لقاء الجواسيس والدراويش/ د. أحمد محمد المزعنن

هل هو مصالحة حقيقية ، أم تبادل أطواق نجاة ؟

من كان المسؤول عن عدم تحقيق مصالحة وطنية فلسطينية؟

جاء هذا السؤال متأخرًا عن الحدث الذي شهدته القاهرة بين ثنائي السلطة في الساحة الفلسطينية حاليًا ، ورغم أنه تنطبق عليه القاعدة الإعلامية المشهورة في الإعلام المعاصر القائلة بأن : (أقدم الأخبار أخبار الأمس ) بحيث لا يستحق الالتفات إليه وغجابته ؛بسبب أن الظروف والتطورات والأحداث المتلاحقة تجاوزته إلا أنه لاعتبارات معينة جدير بالتوقف عنده للتذكير ببعض الأمور التي قد تخفى على البعض .

فبعد أن التقى (الدراويش والجواسيس) في القاهرة في مسرحية ومهزلة ما أطلقوا عليه المصالحة يجب أن تُعاد صياغة السؤال بإضافة كلمة (كان)بعد كلمة (مَنْ ) الواقعة في بداية السؤال ، وعلى كل من يصوغ الأسئلة أن يجيد الصياغة حتى يكون قياس اتجاهات العرب قياسًا ذالاً ودقيقًا .

إن الذين حالوا دون تحقيق المصالحة في حينها ،وسمحوا للظروف أن تتداعى لتدمير غزة وإضعاف حماس وفصائل المقاومة حتى هذه الساعة هم جوقة غريبة من عرب وأعراب هذا الزمان الذي فسد أهله :

أولاً: على رأس تلك القائمة يأتي جواسيس أوسلو وسلطة العملاء في رام الله الذين خططوا لانقسام الشعب الفلسطيني كي يتمكنوا من ترسيخ مشروعهم الخياني في بيع ما تبقى من الوطن ،والتمكين لليهود بتوجيه من قلعة الظلم (أمريكا) حليفة اليهود وأداتهم في قهر العرب والمسلمين؛ولكي يتمكنوا كذلك من تصفية المقاومة في القسم المحتل من وطننا ،ويضعفوا فلسطينيي أل 48 كما يطلق على من بقي في وطنه من الشعب الفلسطيني ، وينشئوا المليشيات التي طاردت الأبطال في كل شبر من أرض الوطن بالتعاون والتنسيق المطلقين مع المجرمين اليهود المحتلين ، والقوة بالطبع تخلق منطقًا مهما كانت بشاعته ، وقد مارس رأس الفتنة محمود رضا عباس مرزا من الإفساد والتخريب المتعمد لثوابت القضية الوطنية ما يستحق معه أن يعدم مائة مرة وتقطع جيفته وترمى للكلاب ، وكذلك يستحق كل من جاراه في مشروعه التدميري الخياني للقضية الوطنية .

ثانيًا : اليهود وحلفاؤهم الغربيون بكل مسمياتهم ، فهم الذين فرضوا الحصار على حماس وفصائل المقاومة ،وهم الذين أصروا على أي حكومة فلسطينية بحماس وغير حماس أن تعترف بالكيان اليهودي الإجرامي المغتصب لوطننا ، وأن تلتزم بكل القيود التي كبلت بها المبادرة العربية وجامعة عمرو موسى ومؤتمرات القمة العربية الفاشلة المتوالية الانعقاد لتسليم وطننا لقمة سائغة لليهود ،وبذلك تختتم الكيانات العربية المصطنعة تحت سقف السلطة اليهودية والأمريكية حلقة التفريط في مسرى محمد ،وفي الأرض المقدسة ،وتتنكر لثوابت دينها الذي لا يعنيها في شىء ،ومن هذا المنطلق احتضنت رأس الفساد والخيانة محمود رضا عباس مرزا وفرضته رئيسًا غير شرعي على أشجع الشعوب ،وأنبل بني الإنسان في هذا الزمان .

ثالثًا : بعض عناصر القوة في الشعب الفلسطيني الرافضة للكيان اليهودي الإجرامي المغتصب لوطننا ، وهم وإن التقوا مع الموقف الصهيوصليبي والعربي والأعرابي في هذا الأمر ظاهريًا إلا أنهم يشكلون جدار حماية للقضية الوطنية بالحد الأدنى الذي تسمح به الظروف القاهرة في هذه المرحلة ، وهذه العناصر التي تفضح دور سلطة أوسلو العميلة ، وتراقب كل مراكز القوة والتاثير ، وتقوم من منطلق نقدي بتعرية كل مظاهر العجز في القوى الفاعلة في الساحة الفلسطينية ،وبالضرورة تأتي حماس على رأس هذه القوى التي تخضع للتقويم والنقد الموضوعي الدائم ، وهذه العناصر الوطنية لا تجامل أحدًا ، ولا تنافق ولا تداري أو تماري ، فالموقف الوطني والمصلحة العليا للشعب الفلسطيني يرفضان ويتمنعان على تحقيق مصالحة بين الجواسيس والسماسرة والخونة جوقة الفاسدين المزورين لإرادة الشعب ، والمدلسين على جماهيره ، وهم المتمثلون في سلطة أوسلو العميلة وصنائعها التي تتستر وراء حركة فتح ، وبين المقاومين الشرفاء في حماس وغيرها ،وترفض هذه القوى الوطنية بكل تمنع وتحد وإصرار ما قام به بعض دراويش حماس اللاعبين على حبال السياسة ، وفي مقدمتهم بالطبع موسى أبو مرزوق وأمثاله وفريقه ، يرفضون مجرد التفكير في منح سلطة جواسيس أوسلو طوق نجاة تنقذهم به من ورطة الفشل والإحباط الذي قادهم إليه نتن ياهو وليبرمان وعتاة اليهود الإجراميين المغتصبين للوطن ، مع تأييد ما يقبل به المجاهدون القساميون والمجاهدون الشرفاء في الفصائل من موقف وطني يراقب ويقرأ التطورات في الساحة الفلسطينية وفي الوطن العربي وفي العالم بمهارة ويقظة ، مع أن الكفة في هذه الصفقة ترجح ظاهريًا لصالح جواسيس أوسلو من السماسرة والخونة ، وهذا ما يفسره تمامًا تلك الحركات الصبيانية والتهريج الممقوت والتبجح والكذب البواح الذي مارسه المدعو عزام الأحمد في المؤتمر الصحفي المشترك مع موسى أبو مرزوق في القاهرة ،وتنكره للمساندة والتغطية المطلقة التي وفرها لهم طوال مرحلة المفاوضات العبثية الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك وأركان حكمه ،وإن دل ذلك على شىء فهو يدل على حقيقة هؤلاء المنافقين الذين يزداد عددهم في الشعب الفلسطيني هذه الأيام ،وهو أمر يجب أن تأخذه حماس وبقية الفصائل بكل جدية ، وحذر في التعامل مع هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم واستمرأوا اللعب على الحبال .

إن فلسطين حاليًا في يد خالقها ، ويتحقق يومًا بعد يوم ما ورد في سورة الإسراء من أن موضوع الأرض المقدسة والمسجد القصى وحسم النزاع مع المجرمين اليهود الغزاة لن يكون إلا قدريًا قرآنيًا إلهيًا ربانيًا على يد حراس إلهيين لمسرى نبينا ،وإن جميع مؤشرات الواقع تدل على اليأس المطلق من القيادات العربية ومنهم بالطبع ما يعرف بالقيادة الفلسطينية بعد محاصرة قوى المقاومة ،واشتعال الأرض العربية بصراع لا تبدو علامات على نهايته القريبة بين الأنظمة الحاكمة وبين شعوب تتطلع إلى التغيير ،وكل ذلك يصب في رصيد العدو الصهيوني .

هذا والله أعلى وأعلم ،وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

(... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .)(يوسف 21)

المصالحة الفلسطينية: العبرة في التنفيذ/ نقولا ناصر


لا يمكن الحط من أهمية التوصل إلى اتفاق آخر على إنهاء الانقسام الفلسطيني، لكن الامتحان الأكبر للمصالحة الوطنية يظل يكمن في تنفيذ اتفاق القاهرة الأخير، ففي تنفيذه يكمن الإنجاز الحقيقي لا في إبرامه، نظرا لتكرار فشل أو إفشال تنفيذ الاتفاقيات السابقة.

لذلك فإن الثقة التي أعرب عنها القائد في حركة "حماس" د. محمود الزهار في أن الاتفاق الجديد "سيصمد" لا تبدد القلق الكامن وراء الارتياح العارم الذي ساد الشارع الفلسطيني في أعقاب الإعلان عن الاتفاق يوم الأربعاء الماضي.

فالعوامل الايجابية التي ترجح التفاؤل بنجاح تنفيذ الاتفاق هذه المرة، مثل المتغيرات الاقليمية العربية ومضاعفاتها على طرفي الانقسام، وانسداد طريق المفاوضات المباشرة، والخذلان الأميركي لمفاوض منظمة التحرير، ووجود مصلحة وطنية ومطالبة شعبية ضاغطة على كلا طرفي الانقسام لانهائه، وتضييق خناق الحصار العسكري المفروض على أحدهما والسياسي والدبلوماسي المفروض على الآخر، هي عوامل تكاد توازن العوامل السلبية التي أفشلت الاتفاقات السابقة.

ومما لا شك فيه أن متغيرات "الربيع العربي" كانت عاملا حاسما في تغيير موقف حركة "فتح" التي "فاجأت الجميع بالموافقة على التعديلات التي تطلبها حماس" على الورقة المصرية كما قال رئيس كتلة الحركة في المجلس التشريعي عزام الأحمد للأخبار المصرية يوم الخميس الماضي.

وفي رأس هذه العوامل الايجابية طبعا التغيير الذي يحدث بطيئا في الموقف المصري بعد ثورة 25 كانون الثاني / يناير الذي جعل القاهرة تقف على مسافة واحدة من طرفي الانقسام وتتخلى عن انحياز نظام الرئيس السابق حسني مبارك إلى أحد الطرفين وضغوطه على الطرف الآخر مما أهل الوساطة المصرية للنجاح في تحقيق اتفاق المصالحة، ويؤهلها كراعية للاتفاق لمواصلة جهودها لضمان تنفيذه وتذليل العقبات المتوقعة أمام تنفيذه.

وإذا كان رفع الحصارالمصري الذي فرضه نظام مبارك على قطاع غزة يمثل مسؤولية تاريخية حاسمة حتى لا يظل الاتفاق الجديد على إنهاء الانقسام مجرد حبر على ورق، ويمثل المساهمة الأهم لمصر في الوصل بين القطاع وبين الضفة الغربية لنهر الأردن كبديل للوصل بينهما عبر دولة الاحتلال الإسرائيلي التي من المؤكد أن تحكم الفصل بينهما ضمن إجراءاتها المتوقعة لإجهاض اتفاق المصالحة، فإن مسؤولية الدول العربية عن الوفاء في الأقل بتعهداتها المالية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية قد لا يقل أهمية في دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية في ضوء مسارعة دولة الاحتلال إلى التلويح بتجميد تحويل الضرائب المستحقة للسلطة بموجب الاتفاقيات الموقعة ومسارعة راعيها الأميركي إلى التلويح بقطع معونات الولايات المتحدة عنها، وسيكون الوفاء بهذه التعهدات مساهمة عملية لهذه الدول في إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي طالما حثت القيادات الفلسطينية على إنهائه.

وفي السياق ذاته، يتحمل الاتحاد الأوروبي بصفته المانح الأكبر للسلطة الفلسطينية مسؤولية مماثلة كي لا ينجر مجددا للتبعية لموقف الولايات المتحدة فيكرر انضمامه إليها في فرض حصار اقتصادي على حكومة وحدة وطنية للسلطة الفلسطينية تم الاتفاق على تأليفها في القاهرة الأربعاء الماضي كما فعل مع الحكومة الفلسطينية المماثلة التي تألفت بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 تمهيدا للانقلاب على نتائجها.

ومن العوامل الايجابية فلسطينيا أن العقبة السياسية المتمثلة في الاختلاف على استراتيجة التفاوض والمفاوضات ذاتها ومرجعياتها وثوابتها الوطنية الذي تحطمت على صخرته كل اتفاقيات المصالحة السابقة تبدو هذه المرة قد وجدت سقفا زمنيا يمنع تعويم ما تم الاتفاق عليه سابقا من تفعيل لمنظمة التحرير بربط انتخابات مجلسها الوطني بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسلطة الحكم الذاتي، وبتفعيل اللجنة القيادية للفصائل الفلسطينية كمرجعية للمنظمة خارج الوطن المحتل دون تجاوز اللجنة التنفيذية للمنظمة في الداخل.

كما كان الاتفاق على إجراء الانتخابات جميعها بعد مضي عام على توقيع الاتفاق الجديد تعبيرا عن مرونة ذكية تمنح الرئيس محمود عباس مهلته الأخيرة لاختبار حسن نوايا المجتمع الدولي في إنجاز "حل الدولتين" الموعود.

غير أن الامتحان الأكبر للمصالحة ما زال ينتظر الرئيس عباس في مقبل الأيام، إذ عليه أن يثبت قدرته على مقاومة ضغوط دولة الاحتلال وراعيها الأميركي إضافة إلى ضغوط المتضررين فلسطينيا من المصالحة الوطنية والمستفيدين من استمرار الانقسام الذين يجدون أنفسهم الآن في عزلة شعبية خانقة ترجح ألا يجرأوا على معارضة الاتفاق الجديد علنا، وأن يثبت قدرته كذلك على مقاومة إغراءات أي مبادرات أميركية جديدة لاستئناف المفاوضات المباشرة على غرار الفخ الذي وقع فيه في مؤتمر أنابوليس عام 2007 ثم الفخ الذي وقع فيه في بداية عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وكلا الفخين اشترط لاستئناف المفاوضات استمرار الانقسام الفلسطيني التزاما بشروط اللجنة الرباعية الدولية المعروفة.

فمنظمة التحرير لم تكافأ لا أميركيا ولا إسرائيليا بعد أربع سنوات مجانية دون مقابل من الانقسام والتنسيق الأمني مع دولة الاحتلال. ويثبت اتفاق القاهرة الجديد وجود إجماع وطني فلسطيني على إنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967 بأي شكل من الأشكال، وقد منح الاتفاق عباس مهلة أخيرة كافية لاختبار الطريق التي يراها موصلة إلى هذه الغاية، ومنحه قوة إضافية، بينما يعد وجود حماس في مركز الشريك في صنع القرار الوطني بموجب الاتفاق ضمانة لتحقيق هذا الهدف دون الاجحاف بأي من الثوابت الوطنية التي حولت المفاوضات السابقة بعضها إلى موضوع للتفاوض.

