحشرات/ مجدى نجيب وهبة


** فجأة وبدون مقدمات ، بدأ موسم الإبادة الجماعية لحشرات الإرهاب والفتن الطائفية ، وكان النصيب الأكبر من الإبادة للقنوات الفضائية الدينية بوقف 12 قناة وإنذار 20 لمراجعة برامجها والإلتزام بالإطار السليم للبث الفضائى ، وقد أكد الوزير أنس الفقى وزير الإعلام أن الغلق لهذه القنوات حيث دأبت على إشاعة روح الفتنة والتشكيك فى العقائد من خلال نشر الخرافات والطعن فى العقائد والإديان من خلال البرامج التى تثير النعرات الطائفية ... وعقب صدور القرار أصاب الذعر بعض أصحاب هذه القنوات وبعض الصحف الصفراء والمتطرفة ، وإنطلقت الأقلام المأجورة للتشكيك فى مصداقية القرار ودوافعه ، وهم يتسألون فى دهاء وخبث الدور على مين ؟!! ، وهنا سنرصد أحد هذه النماذج فى جريدة صوت الأمة الصادرة فى 23 أكتوبر 2010 .
** كتب وائل الإبراشى مقال بعنوان "الأمن والدعاة من عمرو خالد .. إلى القنوات الفضائية الدينية" ، قال الإبراشى أن السلطة تستخدم بعض المشايخ كورقة سياسية للهجوم على الشيعة أحيانا كلما توترت العلاقة بين مصر وإيران ، وتقل حينما تتحسن العلاقات ، وقد إتهم الإبراشى الأمن بأنه الصانع لهذه القنوات الدينية وضربها الأن هدفه ضرب البرامج السياسية فى الخطوة القادمة ، كما أشاد الإبراشى فى مقاله بالدكتور صفوت حجازى على شجاعته فى مقاله (ص5) ، حيث إعترف الأخير بأن المشايخ لا بد أن يحصلوا على موافقة أمن الدولة قبل تقديم برامج الفضائيات وضرب مثالا بالشيخ عمر عبد الكافى حيث تحول إلى نجم يلتف حوله الألاف ، وحينما غضبت منه الكنيسة بسبب تصريحات وفتاوى نسبت إليه تحض على كراهية الأقباط إنقلبت عليه السلطة ومنعوه من الخطابة فى المسجد ، ثم هددوه بشريط فيديو فاضح ، حتى إبتعد عن الساحة تماما وإعتبر الإبراشى أن البرامج السياسية هى المحطة القادمة وهى الهدف الأساسى من ضرب القنوات الدينية .
** أما الأستاذ "مختار نوح" كتب فى نفس العدد "فجأة وبلا مقدمات قررت الحكومة المصرية إلغاء "الهامش" وعادت أمنا الغولة إلى عهدها القديم تأكل الأطفال وتقتل الشيوخ وتعتقل الألاف وتبالغ فى تزوير إرداة الأمة ثم قررت وبدون مقدمات الإطاحة بالقنوات الدينية الفضائية ورجح مختار نوح كما نقل على لسان صديقه "المقدس خلة" أنه هذه علامات إنتخابات الرئاسة ولا داعى للفزع فسوف يعود "الهامش" مرة أخرى ويعود الشعب إلى الصراخ فى الفضائيات ويزور المذيع الأسرة التى غرقت تحت المجارى وتم إنتشال ثلاثة منهم بأعجوبة بينما مات عشرة أفراد أخرون .. وسوف يبكى المواطنون فى القرى المصرية أمام الكاميرا وهم يناشدون المسئولين أن يرسلوا قطرة ماء ، وتساءل نوح هل "سيعود الهامش" أم أن "الهامش" الديمقراطى ذهب ولن يعود ؟!! .
