سنه كبيسة/ عطا مناع

لو سألت مواطن فلسطيني مقيم في الضفة الغربية أو قطاع غزة عن أحواله ورأيه في الحالة الفلسطينية الراهنة لقال لك العجب العجاب وجعلك تبصق الحصوة من فمك وتلعن ما لا يلعن.
ولو وجهت نفس السؤال لمسئول فلسطيني مقيم في الضفة الغربية أو قطاع غزة لعملك"البحر مكاثي" كما جاء في القول المأثور، ولنظم لك قصائد الغزل بالوضع القائم،ولقال لك الأمن مستتب والشعب شبعان والدولة على مرمى حجر والديمقراطية سكر زيادة، لكن ما تتوقع تكون مثل سويسرا.
في مجمل دردشاتي مع بعض الأصدقاء ومن ضمنهم صديقة تسكن مخيم جباليا الذي له مكانة في قلبي وقد يكون السبب أنة أطلق انتفاضة الحجارة، حاولت أن اطمئن على أحوال الناس والمخيم خلال العاصفة الجوية التي حرمت الصيادين من قواربهم، فقالت لصوت المطر طعم خاص فنحن نشعر فيه أكثر منكم، قلت لها لماذا فالمطر واحد ونحن أبناء جلدة واحدة، قالت"الزينكو" أي الصفيح فبيتنا نصفه اسمنت ونصفه "زينكو" وأنا ألان استمتع بجمالية المطر، وعلى الفور حضرت الصورة إلى مخيلتي فانا اعرف ماذا يعني أن يكون بيتك من "الزينكو"وماذا يعني هذا في الشتاء، ولا اعرف لما تذكرت احد القادة الجدد الذي انعم اللة عليهم بعد اتفاقية أوسلو وحمد ربة على نسيان غرفة الوكالة بكل"قرفها" كما قال لي وبنى فيلا ويستهين بمناداتنا بقنا في العودة حتى لو بعد ألف عام.
في بداية الأقصى كنت اعمل في مدينة الخليل، كنت أرى الناس يسيرون عدة كيلومترات وسط قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وكانت الابتسامة والأمل لا تفارق ملامح هؤلاء المعذبين.
في جبل جوهر في مدينة الخليل شاهدت سيدة تخبز على الصاج وتستخدم الكتب المدرسية فقط في إشعال النار، سألتها بتذاكي لماذ لا تستخدمي الحطب أو الخشب، ابتسمت وقالت لي كلهم في السجن والحمد للة مستورة، تذكرت والدتي ونساء المخيم عندما كن يقطعن ثلاثة كيلومترات لإحضار"تنكه " ماء لاستخدامها للشرب وغسل الملابس والاستحمام وكل ما يلزم باستثناء الحمام لان الحمام أو ما يسمى بيت الراحة كان عاما ولا يحتاج إلى ماء.
في قطاع غزة وحسب التقارير ينام غالبية الناس على المهدئات، وفي الضفة الغربية تضبط أجهزة الأمن ما بين الحين والأخر كميات لا يستهان بها من الفياغرا، وفي الحالتين الشعب غارق في الوهم ينتظر فرج اللة الذي لن يأتي قريباً، حتى أن التقارير الإخبارية وأصحاب الخبرة يؤكدوا أن هذا الشتاء غير مسبوق منذ مئة وخمسين عاما، والواضح أن المطر يرفض تلبية صلوات العطاش حتى لو كانوا مشايخ وحاخامات.
بالأمس كنت أتمشى مع صديق على الشارع الرئيس المحاذي للمخيم، وأنا اقطن منطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية، انتفض صديقي مستغرباً عندما شاهد العلم الاسرائيلي من الحجم الصغير يرفرف على سيارة تحمل اللوحة العربية لدرجة أنة حاول اللحاق بها لو أنني أعدته إلى صوابه، وحاولت أن أوضح له أن قفا نسبة لا باس بها مختوم بالنجمة السداسية.
قبل سنتين حصل العدوان الهمجي على قطاع غزة والإسرائيليين أطلقوا على جريمتهم عملية الرصاص المصبوب، ولا زالت مشاهد الوجع الفلسطيني في غزة حاضرة في أذهان من تذوقوا الوجع وفقدوا أبنائهم، ولا زال بعض الفلسطينيين يتذكروا الجريمة الكارثة، الغريب أنها مرت علينا دون أن نتوقف أمامها سوى بعض البيانات والتصريحات الضرورية والجاهزة للمناسبات الوطنية الجليلة.
رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض يخاطب سكان القطاع قائلاً ساعة الخلاص باتت قريبة وان موعدنا مع الحرية بات قريبا، والمتتبع للمشهد الفلسطيني يرى بوضوح آن طبول الحرب الإسرائيلية تقرع على حدود غزة ما يعني المزيد من الضحايا وبالطبع أطفال ونساء، ولا اعرف إن كان باستطاعتنا التضامن مع غزة الشعب والمقاومة هذه المرة.
الحكومة المقالة تلاحق الوطنيين من أبناء حركة فتح وتصدر أحكام الإعدام بحقهم، وتصف الحركة بالتيار الخياني وتخرج علينا لتقول نحن مع المصالحة، لا اعرف يجوز أنهم يقصدون كوستاريكا أو الفلبين، وفي الضفة الغربية اعتقالات بقولون أنها ليست سياسية لكن اللي بعرف بعرف واللي ما بعرف بقول كف عدس، ويبدو أننا في هذا الوطن أصبحنا من عشاق العدس.
الدكتور صائب عريقات بسلامتو زار مدينة بيت لحم قبيل الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، تحدث عن جمود عملية السلام والصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال وتُوج اللقاء في مطعم أبو ايلي كما قالت وكالة معا ومطعم أبو ايلي من المطاعم الخمس نجوم في المحافظة، لا نستطيع إلا أن نقول صحتين وعافية، لكن الصورة في مدينة الميلاد اكتملت عندما جابت سيارات الإدارة المدنية الإسرائيلية شوارع بيت لحم برفقة سيارات الأمن الفلسطينية، وبسلامتو مصور وكالة معا فكر انو على "راسو ريشة "وحاول يقنع نفسه أن حرية الصحافة مكفولة، لكنة عرف ان حق.
على أبواب السنة الجديد العديد من الكتاب يحاولون الولوج إلى الأحداث الهامة التي تعصف بالمنظفة، وفي بلدنا يتم التركيز السياسي والانقسام أو كما يحلو للبعض تسميته بالانقلاب الذي نفذته حركة حماس، ورغم ان المشهد الفلسطيني واضح إلا أننا نحاول ان نجتر التوقعات التي تبعث على التفاؤل على أمل ان تحدث معجزة رغم ان زمن المعجزات ولى وإلى غير رجعة، ومن جهتي لا اطلب الكثير من الباشاوات الفلسطينيين سوى الترفق بالشعب واستخدام الجزرة بين الحين والأخر بدلا من الاعتماد على العصا والكيس الذي ورثناه عن الاحتلال.
يقول الفلكيون أن الفرق بين السنة الكبيسة والسنة العادية هو يوم واحد زيادة لصالح السنة الكبيسة كل أربع سنوات، وفي حالتنا تمر السنيين كما الأيام على بعضنا، وهناك من يعاندهم الزمن وخير مثال على ذلك الأسرى الفلسطينيين في زنازين العزل الانفرادي الذين تتفن إدارة السجون الإسرائيلية في تعذيبهم، وفي ظل عدم اعتراف الحركة الوطنية الفلسطينية بشقيها المقاوم والتسووي بالهزيمة وفشل البرامج الجماهيرية التي رفعتها تزداد حدة ألازمة ويتحول المشهد إلى مبادرات عقيمة لا تحدث تراكمات حقيقية.
بالأمس تورطت في نقاش حول الوضع الداخلي الفلسطيني وكان التشخيص المتفق عليها أننا مهزومون وعلينا أن نعترف بذلك حتى نتجاوز هزيمتنا، والخطر المحدق بشعبنا هي الهزيمة الثقافية التي إذا حدثت ستحولنا لمجرد كائنات تحصي السنوات في رحلتها العدمية، وعودة قادة المرحلة والخطاب الديماغوجي ننتمي عليهم ونحن على أبواب السنة الجديد أن يكفوا أيديهم عن الشعب.

العنصرية.. وباء أخلاقي، اجتماعي، ثقافي وسياسي/ نبيـــل عـــودة

رائحة عفنة تنتشر في دولة إسرائيل. رائحة أكثر عفونة مما عرفناه في العقود الستة الماضية.
بدأت العفونة تزكم أنوفنا مع وصول هذا الإتلاف الغريب والمستهجن. لرئيس الحكومة موقف، ولوزير خارجيته موقف مناقض. لحزب العمل موقف، ولحزب شاس موقف مناقض.للوزير برافرمان موقف وللوزير بيني بيغن موقف مناقض. لوزراء حزب العمل موقف ولوزير الدفاع زعيمهم موقف مناقض. وداخل الليكود تعددت المواقف والتناقضات. والمهم ان الحكومة تواصل التنفس. ويبدو ان الإستقالات من مكتب رئيس الحكومة وآخرها مستشاره الصحفي وقبلها كاتب خطاباته ، هي الاشارة الى ان ما تبقى لنتنياهو هو الصراع لتطويل أجل حكومته المفككة.
ليس بالصدفة ان هناك إجماعا في إسرائيل بان هذه الكنيست التي أعطت ثقتها لمثل هذه الحكومة، هي أكثر كنيست سطحية وعنصرية في تاريخ الدولة.
لا ليس مجموعة حاخامات شاوروا الرب وأرشدهم إلى العنصرية في التوراة، حسب اعتراف رسمي لأحد كبار الحاخامات "أن العنصرية مصدرها التوراة". فهل كان الله عنصريا؟
ننتظر جواب الحاخامات .
بدأوا بالعرب. ثم انطلقت العنصرية من عقالها ضد العمال الأجانب، ضد اللاجئين الأفريقيين. ضد سود البشرة وضد الشرقيين وضد الروس، والكل ضد الكل.
وقبل ايام نُشر ان مدير مدرسة ثانوية مختلطة (من عرب ويهود) أصدر اوامره بمنع استعمال الطلاب العرب الذين يشكلون نصف الطلاب، اللغة العربية في حديثهم "لأن استعمال العربية هو تصرف غير مؤدب".
بالعامية نقول: "فلتة حكم"!!
لا يمكن تجاهل أصحاب الرأي اليهود بأكثريتهم الذين رفضوا تبريرات الحاخامات وعنصريتهم وعنصرية توراتهم، وطالبوا بمحاكمتهم موجهين نقدا لاذعا للمستشار القضائي للحكومة الذي ما زال غائبا عن استعمال صلاحياته ضد موظفين رسميين يتلقون أجورهم من الدولة، وملزمون عمليا بعدم تجاوز قانون الدولة، فكيف يسمحون لأنفسهم ان يوجهوا تحريضا دمويا ضد مواطنين متساوي الحقوق، رسميا على الأقل؟
السؤال: هل هذه الرائحة العفنة، التي تنتشر في المجتمع الإسرائيلي، بدأت بالحرب الشعواء التي بادر إليها حاخام مدينة صفد ضد الطلاب العرب، أم المكتوب يقرأ سلفا من عنوانه – مواقف الحكومة والكنيست وسلسلة القوانين العنصرية؟ ووقاحة التصريحات العنصرية للمسئولين؟
القول الكريم يقول: "كما انتم يولى عليكم" فهل انقلبت في اسرائيل المقولة الى "تصيرون كمن يولى عليكم"؟
ما هو التصرف الخاطئ في مواقف حاخام صفد وبعده عشرات الحاخامات، بالمقارنة مع حال الحكومة وتناقضاتها المضحكة؟ ماذا يختلف موقف الحاخامات عن مواقف أعضاء الكنيست من الإتلاف الحكومي، الذين أغرقونا بسلسلة اقتراحات لقوانين عنصرية أكثر من مجرد رفض تأجير منازل للعرب؟ وهل يختلف قانون المواطنة الذي اقترحه رئيس الحكومة عن المنهج العقلي العنصري للحاخامات؟
لا بد من معرفة مصدر الرائحة العفنة. الم يكن تصرف الوزراء وأعضاء الكنيست بالكرنفال العنصري في الكنيست، الذي شاهدنا أولى حلقاته فقط، عبارة عن ضوء أخضر للانفلات الفاسد ضد العرب وسائر "غير البيض"؟
كيف يمكن الصمت على تصريح عضو الكنيست يعقوب كاتس (حزب هأيحود هلئومي) الذي دعا الى "اطلاق رصاصة على راس كل بدوي يساعد المتسللين"؟ غدا سيقترح موبوء آخر بحل مشابه للتكاثر السكاني العربي في اسرائيل.
أقول بصراحة، هذه بداية وباء مدمر. نحن السابقون بدفع الثمن، والعنصريون سيدفعون ثمنا ليس أقل وليس أرخص مما دفعناه ونواصل دفعه. وكل يهودي عقلاني سيجد نفسه معزولا ومهددا اذا لم تتحرك الآن القوي العقلانية في المجتمع اليهودي، ونعرف انها كثيرة وقادرة على الحسم، وتعمل على اسقاط هذه الحكومة بقوانينها وشخصياتها العنصرية، وتطبيق القانون بحق العنصريين.
أبناء الأقلية العربية في إسرائيل ليسوا رهائن بيد السلطة أو تحت رحمة العنصريين ذوي اللحى أو بدون اللحى. عالمنا مختلف اليوم. ويجب أن يفهموا مرة واحدة إننا هنا في وطننا الذي لا وطن لنا غيره. ودولة فلسطين لن تكون وطننا، إنما وطن أبناء شعبنا.
من يفكر بنقلنا ليفكر بالعودة إلى وطنه أولا وإراحة باله من العرب في إسرائيل، والنوادي الليلية ستجد له عملا مناسبا.
المزيد من الضغط العنصري يولد قوة مضادة وفي حالة العرب في إسرائيل يولد المزيد من القوة المضادة بسبب التراكمات. هذا ليس قانونا فيزيائيا فقط، بل اجتماعيا وسياسيا أيضا. وسيولد بالتأكيد المزيد من الجنون العنصري.
الحل الوحيد للتخلص من الرائحة العفنة يبدأ بإسقاط هذه الحكومة، نهجها ورموزها.
فقط قبل أيام قليلة كنا شهودا على مسرحية في قمة الكوميديات السياسية. وزير خارجية إسرائيل يصرح انه لا يرى حلا قريبا مع الفلسطينيين، أي يدعو لقبر الجهود الدولية لحل سلمي. وأضاف أن على تركيا أن تعتذر لإسرائيل وليس العكس. وبعد اقل من ساعة، أعلن رئيس الحكومة أن وزير خارجيته لا يمثل موقف حكومته.
كان على نتنياهو أن يقول ذلك بالروسية الفصحى ليفهم وزير خارجيته أن كلمات نتنياهو تعني انك وزير بلا صلاحيات سياسية في أخطر قضيتين تواجههما إسرائيل؟ والحل اذهب إلى البيت!!
في أي دولة طبيعية الخطوة المتوقعة استقالة الوزير أو طرده. إلا في إسرائيل. لا تسألوني لماذا. والله العظيم لا افهم في التركيبة العقلية لنظام حكم من هذا النوع. الكل ضد الكل والكل متمسك بالكل!!
ربما هو تجسيم هزلي لقانون ديالكتيكي فلسفي عن "وحدة وصراع الأضداد". وربما يجوز أيضا أن نلجأ لقانون "نفي النفي"، نتنياهو ينفي ما يقوله ليبرمان، ليعود المنفي بقوة أكبر في الدورة القادمة. تماما مثل حبة القمح، ننفيها بزرعها، لتثمر مئات الحبوب في دورتها الجديدة.
إذن ما العلاقة بين ما أوردته، وبين الحاخامات العنصريين؟
العلاقة تنبع من عدم وجود معيار أخلاقي للسلطة.
نحن نعيش في دولة مليئة بالصراعات الإثنية الخطيرة. ولا ينقها صراعات دينية أكثر خطورة أيضا.
إن عدم تطبيق معيار قانوني واحد، يقود إلى هذه الظواهر الخطيرة التي نعيشها بكثافة غير مسبوقة منذ تشكيل حكومة نتنياهو ليبرمان.
هناك إهمال لإيجاد نهج يوطد جهاز السلطة وسياستها الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تضمن الازدهار للجميع بدون تمييز، وتعامل الجميع بنفس القوانين، وبنفس العقوبات. فقط حسب نهج كهذا يمكن التغلب على مختلف الصراعات أو تقليصها إلى أدنى مستوى ، بحيث يبدو كل موقف عنصري كنبتة غريبة عن المجتمع . الحال اليوم عكس ذلك تماما، والزيادة للأمام كما يبدو واضحا .
لا أطمح بكلامي إلى تأكيد مبدأ المساواة. إنما إلى تأكيد أن دولة بلا دستور، معرضة دائما لأمراض اجتماعية وسياسية وأوبئة عنصرية متعددة الأشكال.حتى اليهود الشرقيين يعانون من آفة التمييز ضدهم.
قبل أيام استمعت إلى تقرير مثير من راديو إسرائيل بالعبرية.أصحاب النوادي الليلية يمنعون ذوي السحنة الشرقية من دخول نواديهم، حتى اليهودي الأشكنازي إذا ابتلاه ربه بسحنة سمراء فهو مرفوض. ويهان باتهامه انه شرقي "؟!" بالطبع العرب أيضا، ولكن العرب تقريبا لا يدخلون مثل هذه النوادي. والعديد من القضايا وصلت للمحاكم.
هذا مجتمع مريض.
إن الظن أن استخدام النفوذ الديموغرافي، والسياسي ، والاقتصادي، الذي تتمتع فيه الأكثرية، أو القوة المسيطرة على السلطة، وهي "القوة البيضاء"، المؤسسة عمليا للدولة، من أجل نهج سياسي يفرض المزيد من الخناق على الأقلية العربية، وعلى "غير البيض" او " ذوي السحن الشرقية"، هي سياسة خطرة وتنهج على أساس حافة الهاوية. ويستحسن مراجعة ملف لجنة التحقيق الحكومية الرسمية – لجنة اور- التي أقيمت على أثر انفجار الغضب عام 2000 / وتوصياتها التي أهملت، ومراجعة التقرير الهام" ما بعد الأزمة " الذي قدم لإيهود براك حين كان رئيسا للوزراء. حيث يطرح أكاديميون عرب ويهود تحليلا علميا للواقع العربي في إسرائيل ويطرحون حلولا مدروسة بعناية. والمستهجن أن الأحزاب العربية لا تعرف عن هذا التقرير الهام أو تتجاهله "؟؟!!" رغم انه يشكل منحى سياسي استراتيجي فائق الأهمية لو أحسنوا استخدامه.
لذلك يجب أن لا تحدث مفاجئة إذا انفجر الغضب العربي مرة أخرى، من مجمل السياسات العنصرية والتمييزية !!
نبيل عودة – رئيس تحرير المساء- www.almsaa.net