إن ردود الفعل الإسرائيلية والأميركية على اتفاق المصالحة الوطنية الجديد، الذي جاء ك"مفاجأة" للحليفين حسب وسائل إعلامهما، ينبغي أن تعفي طرفي الانقسام من أي اختلاف مجاني على مسائل شائكة مثل "التنسيق الأمني"، فلم يكن هناك على سبيل المثال أي داع للتصريح المستفز وطنيا لعضو مركزية فتح ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ بأن هذا التنسيق سوف يستمر في ظل الحكومة الانتقالية خلال عام بعد توقيع الاتفاق، في وقت يخير فيه رئيس دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو منظمة التحرير بين السلام معها وبين السلام مع "حماس"، إذ يبدو من شبه المؤكد أن يتذرع نتنياهو "بالسلام" الذي اختارته المنظمة مع حماس التي يصنفها وراعيه الأميركي كمنظمة "إرهابية" كي يوقف من جانبه كل تنسيق مع المنظمة، فلماذا التطوع بالتنسيق الأمني معه من جانب واحد؟

لقد كشفت الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس عن وجود "فيتو" أميركي على المصالحة الفلسطينية، وقد أفشل اتفاق المصالحة هذا "الفيتو" الأميركي، لكن واشنطن لم تسقط هذا الفيتو بعد، ومن المؤكد أنها ستبذل قصارى جهدها لمنع تنفيذ الاتفاق كما يستدل من تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور الذي اعتبر حماس "منظمة إرهابية" واشترط بأنه "يجب على أي حكومة فلسطينية أن تقبل" بشروط الرباعية المعروفة كي تتعاطى بلاده معها. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بعد وقت وجيز من تولي مهام منصبها قد أعلنت صراحة رفض إدارتها للتعاون أو لتمويل أي سلطة فلسطينية تضم "حماس" كشريك فيها.

أما نتنياهو فاعتبر بأن الاتفاق "يظهر ضعف السلطة الفلسطينية" ويهدد ب"سيطرة حماس على يهودا والسامرة بالطريقة ذاتها التي سيطرت فيها على قطاع غزة"، بينما اعتبر وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان الاتفاق "تجاوزا للخطوط الحمراء"، لتنضم إليه زعيمة المعارضة تسيبي ليفني مشترطة التزام أي حكومة فلسطينية بشروط الرباعية.



ومن الواضح أن خلاصة الموقفين الأميركي والإسرائيلي هي رفض للاتفاق، وإنذار بالتخلي عنه، وإعلان حرب عليه، واستعداد لمنع تنفيذه بكل الطرق، مما ينذر بمواجهة مقبلة ويستدعي التمسك باتفاق المصالحة والعمل المخلص على تنفيذه والالتفاف الوطني حوله كأفضل وسيلة لتوحيد الصف الوطني وترتيب البيت الداخلي استعدادا لها.



* كاتب عربي من فلسطين

nicolanasser@yahoo.com

الثورات العربية : صعوبة القراءة وهاجس الحقيقة/ حمّودان عبدالواحد

ثمّة سؤال حارق يحيّرُ اليوم كلّ قارىء عربيّ حرّ ونزيه أمام الثورات العربيّة وما تفرزه من أحداث ووقائع وأقوال وردود أفعال...، يمكن تلخيصه فيما يلي : " كيف يمكنُ قراءةُ ما يحدث وما نراه ونسمعه بطريقة موضوعية تسمح لنا أن نقفَ إلى جانب الحقيقة " ؟
إنّ كلّ إجابة عن هذا السؤال باستعمال عبارات من قبيل " يكفي أنْ... " أو " ما عليك إلا أنْ..." تتعامل معه وكأنّه واضحٌ وبيّنٌ وسهلُ المتناوَل ، هي إجابة ليست فقط خاطئة ، بل هي بالخصوص مُضلّلة ويمكنها أن تقود القارىءَ الحائر المتسائل إلى اتخاذ مواقفَ من شأنها أن تقف إلى جانب من يتلاعبون بالحقائق ويسمحون لأنفسهم بتحريفها وتزييفها ...
المسألة تتعلق بكيفية قراءة الثورات العربية بطريقة موضوعية ، وهي مسألة شائكة ومعقدّة وتعترض طريقها العديدُ من الصعوبات ، ولا نساعد القارىءَ ، حين نقول له مثلا : " اِسمع صوتَ عقلك ولا تترك مجالا للقلب والعواطف " ، على تجنّب الوقوع في الخطأ واتخاذ موقفا لصالح الحقيقة. العقل وحده لا يكفي للتعامل بوضوح وصواب مع هذه الصعوبات ، وإلا فكيف سيمكنه معالجة الكمّ الهائل من الأسئلة التي تنحدر من السؤال السابق ؟ ومنها على وجه التحديد : " هل من الممكن التعاملُ مع ما يمرّ به العالمُ العربي اليوم - من احتجاجات وانتفاضات وثورات ، وما يرافقها من قمع وإراقة للدماء ، والمآسي والفتن والانقسامات المترتبة عنهما - بموضوعية الإنسان الذي لا تحرّكه حوافزٌ سياسية وحزبية أو دوافعٌ إيديولوجية وفكرية أو نعراتٌ مذهبية وطائفية أو انتماءاتٌ اجتماعية وطبقية أوميولاتٌ غربيّة... ؟ هل يوجد من هو قادر على تغييب كلّ هذه العوامل وأخرى مثل المصالح الشخصية والمنافع العائلية أو القبلية والزبونية ، وعدم تفعيلها حين يتكلمُ عن الآخر أو يكتبُ عنه ، حين يتعاملُ معه أو يُصْدِرُ أحكاماً عليه ؟ ما العمل وكيف التعامل مع مبدأ " اتخاذ المواقف " وقد اختلطت الأشياءُ علينا ولم نعد قادرين على أن نفرّق بين الصحيح والخاطىء منها ، بين الحقيقي والمزوّر أو الكاذب منها ؟
لابُدّ ، من أجل تناول هذا الموضوع بما يلزم من العقلانية والموضوعية ، من منهجية. لهذا من الضروري عدم إهمال الملاحظات الأساسية الآتية :
- صحيح أنه من المستحيل إقصاء الذاتية في اتخاذ المواقف من الأحداث وإصدار الأحكام على أفعال الناس ، لأنّ الموضوعية لا تعني نفيَ الذات عن الموضوع أو تصورَ إمكانيةِ وجودِ رأي أو تحليلٍ يتحلّى في معالجته لقضية من القضايا الاجتماعية أو السياسية أو الفكرية أو غيرها بالعلمية المطلقة. فكما أنّه لا وجود على الإطلاق لما يسمّى بالطبيعة الإنسانية كمادّة فطريّة معطاة سلفا ، فكذلك لا وجود للإنسان ككائن علميّ أو عقلانيّ صرف. وهذا يعني أنّ الإنسان كائنٌ ذو طبيعة اجتماعية مكتسبة وأنّ تكوينَه يخضع أساساً لتأثير التاريخ. ( أنظر مثلا ما يقوله عالم النفس الاجتماعي لوسيان مالسون Lucien Malson في كتابه Les enfants sauvages )

- إن اشتغالَ العالم محكومٌ بالضرورة بنفس القانون العام الذي يُحَفّز وينظّم ويوجّه كلّ الخطابات اللغوية وغير اللغوية . وهذا القانون يَظهر في اختباء أناة المخاطِب أو ذاتية المتكلم في نصّ الموضوع ، وتدخل إرادة المرسِل ونيّتِه في أداة ومادة ورسالة الخطاب. فكما أنّ كلّ خطاب هو في الحقيقة تعبيرٌ عن ذاتية الفاعل المتكلم أي الكاتب والمبدع والمفسِّروالصحافي والخطيب...، فكذلك العالم والقوى المتصارعة فيه فيما بينها ، كلّ واحدة منها تحاول أوتريد إماّ اقتراح وإماّ فرض نوع السياسة أو الحكم أو النظام أوالقوانين التي تراها جديرة بالدفاع عن مصالحها ، وتحقيق مشاريعها الثقافية أو الإقتصادية أو السياسية أو العسكريّة .

- انطلاقا من النقطة السابقة ، لا يخفى على أحد أنّ علاقاتِ القوة بين الدول والأنظمة في العالم غيرُ متوازنة ومتكافئة. فبمقدار ما تتوفر عليه دولة ما من كثرة وقوّة الوسائل المادية والتكنولوجية والعلمية ، والأدوات الفكرية ، والقنوات الثقافية ، والعلاقات الديبلوماسية... ، يكون مقدارُ قدرتها على التدخل في الأحداث الخارجية وتوجيهها فيما من شأنه أن يساعدَها على إرساء الأرضيات المناسبة لخدمة مصالحها... وخير من يمثل هذا في الشرق الأدنى والأوسط خصوصاً هو دولة إسرائيل ، أمّا عالميا فواضح للجميع أنّ أمريكا تحضى بحصّة الأسد.

- أمام هذا الواقع ، وفي عصر العولمة ، تزداد مشكلة القارىء العربي الحرّ المتطلع إلى معرفة الحقيقة في التعقيد ، بفعل الاستغلال المكثف الشديد للإنترنت من طرف الدول والقوى المتنافسة فيما بينها قصْدَ الترويج لسياساتها الإقليمية والعالمية وصناعة " الرأي " المتفق معها أوالمساند لها. المشكلة تكمن بالأساس، إذن ، في كوننا نعيش عالما فُتِحَتْ فيه أبوابُ الأخبارعلى مصراعيْها إلى درجةٍ أن أصبحنا يومياً وباستمرارعرضة وابلٍ مكثفٍ وغزير من المعلومات والصور والفيديوهات...، تقدّم لنا أحداثا ووقائع ووضعيات وحالات ، من الكثرة والاختلاف والتنوع والتناقض ما يجعلنا نكون غيرَ مُستعِدّين ولا قادرين على التعامل معها بكفاءة ولا بموضوعية ، بل تضُرّ بنا وتُسَبّب لكثير منا حالاتِ إحباطٍ ويأس...

بعد هذه الملاحظات ، أحاول – بسرعة - الإجابة عن السؤال الجوهري الملحاح ، الذي يفرض اليوم نفسَه في العالم العربي لأنّ الأمر يتعلق بمسؤولية كبيرة مُلقاة على عاتق المثقفين والمفكرين والباحثين والصحافيّين الأحرار ومن سار على دربهم : كيف أقرأ كلّ ما يصلني من الأخبار بحذر واحتياط حتى لا أقعَ في فخ الكذب أو التزوير أو تلاعب ومناورات المتصارعين فيما بينهم حول تحقيق أهدافهم ومصالحهم ؟ كيف أعرف أن الخبر صحيص وأن الموضوع أو الحدث المعروض عليّ في الإنترنت هو قضية عادلة أو مسألة تستحق الوقوفَ إلى جانبها والذوذ عنها ؟

أكتفي هنا بتقديم نقطتيْن هامّتيْن جداّ :

- أوّلا ، على القارىء التخلص من الاعتقاد بمركزية ذاته أي بأنّه القطب الجوهري في الوجود وأن كلّ مجرّات الكواكب وأنظمة الأفكار والحقائق تدور حوله... وهذا الشرط ضروري للتحرّر من ثقل القيود التي تمنع من الانفتاح في الرؤية والوضوح في النظر، وهو وراء إعطاء آذاننا للآخرين ، نسمع لهم وهم يُعَبّرون عن وجهات نظرهم ويعرضون الاسباب التي تدفعهم إلى الاعتقاد بسلامتها وصحّتها أو بواقعيتها.

- ثانيا ، على القارىء التمييز والتفريق بين نوعيْن من المواضيع ، التي تقبل التأويل والتي لا تقبل التأويل. فالأولى طبيعتها نظرية وقابلة للأخد والردّ ، والجدل ، وتأخذ أصلها من عالم الأفكار وهدفُها التعبيرُ عن رأي في مسألةٍ ما أو قضيةٍ من القضايا ( ما معنى الثورة ؟ ما الحرية ؟ ما هي أسباب الثورة ؟ هل من علاقة بين الدين والثورة ؟ الدين والحرية ؟ الاسلام والديموقراطية ؟ الحرب والسلام ؟... إلخ ). كلّ واحد منّا له فكرة خاصة أو رؤية شخصيّة حول كل مسألة من هذه المسائل ، ويمكنه أن يكون مع أو ضدّ هذه الفكرة أو تلك ، وهو من أجل الدفاع عن وجهة نظره يَسوق دلائلَ وأمثلة تشهد بصحّتها أو جدّيّتها ... ويمكن لهذا النوع من المواضيع أن يتخذ شكل وثيقة مكتوبة ( مقال مثلا ) أو شفهية ( خطبة مثلا ) ، أو مرئية سمعية ( فيلم أو شريط فيديو مثلا ).
أمّا الصنف الثاني من المواضيع فلا يعبّر عن رأي ، بل يقدّم حدثا وقعَ بالفعل ، ويمكن التأكدُ منه ، إمّا بالمشاهدة ورؤية العين ، وإمّا بالملاحظة والتجربة ، فمأساة عبير يوسف سكافي - الطفلة الفلسطينيّة التي ماتت متأثرة بصدمة عصبية جرّاء منعها من احتضان والدها الأسير في سجن بئر السبع الإسرائيلي أثناء زيارته - شيء لا يقبل التأويلَ لأنه واقعة حدثتْ بالفعل. ونفس الشيء ينطبق على خطف ناشط السلام الإيطالي فيتّوريو أرّيغوني وضربه وقتله شنقا من طرف جماعة سلفيّة جهاديّة ، كما ينطبق أيضاً على كلّ القتلى الذين سقطوا في سوريا برصاص النظام الحاكم ، وفي بلدان عربيّة أخرى كاليمن وليبيا... إلخ. القتلى هنا حقيقيّون أي بشر من لحم وعظم ودم ، استُحِِلت حياتُهم تسلطاً ونُهِبَتْ منهم أرواحُهم بعنف وهمجيّة. القتلى ليسوا شخصيات خياليّة تُتابعها وتضع نهاية لحياتها ، في لامبالاة وكبرياء ، قوّاتُ الكوموندو الأمريكية البطلة التي تروّج - داخل برنامج لعب إلكتروني يتسلى به الصغارُ والكبارُ وكل من يبحث عن قتل الوقت بأي وسيلة على الإنترنت – لأفكارها وتصوّرها للعربي المتخلف أو المسلم الإرهابي . قتلى مدينة درعا السوريّة ، مثلا ، التي قطع النظامُ السوري عن سكانها الخبزَ والماء والكهرباء والاتصالات وعن أطفالها الرضع الحليب ، هم حقيقيّون وإنْ كانوا يشبهون شخصيات برامج الألعاب الإلكترونيّة في عمليّات الحصار والمتابعة والتقتيل المفروضة عليهم من طرف قوّات الكوموندو أو الجيش. حذار إذن ، أيّها القارىء ، ليس من الخلط بين الواقع والخيال فأنت لستَ غبيّا كما يظنّ المقامرون بالقيم واللاعبون بأقدار الناس ، وإنّما من نسيان هذه الحقيقة !