** أما الشيخ حازم أبو إسماعيل قال "إن الحكومة ترغب فى إغلاق أى نوافذ قد تتبنى وتدعم وجهة نظر الإخوان فى الإنتخابات القادمة وقد حذر الشيخ أبو إسماعيل من طوفان المشاهدين بعد إعادة تلك القنوات لتصل إلى 100% بعد مرور الإزمة .
** كما صرح البعض بأن النظام يغلق هذه القنوات الدينية لإرضاء الكنيسة بعد أزمة كاميليا شحاتة لضمان دعمها فى الإنتخابات .
** أما الشيخ صفوت حجازى يقول "أن القنوات الدينية كلها تابعة لمباحث أمن الدولة وستبث من خارج مصر حتى لو إضطررنا للجوء السياسى ودافع عن قناة الناس وقال أن دعاة الفضائيات الممنوعة حاصلون على دكتوراه وليسوا سائقى ميكروباص وقال أتحدى أى إنسان أن يشير علينا بأحد هؤلاء الشيوخ وإعتباره غير متخصص أمثال الشيخ "أبو إسحاق الحوينى" أو "الشيخ يعقوب" أو "د. عمر عبد الكافى" الحاصل على دكتوراه من جامعة الأزهر ود. زغلول النجار الداعية المعروف وأستاذ الإعجاز العلمى فى القرأن وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والشيخ محمد جبريل ليسانس الشريعة بالأزهر وأضاف من يقول بهذا فكأنما يقول أن ضوء النهار يحتاج إلى شهادة من الشمس .
** وكنوع من التوازن سمحت الجريدة بنشر كلمات الرجل المحترم والشيخ الوقور عبد الفتاح عساكر الذى قال "أحيى الأجهزة الأمنية التى أغلقت قنوات الشعوذة ، وتساءل لماذا يغضب البعض عندما يتدخل الأمن المصرى لإغلاق هذه القنوات لأنه لا يغضب من الأمن إلا اللصوص !! .. وإعتبر عساكر أن كلام الحوينى ويعقوب وحسان يساعد على إنتشار الإرهاب فى العالم الإسلامى ... هذا ما تم نشره فى صوت الأمة بتاريخ 23أكتوبر 2010 .
ورداً على ما نشره أ. وائل الإبراشى والذى يختلف 360 درجة عن مضامين ما تم نشره فى مجلة روزاليوسف بتاريخ 9 مارس 2001 العدد (3795) كتب مقال بعنوان "أرجوكم .. أرجوكم .. أوقفوا ظاهرة تقديس المشايخ عبر التليفزيون" .. "أخطر ما يهدد المجتمع هو شيوع ظاهرة التقديس ، تقديس المشايخ والمشاهير إلى حد إيهام الكثيرين بأن تفسيرهم لكلام الله ليس إلا جزءا من كلام الله ، فالتليفزيون هو الذى أخرج لنا الشيخ عمر عبد الكافى فإذا قال للفنانة – أى فنانة – الفن حرام تحجبت على الفور ، وإذا قال لا تصافحوا المسيحيين يتبعه العشرات من البسطاء الذين إنخدعوا بالتفسير التليفزيونى للإسلام ، وعندما إكتشف المسئولون أكاذيبه وإنحرافاته طردوه ووضعوه فى حجمه الطبيعى ولكن بعد ان كان إستأثر بقلوب العشرات ، وقبله صنع التليفزيون المصرى ظاهرة "عبد الصبور شاهين" شيخ التكفير وهو صاحب الموقف المدعم لأحمد الريان بعد أن صرحوا المودعون الغلابة الذين نصب عليهم أحمد الريان ووقف عبد الصبور شاهين فى الجمعية العمومية وصرخ "أموالكم عند أحمد الريان وكأنها عند الله" ... فعل التليفزيون ذلك أيضا مع شيخ كوبرى الجامعة "حسن شحاتة" ، ثم فوجئنا به متهم أمام