جاذبيّةُ الأنثى وجاذبيّةُ الأرض!/ آمال عوّاد رضوان


منذُ الأزلِ وكتاباتٌ وأمثالٌ شعبيّةٌ وحِكَمٌ وأقوالٌ ترِدُ في ذِكرِ الأنثى، وبكلِّ مراحلِ عُمرِها، منذُ ميلادِها حتّى لحظةَ تُسْلِمُ بها الوديعةَ روحَها لباريها، وقد أعجبَتني موسوعةُ أقوالِ الفلاسفةِ والحكماءِ في عالمِ النّساءِ، مِن إعدادِ سيّد صدّيق عبد الفتاح، الّذي جمَعَ بينَ دفّتيْهِ أكثرَ مِن 15 ألف معلومةٍ عن عالم النّساء، بآراءَ متعدّدةٍ مِن 3000 مُفكّرٍ وفيلسوفٍ وقائدٍ وطبيبٍ وفنّانٍ وعالِم.

ما الّذي جعَلَ هؤلاء يَخصّونَ الأنثى بهذا الاهتمامِ الحافلِ بتقديرِها، والرّفعِ مِن قدْرِها وقيمتِها الاجتماعيّةِ والثّقافيّةِ والحضاريّة؟

ممّا لا شكَّ فيه، أنّ الأنثى كائنٌ رقيقٌ وجميلٌ يتدفّقُ حنانًا، فهي لا زالتْ تُشغلُ فِكرَ الحكماءِ في جميعِ بقاعِ الأرض، وتأسرُ الفلاسفةَ والشّعراءَ والأدباءَ بغموضِ أنوثتِها، لتغمرَ أقلامَهم وأفئدتَهم بحُبٍّ وحنانٍ ينسابُ حكمةً ورأفةً وتكريمًا لكينونتِها، وإقرارٍ بسِرِّ أهمّيتِها في الوجود!

وقد استوقفتني مقولةُ فيلسوف في غايةِ الإيجازِ والاقتضابِ والفصْل مفادُها: "في الأرضِ قوّتانِ تتحكّمانِ في الأشياء، جاذبيّةُ الأرضِ وجاذبيّةُ المرأة"!

كلُّنا يدركُ أهمّيّةَ جاذبيّةِ الأرضِ فيزيائيًّا وعِلميًّا على أرضِ الواقعِ، وأثرَ علاقتِها معَ الكواكبِ الأخرى، فهل جاذبيّةُ الأنثى تُوازي جاذبيّةَ الأرضِ في فعلِها الخفيّ؟

ما لغزُ جاذبيّةِ الأنثى، وما هي مقوّماتُها وعناصرُها؟ وأينَ تكمن؟

هل في ثقتِها بالنّفسِ وتقديرِها لذاتِها موضوعيًّا وبشكلٍ سليم؟

هل في قدرتِها على التّكيّفِ والتّأقلمِ معَ الوسطِ الاجتماعيِّ، ومواجهةِ صعوباتِ الحياةِ والتّصدّي لها؟

هل في سِعةِ ثقافتِها ومداركِها وإلمامِها الفكريّ الرّحب، أم في رجاحةِ عقلِها وتدبيرِ أمورِها؟

هل في أمومتِها الطّاغيةِ وحنانِها العميقِ، وعطائِها وتفانيها الّذي تغمرُ بهِ أُسْرتَها؟

هل في جمالِها الجسديِّ المُستأثِرِ بالإعجابِ والإغراءِ فحسْب، أم بأنوثتِها الخفيّةِ وجمالِ روحِها الآسرِ وعطرِ
حيائِها الفوّاح؟

لا يمكنُ أن ننكرَ أنّ للصّوتِ وللنّظرةِ اللّمّاحةِ وللزّيِّ آثارٌ بالغةٌ في التّأثيرِ المباشرِ وغيرِ المباشر، كما للجرأةِ في التّعبيرِ أيضًا صدًى، قد يكونُ سلبيًّا وإيجابيًّا بحسبِ المعاييرِ الاجتماعيّة، ولكن؛

هل يمكنُ لجاذبيّةِ الأنثى أن تتناغمَ معَ كلّ هذهِ العناصرِ في إطارِ شخصيّةِ أنثًى واحدة؟ كيف؟ ومتى؟

الجاذبيّةُ سلاحٌ ذو حدّيْن، قد يأتي على الأنثى بما لا تُحمَدُ عقباه، إن لم تُحْسِن استخدامَهُ في المكانِ والزّمانِ المناسبيْن، فلكلِّ مقامٍ مقال، ومسألةُ التّكيّفِ مع البيئةِ والتّأثيرِ بها تحتاجُ إلى حنكةٍ وتعقّلٍ، إن لم يكنْ إلى دهاءٍ!

هل مِن عبثٍ حذّرَ بعضُهم مِن دهاءِ المرأةِ؟

ثمّ؛ هل الجانبُ الفيزيقيّ الجسمانيّ هو عاملٌ رئيسيٌّ ومُحرّكٌ أساسيّ، أم أنّ الإنسانَ كانَ ذكرًا أم أنثى، هو كتلةٌ متحرّكةٌ ومُتحفّزةٌ مِنَ المشاعرِ والأحاسيسِ، والفكرِ الدّيناميكيّ المُتبدّلِ والمُتغيّرِ الطّامحِ إلى إثباتِ الوجودِ والحضورِ المتميّزِ؟

ورَدَ بجريدةِ "المصريّ اليوم"، أنّ "كاريمانز" وفريقٌ مِن العلماءِ مِن جامعةِ "رادبوت" في مدينة "نيمجن" شرقيّ هولندا، قاموا بإجراءِ دراسةٍ على 50 طالبًا و60 طالبة بالجامعة، حيثُ تركوهم في البدايةِ يتجاذبونَ أطرافَ الحديث، ثمّ خضعوا بعدَ ذلك للإجابةِ على امتحان، وذلكَ مِن أجلِ مراقبةِ مقدرةِ الأداءِ الذّهنيِّ للطّلاّبِ، بعدَ وقتٍ قصيرٍ مِن تجمُّعِهم مع زميلاتٍ يتمتّعنَ بقدْرٍ كبيرٍ مِنَ الجاذبيّة، فلاحظوا أنّ الرّجُلَ ليسَ لديهِ القدرة على التفكيرِ بشكلٍ واضحٍ أثناءَ وبعْدَ وقتٍ قصيرٍ مِن مقابلتِهِ لسيّدةٍ جميلة، ولكن في المقابل، لاحظوا أنّ ذلك لا يَحدثُ تمامًا مع السّيّدات، في حالةِ مقابلتِهنّ رجال يتمتّعون بالجاذبيّة، وذكَرَ رئيسُ فريق البحْثِ "جون كاريمانز"، أنّ تلك الدّراسةَ تفسّرُ تأخّرَ نتائجِ الرّجالِ في المراحل التعليميّةِ العليا مقارنةً بزميلاتِهم، إذ إنّ الرّجالَ الّذينَ شملتْهم الدّراسة، انشغلوا إلى حدٍّ كبيرٍ بزميلاتِهم الجذّابات، الأمر الّذي جعلَهم يستنفدونَ طاقتّهم الذّهنيّةَ على الأرجحِ في لفتِ أنظارِهِنّ، وعلى العكس مِن ذلك، فلم يؤثرْ حضورُ الرّجال "الذين يتمتّعونَ بالأناقة"، على القدرةِ التّفكيريّةِ لدى السّيّدات!

هل هناك مِن تفسيرٍ فسيولوجيٍّ وبيولوجيٍّ لهذا الفارقِ في التّأثيرِ على القدرةِ الذّهنيّةِ والفكريّةِ لدى الجنسَيْن؟ وهل الأنثى الجذّابة تُشكّلُ دافعًا للمغامرةِ والمجازفةِ عندَ الرّجال؟

في دراسةٍ أخرى نُشرَتْ في مجلّة "علم النّفس الاجتماعيّ والشّخصيّة" جاء، أنّ باحثيْن استراليّيْن مِن جامعةِ كوينزلاند قاما ببحثٍ علميّ، إذ طلبَ ريتشارد روناي ووليام فون هيبل مِن رجال راشدين شبّان القيامَ بخدعٍ سهلةٍ وصعبةٍ على لوحاتِ التّزحلق، المَرّة الأولى بوجودِ رجل، والثانية بوجود امرأةٍ شابّة جذّابة، وعندما عمدَ المتزحلقون إلى المجازفة، فقد كانوا يقومون بمخاطراتٍ أكبر بوجودِ امرأةٍ جذابة، على الرّغم مِن أنّهم يعرفون أنّ ثمّةَ خطر بالاصطدام أو السّقوط، كما أظهرت الدّراسة، أنّ معدّلات التستوسترون عندَ هؤلاءِ الرّجال كانتْ أعلى بوجود المرأة منها عندَ وجودِ الرّجل!

لوحةٌ باهرةٌ، قد تنقشعُ سحُبُ الانبهار والاعجاب عنها، وتمضي بها الرّياحُ إلى آفاقِ الغموض، لكنّ أمورًا حتميّة ما فتئتْ تخضعُ إلى الارتقاءِ والالتقاءِ في نقطةٍ سرّيّة، لتلفّها التأويلاتُ والتحليلات، ولا زالتْ تبحثُ فنّيّتُها عن أُطُرٍ فريدة، إنّها الأنثى.

الأنثى هي ملحُ الحياةِ ولغزُ الوجودِ المُتعفّفِ إنسانيًّا، الّذي يسعى البَشرُ إلى حلِّهِ، ولكن لم تأتهِ الجهودُ بمفتاحِ الحُلولِ على طبقٍ مِن ذهب، لأنّ ديناميكيّةَ المجتمعاتِ وتداخلَ الحضاراتِ واختلافاتِ الطبائع والتّربية، جعلتِ البوصلةَ متأرجحةً على غير ثباتٍ في تحديدِ الجهاتِ والوجهات، ولكن بكلِّ الأحوال، فالرّجلُ لا يسعُهُ إلاّ أن يستأنسَ بها وبوجودِها، رغمَ تخوّفِهِ مِنَ المجهولِ ومِن دهائِها وغموضِها، في حالِ لجوئِها إلى المكْرِ والخبثِ عندَ استضعافِها، في المجتمعاتِ المتخلّفةِ الهمجيّةِ والمُجحفةِ بحقِّها.

ماذا تحمل لنا السنة الجديدة/ الكولونيل شربل بركات


رحلت سنة 2010 ومعها انعكاسات ما جرى على الساحة السياسية اللبنانية؛ فحكومة "الوفاق الوطني"، التي كانت أطاحت بنتائج الانتخابات وجعلت الأكثرية النيابية ترضخ لشروط الأقلية وتعتمد بيانا وزاريا متناقضا مع شعاراتها، لم تعط الثقة المطلوبة للاستمرار لا بل زادت من التشرذم ودفعت بجنبلاط أكثر فأكثر إلى أحضان دمشق، بينما خف وهج العماد عون مسيحيا ولبنانيا بالرغم من استمرار حزب الله في هجومه باتجاه المزيد من المكاسب على حساب الدولة القادرة.

أما على صعيد التحضيرات العسكرية فقد شهدت السنة نفسها تصعيدا في التهديدات والتهديدات المضادة بين إسرائيل وحزب الله ومزيدا من التدريبات على كافة السيناريوهات والمناورات ما ضبط جموح الفريقين لتنحصر التحديات في المنازلات الصحافية والتسريبات حول المعارك القادمة بالرغم من أن حادثة عديسة، التي كانت صفعة للمؤسسة العسكرية اللبنانية والتي جاءت بعد سلسلة التحرش بقوات اليونيفيل، كادت أن تطيح بالهدنة التي فرضها القرار الدولي 1701 وتعيدنا إلى أجواء الحرب الفعلية.

أما على صعيد الخطب الرنانة فقد شهدت هذه السنة تصاعدا في عدد خطب السيد نصر الله والتي تدرجت من مواجهة إسرائيل بكافة الأسلحة والوسائل وفي عمق "فلسطين المحتلة" بقصف المدن والمنشآت وحتى المفاعلات النووية في ديمونة إلى قطع طرق البحر والبر، لتنتهي بمواجهة المحكمة الدولية والداخل اللبناني والسيطرة بالقوة على الشارع وفرض حالة انقلابية عند صدور القرار الظني، وما إلى هنالك من فرضيات ونظريات أسقطت الأقنعة من جهة وأخذت معها الهالة التي رافقت السيد لفترة من الزمن، فكانت ظاهرة التحديات المضادة والحديث عن أجواء المعسكرات المستقلة والأمن الذاتي.

أما على صعيد الحركة الإقليمية وتشعباتها فقد كانت زيارة الرئيس الأسد مصحوبا بالملك فهد إلى لبنان خطوة سعودية باتجاه إعادة سوريا إلى الحظيرة العربية ولكنها لم تؤد مفاعيلها لا بل تركت سلبيات على صعيد عودة التدخلات السورية في الشأن اللبناني وخاصة مذكرات الجلب التي صدرت عن محاكم سورية بحق شخصيات لبنانية مقربة من الرئيس الحريري. وكانت زيارة الرئيس نجاد أضافت من السلبيات بما حملته من رمزية للبعد الإيراني في لبنان وعدم اعتراف النظام الفارسي، أقله في الشكل، بالسيادة اللبنانية على أجزاء من البلاد بما فيها المطار الدولي، ومن ثم جاءت زيارة رئيس وزراء تركيا، التي تحاول استعادة دورها في الشرق الأوسط بواسطة حصان فلسطين وأسطول المساعدات لغزة، لتشكل الوجه الآخر للهيمنة الأقليمية في لبنان وتقاسم النفوذ، وكأن البلد ساحة سائبة أو ملعبا مفتوحا لعرض العضلات، أو كأن الساحة العربية كلها بدأت تستعد لدور الرجل المريض وتوزيع ممتلكاته.

وبقي وضع أهلنا الجنوبيين على حاله فلا الدولة أخذت بوعد رئيس البلاد في قسم اليمين بأن صدرها يتسع لكل أبنائها، ولا خف التشديد على الدخول والخروج من وإلى لبنان، ولا انضبطت المحكمة العسكرية في توزيع الأحكام جزافا وبدون محاكمة، ولم تنته الملاحقات المجحفة بحق المواطنين لا بل زادت تحت شعارات مختلفة. ولم يعد أحد من السياسيين يقارب موضوع المفقودين والموقوفين ظلما في السجون السورية وكأنهم سبب البلايا، وحتى الاحزاب الكبرى التي احتفلت بالعودة إلى الملعب بكل ثقلها لم تجرؤ على ذكر أحد أركانها الذي خطف في وضح النهار وذاب كغيره في سجل المفقودين. وقد كان أضيف إلى هؤلاء أسم جديد هو جوزيف صادر الموظف في مطار بيروت بينما غاب أيضا وفي نفس السجل انفجار الطائرة الأثيوبية وحق ركابها وأهلهم بمعرفة الأسباب كما كانت وئدت قضية طائرة البنين من قبلها.