وعلينا هنا أن نحتاط من عدد من الفيديوهات المتعلقة بانتفاضات وثورات العالم العربي التي نشاهدها على الإنترنت ، فهي على الرغم من كونها مرئية ملموسة تراها العينُ ، تخضع لعملية المونتاج ، الشيء الذي يعني أنّ الحلقات المكونة لمادة الفيديو تنتظم فيما بينها بفعل إرادة صانع المونتاج أي أنها تخضع للأغراض التي يرمي من وراءها ... كما أنّ عددا منها – ولا أعطي إحالات مرجعية لبعض منها احتراما لذكاء القارىء وحتى لا اُتّهَمَ بالإنحيازية أيضاً ، وهي موجودة بكثرة - يحمل عناوينَ لا تتناسبُ إلا قليلا مع محتوياتها ، وبعضاً منها يتكلم عن أشياء لا نشاهدها على الشريط. وهي بذلك لا تقنع القارىءَ بل تدفعه إلى التشكيك في مصداقيتها وجدّيتها ، ويدلّ على هذا أنّ تعليقات القرّاء عليها غالبا ما تَسْترسِل في محاولاتِ شرح وتفسير ما جاء فيها دون إقناع من لا يشاطرونهم نفسَ القراءة ، كما أنّ الكثير منهم ينتقدُ هذه الفيديوهات ويرسل الشتائمَ إلى أصحابها فتجيء ردودٌ من قراء آخرين لا يَتفِقون مع المنتقدين فيرمونهم بالغباء أو العمالة أو الوقوف إلى هذه الجهة أو تلك...

الحق أنّ الشيطان يوجد في التفاصيل وما أن نبدأ في معالجتها ومناقشتها حتى تقفز إلى الظهور العديدُ من الصعوبات فنتردّد ويصعب علينا الحسمُ في الأمور... لهذا من الأحسن التثبت بالمبادىء الأخلاقية العامة والقيم العليا وحقوق الإنسان التي لا يختلف عليها إثنان والانطلاق منها...فإذا ما اختلطت على المرء الاشياءُ والحقائقُ فلا يعرف ما يفعل وأيّ موقفٍ يتخذ فهناك معيارٌ يمْكِنه أن يُجنّبه الكثيرَ من الأخطاء ، فليحاول أن يلقيَ نظرة فاحصة متأنية على واقع علاقات القوة بين الجهات المتخاصمة أوالمتنازعة ، سيعرف حينئذ من هو القوي ومن هو الضعيف ، من هو المظلوم ، من يستعمل العنف ومن يتظاهر بطريقة سلمية ، من يسجن ويعذب ومن هو الضحية ، من هو القاتل ومن هو المقتول...

أنا شخصيا اخترتُ أن أكون إلى جانب الضحايا ، المظلومين الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة. اخترتُ جانبَ الطفلة الفلسطينيّة الشهيدة عبيرالبريئة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي الذي لا قلب له ، جانبَ فيتوريو الانساني ضد قاتليه الحاقدين المتهوّرين ، جانبَ أبناء الشعوب العربية – القابعين من معتقلي الرأي في السجون والمعذبين والمحرومين من حريّتهم والمطالبين بحقوقهم وكرامتهم ، وأترحّم على الذين سقطوا شهداء برصاص جنود أوطانهم - ضدّ جلاديهم وقاتليهم من الحكام وأجهزة الأمن الفتاكة...

لكن من حقي أن أشكّ في موقف الغرب الذي ، بعد ألف حساب ، قرّر أن يسرق الثورة من المنتفضين في ليبيا ، فاتخذت منعطفا آخر... كما قرّر أن يعامل الثورات بمكياليْن ... والكلّ يعرف أنّ القوى الغربيّة لا تقدّم المساعدة حُبّا في جمال عيون الشعوب العربيّة ، وإنّما انطلاقا من فلسفتها البراغماتية ودائما في إطار " الخطاب " الذي تمثله ، وهوخطابٌ تمتدّ جذورُه بعيداً في التاريخ ...

وتبقى معرفةُ هذا التاريخ والوعيُ بمدى مفعوله وتأثيره في اتخاذ المواقف والقرارات السياسية الكبرى شيئا ضروريّا لفهم ما يحدث اليوم في العالم العربي والإسلامي ... وهذا موضوع آخر !


حمّودان عبدالواحد / دكتور في علم اللسانيات / أستاذ وباحث يقطن بفرنسا

الطبقة العاملة الفلسطينية والأول من أيار/ راسم عبيدات

...... بمرور مائة وخمسة عشر عاماً على ثورة عمال شيكاغو ضد طغم السلب والنهب والاستغلال للقوى الرأسمالية والإمبريالية،فإنه من الهام جداً قوله بأن الطبقة العاملة العالمية بتعبيراتها الحزبية والنقابية قد استطاعت أن تحقق العديد من الانجازات والانتصارات،ولكن بالمقابل كان هناك الكثير من الإخفاقات،ونحن نسجل الانتصار الأهم للطبقة العاملة،هو انتصار أحزابها وسلطتها في أكثر من بلد ودولة،كما حصل في انتصار الثورة البلشفية في روسيا القيصرية (ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917 )،والتي بعدها توالت الانتصارات الاشتراكية في أكثر من بلد ودولة،ولكن تلك الحقبة لم تدم طويلاً،حيث بيروقراطية الأحزاب الشيوعية وجمودها العقائدي ونهجها الشمولي وتغيبها للديمقراطية والحريات من العوامل الهامة التي دمرت تلك التجارب المشرقة والمضيئة في تاريخ البشرية،وليس هذا فحسب فالتغول الرأسمالي ووحوشه الضارية كانت تعمل بلا كلل من أجل أن تطيح بسلطة الطبقة العاملة في البلدان التي تنتصر فيها،وهي لن تتورع عن استخدام كل أشكال القمع والإرهاب والتنكيل حفاظاً ودفاعاً عن مصالحها،ومع السقوط المدوي للأحزاب الشيوعية "المتبقرطة" والمتكلسة شهدنا زيادة وارتفاعاً في حدة الصراعات والتناقضات الطبقية وهجمات شرسة وشاملة على حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها ومنجزاتها،ووجدنا أن الرأسمال وطغمه الاحتكارية لجأ إلى خصخصة القطاعات العامة،وسنت قوانين وتشريعات تسحب وتنقض على الحقوق والمنجزات والمكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة عبر مسيرة طويلة من النضال والكفاح عمدت بالتضحيات والدماء،كما عملت على توحيد ودمج احتكاراتها والتي انتقلت من الإطار المحلي والقطري والقومي إلى احتكارات عابرة للقارات .

والرأسمال لا يقيم وزناً لا لمشاعر ولا لعواطف ولا لحياة ولا لصحة البشر،بل في سبيل مصالحه لا يدوس فقط على حقوق العمال وكرامتهم،بل ويدوس على العمال أنفسهم،ويتعامل معهم على أساس أنهم شكل من أشكال البضائع التجارية المعروضة.

ولعل ما يميز الذكرى السنوية هذه لعيد العمال العالمي هو هبوب رياح التغير والانتفاضات الشعبية على عالمنا العربي،تلك الانتفاضات التي حركتها الكرامة والجوع والفقر وغياب الحريات،حركتها ما أوصلتها إليه أنظمة النهب والاستغلال والفساد الى حالة تساوت فيها الحياة مع الموت،حالة دفعت بالمناضل التونسي بمحمد بوعزيزي الى حرق نفسه،ليشكل ذلك إيذاناً بمرحلة تغير وثورة قلبت كل الموازين والتوقعات،ولتنجح تلك الثورات في الإطاحة بأكثر من نظام عربي وما زالت مفاعيلها ورياحها وتأثيراتها وتداعياتها متواصلة عربياً.

هذه الثورات إذا ما وجدت لها حوامل حزبية وتنظيمية وقيادة خلاقة ومبدعة،فهي حتماً ستبلغ أهدافها وستعيد ليس للطبقة العاملة العربية فقط حقوقها وكرامتها وعنفوانها ومجدها،بل ستعيد الكرامة والعزة لأمة بأكملها،ولكن أيضاً قوى الثورة المضادة المحلية والمتربصين بهذه الثورات من القوى المعادية وبالذات أمريكا وإسرائيل،سيواصلون العمل وبلا كلل من أجل إجهاض هذه الثورات والانقضاض عليها،وهذا يتطلب التنبه والتيقظ الدائم من قبل قوى الثورة،والتي عليها أن تدك وتفكك كل القواعد والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية لتلك القوى.

أما فلسطينياً فلعل من ثمار التغير والثورات العربية،هي بوادر توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس برعاية الحكومة المصرية الجديدة،تلك المصالحة التي تأتي استجابة لرغبة ومطلب الشعب الفلسطيني،هذا الشعب الذي عانى وما زال يعاني من انقسام مدمر كان وما زال بمثابة السرطان ينخر في الجسد الفلسطيني.

ونأمل أن تتثبت وتستكمل المصالحة وتنتقل الى ترجمات عملية على الأرض،تجد لها تجليات،ليس في الوحدة السياسية والجغرافية للشعب والأرض الفلسطينية،بل وفي توحيد التعبيرات النقابية للطبقة العاملة الفلسطينية،تلك الطبقة الأوسع والأعراض في المجتمع الفلسطيني،والأكثر تضحوية وعطاءاً،والأكثر اضطهاداً واستغلالاً،حيث تعاني من اضطهاد واستغلال مزدوج ومركب قومي وطبقي،فهذه الطبقة التي شوه الاحتلال بنيتها وتركيبتها،ما زالت حواملها الحزبية والتنظيمية والنقابية ضعيفة،حيث يغيب التنظيم النقابي الحقيقي والديمقراطي،فحتى اللحظة الراهنة كل الاتحادات العمالية هي اتحادات فوقية جاءت واستلمت مواقعها عبر اتفاقيات كتلوية بعيدة عن إرادة العمال ورغبتهم،وهي تتربع على عروشها منذ عشرات السنين،ولا اجافي الحقيقة اذا ما قلت بان العديد منها ليست بالقيادات النقابية الأصيلة،بل والمغتربة عن الطبقة العاملة.

أما حول الاضطهاد الذي تعانيه طبقتنا العاملة الفلسطينية فحدث ولا حرج،فهناك الكثير من الجرائم التي ترتكب بحق الطبقة العاملة الفلسطينية،وتأخذ أكثر من شكل للاستغلال والاضطهاد وامتهان الكرامة،بل وأبعد من ذلك لقمة العيش للكثير من عمالنا مجبولة بالذل والدم،فكأن عمالنا لا يكفيهم المخاطرة بأرواحهم من أجل تجاوز الحواجز وجدران الفصل العنصري من أجل الحصول على لقمة العيش هذه،فهناك العديد من عمالنا من دفعوا أرواحهم ثمناً للقمة العيش جراء الالتفاف عن تلك الحواجز او تسلق الجدران،ومن ينجح منهم في الدخول بتصريح أو بدون تصريح يتعرض للذل والمهانة وضياع الحقوق والنصب والاحتيال من قبل أرباب العمل اليهود،فالعامل الذي يدخل للقدس أو مناطق 48 ليس له إتعاب او مكافأت،ولا توجد أية تشريعات أو قوانين تحميه،ناهيك عن شروط وظروف العمل اللاانسانية حيث ساعات العمل الطويلة والأجر المتدني والمبيت سراً في غرف هي أقرب الى زرائب وحظائر الحيوانات خوفاً من الاعتقال ....الخ،والمأساة ليست هنا فقط بل ما يتعرض له عمالنا من استغلال من قبل المؤسسات والشركات المتشدقة بالوطنية،حيث تستغل فقر وعوز العامل وحاجته للعمل،لكي تفرض عليه شروط غاية في القسوة والإذلال من اجر متدني وساعات عمل طويلة وعدم الحصول على إجازات او أية حقوق من ضمان اجتماعي وتأمين صحي وغيره،وغالباً ما يجري توظيف هؤلاء بعقود مؤقتة أو العمل بالمياومة أو القطعة،لتجنب حصولهم على أية حقوق عمالية.

أما عند الحديث عن المرأة العاملة فترى اضطهاداً مركباً ومضاعفاً،حيث التمييز في الأجور وعدد ساعات العمل وطبيعة العمل والحقوق الأخرى من أجازة أمومة ورعاية الأطفال والحق في إرضاع الطفل خلال العمل وغيرها من الانتهاكات المرعبة والمخيفة.

مع اقتراب عيد العمال العالمي تدب الحياة في المؤسسات والاتحادات النقابية،تدب فيها الحياة ليس من أجل قيادة نضالات مطلبية لصالح العمال والدفاع عن حقوقهم وصوغ وسن القوانين والتشريعات التي تحافظ على وتصون هذه الحقوق والمكتسبات،بل من أجل الاستعداد للقيام بسلسلة من الأنشطة والفعاليات الإعلامية والشكلية والمظهرية والتي لها علاقة بإثبات الذات والحضور والوجود من مهرجانات ومسيرات واحتفالات ولقاءات إعلامية وإصدار بيانات وخطب عصماء،مثل هذه الاحتفالات والمهرجانات والخطب تعود عليها عمالنا من مختلف ألوان الطيف السياسي والنقابي،وهم يدركون أنها مجرد لعب على العواطف ودغدغة للمشاعر و"هوبرات" إعلامية،فيها الكثير من الوعود ويغيب عنها التنفيذ والفعل.

ومن هنا لا يسعنا في هذه الذكرى السنوية لعيد العمال العالمي،سوى أن نؤكد على مهمتين أساسيتين هما :-

النضال الدؤوب والمستمر لربط دعم الاستثمار والقطاع الخاص بدعم العمل والعمال وحماية حقوقهم من خلال وضع سياسات وآليات حقيقية لمعالجة الفقر والبطالة وانتهاج سياسة متوازنة في توزيع الدخل وتأسيس صندوق للحماية والتكافل الاجتماعي ووضع حد أدنى للأجور،وإنصاف للعاملين عبر تطبيق عادل ومتساو للأنظمة والقوانين والتشريعات.

