الأسرى ينتصرون لأنفسهم/ د. مصطفى يوسف اللداوي

هل قرر الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون خوض معركتهم مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحدهم، بعد الإضراب الأكبر عن الطعام الذي خاضه منفرداً الأسير عدنان خضر، فنجح بمعدته الخاوية وأمعائه وأحشائه التي التصقت ببعضها جراء الإضراب الأطول عن الطعام، في قهر السجان الإسرائيلي وإجباره على الاستجابة لمطالبه والنزول عند شروطه وتحديد موعدٍ للإفراج عنه وإطلاق سراحه، والامتناع عن التجديد الإداري له مرةً أخرى، ليثبت أن الأسير الفلسطيني بإيمانه أقوى من سجانه، وأكثر عزماً منه، وأعظم منه إرادةً وثقةً ويقيناً، وأنه لا يبالي بالحياة في سبيل العزة والكرامة التي يهون دونها أي ثمن، وتتضاءل أمامها أي تضحية.

فهل نترك أسرانا ومعتقلينا وحدهم في سجونهم ومعتقلاتهم يخوضون معركتهم بأنفسهم في مواجهة أعتى سجان، وأبشع احتلال وأسوأ إدارة، ونتخلى عنهم وهم الذين دخلوا السجون والمعتقلات بسببنا ودفاعاً عنا، ونصرةً لقضايانا، وغيرةً علينا، من أجل استعادة حقوقنا وتحرير أرضنا، وعودة أهلنا، ومن أجل أن يكون لنا دولة ووطن وعلم، وحتى نعيش على أرضنا بحريةٍ واستقلالٍ كغيرنا من الشعوب، ونحرر أرضنا ونبني وطننا ونطهر مقدساتنا، فتخلوا سعداء عن كل متع الدنيا ونعيم الحياة، وحرموا من الوالدة والولد، ومن الزوجة والأهل، ومن الصحبة والجيرة، وتخلوا عن المدرسة والجامعة، وعن الشهادة والوظيفة، ليبحثوا لشعبهم عن سبل الحرية والعزة والكرامة، فضحوا بأنفسهم وبأجمل أيام عمرهم ليحققوا الأهداف ويصلوا إلى الغايات، غير مبالين بسجنٍ وسجان، وقيدٍ وجدران وأسلاك، وزنازين وعنابر وأقسام.

لا يقدم الأسرى والمعتقلون على خوض إضرابٍ عن الطعام، والتخلي عن متعته وحاجته، وهي الغريزة الأهم والحاجة الأكبر للإنسان، وهم يعلمون أنهم قد يفقدون حياتهم في هذه المعركة، وقد يخسرون صحتهم وعافيتهم، وقد يتسبب لهم الإضراب في أمراضٍ خطيرة ومعاناةٍ كبيرة مدى العمر، ولكنهم عندما لا يجدون سبيلاً لحريتهم، وطريقاً لتحسين ظروفهم، وإجبار السجان على احترام حقوقهم وعدم التغول عليهم، إلا التضحية بمتعة الطعام وهي ذاتها غريزة الحياة وحب البقاء، فإنهم يبدون ترحيبهم واستعدادهم لخوض المعركة، وتحدي السجان، وقد كانت لهم تجارب كثيرة، حققوا فيها إنجازاتٍ ومكاسب، ولكنهم قدموا فيها شهداء كبار ما زلنا نذكر أسماءهم ونحفظ سيرهم، ولا ننسى ذكرى استشهادهم وأهداف إضرابهم.

ويكون إصرارهم أكبر على خوض معركة الإضراب عن الطعام عندما لا يجدون فرصةً أخرى ممكنة لتحقيق أهدافهم، وحماية حقوقهم، وتحصين ذاتهم، وتضع حداً لاعتداءات إدارة السجون عليهم، وتقربهم من الحرية، وتعيد لهم الأمل بالعودة إلى بيوتهم، ومزاولة حياتهم، فلعل اليأس قد تسرب إلى نفوسهم، وتمكن من قلوبهم إذ انشغلت عنهم قيادتهم في مشاكلها، وانغمست في همومها، وابتعدت عن قضيتهم ولم تعد توليها الاهتمام الكافي أو المطلوب، وأصبح لها أولوياتٍ أخرى، ومصالح أهم، وقد جرفتها الأحداث بعيداً، فأنستها أن في السجون رجالٌ وأخوات، يستحقون منها كل تضحية، إذ هم السبب في تقدمهم، وهم الذين منحوهم هذه المكانة المرموقة، وجعلوهم في هذه المناصب العلية، وأعطوهم رفعة ومنزلة وتقديراً واحتراماً وتبجيلاً، وترحيباً ما كانوا ليبلغوه بذلاقة لسان، ولا بحسن هندام، ولا بكثرة حراس ووفرة مريدين، وإنما هي ثمرات تضحيات الأسرى ومعاناة السجناء والمعتقلين.

إنه إضرابٌ بيانٌ وتحذيرٌ واضحٌ للعيان، وإنذارٌ شديد اللهجة بَيِّنُ المقاصد والغايات، وتنبيهٌ للسادرين والنائمين، وصرخةٌ مدوية في وجه القادة والمسؤولين، السياسيين والعسكريين والأمنيين، والعامة والخاصة، وأصحاب الرأي والشأن، حكومةً وفصائل، شرطةً ومقاومة، أجهزة أمنية وسرايا عسكرية، أن الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وهم آلافٌ، يتوزعون في كل أرجاء الوطن، وينتشرون في كل ربوعه ومناطقه، يتطلعون لأن تهتموا بقضيتهم، وتتفرغوا لمشكلتهم، وتنتصروا لهم، وتضحوا من أجلهم، فلا تتركوهم وحدهم نهباً للاحتلال، ولقمةً سائغة للسجان، وهو الذي يريد أن يجعل من سجونهم قبوراً، ومن زنازينهم مدافن لهم، ينهي بها حياتهم، ويقضي بها على مستقبلهم، ويوهن عزائمهم، ويضعف إرادتهم، ويكسر شوكة صمودهم، ويملأ قلوبهم باليأس والقنوط، ولكن الأسرى في قيودهم يثبتون أنهم الأقوى، وفي زنازينهم يثبتون أنهم الأكثر حرية، والأقدر على الفعل والعطاء، وأن القيود التي تنغرس في معاصمهم لا تقوى على تقييد إرادتهم، والجدران التي تبنى حولهم لا تستطيع أن تحد من يقينهم، والأسوار التي تحيط بسجونهم لا تمنعهم من تجاوزها بقلوبهم وبصائرهم، ولن يتمكن السجان من قهرهم وسلبهم الأمل واليقين والثقة في المستقبل.

إن الأسرى والمعتقلين يدعوننا لأن نقف معهم وأن نؤازرهم وألا نتخلى عنهم، وأن نثبت لهم أنهم القضية الأهم في حياتنا، وأنه لا يوجد أولوية تنافس قضيتهم، ولا مسألة تفوقهم أهمية، ولا يوجد ما يشغلنا عنهم، ولا ما يمنعنا عن الاهتمام بهم والسعي لتحريرهم وإطلاق سراحهم، وأننا لن نتركهم يخوضوا وحدهم المعركة مع سلطات الاحتلال، فإن كانوا قد ضحوا بالنيابة عنا جميعاً، فقد آن الأوان لأن نضحي من أجلهم، إذ كيف تطيب لنا الحياة وهم أسرى في السجون، بعيدين عن أطفالهم، ومحرومين من نسائهم، يتمنون أن يقبلوا أيدي أمهاتهم فلا يستطيعون، وأن يلتمسوا منهن البركة والدعوة الصادقة الصالحة فلا يقدرون، ويتطلعون لأن يجتمعوا بأحبتهم ويلتقوا بأسرهم فلا يستطيعون.

إنها فرصتنا لأن نقابل فضل الأسرى علينا بتضحيةٍ منا، وبجهدٍ صادقٍ نبذله من أجلهم، فنبذل في سبيلهم جهوداً حقيقية، لا تقتصر على متابعة إضراباتهم، ونقل حقيقة معاناتهم، ورفع صورهم والتصريح باسمهم، ولا نكتفي بالبكاء من أجلهم والحزن على حالهم وتمني الحرية لهم، وإنما علينا أن نضحي مثلهم، وأن نبتدع الوسائل والسبل الممكنة لتحريرهم، وألا نتركهم وحدهم، ولا نشعرهم باليأس من شعبهم، وليس أبلغ وأقوى من المقاومة لتخليصهم من سجونهم، وتحريرهم من قيدهم، فهل من سبيلٍ لمقاومةٍ تأسر، وعملٍ عسكري يوجع ويؤلم، وعمليات اختطافٍ نوعية، تقود إلى تبادلٍ كريم، يرسم البسمة على شفاهنا، ويدخل المسرة إلى قلوبنا بعودة أبطالنا وحرية رجالنا.

هل جيفارا شهيدُ الإنسانيّةِ وقضايا الظّلم!/ آمال عوّاد رضوان

تخرّجَ بشهادةِ طبٍّ عام 1953، جعلت ارتباطَهُ وطيدًا بطبقةِ الفقراءِ والمظلومينَ والمنبوذينَ والمرضى المحرومين بسببِ التّفاوتِ الاجتماعيّ، بعدما تأثّرَ بمشاهدِ بؤسِ الفلاّحينَ الهنود، واستغلالِ عمّالِ المناجمِ الأمريكيّةِ في تشيلي فكتبً:

"أؤمنُ بأنّ النّضالَ هو الحلُّ الوحيدُ لأولئكَ النّاسِ الّذينَ يُقاتلونَ لتحريرِ أنفسِهم، والثّورةُ قويّةٌ كالفولاذِ، حمراءُ كالجمرِ، باقيةٌ كالسّنديانِ، عميقةٌ كحُبِّنا الوحشيِّ للوطن"!

إنّهُ أرنستو تشي جيفارا الكوبي الثّوريّ ، الّذي تزوّجَ عام 1955 مِنَ المناضلةِ هيلدا أكوستا وأنجبَ طفلةً، وحينَ سافرَ للمكسيكِ التقى بفيدل كاسترو، وإيمانًا منهُ أنّ "الإمبرياليّةَ نظامٌ عالميٌّ ومرحلةٌ أخيرةٌ مِنَ الاستعمار، يجبُ أن تُهزَمَ بمواجهةٍ عالميّة"، انضمَّ للثّورةِ الكوبيّةِ كطبيبٍ في البعثةِ، الّتي ستحرّرُ كوبا مِن دكتاتوريّة باتيستا.

لماذا، وهو أرجنتينيُّ المولد؟

"لا يهمُّني متى وأين سأموتُ، ولا أعرفُ حدودًا، فالعالمُ بأسْرِهِ وطني، وإنّ الطريقَ مُظلمٌ وحالكٌ، فإذا لم تحترقْ أنتَ وأنا فمَن سينيرُ الطّريق؟ إمّا أن ينتصرَ أو يموت، وكثيرونَ سقطوا في طريقِ النّصرِ الطّويل، والثّوّارُ يملؤونَ العالمَ ضجيجًا كي لا ينامَ العالمُ بثِقلِهِ على أجسادِ الفقراء، ولن يكونَ لدينا ما نحيا مِن أجلِهِ، إنْ لم نكنْ على استعدادٍ أن نموتَ مِن أجلِهِ".

دخلَ جيفارا كوبا مع ثمانينَ ثوريًّا كوبيًّاعلى ظهر زورق، ومارسوا حربَ العصاباتِ مِن عام 1956- 1965، بقيَ منهم عشرةُ ثوّارٍ فقط، وبرزَ جيفارا كقائدٍ شرسٍ برتبةِ عقيدٍ وليسَ مجرّد طبيب، بسبب إقدامِهِ وسرعةِ بديهتِهِ في الأزمات، وفي عام 1959 طلّقَ زوجتَهُ الأولى، وتزوّجَ إليدا مارش وأنجب منها 4 أبناء، وصدرَ قانونٌ كوبيٌّ أعطاهُ حقَّ الجنسيّةِ والمواطنةِ الكاملة، ومِن ثمّ تولّى منصبَ رئيسَ المصرفِ الوطنيّ عام 1959، ووزارةِ الصّناعةِ عام 1965، ومناصبَ أخرى تصدّى مِن خلالِها لتدخّلاتِ الولاياتِ المتّحدة، وفي عام 1965 اختفى مِن كوبا، بعدما تركَ رسالةً لكاسترو مفادها:

"أشعرُ أنّي أتممتُ ما لديَّ مِن واجباتٍ تربطُني بالثّورةِ الكوبيّةِ على أرضِها، لهذا أستودعُكَ وأستودعُ الرّفاقَ، وأستودعُ شعبَكَ الّذي أصبحَ شعبي، وأتقدّمُ رسميًّا باستقالتي مِن قيادةِ الحزبِ ومِن منصبي كوزير، ومِن رتبةِ القائدِ ومِن جنسيّتي الكوبيّة، فلم يَعُدْ يربطُني شيءٌ قانونيٌّ بكوبا".

ما الّذي استدعى قرارَ جيفارا الفجائيّ؟

جاءَ ردُّهُ ناقدًا لاذعًا للحُكّام ولمسيرةِ الثّورةِ لاحقًا:

"إنَّ الثّورةَ تتجمّدُ، وإنّ الثّوّارَ ينتابُهم الصّقيعُ حينَ يجلسونَ فوقَ الكراسي، وأنا لا أستطيعُ أن أعيشَ ودماءُ الثّورةِ مُجمّدةٌ داخلي"!

هل يُطالبُ بمزيدٍ مِن الثّوريّةِ والدّمويّةِ؟

إنّما رفضَ فكرةَ مَن حاولَ التّسلّقَ على أكتافِ الآخرينَ والمُجاهدينَ في اتّحادِ الجمهوريّاتِ السّوفييتيّةِ وكوبا، أو الاعتمادَ المتزايدَ على الاتّحادِ السّوفيتيّ، لذا قرّرَ الانسحابَ!

ما الّذي يدفعُ جيفارا للبحثِ عن قضيّةٍ ثوريّةٍ عالميّةٍ أخرى؟

"إنّني أحسُّ على وجهي بألمِ كلِّ صفعةٍ تُوجَّهُ إلى مظلومٍ في هذهِ الدّنيا، فأينما وُجِدَ الظّلمُ فذاكَ هو وطني!"

لكن؛ وإنْ كنتَ أمميًّا، فمَن نصّبَكَ وصيًّا على المظلومين، ومُحرّرًا لهم بحربِ العصاباتِ؟

"أنا لستُ مُحرّرًا، والمُحرِّرونَ لا وجودَ لهم، فالشّعوبُ وحدَها هي مَن تُحرّرُ نفسَها".