أما على الصعيد الدولي فقد شكلت المحكمة الدولية والقرار الظني الموعود العمود الفقري لكل التطورات السياسية في لبنان، فحزب الله قرر فجأة بأن المحكمة سوف تطاله وتبرئ سوريا من أية علاقة، ومن هنا التهديدات بالانقلاب على الدولة وتغيير الوضع في البلاد وعودة فترة الفلتان الأمني والتعديات التي تزيد من الفوضى وتشل الحكم إذا لم تستطع السيطرة عليه. وكانت العقوبات على إيران مفتاحا جديدا لحلول الشرق الأوسط التي سيسبقها بالطبع تزايد الأزمات حتى حدود المواجهة. ولكن الأغرب في هذه السنة كان تسريبات ويكيليكس التي أربكت البعض وسهلت للبعض الآخر سبل المواجهات باعتمادها مصدرا للمعلومات حول نوايا الدول تجاه القضايا التي تهمهم.

فماذا ستحمل لنا السنة الجديدة وهل تكون بداية الحلول أم أنها وكغيرها من السنوات سيستمر فيها انتظار اللبنانيين للفرج وتحقيق الحلم بالاستقرار والسلام الذي يعم المنطقة؟

تسارع الأمور وتشابكها يوحي للبعض بأنها تسير نحو التصادم، ولكنها قد تكون، ومع تداخل المصالح في عالم اليوم، مؤشرا نحو الحلول الأثبت، فالحروب التي تحسم المواقف وتنهي الأسباب بالقضاء على الخصم وفرض رضوخه لم تعد أول الخيارات ولا أفضلها، وتقاطع المصالح في مناطق أوسع تفرض أكثر فأكثر دقة في الحسابات ومراجعة عميقة لكل قرار. ويوم يصبح قرار الحرب والسلم في المنطقة متطلبا موافقة إيران وتركيا بالاضافة إلى السعودية ومصر دون أن ننسى الدول الكبرى وحتى الدولتين النوويتين الجارتين الهند وباكستان، يصعب جدا الاندفاع نحو الصدام الشامل لأن اللاعبين كثر والمهتمين بتطور الأوضاع لا يمكن دفعهم بسهولة للموافقة على مثل هذه القرارات، من هنا، ولو بدا الوضع معقدا بعض الشيء، إلا أنه يوحي بالأمل في تجاوز المشكلات المطروحة والتوصل إلى حلول تؤدي إلى المزيد من الاستقرار ولا سيما اعتماد السلام والحوار والدفع نحو تثبيت القانون والحق بشكل أعمق وأوضح للتخفيف من التصادم.

يعتقد البعض بأن بذرة التصادم والمواجهة تكمن في تركيبة البشرية ومن هنا كانت الألعاب الرياضية إحدى المتنفسات لهذه الطاقة التصادمية وقد اعتمدت منذ غابر الأزمنة داخل المجتمعات الواحدة، وبالرغم من محاولة تعميم الألعاب الرياضية والتنافس المجدي على مستوى مجموعة دول العالم والتركيز الاعلامي حولها، إلا أن بذرة الصراع الدموي يبقى لها مؤيدون ويعتمدها بعض الشعوب التي لم تدخل نادي التطور والاستقرار بعد أو التي تكبر عندها الطموحات التوسعية، ويحاول العالم ضبط هذه الصراعات في مساحات محددة تقلل من مفاعيلها، وهي لا بد أن تؤدي في آخر الأمر بأصحابها إلى الاكتشاف بأن أضرارها تفوق الأرباح وعندها تبدأ مرحلة التحول نحو النظام الذي تعتمده بقية الشعوب حيث تقل النزعة التصادمية ليحل محلها اعتماد الانضباط في التصرف وتخفيف الدعوات للتقاتل والتعبئة للحروب. فهل يمكن أن نتأمل بأن منطقتنا على اختلاف شعوبها وتوجهاتها سوف تصل إلى مستوى تقبّل النظام والاعتراف بالآخر واعتماد التعاون بدل التصادم في عالم اليوم وبعد أحداث وحروب جرت ولا تزال فيها؟

السنة الجديدة لا بد أن تحمل لنا بعض الأجوبة إن لم يكن الحلول، فهي لا بد أن تشهد صدور القرار الظني من المحكمة الدولية وبالطبع بعض ردات الفعل المتعلقة به ولو أن سلسلة التهديدات قد نفست قليلا وهج المفاجأة وأفهمت الفرقاء بأن الاتجاه صوب العنف لن يؤدي إلا إلى زيادة الجرم وبالنتيجة تسريع الأحكام التي ستليه. وقد تحمل لنا هذه السنة حلحلة بموضوع المشروع النووي الإيراني الذي كان قمة الانفلاش في تدرج إيران من لعب دور القوة الأقليمية الكبرى إلى دور القوة العظمى التي يحلم بها نجاد، فلما لم يعترض أحد على تدخلها في العراق ولبنان بدأت إيران بالتدخل في باكستان وأفغانستان ولم تلبث أن مدت ذراعها صوب جيرانها في الخليج واليمن لتصل إلى أفريقيا السوداء لا بل تتجاوزها إلى أمريكا اللاتينية حيث تتعاون مع شافيز في فنزويلا وتحاول التقرب من البرازيل، ولكنها لا تزال تخاف من المواجهة الشاملة الحقيقية وتحسب حساب الداخل الهش والذي ينام على ضيم بعد سلسلة القمع التي تعرض لها قسم من أركان النظام وقادة الثورة. فهل تكون العقوبات الدولية مدخلا لكبح جماح نظام نجاد وتخفيض موازنات العمليات الخارجية؟ وهل يكون الكونغرس الأميركي الجديد الذي يقوده الجمهوريون دافعا للتشدد في الملف الإيراني وحافزا لنجاد وحرسه الثوري للقيام بحركة انتحارية؟ أم أن الحكمة الفارسية ستغلب وتدفع باتجاه تثبيت المكاسب والتنازل في المفاوضات للحفاظ على الحد الأدنى منها؟

السنة الجديدة ستحمل بالطبع تغييرات على تصرف حزب الله في لبنان فقد أفل نجم "المقاومة" التي كان اللبنانيون يجمعون على دعمها (ولو بقصر النظر)، وانتهت اسطورة زعمائها "الشرفاء" والوطنيين الذين لا يهمهم الداخل ولا السلطة وهمهم الوحيد "تحرير البلاد" فقد ظهر جليا أن ما أسموه مقاومة لم يكن سوى وحدة عسكرية تابعة لإيران تسللت بمعاونة سوريا إلى داخل الطائفة الشيعية خلال الأزمة والضياع فقبضت عليها وأسرتها وأذلت قادتها ومفكريها وهي اليوم تضعها بمواجهة العالم بدون أي سبب سوى تغطية جرائم ومخططات لا تمت بصلة إلى مصالح البلد أو الطائفة. فهل سيتخذ حزب الله القرار الصائب بتسليم سلاحه إلى الدولة والانخراط فعليا ببناء مؤسساتها ومشاريعها والاعتذار من اللبنانيين على كل الأخطاء التي قام بها ولا سيما محاولة تغطية المجرمين؟ أم أن قبضة الحرس الثوري لا تزال تمنع أي تحرك بهذا الاتجاه؟

اللبنانيون اليوم يعيشون هاجس الفوضى ولا يزال الحكم الغير متجانس، والذي تتحكم به أهواء ومشاريع فئة لا تمت بصلة إلى مصلحة اللبنانيين ولا يهمها مصير البلاد، غير قادر على إضفاء أجواء من الثقة بالمستقبل أو بقدرته على ضبط الأمور، وكأن البلد، بالرغم من تضافر الجهود وإدراك اللبنانيين بأن مصلحتهم تكمن بالاستقرار ودولة القانون والانتهاء من وضع الساحة المفتوحة، لا يزال معرضا للهزات التي تسيرها دول الجوار وتقررها أوامر خارجية. فهل تحمل لنا السنة الجديدة أملا بالتخلي عن الوضع الشاذ الذي يمنعنا من التركيز على مصلحة الوطن والمواطن والتلهي بكل ما عداها؟ أم أنه كتب علينا أن نبقى وقودا لمشاكل الشرق وساحة لصراعات أممه؟

وإذ نتمنى أن يعم السلام والخير هذه البلاد وسكانها نضرع إلى الله عز وجل أن تنتهي أشكال الصراع ويعود كل إلى اتزانه وتتركز الجهود نحو بناء حضارة التعاون وتطوير مجالات الخلق والابداع فتنفتح القلوب وتزول الحواجز وينتشر مبدأ التعاون على الخير ثقافة جديدة تحل محل ثقافة الحقد التي رافقت بلادنا وشرقنا الحبيب قرابة قرن من الزمن.

كل عام وأنتم بخير...

انجاز مهزلة تنظيم اتحاد الكتاب الجديد: الجنرال سامي مهنا والكولونيل أنوار سرحان/ مرشد ميعاري

لم أفاجأ بإقامة تنظيم أدباء جديد في بلادنا على نفس الدرب التي ابتلانا المولى بتا، تنظيمات "عاشت ميتة". ولا أظن أن تعبير "عاشت ميتة" يحتاج إلى استرسال في الشرح. خاصة وأن التجربة المضحكة المبكية للتنظيمين السابقين، تلاشيا بعد أن ورثنا عنهما لقب "رئيس" الذي صار أهم من التنظيم ومن الثقافة ومن الحياء. والبعض يقول أن للقب أضحت أهمية تراثية فولكلورية تاريخية تليق بحكاية جديدة على نسق حكايات جحا أمير الطفيليين. والله أعلم.
الذي فاجأني وأجبر البسمة على الارتسام فوق شفتي، لم يكن محاولة بعض المتحمسين الشباب، ذوي التجربة الثقافية غير الناضجة، لإقامة تنظيم ثقافي، إنما رسائل التهنئة التي تنمي الوهم. خاصة رسالة الرئيس التاريخي الذي صار الآن رئيسا سابقا (المهم انه كان رئيسا) دون أن يورث الرئاسة لأحد، ربما ليقينه انه كان رئيسا لإتحاد لا وجود له في الواقع، واعني الكاتب محمد علي طه، ولكن الغريب انه لم يشارك، كأضعف الإيمان، لينقل الصولجان الرئاسي، لرئيس التنظيم الجديد، أو ينافس ليعود إلى لقبه التاريخي، ملكا على الناشئين، بعد أن كان متوجا ملكا في الفراغ.
التهنئة الثانية من الشاعر الذي نحبه، سميح القاسم، ولا نفهم دوافعه للتهنئة، إلا عاداته الدمثة، أن يرضي الجميع، حتى بالشهادة للأسود انه أبيض.
ومع ذلك غيابهما هو إشارة استهتار بالتنظيم الجديد. وبقية التهاني لا أهمية لها.
التنظيم الجديد ليس ابن حياة. الإعلان عنه كان مليئا بالأوهام، وتشويه الحقائق. لم تكن مشاورات كما يدعون، وخاصة مع أدباء لهم مكانة مرموقة في ثقافتنا. ولم يشارك أي أديب مرموق. بل لم يعرف الأدباء الجادين عن الطبخة. وكان يكفيني أن أجري عدة اتصالات لأعرف أن الأسماء المرموقة في ثقافتنا، لم تعلم ولم يشاورها أحد، ربما خوفا من فقدان قيادة التنظيم الجديد. أي ما جرى كان عملية خطف.
في الواقع لا أحسد سامي مهنا وأنوار سرحان ، فقد صاموا وافطروا على بصلة، ونفخا بطنيهما هواء مضغوطا، سرعان ما سيجد منفذا لتخفيف الضغط. ولحسن الحظ سيكون التنفيس بحضرة الجنود المجهولين أعضاء التنظيم.
عندما وصلني بيان التأسيس، ظننت أن الحديث عن تأسيس تنظيم فلسطيني، اسم التنظيم لا يحمل هوية المكان، مجرد اتحاد الكتاب الفلسطينيين.
أين؟
لماذا ظلت "فلسطينيون" بلا هوية المكان؟ هل هو فرع للتنظيم في الضفة الغربية؟ ربما ترانسفير ثقافي بتجاهل اننا من هنا، من داخل إسرائيل؟ نتمسك ببقائنا هنا ونرفض مؤامرات ضمنا إلى الدولة الفلسطينية؟ هناك شعبنا في دولته، ونحن هنا في وطننا. مهما كان أسمة مزعجا للأذن، إلا أن الأرض هي أرضنا، ولن نغادرها إلى أي دولة أخرى.
أعرف أن وطنية البطاطا ترفض استعمال اسم إسرائيل، ويجهدون لإيجاد باقة من البدائل التافهة، وكأن المقياس الوطني يتعلق بما نسمي المكان. بعدها بإمكانك أن تكون جاسوسا على شعبك، المهم لا تلفظ اسم إسرائيل!!
عندما قرأت اسمي سامي مهنا وأنوار سرحان ، وجدت صعوبة في تذكر مضمون ثقافي يربطهما في ذاكرتي، في البداية توهمت إن سامي مهنا هو حسين مهنا الشاعر المبدع من البقيعة، ولكن صديق عزيز صوبني بان سامي من نفس العائلة ولكن الشعر لا ينتمي للعائلات.
بحثت في الانترنت، عن اسمي سامي وأنوار لأتعرف على هويتهما الثقافية التي للأسف أجهلها. ووجدت بعض النصوص. ما قرأته هي كتابات مبتدئين، قد تبشر بالخير، ولكنها لا تتجاوز كونها إرهاصات أولية لم تتبلور إبداعيا. لدى سامي وجدت تقليدا لحسين مهنا، يحاذي النسخ أحيانا. أن يتأثر بشاعر مبدع أمر جيد، ولكن إن ينسخ عنه، جيد في البدايات، ويبدو إن سامي لم يتجاوز البدايات بعد. أنوار عليها النور، مواعظها مملة قد تكون تملك قدرات تعبيرية لم تنجح بتحويلها إلى نصوص قصصية تنجح بأن تتواصل في ذهن القارئ بعد نهاية النص. القصة إلى جانب ذلك ليست موعظة أخلاقية ودينية مباشرة. صحيح انه لقيادة تنظيم هذا غير مهم. المهم اللقب، كما تعلمنا تجربتنا. إلى جانب إن الحديث عن قيادة أشبال ثقافيين. الآن عددهم ستين، عندما يدخلون معترك الحياة والثقافة سيتقلصون إلى ستة، ومنهم ربما واحد يستحق مستقبلا لقب أديب!!
ربما لهذا السبب لم يعلن تنظيم الجنرال سامي والكولونيل أنوار عن أسماء الأعضاء. ولا بد من الإشارة إلى أهم حضور في المؤتمر التأسيسي. وأقصد شيخ النقاد العرب في إسرائيل، الدكتور بطرس دلة، الذي له في كل عرس قرص. فقام مشكورا بدور الاشبين لتأهيل سامي وأنوار. ولا بد أن هذا يغطي على فراغ التنظيم من الكتاب والشعراء المعروفين. وبالطبع من حق القائدين أن لا يوجد في تنظيمهما من يتجاوزهما إبداعا أدبيا.
قبل النهاية.
هناك ضرورة ملحة لقيام تنظيم أدباء، له مضمون نقابي، وثقافي وفكري، أكثر عمقا ومسؤولية من الطرح الذي حمله الخبر عن إقامة هذا الجسم بطريقة الخطف والو لدنة.
لا بد من صياغة دستور لتنظيم يحدد كل ما يتعلق بإدارة تنظيم ثقافي ، وطرق انتخاب هيئات التنظيم ومسؤولياتها، أهداف التنظيم وبرامجه وتطلعاته وقدراته على تجنيد الأموال لنشاطه، وليس أن يكون مستأجرا لهيئة لها مصلحة سياسية في تسمية تنظيم ، حتى لو كان مجرد اسما ، كما كان الرئيس السابق رئيسا اسميا للا شيء!!
موضوع تنظيم ثقافي أكثر عمقا من الطرح السطحي في بيان الجنرال والكولونيل. وجود الأسماء ذات المكانة الأدبية أهم من الميل الشخصي للتزعم.
رجاء مع من تشاورتم؟
ما هو دستور التنظيم ؟ ما هي مشاريعه المسجلة المدروسة؟
كيف تفكرون بالنشاط وما هو سلم أولوياتكم؟
لا نريد جنرالات، لدينا الكثير من هذه البضاعة.
لعبتكما يا سامي ويا أنوار سيئة ثقافيا وأخشى أنها سيئة سياسيا أيضا.
المشكلة ليس بجمع ستين اسما.. قد لا يبرز منهم أخيرا إلا اسم واحد ...
ربما لا بد أن نميزكم بإضافة صفة:"تنظيم هواة" لأسم تنظيمكم!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرشد ميعاري – مهندس ومثقف فلسطيني مقيم في بلجيكا