ضرورة العمل على إعادة صياغة وبناء الحركة النقابية وفق أسس وثوابت وطنية وديمقراطية تبدأ بتأكيد الهوية الوطنية للحركة النقابية وتمسكها بأهداف وثوابت شعبنا الوطنية ودورها المتقدم في مناهضة كل أشكال التطبيع،بدل تشكيل بعض القيادات النقابية جسراً للتطبيع مع الاحتلال،وتمييع المواقف الدولية من المقاطعة لإسرائيل ،وكذلك العمل على المساهمة الفعالة في حملات مقاطعة دولة الاحتلال العنصرية وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها ،مروراً بالتأكيد على بناء الاتحادات والنقابات العمالية على أسس الديمقراطية والمساءلة والمحاسبة وضمان مشاركة القواعد العمالية في إدارة وقيادة العمل النقابي بعيداً عن عقلية الاستئثار والمحاصصة والتفرد وغيرها،وضرورة مغادرة ورحيل القيادات المتربعة على رأس الاتحادات والمؤسسات النقابية من عشرات السنين دون وجه حق عبر ثورات ديمقراطية عمالية.

لمن تشكى يامصر أحزانك/ فيديو بصوت مجدى نجيب وهبة



** أحبائى الباكين على مصر فى كل مكان .. لقد توجعت مصر كثيراً .. تحملت ضربات يسقط من عنفها أقوى الرجال .. خانكِ البعض وأسلمك البعض الأخر .. تحول ليلك الرائع إلى ظلام كئيب ، وتحول نهرك الخالد إلى جثة هامدة .. سكتت الحياة فجأة ولم نعد نسمع إلا نعيق البوم وأصوات الغربان .. الجميع ينهشون فى جسدك وأنتِ تنظرين ولا تتكلمين ..

إنطلقت الأفاعى والحيات ومصاصى الدماء من كل صوب وتجاه للطعن فى شرفك وأنتِ صامدة .. حنانيك يا أمنا العظيمة فسوف تظلين شامخة وسوف تنجلى هذه الظلمات فجميع القلوب المعذبة والمتيمة بحبك تدعو ليلاً ونهاراً أن تنقشع هذه الغمة وتعودين أيتها الوردة الجميلة تتراقصين وأنتِ تبتسمى وتداعبك نسمات الهواء فى الربيع الذى مر بنا ولم يكن به أى نسمات ... تذكرى أيتها الأم العظيمة تلك الأيام الكئيبة التى لن تطول كثيراً .. فأنتِ شامخة إلى أبد الدهور ..

** أحبائى وإخواتى .. لا تقولوا إننى مللت من الكتابة .. ربما يكون هذا الإحساس أصابنى ولكننى أردت أن أتحدث إليكم لعل كلمتى تصل إلى قلوبكم حتى نتعاون جميعا لعودة أمنا العظيمة "مصر التى كانت" إلى أبنائها ..

من الشعب المصرى إلى رجال الشرطة ( إظهر وبان عليك الأمان )/ رأفت محمد السيد




الجهود التى يقوم بها اللواء / منصور العبسوى وزير الداخليه تؤكد أنه يريد بالفعل فتح صفحة جديدة بين الشرطه والشعب يكون أساسها الإحترام المتبادل وحفظ كرامة الإنسان وحسن المعاملة وعدم التعالى ، لاسيما وأن المصريين أصحاب قلوب نظيفة لاتعرف الكراهيه وسرعان ماتنسى الإساءة ، ولكن مازال رجال الشرطة لم تصف قلوبهم إلى الأن ومازال الكثير منهم لم يدرك حتى الان أن دورالشرطة هو حماية الأرواح والممتلكات لأبناء هذا الشعب ، فالشرطة مازالت غائبة فى كافة المواقع والميادين والشوارع والدليل على ذلك إنتشار الفوضى والبلطجة والسرقة والإنفلات الأمنى من جانب البلطجيه والخارجين على القانون والمساجين الفارين من السجون ولم يتم القبض عليهم حتى الأن بصورة مبالغ فيها لم نكن نرها من قبل حتى أصبح هناك قناعة وإحساس لدى الناس بأن هذا الأمربات متعمدا ومقصودا من جانب رجال الشرطة ، فقد أعلن المصريون الشرفاء فتح صفحة جديدة لإقامة علاقة حميمية مع جهاز الشرطة ، ولكن مازلنا نشعر بغياب دور الشرطة ، فقد طال الإنتظار ولكن لن يدوم الصبر فقد بدأ الملل يتسرب إلى قلوب الناس وماأخشاة أن تتسرب الكراهية من جديد لهذا الجهاز الذى مازال لايؤدى دوره على الوجه الأمثل ، فالشعب يريد شرطة تكون بالفعل فى خدمتة وليس فى حاجه إلى شعارا نقرأه ، أن الشعب المصرى لديه من الوعى مايؤكد معرفته واعترافة بدور رجال الشرطه فى حفظ أمن البلاد من الداخل لاسيما فى المرحلة الراهنة التى مازالت فيها الشرطه غير متواجده وهذه حقيقة واقعة بدون مجاملات ، مما يجعل الناس يتساءلون أين رجال الشرطه ؟ وهل هناك سر فى إختفاءهم - نطالب اللواء منصور العيسوى بضرورة العمل على عودة رجال الشرطه إلى مواقعهم فى كافة الشوارع والميادين كما كانوا من قبل ليستشعر المواطنون بالأمن الحقيقى فى ظل تواجدهم وليكن ذلك الدليل الوحيد على ان الشرطه بالفعل فى خدمة الشعب ؟ حفظك الله يامصر وحفظ شعبك العظيم 0
raafat.1963@gmail.com

التطورات العربية والمطلوب فلسطينيا/ عبد الكــريم عليــان


الإعلام الإسرائيلي الرسمي وغير الرسمي مازال ينقل أخبار العرب الثائرة دون تحيز لا مع الأنظمة التي وقعت اتفاقات سلام معها، ولا مع شعوبها الثائرة التي تصبو إلى التحول الديمقراطي والمجتمع المدني الذي تتغني به إسرائيل.. أليس هذا غريبا من دولة تدعي الديمقراطية والشفافية؟! إنه من الطبيعي لإسرائيل أن تلتزم الصمت حيال ما يجري في المنطقة لعدة أسباب أهمها: بأنها لا تريد لهذه الشعوب أن تتحول إلى مجتمعات ديمقراطية متقدمة، بحيث تبقى هذه الشعوب هزيلة مُستبَدة تحكمها طبقة من الأولغارشيا لا يعنيها الوطن والمواطن بقدر ما تبقى حاكمة تسيطر على خيرات البلاد وتستعبد العباد.. والثاني: أن هذه التحركات أو الثورات في بعض الأوطان العربية لا تخيف إسرائيل في المنظور القريب، بل على العكس من ذلك.. فما حصل في تونس ومصر سيشغل هذه المجتمعات فترة طويلة لترتيب أمورهما الداخلية إن لم يطرأ ما يؤخر أو يعرقل هذه الدول نحو التقدم والاستمرار في تحول هذه المجتمعات نحو الأفضل، أما ليبيا واليمن ومن بعدهما سوريا أو دولا أخرى على الطريق فهي جميعها مؤهلة للانقسام، وهذا أيضا في صالح إسرائيل التي اتخذت من جنوب السودان المنقسم مؤخرا بالطريقة (الديمقراطية) قاعدة انطلاق قوية للقارة الأفريقية وكانت بشائرها الأولى هي: استهداف الطيران الإسرائيلي العسكري في تدمير سيارة على أراضي السودان الشمالي.. وحتى لو تحررت هذه المجتمعات من الاستبداد فإن تحول هذه المجتمعات بصورة سريعة أمر مستبعد؛ لأن التطور والبناء له شروطه وظروفه، وأن ما أفسده الدهر لا يمكن أن يصلحه العطار..! مهما يكن الأمر؛ فما يهم إسرائيل من تلك الدول هو القوة العسكرية لتلك الأنظمة والتي أثبتت الأحداث العربية أن القوة لتلك الأنظمة بُنيت لحماية الدكتاتور الجمهوري أو الملك أو السلطان؛ فها هو بشار الأسد ومن قبله أبيه يحرك دباباته ومدرعاته، وربما يلحقها بالطائرات أيضا إلى درعا ومدن أخرى في سوريا ! وأن تلك القوة العربية مجتمعة لا يمكنها مواجهة إسرائيل.. من جهة أخرى فإن إسرائيل تراقب عن كثب بحيث يبقى ميزان القوة دائما لصالحها..

لا نريد هنا تشخيصا للحراك الشعبي العربي، سواء في الدول التي استطاعت إسقاط النظام أم تلك الدول التي مازالت منتفضة، وكذلك الدول التي لم تتحرك شعوبها بعد.. ولو قبلنا بهذه المقارنة البسيطة بين الدول العربية الغنية والفقيرة بإسرائيل؛ لعرفنا جيدا لماذا تتحرك الشعوب خصوصا في تلك الدول المواجهة لإسرائيل والتي كانت طيلة الوقت تبرر عجزها وفقرها لحالة الحرب القائمة، أما اليوم وبعد ثلاثين سنة من اللاحرب واللاسلم، وفي الوقت الذي تعجز فيه الأنظمة العربية من توفير سكنا متواضعا لمواطنيها تقوم إسرائيل ببناء المساكن على أحدث طراز، ولا يوجد هناك.. إسرائيلي واحد يعجز من الحصول على بيت ملائم له، هذا بالنسبة للسكن فما بالك بالأمن الغذائي ومتطلبات الحياة العصرية؟؟ ناهيك عن المنظومة الاقتصادية لتلك الدول وإلحاقها بالعولمة الاقتصادية التي لم توفر العيش الكريم للمواطن العربي؛ فكيف إذن لهذه الشعوب أن تقدم الدعم اللازم لقضيتنا الفلسطينية ؟؟

نعتقد أن الفلسطينيين أينما كانوا قد استبشروا فرحا بالانتفاضات العربية، ومرد ذلك طول زمن المرارة من الاحتلال من جهة، وقسوة الأنظمة العربية في تعاملها معهم وتآمرهم على قضيتهم منذ حرب فلسطين وجيوش الإنقاذ إلى يومنا هذا، بل إن بعض الأنظمة العربية لا تريد كيانا فلسطينيا وتعمل على عرقلة أي تحرك يصب في هذا المجال، والكل يعرف كيف يعامل الفلسطيني في تلك الدول هذا إن استطاع الوصول أو الإقامة في تلك الدول؟ بالإضافة إلى شق الصف والوحدة الفلسطينية من بعض الأنظمة المستقطبة للفصائل الفلسطينية، كذلك لم يظهر حتى الآن نظاما عربيا واحدا يقود الأمة العربية نحو النمو والتطور مقارنة مع التطور الهائل لكثير من الدول التي استقلت بعد الدول العربية كالهند واليابان والباكستان وغيرهما..ناهيك عن استخدام الملايين من الأجانب في الدول العربية الخليجية بالمقابل هناك الملايين من العرب لم يجدوا فرصة عمل كي يعيشوا باستقرار وأمان في أوطانهم.. من هنا يأتي فرح عموم الفلسطينيين للحراك الشعبي في الدول العربية لأنهم جميعا يقرون بأن مجتمعات عربية قوية هي قوة كبيرة لهم، وأن التغيير بات مطلوبا ولا يهم بأي صورة ستكون..؟

لكن للحالمين الفلسطينيين نقول: لا تفرحوا كثيرا لأن التغيير المطلوب لا يتأتى سريعا بالزمن المطلوب فلسطينيا، وبدلا من أن نوقف الزمن والمراهنة على الظروف القادمة لبعض الدول العربية علينا كفلسطينيين أولا أن ننتهي من حالة الانقسام فورا والاحتكام إلى صوت الشعب من خلال صناديق الانتخابات وبأسرع وقت ممكن بدون شروط من أحد. ومن ثم الإجماع على برنامج سياسي واقتصادي يلتزم الجميع بتنفيذه ومراقبة ذلك من خلال المجلس التشريعي المنتخب ومؤسسات المجتمع المدني بحيث يركز البرنامج على الاهتمام بالإنسان الفلسطيني وإعداده لما يؤول له المستقبل.. ونعتقد أن السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس وسلام فياض قد حققت تطورا ملموسا في هذا المجال وإن اقتصر ذلك على شق الوطن في الضفة الفلسطينية وبقيت غزة المسلوبة تعيش على حلم الوحدة لتزيد قوتنا قبل الذهاب إلى استحقاقات أيلول القادم..

الجزائر تحيي يوم الأسير الفلسطيني/ سري القدوة


لم تكن مفاجأة بل هو الواقع والحقيقة التي نتلمسها عبر الاطلاع علي الصحف الجزائرية الصادرة خلال الأسبوع الماضي .. فان المتتبع لها يجد ان الجزائر احتفلت بيوم الأسير الفلسطيني وعلي طريقتها الخاصة , فمن الملحق الأسبوعي الدائم في جريدة الشعب الجزائرية الي ملحق صوت الأحرار الذي أصدرته جريدة صوت الأحرار ومن ثم تنطلق الي جريدة الجزائر نيوز عبر ملحق الاثر والذي خصصته أيضا للتضامن مع الأسرى الإبطال في سجون الاحتلال الصهيوني .

ان هذا الواقع الإعلامي الذي تتلمسه من خلال صدق الانتماء الوطني والموقف الوطني الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني لنيل شعبنا حقوقه تؤكد حرص الجزائر ارض وشعب وقيادة علي دعم الشعب الفلسطيني وتقديم كل الإمكانيات لتعزيز صموده .. ففي الوقت الذي نرى نسيان التضامن مع الشعب الفلسطيني ونسيان او تناسي قضية الأسير الفلسطيني في الاعلام العربي وحتى نتلمس تقصير واضح في وسائل الاعلام الفلسطيني وانشغالها في قضايا ثانوية لا تخدم سوى حالة الانقسام وتعزز الفرقة بين ابناء الشعب الواحد , فأننا نقف أمام ملاحق متخصصة لدعم الأسير الفلسطيني وتعزيز صموده تصدرها الصحافة الجزائرية لتفرد صفحاتها وتعمل علي نقل الحقيقة عن الأسير الفلسطيني ومعاناة أهله وممارسات الاحتلال التعسفية تجاه أسرى الحرية في سجون الاحتلال ..

ان الكلمة أمانة وموقف وما تنقله الصحافة الجزائرية من مقالات وتحاليل وتقارير حول الأسرى في سجون الاحتلال يعكس الكلمة الأمينة التي نفتقدها في وسائل الاعلام العربية والتي غيبت وأصبحت مغيبة فلا صوت للأسرى ولا تقارير عن معاناة الشعب الفلسطيني ولا مكانة للقدس في وسائل الاعلام العربية بل تغطية سطحية لا تعبر عن طبيعة الصراع ومضامين النضال الفلسطيني وباتت تعكس حالة الواقع العربي المتردي .

لقد عملت لجنة الحرية لأسرى الحرية في الجزائر علي الاحتفال بيوم الأسير علي الطريقة الجزائرية الرائعة والمبدعة والتي قدمت صحافتها الجزائرية الخبر الفلسطيني علي الحدث الجزائري وكان الأسير الفلسطيني حاضرا وبقوه الكلمة والموقف في بعض الصحافة ووسائل الاعلام الجزائرية..