الثّائرُ جيفارا توخّى حربَ العصاباتِ عاملاً مساعِدًا للثّورةِ مِن أجلِ حياةٍ تستحقُّ العيش، لذا توجّهَ إلى الكونغو، وواجهتْ فكرتُهُ ومساعيهِ لحربِ العصاباتِ مصاعبَ كثيرةً لدى بعضِ القادة، ومنها إلى إفريقيا قادَ 125 كوبيًّا لمساندةِ الثّوراتِ التّحرّريّة، وانتهى في مستشفى للنّقاهةِ في براغ!

كاسترو الّذي احتفظَ بجميعِ رسائلِ جيفارا التّوثيقيّةِ عن نشاطِهِ العسكريّ، زارَهُ لينهاهُ عن حُلمِهِ الثّوريّ ويرجوهُ بالعودة، لكنّهُ رفضَ العرْضَ وبقيَ في زائير مُحارِبًا بجانبِ قائدِ ثورةِ الكونغو، ثمّ في بوفيليا لثورةٍ جديدة!

كتبَ جيفارا يوميّاتِ المعركة، وتعرّضَ لمطاردةٍ شرسةٍ كونه قائد الثّوّار، فقسّمَ جنودَهُ الأربعين المُتبقّين في الأدغال بينَ الهزالِ والجوعِ والعزلةِ والمطاردة، وإذا بوحدةٍ مكوّنةٍ مِن 1500 مِن قوّاتِ الجيش البوليفي تباغتُهُ في هجومِها على مجموعتِهِ في وادٍ صخريٍّ وعر، واستمرّ القتالُ ستَّ ساعاتِ إلى أن وقعَ في الأسرِ حيًّا، بعدما ماتَ جميعُ أفرادِ مجموعتِه ال 16 فردًا!

بتاريخ 9-11-1967 ، نُفّذَ فيه حكمُ الإعدامِ في ساحةِ المدرسة، مِن قِبلِ الجيشِ البوليفيّ ووكالةِ المخابراتِ الأمريكيّة، بإطلاقِ النّارِ عليهِ في منطقةِ الخصر وما دون بعيدًا عن منطقةِ القلبِ والرّأس، كي تطولَ فترةُ احتضارِهِ ومعاناتِهِ، ثمّ بُترتْ يداهُ للتّعرّفِ على بصماتِهِ، ودُفنَ في مكانٍ مجهولٍ كي لا يكونَ مزارًا للثّوّار. لكن؛

ظهرتْ مذكّراتُهُ ويوميّاتُهُ للنّور، لتُحدثَ بلبلةً عنيفةً، سمّيتْ "أزمةُ كلمات جيفارا"، وعام 1997 كُشِفَ النّقابُ عن جثمانِهِ وأعيدَ إلى كوبا، ليَدفنَهُ الرّئيسُ الكوبيُّ السّابق كاسترو بصفةٍ رسميّة!

تركَ جيفارا في رصيدِهِ الأدبيّ الّذي خلّدَهُ: حرب العصابات، ذكريات الحرب الثّوريّة الكوبيّة 1968، الإنسان والاشتراكيّة في كوبا 1967، الأسفارُ تُكوّنُ الشّباب والوعي، مـانسيت!

شهيدُ الإنسانيّةِ وقضايا الظّلمِ جيفارا لم تخبُ ذكراهُ التّمرّديّة، لأنّهُ أسطورةُ بطولةِ أحلامِ الملايين مِن المظلومين، وقد استشرفَ بتحذيراتِهِ مخاوفَهُ المتوقّعةَ مِن مشكلةِ انهيارِ كوبا لاحقًا، وعجزِها عن إطعامِ شعبِها، إن لم تسْعَ إلى تنويعِ الزّراعةِ، والتّوسّعِ في محصولِ قصبِ السّكّر الّذي تتبادلُهُ مقابلَ البترول السّوفييتيّ، وإن هرولتْ وراءَ النّموذجِ الصّناعيّ والإنتاجِ والتّنافسِ في السّوق العالميّ!

لقد آمنَ جيفارا بالإنتاجِ الكوبيّ المَحلّيّ الّذي يحتاجُهُ شعبُها، مع مراعاةِ المحاولاتِ المجتمعيّةِ الّتي تخلقُ مجتمعًا أكثرَ إنسانيّة، ورفضَ معيارَ الكفاءةِ والإنتاجِ مِن أجل السّوقِ العالميّ، الّذي يسعى إلى خلْقِ مجتمعٍ مادّيّ!

وأخيرًا ..

أين بلادنا من هذا الإيمان الجيفاري والرّؤية الجيفارية؟ وهل هناك مَن يتّعِظ؟

سامحكم الله أيها النواب/ حسن سعد حسن

إلى الاّن يتصرف الكثير من نواب البرلمان ( مع تقدير نا لهم جميعاً ) بصورة تدعو للحزن ،والألم وكأنهم يصرون كل الإصرار على عدم تحمل المسئولية التى من أجلها رشحهم الشعب ليتحملوها ويكون البرلمان وبحق برلمان الثورة .
إلى الأن يتصرف الكثير من نواب البرلمان ،وكأنهم فى وادى والشارع المصرى فى وادى اّخر.
منذ ساعات خرج علينا أحد النواب ( الموقرين يطالب بإلغاء تدريس اللغة الأجنبية فى المدارس !
كيف لنائب أن يطالب بذلك ونحن فى عصر من المفروض أن نكون على قدر التعامل معه من خلال تعلم اللغات المختلفة ووسائل التكنولوجيا الحديثة ؟!
وهل تم حل مشكلات التعليم فى مصر(يا سيادة النائب الموقر ) التى أعتقد أن السيد النائب الموقر لا يعلمها ولا يعلم حجمها ؟!
كان الأجدر والأولى أن تطالب بالقضاء على نظام الفترتين المنتشر فى بعض المناطق ؟
أو القضاء على مشكلة تكدس الفصول
أو تطالب بتوفير الأثاث للمدارس فى المناطق النائية.
هل يعلم السيد النائب الموقر أن هناك من أبناء مصر من يخرجون من قراهم إلى قرى اّخرى ليتعلموا لعدم وجود المدارس بقراهم ؟
هل يعلم السيد النائب أن هناك مدارس بحمامات لا تصلح للإستخدام( الحيوانى )وليس الأدمى.
سيدى النائب الموقر عليك أن تراجع موضوعاتك قبل الحديث عليك أن تتحدث فى ما يمس حياة المواطن.
أين رغيف الخبز الصالح للأكل الخالى من الحشرات الزاحفة والطائرة ومشتقات المعادن ؟
أين حلولك لمشكلات البطالة ؟
ماذا قدمت من مقترحات لرفع مستوى الرعاية الصحية ؟
اين إنبوبة البوتجاز ،وغيره من احتياجا ت المواطن .
القائمة عامرة بالاحتياجات التى يصارع المواطن يومياً للحصول عليها وربما يلقى حتفه فى مرة من المرات، وهو يحاول الحصول عليها.