نيابة أمن الدولة بإزدراء الدين فى قضية شهيرة إتهمت معه فيها بعض السيدات التى إقتربن منه وحينما قال الشيخ الشعراوى أمام شاشة التليفزيون "أنا قعدت بنتى فى البيت بمجرد أن وصلت إلى الإعدادية ، قلده الكثيرين وأخرجوا بناتهم من المدارس فى المرحلة الإعدادية ، ولما مات الشعراوى أقام له بعض أقربائه ودراويشه مقاما ورووا الكثير عن بركاته ومعجزاته ... كما قام التليفزيون بتلميع ظاهرة تليفزيونية جديدة إسمها زغلول النجار وكان سبب ظهوره المذيع "أحمد فراج" فقد صار يرافقه فى كل الندوات التى يدعى إليها وكأنه أصبح صاحب التوكيل الوحيد "للنجار" ليمرح زغول النجار فى دائرة التلميع كما يشاء ، وكما يريد المسئولون فى التليفزيون .... وختم الإبراشى مقاله "أرجوكم إنزعوا فتيل القنبلة المقدسة القادمة .. كفانا ما حدث من كوارث بإسم التفسير التليفزيونى أو التمثيلى للإسلام ... إنه مقال الإبراشى والمنشور فى مجلة روزاليوسف عام 2001 .
** فهل يتفق مع مقاله المنشور بصوت الأمة 23 أكتوبر 2010 والذى يشيد بمقال د. صفوت حجازى الذى أشاد بـ د. زغلول النجار وعمر عبد الكافى والشيخ حسان والحوينى .. إلخ ، فلنترك المساحة للقارئ ليقارن بين 2001 و 2010 .
** لقد منع التليفزيون المصرى هؤلاء الشيوخ المتطرفين والمحرضين على إشعال نار الفتن الطائفية بعد أن فاحت رائحتهم وأزكمت الأنوف وهذا معناه أن هذا البلد له قوانين يجب إحترامها وفى مقدمتها الحفاظ على القيم والعادات وإحترام الأديان ... لقد منع د. صفوت حجازى هو الأخر من القنوات المصرية بل ومن أى أعمال داخل مصر مما جعله يهرول إلى دول الخليج ويرسل من هناك خطابات إستعطاف للسادة المسئولين نشرتها بعض صحف التطرف .. هرولوا كل هؤلاء وراء فضائيات الخليج وأستوديوهاتها ولكنهم لم ينجحوا فعادوا ليطلوا علينا بسمومهم من خلال قنوات خليجية ، مثل قناة إقرأ وهى ملك لرجل الأعمال الشيخ صالح كامل وقد حاول إخفاء ملكيته للقناة حتى لا تتأثر مجموعة قنواته الخمس وهى ART حتى لا يؤثر ذلك على الإشتراكات خاصة فى أمريكا وأستراليا حيث أن بهم نسبة كبيرة من المشاهدين وأغلبهم من المسيحيين ، وقد ضمت هذه القناة الفنانات التائبات أمثال سهير البابلى ، ياسمين الخيام ، شهيرة ، شمس البارودى ، عفاف شعيب ، ثم إنضمت إليهم حنان ترك ومنى عبد الغنى ، كما قامت هذه القناة بإستضافة الفنان "حسن يوسف" وبالقطع دار الحوار بين مقدم البرنامج وهؤلاء الفنانات عن قصة توبتها بإعتبار أن الفن من المبوقات والمحرمات وعلاقتها الأن بالفن فغالبا يكون الرد "إنها لا تذكر الأن أى شيئا" ... أما عن المسئول عن الإدارة التنفيذية للقناة هو عبد القادر طاش ، سعودى الجنسية ومعروف بإنتمائه للإخوان المسلمين وكان يرأس تحرير مجلة إسمها "الزواج" وبالقطع لم يكن الهدف القناة سوى تخريب الفن المصرى بالإدعاء أن الفن حرام .