أننا نتقدم بكل التحية والتقدير علي هذا الموقف الإعلامي المتميز الداعم لأسرانا البواسل في سجون الاحتلال الإسرائيلي وخاصة هؤلاء الجنود المجهولين الذين وقفوا وراء أعداد كل كلمة من صف وطباعة ومونتاج وإخراج وإعداد للملاحق الخاصة بالأسير الفلسطيني ونقدر عاليا مواقف كل من جريدة الشعب الجزائرية والفجر نيوز وصوت الأحرار علي تقديم صوت الأسير الفلسطيني صوتا حرا معبرا عن إرادة الشعب الفلسطيني في الحرية والحياة والعيش بكرامة وعزة وشرف وفداء .

ان الجزائر طالما كانت مواقفها الداعمة الى شعبنا وإنما هذا الموقف الداعم لأسرى الحرية في سجون الاحتلال لم يكن سوى سلسلة متواصلة في قطار الدعم الجزائري الي فلسطين فمن ارض الشهداء والأحرار الي الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال نحن معكم ولكم وسنبقى صوتكم المعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني حتى نيل حقوقه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها ..

تحية الي الجزائر علي هذا الموقف الرائع والمتميز .. تحية الي الاعلام الجزائري الذي ساند ودعم الأسير الفلسطيني في زنزانته وساهم في تعزيز صموده وفضح ممارسات الاحتلال ..

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين

السيناتور محمد حسان ... وفضيلة الإمام أوباما/ مجدى نجيب وهبة



** إذا كان هناك إصرار على أسلمة مصر وتحويلها إلى دولة طلبانية وتغيير إسمها من جمهورية مصر العربية إلى دولة "حسان الطلبانية" ، مع مراعاة الحدود الأمنة للتقسيم الإسلامى المعترف به دولياً من مجلس الأمن الأوربى وحلف الناتو والإدارة الأمريكية ومجلس النصب على الغلابة والمسمية بمجالس "هوم الناس" بين السلفيين والإخوان المسلمين على أن يلتزم كل فريق منهم بالحدود الجغرافية الممنوحة له وألا يتعدى أحد على حدود الأخر ، كما يتم التواصل مع تنظيم القاعدة بإهداء القطعة الديمغرافية من شمال وجنوب سيناء إلى الأشقاء الفلسطينيين "أعضاء منظمة حماس" وذلك تقديرا لهم على دعمهم الكامل لأشقائهم السلفيين والإخوان المسلمين وإستكمالا لمثلث برمودا الإرهابى والذى يضم القاعدة والإخوان وإيران ..
** نعم إذا كان هناك إصرار على فرض هذا الواقع بالإكراه وبالبلطجة فلا داعى أن تعتبرونا مثل الهنود الحمر أو ذو القرنين .. نعم إذا كان هناك إصرار على أسلمة مصر فليس مطلوب أن نكون كالبلهاء والأغبياء وأن تظل أفواهنا مفتوحة كالمغفلين .. نعم لقد سئمنا من الكتابة فلا أحد يفهم ولا أحد يريد حتى أن يفهم وتتركون الحمار وتهيلون التراب والسب والقذف للبردعة ... علما بأن الحمار معروف لدى الجميع .. نعم لقد أصابنا اليأس والإحباط فى الوقت الذى يبحث جميع الناس عن قنوات الجزيرة والعربية ، رغم أنهم قناتين يضللون الناس ويكذبون حتى النخاع ويحرضون الشعوب ضد الحكام .. لقد أعطت هاتين الداعرتين الإعلاميين ظهرهم الأن للحديث عن الشأن المصرى .. فلم يعد يهمهم أحداث مصر الأن بعد تنفيذ كل التعليمات والأجندات التى أمليت عليهم بكل دقة وحرفنة ، وبعد تحقيق أهدافهم حول شرذمة المجتمع المصرى بين مؤيد لمبارك وإتهامهم بالعمالة وبفلول النظام والثورة المضادة .. وبين معارضين لمبارك ، وهم الثورة الحقيقية لإرادة الشعب المصرى والتى إستولت على ميدان التحرير وجعلته منبرا إعلاميا لقوى الإخوان والسلفيين .. والجميع ينصتون ويصفقون دون معرفة لماذا يصفقون ؟!!! وبين سنى وسلفى وشيعى ونوبى وقناوى ومنياوى وأسيوطى وبنهاوى وتحريرى وماسبيرو وسيناوى .. فقد أجادت دورها والأن إنطلقت إلى أماكن أخرى ، لنفس السيناريو ونفس الأسئلة ، نفس التساؤلات حول أهداف الثوار ... وهو ما يحدث فى كلا من ليبيا ، واليمن وسوريا دفعة واحدة والمطالبة واحدة وإحتلال الميادين ثم المطالبة بدم الشهداء ورحيل النظام ومحاكمته ومطالبة المجتمع المدنى بالتدخل لحماية الثوار والمطلوب أن نصفق لهذه السيناريوهات بإعتبار أننا "هنود حمر" ومازالت العصافير عالقة فى رؤوسنا وغدا عندما يفيق هذا الشعب ربما بعد مائة أو مائتين سنة سوف يكتشفون أنهم مغيبون وجهلاء ، وشاركوا فى هذه الفوضى بإرادتهم ولكن بعد فوات الأوان !!! .
** لقد فشلت الدولة فى فرض القانون فى "أمارة قنا السلفية" بعد أن تولى زمام الأمور الحكم فى هذه الإمارة بعد تعديل إسمها الشيخ "قرشى سلامة" إدارة الولاية ومساعده الشيخ حسين شعبان .. نعم لقد إهتزت الدولة ولم تعد تخيف حفنة شراذم من السلفيين ومعظمهم مما سمحت لهم الدولة بالخروج من السجون والمعتقلات ورضخت لطلباتهم وجمدت عمل المحافظ .. وإنتصرت الفتنة التى أشعلوها السلفيين .. والسؤال هنا كيف يعيش الأقباط فى "محافظة قنا" الأن .. وهل هذه الدموية والإرهاب هو أحد أهداف "ثورة 25 يناير" التى أصبحت تطاردنا فى كل نواحى حياتنا منذ بداية اليوم حتى كوابيس الليل .. ومبروك على أول الغيث وهو إعلان "أمارة قنا" وتنصيب القرشى الوالى عليها !! .
** أما عن ديمقراطية "حسين أوباما الكينى" فقد نشرت جريدة الأهرام أنه أثناء إلقاء أوباما حملته التسولية لجمع التبرعات للحملة الإنتخابية لإنتخابات 2012 .. قاطعته سيدة وقفت وقالت أنها أعدت أغنية للرئيس وخصوصا بعد كتابة كلمات هذه الأغنية الفنان الشعبى "شعبان عبد الرحيم" وذلك بعد النجاح الساحق لأغنيته الأخيرة "أنا بكره حسنى مبارك وبحب عمرو موسى .. إيه .. إيه .. إيه" وحصولها على جائزة الندالة والعار ولأن شعبان عبد الرحيم مطرب عالمى فلم يستطيع أوباما تجاهل هذه السيدة خصوصا لكون الصالة صغيرة وبدأت السيدة فى الغناء وشاركها الجالسون على مائدتها بعض المواطنين وهم يرفعون لافتة كتب عليها "حرروا برادلى مانينج" تقول كلمات الأغنية "دفعت ما علينا من مستحقات .. إيه .. إيه ، فأين التغييرات .. إيه .. إيه الذى وعدتنا به .. إيه .. إيه .. ترلالم .. ترلالم" .. وقد قابلت الأغنية ضحك وسخرية الحاضرين مما أزعج أوباما فحاول مساعديه "مجموعة بودى جارد" عندا فى مصر يطلقون عليهم بلطجية !! إنهاء الأغنية ونجحوا فى نهاية الأمر فى إخراج السيدة من الصالة وأثناء خروجها صاحت "حرروا برادلى مانينج .. إيه .. إيه " سأخرج من هنا حالا ولكن أتمنى ألا أتعرض للتعذيب فى السجن .. إيه .. إيه" .. هذه هى ديمقراطية الحرية التى يتحدث عنها باراك حسين أوباما الكينى الجنسية .. هذا هو أوباما الكاذب والمخادع والمضلل الذى يجيد التلاعب بالشعارات اليسارية التى عفى عليها الدهر ليعود نشرها بالدول .. فأثناء زيارة أوباما الميمونة لمصر صرح أوباما بأنه عاقد العزم على التعاون مع بلدان العالم الإسلامى ومصمم بالقدر ذاته على مكافحة التطرف والإرهاب وهى الذريعة التى لجأ إليها الرئيس الأمريكى كوسيلة لترويع الشعوب الصغيرة !! ..
** مصطلح الحرب على الإرهاب هى اللعبة القذرة التى تجيدها الإدارة الأمريكية الظالمة لأنها الوسيلة الوحيدة العملية لتطبيق مبدأ الحرب الدائمة والذى أرسى قواعده "جنرال موتورز" قبل أكثر من خمسة وستون عاما .. لقد أعلن أوباما أثناء زيارته لمصر أنه جاء ليتحدث إلى الشعوب لا إلى الحكومات وهو ما يفسر إنطلاقه بالخطاب من جامعة القاهرة وليس داخل قصر الرئاسة .. ولو عرفت القاهرة نواياه لألغت دعوتها ولرفضت إستقباله .. إدعى أنه جاء من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ولم تعلم مصر أنه جاء للتخريب وليس للإصلاح .. كنا نتمنى أن يخيب ظننا ولكن كما تعودنا فالحداية لا ترمى كتاكيت .. أعتقد أن هذا هو ردى على بعض العقول التى تتهمنى بالهجوم الدائم على "أوباما الحانوتى" وإدارته .. إدعى أوباما فى إحدى حواراته تأييد النضال مع رفع شعارات "سلمية .. سلمية" ، نعم إنه محترف اللعب على بطون الشعوب ، فقد صورته أحد المجلات الأمريكية وإسمها "ذانيو يوركر" فى منتصف 2008 على غلاف المجلة فى صورة إرهابى ومعه السيدة قرينته وهم يرقصان أمام علم أمريكا المحترق وأسفل الصورة .. صورة لـ "بن لادن" ويبدو أن هذه الصورة سببت له عقدة نفسية بعد أن أصبح رئيسا لأمريكا .. فبدأ فى نقل هذه الصورة لجميع حكام منطقة الشرق الأوسط !! .
** بدأ فترة ولايته بإستعداد واشنطن للتحاور مع طهران ، كما أعلن أوباما عن إنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى على أساس حل الدولتين إحداهما إسرائيلية والأخرى فلسطينية فى الوقت الذى سعت فيه حماس إلى فتح قنوات إتصال بالإدارة الأمريكية من خلال "أحمد يوسف" مستشار إسماعيل هنية وغيره .. كانت الخطوات صريحة وواضحة فقد أرسل أوباما خطاب إلى الإيرانيين قيادة وشعبا فى عيد النيروز ويحمل رغبة أمريكية لتحسين علاقتها مع إيران وحل التناقضات بالحوار ولم تعارض واشنطن حوارا أوربيا مع حزب الله وقبلت بدخول أعضاء من منظمة حماس فى حكومة فلسطينية وأصدرت إدارة أوباما أوامرها بعدم إستخدام تعبير الحرب على الإرهاب نهائيا لأنها غيرت إستراتيجيتها الإستعمارية للشعوب الفقيرة .. إنهم فى النهاية نجحوا فى إحداث الفوضى الخلاقة وهو ما يتيح لهم الإنقضاض على ثروات هذه الدول ..
** نعود إلى فوضى الشارع المصرى وفوضى الصحف وفوضى الفضائيات .. تطالعنا الصحف الصادرة يوميا بأرقام لنهب الثروات فى غاية الغرابة .. إهدار بالمليارات وليس بالملايين .. صدر تصريح من البعض قالوا أننا شباب الإئتلاف لعودة الأموال المهدرة والذين تم تعيينهم بأنفسهم لأنفسهم .. محمد محسوب عميد دكتور بكلية الحقوق بالمنوفية وظيفتة أمين لجنة إسترداد ثروات مصر المنهوبة ، أعلن فى حوار بصوت الأمة أن الأموال المنهوبة من مصر تتراوح بين 350 و 700 مليار دولار وإذا حولنا هذا المبلغ بالجنيه المصرى يصبح 21000 مليار جنيه و 42000 مليار جنيه ويقول محمد محسوب أنه تم تهريب 7500 مليار دولار منذ إندلاع الثورة وحتى تنحى مبارك ، كما يصرح محمد محسوب أننا فقدنا 3.5 تريليون جنيه بسبب الفساد و"المخلوع" قام بإنشاء صناديق خاصة لنهب 220 مليارا من أموال المصريين ونتساءل ما علاقة عميد بكلية الحقوق بتتبع عملية نهب الثروات وما مدى مسئوليتة فى التصريح بتلك الأرقام وأين جهابذة جهاز الكسب الغير مشروع .. جهاز الحاسوب الألى أو مسئولى الوطن .!! ، وما الجهة التى كلفت السيد محمد محسوب بهذا العمل ، هل المجلس الأعلى للقوات المسلحة أم وزارة د. عصام شرف .. يقول د. محمد محسوب "التنبيه بدأ فى الأسبوع الأخير من الثورة وبرزت الفكرة من منطلق أن الشعب يحتاج إلى بناء البلد والنهوض به" وبعد كلمة التنبيه نتساءل ما هى هذه الجهة التى نبهته !! ، هل هناك من يقرأ أو يفهم للإجابة .. أم تأتينا الإجابة من بعض المخترقين للمواقع والتابعين للإخوة ومهمتهم الضرب على الدفوف والرقص بالصاجات مثل العوالم والغوازى !! .
** أما أغرب ما ينشر بصحف الإسفاف والوقاحة خبر بعنوان مبارك برئ من فضيحة روبى .. فهل تصل بنا الهيافة والغل والكراهية إلى هذا الحد .. على فكرة قبل أن يذهب تفكيركم المضمحل لبعيد فأنا لم أدلى بصوتى لأى حزب طوال حياتى ولم أكن ضمن الحزب الوطنى ودائما أكتب ضد وزير المالية ووزير الداخلية والحكومة المصرية فلست من المتحولين أيها الغوغاء ولكن إذا كان هناك عقل للتفكير فعلينا إستخدامه .. أما الغل والكراهية والأكاذيب وتصفية الحسابات فهذا ليس مبدئى فإذا كانت هذه الأرقام صحيحة فمصر لا تحتاج إلى أى منح أو إستيراد بعض متطلبات الغذاء ؟!! . وإذا صدقنا هذه الأرقام فتعتبر أن ميزانية مصر تبلغ مليون مليار دولار وإذا كانت مصر تبلغ ميزانيتها هذه الأرقام لماذا نمد أيدينا إلى أمريكا سنويا للحصول على المنحة السنوية والتى تبلغ 3.5 مليار دولار وقبل الحصول على المبلغ يتم وضع عديد من الشروط قبل تسليم المبلغ وهى كلها شروط الذل والإنكسار .. وإذا صدقت هذه الأرقام بالمليارات فهذا يفسر تناول السيد رئيس الوزراء بعض أطباق الفول والطعمية فى أحد المطاعم .. فحسبة بسيطة يصل طبق الفول إلى 1000 جنيه "ألف جنيه مصرى فقط لا غير" وطبق الكشرى كذلك .. شوفتوا إحنا مبسوطين قد إيه ..
** نترك الكشرى والفول الذى بلغ ثمن الطبق 1000 جنيه وننتقل إلى أحد قيادى الإخوان إبراهيم صلاح والمقيم بأحد الدول الأوربية أن سويسرا أعلنت تجميد أموال مبارك فكيف ينفى الرئيس المخلوع وجود حسابات فى الخارج ؟!! .. طيب ياسيدى تاهت ولاقيناها لماذا لا يصرح المسئول السويسرى عن حجم هذه المدخرات وعن الشركات المنسوبة إلى السيد رئيس الدولة محمد حسنى مبارك وحتى يتسنى لنا كشف الأكاذيب وتصديق هذه القصص وبالذات بعد صدور بيان الرئيس والذى ينفى فيه وجود أى أرصدة بالبنوك أو عقارات مملوكة له ولأسرته منذ توليه العمل العسكرى حتى يقطع باب الفتاوى والتخريب والكراهية !! .. وفى نفس هذا العدد يصرح الشاطر أن الإخوان يستعدون للحكومة الإسلامية وهدفنا إلى سيادة العالم وهو ما يوضح تصريح أوباما لأسلمة أمريكا وأوربا !! .
** أما من الأرقام التى تثير الضحك حتى الغثيان بل وأكثر من علامة إستفهام عن أهداف نشر هذه الأرقام .. الإتهام الموجه للوزير السابق سامح فهمى بإهدار 80 مليار دولار وأكرر الرقم فالتكرار يعلم الشطار فالمليارات بقت نازلة ترف على قفانا من كل لون ياباطسطا .. 80 مليار دولار بالنسبة للغاز .. يعنى بالبلدى 480 مليار جنيه مصرى .. طيب إحسبوا كده معايا .. المليار كام مليون ، إذا إفترضنا إن المليار 1000 مليون جنيه يعنى الوزير ضيع على مصر 480 ألف مليون جنيه .. يانهار مطين بطين دى ميزانية تعمر سنين وتوشكى والساحل الشمالى والساحل الجنوبى والهرم وأبو زعبل وشبرا الخيمة وميدان أم بيومى وإعادة أسطول التوك توك .. طيب هو الغاز ده عباره عن إيه هل هو غاز أكسيرا الحياة .. الجرام الواحد والشمة الواحدة بـ 10000 جنيه .. بصراحة كده يبقى الشمة ببلاش وبالطريقة دى ضيعنا كتير أوى ..
** نترك المليارات اللى وجعت قلبنا وإحنا الحمد لله لا نتهور بأكل أكثر من الفول وربنا يديمها علينا نعمة .. وننتقل إلى إئتلاف ثورة 25 يناير فقد نشر خبر بالصحف بل وأذاعته بعض قنوات الإعلام المصرى الإخوانى فقد قرر شباب الإئتلاف تكوين مجموعات لمراقبة "الأجهزة الأمنية للشرطة" وعمل أجهزة الدولة والوزارات والمحليات ومراقبة الشارع المصرى وحماية الكنائس ، وهو جهاز أشبه بما يعمل بالشارع السعودى وهو جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وطبعا كل جماعة سيكون أميرهم أحد خطباء المساجد فى الحى أو خطباء الزوايا .. يتم كل ذلك كتابته بل وتفعيله فى الصحف والإعلام ولا نسمع من فعل هذه الجماعة وهل المسئول عن هؤلاء هم الشيخ محمد حسان أم الشيخ عصام العريان وأين من أقسموا على المحافظة على أمن وسلامة الوطن والمواطن !! .. بل أن المجلس العسكرى يعلن دائما أنه لن يسلم مصر للإخوان كما تهل علينا مستشارة الرئيس الأمريكى التى عينتها خصيصا حتى يجد قبول لرسالته للعالم الإسلامى السيدة داليا مجاهد لتعلن بالتصريحات المطمئنة والمخدرة والمضللة للشعب المصرى أن الإخوان لن يحكموا مصر فى الفترة القادمة ولما الشعب يقرر أمريكا لا تستطيع أن تغير شيئا وهو ما دعا أبو سويلم الأعور بتأليف الأغنية الشعبية "كداب ياخيشة .. كداب قوى" وتواصل مستشارة أوباما الحانوتى فى حوارها أن الجيش الأمريكى لم يتدخل فى ليبيا وما يحدث هناك يشبه أحداث البوسنة .. ياعالم ياهوه الراجل القذافى ناقصين يقلعوه هدومه ويمشوه بلبوص وهو يضع الطاسة فى أعلى رأسه ويغنى فى طرابلس الحسابه بتحسب والساعة بمليون دولار .. وتزايد داليا مجاهد فى حوارها والمنشور أن نجاح مصر يعتمد على الوحدة الوطنية وأن هناك إنقسام داخل البيت الأبيض تجاه صعود التيار الإسلامى وأن أكبر خطر على الثورة المصرية هو الخطر النفسى .. الحقيقة لم أجد حنية أكثر من ذلك ولكننا نطمئن أوباما أن أبو العزايم فتح عدة فروع داخل مترو الأنفاق وفى طريق الهرم أعلى الكوبرى .. هذا بجانب الفرع الرئيسي بالتحرير .. أما خبر الوكسة القوية فهو بلسان السيد الدكتور وزير التضامن جودة عبد الخالق بجريدة الوفد 23 إبريل 2011 " هذا هو السيناريو .. دولة عاجزة عن تعيين محافظ لقنا وتمكينه من أداء دورة تخريب فى السكك الحديدية وتعطيل القطارات 13 يوما كاملا وتعطيل مصالح الناس وإرهاب أقباط محافظة قنا بالشعارات الطائفية الدموية وهو ما يعنى أنها رسالة لكل المحافظات وكل أقباط مصر من شمال الدلتا إلى جنوب الوادى .. إحترسوا "السلفية هى الحل" .. هذا رغم إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنها لن تسمح بالتظاهرات الفوضوية أو ترويع المواطنين أو النيل من قدرة وهيبة الدولة ستقابل بكل حزم وشدة وعلى رأى السيدة ترترة "حنفى .. حنفى .. خلاص تنزل المرة دى" .. ونبحث فى قاموس اللغة من هم الثورة المضادة الذين يرهبون الوطن والمجتمع ومن هم فلول النظام .. أى نظام تقصدون هل المقصود هو إرهاب كل من يحارب الإرهاب بإتهامه بفلول النظام .. هل تصل عقلية الجهلاء أن يتعايشوا فى هذه الأكاذيب ويصدقونها ويتكلمون كالبلهاء دون أن يواجهوا الحقيقة ...
** أنظروا إلى ما يحدث فى ليبيا ولا تنقادوا كالعميان .. أنظروا ما يحدث فى سوريا ولا تكونوا كالبلهاء .. أنظروا ما يحدث فى اليمن ولا تكونوا أغبياء .. أنظروا ما حدث فى مصر .. إنه سيناريو واحد الإخوان المسلمين يريدون إسقاط الدول المدنية وتحويلها إلى دول دينية .... ومازال التضليل مستمراً !!!! .