سا محكم الله أيها النواب
ولله الأمر من قبل ومن بعد

شربل نحاس ضحية المكان والزمان/ بطرس عنداري

‮ ‬كانت‮ ‬استقالة‮ ‬الوزير‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬من‮ ‬اغرب‮ ‬الاستقالات‮ ‬في‮ ‬التاريخ‮ ‬السياسي‮. ‬تمسك‮ ‬الرجل‮ ‬باحكام‮ ‬مجلس‮ ‬شورى‮ ‬الدولة‮ ‬الذي‮ ‬وافق‮ ‬بالاجماع‮ ‬على‮ ‬مشروع‮ ‬الوزير‮ ‬مع‮ ‬طلب‮ ‬بعض‮ ‬التعديلات،‮ ‬ولكن‮ ‬اكثرية‮ ‬الوزراء‮ ‬صوتوا‮ ‬ضد‮ ‬مشروع‮ ‬نحاس‮ ‬وطالبوه‮ ‬بتوقيع‮ ‬القانون‮ ‬او‮ ‬الاستقالة‮. ‬واصبح‮ ‬الوزير‮ ‬امام‮ ‬خيار‮ ‬التوقيع‮ ‬على‮ ‬قانون‮ ‬لا‮ ‬يرضي‮ ‬ضميره‮ ‬او‮ ‬قناعاته‮ ‬يدعمه‮ ‬مجلس‮ ‬شورى‮ ‬الدولة،‮ ‬ورفض‮ ‬التوقيع‮ ‬الذي‮ ‬شلّ‮ ‬الحكومة‮ ‬وعلّق‮ ‬الرئيس‮ ‬ميقاتي‮ ‬جلساتها‮ ‬غير‮ ‬آبه‮ ‬بنتائج‮ ‬قراره‮ ‬وكأنه‮ ‬يريد‮ ‬اسقاط‮ ‬حكومته‮ ‬ليبقى‮ ‬في‮ ‬منصب‮ ‬تصريف‮ ‬الاعمال‮ ‬حتى‮ ‬الانتخابات‮ ‬القادمة‮ ‬بعد‮ ٥١ ‬شهراً‮.‬
وبما‮ ‬ان‮ ‬إسقاط‮ ‬الحكومة‮ ‬يعتبر‮ ‬كارثة‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬المرحلة‮ ‬الساخنة‮ ‬اقليمياً‮ ‬ويخشى‮ ‬من‮ ‬ان‮ ‬يتسلم‮ ‬زمام‮ ‬الامور‮ ‬الفريق‮ ‬الداعم‮ ‬لإشعال‮ ‬حروب‮ ‬أهلية‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮ ‬والذي‮ ‬كشف‮ ‬عن‮ ‬وجهه‮ ‬علناً‮ ‬في‮ ‬مؤتمر‮ »‬اصدقاء‮ ‬سوريا‮« ‬التونسي،‮ ‬رأى‮ ‬الوزير‮ ‬نحاس‮ ‬ان‮ ‬ابتعاده‮ ‬عن‮ ‬الوزارة‮ ‬طوعاً‮ ‬وقناعة‮ ‬يرضي‮ ‬ضميره‮ ‬ويبقي‮ ‬الوضع‮ ‬الحكومي‮ ‬والامني‮ ‬تحت‮ ‬السيطرة‮ ‬المرجوة‮.‬
وبعد‮ ‬ان‮ ‬كان‮ ‬فريق‮ »‬فتح‮ ‬الاسلام‮« ‬يعتبر‮ ‬نحاس‮ ‬والفريق‮ ‬الذي‮ ‬انتمى‮ ‬له‮ ‬مجموعة‮ ‬مشاغبين‮ ‬ومعطّلين،‮ ‬تحولوا‮ ‬بعد‮ ‬تقديم‮ ‬الاستقالة‮ ‬الى‮ ‬مجموعة‮ » ‬تشفّي‮« ‬متهمة‮ ‬الجنرال‮ ‬انه‮ ‬تخلى‮ ‬عن‮ ‬أقرب‮ ‬المقربين‮ ‬اليه‮ ‬والذي‮ ‬كان‮ ‬أحد‮ ‬أبرز‮ ‬مستشاريه‮ ‬طوال‮ ‬سنوات‮ ‬على‮ ‬حد‮ ‬أقوالهم‮.‬
ذكرت‮ ‬النشرات‮ ‬الاخبارية‮ ‬ان‮ ‬احدى‮ ‬السيدات‮ ‬في‮ ‬كسروان‮ ‬رفعت‮ ‬يافطة‮ ‬امام‮ ‬منزلها‮ ‬كتب‮ ‬عليها‮: »‬ان‮ ‬حكومة‮ ‬تقبل‮ ‬استقالة‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬لا‮ ‬مستقبل‮ ‬لها‮«... ‬ولكن‮ ‬الاستقالة‮ ‬تم‮ ‬قبولها‮ ‬بعد‮ ‬ان‮ ‬طُوِّق‮ ‬الرجل‮ ‬داخلياً‮ ‬وإقليمياً‮ ‬الى‮ ‬حد‮ ‬ان‮ ‬قوى‮ ‬دولية‮ ‬تحركت‮ ‬بهدف‮ ‬إحراجه‮ ‬لإخراجه‮.‬
لم‮ ‬يقدر‮ ‬أحد‮ ‬ان‮ ‬يحرج‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬لانه‮ ‬رجل‮ ‬معرفة‮ ‬وقانون‮ ‬ومبادىء‮. ‬وبعد‮ ‬ان‮ ‬تحول‮ ‬الى‮ ‬هدف‮ ‬لإسقاط‮ ‬الحكومة‮ ‬بسبب‮ ‬تمسكه‮ ‬بدستورية‮ ‬القوانين‮ ‬من‮ ‬اجل‮ ‬الوصول‮ ‬الى‮ ‬الفراغ‮ ‬والعودة‮ ‬الى‮ ‬الاشهر‮ ‬الاولى‮ ‬الستة‮ ‬بعد‮ ‬تكليف‮ ‬الرئيس‮ ‬ميقاتي،‮ ‬تأكد‮ ‬انه‮ ‬في‮ ‬الزمان‮ ‬الخطأ‮ ‬وفي‮ ‬المكان‮ ‬الذي‮ ‬ضاق‮ ‬دائماً‮ ‬بأمثاله‮.‬
اشترطوا‮ ‬عدم‮ ‬بقائه‮ ‬في‮ ‬وزارة‮ ‬الاتصالات‮ ‬بعد‮ ‬ان‮ ‬أحدث‮ ‬ثورة‮ ‬بداخلها‮ ‬وفضح‮ ‬المتسلّطين‮. ‬وحتى‮ ‬لا‮ ‬يتهم‮ ‬بعرقلة‮ ‬تشكيل‮ ‬الحكومة‮ ‬وافق‮ ‬على‮ ‬حقيبة‮ ‬العمل‮ ‬التي‮ ‬يعتبرها‮ ‬الجميع‮ ‬ثانوية‮ ‬لا‮ ‬أهمية‮ ‬لها‮. ‬وعندما‮ ‬تسلمها‮ ‬فتح‮ ‬ملفات‮ ‬حقوق‮ ‬العمال‮ ‬ليجد‮ ‬فضائح‮ ‬إنسانية‮ ‬وأساليب‮ ‬استغلال‮ ‬وتحايل‮ ‬ضد‮ ‬الكادحين،‮ ‬فعمل‮ ‬على‮ ‬اصدار‮ ‬قوانين‮ ‬ومراسيم‮ ‬تُرجع‮ ‬للعمال‮ ‬بعض‮ ‬حقوقهم،‮ ‬الى‮ ‬ان‮ ‬كانت‮ ‬فضيحة‮ ‬دفع‮ ‬بدل‮ ‬تنقل‮ ‬العمال‮ ‬الى‮ ‬اعمالهم‮ ‬ليتقاضاها‮ ‬هؤلاء‮ ‬خارج‮ ‬قيمة‮ ‬الراتب‮ ‬المحدد،‮ ‬وهذا‮ ‬ما‮ ‬يحرم‮ ‬العمال‮ ‬من‮ ‬ثلاثين‮ ‬بالمئة‮ ‬من‮ ‬قيمة‮ ‬تعويضاتهم‮ ‬عند‮ ‬انتهاء‮ ‬فترات‮ ‬عملهم‮.‬
واجه‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬الصدمة‮ ‬الأولى‮ ‬ممن‮ ‬ظنّهم‮ ‬السدّ‮ ‬المنيع‮ ‬بوجه‮ ‬المتطاولين‮ ‬على‮ ‬حقوق‮ ‬العمال،‮ ‬اي‮ ‬الاتحاد‮ ‬العمالي‮ ‬العام،‮ ‬الذي‮ ‬تواطأ‮ ‬مع‮ ‬جشع‮ ‬أرباب‮ ‬العمل‮ ‬بكل‮ ‬وقاحة،‮ ‬والاسباب‮ ‬ذكرها‮ ‬الوزير‮ ‬بوضوح‮ ‬وتتعلق‮ ‬بالصفقات‮ ‬والمصالح‮ ‬الخاصة‮.‬
‮ ‬وقبل‮ ‬ان‮ ‬يغادر‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬مكتبه‮ ‬للمرة‮ ‬الأخيرة‮ ‬نصّ‮ ‬ووقّع‮ ‬عدة‮ ‬مراسيم‮ ‬هامة‮ ‬وتاريخية،‮ ‬أبرزها‮ ‬مرسوم‮ ‬تنظيم‮ ‬عمل‮ ‬الفلسطينيين‮ ‬في‮ ‬لبنان‮ ‬الذي‮ ‬يسمح‮ ‬لهم‮ ‬بالعمل‮ ‬في‮ ‬قطاعات‮ ‬محددة‮ ‬وعديدة‮ ‬بعد‮ ‬ان‮ ‬مُنعوا‮ ‬من‮ ‬ذلك‮ ‬طوال‮ ٤٦ ‬عاماً‮ ‬حيث‮ ‬يسمح‮ ‬لمئات‮ ‬الألوف‮ ‬من‮ ‬العمال‮ ‬السوريين‮ ‬والمصربيين‮ ‬والسودانيين‮ ‬والسيريلنكيين‮ ‬والفيليبينيين‮ ‬وغيرهم‮ ‬بالعمل‮ ‬ويحرّم‮ ‬على‮ ‬الفلسطينيين‮. ‬كذلك‮ ‬أصدر‮ ‬عدة‮ ‬مراسيم‮ ‬أخرى‮ ‬لتنظيم‮ ‬وقوننة‮ ‬نقابات‮ ‬العاملين‮ ‬في‮ ‬قطاع‮ ‬الإعلام‮ ‬المرئي‮ ‬والمسموع‮ ‬بعد‮ ‬انتظار‮ ‬طال‮ ‬سنوات‮ ‬حيث‮ ‬كانوا‮ ‬عرضة‮ ‬لأمزجة‮ ‬أرباب‮ ‬العمل‮ ‬وأهوائهم‮. ‬وهناك‮ ‬مراسيم‮ ‬أخرى‮ ‬سيلتزم‮ ‬بها‮ ‬الوزير‮ ‬الجديد‮ ‬سليم‮ ‬جريصاتي‮ ‬دون‮ ‬شك‮ ‬بناء‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬عرف‮ ‬عنه‮ ‬من‮ ‬علم‮ ‬ونزاهة‮.‬
قيل‮ ‬وكتب‮ ‬الكثير‮ ‬عن‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬وتم‮ ‬كشف‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬سيرته‮ ‬ونشاطه‮ ‬السابق‮. ‬احد‮ ‬خبراء‮ ‬الاقتصاد‮ ‬قال‮ ‬بعد‮ ‬تشيكل‮ ‬الحكومة‮ ‬الحالية‮ ‬انها‮ ‬لخسارة‮ ‬كبيرة‮ ‬ان‮ ‬لا‮ ‬تسند‮ ‬وزارة‮ ‬المالية‮ ‬الى‮ ‬رجل‮ ‬مثل‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬وهي‮ ‬قليلة‮ ‬على‮ ‬مؤهلاته‮... ‬وعاد‮ ‬المعلق‮ ‬نفسه‮ ‬بعد‮ ‬استقالة‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬ليشبّه‮ ‬استقالته‮ ‬باستقالة‮ ‬شارل‮ ‬ديغول‮ ‬عام‮ ٩٦٩١ ‬ووصفه‮ ‬بشجرة‮ ‬الحور‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تنحني‮ ‬ولا‮ ‬يتوقف‮ ‬صعودها‮ ‬الشامخ‮.‬
وظهرت‮ ‬حقائق‮ ‬كثيرة‮ ‬عن‮ ‬سيرة‮ ‬الرجل‮ ‬الهادىء‮ ‬كأستاذ‮ ‬جامعي‮ ‬وخريج‮ ‬معهد‮ ‬البوليتكنيك‮ ‬الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬يعتبر‮ ‬أهم‮ ‬معهد‮ ‬دولي‮ ‬للعلوم‮ ‬السياسية‮ ‬والادارية،‮ ‬وكخبير‮ ‬اقتصادي‮ ‬مشرف‮ ‬على‮ ‬عملية‮ ‬إعادة‮ ‬إعمار‮ ‬بيروت‮ ‬حيث‮ ‬استقال‮ ‬بعد‮ ‬فترة‮ ‬وجيزة‮ ‬واصفاً‮ ‬ما‮ ‬حوله‮ ‬بمغارة‮ ‬علي‮ ‬بابا‮ ‬ورافضاً‮ ‬الاغراءات‮ ‬المادية‮.‬
‮ ‬ويقال‮ ‬ان‮ ‬نحاس‮ ‬كان‮ ‬أول‮ ‬من‮ ‬اكتشف‮ ‬ان‮ ‬الحكومات‮ ‬اللبنانية‮ ‬المتعاقبة‮ ‬منذ‮ ٣٩٩١ ‬تصرف‮ ‬أموال‮ ‬الخزينة‮ ‬دون‮ ‬كشف‮ ‬حساب‮ ‬أو‮ ‬محاسبة‮ ‬مما‮ ‬أدى‮ ‬الى‮ ‬فضيحة‮ ‬كبرى‮ ‬حالياً‮ ‬معروفة‮ ‬بفضيحة‮ ‬الاحد‮ ‬عشر‮ ‬مليار‮ ‬دولار‮.‬
ان‮ ‬خيبة‮ ‬شربل‮ ‬نحاس‮ ‬لم‮ ‬تكن‮ ‬الأولى‮ ‬وربما‮ ‬لن‮ ‬تكون‮ ‬الاخيرة‮. ‬فهو‮ ‬يدري‮ ‬انه‮ ‬في‮ ‬المكان‮ ‬الخطأ‮ ‬وفي‮ ‬الزمن‮ ‬الرديء‮. ‬ولكنه‮ ‬لن‮ ‬يذهب‮ ‬الى‮ ‬باريس‮ ‬للتدريس‮ ‬الجامعي‮ ‬والعمل‮ ‬كما‮ ‬يتمنى‮ ‬عليه‮ ‬بعض‮ ‬الاصدقاء،‮ ‬لانه‮ ‬يعتبر‮ ‬ان‮ ‬اصحاب‮ ‬الضمائر‮ ‬والكفاءات‮ ‬في‮ ‬لبنان‮ ‬تعلّموا‮ ‬منه‮ ‬الكثير‮ ‬وهم‮ ‬بحاجة‮ ‬اليه‮. ‬وقد‮ ‬غيّر‮ ‬أخصامه‮ ‬أساليب‮ ‬التحامل‮ ‬عليه‮ ‬من‮ ‬مشاكس‮ ‬ومتعنت‮ ‬الى‮ ‬ضحية‮ ‬مغدرور‮ ‬به‮ ‬الى‮ ‬القول‮ ‬انه‮ ‬ماركسي‮ ‬وشيوعي‮ ‬سابقاً‮ ‬وحاضراً‮. ‬ولكنه‮ ‬لم‮ ‬يرد‮ ‬مكتفياً‮ ‬بالقول‮ ‬ان‮ ‬مهاجميه‮ ‬يعيشون‮ ‬من‮ ‬ثمن‮ ‬مقالاتهم‮ ‬ضدّه‮.‬

مؤسسات القدس أزمات داخلية وعلامات استفهام كبيرة/ راسم عبيدات

الحلقة الأولى

........ يبدو أن مؤسسات القدس الكبرى ( مستشفى المقاصد الخيرية،مجلس الإسكان،المسرح الوطني،وشركة كهرباء القدس،تعيش أوضاعاً داخلية غير سوية وأزمات داخلية عميقة،قد يؤدي تطورها وتفاقمها الى عواقب وخيمة لا تحمد عقباها،قد تصل الى حد إغلاق المؤسسة أو انهيارها،إذا لم تجري لها معالجات جادة وحقيقية،تضع اليد على الجرح وتوقف حالة النزف والاستنزاف،وتضع النقاط على الحروف،وكما هو واضح من المعلومات والمواد المتوفرة،فإن تلك المؤسسات إذا ما استثنينا شركه الكهرباء،والتي تعصف بها أزمة من نوع آخر،هي بتكثيف وإيجاز شديد خطر السيطرة الإسرائيلية على امتيازها نتيجة الديون المتراكمة عليها بسبب السرقات الكبيرة والواسعة للتيار الكهربائي،وتنامي وتصاعد ظاهرة البلطجة والاعتداء على موظفيها ومكاتبها وممتلكاتها،فهذه المؤسسات المذكورة وعدد آخر من المؤسسات المقدسية الأخرى هي بحاجة الى جراحة من نوع خاص،وتدخل عاجل،جراحة تجتث ما علق بها من أدران وطحالب فاسدة،وتعمل على تصحيح أوضاعها الداخلية وتوقف هدر المال العام،وتحاسب كل من يثبت أن له علاقة بانهيار تلك المؤسسات أو من استولى على مال عام بغير وجه حق او قام بالاختلاس والسرقة أو تلقى أو دفع رشوة،والجهات المختصة التي تتولى التحقيق في ملفات وأوضاع تلك المؤسسات مطالبة بكشف الحقائق،ولا يجوز ومن غير المقبول،السماح باستشراء الفساد او مواصلة هدر المال تحت ذريعة ويافطة القول المصلحة الوطنية تقتضي ذلك،فالمصلحة الوطنية لم تكن في يوم من الأيام مع حضانة ورعاية الفساد والدفاع عنه،ومن هنا لا يجوز بقاء الأوضاع في إطار تسريب معلومات وإشاعات تنتشر في الشارع تطال الصالح والطالح فهناك بعض الجهات لها مصلحة في خلط الأوراق والحابل بالنابل فهذا الوضع مريح لها من زاوية أنها رغم كل ما قامت به من نهب وهدر للمال العام وسرقات ورشاوي،لا تجري لها اي مساءلة او محاسبة،بل تزداد تغولاً وتوحشاً،بسبب انه لا توجد حقائق وما ينشر هو مجرد معلومات أو إشاعات تطالها كما تطال بقية العاملين في المؤسسة،وواضح جيداً أن لجان التحقيق المشكلة لغاية فحص وتدقيق حقيقة أوضاع تلك المؤسسات وما يجري الحديث عنه من فساد وهدر للمال العام وسوء إدارة،تجرى وتسير إجراءاتها ببطء وحذر شديد،وتمارس عليها ضغوط من اخطبوط الفساد والعديد من الأطراف،ولذلك على سبيل المثال فيما يخص المقاصد فقد جرى نشر تقرير للجنة تحقيق داخلية شكلتها الهيئة الإدارية للجمعية بتاريخ 17/5/2011 ضمت أكثر من طرف وجسم نقابي وقانوني ومالي..الخ تحدثت عن أمور غاية في الخطورة إذا ثبت صحتها فهي كارثة حقيقية،من حيث السرقات والاستيلاء على أموال عامة بغير حق وتلقي علاوات وتعينات وترفيعات وترقيات غير مهنية وإدارية، وحالة من الإرباك والتخبط الإداري، ناهيك عن فساد يطال كل مفاصل العمل في المؤسسة من حيث شبهات ولغط كبير وعلامات استفهام كبيرة أيضاً،حيث أشار التقرير الى خلل مالي كبير في جوانب الصرف المالي وبالتحديد لأعضاء المجلس الإداري للمستشفى وفي عقود التوريد سواء للأجهزة والمعدات الطبية او الأدوية او المواد التموينية والمشتريات بمختلف أنواعها او العطاءات وكيفية التلاعب بإرسائها وغيرها،وهذا التقرير أصبح بين يدي الجماهير،وهو يستدعي ردوداً وإجابات شافية من الهيئة الإدارية للمستشفى والقائمين عليه،فعدا عن خلقه لحالة بلبلة وعدم الثقة والشكوك والإشاعات،فإنه يلقي بظلال كبيرة من الشك لجهة الجهات الداعمة،من حيث الإحجام عن تقديم الدعم بأشكاله المختلفة للمؤسسة التي نحن بأمس الحاجة لها في القدس.

وبالمقابل لجنة التحقيق الرسمية التي جرى تشكيلها من قبل الرئيس أبو مازن يبدو أن عملها يسير ببطء شديد،وتواجه العديد من الصعوبات والمشاكل وعدم التعاون حيث جرى الحديث أكثر من مرة مع أعضاء مسؤولين في الهيئة الإدارية لتزويد النائب العام بالمعلومات والملفات المطلوبة،وكان هناك تلكؤ ومماطلة،وبين سلحفائية عملها وبين تقرير لجنة التحقيق الداخلية،تتسارع الأمور وتتجه نحو التفاقم وزيادة اللغط والإشاعات والإتهامات حول حقيقة الأوضاع في المؤسسة،ويبدو أن الهيئة الإدارية للجمعية هي من يتحمل المسؤولية المباشرة في هذا الجانب،فهي الحاضر الغائب والعاجز في نفس الوقت،وكذلك السلطة تتحمل قسط كبير من المسؤولية،فهي لم تقم بأية إجراءات وقائية أو إحترازية،تمنع تفاقم وتدهور الأوضاع،ناهيك عن أن الحركة الوطنية المقدسية أيضاً ،هي الأخرى يقع عليها مسؤولية في هذا الجانب،رغم أنها بذلت جهداً كبيراً في هذا الجانب والتقت كل الأطراف ذات العلاقة حتى رئيس الوزراء والنائب العام.