** وقدمت هذه القناة أباطرة ونجوم الإرهاب والتطرف فلمع نجم عمر عبد الكافى وبدأت القناة تروج له بشكل ملح ومستفز رغم معرفة المسئولين بالقناة من هو عمر عبد الكافى ، أما عن خرافاته الذى ظل يرددها ويروج لها بالقناة وأفكاره المتخلفة فلم تخرج عن الدجل والشعوذة والنصب والإحتيال وفتاوى حبس المرأة وتكفير المجتمع وعدم مصافحة الأقباط وتحقيرهم ، بل قام المسئولين عن هذه القناة بتصعيد هجومها على مصر بواسطة عمر عبد الكافى وذلك بمجرد السماح لها بالبث على النايل سات 2006 القمر الذى صنعه المصريون بأموالهم وسواعد أبنائها وكنبة المسئولون المصريون فى النايل سات إلى هذا الهجوم والتخريب فقطعوا البث المباشر أثناء إحدى حلقات عبد الكافى التى حاول فيها صب الزيت على النار وتأجيج الفتنة بين أبناء الوطن ، ولكن مسئولى قناة "إقرأ" إعترضوا على إعتبار أنه "بفلوسنا نقول اللى إحنا عايزين نقوله" ، وتم إستكمال البث بل والأدهى أن الزحف الوهابى على النايل سات لم يرضى بمجرد قناة يتيمة وإنما إمتد إلى شراء القنوات المصرية نفسها مثل الدراما والمنوعات والرياضة فى مخطط واضح لتعليب الفكر المصرى على الطريقة السعودية .
** ثم ظهرت قناة "الناس" والتى إنطلق منها نجوم الإرهاب السوبر أمثال محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وأبو إسحاق الحوينى والشيخ صفوت حجازى وعمرو خالد إلا أن بعضهم إختلفوا مع القائمين على القناة بسبب الأجور وقيمة الربح من الإعلانات وإنتقلوا إلى قناة الرحمة .
** لقد تناسى الإبراشى أنه هاجم نفس الوجوه التى يدافع عنها الأن منذ عشر سنوات ويزعم أن الخطوة التالية هى غلق البرامج السياسية ويتباكى على غلق القنوات الدينية .
** لقد أساء الكثيرين للإٍسلام .. فى الماضى كان هناك رجال مستنيرين مثل الأفغانى ومحمد عبده والمراغى والباقورى ومحمود شلتوت .. رجال تراهم فى إتجاهات شتى ومراحل متعددة لكنهم كلهم يجتمعون فى ضفة واحدة وشعار واحد هو "الدين لله والوطن للجميع" أما الأن فلدينا رجال خاضوا معارك المرأة والفراش والجنس والحيض والجماع وتكفير الأخر وغير ذلك من موضوعات "قلة الأدب" التى يتم إلباسها زياً شرعيا وفتاوى من نوعية "إرضاع الكبير" التى أطلقها د. عزت عطية عام 2007 وتحريم إقتناء التماثيل وجواز الإستحمام باللبن وهل يجوز للمرأة أن ترسل ملابسها ليكويها كواة ذكور وحرمة دخول المرأة على الإنترنت بدون محرم وحرمة خلع الزوجين لملابسهما أثناء الجماع ، وفتوى د. على جمعة مفتى الجمهورية "التبرك ببول الرسول" وكلها فتاوى إستهلاكية صدرت بالفعل وللأسف "ملأت الدنيا وشغلت الناس" ، فهى لا تعيد حقا ولا تقوم إعوجاجاً ولا تنصف مظلوما ولا شئ حقيقى سوى الفراغ والضحالة .