تساؤلاتٌ تركية حول القضية الفلسطينية/ د. مصطفى يوسف اللداوي


مضى على انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أكثر من عامين، ولكن الشارع التركي لم ينس ويلات الحرب الدموية التي اكتوى بها فلسطينيو قطاع غزة، على مرأى ومسمعٍ من دول العالم كلها، يقولون عنها أنها كانت حرباً مهولة قتلت المئات من الفلسطينيين، وخربت بيوتهم ومساكنهم، ودمرت معاملهم ومصانعهم ومزارعهم، ولم تبقِ على شئِ من معالم الحياة الإنسانية في القطاع، وما زال جرحى هذه الحرب العدوانية في المستشفيات التركية، شاهدين على وحشية العدوان الإسرائيلي، بعضهم مبتور الأطراف، لا يستطيع الحركة دون عجلاتٍ أو مساعدة، وبعضهم مشوه الجسد، محروق الجلد، يعاني من جروحٍ وإصاباتٍ وعاهاتٍ مستديمة ومقعدة أحياناً.

ولا يستطيع أن ينسى الأتراك شهداءهم الذين سارعوا لنجدة أهل غزة ومساعدتهم، فركبوا البحر، وشاركوا في قافلة الحرية، وعرضوا حياتهم للخطر، نصرةً للمحاصرين والمعذبين في غزة، فكان جزاؤهم القتل برصاص وحداتٍ عسكرية من البحرية الإسرائيلية، ولكنهم ما زالوا على موقفهم المتحدي والمناصر للقضية الفلسطينية، غير عابئين بالقتل الذي أصابهم، ولا بالإعتداء الذي لحق بهم، ولا بالخطر الذي قد ينتظرهم، فهم يستعدون للعودة من جديد إلى قطاع غزة، بقوافل إغاثة وعونٍ إنسانية، لتساهم في رفع الضيم والظلم عن إخوانهم الفلسطينيين، يعدون العدة، ويشحذون الهمم، ويستحثون الخطى للإنطلاق، ويتنافسون فيما بينهم أيهم يساهم ويشارك.

ولكن الشارع التركي كله، المثقفون والكتاب، والطلاب والعمال، الرجال والنساء في كل المدن التركية، في العاصمة السياسية أنقرة، وفي العاصمة الاقتصادية والسياحية استانبول وغيرها، يطرحون تساؤلاتٍ مشروعة على ضيوفهم الفلسطينيين، الذين يلتقونهم في المؤتمرات والمنتديات، وفي الشوارع والمقاهي، كما في المساجد والجامعات، يطرحون العديد من الأسئلة، ويثيرون الكثير من القضايا، وكلها قضايا محقة، وهموم حقيقية، وتساؤلاتٍ منطقية، قد لا نملك القدرة على الإجابة عليها، ولا القدرة على إقناع مثيرها أو السائلين والمناقشين، وقد لا تعجبهم إجاباتنا، فيمطون شفاههم في دلالةٍ على عدم اقتناعهم، أو يهزون رؤوسهم رفضاً لما يسمعون، ويحار من يلتقيهم كيف يقنعهم وهو الذي قد يحتاج إلى من يقنعه فيما يطرح ويجيب.

يتساءلون ببراءةٍ وشفافيةٍ وصدق، دون وجودٍ لسوء نية، أو حساباتٍ سياسية حزبية، ودون توجيهٍ من أحد، لماذا لا يتفق الفلسطينيون وينهون انقسامهم، ويوحدون جهودهم، ويجمعون كلمتهم، فقد طال أمد الإنقسام والاختلاف، وقد ذهبت النظام الحاكم في مصر الذي كان يعيق الاتفاق والتفاهم، وليس من مستفيدٍ من الحال البائس الذي وصل إليه الفلسطينيون غير إسرائيل، فكيف تحققون أمانيها، وتقدمون لها اختلافاتكم على طبقٍ من ذهب.

ويتساءلون لماذا يفضح الفلسطينيون أنفسهم في مختلف وسائل الإعلام، يسيؤون إلى قضيتهم، ويشتمون بعضهم البعض، ويتبادلون الاتهامات فيما بينهم، ويلقون باللائمة على أنفسهم، ويبرؤون إسرائيل مما ارتكبت في حقهم من جرائم ضد الإنسانية، ويحرصون على عدم إحراجها، ويكذبون على بعضهم، ويتآمرون فيما بينهم، ويتنافسون في وسائل الإعلام أيهم يدحض حجة الآخر، ويكشف عن المزيد من أسراره، مستنكرين ما كشفته وثائق ويكيلكس من أن بعض الفلسطينيين قد شجع الحكومة الإسرائيلية ودفعها لمهاجمة قطاع غزة، والعدوان عليه عسكرياً، وأنها كانت تشجعها على مزيدٍ من الصبر أملاً في تحقيق بعض الأهداف المشتركة بينهم.

يتساءل الأتراك لماذا توجد سجونٌ فلسطينية، ولماذا يعتقل فيها مئات المناضلين الفلسطينيين، فهل استعاد الفلسطينيون وطنهم، وحرروا أرضهم، وأصبح لزاماً عليهم أن يبنوا سجوناً ومعتقلاتٍ لسجن المعارضين والمخالفين، والذين يهددون أمن الوطن وسلامة المواطنين، والمتهمين بأنهم يناضلون لاستعادة حقوق شعبهم في أرضهم ومقدساتهم، ويستغربون بشدة حوادث القتل التي تقع في السجون الفلسطينية خلال عمليات التحقيق والتعذيب، يستنكرونها بشدة ويرفضونها بغضب، ويشعرون أنها فوق قدرتهم على الفهم والاستيعاب، وأنه لا ينبغي لها أن تكون، فإن كان قتل الفلسطينيين على أيدي الاحتلال الإسرائيلي مستوعباً ومفهوماً، فإن قتلهم على أيدي الفلسطينيين أمرٌ مستنكرٌ وغريب، ويتساءلون لماذا تقمع حريات الفلسطينيين في ظل حكوماتهم، ولماذا يمنعون من التعبير عن أراءهم، ولماذا يتم الاعتداء على الحريات الشخصية، وتصادر حرية التعبير والتظاهر، ولماذا لا يتم إشراك الشباب في هموم وطنهم، ولماذا يقمعون بالقوة، ويضربون بالهراوات، ولماذا تعج المناطق الفلسطينية بالأجهزة الأمنية المتعددة والمختلفة، والتي تعقد حياة الفلسطينيين بدلاً من أن تكون عوناً لهم.

يتساءلون بغضبٍ وحيرة، وخوفٍ وقلق، لماذا قتل المتضامن الإيطالي فيتوريو أريغوني، ومن هي الجهة التي تقف وراء جريمة قتله، وهو الذي ترك أهله وبيته العامر ليتضامن مع أهل غزة، وقد عاش معهم وبينهم وعانى مثلهم، بعضهم يقتنع بأن المجموعة التي قتلته مجموعة مارقة لا تمثل الفلسطينيين، ولا تعبر عن أخلاقهم وقيمهم العربية والإسلامية، ولكن آخرين يصمتون بحرقة، ويرفضون أي تفسيرٍ للحادثة، ولكنهم يأملون أن يتجاوزها المتضامنون الدوليون، وأن يقبلوا اعتذار الفلسطينيين عامةً وأهل غزة خاصة.