والبطء في عملية المعالجة والمحاسبة وصدور التقرير من قبل اللجنة المشكلة من قبل الرئيس،فتح الباب على مصرعية للمزيد من اللغط والإشاعات،وشرع وشكل ذريعة للعديد ممن وردت أسماؤهم كمشبوهين أو متهمين بالفساد ونهب المال العام في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الهيئة الإدارية لرفع قضايا أمام القضاء الإسرائيلي،وكذلك العديد من الأشخاص الذين تطالهم الاتهامات في هذا التقرير،يرون أن هناك تسرعاً وخطئاً في تشكيل اللجنة من قبل الهيئة الإدارية،حيث يفترض ان تكون اللجنة المشكلة لهذه الغاية والهدف من خارج إطار العاملين في المؤسسة،وبالتالي فهذه اللجنة من وجهة نظرهم ليست مهنية ومحايدة وجهة اختصاص،وبالتالي على الهيئة الإدارية للجمعية ان توضح موقفها بشكل جلي وواضح،بأن تقرير اللجنة يمثلها أو لا يمثلها؟،واذا كان يمثلها فعليها ان تتحمل المسؤولية كاملة في هذا الجانب،ولا يجوز لها أن تتهرب أو تتنصل من مسؤولياتها،وعليها أن تجيب بشكل واضح بدون مواربة أو خوف من هو مدان ومن هو بريء،وعليها أن لا تبقي الحالة في إطار الاتهامات والشبهات والإشاعات،ويرى العديد ممن وردت أسماؤهم في التقرير بأن ذلك كان بمثابة مؤامرة واستهداف شخصي لهم،ويحاججون بأن جزء ممن وردت أسماؤهم في التقرير كمتهمين أو مشبوهين لم تجري لهم أي شكل من أشكال المحاسبة او المساءلة،بل على العكس جرى تثبيتهم أو حتى ترقيتهم إدارياً،وهم كذلك جزء من الأزمة والمشكلة.

نعم أزمة كبيرة تعصف بالمؤسسة،أزمة بحاجة الى الكثير من التروي والتعقل والحكمة،أزمة بحاجة الى إجابات سريعة تنهي حالة القيل والقال،أزمة بحاجة الى علاج جاد وحقيقي،فمن غير المعقول بقاء الهيئة الإدارية للجمعية في موقع المتفرج والمراقب للإحداث والتطورات،فهي المسؤول المباشر عما ستؤول إليه الأوضاع،وخصوصاً أنها هي من كلف هؤلاء الأشخاص بالتحقيق،وما خلصوا إليه من نتائج تتحمل هي مسؤوليتها أولاً وأخيراً وبغض النظر عن صوابيتها أو عدم صوابيتها.

أين حقّ المرأة في " الربيع العربي"؟/ ياسمينة حسيبي

إن المرحلة الراهنة بكل ما حملته من تغييرات في العديد من الدول العربية حتّمت وما زالت تحتّم إصلاحات دستورية وقانونية واجتماعية تهمّ الرجل والمرأة على السّواء،
وقد رأينا وبكل الاعجاب والفخر، وقوف المرأة في أول الصفوف للمناداة بالتغيير والديمقراطية وكانت مشاركتها دليلا قاطعا على نضوجها السياسي والاجتماعي إذ لم تكن المرأة في هذه الثورات أمّا وأختا وابنة فحسب بل كانت ندّا للندّ مع الرجل، تحمل نفس اللافتات وتنادي بنفس الحقوق وتعاني ما يعانيه الرجل من ظلم وإجحاف.

لقد اندهش العالم من إصرارها الذي فنّد كل المزاعم الغربية المقلّصة لدورها وحجمها في المجتمع العربي، فسمعنا ورأينا بأم العين نساءًا وشابات يخضن المعارك المصيرية حدّ إِراقة دمائهن وسحْلهن في الشوارع ورأيناهن يلعبن دورا بارزا في محاولات متنوعة لإعادة تشكيل النّظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي من خلال الكلمة الحرة والتجمعات والمظاهرات السلمية.

لكن وللأسف، نشهد اليوم (وبعد ما سمّي بالثورات) تهميشا للدور الذي قامت به المرأة واستبعاداً لكفاءاتها بعد احتكار التيارات الإسلامية للساحة السياسية لدرجة أن حضورها انعدم (تقريبا) في البرلمانات والحكومات الجديدة وبات تمثيلها في المجالس الشعبية حبرا على ورق بل ذهب الكارهون لحرية المرأة (مصربالخصوص) للمطالبة بإلغاء بعضا من الحقوق التي اكتسبتها خلال سنوات من النضال بجهد جهيد.

إن فرض التيارات الاسلامية السياسية " للشريعة بمفهومِها الضيّق" في المجتمع العربي الجديد، سيقزّم أكثر من دور المرأة وسيكون وبالاً عليها ليقودَ حتْميا الى مزيدٍ من الإجحاف في حقها.

فالمرأة، يجب ان تُمنحَ نسبةً مهمة من المقاعد البرلمانية وأن يكون لها الحق في تكوين أحزاب سياسية حقيقية تشارك في اتخاذ القرارات المصيرية التي تهم الوطن مثلما تنص على ذلك قوانين الثمثيل النسائي في الحكومات بكل البلدان العالمية.

ومن المؤسف حقا أن بعض الشباب الذين خرجوا للمطالبة بالتغيير والديمقراطية والكرامة ما زالوا ينظُرون للمرأة نظرة سطحية وسلبية يستمدونها بالخصوص من أعراف وتقاليد ما زالت تنخر كيان المجتمعات العربية.

ولن ننسى منظر بعض الشباب " "المتأسلمين" في ميدان التحريربالقاهرة وهم يسيئون معاملة الشابات اللواتي خرجن للمشاركة في الثورة باسم " الشريعة والتقاليد"، ولن ننسى أيضاً "سحْل" العسكر للشابات في الشارع، وهو ما يدلّ على انتقاص سافرمن كيان المرأة كإنسان ورفض لوجودها كفرد فعال له دور مهم في تغيير المجتمع.

فهل يعقل ان يصادر الرجل العربي (بغض النظر عن انتماءاته السياسية) مكانة المرأة في الفضاء العام العربي؟
وهل يعقلُ ان تعود المرأة الى البيت لتكنس وتطبخ وتنجب الاطفال (فقط) بعد أن أصبحت طاقة ابداعية منتجة اجتماعيا واقتصاديا مثلها مثل الرجل .. ؟؟

ورغم ما يشاع من إيجابيات لنجاح التيارات السياسية الاسلامية في المجتمع العربي إلا أننا نعي تمام الوعي (رجالا ونساءا) بأنّ تمكّن الإسلاميين والسلفيين من السلطة في أي بلد عربي سيعود بالمرأة -خصوصا- الى الوراء قرونا من الزمن.

وحينها لن يسع حوّاء العربية سوى التأسّف على رفاعة الطهطاوي والشيخ محمد عبده وقاسم امين وكل التنويريين في عصر النهضة الذين دافعوا عن حق المرأة في المساواة مع الرجل كرامة وحرية ودستورا وتعليما.

ويبقى السؤال الأهم هو : كيف يمكن أن يتحقق التغيير في مجتمعاتنا العربية فقط بنصفها دون النصف الآخر ؟
وكيف يمكن لأي رجل (بغض النظر عن توجهاته السياسية) أن يضع أسس الديمقراطية في الوطن وزوجته وبناته في البيت ممنوعات حتى من أبسط حقوقهن ؟

وأخيرا، أتساءل ما إذا كانت المرأة التي أدْلت بصوتها للإسلاميين والسلفيين قادرة - بعد ذلك - على الحصول على حقوقها (على الأقل) من منظور "حقوق الإنسان" ؟

بجع الكلمات الطائرة/ خليل الوافي


من وحي الكلام


كثر اللغط السياسي. في منابر التسويق .وتحديد مؤشر ارتفاع سقف المطالب امام تراكمات الكلام الثقيل الذي يتحول الى قطعة ثلج سرعان ما تذوب من هول وحرارة الشارع العربي. هذا التحرك الواسع في استيعاب حجم المغالطات .والحقائق الكاذبة عن مصير امة بكاملها التي تعيش على ايقاع الصورة المستوردة من العدو .وتجميلها لتكون صورة العربي في مسار حياته المؤجلة منذ ولادته حتى هذه اللحظات التي نكتب فيها ما تبقى من الوجود العربي في المشهد العالمي.وموقعه في خريطة المشاركة الصورية . وفي اظهار نوايا المؤسسة في اختياراتها التي تملى عليها لفرض سياسة الواقع المفروض بكل ملابسات القهر و التخلف.
ان سياسة الكيل بمكيالين في الخطاب السياسي العربي .وفي ادارة الازمات الخانفة التي يمر منها كل مواطن على امتداد خريطة الوجود الجغرافي في ساحة التاريخ .وتعطي ذلك الانطباع السائد بان العربي تحكمه ارهاصات الماضي الثقيل بجميع مكونات الفشل والنكسات وما شابه ذلك من صور لحروب وفعل المستعمر الاجنبي في تكريس سياسة الحماية ووضع اليد على كل خيرات هذا الوطن العربي الذي استنزف من الداخل ومن الخارج.وامام هذا الوضع الذي تخاذلت فيه حكومات متعاقبة .ظل العربي يكابد في اثبات شرعية وجوده في ظل تحامل الادارة المخزنية و الغزو الثقافي الغربي بشتى صور الوقاحة والتشويش على الصورة الحقيقية التي يمتاز بها العربي عبر تاريخه الحافل بالانجازات العلمية والثقافية مطلع القرون الاولى من انتشار المد الاسلامي ابتداءا من بلاد البلقان و مرورا بشمال اروبا وغربها والوصول الى بلاد الاندلس.وشمال افريقيا........
قد نتفق وقد نختلف حول مصير هذا العربي في تحقيق ولو جزء يسير من حلمه البسيط في العيش الكريم ومناخ يبشر بسلوك متوازن من الانظمة في حماية رياعاها من فكرة الهجرة التي بدات في القرن الماضي .وماتزال هجرة الادمغة العربية الى مواطن العدو لتحاربنا من خلالها وامثلة كثيرة حول مؤسسات عالمية يتراسها رجالات عرب .شاءت الاقدار و الظروف المتواطئة في جعل ما هو مفيد للوطن خارج اهتمامات الدولة .والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح .كيف تستقر الدولة الحديثة في غياب كوادر متميزة في صناعة القرار الحكوميو في بناء مؤسسات قائمة بذاتها
لقد تغير شعور المواطن العربي اتجاه وطنه ووطنيته .ولم يعد يستجيب الى هذا العنصر الهام في تركيبة ونفسية هذا المواطن الذي كاد ان يفقد روح الاستمرارية على هذا الوضع المزري حتى فاجاتنا طلائع الشباب التونسي والمصري في تاكيد راسخ ان هذا المواطن كان ينتظر الفرصة السانحة ليفجر طاقاته الابداعية من اجل الخلاص .و رؤية جديدة للمستقبل.وعلى الانظمة الحاكمة اما ان تغير من اعرافها وتعترف باحقية المواطن في الحياة .او تحمل حقائبها وتغادر في اتجاه من كانت له اليد الطولا في هذا المصير العربي


المملكة المغربية
khalil-louafi@hotmail.com.


معنى أن تكون صحفيا الكترونيا اليوم في المغرب؟/ علي مسعاد


" ...الصحافة الإلكترونية لا يمكنها أن تقضي على الصحافة المكتوبة ، بل قد تعطيها دفعة لتغيير كيفية بحثها عن الأخبار "
أحمد نجيم مؤسس موقع " كود "


" هسبريس " ، " هبة بريس " ، " كود" ، " لكم " ، " فبراير كوم " و " ميدار 24 " غيرها من المواقع بشقيها العربي و الفرنسي ، التي عززت المشهد الإعلامي الإلكتروني في المغرب ، ما كان لها أن تحظى ، بهذه المتابعة المكثفة ، من المبحرين المغاربة ، لولا هامش الحرية التي يتمتع بها ، الطاقم التحريري ، لتلك المواقع التي سحبت البساط عن الصحافة التقليدية ، فالسبق و الآنية و التفاعلية ، التي تمتاز بها المواقع الالكترونية في نقل الأخبار ، جعلت منها البوابة التي يطل من خلالها ، المبحر المغربي ، على آخر الأخبار المحلية و الوطنية ، والتي لا تعرف طريقها للنشر ، بسبب المقص أو الخط التحريري للجريدة أو غيرها من الأسباب الظاهرة منها و الخفية .
الخطوط الحمراء التي لا تعترف بها ، المواقع الإلكترونية ، إن صوتا أو صورة ، فتلقى الانتشار الواسع ، على المواقع الاجتماعية الأكثر شهرة ، ك" الفايس بوك " و لعل أشهرها الأستاذ الذي يمارس العادة السرية في القسم و غيرها من الملفات الساخنة ، هذا على الرغم من أن المواقع الإلكترونية ، مازالت تفتقر إلى الاعتراف القانوني و الإشهار و الدعم و إلى طاقم صحفي متفرغ و إلى التقنين ،لأن أغلب المشتغلين فيها ، لا يتقاضون أجرا قارا أو تعويضا عن كتاباتهم ، فأغلب إن لم نقل معظم كتاب المواقع ، يكتبون بالمجان و ليست لهم بطاقة الصحافة ، و ينقصهم التكوين الصحفي ، من هنا تأتي أهمية الخطوة ، التي أقدم عليها وزير الاتصال الحالي مصطفى الخلفي ، للنهوض بالقطاع و الاعتراف به قانونيا و تقنين المهنة ، حتى لا تتكرر إختلالات الصحف الورقية ، التي أصبحت تعاني من وجود "الأشباح " أو بالتعبير الأكثر رواجا لدى المهنيين " النجارة " ، الفئة التي خصصت لها يومية " المساء " صفحة خاصة عن من هم و كيف يمكن التعرف عليهم لأول وهلة و عن أسباب تواجدهم في ندوة دون أخرى و عن أسباب كثرتهم في المهرجانات خاصة ، دون أن يملكوا القدرة على كتابة سطر واحد ، هذا إن كانوا محظوظين و حاربوا الأمية الأبجدية .
ولعل اللقاء المزمع ، عقده في الشهر المقبل ، بمقر الوزارة ، كفيل بتناول كل النقاط التي تهم القطاع ، من ضرورة وجود قانون نشر جديد ، يتماشى و التحولات التي يعرفها العالم على مستوى الثورة التقنية و التطور التكنولوجي ، خاصة وأننا أصبحنا نعيش زمن الإدارة الإلكترونية و بامتياز .
و لعل بمثل هذه اللقاءات المهنية ، التي يحضرها الفاعلون في القطاع ، يمكن الوقوف على أماكن الخلل و القوة و من الأخطاء المهنية التي ارتكبها الرواد، للدفع بالتجارب الحالية أو التي سوف ترى النور، في مستقبل الأيام ، إلى التطور في زمن " الأيفون " ّ.
خاصة و أن العديد من الجرائد الورقية ، أصبحت لا تخجل من أن اعتماد المواقع ، كمصادر لأخبارها و تحقيقاتها ، ولعل المتصفح لليوميات منها والأسبوعية ، سيقف عند هذه الحقيقة ، حقيقية أن الإعلام الإلكتروني أصبح مكملا للصحافة الورقية التقليدية و ليس بديلا لها ، على الإطلاق .
إن مستقبل الصحافة الإلكترونية ، في ظل هذا الوضع و قلة الإمكانيات المادية ، رهين بالمصداقية و الاستقلالية ، حتى يمكنها أن تحافظ على مكانتها في المشهد الإعلامي ، و إلا سيكون مصيرها " سلة المهملات " ، لأن خدمة الأجندات السياسية أو الدفاع عن طرف دون آخر ، سيعجل بموتها إن عاجلا أم آجلا .
الحل هو مواقع لها مصداقية و استقلالية .
كاتب و إعلامي مغربي
Casatoday2010@gmail.com

سلوك فلسطيني تاريخي في السرية والتكتم/ نقولا ناصر

قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي شاركت في "خمس" جولات من المحادثات "الاستكشافية" مع مفاوضي دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأردن الشهر الماضي كانت غاضبة خلال الأسبوع الماضي بسبب "التسريبات" الاسرائيلية عما دار في تلك المحادثات، وقد وصفت الرواية الاسرائيلية المسربة بانها "أكاذيب" و"أنصاف حقائق" (ياسر عبد ربه وصائب عريقات على التوالي)، وبعثت برسائل احتجاج إلى أعضاء اللجنة الدولية الرباعية "أدانت" فيها التسريبات الاسرائيلية (بيان صحفي مكتوب لعريقات)، لكنها لم تتخذ من هذه التسريبات مسوغا ل"تسريب" روايتها بدورها، في الأقل دفاعا عن موقفها ودحضا ل"الأكاذيب" وكشفا ل"نصف الحقيقة" الآخر، مما يثير التساؤل عن أسباب استنكافها عن ذلك: فهل كان في موقفها في تلك المحادثات ما ينبغي حجبه عن الرأي العام العالمي، وقبله الوطني ؟ وإلا لماذا التكتم !