** إنطلقت على هذه الفضائيات دعاوى القتل والفوضى وجعل القتل عند المسلمين مثل قتل الذباب والدجاج ... لقد إنطلق د.صفوت حجازى للدفاع عن زغلول النجار بجريدة صوت الأمة بينما يشيد بمقال السيد وائل الإبراشى وتناسوا الإثنين أن النجار سليل جماعة الإخوان المسلمين ، الجماعة المحظورة التى إعتادت خلط الدين بالسياسة ، أما زغلول النجار فقد طور الفكرة لخلط الدين بالعلم فهو صاحب كتاب "الإعجاز العلمى للقرأن" ، وهو صاحب موسوعة جينز فى تعجيز وتكفير المسيحيين .
** لقد تحولوا هؤلاء الشيوخ فى القنوات الفضائية الدينية إلى نجوم ، حرموا كل شئ وجعلوا فاعل المعصية كافرا وغير المنقبة خارجة عن الإسلام وحالق اللحية عاصيا .
** لقد كان سكوت الدولة على ممارسة الإخوان التى تتنافى مع الشرعية خطأ كبيرا ، وكان يمثل عدم إحترام للدستور والقوانين المعمول بها والتى تحظر إستخدام شعارات أو رموز دينية فى الإنتخابات .
** لقد برأت المحكمة الإدارية العليا صاحب فتوى إرضاع الكبير وأعادته إلى عمله كأستاذ ورئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر وإلغاء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر بمعاقبته بالعزل من الوظيفة .
** اما عن صدور حكم محكمة الدستورية العليا بإلغاء الحرس الجامعى فإنتظروا الفوضى قريبا داخل أسوار الجامعة فلم يكن دور الحرس الجامعة هو الإقتصار على الأمن السياسى كما يحاول البعض الترويج لذلك بل كان دور الأمن هو حماية المنشأت وحماية الأعداد الخفيرة من الطلاب كما أن مهمتهم متابعة الحوادث الجنائية التى تقع داخل الحرم الجامعى بإعتباره مجتمع يضم الصالح والطالح وبالتالى معنى إلغائه هو تحويل العملية التعليمية داخل الجامعات إلى فوضى عارمة ، وسوف يجد الحكم رواجا لدى صحف الفتنة والإخوان ففى جريدة " المصرى الإخوانية" خبر بالبنط العريض فى صدر صفحاتها "إحتفالات طلابية حاشدة بـ"إبعاد الحرس الجامعى" ونظيف : الحكم معناه إلغاء تبعية الحرس لـ "الداخلية" .... نعم لقد توقعنا تهليل "المصرى الإخوانية" لصدور الحكم ورغم ذلك مازال رجل الأعمال نجيب ساويرس لا أرى لا أسمع لا أتدخل .
** لقد تناسى هؤلاء الموتورين "جرائم طلبة المحظورة" داخل أسوار الجامعة .. تناسوا هؤلاء الموتورين الجنازير التى هاجم بها طلبة الإخوان مسرح الجامعة وتم الفتك بالزملاء القائمين عليه .. تناسوا هؤلاء الموتورين فرض الحجاب على الزميلات الجدد وإرهابهم داخل أسوار كلية دار العلوم .. تناسوا هؤلاء الموتورين ظهور جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن التعليم داخل أسوار الجامعة لتأديب الطلبة والطالبات .. تناسوا هؤلاء الموتورين أن طلاب الإخوان هم النواة أو البذرة لجماعة الإخوان المسلمين خارج الجامعة .. تناسوا هؤلاء الموتورين يوم أن جردوا بعض طلبة الإخوان أستاذ جامعى من ملابسه وتم جلده على رجليه وسط حشود الطلبة لأنه إعترض على تصرفات "بلطجة الجماعة داخل أسوار الجامعة" .
** ومع إحترامنا الكامل لمحكمة الدستورية العليا فهناك قانون الطوارئ والذى وضع خصيصا من أجل هذه الأفاعى والحيات .... فلا وألف لا لمنع حرس الجامعة ، فهو صمام الأمن والأمان لأبنائنا الطلاب ، وإلا فالخاسر الوحيد هو الجامعة والوطن .