كثيرةٌ هي التساؤلات التي نعجز عن الإجابة عليها، ونحار في كيفية التخلص منها والإلتفاف عليها، فهي تساؤلاتٌ منطقية تحرجنا كثيراً، وتشعرنا بالخزي الشديد ونحن نحاول أن نقنعهم بما لا نقتنع به، وهي ليست تساؤلات تركية فقط، بل هي تساؤلات عامة، إسلامية وعربية وفلسطينية ودولية أحياناً، ينبغي علينا أن نتجاوز سلبيتها، وأن نمتلك القدرة والجرأة على الإجابة عليها، ومع ذلك فإن مشاعر الأتراك مازالت مع الفلسطينيين، وقلوبهم تدعو الله أن يحفظهم، وأن يكون معهم، وهم لا يألون جهداً في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ويقولون بأنهم لن يتخلوا عنها ولا عن أهلها، ولن يقصروا في مساعدتهم والوقوف معهم، ولكن على الفلسطينيين أن يقدروا لهم ذلك، وأن يساعدوا أنفسهم بأنفسهم، ويشجعوا الآخرين على الإيمان بقضيتهم، ليسهل عليهم التضحية معهم في سبيلها.

بعد الاصلاحات.. بدأت "العملية الجراحية" لإنقاذ سوريا/ جوزيف أبو فاضل

بعدما أعلن الرئيس السوري بشار الأسد إلغاء حالة الطوارئ، وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، وإقرار وتنظيم حق التظاهر، وبدء البحث في قانون الأحزاب والانتخابات الحرة... بدأت سوريا فعلياً السير في طريق الاصلاحات الجدّية والفعليّة، وهذا ما قابلته أكثرية الشعب السوري بالتأييد والترحاب.

لكنّ المفاجأة الكبرى، وفي اليوم التالي للاعلان عن هذه الاصلاحات، خرجت فئات في العديد من المدن والمناطق السورية تطالب بـ"إسقاط النظام" مستخدمة السلاح لاحداث المزيد من القتلى والفوضى!؟!

وكان هذا الأمر هو أسطع ما انكشف عن خلفيات ودوافع بعض هؤلاء المتظاهرين وهم قلة قياساً إلى الشرائح المؤيدة للرئيس الأسد.

شعار حق يراد به باطل

فالاصلاح على ما يبدو ليس هدفهم والمطالبة من قبل هؤلاء بتحسين أحوال الشعب السوري الاقتصادية والاجتماعية ليس إلا شعار حق يراد به باطل.

فالمطلوب شيء واحد هو تصفية حساب قديم مع النظام السوري عمره أكثر من أربعين عاماً، ويهدف في المرحلة الأولى إلى إقلاق وإرباك النظام السوري وصولاً إلى تغييره وتبديله إذا تمكنوا من ذلك.

أما في حال فشلهم فالمطلوب إدخال سوريا في نفق حرب أهلية طويلة ومظلمة قد تذكر السوريين بحروب لبنان الداخلية وكذلك الحرب التي لا تزال دائرة في العراق وفي المشهد الأخير، حرب ليبيا.

القيادة فضّلت أن تترك الشارع

فقد كان بإمكان القيادة السورية أن تدفع بالمؤيدين والمناصرين إلى التظاهر والاعتصام ترحيبا وتأييدا للاصلاحات التي اقرت وبالتالي إظهار حجم التأييد الشعبي الذي يحظى به النظام.

لكنه كان بذلك سيجازف بادخال البلاد في أتون الحرب الداخلية التي هي أحد الخيارات الأساسية لأعداء النظام السوري. وبالتالي، كان سيستنسخ المشهد اليمني بين متظاهرين مؤيدين للرئيس اليمني علي عبدالله صالح وبين معارضين له.

لكن القيادة السورية فضّلت أن تترك الشارع بعد تلبية مطالب الاصلاح لأعداء النظام الذين لا يريدون إصلاحاً، والكشف عن حقيقتهم، وصولاً إلى تحقيق الانقسام والفرز بين الشعب السوري ليس على أساس من هم مع الاصلاح والنظام ومن هم ضدّه، بل على أساس من هم مع أمن واستقرار سوريا، ومن هم مع خرابها ودمارها تحقيقاً لمخططات خارجية تتوفّر الكثير من الأدلة عليها، ولكن لم يحن أوان كشفها كلها...!

بدأت مرحلة الجدّ والحسم

إزاء هذا الوضع، ما هي الخيارات أمام القيادة السورية لمواجهة إرادة التخريب المدعومة خارجياً؟

فترك الأمور كما كان الوضع في السابق وإخلاء الساحة للمخربين لا يبدو أنه خيار دائم بل هو خيار تكتيكي انتهى مفعوله بانتهاء يوم الجمعة العظيمة بكل تداعياته ونتائجه.

وهكذا بدأت مرحلة جديدة من التعاطي الحاسم والجاد.. فمن يريد التظاهر والاحتجاج عليه أن يتبع الأصول المعتمدة في كل دول العالم كفرنسا وأميركا، فيحدد في طلب الترخيص للمظاهرة الزمان والمكان وعدد المتظاهرين المقدّر والشعارات التي سترفع ومن يتحمّل مسؤولية ما قد يسببه المتظاهرون في الممتلكات العامة والخاصة.

مخططات خارجية تريد شراً بسوريا

أما من يريد استعمال السلاح والتخريب وترويع الآمنين وإحراق المؤسسات العامة والخاصة فسيكون الرد عليه بمثل السلاح الذي يستخدمه بغية إيقافه ومنعه من تنفيذ المخططات الخارجية التي تريد شراً بسوريا والتي تتوفّر العديد من الأدلة الدامغة عليها، ونورد بعضاً منها:

1- الشاحنات التي تهرب الأسلحة من العراق من خلال تواطؤ بعض المسؤولين في المراكز السورية الحدودية هو أمر ثابت.

2- تهريب الأسلحة في لبنان عبر الحدود والمعابر غير الشرعية سواء في عكار أو البقاع أيضاً أمر ثابت.

جمال الجراح ليس سوى أحد الأسماء

3- تحريض العديد من السوريين المقيمين في لبنان على الذهاب إلى سوريا والتظاهر ضد النظام أيضاً حقيقة مؤكدة، وستكشف عنها سوريا لاحقا وتظهر أسماء المتورطين اللبنانيين، واسم جمال الجراح ليس سوى أحد الأسماء وربما الصغيرة، وقد كان لافتاً ومؤشراً مهماً على حجم التورط الخارجي، الاستقبال المميّز الذي حظي به جمال الجراح من قبل الرئيس سعد الحريري بعد كشف السوريين عن تورطه في دعم مجموعات إرهابية سورية، فخصه بمشهد تلفزيوني مميز وحميم حيث يمشيان معاً في حديقة "بيت الوسط" وهو امتياز لم يحصل عليه أحد من وزراء أو نواب تيار المستقبل.

 
هل يريد جعجع أن يصبح مواطناً ذمياً؟

4- الدعوات إلى التظاهر "لنصرة أهل الشام" التي دعا إليها حزب التحرير – ولاية لبنان، وهو الحزب الذي كان محظوراً إلى أن رخص له وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت في 11 أيار 2006، فهذا الحزب الذي يدّعي العمل على إعادة الخلافة الاسلامية التي سقطت بعد الحرب العالمية الأولى والتي كانت ممثلة بالسلطنة العثمانية، توجد الكثير من علامات الاستفهام حوله وحول مؤسسه الشيخ النبهاني وعلاقاته مع الحكومة الانجليزية حينها؟!
وكان الخطأ الكبير في سعي بعض المسؤولين في لبنان إلى إلغاء مظاهرة حزب التحرير – ولاية لبنان، فأعطيت لهذا الحزب أهمية لم يحصل عليها في ماضيه وفي أية دولة في العالم، فكان من المفروض أن تبقى التظاهرة كما هي، كي تكشف من يقف حقيقة وراء دعوة حزب التحرير إلى التظاهر، وأن يستمرّ ما يخطط له الحزب من مظاهرات ورفع للشعارات الحزبية، لنسأل رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ما هو موقفه من إعلان الخلافة الاسلامية؟ وهل يريد أن يصبح مواطناً ذمياً في هذه الخلافة؟ وإذا كانت ظروف جعجع لم تسمح له في السابق أن يضغط على حلفائه في تيار المستقبل لسحب ترخيص حزب التحرير، فلماذا لا يفعل ذلك اليوم؟

النوايا الأميركية المبيّتة تجاه سوريا

5- الحملة الاعلامية المنسّقة والمنظّمة والتي تتولاها بعض الفضائيات اللبنانية والعربية والتي تروّج لأخبار ومزاعم غير موجودة في سوريا، وقمة الفضيحة كانت ما كشفته وثائق "ويكيليكس" عن تمويل المخابرات الأميركية لقناة "بردى" السورية التي تروج ليلا نهارا لاسقاط النظام.

6- المواقف التي تعلنها الادارة الأميركية والتي تكشف ما تبيّته هذه الادارة من نوايا تجاه سوريا، فوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون "قلقة على حمص" وهي لا تكاد تعرف أن تلفظ اسمها، وبالتالي بدت قلقة على حمص وخائفة على أبنائها أكثر من وزير الخارجية السوري وليد المعلم؟!
.. ولكن الكلام الخطير الذي أفصح عنه الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما باتهامه النظام السوري بالسعي للحصول على دعم إيران لقمع المتظاهرين، وسبق ذلك ترويج أخبار أن عناصر من حزب الله في لبنان تشارك قوات الأمن السورية في قمع المتظاهرين. إنّ هذا النوع من الكلام قد يؤسس لموقف أميركي خطير تجاه سوريا، لأن القرار الذي اتخذته القيادة السورية بالسماح بحرية التظاهر وإقرار الاصلاحات والانفتاح مقابل التشدّد مع الارهابيين والمخربين يعني سقوط المزيد من القتلى والضحايا والشهداء سواء بين أفراد القوات المسلحة أو الجيش أو من المخربين أنفسهم، وبالتالي ستعتبر الادارة الأميركية أن التحالف بين إيران وسوريا وحزب الله يرتكب مجازر بحق الشعب السوري ويجب فرض عقوبات دولية على هذا التحالف، مع الاشارة إلى أنّ بعض هذه العقوبات موجودة أصلا ضدّ الأطراف الثلاثة.

لكن في هذه المرة ستكون بعض الدول العربية شريكة في هذه العقوبات انتقاماً من إيران، فليس من قبيل الصدفة أن ترتفع الآن نبرة الدول الخليجية تجاه إيران على خلفية الوضع في البحرين، والذي لم تتدخل إيران به فعلياً إلا من خلال مواقف تنسجم مع المواقف التي تطلقها في الدفاع عن حقوق الشعوب كما هي الحال في تونس ومصر واليمن...

إنّ هذا الموقف الأميركي في حال اتخاذه لن يكون إلا ورقة ابتزاز جديدة ضد سوريا وإيران وحزب الله، بعدما كاد نشر الغسيل الوسخ لـ"المحكمة الدولية الخاصة بلبنان" يفقدها ما تبقى لديها من مصداقية.

النظام اتخذ قراره بوضع حد لحرب الاستنزاف

لكن سوريا وضمن المعطيات القائمة حاليا تملك الكثير من الوسائل لمواجهة الحالة الارهابية المدعومة خارجياً وإن يكن تفرغها لمواجهة هذا التحدي في عقر دارها ما يبعدها عن الاهتمام بقضايا المنطقة مرحلياً لا سيما لبنان وفلسطين والعراق.. وهذا هو أقصى ما يمكن أن ينالوه اليوم من سوريا.

وأمام هذا الخطر الذي يواجه سوريا شعباً ودولة، من الواضح أنّ النظام الذي قدم الاصلاحات المطلوبة وأبدى قدراً عالياً من رحابة الصدر منذ بداية الأزمة، اتخذ قراره المرير بوضع حد لحرب الاستنزاف التي أريد استدراجه إليها، وذلك من خلال عملية جراحية واسعة وسريعة قدر المستطاع لاستئصال الخلايا الارهابية المستيقظة والنائمة وهي عملية قد تكون موجعة ولكنها ملزمة.

النظام الإيراني ومشاريعه في المنطقة؟/ يوسف أمين


يقدّر الباحثون في الستراتيجية الإيرانية في المنطقة العربية بأنها ترتكز على ثلاثة دعائم خارجية اساسية وهي:
المناطق الشيعية في جنوب العراق بقيادة جماعة الصدر وحزب الله في لبنان والنظام العلوي في سوريا

هذه الدعائم الثلاثة كفيلة بنظر هؤلاء بأن تعطي الماكينة العسكرية الإيرانية قدرا كبيرا من حرية التصرف في حال القرار بالسيطرة على الخليج، فجماعة الصدر ستتكفل بضبط العراق لتحرم دول الخليج من خزان دعم رئيسي كان أوقف التمدد الإيراني في بداية الثمانينات، بينما ينتشر حزب الله المدجج بالسلاح داخل لبنان ليمنع اي مساندة ولو إعلامية لهذه الدول ويساعد في نفس الوقت النظام العلوي الذي يضبط التيارات العروبية في بلاد الشام للاستمرار في مهمته.

أما من الجنوب فقد كان تحرك جهاز المخابرات الإيراني في مناطق الحوثيين في اليمن وعلى الحدود السعودية بشكل مسبق كفيلا باشغال السعوديين وعليه فهم مضطرون لتوزيع القوى فيما لو نشبت الحرب وعدم التركيز على جبهة واحدة سيما وأن الوضع في اليمن اليوم لم يعد مستقرا ما يدفع بهم إلى العمل على تهدئة الأمور في هذا البلد الجار وفي هذا الظرف بالذات. وفي الغرب لن تتمكن مصر المنشغلة في مشاكلها الداخلية والتي تتطور كل يوم بشكل مختلف من مد يد العون لا من الناحية العسكرية ولا حتى المخابراتية فهي تكفيها مشاكلها وما يجري على حدودها في ليبيا والسودان عدا عن غزة.

لذا وانطلاقا من هذا الوضع الحرج بالنسبة للسعودية ودول الخليج كان التحرك السريع والطبيعي لقوات درع الجزيرة في البحرين كما يعتقد الإيرانيون، فهم كادوا أن يسيطروا بدون الحاجة إلى الضغط العسكري على ساحة الخليج لولا هذه العملية، ومن ثم يرون في التحركات داخل سوريا ردا عربيا من شأنه التقليل من الانتصارات الإيرانية المتتالية، فإذا ما سقط النظام الأساسي الداعم لإيران في المنطقة سيتحرر الحكم اللبناني من عقدة سلاح حزب الله الذي يقبض على أنفاس اللبنانيين ويتم بذلك القضاء على العنصر الثاني من الحبكة الإيرانية، وقد يغير العراقيون حساباتهم وسيلي ذلك تحرك الآمال في الشارع الإيراني المعارض بالتغيير.