إن تصريح هذه القيادة تعقيبا على فشل المحادثات "الاستكشافية"، بعد اجتماع لها برام الله أوائل الشهر الجاري، بأن "المواقف والأفكار التي لا تزال تطرحها" حكومة دولة الاحتلال لا تمثل "الحد الأدنى المطلوب لبدء مفاوضات جادة" لا جديد فيه يضيف إلى معلومات الشعب الفلسطيني، وهو تصريح مكرر بعدد المرات التي كررت حكومة الاحتلال الحالية مواقفها وافكارها منذ عام 2009، وهذه المواقف والأفكار لا تقتصر على حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، بل هي قصة ممجوجة مكررة ومستهلكة تشمل حكومات دولة الاحتلال المتعاقبة منذ بدأت "عملية السلام" قبل حوالي عشرين عاما، أما تعقيبات مفاوض المنظمة عليها فلم يكن من المتوقع أبدا أن تكون غير مكررة وغير مستهلكة لسبب بسيط واحد هو حقيقة عدم وجود أي "تعاقب" في مفاوضي المنظمة، فهم هم أنفسهم منذ بدء "عملية السلام"، بالوجوه ذاتها، واللغة ذاتها، والمرجعيات ذاتها، والنتائج ذاتها على الأرض المحتلة، والتكتم ذاته، و ... الفشل ذاته.

لقد كانت "عملية السلام" ومفاوضاتها ومفاوضوها قصة مملة لكارثة وطنية لا يبدو حتى الآن أن روايتها قد انتهت، لكن عنصر التشويق الوحيد الذي يخفف من ملل من يتابعها كان ولا يزال يكمن في سريتها وفي التكتم على ما دار ولا يزال يدور في دهاليزها وكواليسها من أسرار، مما يذكر بأن "عملية السلام"، منذ مؤتمر مدريد عام 1991 الذي جمع "علانية" وتحت فيض من الأضواء الساطعة شهود زور عرب ودوليين على إطلاقها "سرا" في مسارها الفلسطيني في أوسلو وفي غير أوسلو، قد تحولت في الواقع إلى قصة مأساوية لتغييب الشعب الفلسطيني كشرط مسبق لتقرير مصيره فيها دون مشاركته الفعلية.

والمفارقة المفجعة أن تغييب الشعب الفلسطيني عن مشاركته في تقرير مصيره جرى باسم "الممثل الشرعي والوحيد له"، ممثلا في منظمة التحرير الفلسطينية، التي ظلت طوال هذه العملية تحظى باعتراف كل الأطراف المشاركة فيها بشرعية تمثيلها لشعبها، في الوقت ذاته الذي كانت هذه الأطراف تسعى جاهدة إلى تهميشها إن لم تستطع تصفيتها، لتستبدلها بالحكم الذاتي الاداري المتآكل تحت الاحتلال المباشر، بينما ظلت هذه الشرعية مطعونا فيها وموضع جدل لدى الشعب المغيب.

وهذا الواقع يفسر الانقسام الوطني اللاحق ويفسر الاتفاق الوطني حاليا على "تفعيل" المنظمة كشرط مسبق لانهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية، ويفسر كذلك اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي وضعت الشعب في مواجهة القيادة المفاوضة وليس في مواجهة الاحتلال فحسب، مما اقتضى "تغيير النظام" السياسي الفلسطيني، ب"ترفيع" مفاوض المنظمة من أداة في يد هذا النظام في عهد الراحل ياسر عرفات إلى قيادة له الآن، مما قاد بدوره إلى النجاح في "احتواء" انتفاضة الأقصى الثانية، فاتسعت الهوة بين الشعب المغيب وبين القيادة المفاوضة، ليقود اتساعها إلى سحب الثقة الشعبية في هذه القيادة في انتخابات عام 2006 التشريعية، وكان الانقلاب على نتائج تلك الانتخابات هو السبيل الوحيد لابقاء تلك القيادة في مكانها، كشرط لا غنى عنه للاستمرار في تزييف إرادة الشعب المغيب الرافض لاستمرار "عملية السلام" بتمثيل اسمي رمزي له فيها.

وهذا تمثيل اسمي رمزي منسجم مع ذاته، يصرح علنا بمعارضته لأي انتفاضة فلسطينية "ثالثة"، ويعارض أي مقاومة للاحتلال، حد المشاركة في محاصرة أي مقاومة كهذه ومطاردتها، ويدعو كبديل لذلك إلى مقاومة شعبية "سلمية" كان يدعو إلى مثلها منذ سنوات لكنه لا يبدي أي استعداد جاد لممارستها، بالرغم من كونه يمتلك امكانياتها، وبالرغم من كونها مدخلا مقبولا للوحدة والوطنية وإنهاء الانقسام، وهذا بدوره يثير التساؤل عن أسباب استنكاف القيادة المفاوضة عن ممارسة ما تدعو إليه، والجواب المنطقي الوحيد على هذا التساؤل سوف يظل يكمن في أن هذه القيادة لا تزال على الأرجح تأمل في استئناف المفاوضات، ربما بعد الانتخابات الوشيكة في الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الاسرائيلي، إلى أن تقرر هذه القيادة الطلاق البائن بينونة كبرى مع سلوكها التاريخي في السرية والتكتم لتطلع الشعب المغيب على أية اسباب أخرى لديها غير ذلك. لكن السؤال يظل قائما، لماذا الاستمرار في التكتم ؟

في أواخر الشهر العاشر من العام الماضي، على سبيل المثال، أبلغ "كبير المفاوضين" د. عريقات ممثلي الرباعية الدولية الزائرين رفض القيادة المفاوضة لعرض من حكومة الاحتلال قدمته للرباعية بإجراء "مفاوضات سرية"، وطبعا لم يعلن عريقات الرفض للسرية من حيث المبدأ بل في تلك الحالة المحددة فقط، بينما المطلوب وطنيا هو إعلان قيادي بالقطع نهائيا مع سلوك تاريخي في السرية والتكتم، من دونه ما كان ل"عملية السلام" ان تنطلق أو تستمر وما كانت لتوقع الاتفاقيات الموقعة التي تم الاتفاق عليها في السر والتكتم، وهو سلوك غيب الشعب عن المشاركة الفعلية في تقرير مصيره، لفترة طالت أكثر من اللازم وآن لها أن تنتهي. لكن مفاوض المنظمة يبدو كمن يحاول اليوم الالتفاف على هذا المطلب الشعبي، ف"الاحتجاج" و"الادانة" للتسريبات الاسرائيلية عن محادثات الأردن ثم الشكوى إلى الرباعية بسبب نشرها تشير إلى توجه هذا المفاوض إلى "إعلان" رفضه لإجراء مفاوضات سرية من جهة وفي الوقت ذاته إلى الإعلان من جهة أخرى عن إجراء مفاوضات "علنية" يصر على أن تبقى مداولاتها "سرية" فقط على الشعب الفلسطيني، المعني الأول والأخير بهذه المداولات، بينما تعلم بها كل الأطراف الأخرى ولا ترى ضيرا في تسريب "أنصاف الحقائق" عنها.

إن التجمع القيادي الفلسطيني في القاهرة - حيث تواجد خلال اليومين الماضيين الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير ورئيسه محمود عباس، وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، ورئيس مجلسها الوطني، وأمناء الفصائل، والمكتب السياسي لحركة حماس ورئيسه خالد مشعل، وشخصيات تمثل "المستقلين" – قد حول العاصمة المصرية إلى عاصمة للجهود الطامحة إلى إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهذه مطلب شعبي آخر، واستحقاق لا يجادل إثنان في ان المفاوضات ومفاوضيها وسريتهم وتكتمهم كانوا سببا رئيسيا أو السبب الرئيسي في تعثر إنجاز هذا المطلب حتى الآن، ومن المؤكد أن إنهاء تغييب الشعب الفلسطيني عن المشاركة في تقرير "علني" لمصيره، وردم فجوة السرية والتكتم المتسعة بينه وبين القيادة، أي قيادة، هو الضمانة الأكيدة لاستمرار وديمومة أي وحدة وطنية مأمولة شعبيا يتم إنجازها.
*كاتب عربي من فلسطين

من جديد مسلسل الإجرام في سورية/ سليمان جبران

في سورية البعث الأسدي، كلّ يوم جديد يأتي بجديد في مسلسل القتل والتنكيل. هذه العبارة كتبتها قبل أربعة أشهر، لكنّها ما زالت "صالحة للاستعمال" في هذه الأيّام أيضا، بفضل هذا النظام الإجرامي وجيشه وشبّيحته! بل إنّ المذابح تزداد، يوما بعد يوم، اتّساعا وضراوة. لم يعد قتل المتظاهرين، من شباب وأطفال ونساء، خبرا. فلا أحد يسأل في هذه الأيام إذا كان هذا النظام المجرم اقترف مجازر جديدة؛ صار السؤال فقط عن عدد القتلى وأين. كأنّما تحوّلت متابعة هذا المسلسل الإجرامي إلى عمليّة إحصائية خالصة.
الجديد في جرائم أمس، الأربعاء، كان محاسبة الصحافيين، الأجانب والسوريّين. هؤلاء الأشراف أقاموا لهم في غرفة، من حيّ بابا عمرو في حمص، "مركز اتّصالات" لنقل شريط الجريمة البعثي إلى العالم. لكنّ المخابرات "الساهرة على أمن الجمهور" كشفت هذه "المؤامرة" الصحافيّة، فلم تجد مناصا من قصف الغرفة المذكورة، وقتل أو إصابة من فيها من "عملاء" أجانب أو "خونة" سوريّين. أنا شخصيّا استغربت كيف لم يتّهم النظام ونبّاحوه "العصابات المسلّحة"، في هذه المرّة أيضا، باقتراف هذه الجريمة البشعة. مع ذلك لم يعدم هذا النظام النازي عذرا: كان على الصحافيين المذكورين أن يتقدّموا بطلب رسمي لدخول سورية. طبعا كان النظام على أتمّ استعداد للنظر في طلبهم ثمّ رفضه، والحفاظ بذلك على سلامتهم!
الصحافية الشهيدة ماري كولفين بعثت، قبل اغتيالها، إلى أصدقائها على الفيسبوك رسالة تلحّ عليهم فيها أن يعمّموا المقالة التي أرسلتها من حمص في مطلع هذا الأسبوع. في رسالتها المكورة كتبت ماري: " أنا لا أفعل ذلك عادة، لكنّ ما يحدث هنا يبعث على الاشمئزاز. لا أعرف كيف يقف العالم مكتوف الأيدي [...] رأيت اليوم بعيني موت طفل. شظيّة – والأطبّاء لم يستطيعوا فعل شيء. ظلّ بطنه الصغير يرتفع ويرتفع إلى أن توقّف. شعرت أني عاجزة" ( صحيفة هآرتس، الخميس، 23/ 2/ 12).
بقذيفة واحدة أسكت هذا النظام الوحشي صوت ماري كولفين إلى الأبد، وأجهز على رامي أوشليك وكاميرته الشجاعة، وعلى الشابّ رامي السيّد، أقدر صحافيي الثورة في حمص، وجرح ثلاثة آخرين أيضا. هذا هو الجديد الذي جاء به أمس مسلسل الدم والإجرام. أمّا قتل العشرات، في حمص وإدلب ودرعا وجسر الشغور ومعرّة النعمان والزبداني ودموما، وغيرها كثير، فقد غدا خبرا عاديّا؛ لم يعدْ خبرا حتى:
" اِشرب كأس الدمِ يا جلادْ
اشرب واشبعْ
وانثرْ في ساحات مدينتنا
قطعان الفاشست الأوغادْ
الساحاتْ
ما عادتْ ساحاتْ
والطرقات
ليست طرقاتْ
ثمن الإنسان رصاصة
والدقّ على الأبواب نذير ممات!".
المجد والخلود للشهداء من شباب وأطفال ونساء، ومن صحافيين شرفاء شجعان، أجانب وعرب. والموت والعار للقتلة المجرمين، سفاحي شعبهم ووطنهم!


jubrans3@gmail.com

مذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف: محطة من محطات الإرهاب الصهيوني المتواصل/ محمود كعوش

يتذكر أبناء مدينة الخليل والفلسطينيون عامة هذا الأسبوع مذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف بكثير من الحزن والأسى لفقدانهم معلماً دينياً إسلامياً هاماً ووداعهم شهداء أبرار سقطوا على مذبح الإرهاب الصهيوني المتواصل فوق أراضيهم المباركة على مدار ما يقارب أربعة وستين عاماً، هي عمر نكبة فلسطين الكبرى التي حدثت في عام ١٩٤٨.
فبقدوم يوم السبت الموافق الخامس والعشرين من الشهر الجاري تكون قد حلت علينا الذكرى الثامنة عشرة لهذه المذبحة الإجرامية التي اعتبرت واحدة من أبرز محطات الإرهاب الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية في عام ١٨٩٧ والتي نفّذها إرهابي صهيوني بحق أبرياء من أبناء مدينة الخليل في الضفة الغربية في مثل هذا التاريخ من شهر شباط ١٩٩٤ ميلادي، الذي توافق مع الخامس عشر من شهر رمضان ١٤١٤ هجري.
مع بزوغ فجر ذلك اليوم الأسود اقتحم الإرهابي الصهيوني الطبيب باروخ غولدشتاين الذي رضع حليب الحقد والكراهية من ثدي أمه حيث ولد وترعرع في أزقّة وشوارع بروكلين الأميركية الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الواقعة في الضفة الغربية وشرع بإطلاق رصاص رشاشه الحربي على المصلين من الخلف أثناء تأديتهم فرض الصلاة، مما أسفر عن وقوع عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وكما هو معروف فإن مدينة الخليل حيث وقعت المجزرة الرهيبة هي مدينة إسلامية عريقة بناها العرب قبل آلاف السنين، وتعود أغلب آثارها ومبانيها إلى العصر الأموي الذي أولى خلفاؤه قبور الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام وزوجاتهم الفاضلات اهتماماً ملحوظاً.
وكان الحرم االإبراهيمي كما كل مدينة الخليل ملكاً خالصاً للفلسطينيين والمسلمين عامة إلى أن احتل الصهاينة بنتيجة عدوان الخامس من حزيران ١٩٦٧ الضفة الغربية وسمحت سلطة الاحتلال للمتطرفين اليهود بإقامة طقوسهم الدينية فيه وتدنيسه.
ومنذ ذلك الوقت اتخذت زيارات اليهود للحرم الإبراهيمي طابعًا استفزازياً متعمداً بلغ ذروته في السابع والعشرين من آب ١٩٧٢ مع قيام الإرهابي الصهيوني الحاخام مائير كهانا زعيم "رابطة الدفاع اليهودية" المعروفة باسم "كاخ" باقتحام مدينة الخليل على رأس زمرة من أتباعه الموتورين وإقامتهم طقوساً يهودية جماعية وعلنية. وفى الحادي والثلاثين من تشرين الأول من ذات العام استدعى الحاكم العسكري الصهيوني مدير أوقاف الخليل والقائم على الحرم وأبلغهما قراراً قضى بسقف المسجد المكشوف وتخصيصه لليهود وزيادة عدد المقاعد بداخله ووضع خزائن لحفظ التوراة ومنع المسلمين من الصلاة على موتاهم وتقليص عدد الساعات المسموح لهم بالصلاة فيه، الأمر الذي أدى إلى رفض الهيئة الإسلامية العليا في القدس للقرار واعتباره انتهاكًا لمقدسات المسلمين ولا قانونياً.
تجدر الإشارة إلى أن سكان مستوطنة "كريات أربع" المجاورة لمدينة الخليل وجميعهم من اليهود الموتورين والمتطرفين لم يوقفوا يوماً اعتداءاتهم على الحرم، بما في ذلك نهب محتوياته وتمزيق المصاحف فيه وإنزال الهلال عن قبته وسرقة ساعاته الأثرية والاستيلاء على مخطوطات إسلامية لا تقدر بثمن. وتجدر الإشارة إلى أنه في كل مرة كان أهل الخليل يتصدون فيها للمستوطنين دفاعًا عن الحرم، كانت مطالب هؤلاء الخاصة بالإشراف على الحرم تزداد إصرارًا وإجراءاتهم تتصاعد في الاعتداء على السكان العرب. ومما لا شك فيه أن مذبحة الحرم حدثت ضمن سلسلة تصاعدية من الاعتداءات المتكررة التي لم تجد من جانب سلطات الإحتلال الصهيونية غير التجاهل واللامبالاة.

لقد أثارت مذبحة الحرم الإبراهيمي في حينه الرأي العام العالمي الذي أدانها بشدة، مما اضطر الكيان الصهيوني إلى المبادرة بالاعتذار عن ما أسماه "الحادثة التي تسبب فيها رجل مختل عقلياً" بحسب تصريحات المسؤولين في تل أبيب. وقد ترافق الاعتذار مع قيام الكيان بتقديم تعويضات لأهالي الضحايا، كما ترافق مع اتخاذه خطوات وإجراءات سياسية استثنائية لطالما دأب على اتخاذها في مثل هذه الحالة. هذا ونجح بدهاء إعلامي في طي صفحة المذبحة، خاصة بعد أن تم قتل الإرهابي باروخ جولدشتاين على أيدي المصلين.

صحيح أن حكومة الكيان الصهيوني اعتذرت للشعب الفلسطيني والعالم، إلا أن ذلك الاعتذار كان من قبيل ذر الرماد في العيون ليس أكثر، بعدما فشلت في فبركة المبررات والذرائع المنطقية والمقبولة لتلك الجريمة. وما دعا للحزن والأسى بل للخزي والعار أن العرب تعاملوا مع المذبحة بشكل أضاف نقطة أخرى إلى سجل عجزهم في التعامل مع الإعلام العالمي وإمكانية استثماره لصالح القضية الفلسطينية ومجمل القضايا الوطنية والقومية العربية.

وكما هو الحال مع كل المذابح والمجازر البربرية والوحشية التي تعرض لها الفلسطينيون داخل الوطن وخارجه على أيدي جلاوذة الإرهاب الصهيوني الرسمي والفردي، فإنه من غير الممكن لأي عاقل أن يتكهن باحتمال خروج مذبحة الحرم الإبراهيمي من الذاكرة الفلسطينية، أقله من ذاكرة من عاشوا أحداثها المفجعة والكارثية التي ما تزال ماثلة للعيان. لقد كانت مذبحة رهيبة خُطط لها بمكر وعناية فائقة ونُفذت بدقة متناهية. ودلل على ذلك أنه وبعد مرور ثمانية عشر عاماً على ارتكابها لا يمكن لأي مواطن فلسطيني يدخل الجزء القديم من مدينة الخليل إلا ويخرج منه بانطباع واحد مفاده أن المذبحة قد نجحت في تحقيق الأهداف التي ارتكبت من أجلها وأن من خططوا لها نجحوا في ترحيل المواطنين الذين كانوا فيه، إذ أن من لم يخرج منهم بالترغيب أجبر على الخروج بالترهيب. وبعد ١٨عاماً أصبح الجزء القديم من الخليل بؤرة أشباح، مَن يدخلها يعيش حالة من الذعر والخوف والترقب ومن يسكنها يعيش حالة من الرعب ومن يخرج منها لا يفكر بالعودة إليها بسبب ما يتعرض له من استفزاز وآلام واعتداءات منظمة ومبرمجة.

لقد أكدت المعطيات التي توفرت لاحقاً أن المتطرف الصهيوني باروخ غولدشتاين لم يرتكب المذبحة وحده بل شاركه فيها جنود من جيش الاحتلال الصهيوني كانت مهمتهم إغلاق باب الحرم الإبراهيمي لمنع المصلين من مغادرته ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المنطقة. فحين حاول بعض الفلسطينيين نجدة إخوانهم المصلين قابلهم الجنود المجرمون بإطلاق الرصاص بكثافة وغزارة. وقد لاقت مذبحة الحرم تأييداً من غالبية الصهاينة في كيان العدو الصهيوني، فعند سؤال أحد خامات اليهود عما إذا كان يشعر بالأسف والأسى على من قتلهم غولدشتاين رد قائلاً "إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة"!!
حول الكيان الصهيوني السفاح باروخ غولدشتاين إلى "بطل قومي يهودي"، بل جعل منه قدوة وحلماً لمن رضعوا من ذات الحليب الذي رضعه إذ قام بدفنه في قبر عند مدخل مستوطنة "كريات أربع" وخصص للقبر عدداً من جنود حرس الشرف مهمتهم حراسته وتأدية التحية العسكرية لنزيله كل صباح. وليس من باب المبالغة القول أن الصهاينة أنزلوه حتى يومنا هذا "منزلة القديسين"، فحولوا قبره إلى مزار يؤمونه في الذكرى وفي مناسباتهم الدينية والوطنية. وقد دأبوا مع اقتراب موعد الذكرى الأليمة في كل عام على ذرف الدموع المسمومة على مقتل طبيبهم المجرم، في وقت يذرف الفلسطينيون دموع الحُزن والألم والأسى على فراق معلمهم الديني وشهدائهم الأبرار.

وليعلم من لم يعلم بعد من العرب والمسلمين أنه لم يتبقَ لهم وللفلسطينيين قبلهم من الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل سوى التأمل في بنيانه عن بعد وقراءة يافطة كُتب عليها "ممنوع الصلاة في هذا المكان" ورؤيته في وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، ولربما أيضاً الحصول على صور له يشترونها من الأسواق الصهيونية ليزينوا بها جدران منازلهم!!!! وكما جاء في قول عاقل فلسطيني فإن 
مذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف قد فتحت أمام الإرهابيين الصهاينة باب الغنائم على مصراعيه فنهلوا من الشريان الفلسطيني ما لم يكفهم على مدار أربعة وستين عاماً، وربما أنهم سينهلون منه ما لن يكفيهم في قادم الأيام، بحيث يُترك الجسد الفلسطيني ينزف حتى الموت تحت سمع وبصر "إخوة الكلام" في الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يصرون على عدم الصلح والمضي في النزاع من أجل سلطة وهمية ليست موجودة إلا في أذهانهم، وتحت سمع وبصر العرب والمسلمين وأحرار العالم كله....كان الله بالعون!!
محمود كعوش
كاتب وباحث مقيم بالدانمارك

كوبنهاجن في شباط ٢٠١٢

على تخوم الموت تغرق سفن النجاة 6 و7/ خليل الوافي

وامام تردي الاوضاع ،فان موجة الاحتجاجات تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم ،وتجر الى انفلات امني خاصة في المناطق المهمشة مثلما حدث مع البوعزيزي وبقية القصة يعرفها الجميع،ومثل هذا النموذج قد يحدث انقلابا سياسية لا بمكن التكهن بنتائجه على المدى البعيد ،وصعوبة حدوثه بنفس التفاصيل .لان الواقع الاجتماعي يختلف من قطر الى اخر ،رغم المسافة الزمانية وجغرافيا المكان تبدو قريبة للوهلة الاولى ،حيث الفوارق الايد يولوجية تختلف جملة وتفصيلا،ناهيك عن اتمعطيات التاريخية وحجم المطالب التي ترفعها حركات الاصلاح التي دشنها الربيع العربي،ورياح التغيير التي عصفت على اكثر من عاصمة عربية،وافرزت المرحلة الانتقالية مؤشرات لدخول التيار الاسلامي بقوة الى واجهة الاحداث ،ونجاح الاحزاب الاسلامية عقب سقوط الانظمة الدبكتاتورية،وتدشبن مرحلة المد الاسلامي للانخراط في الحياة السياسية،وهذه سابقة تاريخية في التاريخ السياسي العربي بعد نهاية عهد الخلافة الاسلامية،وما ترتب عن ذلك من تحولات في المشهد الجديد الذي تبنته قوى التغيير في ذلك الزمن...

ان جملة التخوفات من صعود الاسلاميين الى دواليب الحكم واتخاذ القرار،نتج عنه ردود فعل مختلفة منها من يساند هذا التوجه الجديد،واخرون متخوفين من عدم قدرة هذا التيار في حل الازمات المتراكمة اكثر من نصف قرن ،وفي ظل انهيار المحفزات الاقتصادية ،ومعوقات البنك الدولي الذي اغرق الدول العربية بديون هائلة لا يمكن تسديدها ولو مرت ملاين السنين ،وظلت حركة الدول مقيد ة بهذه المستحقات التي تدخل في باب الربا ،والحرب التي تنشن على مستعملها ومرتكبها في النصوص القرانية ،والوعد والوعيد الى كل من ساهم في استعمالها،رغم ان نصف سكان الكرة الارضية مصابون بداء الربا والكسب الحرام،ويقال قائل ما بيدي حيلة...فانا مضطر لركوب معصية هذا العصر،ولا مناص من ذلك امام فقر الحاجة وشح ابواب رزق اخرى تساهم في تسديد النقص الحاصل في ميزانية كل شهر ،والتي تنتهي قبل نهاية الاسبوع الاول....يضحك في وجهي وينصرف
**

تضيع الأسئلة في تراكم مفتعل لجر البلاد إلى هشاشة المواقف المعلنة، وأخرى يستحيل تداركها في الوقت المناسب ،الكل يعلن حالة الطوارئ ، ولا أحد يعرف ما يجري، وآخرون يسألون في إندهاش ،هوخليط من الصدمة و الإنفعال المشحون برغبة المجازفة ،وكسر جدار الخوف والصمت ، وتحولت ردود فعلنا تحت الصفر ،و انهارت قيم الإنسانية في تداخل عناصر الإنفلات من العقاب،وسيادة العرف الداخلي لكل دولة ،تحدد مفاهيم التدخل، وكيفية تطبيق هذه الأعراف القضائية في حق الظالم و المظلوم ، والتصرف الخاص الذي يحظى به الظنين في اطار التعامل الفريد لكل مدان، وتكثيف الإهتمام بالسجين في جميع مراحل مكوثاته في زنزانة الخلاص ، والإنعتاق من السؤال العنيف الذي يترك أثره على الجسد عندما يستحيل الجواب الشافي لتخفيف غضب الجلاد في إتخاذ قرار المساؤلة عن جرعة العذاب و التعذيب التي تنتظر صاحبها من إ ستفاقة مؤقتة بعد غيبوبة جديدة
وتنصهر الصرخة و الأنين في إنعدام المكاشفة الصريحة مع الذات وحرية الإختيار لمبدأ المساؤلة ،وحضور الأسئلة على سقف الأحداث المتعاقبة و المتسارعة التي لا ترحم أحد في زمن الإنكسارات الكبرى التي يتفرد بخصوصية الزعامة القابلة للتعديل والمناقشة ،اذا كان الامر يحتاج مثل هذه الريادة ،وخوض معركة التحدي التي تتطلب جميع النتائج في ظل غياب رؤية واضحة ،وامكانية حدوث الاسوا في كثير من الحالات التي لا يمكن معرفة حجم الضرر ،وتداعيات الحدث،وخروجه عن السيطرة ،وحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه ،وباقل الخسائر،وهذا يحيلنا الى حيتيات التغير السياسي والحرص الشديد للبقاء مدة اطول في الحكم،ويترتب عن ذلك انزلاق الاوضاع الى النفق المسدود ،وترنح فرص النجاة نظرا لطبيعة المؤسسة الحاكمة في الوطن العربي التي لا تؤمن بتعددية الاختيار،ولا مواجهة رموز النظام بشكل من الاشكال ،وتدخل البلاد في دوامة العنف والانفلات الامني واستقرار المناخ الاقليمي الذي يعرف هذه الايام تحركات في تجاه حرب عالمية ثالثة

سكسونيا رائدة السياسة العربية/ أسعد عطاري

لم يعد قانون سكسونيا الذي أحدث إنقلاب بالمفاهيم , وإعادة بلورة القوانين الجائرة والظالمة , حكراً على تلك الولاية الألمانية في تلك العقود ,عندما راود حاكمة تلك الولاية حلماً بأن يذيع صيتها بين الناس, فأشار عليها مستشاريها أن تحقق العدل وان تجري الاصلاحات , وهذا بخلاف للمعهود وبخلاف لما يدور حولها في المقاطعات الأخرى , مما تطلب ذلك منها ان تبذل الجهد وان تستهلك الوقت, لتغرق بالتفكير بكيفية تحقيق ذلك الحلم المنشود , لتخرج فيما بعد على مستشاريها بقرار إعادة بلورة وصياغة القوانين السائده في حينها انذاك, وانه سيصبح الجميع سواسية أمام القانون و بأنها ستوقع العقاب على النبلاء وعامة الناس , وستكون الية العقاب بأن تجلب عند الصباح ومع بزوغ الشمس الجاني , فإذا كان من النبلاء وقع العقاب على ظله , أما إذا كان من المواطنين والفقراء أوقع عليه العقاب , وبذلك تحقق العدل بحسب مفهومها .

فالحديث عن الإصلاحات العربية واعادة صياغة القوانين والنظر بمطالب الشعب , هو نفس الحديث , وهي نفس الإصلاحات التي أجريت قبل عقود طويلة من الزمن في ولاية سكسونيا , والتي أبقت الظلم بواقعه مع تغير في كلمات التعبير عنه , ففي سكسونيا كان الجميع سواسية أمام القانون ويقر بأنهم مفسدون , ولكن لم يكونوا سواسية أمام حد السيف ومقصلة السجان !!! , أما اليوم فالأمر اختلف نوعاً ما , فأصبح المفسدون هم سادة القوم , ولا يجرموا وهم أكبر من كل القوانين والتشريعات وما ينطبق على عامة الناس لاينطبق عليهم , وبذلك تكون حكوماتنا بتشريعاتها وقوانينها المنسكبة على الشعب اكثر تطوراً بالظلم من قانون سكسونيا , فأنظمتنا لا تجرم المفسدون أو تعاقب ظلالهم , فالعقاب واحد والضحية واحدة الا وهي الشعب !!!!.

والسؤال الذي يطرح نفسه الان وهو لماذا لا تقوم هذه الإصلاحات ضمن مطالب الشعب وارادته ؟؟

لقد كان الواقع الفاسد الذي اغرقت به الانظمة العربية مواطنوها هو الدافع الاكبر لهم للثورة عليها, مما اتاح المجال امام العديد من المتربصين والحاقدين و المضللين أو المضللين بأن يطالبوا بالتدخل الاجنبي من أجل الخلاص من نيران وظلام الانظمة الفاسدة - وكأن القوات الأجنبية الغازية جمعية خيريه تمنح شعبنا الهبات من الحرية - وفي المقابل أخذ البعض يدافع عن نيران وظلم الانظمة العربية والرضا بسياسة " الأمر الواقع " بحجة ان بقائها افضل من دخول القوات الغازية , لتكون لهم ذريعه في القاء تهم الخيانة كل منهم على الأخر .

فسكسونية الأنظمة العربية واضحة وضوح الشمس ولا يمكن ان تغطى بغربال او تجمل بمساحيق التجميل عبر وسائل الإعلام المتعددة والمتنوعة والتي لا تتدخر جهدا في ذلك سواء من خلال تزوير الحقائق او من خلال التعتيم الإعلامي والانشغال بأمور أخرى لا تغني ولاتسمن من جوع .

فالجدير ذكره أن نكون أكثر وعيا لهذه السكسونية المجرمة , وأكثر وعياً من المخططات التأمرية والتي تحاك بإسم الحرية لإستنزاف أمتنا , و أن نحدد موقفنا بكل وضوح وصراحة اتجاه ما يدور حولنا في الأقطار العربية وأن نؤكد بأننا ضد التدخل الأجنبي و نؤكد أيضاً على ضرورت الإصلاح والتغير بأيدي الشعب وليس بأيدي العملاء القابعون خارج حدود الوطن او من خلال القوات الأجنبية الغازية أو من خلال قوانين واصلاحات الأنظمة الرجعية , فالتغير الحقيقي هو ذاك الذي يقام بإرادة الجماهير الثائرة وحدها .

نسر العروبة: هل كانت هذه كلمات الوداع؟/ سلوى أحمد‏

بلادي وإن جارت علي عزيزة --
وأهلي وإن ضنوا علي كرام.

تلك هي الكلمات التي تحدث بها الرئيس مبارك قبل الجلسة الاخيرة لنطق الحكم

اي رجل انت واي اخلاق تمتلك ما تلك الصلابه وما كل هذا الحب لوطن جار عليك وشعبا ظلمك .
هل بعد كل ما كان جئت لتقول علينا كراما؟ .لم نكن كراما سيادة الرئيس لم نكتف بالا نعطيك بل اخذنا منك

اخذنا منك سنوات العمر اخذنا منك ما صنعت وما قدمت اهاناك واساءنا اليك وسمعت وتحملت منا مل لا يتحمله بشر

ثم تاتي في النهاية وبدلا ان تدافع عن نفسك تقول عنا اننا كرام .

اين كرمنا سيادة الرئيس ونحن نستكثر عليك غرفة للعلاج في بلد بنيته اي كرم سيادة الرئيس ونحن نعلم انك برئ ونصر علي ظلمك

.اي كرم سيادة الرئيس وقد شوهنا تاريخك وسمعتك .

انك وبحق الزعيم تثبت لنا يوما بعد الاخر انك من تفوق علي الجميع في حبه لهذا الوطن والتضحية من اجله
تثبت لنا يوما بعد الاخر انك لم تكن رئيسا بل والدا وابا لا يستطيع ان يقسو علي اولاده مهما كان ظلمهم وقسوتهم .

صعبه هي الكلمات لمن يقدرها ويفهمها

,ان مبارك يا شعب مصر كان يودعكم انها كلمات الوادع ايها الشعب فهل يسمع منكم كلمة حق هل يسمع منكم كلمة انصاف؟
هل تشعرقلوبكم برجل يمتلأ قلبه بحبكم

سيادة الرئيس سيذكر التاريخ انه كان لمصر رئيسا عرض نفسه للظلم والاهانة من اجل ان يحافظ علي وطنه

سيذكر التاريخ ان لمصر رئيسا رفض اهانة شعبه بل ووصفهم بانهم الكرام بعد كل ما تعرض له من ظلم منهم

سيذكر التاريخ انك من اكثر الصفحات فيها اشراقا ووطنية .سيادة الرئيس شكرا لك و لك منا كل الحب والاحترام والتقدير .


من يحكم "مصر"؟ "المجلس العسكرى" أم "الجماعات الإسلامية"/ مجدي نجيب وهبة

** كل ما كتبناه ، وحذرنا منه .. لا يتحمل مسئوليته إلا المجلس العسكرى .. الذى وصل تطاول أحد نواب هذا المجلس أن يصف المشير – وزير الدفاع – بـ "الحمار" .. ومع ذلك لم يحيل المجلس العسكرى ، أو يقدم أى بلاغ ضد النائب المحترم "زياد العليمى" .. والذى رفض أن يعتذر فى المجلس عما بدر منه ، رغم أن هذا الإعتذار لا يعفيه من المساءلة القانونية .. ولكن المجلس العسكرى يمارس دور غريب جدا جدا ..

** نعم .. لقد حذرنا من جماعة الإخوان المسلمين .. هؤلاء إحترفوا اللعبة ، وتمكنوا من قواعدها ، وحفظوا أسرارها عن ظهر قلب ... وعرفوا من أين تؤكل الكتف .. ومتى تسرق الأصوات .. وتشترى .. وكيف يباع المواطن بالفلوس .. والوطن بالمجان .. وهى كارثة ما يسمى بالصناديق !!! .. لقد حذرت من إتيان مجلس شعب .. يضم بلطجية ، ومتطرفون ، ووقتها سنندم كل الندم ، ولن يفيد ..

** فى البرلمانات السابقة كانت هناك بالفعل عمليات تزوير ، وعلينا أن نعترف بذلك ، كما علينا أن نعترف أن ذلك كان ينجينا من الأخطاء ، ويغفر لنا المعاصى .. حتى لا نكتشف حقيقة جهلنا ، وتظهر إختياراتنا تحت قبة المجلس ، وفى صفحات الحوادث .. وساعتها لن يبقى أمامنا سوى "سب ولعن" ما أطلقوا عليها الإنتخابات النزيهة .. التى وضعتنا مع البلطجية والإخوان فى خانة واحدة ..

** دعونا نعترف أنه تصيبنا حالة إحباط ، عندما نسمع مصريا يكفر بوطنه .. ويعلن عن رغبته فى الرحيل .. لأنه لا يجد له مكانا محترما فى مجتمع ، ولأنه يصدم بما يحيط به من مظاهر تبعث على الإستفزاز والإحباط ..

** وألتمس العذر للمواطن الذى يغادر أهله ووطنه .. أنه لا تتوافر له سبل الحياة الكريمة .. لأنه ما من إنسان يقدم على ذلك ، إلا وقد أحاط به اليأس وأظلمت أمامه الحياة ..

** مصر تسبح فوق بركة من الفوضى والدمار الشامل ، وأصبح كل ما يشغل هذا المجلس الإخوانى ، هو الإنتقام من مبارك ، ونظامه السابق ، بموافقة ومباركة المجلس العسكرى .. وهم لا يدرون أن الدور القادم على الجيش والمجلس العسكرى .. وقد حذرنا من ذلك مراراو تكرارا .. ونتعجب .. لماذا هذا الصمت على هذه الفوضى؟!! ..

** إن أكبر وزارة سيادية فى مصر ، يتم تصفيتها وإسقاطها بصورة مهينة ، وعدم مراعاة للمسئولية .. ونتساءل ، لمصلحة من تسريح كل هذا العدد من الضباط ، وبلدنا أحوج ما تكون لكل رجل شرطة ، لإعادة الأمل ، وإحياء الإقتصاد من الإنهيار ... وبدلا من تدعيم الشرطة من لواءات الشرطة ، المحالين على المعاش ، للإستفادة بخبراتهم .. تفرغ الوزارة من صفوة رجالها ، وتتركها لضباط صغار يواجهون فطاحل الإرهاب والمجرمين .. ويكون ذلك بعد إرهاب اللواء وزير الداخلية ..

** وللأسف يرى المجلس العسكرى كل ذلك ، ولا يحمى سلطة سيادية فى البلد ، بل يترك الصبية ، وأولاد الشوارع يعبثون بأمن وسلامة الوطن ، ويهدمون الشرطة .. وسوف يدفع الجميع ثمن ذلك غاليا .. بل كل شعب مصر بأكمله لسنوات طويلة قادمة لا تنتهى ..

** من المسئول عن إستمرار الفوضى وترك البلطجية يعيثون فى الأرض فسادا ، ويخرج من مجلس الشعب ، نواب يدافعون عن البلطجية ، ويرفضون أن يطلق عليهم لفظ بلطجية ، بل يقولوا أنهم "ثوار" .. ويقود هذه الحملة ، النائب "محمد أبو حامد" .. بل قام بقيادة مظاهرة لألتراس الأهلاوى حتى النائب العام للمطالبة بالقصاص ، ولتهييج الشارع المصرى بدلا من تهدئته ، حتى يمكن القبض على الجناة ولكنه يهيج الشارع ليستغلها كأداة ضد المجلس العسكرى ..

** لقد وصل الخراب فى مصر ، بعد أن توسمنا فى القضاء الإستقلال وإحترام الوطن ، والمواطنة .. أن يصرح المستشار "أحمد الزند" – رئيس نادى قضاة مصر .. "إن القضاة يتحرقون شوقا لليوم الذى يحكمون فيه بأحكام الشريعة الإسلامية" .. وذلك فى نادى القضاة ، الذى إستضاف الشيخ "محمد حسان" .. وإختتم رئيس نادى القضاة تعقيبه على إجابة "حسان" عن سؤال لأحد القضاة عن حكم تطبيق الأحكام الوضعية ، مخاطبا الداعية السلفى "إبذل جهدك عند أحبابك فى المجلس النيابى ، ونحن سنكون أول من يفرح بنصر الله لشريعته" ..

** أما عن الرئيس التوافقى الذى أصبح حديث الشارع ، وحديث مجلس الشعب ، فهو لن يكون سوى رئيس تشريفى .. لا يهش ولا ينش .. بعد أن يوضع دستور برلمانى ، سيتم الإتفاق عليه بالقهر ، والبلطجة ، والإرهاب .. والشعب عاجز عن فعل شئ .. فهو يتلقى الضربات تلو الأخرى دون أن يحرك ساكنا .. والمجلس العسكرى يسلم الإخوان مصر بدم بارد ..

** لقد دمرنا السياحة .. ودمرنا الرياضة .. ودمرنا الشرطة .. ودمرنا الإقتصاد .. ودمرنا الأخلاق .. ودمرنا التعليم .. ودمرنا المواطنة .. فماذا تبقى لدينا؟!!! ...

** فى السياحة .. خلقنا حالة من الإرهاب والتوتر الذى يصيب السائحين بالذعر من الحضور إلى مصر .. فكتبنا بأيدينا شهادة وفاة للسياحة .. بينما مجلس الشعب يصفى حساباته مع مبارك ، وقام بترحيل البعض إلى السجون المختلفة ، نكاية فى النظام السابق ، وإذلال كل من هم بالسجون .. وللأسف نجد وزارة الداخلية ترضخ فورا لمطالب الإخوان ، ولم تسألهم ، ولم يسألهم المجلس العسكرى .. ماذا عن جرائمكم ؟ ...

** وكيف يفرج المدعى العام عن "محمد خيرت عبد العزيز سعد الشاطر" الشهير بـ "خيرت الشاطر" .. و"حسن عز الدين مالك" .. العضوين البارزين فى جماعة الإخوان المسلمين .. الذين إتهموا فى قضايا غسيل الأموال .. وأسقط المدعى العام العسكرى الأحكام الصادرة ضدهما فى قضية غسيل الأموال التى إتهما فيها عام 2006 ، وحوكما بشأنها أمام القضاء العسكرى .. وتم الإفراج عنهما لأسباب صحية فى أعقاب ثورة 25 يناير .. وبالقرار الأخير .. يصبح من حقهما ممارسة العمل العام السياسى .. ولم يعرف الشعب عن طبيعة هذه الجريمة ، ولماذا أفرج عنهم النائب العام .. وهل هذه القضية التى كان متهم فيها كل الإخوان الذين يتمتعون بحريتهم الأن .. لم تهدر كرامة مواطن فيها ، ولم تسرق أموال الشعب فيها .. نرجو أن يكون الملف كاشفا لكل قضايا الفساد ، إذا كنا نصر على محاكمة كل الفاسدين السابقين ..

** يا شعب مصر .. هل أنتم لا ترون أن هناك شيئا ما خطأ فى هذه الأوضاع الجارية فى مصر؟!! .. بل أن ما يثير الإستياء أن يذهب رئيس الوزراء ، لمولانا رئيس مجلس الشعب ، لينقل تكاليف ورسالة المجلس العسكرى للكتاتنى ، بعدم الضغط على الحكومة فى الوقت الراهن .. وذلك لطمأنة مولانا رئيس مجلس الشعب أن هذه الحكومة السبنسة سوف تظل حتى تسليم السلطة إلى رئيس منتخب ، يرضى عنه الإخوان ..

** ومازالت مصر تعيش فى مسخرة ما بعدها مسخرة .. وخسارة يابلد .. ألف خسارة عليكى .. هل تصدقون أننا نتكلم على مصر ؟!!!!!!!!! .............

صوت الأقباط المصريين

لماذا ينتحرُ الزّعماءُ العظماء!/ آمال عوّاد رضوان


تعدّدتْ الأشكالُ والأسبابُ والألوانُ، وظلَّ الموتُ يحملُ صبغةً واحدةً هي الموت!

كثيرونَ مِن المُعْدَمين الفقراء وهم الأحياءُ المعدومونَ بسياطِ الحياةِ ومواجعِها، ممّنْ ينسحبونَ مِنَ الحياةِ الّتي ليستْ بحياة، لا تأتي على احتوائِهم ذاكرةُ الرّثاء، ويبقوْنَ مجرّدَ أرقامٍ تتداولُها مؤسّساتُ البحوثِ والإحصاءِ، أو يظلّون نكراتٍ في عالمِ الإنكار شأنَ مَن لا شأنَ له، وما أكثرَهم وما أرحبَ شرائحَهم المثقوبة بالفقرِ والذُّلّ، والمُرتّقة بأملٍ بعيدٍ ينوسُ في ضبابِ الأفقِ الهاربِ الّذي لا يأتي.

لكن،

وما أن يموتَ زعيمٌ أو أحدُ العظماءِ على فراشِ المرضِ أو الهَرم أو الخرَفِ، فالأمرُ يمضي مغايرًا إعلاميّا، مغموسًا بنبعِ دمعٍ لايجفُّ، وحدادٍ شعبيٍّ ملوّنٍ بمناديل الحزنِ لأيّام وشهور، ثمّ تقومُ مِن بَعدِهِ مهرجاناتٌ وعماراتٌ تحملُ اسمَهُ وريْعَهُ، ليَحصدَ أمجادًا أرضيّةً في حياتِهِ وذكرى لا تخبو حتّى في مماتِهِ!

أمّا وأن يُقتلَ زعماء، فالويلُ لحاضرٍ يتشرذمُ، ثمَّ الويلُ لمستقبلٍ تعُمُّهُ فوضى الضّياعِ والانشطارِ مِن بعْدِهِ بينَ أبناءِ البلدِ الواحد، فيضيعُ الزّعيمُ المقتولُ بينَ البطولةِ والشّماتةِ، وبينَ النّقمةِ عليه والتّرحّمِ على أيّامِه، كما حدثَ تمامًا مع صدّام حسين وياسر عرفات دون ألقاب، كي لا يُؤخذَ على كلامي موقفًا مِن مُعادٍ أو مُحايدٍ أو مُعاضدٍ.

لكن

ماذا عن سياسيّين وزعماءَ وملوكٍ وحزبيّينَ ينتحرونَ في لحظةِ حسْمِ انتصارٍ أو انكسار؟

هل يكونُ في نبْشِ سِيَرِهم إقلاقًا لراحاتِهم الأبديّة، أم هروبًا مِن مواجهةِ مرارةِ الحقيقةِ وشُرْبِ كأسِ العلقم، أم ....؟

وهل فكرةُ الانتحارِ هذه مستجدّةٌ أم قديمةٌ متوارثةٌ منذُ أزلِ التّاريخ؟

وهل الانتحارُ هاجسٌ يُلازمُ الزّعماءَ في جميع لحظاتِ حياتِهم؟



ها هو الملك مثير يادس (132-63 ق.م) يخاف الموتَ مسمومًا بأيدي أعدائِهِ، فيطلبُ مِن خادمِهِ وضعَ القليلِ مِن السّمومِ في طعامِهِ تدريجيّا ليعتادَ جسمُهُ عليه، وحين قرّرَ الانتحارَ مسمومًا لم يمُتْ، فطلبَ إلى أحدِ حرّاسِهِ أن يدقّ رأسَهُ بحَجر !



أمّا الملكةُ بوديسا ملكةُ إنجلترا وقبل قرنيْن مِنَ الزّمان، فقد قادتْ تمرّدًا عنيفًا مُقاوِمًا للامبراطوريّةِ الرّومانيّة، وحينَ فشلتْ في تحقيقِ الحرّيّةِ لشعبِها تناولتِ السّمَّ بيدِها، وفَرَّتْ إلى الموتِ برِجْليْها!

أمّا هانيبال الأسطورة القرطاجي/ الليبي وأعظمُ القادةِ العسكريّينَ في التّاريخ ما بين (221- 183 ق. م)، فقد كان بارعًا بالتكتيكِ العسكريّ والتخطيطِ في مواجهةِ الامبراطوريّةِ الرّومانيّة، ولكن حينَ أيقنَ بحتميّةِ وقوعِهِ أسيرًا، تعلّقَ بحرّيّتِهِ وآثرَ الانتحارَ رفضًا للإهانة!

وها مارك أنطوني القائد الرّومانيّ وعشيقُ كليوباترا، يحاولُ التّصدّي لقوّات أوكتافيانوس قيصر روما الجديد، التي وصلتْ إلى مشارفِ الإسكندريّة في صيف عام 30 ق.م، وحين ذهبتْ جهودُهُ سدًى، وبلَغَهُ كذبًا موتُ كليوباترا فضّل الموتَ على الحياةِ بتناول السّمّ، ليتلوهُ انتحارُ الملكة الفرعونيّة كليوباترا بالأفعى السّامّة، بعدَ سماعِها خبرَ انتحارِ حبيبِها أنطونيوس!

لماذا ينتحرانِ في نفس التّوقيتِ؟

أهو حزنٌ على حبِّهما أم وفاء؟

أهو شكلٌ من التّواري عن الهزيمةِ العسكريّة والفضيحة وخوفًا منَ الأسْر والمشي بالأكبال بالحديد في مواكب النصر الرّومانيّ؟

أمّا نيرون إمبراطور الإمبراطوريّة الرّومانيّة عام (27 – 68)، فقد كثرتِ المؤامراتُ والاغتيالاتُ السّياسيّة، وكانتْ أمُّهُ "أجريبينا" إحدى ضحاياه فماتتْ وهي تلعنُه، وقتل "أوكتافيا" زوجتَهُ بالصّولجانِ أثناءَ أدائِهِ مسرحيّة، وأشهرُ جرائمِهِ إحراقُ روما عام 64م، مشيرًا بإصبع الاتّهام إلى المسيحيّين، وليتحوّلَ إلى اضطهادِهم وتعذيبهم بوحشيّة، فعمّ الإفلاسُ والفوضى لكثرة الحروبِ الأهليّة، وصار نيرون عدوَّ الشّعب، ولا يسعُهُ حينذاك، إلاّ أن يدسَّ خنجرًا مسمومًا في معدتِهِ!

الزبّاءُ ملكة الجزيرة وقنسرين حين وقعت في أيدي قصير وعمرو، وكانتْ جميلةً حكيمةً حازمة، فعزمتْ على الثأر مِن قاتل أبيها ودعتْ جذيمة إلى قصرِها، فنصَحَهُ قصير بن سعد بعدم الثقةِ بدعوتِها، لكنّهُ لم يُبالِ بالنّصيحة، فقبضتْ عليهِ وقطعتْ "راهشيه" ليهلكَ نزفًا. ويصمّمُ عمرو بن عدي على الثأر منها، فاحتال الدّاهية قصير بن سعد من حاشيةِ جذيمة ومِن رجال عمرو بن عدي بجدع أنفِهِ وقطع أذنيْهِ، وقصدَ الزّبّاءَ شاكيًا، زاعمًا أنّ عمرو بن عدي فعل هذا، وحين أمنته، قام بإدخال جنود عمرو بن عدي في "جوالق" محمولة على الجِمال واحتلّوا مدينتها، وحينَ وصلَ إليها عمرو بن عدي، مصّتِ السّمَّ الذي تحتفظ بهِ في أحدِ خواتمِها قائلة:

"بيدي.. لا بيد ابن عدي"، مؤْثِرةً بذلكَ أن تنتحرَ على أن يقتلَها عمرو!

أما أدولف هتلر السياسي الألماني النازي المولود في النمسا (1889 – 1945)، وزعيم حزب العمال الاشتراكي الوطني، فقد تميز بكاريزما فذة في إلقاء الخطب، والذي اختارته مجلّة تايم واحدًا مِن مائةِ شخصيّةٍ تركتْ أثرًا كبيرًا في تاريخ البشريّة، في معاداةِ السّاميّة والشيوعيّة، والعمل على إرساءِ دعائم نظامٍ تحكمُهُ النّزعةُ الفاشيّةُ الدّكتاتوريّة، مِن أجل رخاءِ ألمانيا، لكن، وفي الحربِ العالميّةِ الثانية تمكّنتْ جيوشُ الحلفاءِ مِن اجتياحِ ألمانيا مِن جميع جوانبِها، ممّا اضطرّ أدولف هتلر وزوجتُه إيفا براون الانتحار!

وأخيرًا..

هل لانتحارِ العظماءِ فلسفةٌ شرَخَها الفشلُ في متابعةِ ومزاولةِ مهامّ مارسوها مِن قبل.. أم .....؟

لا تكتبوا بايدكم نهاية وطن واعترفوا بانها نكسة وليس ثورة/ سلوى احمد‏

حالة من الحزن تخيم علي مصر وشعبها منذ 25يناير 2011والي الان , كل شئ يتراجع الي الخلف فبعد ان وصلت الناس الي درجة من الامان جعلتها تجوب الشوارع حتي الساعات الاولي من الصباح أصبح الجميع الان يخشي علي نفسه حتي مع نور الصباح, بعد ان كان بامكان الشخص ان يستقل سيارته ويسافر في اي وقت من ليل أو نهارأصبح عليه ان يفكر الف مرة قبل ان يكون مصيره الخروج بلا عودة بعد ان كان بامكان الشخص ان يسافر وهومطمئن علي اسرته اصبح خوفه من ان يعود فيجدهم وقد اصابهم مكروه يقيد خطاه .هذا علي الصعيد الامني اما علي صعيد الحياة ومتطلباتها فقد ازادت الامور سوءا سلع ارتفعت اسعارها لتصل الي الضعف واخري ندر وجودها وثالثة ظلت الشكوي منها ولا يتغير شئ بالنسبة لها اي المعاناة زادت .اما عن البطالة فمن خرج ليطالب بفرصة عمل مازال يبحث عنها بل زاد علي ذلك ان البعض فقد عمله مع غلق الكثير من المصانع وتعطل كثير من مصادر الدخل الحيوية كقطاع السياحة . ضف الي ذلك ظاهرة تفشت في الشعب المصري كنا نسمع عنها كحالات نادرة اصبحت اليوم هي الشئ السائد وهي سوء الادب وانعدام الاخلاق وتحول الحرية الي درجة من الانحطاط فاختلافي معك في الرأي معناها ان اسبك بافظع الالفاظ دون ان اراعي كبير ام صغير .الامر الاخطر والذي يمثل شئ كارثي هو محاولة هز صورة الجيش المصري ومكانته تلك المكانة التي رسخت في قلوب المصريين بما فيها من حب واحترام وتقدير منذ حرب 73 .هذا جزء مما حدث في مصر منذ 25 الي الان . بعد كل ذلك اتعجب عندما اري الناس وهي تصر علي اطلاق علي ما حدث لفظ ثورة .حتي من اقتنع في قرارة نفسه بانها حملت معها الخراب والدمار يقول ثورة .فلماذا هذا الهروب ؟هل لان البعض يشعر بتأنيب ضمير علي من ماتوا فيها ويشعر ان اعترافه انها ليس ثورة هي اهدار لدماء هؤلاء وتفريط في حقوقهم وما فعلوه ؟ اذا كان كذلك اقول لهم ان من من ماتوا لو ظلوا و شاهدوا الحال الذي وصل اليه الوطن ما كانوا ليرضوا به فانتم باعترافكم بان ما حل علي مصر خراب تحمون ارواح اخري من ان تضيع .
واذا كان البعض لا يستطيع ان يقول عليها الا ثورة لانه يري انها انهت حكم مبارك وانهت التوريث وغير هذا من كلام اقول لهم ان الرئيس مبارك هو ابن مصر ليس عدوا لنا والايام تثبت يوما بعد يوم نزاهتة وبراءته من كل التهم التي حاكها الاعلام الفاسد كما ان زمن مبارك كان وبحق زمن الاستقرار والامن والامان الذي يتمني الجميع عودته اذا لماذا المكابرة وما الذي يمنع ان نعترف باننا اخطانا في حق رجل قدم من اجلنا الكثير اما التوريث ورغم انها امور نسجها خيال البعض ولا صحة له فحتي وان كان صحيحا فان الرئيس مبارك وفي خطابة انهي الجدل وقرر انه لا توريث ولطاما ذكر ان مصر دولة مؤسسات وليس ملك لعائلة تتوارثها .
اذا ماذا حقق 25 يناير قضي علي بعض رجال الاعمال ممن هيمنوا في الفترة الاخيرة انا معها في ذلك علي الرغم من ان هناك الكثير من هؤلاء ركبوا الموجة وهم من يسبون الان مع ان الاولي ان يزج بهم في السجون
قد يقول البعض قضت علي ظلم الشرطة اقول له قد تكون هناك عناصر فاسدة في الشرطة ولكن ليس كل من بالشرطة فاسد اقول ايضا من الحق ان نسعي لاصلاح جهاز الشرطة لكن ليس من الصواب ان نكسره ونكسر هيبته لا النتيجة هي ما نراه الان .

اذا وبكل المقاييس السلبيات اكبر من الايجابيات وسوف تظهر اكثر في الايام القادمة واذا ظل الشعب يسمي ما يحدث ثورة معني ذلك ان الوضع يعجبنا معني ذلك اننا نوافق علي الاضرابات والاعتصامات وسب الجيش ومحاولة زرع الوقيعة بين افراده معني ذلك ان نظل خلف تلك الدعوات الي ان ياتي اليوم الذي نمد فيه ايدينا لنتسول ويا ليتنا نجد من يعطينا
لذلك فان الاعتراف بالخطأ افضل من التمادي فيه علي الشعب ان يقولها انه النكسة التي دمرت الوطن .

اذا لم نعترف بذلك فستكون الامور اسوأ لاننا لو لم نعترف بهزيمة 67 لما كان نصر اكتوبر وكذا الان لو لم نعترف بان ما حدث دمار وخراب فاننا وبايدينا نكتب نهاية وطن