الغضب الساطع قادم .. من مخيمات لبنان/ نافزعلوان


كنا منذ فترة فضحنا العلاقة الفلسطينية ( المخزية ) بعملية إغتيال رفيق الحريري، صدقنا من صدقنا وتجاهل هذه الحقيقة من حسب أن تجاهلنا سيطمس هذه الحقيقة، موقف المنظمات الفلسطينية من تورط عناصرها في تلك الخيانة العظمي لبلد إستضافهم بل وقدم من أبنائه ( ولا يزال ) الألاف، لإيمان هذا البلد بحق هذا الفلسطيني اللاجئ في عودته إلي وطنه المحتل ليكون جزاء المعروف الذي قدمه لبنان للفلسطينيين هو ضلوع الفلسطينيين في عملية إغتيال المغفور له رفيق الحريري، عملية متورط فيها كل جهاز الكفاح المسلح في لبنان وكما ستثبت الأيام القادمة أن التورط سوف يصل القيادة الفلسطينية في رام الله وسيتضح في الأيام القادمة مدي هذا التورط وما إذا كان هذا التورط يصل إلي القمة في القيادة الفلسطينية حيث أن من المعروف أن ميزانية الكفاح المسلح في لبنان تصدر عن مكتب الرئيس وهي علي تنسيق مباشر مع جهاز المخابرات الفلسطيني ويعلم كل قادة الكفاح المسلح في لبنان أن إخفاء أي معلومات لدي الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان عن مكتب الرئيس في رام الله يعني إنقطاع الأموال والمرتبات عن قادة وعناصر الكفاح المسلح في لبنان هذه المعلومات تعني معرفة سلطة رام الله بعملية إغتيال رفيق الحريري ومدي تورط أجهزتها في لبنان في تلك العملية دون أن تفعل شيئاً لإيقاف تلك المأساة. وسواء كانت المعلومات توصل درجة التورط إلي أن الكفاح المسلح الفلسطيني هو الذي دفع ثمن ( البيك أب ) الستة المستخدمة في عملية الإغتيال وهي المعلومات التي تحاول المحكمة الحصول عليها من الحكومة السورية والتي تدعي بدورها أن تاجر سيارات سوري باع تلك الشاحنات الصغيرة إلي فلسطينيين وهو كل ما تعرفه الحكومة السورية عن العلاقة بين تاجر السيارات هذا وبعض الفلسطينيين وهو شخص مطلوب من العدالة السورية وهو تاجر تهريب معروف بين الحدود التركية والحدود السورية لأن أرقام الشاسيهات الخاصة بتلك ( البيك أب ) الستة من نوع ميتسوبيشي وحسب بيانات الشركة الصانعة فإن أرقام الشاسيهات هي ضمن شحنة من الـ ( بيك أب ) توجهت إلي إيران ولا تعلم الشركة كيف وجدت هذه الـ ( بيك أب ) طريقها إلي تركيا ثم إلي سورية ومن ثم إلي لبنان إلا إذا كان هذا ضمن خطة لتتويه العدالة لعدم معرفة مصدر تلك الـ ( البيك آب ) الستة ضمن شبكة متشعبة من المهربين الدوليين وكما ورد في بعض ملفات ( ويكي لينكس ) فإن هناك عمليات تهريب لأسلحة من كوريا الشمالية عن طريق إيران وجدت طريقها إلي حركة حماس في قطاع غزة أيضاً عن طريق نفس هذا المهرب الكبير السوري ذو النفوذ االواسع حسب تقارير مخابرات عدد من الدول التي تشارك في جمع المعلومات عن عملية إغتيال الحريري من ما جعل ظهور أسماء مهربين دوليين عديدين لدي تلك الأجهزة ومن ضمنها إسم هذا المهرب السوري الجنسية وظهور تلك الأجهزة المخابراتية في ملفات ( ويكي لينكس ) ليس مستغرباً عند معرفة أن تلك الأجهزة هي من ضمن أجزة إستخبارية كانت ضالعة في جريمة تسهيل تهريب بعض المواد المشعة والتي تصلح للإستخدام النووي كتلك التي إشترتها الباكستان وفشلت إيران في شرائها ( وربما لم تفشل ) قبل تكاتف أجهزة المخابرات الغربية علي إفشال العديد من الصفقات كم أعلنت في ذلك الوقت، وهي مواد مشعة تم تهريبها من مفاعلات أوكرانيا النووية بعد تفكك الإتحاد السوفييتي وعمليات تتبع العديد من المواد المشعة والوقود الثقيل التي وجدت طريقها إلي السوق السوداء وتم عرضها للبيع علي جميع دول العالم من ليبيا و مصر وحتي المملكة العربية السعودية.

مع تطور تكنلوجيا المعلومات وتخلف الأجهزة الفلسطينية ولهثهم وراء دولارات قليلة قاموا بتوريط أنفسهم في تلك العملية المقزززة للأبدان ويكون من ضمن ضحايا تلك الجريمة ليس فقط رفيق الحريري ولكن الشعب الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية، كانت محاولات المتورطين من قادة الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان التخلص من كل من كان ضالعاً في تلك العملية من الفلسطينيين وعمليات المطاردات الوهمية التي قاموا بها لعناصر إدعوا أنها من حركة فتح الإسلام وغيرهم وما أوعزت به إلي الجهات الأمنية اللبنانية حول هؤلاء الأشخاص ما دفع الأجهزة اللبنانية أن تندفع بكل قواها صوب المخيمات الفلسطينية وتقع علي الفلسطينيين الأبرياء في نهر البارد ويلات جرها عليهم فلسطينيون آخرين قاموا بإستخدام هؤلاء الفلسطينين العزل من السلاح دروعاً بشرية لهم.

وهكذا ستكشف الأيام لنا عما قريب مدي تورط السلاح الفلسطيني في إيقاع البلاء علي الشعب الفلسطيني في السابق وفي الحاضر ولن يلبث العالم أن يستفيق إلي وجوب ضرورة محاصرة بؤر منظمة التحرير المسلحة سواء تلك التي في لبنان أو تلك التي تمارس جريمة أبشع وأشنع علي الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلطسينية وتحديداً في الضفة الغربية ، محاكمة منظمة التحرير ستفتح المجال لفضح أسرار حسب بعض القادة في منظمة التحرير أنها ذاهبة معهم إلي قبورهم، هناك جرائم ستقود هؤلاء إلي قبورهم عندما يبداء العالم التحقيق معهم ورفع المعاناة عن شعوب بأكملها كالشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والشعب الأردني ، هذه الشعوب تعاني من جرائم منظمة التحرير وسيكون تاريخ الإستيقاظ علي جرائم منظمة التحرير وقرار التخلص منها لن يقل في أهميته عن قرار الإطاحة بالحزب النازي الألماني وإنهيار الإتحاد السوفيتي.

 - لوس أنجليس

تحت المجهر ، فضائح وثائق ويكيليكس .. إيران و تصفية الطيارين العراقيين!/ محمد الياسين


في هذا المقال وتحت مجهرنا نضع اليوم وثيقة أخرى نشرها موقع ويكيليكس المثير للجدل والذي تبنى كشف فضائح انظمة وحكومات مهمة في العالم وبإعتقادي ان هذه الفضائح الدبلوماسية التي لاتزال في تفاقم وتزايد مستمر تعد الأكبر والأهم خلال القرن الحادي والعشرين ، فلايزال موقع ويكيليكس رغم ما تعرض له من مضايقات وملاحقات واصدار مذكرة اعتقال امريكية بحق مؤسسة فإنه مستمر في نشر الالاف من الوثائق الحساسة والتي تعتبر في غاية الخطورة والأهمية بعد ان نشر مئات الالاف من تلك الوثائق .

فقد نشر موقع ويكيليكس وثيقة سرية اخرى بخصوص تصفية إيران لطيارين عراقيين شاركوا في قصف اهداف إيرانية خلال الحرب بين البلدين و التي استمرت ثمان سنوات استنزفا فيها البلدان بشريا واقتصاديا ومعنويا ، ونقل موقع محطة أي بي سي على الأنترنيت فقرة مختصرة من برقية قال فيها دبلوماسيون أمريكيون إن إيران تشن حملة " هادئة وفعالة للثأر من طياري العراق الذين قصفوا اراضيها " خلال الحرب في ثمانينيات القرن الماضي .

وتقول البرقية السرية المرسلة في 14 ديسمبر / كانون الاول الماضي إن " كثيرا من الطيارين العراقيين الذين نفذوا طلعات أثناء الحرب العراقية الإيرانية ، باتوا على قائمة إعدامات أعدتها إيران وإنها بالفعل اغتالت 180 منهم ".

ويشار في نفس الوثيقة الى أن عمليات التصفية التي تعرض لها الطيارين العراقيين لم تجلب كثيرا من الاهتمام لوقوعها اثناء الاقتتال الاهلي الذي شهده العراق بعد سنوات من غزوه .

وتقول الوثيقة ان 182 طيارا عراقيا قضوا على يد عملاء إيرانيين ، وان حملة الاغتيالات دفعت 800 منهم الى الفرار خارج البلاد حسبما ورد في احصائيات لوزارة الدفاع العراقية ، وتضيف المحطة الأمريكية ان الحملة التي شنت على الطيارين الحربيين بدأت في حي الكرادة في بغداد وبلغت ذروتها خلال شهر رمضان من العام 2005 والذي شهد وحده مقتل 36 طيارا في ذلك الحي وحده .

ولاشك بصحة ما جاء في تلك الوثيقة من معلومات ، فقد شنت ايران حملة منظمة بعد إحتلال العراق لتصفية العسكريين العراقيين الذين شاركوا في حرب الثمان سنوات وخاصة الطيارين منهم فقد شهد العراق بأكمله عمليات تصفية جسدية واسعة ضد الطيارين العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية – الايرانية وفي كثير من الاحيان تركت بصمات قرب جثثهم بعد تنفيذ عمليات الاغتيال بحقهم تشير الى اسباب الاغتيال ، فالكثير يتذكر ما تعرض له الطيارين الذين شاركوا في قصف جزيرة خرج الإيرانية فقد وجدت قصاصات من الورق على جثثهم تقول " هذا مصير كل من ضرب جزيرة خرج " .

كما وقد حلل البعض من المختصين والباحثين في هذا الملف ان اغلب عمليات التفجيرات الكبيرة التي حدثت في عموم العراق وخاصة العاصمة بغداد بعد الاحتلال كان الهدف منها التغطية على عمليات الاغتيال المنظمة التي تعرض لها الضباط العراقيين او اصحاب الكفاءات العلمية والفكرية ، إضافة الى ما اشارت اليه وثيقة ويكيليكس بهذا الخصوص فقد رصدت بعض الجهات ومراكز الدراسات والبحوث العراقية المستقلة ظاهرة غريبة ترجح من تلك الفرضية حيث رصدت اغلب عمليات الاغتيال التي تعرض لها ضباط قادة في الجيش العراقي وطيارين عسكريين شاركوا في حرب الثمان سنوات تزامن وجودهم في مكان و زمان تلك الانفجارات الضخمة التي كانت تحصد المئات بين شهيدا وجريح ! ،وغالبا في مثل تلك الاعمال الاجرامية لا تعرف هويات الضحايا الشهداء .

وعند التحقق من ذلك الامر وجد ان هذه الحالة باتت ظاهرة وليس مجرد حالات فردية او صدف حدثت ، الأمر الذي رجح ان تكون بعض عمليات التفجير الضخمة التي حدثت في بغداد مصطنعه للتمويه على عمليات اغتيال هؤلاء الضباط بشكل منظم ومدروس لالصاقها بالعمليات الارهابية التي تعصف في البلاد لتقطع بذلك خيوط تتبع تلك القضية .

وبالعودة الى احصائيات وزارة الدفاع العراقية والوقوف على الاعلام الغربي في هذا الخصوص حيث ذكرت احصائيات الوزارة ان عدد الضباط القادة وليس الأعوان الذين اغتيلوا بعد الاحتلال بلغ ( 416 )ضابطا وعدد الطيارين (182) طياراً لغاية شباط من العام 2006 ويذكر أن جميعهم ممن شاركوا في الحرب العراقية – الإيرانية كما وتذكر الإحصائية عن فرار ( 800 ) طيار وأضعافهم من القادة العسكريين الى خارج العراق ، ومن المؤكد أن هذه الإحصائية هي لا توثق الأعداد الحقيقية الدقيقة بشكل كامل نتيجة الفوضى الحاصلة في البلاد وعمليات الخطف والإعتقال بحق البعض من العسكريين والطيارين والذين اعتبروا مفقودين من قبل ذويهم.

كما وأكد الأعلام الغربي في فترات متفاوتة على إن إيران تقف وراء عمليات إغتيال العسكريين والطيارين العراقيين وان الفوضى التي صاحبت الغزو الأمريكي للعراق قد ساعدت على تنفيذ اجندتها وقد ذكرت صحيفة ( الديلي تلغراف ) البريطانية في تقرير لها ( بأن العشرات من الطيارين العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية – الإيرانية قد تم اغتيالهم على أيدي قتلة أصدقاء لإيران أو مأجوريين لها ) .

وإضافة إلى تقارير أخرى ومنها لوكالة ( يو نايتد بريس ) نقلا عن مراسلتها باميلا هيس ( بان الحكومة الإيرانية ماتزال تحتفظ بقوائم تتضمن أسماء ما لايقل عن 400 شخص لغرض تصفيتهم بينهم قادة عسكريين وطيارين ) كما ونشرت صحيفة الصنداي تايمز تقريراً مفصلاً ذكرت فيه ( أن الطبيعة التنظيمية لعمليات الإغتيال توجه أصابع الإتهام إلى مسؤولين في داخل الحكومة العراقية مواليين لإيران كجهة تقف وراء عمليات الإغتيال هذه ).

لذا فأن ملابسات هذه القضية واضحة لاتقبل الشك ان من يقف وراء عمليات التصفية للضباط والعسكريين والطيارين العراقيين هو النظام الإيراني لعدة أهداف جوهرية في مقدمتها الثأر من الضباط العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية - الإيرانية وكانت لهم صولات وجولات بطولية ضد العدو الإيراني ، كما أن احد أهم اهداف الرؤية الإيرانية لتمرير مشاريع التقسيم للعراق تكمن في اضعاف العراق تماما ولن ياتي هذا الامر ألا من خلال تفريغه من كفاءاته وطاقاته العلمية والفكرية والعسكرية وخاصة في الجانب العسكري والعلمي فافراغ العراق من طاقاته العسكرية يضعف من قدرة الجيش في التصدي للأطماع الخارجية ويبقيه بحاجة دائمة لدعم الاخرين كما ويبقي الدولة العراقية في حالة ضعف وخنوع لارادة دولية وإقليمية طامعة ، خاصة وان الضباط العراقيين الذين شاركوا في حرب الثمان سنوات لهم خبرة كبيرة في الشؤون العسكرية الإستراتيجية ، فاضعاف العراق وتفريغه من قدراته وطاقاته يعتبر من اهم الممهدات الأساسية لتمرير المشروع الايراني في العراق .

كاتب وسياسي عراقي مستقل

سر قهوة قنصل مصر بالنمسا/ ناصر الحايك

محمود أمين نمر
فيينا النمسا-
هل كان مذاق القهوة مميزا إلى هذه الدرجة ؟

أم أنها احتوت على خلطة سحرية تشعر من يحتسيها بنشوة الترحاب !!

أم أنها شبه غبطة هبطت عليك من حيث لا تدرى ، غالبا ما تفتقدها بمجرد أن تطأ قدماك إحدى ممثليات الدول العربية في الخارج لإجراء معاملة ما!!

أم أنه إحساس بالطمأنينة تولد لديك ، لم تعتد عليه منذ نعومة أظافرك ، ورثته عن أجدادك وذويك !!

أم أنها مشاعر ممتزجة بشيء من الرضى ، لم تراودك من قبل عند وقوفك أمام شخص يمتلك الصلاحيات والسلطات !!

لم يكن هذا ولا ذاك ، فما حدث مؤخرا في مكتب قنصل مصر بالنمسا المستشار "محمود أمين نمر" يبعث نفحة من السرورو فى نفسك ، لأن مجرد استقباله لك بتلقائية في مكتبه بفيينا في مقر القنصلية المصرية وإصراره شخصيا أن يعد لك فنجانا من القهوة ، التي على ما يبدو أنه بارع في اقتناء نوعيتها بعناية فائقة .

مجرد أن يحدث ذلك كله قبل أن تنبس ببنت شفه وقبل أن يعرف غرض هذه الزيارة "السعيدة" لهو أمر غريب لم تعتد عليه ومستبعد كليا عندما تذهب إلى أماكن مشابهة لإنجاز مصلحة تخصك !!

لكن عقب الرشفة الأولى تزول تلك الهواجس "اللئيمة" سالفة الذكر من تلقاء نفسها ، أو تقدم على تجاهلها ، بل وطردها إن أقتضى الأمر حتى قبل أن تجرؤ على مداهمتك .

وقبل أن تجهز على ما تبقى في الفنجان يزداد عندك اليقين بأن ليس هناك ما يرغم المستشار المصرى على الابتسام في وجهك وتمثيل الحفاوة وتصنعها ، إذ هو غير مضطر لتقمص هذا الدور .

إذا ربما هو هكذا، أو على الأرجح أنها طبيعته وانه لا يتصرف إلا على سجيته.

وسواء كان يعلم أو لا يعلم فإن المستشار "نمر" قد تمرد على صورة نمطية مقيتة علقت في أذهان الكثيرين منذ الأزل عن الدبلوماسي أو رجل الدولة العربي ، الذي يعشق التظاهر بأنه "هام جدا" و يحرص غالبا على عدم ردم الهوة العميقة التي تفصله عن الشخص العادي .

ويمكن القول أيضا أنه يقود نهجا جديدا لا يحترفه معظم نظرائه عندما يتعاملون مع المراجعين الذين يطرقون أبواب السفارات لسبب أو لأخر، نهجا يمكن التنبؤ بأنه سيثرى من رصيده على أصعدة كثيرة .





"كورنت" 30 كيلو غرام يدمر دبابة 100 طن من يحتاج إلى حروب بعد اليوم؟/ نبيل عودة


" حماس استعملت سرحاً استراتيجياً يخل بالتوازن"
هذا ما طرحه قائد الأركان في اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، كما ورد في الإعلام الإسرائيلي: "سلاحاً استراتيجياً يخل بالتوازن"
ظننت لوهلة أن "ولاية حماستان" في غزة، انضمت إلى نادي الدول النووية أو باتت تملك على الأقل.... طائرات أف- 35 (الشبح) الإستراتيجية، أو طورت أساليب عسكرية ومعدات تجعلها قوة عالمية لتطوير وسائل القتال، تتجاوز إسرائيل التي تعتبر من أهم مطوري تكنلوجيات السلاح في العالم وثالث أكبر دولة مصدرة للسلاح في العالم.
بقية حديث الجنرال قائد الأركان جاء فيه توضيح أن حماس استعملت صاروخ مضاد للدبابات من نوع "كورنت" وأنه بالصدفة لم تقع إصابات بأفراد الدبابة التي أصيبت بالصاروخ، والحادثة وقعت قبل أسبوعين عندما توغلت قوة عسكرية داخل قطاع غزة "المستقل"!!
والكورنت هو صاروخ روسي صغير مضاد للدرع قادر على اختراق دروع الدبابات مهما كانت سميكة، تم ينفجر بعد الاختراق، مدمرا المدرعة من الداخل، وبالصدفة اخترق درع دبابة إسرائيلية ولم ينفجر.
لا أفهم في السلاح، حتى في أبسط قطع السلاح، المسدسات، بالنسبة لي كلها أسلحة إستراتيجية، اذا ما قورنت بقدراتي الجسدية على مواجهتها.
أما كيف يمكن أن نسمي صاروخ يزن أقل من 30 كيلو غرام بمواجهة دبابة تزن عشرات الأطنان، مسلحة بما يتفوق على الصاروخ من حيث كثافة النيران والقدرة على التدمير والقتل، الى جانب صواريخ كما أظن، تنطلق أبعد مدى من "الكورنت" تلك اللعبة الروسية الصغيرة بالمقارنة مع تسليح دبابة، صوت محركها لوحدها يدب الرعب في الإنسان.
إذن من يحتاج الدبابات التي تدمرها لعبة صاروخ روسية ، اعتبرتها اسرائيل استراتيجية وتخل بالتوازن العسكري او توازن الرعب..؟!
ربما حان الوقت للتخلص منها وتحويل حديدها الى حديد لبناء المصانع والمساكن والمدارس وسكك الحديد، وبالطبع الوصول الى قناعة أنه لا يوجد سلاح جبار رهيب، الا ويوجد أسلوب "استراتيجي بدائي" لمواجهته!!
لعل في ذلك درساً سياسياً لمخططي السياسة، من منطلق أن الحرب هي استمرار للسياسة بلغة القوة وبما أن الحرب أضحت غير مضمونة لأنه يوجد "كورنت" روسي صغير يزن 0.1% أو أقل من وزن الدبابة، قادر على تدميرها هي وطاقمها.
وعليه لكل أداة عسكرية يوجد " الكورنت" الملائم لمواجهتها، حتى لو كانت أف 35 كما آمل.. أو غواصة. ولم ننسى بعد الضجة حول الصواريخ الروسية التي اشترتها سوريا، والتي قيل أنها قادرة على إصابة أي قطعة عسكرية بحرية من مسافة 300 كيلو متر، ولا أعرف هل الصاروخ المضاد للقطع البحرية هو السلاح الاستراتيجي الرهيب، أم الغواصة القادرة على إطلاق صواريخ نووية وغير نووية (وهذا يتعلق بمن يملكها) إلى مسافات تقاس بآلاف الكيلومترات؟!
إذن حان الوقت لوقف استعمال الأساطيل العسكرية أيضا لأن لها "كورنت يخل بالتوازن".
التاريخ لا يعرف التوقف. لن يتوقف أمام إصرار إسرائيل على الحفاظ على تفوقها، أو ما تسميه "إخلال بالتوازن".
التوازن الوحيد الذي يعرفه التاريخ، هو عدم الاستهتار بقدرات الشعوب، حتى الفقيرة المسحوقة والتي لا تملك ما يسمى أسلحة إستراتيجية مخلة بالتوازن. التطوير العسكري جعل استعمال السلاح ميسرا حتى للأغبياء الأميين !!
ويبدو أن صاروخ "الكورنت" الذي وصف بأنه "سلاح استراتيجي" وهو سلاح بسيط جداً بالمقارنة مع الأسلحة الصاروخية الإستراتيجية بيد إسرائيل، وكل قدراته أن يدمر دبابة بينما أسلحة إسرائيل قادرة على تدمير دول كاملة وإعادتها الى العصر الحجري، ولكنهم لا يحبون دفع الثمن!!
مشكلة إسرائيل، أنها تريد حروباً على نسق حرب العام 1967- صفعة مدوية وانتهينا.
والمشكلة الأكثر خطورة، أنها لا تخطط لحل سلمي ومستقبل من التعاون والتطور المشترك لكل منطقة الشرق الأوسط، أو المسافة الجغرافية المحيطة بها، إنما تخطط لحرب، تكون فيها يدها الأطول، ولا تريد أن تدفع الثمن المكلف نتيجة ما تسميه "إخلال بالتوازن"، خاصة الثمن الانساني والأمني الداخلي.
نحن لا نريد لأي كان أن يدفع أي قطرة دم، في حرب مدمرة جديدة، نشم رائحتها الرهيبة في كل كلمة تصدر عن الجهاز السياسي والأمني في اسرائيل.
أقول بوضوح، من حق حماس، رغم أني أرفض كل فكرها وكل ما قامت به من خطوات سياسية، أن تتسلح بأي سلاح يشكل عائقا على التفكير بغزوة عسكرية جديدة. وأن تمتلك على الأقل ما يجعل أي عدوان جديد مكلفاً جداً، لعل ذلك يمنع المعتدي من حرب جديدة مأساوية.
لم تنشأ حماس ولم ينشأ حزب الله في فراغ. لم يقوموا في فجر أحد الأيام ليقرروا أن لهم عدواً يجب ردعه. هناك طريق واضحة للخروج من حلقة الدم المفزعة، لم تعد الحرب سلاحاً ينفع في اخضاع الشعوب واللعب بمصيرها واوطانها ومستقبلها. الدول الاستعمارية الكبرى استوعبت الدرس في اوائل منتصف القرن الماضي، ولكن اسرائيل ما زالت تتوهم انها أشطر من جميع السابقين في التاريخ الاستعماري!!

نبيل عودة – رئيس تحرير المساء – www.almsaa.net

هديتا "كريسماس" عراقية و"إيستر" عربية لأميركا/ نقولا ناصر


(الدافع الرئيسي لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد هو أمل كالوهم في ضم العراق إلى جبهة إقليمية تقودها واشنطن ضد إيران بينما يقود الحكومة التي سوف تستضيف القمة في العاصمة العراقية حزب الدعوة الذي يدين بالولاء المطلق لإيران)

هلل سفير الولايات المتحدة الأميركية السابق في بغداد، كريستوفر هيل، لتأليف حكومة نوري المالكي الجديدة بقوله للنيويورك تايمز إن "هذا يوم سعيد للسياسة الأميركية في العراق. فالعراقيون ليسوا مغرمين بتقديم هدايا الكريسماس (عيد الميلاد المسيحي)، لكني أعتقد بأنهم منحونا هدية كريسماس اليوم". وكل الدلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة سوف تكون أكثر سعادة عندما يكون انعقاد القمة العربية في العاصمة العراقية في آذار / مارس المقبل هو هديتها عشية "الايستر" (عيد الفصح المسيحي) ، لكنها ستكون هذه المرة هدية عربية لا عراقية.

في منتصف الشهر الجاري قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مخاطبا مجلس الأمن الدولي إن الحكومة التي هلل لها السفير كريستوفر " صنعت في العراق بأيدي العراقيين"، ثم نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيليب كراولي، أن تكون واشنطن قد "أملت شروط الحكومة" على الكتل السياسية في العملية السياسية التي هندست دستورها وقوانينها ومؤسساتها بعد احتلالها للعراق عام 2003، لكنه نفي "المريب الذي يكاد يقول خذوني".

فحكومة "الشراكة" بين كل هذه الكتل مجتمعة التي لم تترك مجالا حتى للتظاهر بوجود معارضة لها من داخلها هي حكومة شراكة الوكيل المحلي مع السيد الأجنبي وهي حكومة أميركية في كل شيء إلا أسمائها ولغتها، فالاتصالات الهاتفية الأميركية الشخصية مع قادتها وزيارات الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ونائبه بايدن - - الذي تبجح مازحا بأنه يستحق الجنسية العراقية بعد أكثر من اثنتي عشرة زيارة لبغداد خلال سنتين منها ست زيارات منذ كانون الثاني / يناير عام 2009 - - خلال الشهور التسعة التي انقضت منذ انتخابات آذار / مارس الماضي التي أفرزت هذه الكتل لم تترك مجالا للشك في السبب الرئيسي الذي جعل الكتل الفائزة في تلك الانتخابات "تتنازل" عن "استحقاقاتها الدستورية" في رئاسة الحكومة وتعلق على مضض عصبياتها الطائفية وفتنتها التي فجرها التدمير الأميركي لمدينة الفلوجة والنزوح الطائفي والتطهير الطائفي اللذين اعقباها لتؤلف أكبر حكومة ناقصة في العالم يأتلف فيها رجالات أميركا ويستأثرون بالوزارات الرئيسية التي تضمن أمن قوات الاحتلال من ناحية والمصالح النفطية الأميركية من ناحية أخرى.

إن تخصيص بند واحد (التاسع) في البرنامج السياسي الذي أعلنه رئيس هذه الحكومة نوري المالكي لها ل"تعزيز النجاحات ... في توقيع اتفاق سحب القوات الأجنبية وفق الجدول الزمني المعلن واستعادة السيادة الوطنية" دون أي ذكر للاحتلال هو سبب كافي لوحده لكي تعتبر الإدارة الأميركية تأليف هذه الحكومة هدية عيد ميلاد عراقية لها، وهي بهذه الصفة لا يمكن أن تكون حكومة غير أميركية.

في الحادي والعشرين من هذا الشهر، نشر بايدن، المكلف بالملف العراقي من إدارة أوباما، مقالا في النيويورك تايمز كتب يقول فيه إن "المصلحة الأساسية لأميركا الآن هي المساعدة في الحفاظ على المكاسب التي تحققت في العراق .. وتشجيع العراق على التحول إلى حليف محوري لأميركا في منطقة حاسمة استراتيجيا"، وهذا هو الاطار الاستراتيجي الذي ستعمل فيه أي حكومة في المنطقة الخضراء ببغداد إذا أرادت أن يكتب لها البقاء.

وبما ان الاتفاقية الأمنية (صوفا) التي أشار المالكي إليها في البرنامج السياسي لحكومته هي الأساس "القانوني" الوحيد لتنظيم بقاء قوات الاحتلال الأميركي في العراق حتى نهاية العام المقبل، فإن الهدف الرئيسي لإدارة أوباما من هدية عيد الميلاد العراقية الذي لا يمكن النص عليه صراحة في أي برنامج سياسي لحكومة المالكي هو ضمان أن "تطلب" هذه الحكومة بنفسها إبرام اتفاقية بديلة تنظم "شراكة" استراتيجية عسكرية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة تكون أساسا "قانونيا" بديلا ل"صوفا" يضفي شرعية شكلية على بقاء بضعة قواعد عسكرية أميركية كبرى وخمسين الف عسكري اميركي تزعم واشنطن أن مهمتهم قد تحولت من "قتالية" إلى مهمة "استشارية"، اتفاقية بديلة تضمن بدورها تحول العراق إلى "حليف محوري لأميركا" في المنطقة.

وقد تكررت تصريحات مسؤولي الادارة الأميركية التي تصرح أو تلمح إلى نية عدم الالتزام بموعد نهاية العام المقبل لانسحاب قوات الاحتلال، لكن "من الواضح أن المبادرة لا بد أن تأتي من العراقيين، ونحن منفتحون على بحثها" كما قال وزير الدفاع روبرت غيتس في كولالامبور بماليزيا في التاسع من الشهر الماضي، مثلا، أو كما قال بايدن، كمثال آخر، في الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر نفسه بصراحة أوضح بأن "القوات الأميركية يجب أن تظل في العراق بعد موعد 2011" لأن "قوات الأمن العراقية ليست جاهزة بعد للاعتماد على نفسها اعتمادا كاملا"، بالرغم من أن عديدها يزيد الآن على 650 ألفا، و"لهذا السبب، وحتى في هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة، فإننا نطلب من الكونغرس أن يستجيب لطلباتنا الخاصة بالميزانية من أجل دعم استمرار وجودنا في العراق"، ليضيف بأن "هجمات المتطرفين تظل مظهرا غير مقبول من مظاهر الحياة اليومية في العراق".

ورأي بايدن هذا في "قوات الأمن العراقية" وفي الوضع الأمني السائد يتناقض تماما مع تأكيد المالكي على قدرة هذه القوات في "تحمل المسؤولية والحفاظ على الأمن" أثناء استقباله لرئيس الأركان الأميركي الجنرال جورج كيسي نهاية الأسبوع الماضي، والتأكيد المتناقض لكل منهما كرره مسؤولون من كلا الجانبين، وإذا كان التأكيد الأميركي يستهدف تسويغ بقاء قوات الاحتلال في العراق فإن تأكيد المالكي يستهدف إسقاط حجة عربية رئيسية لعدم حضور القمة العربية في بغداد، ومن المؤكد أن حلفاء أميركا وأصدقاءها يجدون في التأكيد الأميركي سببا يطمئنهم للحضور أقوى من تأكيد المالكي، الذي يحرص موظفوه على تأكيد تأكيده بنفي أمرين، الأول نفي عقد القمة في إقليم كردستان العراق، كما اقترح مرارا رئيس حكومة الاقليم برهم صالح، بدل بغداد، والثاني نفي أي استعانة بقوات أميركية أو أجنبية لضمان أمن القمة.



وإذا كان عقد القمة في بغداد أمرا "حتميا" كما قال المستشار الاعلامي للمالكي، علي الموسوي، فإن عدم الاستعانة بالقوات الأميركية الذي يجري ترويجه أساسا من أجل تجنيب القادة العرب أي حرج أمام شعوبهم هو أمر مشكوك فيه ويتناقض مع الواقع على الأرض، ففي الثامن والعشرين من الشهر الماضي قتلت قوات الاحتلال الأميركي سائقا عراقيا كان يقود مسرعا على طريق مطار بغداد الدولي (صدام سابقا) بينما كانت قافلة عسكرية أميركية متجهة نحو القاعدة الأميركية في "معسكر النصر" قرب المطار الذي سيهبط فيه القادة العرب الذين سيشاركون في القمة.



وإذا لم يكن الاحتلال "غير الشرعي" للعراق، كما وصفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عائقا أمام تطبيع علاقات بعض الدول العربية مع العراق وهو تحت الاحتلال، فإن الاحتلال كان حجة بعضها الآخر لعدم التطبيع، وكانت هذه الحجة إضافة إلى الحجة الأمنية سببين رئيسيين لاختيار سرت الليبية بدل بغداد لاستضافة القمة العربية الأخيرة.



لكن بالرغم من استمرار الاحتلال واستمرار انعدام الأمن في العراق "تجمع" الدول العربية اليوم على عقد مؤتمر قمتها المقبل في العاصمة العراقية في آذار / مارس المقبل، ولا يوجد أي تفسير لهذا الاجماع سوى كونه استجابة "للحث" الأميركي.



وكل الدلائل تشير إلى ان الطمع الأميركي في الكرم العربي سوف ينجح في انتزاع "هدية عيد الفصح" المسيحي العربية بعد أن حصلت واشنطن على "هدية الكريسماس" العراقية.



ففي كل البيانات والتصريحات الأميركية الرسمية الأخيرة تكرر "حث جيران العراق وبقية المجتمع الدولي" على تطبيع العلاقات مع "هدية عيد الميلاد العراقية" للولايات المتحدة وتعزيزها للمساعدة في تحويل العراق إلى "حليف محوري لأميركا" في المنطقة والعالم، و"تقوية الشراكة (الأميركية) طويلة الأمد مع شعب العراق وقادته" حسب بيان للبيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، من أجل "بناء علاقة قوية تدوم طويلا بين البلدين" كما قال تصريج للناطق باسم الخارجية الأميركية في اليوم نفسه. وقد نجحت الإدارة الأميركية في إقحام نص مماثل في قرارات مجلس الأمن الدولي الثلاث الصادرة في منتصف الشهر الجاري وفي البيان الرئاسي للمجلس بشأن العراق الذي رحب "بإعادة دمج العراق في المنطقة" وشجع "العراق وكل الدول الاقليمية على تعميق وتوسيع علاقاتها".



ويبدو أن استجابة "جيران العراق" العرب للحث الأميركي على انعقاد القمة في بغداد أقوى من استجابتهم لحث المقاومة العراقية وشخصيات وطنية عراقية مثل رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ حارث الضاري، أو حتى سياسي عراقي كردي مخضرم مشارك في "العملية السياسية" الأميركية مثل محمود عثمان الذي نصح في مقابلة مع الحياة اللندنية يوم الاثنين الماضي بأن "من الأجدى التريث في عقد القمة العربية .. لأسباب كثيرة" منها "عدم استكمال انسحاب القوات الأميركية" و"عدم استكمال إجراءات الخروج من طائلة الفصل السابع" لميثاق الأمم المتحدة موضحا: "بمعنى أن العراق في حاجة إلى استعادة سيادته الكاملة قبل أن يبادر إلى استضافة القمة". ومما لا شك فيه أن المؤتمر القومي العربي الذي أبرق أمينه العام عبد القادر غوقة إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مشيدا بما نقلته تقارير إعلامية عن رفضه انعقاد القمة العربية في بغداد قد اصيب بخيبة أمل بعد أن نفى وزير الدولة الجزائري للشؤون الخارجية مراد مدلسي هذه التقارير.



إن الاستجابة العربية للحث الأميركي تعتبر انعقاد القمة في بغداد "رسالة مهمة إلى العالم بإعادة حيوية العراق واستقراره" كما قال السفير المصري شريف كمال الدين شاهين بعد تسليمه دعوة من الرئيس حسني مبارك لنظيره العراقي جلال طالباني للمشاركة في القمة العربية الاقتصادية الثانية، بعد قمة الكويت، كمناسبة أخرى ل"إعادة دمج العراق" في المنطقة، وفي هذا التفسير المصري للاستجابة العربية مفارقة لغوية تتمثل في كلمة "مهمة"، وهي خطأ شائع يعني "محزنة" ويقصد بها مستخدموها مثل السفير شاهين "هامة".



لكنها مفارقة لغوية تصف وصفا صادقا المفارقة السياسية الأهم المتمثلة في كون الدافع الرئيسي لعقد القمة العربية في بغداد هو أمل كالوهم في ضم العراق إلى جبهة إقليمية تقودها واشنطن ضد إيران بينما يقود الحكومة التي سوف تستضيفهم في العاصمة العراقية حزب الدعوة الذي يدين بالولاء الطائفي والسياسي المطلق لإيران كما أثبت حكمه للعراق بحماية الحراب الأميركية طوال السنوات الست الماضية (2004 – 2010) أولا برئاسة إبراهيم الجعفري ثم برئاسة المالكي الذي ضمن الاحتلال الأميركي استمرار حكمه لمدة خمس سنوات أخرى حتى عام 2015.

* كاتب عربي من فلسطين

عن المرأة تجلد في السودان/ علوان حسين


منظر مريع ولا إنساني ومقرف وهو تشويه لإنسانية البشر الذين خلقهم الله أحرارا ً فأمعن السفلة فيه تعذيبا ً وجلدا ً في قسوة سادية حيث بدا في المشهد قائد الشرطة السودانية مبتهجا ً يضحك وكأنه في حفلة ماجنة .
عن أية قيم وأخلاق يتحدثون إولئك الذئاب البشرية وهم يجلدون امرأة وسط الشارع وأمام الناس ؟ مارأيته كان مشهدا ً وحشيا ً ظهر فيه الشرطة ببدلاتهم الرسمية وكأنهم يلهون ويعبثون بجسد الضحية التي لم تكن تملك سوى الصراخ . كانوا يلهون ويلعبون والمرأة تولول وتـُعذب ُ والناس تتفرج .. متى كان الجسد الآدمي معروضا ً للفرجة وهو يُنتهك ُ من قبل ذئاب الحكومة ؟
 ذكرني هذا المشهد المروع بتلك الساحة الرومانية التي كنا نشاهدها في أفلام السينما ونحن صغار السن , حيث يؤتى بالضحية في ساحة عامة تطل عليها مدرجات أطلق عليها لاحقا ً أسم ( المدرج الروماني ) . وأمام صخب الناس تنطلق الغرائز البدائية للإنسان الوحشي من عقالها وبمشهد هستيري يتم رمي الضحية حيا ً أمام السباع الجائعة حيث الصراع اللامتكافىء مابين الهشاشة والقوة المفرطة وحيث تـُداس ُ القيم وتنكسر الأخلاق ويموت الشعور , حينها تبدو البشرية وكأنها عادت إلى عصر الإنحطاط .
لا عجب إن حكومة السودان تعيش بقوانين عصر أهل الكهف وتعود لأيام العبودية حتى لو تجلببت بثوب الدين الفضفاض . إن الحديث عن الكرامة والحرية وحق المرأة ودورها في الحياة كصانعة وحاضنة للبشر وما أوصى به الرسول الكريم في الرفق بالقوراير , ثم الحديث عن مساواتها بالرجل مع مراعاة وضعها البايولجي والنفسي وتقدير أنوثتها حد التغني بحضورها الطيفي والكلام عن الرحمة المشتقة من الرحم وعن العدل , بدا كل هذا الكلام نافلا ً ومجرد شعارات نرفعها وقيم نتغنى بها لمجرد الإستهلاك والبلاغة والشطح الشعري ونحن في حقيقة الأمر لا نؤمن إلا بنقيضها الذي هو وبعيدا ً عن لغة المجازات والتورية الظلم الفادح والأذى الجسدي والنفسي الذي تسببه مثل هذه الفظاعات للمرأة الضحية .
كاتب من العراق

كيف نصدقكم وهذا أثر فأسكم/ د. مصطفى يوسف اللداوي


إنها الحقيقة القاتمة بسوادها التي لا يمكن تجاوزها أو إنكارها، والماثلة في القلوب والعقول معاً، بحجم ظلمها، وغاية صلفها، وبعمق الجرح الغائر المتجدد الذي أحدثته في نفوس الفلسطينيين، المكلومين دائماً بظلم الاحتلال، وعسف آلته العسكرية القاتلة في كل مكان، إنها الحقيقة الدامغة بجلاءٍ أسود، وحقدٍ أعمى، فالأدلة عليها كثيرة، وشواهدها متتالية، وضحاياها في كل مكان، رجالٌ ونساءٌ، طلابٌ عمال، مقاتلون ومطاردون، موظفون وعاطلون، وكثيرٌ منهم مطاردين ومطلوبين للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، كلهم في غياهب سجون السلطة الفلسطينية، موقوفين بلا سقفٍ زمني لاعتقالهم، ومحكومين بأحكامٍ عسكرية قاسيةٍ جائرة، وكلهم يخضع لاستنسابيةٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ ظالمة، فلا أسباب حقيقية منطقية تدعو لاعتقالهم، ولا مبرراتٍ واقعية تفسر استمرار احتجازهم، ولا تفسير مقبولٍ لرفض الأجهزة الأمنية الفلسطينية الإلتزام بقرارات المحاكم الفلسطينية التي قضت بضرورة الإفراج عن الأسرى والمعتقلين والموقوفين والمحكومين في سجون السلطة الفلسطينية.

إنها الحقيقية العارية من كل خلق، والمتجردة من كل القيم الوطنية، والمفتقرة إلى أدنى معايير الأخوة الصادقة، والمصالح الوطنية، ومفاهيم النضال المشتركة، بل إنها أخلاقٌ إسرائيلية، ومسلكياتٌ احتلالية، وممارساتٌ عدائية، قائمة على الغطرسة والظلم والاعتداء، فسجون السلطة الفلسطينية عامرة بمئات النشطاء الفلسطينيين، وقد غصت بهم زنازينها، وانتشرت روائح ظلمها وكذبها وجورها وبهتانها، وتركت آثاراً بينة، سياطاً على الأجساد، وقتلاً للأرواح، وإهداراً للكرامات، وفضح أمر السلطة الفلسطينية البائسة التي تحاول بغير مروءة أن تنكر وجود معتقلين سياسيين في سجونها، فلم يعد من السهل على الفلسطينيين أن يصدقوا إدعاءاتها، أو أن يصدقوا تصريحات الناطق الرسمي باسم وزارة داخلية رام الله، التي ينكر فيها متبجحاً وكاذباً وجود أي معتقلٍ سياسي في سجون حكومة فياض، مستخفاً بالعقل الفلسطيني الرشيد، وساخراً من مشاعر الأسر الفلسطينية المعذبة، ومتهكماً من كل الذين يكتوون بنار عذابات جلاوزة السلطة الفلسطينية، فإن كان وحكومته صادقاً فيما يدعي، فليسمع إلى عائلات وأسر ضحاياه في سجون حكومته، وليصغ السمع إلى آهات الأطفال، وبكاء الزوجات، ودعوات الأمهات المنتحبات، وليقدم لهم وللفلسطينيين جميعاً مبررات غياب أبناءهم، والأسباب التي تدفع سلطته الأمنية لاحتجازهم، والحيلولة دون الافراج عنهم، أو تنفيذ قرارات المحاكم التي أنشأوها بأنفسهم وفق مفاهيمهم وانسجاماً مع مصالحهم.

ترى كيف يمكننا أن نصدق سلطة رام الله، وحكومة سلام فياض، وتشدقات الناطق الرسمي باسم وزارة داخلية رام الله، وأثر فأسهم الظالم قائمٌ في العقل والجسد والقلب والوجدان معاً، فكيف ينكرون اضراب المعتقلين في سجونهم وقد قارب اضرابهم على إتمام الشهر، وهل يقوون على مواجهة نتائج هذا الاضراب، وكيف يقبلون على أنفسهم أن يكونوا في مقام الاحتلال، فيواجهون المعتقلين ويقمعونهم، ويعتدون عليهم ويفرقونهم ويوزعونهم، أملاً في إنهاء إضرابهم أو احتجاهم، أما ما يدعيه الناطق باسم داخلية رام الله، من ان السلطة في غزة تعتقل عناصر وقياديين ونشطاء من حركة فتح، فإن القائمين على الأمن في غزة، يجأرون دوماً بعالي صوتهم، أن تعالوا وتأكدوا من السجون، هل فيها من معتقلٍ سياسي، أو موقوفٍ على خلفية إنتماءٍ حزبي، إنما المعتقلون في غزة هم لصوصٌ ومجرمون، مهربون وتجار مخدرات، أو أؤلئك الذين توقفهم الشرطة على خلفية خلافاتٍ ونزاعاتٍ عائليةٍ محضة، لا علاقة لها بالخلافات التنظيمية أو الانقسام السياسي، وليس هناك أي شبهة في غزة للتعامل بالمثل مع رام الله.

كما أنه أمرٌ طبيعي أن ترفض حركة حماس استئناف أو مواصلة الحوار مع حركة فتح، التي هي عماد السلطة الفلسطينية، قبل الافراج عن جميع الأسرى والمعتقلين في سجون السلطة الفلسطينية، ففي هذا الشرط استجابة طبيعية لحاجات الناس، ونزولاً عن رغبات ومطالب أهلنا في الضفة الغربية، وتحقيقاً للحمة الوطنية، وإشاعةً للمعاني والأجواء الإيجابية التي يجب أن تسود بين الفلسطينيين، إذ ليس من المنطق ولا العقل، أن تجري مفاوضاتٌ وحواراتٌ، بينما أجهزة أمن رام الله تجوس خلال مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية كلها فساداً، تعتقل وتطارد، وفي السجون تعذب وتضرب، وأمام الرأي العام المحلي والدولي تنكر وتنفي، فهذا أمرٌ لا يقبل به شريف، ولا يستسيغه عاقل، ولا يخضع له إلا من رضي بالذل والهوان، وإلا فإن الخضوع لإرادات السلطة إنما هو خضوعٍ لإرادة وإملاءات الاحتلال، الذي يحاول أن يفرض وقائع على الأرض، ثم يطالب الفلسطينيين والمجتمع الدولي أن يقبل بها، وأن يتعامل معها ومع نتائجها، فهذا الأمر جدُ مرفوض، فليس من الحكمة أن تتواصل الحوارت في ظل استمرار عسف الاعتقال والتعذيب، ولا جدية في مفاوضاتٍ تجري بينما السكين تحز في الجسد، وتقطع الأوصال والأوردة والشرايين، فإن كان الجلاد لا يعبأ بالدم المنساح، ولا يهتم لعدد المعتقلين ولا لمعاناتهم، فإن من حق الضحية أن ترفض وأن تثور، وأن تضع الشروط والمواثيق التي تمنع استمرار الظلم، وسيادة الجور.

إن ما تطلبه منا سلطة رام الله، هو أن نعطل عقولنا، وأن نعمي عيوننا وبصائرنا، وألا نصغي السمع لنداء العقل والعاطفة والدين والوطنية، وتطالبنا بأن نكذب الحقائق الدامغة، وأن نرفض شهادة الشمس في كبد السماء، وأن نصدقها في كل ما تروي وتحكي، فتصريحاتها صادقة، وناطقوها الرسميون منزهون عن الكذب، يتحرون الحقيقة، ويحرصون على الصدق، وتريدنا أن نكذب دمعة كل طفلٍ والده مسجون، وآهة كل زوجةٍ زوجها في سجون السلطة يعذب، وحزنُ كل أمٍ مكلومةٍ حزينةٍ على ولدها الغائب المعذب، في الوقت الذي تطالبنا فيه أن نجلس معها على طاولة الحوار، ونقدم لها كل التنازلات، ونمنحها كل البركات، على ما تقوم به من جرائم وفضاعات، بحجة أنها بريئة، وأن حماس تدعي وتفتري عليها، وهي تحاول أن تشوه سمعتها، وأن تثير الشبهات حولها، وأن تلصق بها ما ليس بها من عيوبٍ ونقائص.

فأيها العابثون بأمن شعبكم، اللاهون بمصالح أهلكم، الساعون لخدمة عدوكم، المؤتمرون بأمر جلادكم، أفيقوا من غفلتكم، وانهضوا من سباتكم، واعلموا أن الغد ليس لكم، وأن المستقبل سيفضح أمركم، ولا من ينقذكم، ولا من يدافع عنكم، فلا نصير لكم، ولا مغيث يغثكم، فشعبكم يعرف أنكم تكذبون وتدعون، وأنكم تنفذون أجندة عدوكم، وتلتزمون بتعليمات دايتون وسلفه، فلا تنتظروا من شعبٍ يرى أثر فأسكم الدامي أن يصدقكم، فالصدق لديه صدق أفعالٍ لا صدق أقوال، فعجلوا بفتح أبواب باستيلاتكم الوطنية الزائفة، وأطلقوا سراح من صنع لكم المجد الذي به تتغنون، وبسببهم تفخرون أنكم فلسطينيون.


حکومة الوکالة والتوافق الهش/ العلامة السيد محمد علي الحسيني


واخيرا، وبعد إنتظار طويل و مخاض عسير و جدال و مناورات سياسية متباينة، من المزمع أن تخرج الحکومة العراقية المتشکلة بعد الانتخابات العراقية الاخيرة الى النور، وکما يبدو و يستشف من مختلف التقارير و التحليلات السياسية، فإن الحکومة العراقية الجديدة تکاد أن تکون حکومة توافق هش مبني على خيارات و إحتمالات أغلبها هزيلة في بنيانها الاساسي.

وعلى الرغم من أن هناك الکثير من الملاحظات و الانتقادات بخصوص هذه الحکومة، لکن الامر اللافت للنظر، أن اغلب حقائبها الوزارية بالوکالة کما أن توزير السيد صالح المطلك والذي کانت العديد من الاوساط السياسية العراقية و بدفع و تحريض من جهة إقليمية محددة، ترفضه جملة و تفصيلا و تدعو و بصراحة الى(إجتثاثه)بإعتباره بعثيا سابقا وفق ماکانت تؤکد تلك الاوساط(حزب الدعوة الذي يتزعمه السيد نوري المالکي من ضمن تلك الاوساط السياسية ان لم تکن على رأسها)، لکن توزير المطلك، کان في حد ذاته بمثابة رسالة من طابع خاص جدا حول مدى إصرار السيد المالکي على التشبث برئاسة الحکومة العراقية حتى ولو دفعه الامر الى تغيير القناعات و الرؤى و الافکار التي کان يطلقها بخصوص بعض من المسائل وان موقفه من المطلك يندرج في هذا السياق وان التمعن في شکل و مضمون الاختلاف الجوهري في الافکار و الرؤى السياسية للتيار الذي يقوده المطلك مع حزب الدعوة الذي يتزعمه المالکي، يؤکد بأن ولادة أي قرار سياسي مهم و حساس سوف لن يکون بالامر الهين وقد يقود الى إشتعال نار أزمة سياسية جديدة ليس من المستبعد أن تطيح بالحکومة ذاتها، ومن هنا فإننا ننظر للأساس التوافقي بتوجس و ريبة بالغين و لانتوسم فيه أملا ما يمنح الحکومة العراقية الجديدة القدرة على الاستمرار الامثل لتأدية مهامها.

ان التعثر و التخبط و التأخير الذي رافق تشکيل الحکومة العراقية منذ إنتهاء إنتخابات مارس/آذار المنصرمة و ماتمخضت عنها من فوز واضح للقائمة العراقية بزعامة الدکتور أياد علاوي، کانت علته الاساسية التدخلين الايراني و الامريکي بالشأن العراقي بشکل خاص و رغبة کل منهما جر البساط العراقي بالصورة التي تکفل و تحفظ له مصالحه في هذا البلد المثخن بالجراح البليغة، ومع إيماننا بسلبية الدور الامريکي في العراق من حيث تدخله المفرط في الشأن الداخلي العراقي، إلا أننا نميل الى ان تدخل النظام الايراني في الشأن الداخلي العراقي قد کان بصورة أکثر سلبية و خطورة و هو يهدد سلامة إستقلالية القرار السياسي العراقي مثلما يهدد المصالح و الامن الوطني للعراق و شعب العراق، واننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، ندعو و نحث مختلف الاوساط و الاحزاب السياسية العراقية الى توخي الحيطة و الحذر و وضع المصالح الوطنية للعراق فوق کل إعتبار و السعي لتجاوز الخلافات الثنائية و التأکيد على نقاط الالتقاء على أمل أن يؤدي ذلك إلى نجاح الحکومة العراقية الجديدة في المهام الملقاة على عاتقها لأننا وعلى الرغم من ثقتنا برأينا بخصوص الاساس التوافقي الهش الذي قد بنيت عليه الحکومة، فإننا لسنا نرجو عودة الازمة و اللاإستقرار السياسي للعراق مجددا ويقينا فإن قطع دابر التدخلات الخارجية في العراق و لاسيما القادمة من بلاد ولاية الفقيه سيکون له أبلغ الاثر في إستباب الامن و الاستقرار في العراق و نجاح الحکومة الجديدة في تمشية أمورها على أفضل وجه.

*المرجع الإسلامي للشيعة العرب.www.arabicmajlis.org

ماذا يفعل الحريري لو امتلك العالم كله وخسر لبنان؟/ جوزيف أبو فاضل


حذر الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل من أن مصير البلد اليوم على المحك، مشيراً إلى أنّ المعطّل الحقيقي هو الفريق الذي يربط نفسه بالخارج، في إشارة إلى فريق الرابع عشر من آذار، معتبراً أنّ هناك شيئاً ما يدور في عقول مسؤولي هذا الفريق حول عدم جدية ما يُطرح عليهم من قبل المعارضة.
أبو فاضل، وفي حديث إلى برنامج "اللقاء السياسي" عبر "إذاعة الرسالة" أداره الاعلامي غانم شرف الدين، علق على رفض رئيس الحكومة سعد الحريري حسم ملف شهود الزور والتصويت على إحالته إلى المجلس العدلي، فلفت إلى أنه يخشى ذلك لأنّ فريقه سيصبح عندها في السجن، ملاحظاً أنّ "جماعته هم شهود الزور وهذا شيء معروف وليس سراً". وأوضح أبو فاضل أنّ المعارضة تريد إحالة القضية إلى المجلس العدلي لتطمئن، موضحاً أنّ كل ما يحال الى المجلس العدلي لا يخضع لقوانين العفو بحيث تستثنى منها دائماً القضايا المحالة الى المجلس العدلي "ولذلك فهو ضمانة".
وفيما أكد أبو فاضل أنه يعوّل على التسوية السورية السعودية، لفت إلى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري حريص على أن يصدر القرار الاتهامي في جريمة اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري أولاً على أن يبحث بالحلّ بعد ذلك.
وتوقف أبو فاضل عند المهرجان الذي نظّم في طرابلس مؤخراً والذي أثار العصبيات الطائفية والمذهبية، متهماً الحريري شخصياً بتنظيمه والاشراف عليه، منتقداً الكلام الذي خرج عن هذا المهرجان خصوصاً لجهة الحديث عن قطع اصابع واقتلاع اعين "حتى اعتقدنا اننا في مسلخ او في ملحمة"، واصفاً ذلك بـ"المهزلة".
وأكد أبو فاضل أنّ "حزب الله" كما رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجيه ورئيس "الكتلة الشعبية" الوزير الياس سكاف والوزير فايز شكر والنائب أسعد حردان وغيرهم من شخصيات المعارضة حريصون على سعد الحريري أكثر بكثير من رئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيزي والمّدعي العام دانيال بلمار، معتبراً أنّ ذلك أمر طبيعي "كوننا أبناء بلد واحد".
ولم يستبعد أبو فاضل احتمال عقد جلسة لمجلس الوزراء، لكنه لفت إلى أن عقد مثل هذه الجلسة يتطلب من الحريري أولاً تطرية الموقف مع جماعته، مشيراً إلى أن الحريري لا يمكنه أن يقول أنه منفتح على المعارضة فيما نوابه ووزراؤه يهاجمون كلّ أقطاب المعارضة ويفتحوا ملفات عمرها سنوات، متسائلاً من يمون على هؤلاء، داعياً الحريري لاسكات فريقه قبل الانفتاح على الآخرين.
وجدّد أبو فاضل وصفه للمحكمة بأنها "محكمة زعران"، مؤكداً أنّ هذه المحكمة خلقت فقط لتحجّم البلد ولخدمة إسرائيل، مشدداً على أنها محكمة خاصة بالمقاومة على اختلاف أنواعها سواء أكانت إسلامية أو مسيحية أو عربية وليست محكمة خاصة بلبنان كما تدّعي.
أبو فاضل ذكّر بأنه كان أول من نشر مسودة الاتفاق السوري السعودي في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الماضي، لافتاً إلى أنّ القرار الظني سيصدر لكنه "سينام" عند قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة القاضي دانيال فرانسين الذي سيُمنح مهلة بين ست وعشرة أسابيع لدراسة القرار على أن تبدأ المفاوضات على هذا القرار خلال هذه المهلة.
في سياق منفصل، تحدث أبو فاضل عن مخطط أميركي إسرائيلي لتفريغ الشرق من الديانة المسيحية، واضعاً الحملة الأميركية والاسرائيلية على الدول العربية في هذا السياق، معتبراً أنّ المطلوب من الدول العربية أن تكون "معتدلة".
أبو فاضل شدّد على أنّ مسؤولية الحفاظ على المسيحيين هي مسؤولية المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء، لافتاً إلى أنّ المسيحيين ضمانة في المنطقة، مشدداً على أنّ الحفاظ على مسيحيي العراق على سبيل المثال هي مسؤولية إسلامية بامتياز.

مصير البلد اليوم على المحك...
أبو فاضل، الذي حذر من أنّ "مصير البلد اليوم على المحك"، أشار إلى أنّ الخلاف الأساسي لا يدور حول قضية شهود الزور، التي وصفها بالمحسومة، بل على مبدأ المحكمة الدولية، التي شدّد على أنها ليست خاصة بلبنان بل بالمقاومة.
ورأى أبو فاضل أنّ المعطّل الحقيقي هو الفريق الذي يربط نفسه بالخارج، في إشارة إلى فريق الرابع عشر من آذار، معتبراً أنّ هناك شيئاً ما يدور في عقول مسؤولي هذا الفريق حول عدم جدية ما يُطرح عليهم من قبل المعارضة.
وإذ اعتبر أبو فاضل أنّ الأساس في هذا الموضوع هو رئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه، الذي وصف مكوّناته المختلفة بـ"الملحقين" بالحريري، استغرب كلّ الجدل الحاصل حول شهود الزور، مذكّراً بأنّ مجلس الوزراء اجتمع برئاسة "فخامة الرئيس المقاوم" العماد إميل لحود بعيد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وأحال جريمة اغتياله وكلّ المتفرعات المتعلقة بالجريمة إلى المجلس العدلي "وقد صدر مرسوم بذلك ونشر في الجريدة الرسمية والصحف بتاريخ الثامن عشر من شباط 2005".
وإذ أكد أن قضية شهود الزور تقع دون شك في خانة المتفرعات، تساءل عن سبب استخفاف قادة الفريق الآخر بهذه القضية، مستغرباً الاجتهادات الدستورية التي يقوم بها البعض لجهة الاختصاص "وكأنّ المجلس العدلي لا علاقة له بجريمة من هذا النوع وربما أن المحكمة العسكرية تنظر بقضية ضرب أحدهم لآخر وأن القضاء الدولي يمكنه أن ينظر بقضية استيلاء سارق على مصرف".

شهود الزور هم فريق الحريري وهذا معروف...
وتطرق أبو فاضل إلى الوضع الحكومي، مؤكداً أنّ الشلل يصيب الحكومة بشكل كبير، محمّلاً المسؤولية لفريق الرابع عشر من آذار الذي يصرّ على رفض حسم الملفات الحساسة على غرار ملف شهود الزور.
وإذ ذكّر أبو فاضل أنّ الحكومة الحالية التي يترأسها سعد الحريري بلغت عمر السنة، تساءل عن الانجازات التي حققتها هذه الحكومة بعد نحو سنة من العمل وبعد أكثر من خمسين اجتماعاً عقدته.
ولاحظ أبو فاضل أنّ كل المراكز الشاغرة في إدارات الدولة لم تملأ وأنّ الحكومة لم تفعل شيئاً يُذكر، لافتاً إلى وجود الكثير من الأمور العالقة التي تنتظر من يحسمها من التجديد لحاكم مصرف لبنان وتعيين مدير عام للأمن العام وغيرها من الأمور المصيرية التي يبدو أنها ستبقى عالقة حتى إشعار آخر.
وتعليقاً على رفض الحريري حسم ملف شهود الزور والتصويت على إحالته إلى المجلس العدلي، لفت أبو فاضل إلى أنه يخشى ذلك لأنّ فريقه سيصبح عندها في السجن، ملاحظاً أنّ "جماعته هم شهود الزور وهذا شيء معروف وليس سراً".
وأوضح أبو فاضل أنّ المعارضة تريد إحالة القضية إلى المجلس العدلي لتطمئن، مشيراً إلى أنّ المجلس العدلي يتالف من خمس قضاة ورئيسهم رئيس مجلس القضاء الاعلى والرئيس الاول لمحكمة التمييز وبالتالي فهو اعلى سلطة قضائية في البلد، لافتاً أيضاً إلى أنّ كل ما يحال الى المجلس العدلي لا يخضع لقوانين العفو بحيث تستثنى منها دائماً القضايا المحالة الى المجلس العدلي "ولذلك فهو ضمانة".

الحريري حريص على صدور القرار الاتهامي أولاً
وفيما أكد أبو فاضل أنه يعوّل على التسوية السورية السعودية، لفت إلى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري حريص على أن يصدر القرار الاتهامي في جريمة اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري أولاً على أن يبحث بالحلّ بعد ذلك.
وتوقف أبو فاضل عند المهرجان الذي نظّم في طرابلس مؤخراً والذي أثار العصبيات الطائفية والمذهبية، متهماً الحريري شخصياً بتنظيمه والاشراف عليه، لافتاً إلى أن تنظيم مثل هذا المهرجان ممكن في كلّ بلدة من لبنان ولكنّ ثمنه كبير.
وانتقد أبو فاضل الكلام الذي خرج عن هذا المهرجان خصوصاً لجهة الحديث عن قطع اصابع واقتلاع اعين "حتى اعتقدنا اننا في مسلخ او في ملحمة"، واصفاً ذلك بـ"المهزلة"، مديناً التوجه بهذه الطريقة لحزب مقاوم قاتل العدوّ الاسرائيلي وقارعه واستطاع أن ينتصر عليه في العديد من المحطات، مستغرباً كيفية التعاطي بهذا الشكل مع التحالف الموجود في الجنوب الجريح والصامد، في إشارة إلى تحالف "حزب الله" وحركة "أمل".
وانتقد أبو فاضل محاولات منع "حزب الله" من الدفاع عن نفسه، متسائلاً بأي حق يُمنع من يعرف أنه سيُتهم ظلماً وزوراً من الدفاع عن نفسه بكلّ الوسائل المشروعة، مشدداً على عدم جواز دلك، داعياً "أبو العبد كبارة وأبو صطيف علوش وبطل مجزرة حلبا" في إشارة إلى النائب محمد كبارة والنائب الأسبق مصطفى علوش والنائب خالد الضاهر، لفتح مسلخ.

سنصبح جميعاً شهداء سعد الحريري...
أبو فاضل، الذي اعتبر أنّ التهديد بقطع الاصبع "معيب" خصوصاً تجاه الرجل الذي لم يتاجر بابنه، شدّد على أنّ اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، يجب أن يكونوا حريصين على لبنان الدولة والكيان وعدم السماح للآخرين بجعلهم ينقسمون على بعضهم البعض.
وأكد أبو فاضل أنّ "حزب الله" كما رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجيه ورئيس "الكتلة الشعبية" الوزير الياس سكاف والوزير فايز شكر والنائب أسعد حردان وغيرهم من شخصيات المعارضة حريصون على سعد الحريري أكثر بكثير من رئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيزي والمّدعي العام دانيال بلمار، معتبراً أنّ ذلك أمر طبيعي "كوننا أبناء بلد واحد".
وأعلن أبو فاضل أنه يربأ برئيس الحكومة أن ينظر إلى قضية الوطن من خلال قضية والده رحمه الله، محذراً من أنه إذا واصل السير بهذا النهج، فإنّ الكثير من اللبنانيين سيصبحون عندها شهداء سعد الحريري، موضحاً أنّ الفقر سيزداد والجوع سيتفاقم والبطالة ستنتشر أكثر فأكثر.

على الحريري إسكات جماعته ومؤتمر الجسر كشف المستور..
وأكد أبو فاضل أنّ الحريري لا يريد حلحلة الامور، مشدداً على أنّ المعارضة ليست من يعطّل ويشلّ البلد، لافتاً إلى أنها لا تسعى وراء الخلاف كما يحاول بعض الموالاة تصوير الأمور.
ولم يستبعد أبو فاضل احتمال عقد جلسة لمجلس الوزراء، لكنه لفت إلى أن عقد مثل هذه الجلسة يتطلب من الحريري أولاً تطرية الموقف مع جماعته "وبالتالي فعلى علوش وكبارة والآخرين أن يهدأوا".
ولفت أبو فاضل إلى أن الحريري لا يمكنه أن يقول أنه منفتح على المعارضة فيما نوابه ووزراؤه يهاجمون كلّ أقطاب المعارضة ويفتحوا ملفات عمرها سنوات، متسائلاً من يمون على هؤلاء، داعياً الحريري لاسكات فريقه قبل الانفتاح على الآخرين.
وإذ ذكّر أبو فاضل بإقرار رئيس الحكومة سعد الحريري بوجود شهود زور وذلك في حديثه الشهير لصحيفة "الشرق الأوسط" بتاريخ السادس من أيلول 2010، توقف عند توصيف النائبين "المستقبليين" سمير الجسر وهادي حبيش لهذا الاقرار بـ"السياسي" في مؤتمرهما الصحافي الذي عقداه في مجلس النواب بالأمس، لافتاً إلى أنّهما يقولان بذلك للرأي العام أنّ "رئيس الحكومة ضحك عليكم" ويؤكدان أنّ الحريري يماطل ويراوغ ويسوّف.

فليأخذ الرئيس موقفاً حازماً ولو قاطعه بعض اللبنانيين
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لا يُحسَد على موقفه، مشيراً إلى أنّ لا قدرة لديه على فعل شيء.
وشدّد أبو فاضل على وجوب أن يأخذ الرئيس موقفاً واضحاً حتى يكون رئيساً فعلياً قادراً على الحكم حتى لو كان ثمن ذلك أن يقاطعه قسم من اللبنانيين، مؤكداً عدم جواز أن يلعب رئيس الجمهورية دور المتفرّج لا أكثر.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ شاهد الزور يشبه العميل وهو يخرب على البلد وبالتالي لا يجوز تركه، داعيا الرئيس سليمان إلى دعم إحالته إلى المجلس العدلي أقله لتنفيس الاحتقان الموجود على هذا الصعيد.

التدويل لا يوصل إلى حل...
ولاحظ أبو فاضل أنّ المصيبة تنشأ في كلّ دول العالم كبيرة ثم تصغر إلا في لبنان حيث تولد كبيرة ثم تتفاقم أكثر فأكثر، مشدداً على أنّ التدويل لا يوصل إلى حل.
وفي سياق حديثه عن التدويل، توقف أبو فاضل عند تصريح للوزير مروان حماده في العام 2006 قال فيه أنه فتح أوتوستراداً للتحقيق الدولي، لافتاً إلى "أننا فتشنا ووجدنا أنّ هذا الأوتوستراد أوصلنا إلى زقاق مغلق يقف في نهايته الموساد الاسرائيلية"، لافتاً إلى الخرق الاسرائيلي الفاضح للاتصالات اللبنانية بمختلف شبكاتها الثابتة والخلوية.
ووصف أبو فاضل المحاكم الخاصة عامة بـ"البدعة"، مشيراً إلى أنّ ما تقوم به هذه المحاكم ليس عملاً قضائياً بل سياسياً، مستشهداً بالسودان نموذجاً، لافتاً إلى مذكرة التوقيف الغيابية التي صدرت بحق الرئيس السوداني عمر البشير، متسائلاً من حقّق معه، مؤكداً أن القصة سياسية "خصوصاً أن هناك ثروات في السودان من النفط والغاز".

المحكمة الدولية خُلقت لخدمة إسرائيل..
وتطرق أبو فاضل إلى قضية المحكمة الدولية الخاصة بالمقاومة، كما يفضّل أن يسميها، فجدّد انتقاده لكل هيكليتها ولا سيما لقواعد الاجراءات والاثبات التي يفصّلها قضاة المحكمة أنفسهم على قياسهم.
واستغرب أبو فاضل كيفية دفاع بعض اللبنانيين عن المحكمة وقانونيتها، مذكراً بأنّ هذه المحكمة أنشئت بفضل "البطل" شارل رزق، الذي كان وزيراً للعدل يومها، دون أن يطّلع رئيس الجمهورية على نظامها ولا حتى مجلس النواب كما تفترض الأصول القانونية والدستورية. وانطلاقاً من قاعدة أنّ الحكم استمرارية، تساءل أبو فاضل هل يعقل أن نتبنى محكمة لم يطّلع عليها رئيس الجمهورية.
وتطرق أبو فاضل إلى مفارقة كون شخص واحد هو دانيال بلمار يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس لجنة التحقيق والمدّعي العام في المحكمة، معتبراً ذلك "قمة المهزلة"، مشدداً على أنه "لا يمكن ان يكون مدعي عام وقاضي تحقيق في الوقت نفسه فهذا لا يجوز"، موضحاً أنّ "النيابة العام شيء وقاضي التحقيق شيء آخر".
وجدّد أبو فاضل وصفه للمحكمة بأنها "محكمة زعران"، مؤكداً أنّ هذه المحكمة خلقت فقط لتحجّم البلد ولخدمة إسرائيل، مشدداً على أنها محكمة خاصة بالمقاومة على اختلاف أنواعها سواء أكانت إسلامية أو مسيحية أو عربية وليست محكمة خاصة بلبنان كما تدّعي.

من سوريا الى حزب الله مرورا بالجبهة الشعبية والأحباش؟!
وعلق أبو فاضل على إصرار بعض المسؤولين على الثقة بالمحكمة، متسائلا عن ضمانة ذلك "ومن الذي يضمن لنا أنّ هذه المحكمة صادقة". وتساءل "كيف يمكن أن تثق بمحكمة لم تضع فرضية واحد بالألف أن إسرائيل يمكن أن تكون متورطة في جريمة اغتيال رفيق الحريري؟".
وإذ جزم أبو فاضل أنه لا يثق بهذه المحكمة، لفت إلى وجود أكثر من خلل يحيط بعملها، متوقفاً عند الاستقالات الجماعية منها، مشيراً إلى أن 14 موظفاً استقالوا من هذه المحكمة كانت آخرهم الناطقة الرسمية باسمها فاطمة العيساوي التي تحفظت على كشف ما لديها من معطيات، ولافتاً أيضاً إلى أن 3 رؤساء لجان تحقيق مروا على هذه المحكمة في غضون أقل من خمس سنوات، واصفاً ذلك بالظاهرة غير الصحية.
وإذ ذكّر أبو فاضل بحادثة حصلت مع رئيس لجنة تقصي الحقائق بيتر فيتزجيرالد الذي جاء إلى لبنان بعيد اغتيال الحريري بخلفية أنّ المتفجرة كانت مزروعة تحت الأرض وكأنّ الدولة تريد أن تغتال رفيق الحريري ورفض الاقتناع بعكس ذلك رغم أنّ كل المعطيات كانت تدحض نظريته هذه، توقف عند مفارقة "الاتجاهات السياسية" المختلفة للتحقيق.
وفي هذا السياق، أشار أبو فاضل إلى أنّ الاتهام وُجّه مباشرة بعد الاغتيال نحو الجهاز الأمني اللبناني السوري وتمّ سجن الضباط الأربعة على أساسه، كما تمّ الحديث عن تورط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وما لبث أن توقف بعد حصول جلسة مطوّلة بين أحمد جبريل وسعد الحريري. ولفت إلى انّ الاتهام وُجّه أيضاً إلى "الأحباش" الذين تبيّن أيضاً أن لا علاقة لهم بالجريمة. ولفت إلى أنّ التحقيق توجه نحو "حزب الله" في نهاية المطاف بناء على معايير سياسية أيضاً.
واستغرب كيف يمكن أن يُوجه الاتهام بجريمة اغتيال الحريري إلى "حزب الله"، مذكراً بأنّ الحريري والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله كانوا أصدقاء، مشدداً على أنّ رفيق الحريري عروبيّ في القضايا المصيرية بقدر مئة ممّن يمثلونه اليوم.

بعض اللبنانيين قطعوا التزامات مع واشنطن
أبو فاضل، الذي أكد أنه يعوّل على مشاورات السين سين لاخراج اللبنانيين من الأزمة الراهنة، دافع عن الدور السوري في هذا المجال، مشيراً إلى أنّ سوريا اصبحت محوراً وقد استطاع الرئيس السوري بشار الاسد أن يخرج بلاده من المحنة التي حاول البعض أن يُدخلها إليها. وأشار إلى أنّ سوريا تولت ملف حماية اهل السنّة في المنطقة في سياق المفاوضات الجارية، كاشفاً عن وجود تنسيق على المستوى الامني بين سوريا والسعودية وحتى بين ايران والسعودية، لافتاً إلى تهديد مشترك للدولتين يتمثل بتنظيم "القاعدة" الذي يقضّ مضاجعهم بشكل كبير.
ورداً على سؤال عن علاقة الأسد برئيس الحكومة سعد الحريري، لفت أبو فاضل إلى أنه لا يمكن أن يزور الحريري الأسد لخمس مرات وينام في الشام ومن ثمّ أن ينقلب على كل الوعود التي قطعها لمضيفه.
وأكد أبو فاضل أن السوري لن يكون سعيداً إذا اندلعت المعارك في لبنان، متسائلا في الوقت عينه لماذا يحرق اللبنانيون بلدهم إذا كانوا يحظون برعاية واسعة من سوريا والسعودية وتركيا وقطر وغيرها من الدول التي شعرت بخطورة ما يحصل وما يُدبّر للبنان.
وعما إذا كان اللبنانيون أنفسهم لم يشعروا بذلك، لفت أبو فاضل إلى أن بعض اللبنانيين قد قطعوا التزامات مع الولايات المتحدة الأميركية ولا يستطيعون الرجوع عنها، مذكراً في هذا الاطار بالزيارة الخاطفة التي قام بها مساعد وزيرة الخارجة الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان مهددا ومتوعدا حيث خرق عطلة نهاية الأسبوع لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط اللذين لم يكونا قد حسما أمرهما من المحكمة.
وإذ لفت إلى أنّ التمسك الأميركي بهذه المحكمة بات علنياً وأنّ أهدافه مكشوفة، استهجن سكوت اللبنانيين على قول فيلتمان أنه سيقدم "حزب الله" والمقاومة هدية في عيد الميلاد، مشدداً على أن هذه الاهانة للمقاومة التي انتصرت على إسرائيل لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام.

القرار الظني سيصدر ولكنه سينام عند فرانسين
أبو فاضل ذكّر بأنه كان أول من نشر مسودة الاتفاق السوري السعودي في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الماضي، لافتاً إلى أنّ القرار الظني سيصدر لكنه "سينام" عند قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة القاضي دانيال فرانسين الذي سيُمنح مهلة بين ست وعشرة أسابيع لدراسة القرار على أن تبدأ المفاوضات على هذا القرار خلال هذه المهلة.
وأشار إلى أنّ مفاوضات على كثير من الأمور ستتقاطع خلال المرحلة المقبلة من القرار الظني الى المفاوضات السورية الاسرائيلية والمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وغيرها من الأمور.
وتحدث عن "سيناريو طويل عريض" يتمّ "تركيبه" للمرحلة المقبلة، مشيراً إلى أنّ صدور القرار الظني قبل إتمام التسوية لن يكون مريحاً، لافتاً إلى أنّ "حزب الله لن يكون سعيداً كما أن الحريري لن يكون سعيداً"، متسائلاً عما إذا كان رئيس الحكومة سيقبل أن يجلس على طاولة واحدة مع من تمّ اتهامهم باغتيال والده، في إشارة إلى الوزراء المحسوبين على "حزب الله".
أبو فاضل، الذي أكد أنه يفضّل إنجاز التسوية قبل صدور القرار الظني، استبعد ذلك، متحدثاً عن تسريبات ستحصل وستحدث خضة في البلد وستكون الخضة أكبر عند نشر القرار الظني، لافتاً إلى "أننا بغنى عن كل هذه الخضات إذا وافقنا على التسوية"، داعياً رئيس الحكومة سعد الحريري إلى إعلان تخليه عن المحكمة.

الحريري يسوّف ويراوغ ويماطل
ملف النفط والتنقيب عنه حضر أيضاً في حديث أبو فاضل الاذاعي حيث استهجن الأخير لجوء إسرائيل إلى تهديد لبنان بعد توقيعها على اتفاق لترسيم الحدود مع قبرص، مؤكداً أنّ هذه التهديدات لم تعد تنفع، مشيداً بتصريحي رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الطاقة جبران باسيل حول هذا الموضوع.
وانتقد أبو فاضل تقصير المسؤولين اللبنانيين في التعاطي مع هذا الملف، لافتاً إلى وجود شركات مستعدة لاستخراج نفطنا وللعديد من العروض التي قدّمت في هذا المجال والتي لم تلق التجاوب من السلطات المعنية.
وإذ تحدّث أبو فاضل عن مسؤولية وطنية على هذا الصعيد، رأى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري لا يزال يماطل ويسوّف ويراوغ، مشدداً على عدم جواز استمرار ذلك.
ولفت أبو فاضل إلى قانون النفط الذي أعدّه بري خلال يومين فقط، مشيراً إلى أن مصادر رئيس المجلس النيابي تتحدث عن حاجته لعدد من المراسيم التطبيقية تتراوح بين 30 و32، متسائلاً عن سبب تقاعس الحكومة عن القيام بهم، لافتاً إلى إمكان اللجوء إلى المراسيم الجوالة لانجازهم.

لا خلاص لنا إلا الدولة
وإذ أكد أبو فاضل وجود خلاف مسيحي تجلى بعد عودة رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون وخروج رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع من السجن، شدّد على أنّ البلد يكتمل من ناحية شعبه بغضّ النظر عن المذاهب والطوائف.
وإذ لفت أبو فاضل إلى أنّ الفريق الذي ينتمي إليه لم يقاتل الجيش يوماً مذكّراً بما حصل مع شباب "التيار الوطني الحر" من فظائع لأنهم كانوا مع الجيش، شدّد على أنّ "دورنا أن نكون إلى جانب الدولة".
وأكد أبو فاضل أنّ "لا خلاص لنا الا الدولة لبنان بغض النظر عن المذاهب"، موضحاً أنّ "كل ما يحكى مجد باطل امام مصلحة البلد"، مستبعداً إمكانية الوصول إلى أي مكان إذا لم نفكر بهذه الطريقة.

مخطط أميركي إسرائيلي لتفريغ الشرق من المسيحيين
أبو فاضل أكد وجود خطر كبير على مسيحيي الشرق، لافتاً في هذا السياق إلى هجرة المسيحيين من العراق.
وتحدث أبو فاضل في هذا السياق عن مخطط أميركي إسرائيلي لتفريغ الشرق من الديانة المسيحية، واضعاً الحملة الأميركية والاسرائيلية على الدول العربية في هذا السياق، معتبراً أنّ المطلوب من الدول العربية أن تكون "معتدلة".
أبو فاضل شدّد على أنّ مسؤولية الحفاظ على المسيحيين هي مسؤولية المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء، لافتاً إلى أنّ المسيحيين ضمانة في المنطقة، مشدداً على أنّ الحفاظ على مسيحيي العراق على سبيل المثال هي مسؤولية إسلامية بامتياز.
وبالانتقال الى فلسطين، لاحظ أبو فاضل أنّ نسبة المسيحيين تدنت من نحو 20 في المئة إلى نسبة تتراوح بين 1.5 و2 في المئة، محذراً من أنّ عملية تهويد الأماكن المسيحية في فلسطين تتمّ بوتيرة أسرع من تلك التي تطال الأماكن الاسلامية، مشيراً إلى أنّ شوارع بأكملها في بيت لحم والقدس تهوّد.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ مؤتمر السينودس لم يكن مفيداً على هذا الصعيد إذ اقتصر على التمنيات والآمال، متحدثاً عن مسؤوليات تقع على عاتق المسيحيين الذين لا يمكن أن يواصلوا هذا النهج.
وكشف أبو فاضل عن دعوة سيطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال الاجتماع المرتقب لبرلمانات العرب حيث سيتناول قضية القدس والمسؤوليات الملقاة على عاتق المسلمين والمسيحيين وضرورة الحفاظ على المقدّسات الاسلامية والمسيحية.
وإذ أضاء أبو فاضل على وضع المسيحيين في العديد من الدول العربية وخصوصاً في العراق ومصر، نفى وجود مشاكل إسلامية مسيحية في لبنان، لافتاً إلى أن الحملة الطائفية ضدّ المسيحيين غير موجودة في لبنان، عازياً السبب إلى كون الانقسام في لبنان عمودياً، مؤكداً أنّ ذلك شيء إيجابي.

القضاء في لبنان أصبح مكسر عصا
وتطرق أيضاً إلى الملف القضائي في لبنان، فانتقد وضع قصر العدل، داعياً الوزير المعني ابراهيم نحار لمعالجة الأمر، واصفاً ما يحصل في العدلة بـ"المهزلة". ولفت إلى أنّ اللجنة القضائية المختصة بالاشارات والتي اقترح رئيس الحكومة اللجوء إليها كمخرج لملف شهود الزور تضمّ خمسة أعضاء من أصل ستة محسوبين على فريق الرابع عشر من آذار.
ورفض أبو فاضل الحديث عن "استقلالية" القضاء، مؤكداً أنه يمثل الجسم اللبناني، متأسفا لكون القضاء "بات جسمه في لبنان لبّيس بل أصبح مكسر عصا". كما لفت إلى ظاهرة هجرة القضاة التي تزداد يوماً بعد آخر دون أن تقابل بأي معالجة جدية من قبل الدولة.
وخلص إلى أن لبنان لم يتحوّل إلى جمهورية الموز فحسب بل إلى جمهورية الخيار أيضاً.

بين دماغ فؤاد السنيورة ورياض سلامة..
وفي سياق حديثه لاذاعة "الرسالة"، حذر أبو فاضل من أنّ المنطقة العربية مقبلة الى مخطط لتمزيقها ولفتفتها لتبقى اسرائيل الدولة الاقوى بين هذه الدويلات الصغيرة.
وانتقد أبو فاضل أيضاً المجلس الدستوري، قائلاً: "ليت هذا المجلس الدستوري لم يولد لكان الوضع أفضل".
ورداً على سؤال، أكد أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينتمي لفريق الثامن من آذار علناً، لافتاً إلى أن بري من مناصري شعار "شكراً سوريا"، مشدداً على أنه لم يعاد نظام بشار الأسد يوماً.
وانتقد اتهامات بعض السياسيين لرئيس المجلس باقفال المجلس، لافتاً إلى اجتماعات اللجان النيابية التي كانت تحصل داخله ولا سيما اجتماعات لجنة المال والموازنة التي استمرّت لأكثر من خمسة أشهر، مؤكداً أن المجلس مفتوح أمام الجميع.
ورداً على سؤال آخر، أكد أن رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة يخطئ كثيراً، لافتاً إلى أنّ علاقته مع الأميركيين جيدة وذلك بحسب شهادة صديقه الوزير محسن دلول وقد ذكر ذلك في كتابه. وذكّر أبو فاضل بقرار السنيورة مقاطعة القمة العربية في دمشق حين كان رئيساً لحكومة غير ميثاقية وكان كرسي رئاسة الجمهورية شاغراً، لافتاً إلى أنّ كلّ العرب شاركوا يومها في القمة سواء عبر قادة أو مندوبين إلا لبنان الذي فضّل الغياب التام عن القمة.
وأشاد أبو فاضل بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واصفا إياه بـ"الممتاز"، مؤكداً أنه أنقذ لبنان من الانهيار الاقتصادي الذي اجتاح العالم ككل، قائلاً من باب السخرية: "شتّان ما بين دماغ السنيورة ودماغ سلامة".
وأكد أبو فاضل أنّ الحكومة غائبة عن كل شيء، لافتاً إلى أنها لا تنفذ شيئاً من بيانها الوزاري، مشبّهاً إياه بالدستور الذي أكله حمار غوار الطوشي. وكشف أنّ المطلوب من الحريري ان يغيّر هذه الحكومة ولكنه يرفض، لافتاً إلى أنّ الطلب الذي وجه إليه يقضي بمنح الثلثين (20 وزيراً) للمعارضة، داعيا لانتظار ما سيفعله حين يصدر القرار الاتهامي الجائر والظالم.
وختم قائلاً أنه لا يرى أنّ رفيق الحريري يقبل أن نخرب البلد بسبب عنادنا على كشف الحقيقة في جريمة اغتياله من محكمة مسيّسة، محمّلاً الفريق الآخر مسؤولية تداعيات النهج الذي يعتمده، مشدداً على أنهم "إذا أصرّوا على الاستمرار بهذا الطريق يصحّ القول أنهم مجرمون بحق البلد".

ميلاد مجيد وكلّ عام وأنتم بخير!