يعرف الحكم السوري بأن تحرك الشارع المطالب بالتغيير في سوريا عملية طبيعية وهم يفهمون بأن الضغط الذي حكمت به البلاد لا بد أن يؤدي إلى الانفجار خاصة في هذه الأجواء من التحرر والثورات التي تسيطر على المنطقة، ولكنهم وقد باتوا يشكلون جزءً من المنظومة الدفاعية الإيرانية ويحلمون بالامتيازات التي سينالونها في حال سيطرة إيران على الخليج لا يهمهم رأي الشعب ولا تحركه لأنهم يعتقدون بقدرتهم على ضبط الأمور بالطرق التي يعرفونها جيدا والتي تعتمد بشكل أساسي على القوة، ولن تجرؤ جماعات المعارضة، كما يعتقدون، على تنسيق أي تحرك كبير يؤدي إلى تفسخ في المؤسسة العسكرية، وهم بدأوا فعلا بتصفية لبعض الضباط الكبار كرسالة لمن تسّوله نفسه التفكير بالتحرك أو الاعتراض وعدم تنفيذ الأوامر وذلك بواسطة من أسموهم "العناصر التخريبية التي تطلق النار على الجهتين".

ولكن الشارع السوري يزيد كل يوم من تحركه ويزيد مع هذا التحرك عدد القتلى والمصابين وبالتالي النقمة على النظام فهل سيقدر هذا النظام على البقاء والسيطرة؟ أم أنه سيصبح عالة على الإيرانيين كما حصل مع موسوليني في الحرب العالمية الثانية حيث اضطر هتلر إلى ارسال الجيش الألماني لحماية أيطاليا بدل الاتكال على الإيطاليين في دعمهم على جبهات أخرى؟

من هنا أهمية حزب الله وسيطرته على الساحة اللبنانية ودعمه الغير محدود للنظام السوري ليشكل عنصر مساندة للخطة الإيرانية. ولذا فقد اعتمد الحرس الثوري كثيرا ومنذ البداية على تعويم حزب الله هذا بالأسلحة والعتاد من جهة وبالأموال التي تغدق عليه والموازنة المضخمة التي تغطي كافة مصارفاته؛ من رواتب للعناصر وما يوزع على المتعاونين، إلى الدعم اللوجستي مع كافة الوسائل الاعلامية التي يسخّرها له، إلى عمليات شراء الأراضي والبناء لتوسيع انتشاره وقبضته على مفاتيح أساسية في البلاد. ولذا وبسبب هذه الأهمية التي يعطيها هذا النظام في خططه التوسعية لحزب الله والأموال التي ترصد له من دولة تعاني من الحصار المفروض عليها من المجتمع الدولي، فقد نشر الإيرانيون ضباطا من قيادة الحرس الثوري للاشراف المباشر على كافة القوى والوحدات لتصبح قيادة حزب الله الفعلية بيد الإيرانيين، فهم لا يريدون التلهي بالقشور المحلية ولا يريدون التفريط بهذه القوة التي تدخل في مخططاتهم الأساسية.

عندما يقوم السيد حسن نصرالله بالتهجم على دول مجلس التعاون الخليجي وسياستهم في البحرين لا يحسب حسابا للأضرار التي قد تقع على اللبنانيين لأنه يقرأ خطابا أعدته الماكينة الاعلامية الإيرانية وهي لا تحيد عن الهدف الأساسي الذي هو التحضير للسيطرة على ثروة الخليج بنفس الطريقة التي اعتمدها سابقا زعيم الرايخ لاحتلال النمسا ومن ثم تشيكوسلوفاكيا وبولندا. وعندما يدعم النظام السوري بالرجال والعتاد فهذا دوره الطبيعي ولا يهمه ما يفكر به السوريون العاديون الذين يقتلون كل يوم في الساحات على يد هذا النظام وحلفائه. ولكن ماذا يمكن أن يفعل حزب الله أكثر من ذلك وماذا يتوقع منه الإيرانيون؟

الإيرانيون أعدوا حزب الله وعناصره ودربوهم للسيطرة على لبنان في أي وقت طلب منهم ذلك وكل هذا تحت شعار مقاومة إسرائيل، وهم عرفوا جيدا كيف يستعملون موضوع إسرائيل الذي لا يزال يدغدغ بعض المشاعر لهذه الغاية، فخطب السيد حسن تعتمد بالاجمال على ما تقوله إسرائيل أو الصحافة الإسرائيلية. وهم سيطروا بنفس الطريقة على بعض مؤسسات الدولة اللبنانية وخاصة ما يخدم السياسة الإيرانية؛ فقد تمسكوا بوزارة الخارجية والأمن العام والمطار لتسهيل تغطية العمليات الخارجية الإيرانية، وسيطروا على مخابرات الجيش اللبناني ليمنعوا الحكومة من معرفة ما يدور ومدى التغلغل الإيراني في المؤسسات. وهم جعلوا من الطائفة الشيعية خزانا معبأ وجاهزا للاستعمال من قبل المخابرات الإيرانية في أي مكان وزمان وبدون سؤال، والكل يعلم كيف كان يتم الاعلان عن دفن أشخاص يقال أنهم قضوا في مهمة جهادية بدون أن يسأل أحد عن السبب أو المكان، وقد يشكل هؤلاء جزءً ممن تدفع الدولة اللبنانية معاشات لذويهم على أنهم قضوا في عمليات ما يسمى بالمقاومة.

اليوم وإذ يتزايد الضغط على الرئيس السوري لا بد للقيادة الإيرانية من تحريك كل الوسائل لمنع سقوطه فماذا سيقدر أن يفعل الإيرانيون لنظام أخذ يتداعى؟ وماذا يتوقعون من حزب الله؟

الخطة الأولة كانت دوما التحرش بإسرائيل تحت شعار المقاومة ولكن التهديد الإسرائيلي بضرب إيران وسوريا قد يكون فعل فعله ولن يتجرأ الإيرانيون ولا حزب الله على مثل هذا السيناريو إلا بالاتفاق مع الإسرائيليين ما لا يزال مستبعدا حتى الآن لأنه ليس من مصلحة حكومة إسرائيل الحالية وقبل تغيير موازين القوى أن تتفاهم مع الإيرانيين أو تتنازل عن مواقفها في شأن البرنامج النووي الإيراني وموضوع الصواريخ التي يمتلكها حزب الله والقادرة على تهديد أمن المواطنين الإسرائيليين. أما أن يعمد حزب الله مثلا إلى إطلاق بعض الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي بدون أن تصيب أهدافا أساسية لكي تقوم إسرائيل بالرد المحدود حتى داخل سوريا ما يدفع بالحكم السوري على الطلب من الشعب التوقف عن التظاهر لكي يتفرغ هذا الحكم لموضوع الدفاع عن البلاد، فهذا وارد ولكن من يضمن أن إسرائيل سوف تكتفي بالرد المحدود؟

الخطة الثانية قد تكون بأن يقوم حزب الله بالسيطرة على الحكم في لبنان بتشكيل حكومة من حلفائه أو بمحاولة الانتشار العسكري تحت عنوان مساعدة سوريا على ضبط التدخلات اللبنانية في شؤونها وذلك كعملية إلهاء يسلط عليها الضوء من قبل وسائل الاعلام ويتخللها أعمال عنف وانتقام أكبر مما جرى في أيار 2008 لتحويل أنظار الرأي العام المحلي والدولي عما يدور في المدن السورية وبنفس الوقت دفع المزيد من جماعته ومن الإيرانيين إلى داخل سوريا لإعطاء الحكم هناك مهلة جديدة ومساعدته على اكمال قمعه وفرض قبضته على الساحة لأن تأثر قوى الأمن السورية بأعمال العنف ضد أهلهم وأبناء بلدهم لن يسمح لهم بممارسة هذا العنف بشكل كافي لوقف التحركات الشعبية بعد كل الدماء التي أريقت حتى الآن. ولكن هذه الخطة أيضا ليست مضمونة النتائج وقد تدفع إلى مزيد من حقد اللبنانيين على حزب الله ما يؤدي إلى فقدان تأثير هذا العنصر لاحقا.

قد يكون لدى الإيرانيين خططا أخرى جاهزة لمساعدة حليف يتداعى والمضي بمشروع السيطرة التي طالما حلم بها كل من جلس على عرش بلاد فارس، ولكن يبدو بأن الأمور لا تسير دوما كما يشتهي هؤلاء ومن هنا قد تكون مشاريع نظام أحمدي نجاد كلها مهددة وبالتالي قد تدفع به إلى خطوات لن تكون في صالحه ولا في صالح نظامه فهل أن زمن الديكتاتوريات قد ولى أم أنه سيحاول المواجهة ولو كلف ذلك الشعب الإيراني مزيدا من الشقاء؟

هل سيأخذ الجيش السوري زمام المبادرة !!؟؟/ سري القدوة


ان الجيش العربي السوري هو الجيش النظامي الرسمي العامل في الجمهورية العربية السورية يخضع لإمرة القائد العام للجيش والقوات المسلحة وهو نفسه رئيس الدولة. حالياً، القائد العام للجيش والقوات المسلحة هو الفريق بشار الأسد ينوبه وزير الدفاع .

لدى الجيش ترسانة من الصواريخ القادرة على الوصول إلى معظم المناطق المأهولة من إسرائيل المعادية لسورية منذ أمد طويل في المنطقة. في أوائل التسعينات، وصواريخ سكود- س يصل مداها إلى أكثر من 500 كيلو متر، وصواريخ سكود يصل مداها إلى أكثر من 700 كيلومتر كما يمتلك الجيش دبابات من نوع تي-80 وتي-72 وتي-64 وتي-55 ويمتلك الحرس الجمهوري دبابات من نوع تي-90 ويعد الجيش السوري أحد أقوى الجيوش العربية.

وعلي صعيد الصراع العربي الصهيوني فان الجيش العربي السوري لم يحرك ساكنا ولم تصدر له الأوامر بتحرير الجولان وكان فقط مجرد جيشا يتلقي التعليمات محافظا علي أداء النظام ومونا أساسيا لنظام البعث في سورية .

اليوم ومن الناحية العملية سقط نظام بشار الأسد وبدأ يهتز من جذوره , هذا ما أكدته المشاهد وهتافات الجماهير وسلسلة المتغيرات التي اتخذها الأسد ومنها إقالة الحكومة واستبدالها بأخرى ومن ثم الإعلان عن ضمان الحريات وممارسة الديمقراطية والإعلان عن إلغاء حالة الطوارئ , ولكن من الناحية العملية باتت هذه الإجراءات غير مقنعة للجماهير السورية ولا تعبر عن طموحاتها في التغير التي تطمح إليه , فنظام حزب البعث الأوحد الوحيد الذي أسسه حافظ الأسد واستمر نجله في الحفاظ علي مسيره أبيه تاركا حقبة استمرت أكثر من أربعون عاما من الحكم المتسلط القمعي في سوريا بات غير مقنع للجماهير السورية التي هتفت وبصوت واحد ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ..

هذه حقيقة ما جرى ان الشعب السوري هتف عاليا موحدا وأطلق صوته في عنان السماء من اجل إسقاط النظام السوري هذه حقيقة واقعية يدركها ألان الجميع وكل من يتابع تسلسل الأحداث بسوريا .

ان الواقع الذي يفرض نفسه ومع تضائل وقلة وندرة المعلومات والأخبار التي تنقلها وكالات الانباء في سوريا حيث مازال أركان النظام السوري يمنعون وسائل الاعلام من تغطية الإحداث في سوريا وان كل ما ينشر يصور بواسطة كاميرات جوال وكاميرات صغيرة ويبث علي مواقع ( youtube ( facebook ويعد تجربة إعلامية غير احترافية ومهنية حيث يمنع الإعلاميين ومراسلي وكالات الانباء والتلفزة العالمية من الدخول إلى سوريا والسماح لهم بالتنقل فبعد طرد العاملين في قناة الجزيرة وسحب ترخيص العاملين في وكالات رويترز لم تسمح السلطات الأمنية في سوريا حتى للصحافيين المحليين من ممارسة عملهم المهني وإيصال حقيقة ما يجري في وسورية إلى العالم وبالرغم من ذلك تمكن هواة من نشر أفلام ومشاهد وثائقية غالبا مدتها لا تتجاوز الخمسة دقائق ولكنها مؤلمة جدا فالقتل فاق تصور العقل البشري والتعذيب والوحشية في استخدام القوة المطلقة لقمع المحتجين لم نشهدها في ثورة مصر او تونس .

إننا اليوم نقف أمام حقيقة راسخة بان صوت الجماهير السورية انطلق عاليا وقال الشعب كلمته ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ولا تراجع عن هذا الخيار .. وان حتمية التغير في سوريا باتت مسالة وقت والتساؤل الأهم في هذا المجال , هل سيأخذ الجيش العربي السوري زمام المبادرة ويقف أمام مسؤوليته التاريخية ويحمي الشعب السوري بدلا من اللهث وراء السراب وتلقي تعليمات النظام .

ان الجيش العربي السوري حان ألان دوره العظيم والمطلوب من ابناء سوريا من ضباط وجنود وقيادات الكتائب والوحدات في الجيش العربي السوري ان يقفون بجانب شعبهم وان يرفضون التعليمات بقتل المتظاهرين , بل حمايتهم والدفاع عنهم وعن ثورتهم , فهم يطالبون بأقل شيء ممكن , يطالبون بالحرية , يطالبون بالديمقراطية , فالجماهير السورية خرجت بمسيرات سلمية ومن حق جيشها ان يحميها فهل سيأخذ الجيش العربي السوري زمام المبادرة ويكون مع الجماهير ويقف متضامنا مع الحق ضد الباطل ومع الحرية ضد الظلم ومع الديمقراطية ضد الدكتاتورية ومع الأحرار ضد القتلة .

هل سيحترم الجيش العربي السوري تاريخه ويحافظ علي مستقبله ويدافع عن حقوق شعبه بعد ان كان خاملا غير مبالي خلال حكم الأسد ولم يحرك ساكنا علي جبهة الجولان المحتل .. انه وفي اضعف الايمان نأمل ان يغير الجيش العربي السوري مواقفه لصالح الثورة السورية وصوت الأحرار والشرفاء ويكون مع ثورة الشباب السوري من اجل التغير وحمايتهم من القمع والقتل والبلطجة وان يحفظ لسوريا دورها ورياديتها التاريخية ..

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين