حركة حماس: مرونة حمالة أوجه/ نقولا ناصر


(مؤشرات إلى تغيير في التكتيك إن لم يكن في الاستراتيجية يعطي لخروج حركة حماس من دمشق تفسيرا آخر غير ضغط الأزمة السورية عليها للانحياز فيها إلى هذا الطرف أو ذاك)
إن المقابلة الحصرية المطولة التي استغرقت خمس ساعات ونصف الساعة على مدى يومين التي منحها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية "حماس، د. موسى أبو مرزوق، ل"لاري كوهلر ايسيس" مندوب صحيفة "فورورد" اليهودية العريقة لليهود الأميركيين في القاهرة، ونشرت في عددها الصادر في السابع والعشرين من نيسان / أبريل الجاري، هي مقابلة غير مسبوقة ولم تعرب بعد، وقد وصفها جيرشون باسكين الذي كان صلة وصل للتوسط بين حماس وبين حكومة دولة الاحتلال الاسرائيلي في صفقة تحرير الأسرى الفلسطينيين مقابل الافراج عن الجندي جلعاد شاليط بأنها كانت "حدثا تاريخيا"، معربا عن دهشته "لطول الوقت" الذي منحه أبو مرزوق للمقابلة.

وكما نشر، جرت المقابلة مع أبو مرزوق في جو ودي، على غداء من سمك سليمان وسمك نهري من النيل في اليوم الأول ووجبة بيتزا سريعة في اليوم الثاني، في منزل فخم من ثلاثة طوابق لم يكتمل تأثيثه وسط حراسه ومعاونيه الذين لم يكن بينهم نساء، ويقع في "عزبة" تبعد حوالي تسعين دقيقة عن القاهرة في منطقة سكنية مخططة للطبقة الاجتماعية العليا لا تزال قيد البناء تعرف باسم القاهرة الجديدة.

و"يومية إلى الأمام اليهودية" (ذى جويش ديلي فورورد) التي صدرت بلغة اليديش عام 1897 وتصدرها باللغة الانكليزية منذ عام 1990 شركة إعلامية يهودية تملك صحفا ومحطات بث تستمر اليوم دون انقطاع كواحدة من أقدم وأعرق الصحف اليهودية في العالم و"كصوت لليهودي الأميركي وضمير" له في الولايات المتحدة كما تعرف نفسها.

ولأن "فورورد ليست مجرد منظمة صحفية فقط، بل ومؤسسة يهودية كذلك"، كما قالت الصحيفة في افتتاحية لها تعقيبا على المقابلة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، فإنها كانت متنبهة ل"الطبيعة التاريخية" ول"الرسالة" التي تبعثها موافقة أبو مرزوق على إجراء مقابلة صحفية للنشر معها، وهو "ثاتي أهم قائد لحماس" كما وصفته، في إشارة  ظاهرية إلى أن "المنظمة الارهابية تلين وترشد"، لكن "القراءة المتأنية" لما قاله أبو مرزوق "تسلط الضوء على الحقيقة المخيبة للآمال، والمثيرة للسخط حقا، بأن حماس تظل غير مستعدة للتخلي عن العنف والقبول بدولة إسرائيل اليهودية كواقع" وبأن "الرسالة" التي بعثها هي "رسالة فرصة ضائعة، لكل من يعنيهم الأمر"، لكن "الحقيقة الأكثر إثارة للذهول هي لقاؤه مع فورورد في حد ذاته، والوفاء بكل تعهد بشأن اللقاء"، كما أضافت.

والخلاصة التي استنتجها لاري كوهلر ايسيس الذي أجرى المقابلة مع أبو مرزوق هي أنه "خلافا لبعض التقارير الاعلامية، فإنه (أي د. أبو مرزوق) لم يشر إلى أي مرونة جديدة تقرب حماس من القبول بالشروط التي وضعتها ما تسمى اللجنة الرباعية للولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمشاركة جماعته في عملية سلام الشرق الأوسط المحتضرة الآن"، لكنه استدرك بأن ابو مرزوق "لم يستبعد إمكانية علاقة أكثر توافقا مع إسرائيل في المستقبل".

وهذه الخلاصة، والتحريض على حماس بناء عليها، اللذان وردا في افتتاحية فورورد تعقيبا على المقابلة، كانتا دليلا سريعا على النتائج العكسية لما ابتغاه أبو مرزوق من محاولة للتواصل مع يهود الولايات المتحدة، دون أي عبرة من محاولات منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من "شركاء السلام" العرب الذين سبقوه إلى مثلها. 

وفسرت افتتاحية فورورد تلك "الحقيقة الأكثر إثارة للذهول" بالقول إنه "من الواضح أن حماس تعترف بحاجتها إلى التواصل مع اليهود الأميركيين، وعبرهم، مع الجمهور الأميركي"، أسوة بالحكومة الاسرائيلية التي تتودد اليهم "كما لم تفعل أبدا من قبل"، ومثلها "قادة فتح في الضفة الغربية"، وكان لحاق حماس بهم "مسألة وقت فقط".

وأكد أبو مرزوق أن دمشق لم تعد عنوانا له عندما أعطى لاري كوهلر بطاقة عمل عليها تحت اسمه أربعة أرقام هواتف في العاصمة السورية طلب منه إهمالها وكتب له رقم هاتف جديد على البطاقة داعيا إياه للاتصال معه عليه أو بواسطة البريد الالكتروني للرد على أي أسئلة لاحقة متابعة للمقابلة، وربما للتواصل أيضا.

إن التزامن بين خروج أبو مرزوق، وغيره من قيادات الحركة التي توزعت بين عواصم مختلفة منها الدوحة، من دمشق وبين فتح بوابة التواصل هذه مع يهود الولايات المتحدة لافت للنظر، في ضوء التجربة التاريخية لحركة فتح التي تواصلت أولا مع "اليهود غير الصهاينة" ثم مع صهاينة "يساريين" قبل أن تتوج تواصلها بتوقيع اتفاقيات أوسلو مع القادة الصهاينة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وقبل أن تعتمد فتح الولايات المتحدة راعيا ووسيطا وحيدا للسلام والتفاوض معها بالرغم من علمها الأكيد بأن يهود أميركا قد "أسرلوا" سياستها الشرق أوسطية لفترة طويلة مقبلة.

والتساؤل الذي يثيره هذا التزامن يثير سؤالا آخر عما إذا كان ضغط الأزمة السورية الراهنة على حماس مجرد حجة في ظاهرها الكثير من الاقناع وفرت لها مخرجا ل"النأي" بنفسها عن الحاضنة السورية والايرانية لمقاومة دولة الاحتلال فلسطينيا ولبنانيا تمهيدا لتغيير في التكتيك في الأقل إن لم يكن في الاستراتيجية، وهو ما يهلل له "شركاء السلام" العرب وغير العرب باعتباره حقيقة واقعة وليس هدفا لهم يسعون إليه بكل وسائل الضغط على الحركة، بينما يتسرع البعض في الجانب الآخر، تحت ضغط الأزمة السورية أيضا، في "غسل أياديهم" من حماس كحليف استراتيجي ل"المقاومة والممانعة"، مما وضع حماس في موضع شبهة، وشوش موقفها.

لكن الاستناد إلى عواصم عربية غارقة حتى آذانها في استراتيجية "السلام فقط" مع دولة الاحتلال يتناقض تماما مع أي استراتيجية للمقاومة بأشكال المقاومة التي كانت حماس تتبناها حتى الآن، مما يعزز الاشتباه والتشويش.

صحيح أن أبو مرزوق قد أصاب محاوره اليهودي ب"الصدمة" و"الاحباط" و"السخط"، كما كتبت "فورورد" في افتتاحيتها، عندما أكد على ثوابت الحركة في المقاومة ورفض الاعتراف بدولة الاحتلال وحق اللاجئين في العودة اليها ورفض التفاوض المباشر معها، إذ كان جوابه "لا" قاطعة على سؤاله إن كان مستعدا للذهاب إلى القدس، إذا عرضت عليه "ضمانات لأمنه الشخصي"، للتفاوض على "الهدنة" التي تقترحها حماس بديلا لأي "معاهدة" أو "اتفاقية" سلام مع دولة الاحتلال.

لكن آخر عملية "استشهادية" نسبت إلى حماس وقعت في آب / أغسطس عام 2004 في بئر السبع، و"الهدنة" طويلة الأمد التي تقترحها حماس مع دولة الاحتلال وكررها أبو مرزوق في مقابلته تلتزم الحركة التزام الدول بنموذج لها في قطاع غزة خصوصا بعد أن تولت السلطة في القطاع أواسط عام 2007 وكل الخروقات لهذه الهدنة جاءت من الجانب الآخر، وهي تلتزم بمثلها في الضفة الغربية أيضا إذ ليس مقنعا أن سطوة قوات الاحتلال و"التنسيق الأمني" بينها وبين السلطة الفلسطينية برام الله تمنع مقاومة حماس فيها لو أرادت، لتقتصر مقاومتها اليوم على "الدفاع" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

على هذه الخلفية، فإن ما يبدو ازدواجية في خطاب حماس كما عبر عنه أبو مرزوق في مقابلته غير المسبوقة مع "فورورد" اليهودية يزيد في الشبهة والتشويش في موقف الحركة.

مرونة حمالة أوجه

عندما سأل لاري كوهلر مندوب "فورورد" د. أبو مرزوق لماذا وافق على طلب منظمة إخبارية يهودية إجراء حديث معمق ومطول معه، أجابه بأن "علي أن أفرق بين اليهودي الذي خلق هذه المشكلة لشعبي وبين اليهود الأميركيين مثلك ممن لم يفعلوا أبدا أي شيء سيء لشعبي".

ولأن أبو مرزوق لا يمكن أن تغيب عنه حقائق مثل أن يهود أميركا على وجه التحديد هم أكبر داعم لدولة المشروع الصهيوني منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 ومثل أن معظم "أراضي إسرائيل" مسجلة باسم الوكالة اليهودية العالمية التي يسيطرون عليها وليس باسم دولة الاحتلال الاسرائيلي، فإن جوابه يشي بتوجه للوقوع في ذات الفخ الذي وقعت فيه منظمة التحرير الفلسطينية قبله عندما توهمت بأن التواصل مع يهود الولايات المتحدة هو المدخل إلى الحكومة الأميركية لاستثمار وزنها الدولي في انتزاع حد أدنى من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطسني، وهذا منزلق خطر إذا كان يعبر عن توجه رسمي لحركة حماس فإنها بالتأكيد سوف تلدغ من الجحر ذاته الذي لدغت منه منظمة التحرير بقيادة فتح.

إن مرونة أبو مرزوق التي تعبر عن نفسها بلغة حمالة أوجه قابلة لاستيعاب ازدواجية في الخطاب تتبنى، مثلا، المقاومة لكنها تؤجلها، وتعارض التفاوض لكنها توافق على قيام غيرها به، وترفض أي "معاهدة سلام" تتمخض عنه لكنها مستعدة للتعامل معها باعتبارها "هدنة"، وترفض "حل الدولتين" لكنها تقبل به على أساس مفهومها ل"الهدنة"، الخ.، هي جميعها نتائج موضوعية لتأرجحها الراهن بين "معسكر السلام" العربي وبين الخندق الآخر المنفتح على السلام لكنه يتمسك بخياره الدفاعي حتى يكون السلام عادلا.

وهي جميعها مؤشرات لا لبس فيها إلى تغيير في التكتيك إن لم يكن في الاستراتيجية، تغيير يعطي لخروج الحركة من دمشق تفسيرا آخر غير ضغط الأزمة السورية عليها للانحياز فيها إلى هذا الطرف أو ذاك، لكنه في كل الأحوال تغيير يقتضي توضيحا للمواقف أكثر جلاء يبعد الحركة عن مواطن الشبهة والتشويش.

لقد أكد د. موسى أبو مرزوق في مقابلته غير المسبوقة أن حماس لن "تعترف باسرائيل كدولة"، لكن العلاقة معها ستكون كعلاقة "لبنان وإسرائيل أو سورية وإسرائيل"، متجاهلا أن البلدين يسعيان إلى سلام عادل مع دولة الاحتلال على أساس الانسحاب من أراضيهما المحتلة وملتزمان ب"مبادرة السلام العربية" التي ترفضها حماس في خطابها وأن سوريا أجرت مفاوضات مباشرة وغير مباشرة وسرية وعلنية مع دولة الاحتلال. فهل هذا هو الوضع الذي تريد حماس الاقتداء به حقا ؟

وفي تفسيره لهذه الهدنة التي اقترحها "لأول مرة في سنة 1994"، كما قال مندوب الصحيفة إلى مقابلته، يثير أبو مرزوق أسئلة متفجرة: "دعنا نقيم علاقة بين الدولتين (الفلسطينية والاسرائيلية) في أرض فلسطين التاريخية كهدنة بين الجانبين. فذلك أفضل من الحرب وأفضل من المقاومة المستمرة ضد الاحتلال، وافضل من احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة، الذي يخلق كل هذه الصعوبات والمشاكل في الجانبين". إنها لغة جديدة حقا.

فهذا اللغة حمالة أوجه. فهل يعني أن حماس، في حال قبول دولة الاحتلال ب"الهدنة" المقترحة، تقترح أو تقبل "حل الدولتين" ؟ وهل يعني أن حماس لن تشارك في هذه الحالة في أي "حرب" قد تلجأ إليها، على سبيل المثال، سورية كملاذ أخير لتحرير أراضيها كما حدث في حرب تشرين عام 1973 ؟ وهل تتوقف المقاومة الفلسطينية في حال قبول دولة الاحتلال بدولتين على أساس الهدنة المقترحة باعتبار أن الاحتلال الجدير ب"المقاومة المستمرة" هو احتلال "الضفة الغربية وغزة" فقط ؟ وإذا كان هذا هو ما عناه أبو مرزوق، فإن الاحساس ب"الصدمة" و"الاحباط" و"السخط" الذي شعرت به هيئة تحرير فورورد يكون متسرعا ولم يقرا في العمق ما قاله الرجل الثاني في حماس.

وعندما "ضغط" عليه، كما قال مندوب الصحيفة اليهودية، بأن حماس لن تتخلى خلال الهدنة عن هدفها في "تدمير إسرائيل" وأنها سوف تستغل الهدنة للتسلح، لم يؤكد أبو مرزوق ولم ينف، لكن جوابه كان حمال أوجه كذلك: "من الصعب القول ماذا سيكون في الجانبين بعد عشر سنوات. ربما يكون جوابي الآن [عن الاعتراف باسرائيل] مختلفا تماما عن جوابي بعد عشر سنوات".

في حوارات القاهرة، قيل إن حماس وافقت على تبني "استراتيجية غير عنيفة"، لكن أبو مرزوق قال إن ما عناه اجتماع الفصائل الفلسطينية بالقاهرة في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي كان أمرا "مختلفا تماما"، فقد تقرر أن "المقاومة الشعبية المدنية" قاسم مشترك، "ونحن نقبل ذلك، فذلك يمكنه أن يجعل المصالحة أسهل"، "لكنه لا يعني التخلي عن الحق والفرصة لشن عمليات عسكرية". إنه أمساك بالعصا من الوسط مرة أخرى، كانت نتيجته حتى الآن تأجيل المقاومة بكل أشكالها.  

وفي خضم معارضة حماس المعلنة لاستئناف المفاوضات، أكد أبومرزوق رفض التفاوض المباشر بين حماس وبين دولة الاحتلال، لكنه لم يترك مجالا للشك بأن الحركة لا تعارض تفاوض "السلطة الفلسطينية" معها، حسب "تفاهم سابق مع فتح" كما قال، غير أنه اشترط عرض "أي نتيجة" لهذا التفاوض على "استفتاء يشمل كل اللاجئين الفلسطينيين" مضيفا أن "كل الفلسطينيين يجب أن يدلوا بأصواتهم حول هذه" النتيجة، واشترط أيضا أن "أي اتفاق كهذا يجب أن يتضمن حق الفلسطينيين غير المقيد في العودة إلى أرضهم".

وقال ابو مرزوق إن أي اتفاق تتوصل اليه السلطة الفلسطينية بالتفاوض، وتعتبره السلطة "معاهدة سلام"، فإن حماس سوف تتعامل معه "من وجهة نظرنا، باعتباره هدنة". فهل هذه هي الهدنة المقترحة من حماس حقا ؟ وقد لفت هذا التناقض محاور أبو مرزوق، فلاحظ  بأن "أي معاهدة سلام مع إسرائيل، بالنسبة إلى فتح، تشمل الاعتراف المتبادل، والتبادل الدبلوماسي، والتجارة، والتبادل التجاري، وتنقل الناس عبر الحدود والتعاون الاقليمي. كما تشمل دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وحقا فلسطينيا محدودا في العودة". فهل ستوافق حماس على أي اتفاق تتوصل إليه منظمة التحرير الفلسطينية بهذا المفهوم باعتباره "الهدنة" التي تقترحها ؟

إن موافقة أبو مرزوق الضمنية على التفاوض وعلى أي اتفاقية يتمخض التفاوض عنها باعتبارها هي "الهدنة" يشير إلى خلو جعبة حماس من بديل للتفاوض، لكنه لم يستبعد تغير الظروف مستقبلا عندما قال إن أي اتفاقية كهذه لن تلزم حماس في المستقبل: "لا أعتقد أن معاهدة من أي نوع يمكن أن تلزم أحدا في المستقبل. اقرأ التاريخ فقط"، كما قال، ملوحا بتغييرها إن تسلمت حماس السلطة، مستشهدا بسابقة "التغييرات العديدة في اتفاقيات" أوسلو التي أجراها رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو عندما تسلم الحكم.

أما دفاع أبو مرزوق في اليوم الثاني للمقابلة عن ميثاق حماس، فقد نسفه تنصله منه عندما قال إن الميثاق لا يحكم حماس ثم اعترف: "لدينا سياسات كثيرة، كثيرة، لا تتفق مع الميثاق ... وهناك الكثيرون في حماس يتحدثون عن تغيير الميثاق. ذلك جدل داخل حماس، لأن هناك سياسات كثيرة، كثيرة، تتعارض مع ما هو مكتوب في الميثاق". واعترافه هذا إضافة جديدة لسلسة من خروج الفصائل الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتها منظمة التحرير، على مواثيقها التي تسوغ وجودها.

* كاتب عربي من فلسطين          

إعلام المقاومة بين الصدقية والشخصية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

إنها جريمةٌ كبرى لا تغتفر، وخطيئةٌ وإثمٌ كبير لا ينبغي السكوت والتغاضي عنه، مهما كان مرتكبوه كباراً في أشخاصهم، أو أعلاماً في أسمائهم، أو مشاهير في مواقعهم، أو مسؤولين في مناصبهم ووظائفهم، أو مختصين في مهنهم، أو حرفيين في عملهم، أو ملتصقين في مواقعهم سنيناً، ومرتبطين بكراسيهم عمراً، ثابتين في مناصبهم على طول المدى، لا تجرفهم الأحداث، ولا تغيرهم الأخطاء، ولا تأتي بخيرٍ منهم الحاجات، ممن يظنون أنهم الأكفأ والأفضل، وأنهم الأنسب والأحسن، وأنهم الأكثر أمانة والأعظم مسؤولية، إذ هم يفهمون السياسة ويدركون أبعادها، ويعرفون كيفية تطبيقها، والوسيلة إلى تنفيذها وفقاً لرؤاهم وحسب مصالحهم، فلهذا يبقون ولا يزاحون، ويستمرون ولا يتغيرون، ويأتون بالموالين، ويقصون المعارضين، ويعاقبون المخالفين، ويهددون من خالفهم، ويشوهون من عارضهم.
لا يجوز إهمال وتمرير جريمة هؤلاء الأمناء على إعلامنا ببساطة، مخافة أن تتكرر أخطاؤهم وتصبح عادة، وتتفاقم جرائمهم وتصبح طبيعة، يلجأون إليها وقتما يرون لها ضرورة لمصالحهم ومنفعة لأهدافهم، لأنها إثمٌ بحق وجريمةٌ مكتملة الأركان، مقصودة ومتعمدة يرتكبها فاعلوها عن قصدٍ وإصرارٍ وعلمٍ تامٍ بقذارتها، وسوء مقصدها، عندما يقوم القائمون على إعلام المقاومة، والأمناء على مؤسساتها الإعلامية المختلفة، باستخدامها لأغراضٍ شخصية دنيئة، ومنافع فردية مشبوهة، وأهدافٍ فئوية ممقوتة، وهم يعلمون أنهم يستخدمون ما ليس حقاً لهم فيما لا يجوز لهم، وفيما لا ينبغي استخدامه فيه، فهم يقومون بتمرير أكاذيب وأباطيل يعلمون هم أنها كذب ومحض خيالٍ ثري بالأكاذيب والأضاليل والافتراءات والمصالح الشخصية، وغني بالتجارب والسوابق المشابهة، يقصدون بإثارتها حرف الحقائق، وطمس الوقائع وتغيير الثوابت، وتزيين الباطل، معتقدين أنهم بفعلهم هذا يحسنون صنعاً، وأنهم سينجون من جريمتهم بما يملكون من أدواتٍ إعلامية ليست لهم، كما أنها ليست من صنعهم، وإنما جاءت بهم القوافي ليكونوا أمناء عليها، مشغلين لها أو منتفعين منها. 
إعلام المقاومة مهنةٌ شريفةٌ عظيمةٌ خطرة، إنها جزءٌ من المقاومة المسلحة، وأحد أدواتها الضارية، التي يضرب بها المقاومون ويستخدمها المناضلون، ولعلها تؤتي أحياناً ثماراً أعظم من البندقية، وأفعل من القذيفة، وأبلغ من الصاروخ، فهي أسبق وأسرع، وهي أكثر انتشاراً وأوسع تأثيراً، إنها مقاومة تفت في عضد العدو وتوهن قوته وتمزق جمعه وتشتت صفه، وتربك خططه وتفشل عمله، إنها مقاومةٌ يخشاها العدو ويحسب حسابها، ويتأذى من أثرها، ويعمل على صدها والحد من فعلها الصارم، فيسخر إعلامه المضاد لإضعافها ومنع تأثيرها على شعبه وجنده، إنها سلاحٌ فتاك يدخل كل بيت ويتسرب إلى كل نفس، ولا يقوى العدو على رد بأسها وتجنب أثرها.
إنها مهنةٌ شريفةٌ عظيمة، يرتادها المؤمنون بها، ويحرص على العمل فيها خيرة المقاومين، ممن يرون أنها وسيلةٌ حقيقية للجهاد والمقاومة، وأنها سبيلٌ عظيم يحتاجها المقاومون، ولا يستغني عنها المقاتلون، فيحمل بعضهم الكاميرا ويتعمق بها في الصفوف الأولى، يسجل ويدون ويوثق، يمشي جنباً إلى جنب مع المقاتلين، ويرابط مع المرابطين في خنادقهم، ويجول معهم في البساتين والجبال الوعرة، وهم يعلمون أن قذائف العدو لن تستثنيهم، وغارته لن تتجنبهم، والقتل لن يقفز عنهم، ومع ذلك فهم يقدمون على العمل وهم لا يتوقعون العودة، ويبدون استعداداً التضحية بحياتهم من أجل قضيتهم، إيماناً بأهدافهم، وحرصاً على مصالح شعبهم، يخرجون من بيوتهم مودعين أهلهم، مقبلين أيدي أمهاتهم، مستودعين الله دينهم وآماناتهم وخواتيم اعمالهم، فيقينهم أنهم كغيرهم من المقاتلين فقد لا يعودون.
وكذا حال أصحاب الأقلام الشريفة، والكلمات الصادقة، والعواطف النبيلة، والمشاعر النابضة بالصدق، والأصوات الصادحة بالحق والناطقة بالبيان، ممن لا يداهنون ولا ينافقون، ولا يخافون ولا يجبنون، ولا يسترزقون ولا يستكتبون، ولا يستأجرون ولا يرهنون، وممن يصدقون ولا يكذبون، ويقولون الحق وعلى أنفسهم، ويمتنعون عن الكذب ولو كان فيه منجاتهم، ممن يدركون أن في كلماتهم المكتوبة أو المنطوقة يكمن الخطر، ويسكن الموت، ويتربص الشر، ويستبطن الكره، إلا أنهم يرون أن الوطن يستحق منهم كل تضحية، والشعب يستأهل منهم كل عطاء، والأمانة تتطلب منهم الصدقية والشفافية.
إنها أخلاقيات إعلام المقاومة، وصفات الرجال الذين استوت عندهم البندقة والقلم، وتساوت لديهم القذيفة والصوت، ممن يسكنون الميدان، ويدفعون الضريبة في كل مكان، إنها لا تتناسب أبداً مع ناطقٍ رسمي مدعٍ يتدثر بالمجهول، ويتستر بعدم ذكر اسمه، ويتخفى بإنكار مكانه، ويستخدم أدوات المقاومة التي هو مؤتمنٌ عليها في تمرير الأخبار الكاذبة، والافتراءات الموضوعة، خدمةً لمشاريع يؤمن بها، ومصالح يسعى لها، وغاياتٍ يخطط وغيره للوصول إليها، فتراه يوماً يسرب خبراً كاذباً، أو ينشر محضراً للقاءٍ مقصود، أو يبث أخباراً مغلوطة ومعلوماتٍ منقوصة، أو يدحض حقيقة ساطعة، وينفي واقعة مشهودة، وينكر أحداثاً ملموسة، أو يحاول تارةً أخرى أن يجس نبض الشارع، أو يختلق المريدين والمؤيدين والمصفقين والمهللين، مخافة أن يسقط أو يتعرى، أو يخسر ويفقد، أو يضيع ويتوه، أو يسقط الجدار فيزول الظل، فهو يعلم أن وجوده في دوره منوط، وفي وظيفته مربوط، وبنتائج عمله محكوم، وببقاء غيره مرهون. 
إعلام المقاومة هو للمقاومة، وهو للشعب ومن أجله، وهو للوطن وفي سبيله، وهو ليس للكذب والتدليس، وليس للإفتراء والتضليل، وليس للبهتان والتجريح، وهو ليس للتطبيل لرجلٍ قائد، والتصفيق لرئيس آيلٍ للسقوط أو ساعٍ للبقاء، إنه بيانٌ للصدق، ووسيلةٌ للعدل، ومنهجٌ لتثبيت الحق، والدفاع عن الشعب، والوقوف في وجه عدوه، وصد هجومه وفضح مؤامراته، والإعلاميون الصادقون هم مقاومون بحق، ومقاتلون بصدق، مكانهم الميدان، وساحتهم جبهات القتال، يسخرون حياتهم من أجل قضيتهم، ولا يسخرون مؤسسات المقاومة الإعلامية لخدمة أغراضهم وإن تعارضت مع المقاومة، وتناقضت مع قيمها، وتصادمت مع مبادئها.

أشواك الحروف!/ عادل عطية

• قس وشيخ:
"قس" و"شيخ"، كلمتان: جمعهما المعنى الواحد، وفرّقت بينهما الأديان، والأمثال!...
• عندما يصبح الشيخ إلهاً:
اعتصامات انصار الشيخ حازم، المستبعد من خوض الانتخابات الرئاسية، تؤكد تعاطفهم مع الآية القرآنية: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا"!...
• تصريح وحشي:
تصريح نبيه الوحش عن اعتزامه مع أبو اسماعيل، تأسيس حزب الله السني بجناح عسكري، تصريح وحشي!...
• ويل سات:
بعد التهديد بإستهداف استوديوهات ومذيعي فضائية مصرية، أتخيل أن يصبح نايل سات: ويل سات!...
• في كل مرة سبب:
الهجمات الوحشية المتكررة على الرهبان؛ ليس لأنهم يستقوون بالخارج؛ ولكن لأنهم يستقوون بالإيمان!...
• فلول وحلول:
قد يكون ابعاد الفلول من أفضل الحلول، لكن عند الفلول كل الحلول!...
• الوداع يا بشر:
عرفنا: "نظرة الوداع"، وخبرنا: "قبلة الوداع". الجديد، أنهم يتباحثون الآن في إصدار قانون: "مضاجعة الوداع"؛ لمعاشرة الزوجة بعد موتها. أفلا يحق لنا أن نقول: الوداع يا بشر؟!..

الحصاد المسيحي لزيارة القدس تحت الاحتلال/ نقولا ناصر

(إذا كانت "زيارة" العرب والمسلمين للقدس تحت الاحتلال دعما لها ولأهلها ولقضية شعبها، ألن تكون كذلك أيضا "إقامة" سفاراتهم فيها حسب المنطق ذاته)

يوم الأربعاء الماضي جدد الرئيس محمود عباس دعوته للعرب المسلمين و"المسيحيين" لزيارة القدس المحتلة. ولأن لكل امرئ ما نوى، والله وحده الأعلم بالنيات، فإن الرفض لدعوته لن يشتط حد الشك في أنه هو أو أي عربي أو مسلم داخل فلسطين أو خارجها يؤيد عامدا متعمدا تقديم هدية مجانية بملايين "الزوار" العرب والمسلمين للسياحة في دولة الاحتلال، لكن الحصاد المسيحي لزيارة القدس تحت الاحتلال بدواع مماثلة أثمر نتائج عكسية ويمثل سابقة مليئة بالعبر توجب عدم تكرارها عربيا وإسلاميا.
فالكنائس المسيحية المختلفة في ما بينها استنفرها الخطر المحدق ب"الوجود المسيحي" في الأراضي المقدسة بقلسطين خاصة كي تعقد المؤتمرات خلال السنوات الأخيرة من أجل "توحيد" جهودها لانقاذ هذا الوجود، بعد أن فشلت في حمايته زيارات للقدس وهي تحت الاحتلال على أرفع مستوى ديني قام بها ثلاثة من بابوات الفاتيكان الذي يقود أكبر الكنائس المسيحية عددا خلال خمسة وأربعين عاما (البابا بولس السادس والبابا يوحنا بولس الثاني وأخيرا البابا الحالي بنديكت السادس عشر في اعوام 1964 و2000 و2009 على التوالي).
وقد تذرعوا جميعا بأن زيارتهم كانت "حجا" دينيا، بالرغم من تحوله عمليا إلى موسم سياحي، وبالرغم من استثمار دولة الاحتلال لهذا الحج الديني سياسيا خير استثمار لصالحها، تماما مثلما سوف تستثمر أي "شد للرحال" العربية والاسلامية إلى القدس وهي تحت الاحتلال.
فالوجود المسيحي المتآكل في القدس يكاد يحول كنائسها إلى آثار ومتاحف تفتقد من يتعبدون فيها وتصلح فقط لجذب ملايين السياح إلى دولة الاحتلال التي أعلنت المدينة "عاصمة موحدة وأبدية" لها، بالرغم من "الحج" المسيحي إليها على أرفع مستوى.
عندما زار البابا الحالي بنديكت السادس عشر القدس عام 2009، أعلن المطران عطا الله حنا رئيس أسلقفة سبسطية للروم الأورثوذكس أن "البابا بنديكت ليس مرحبا به في الأرض المقدسة في الظروف الحالية"، وتعليقا على الجدل الراهن حول زيارة القدس نسبت إليه صحيفة القدس المقدسية في العشرين من الشهر الجاري قوله: "إنني أرفض زيارة القدس في ظل الاحتلال، فهذا موقف مبدئي أتمسك به وسأبقى"، لأن زيارتها تعطي "شرعية لمن لا شرعية له"، ولأن "إسرائيل هي المستفيد الحقيقي من هذه الزيارات اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا"، ولأنها "تستغل السياحة الدينية لأغراض سياسية".
وتوجد أهمية خاصة لموقف المطران عطا الله المماثل لموقف الراحل البابا (نظير جيد روفائيل) شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في مصر والعالم، لأنهما يمثلان أكبر الكنائس المسيحية العربية عددا أولا، ويمثلان ثانيا الكنائس التي لم ينقطع وجودها بين العرب والمسلمين بعد حروب الفرنجة المعروفة اليوم باسم الحروب الصليبية كما انقطعت الكنائس الغربية التي عادت أو دخلت الوطن العربي مع الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر على أنقاض الخلافة العثمانية، ويمثلان ثالثا لذلك الكنائس الأوثق ارتباطا بالأرض العربية وبأشقائهم من العرب المسلمين.
في الثامن من الشهر الجاري أعلنت تل أبيب الأديب والشاعر الألماني الحائز على جائزة نوبل غونتر غراس "شخصا غير مرغوب فيه" ومنعته من "زيارة" دولة الاحتلال الاسرائيلي بسبب قصيدة حث فيها بلاده على عدم بيع الأسلحة لها، بعد أن أجازت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أواخر العام الماضي تزويدها بغواصة سادسة من نوع "دلفين" قادرة على حمل أسلحة نووية ك"مكافأة" لها على إفراجها عن مستحقات الضرائب الفلسطينية!
وغرق الخبران ودلالاتهما السياسية في خضم الجدل البيزنطي الديني والسياسي المحتدم بين العرب والمسلمين حول ما إذا كانت "زيارة" القدس تحت الاحتلال حرام أم حلال. لكن منع غونتر غراس من الزيارة يذكر بأن قرار "زيارة القدس" وبقية فلسطين المحتلة ليس قرارا فلسطينيا أو عربيا أو إسلاميا بل هو قرار "إسرائيلي" تتحكم فيه دولة الاحتلال ب"شد الرحال" إلى القدس أو منع شد الرحال العربية والاسلامية اليها.
سوغ الرئيس الفلسطيني تجديد دعوته ب"دعم قضية الشعب الفلسطيني" كما قال، وكاد أن يتحول إلى داعية إسلامي وهو يرد "دينيا" على الرافضين لدعوته "السياسية" هذه بالاستناد إلى أن "زيارة القدس لم تحرم أصلا لا في القرآن ولا في السنة، (بل) بالعكس تماما"، إذ "لم يرد في القرآن أية كلمة تشير الى التحريم، والتحريم يحتاج الى نص"، قبل أن يعود إلى السياسة ليتهم "الإخوة العلماء" الذين أفتوا بحرمة زيارة القدس تحت الاحتلال بأنهم "خلطوا الدين بالدنيا والدين بالسياسة والحزبية بالاسلام".
إن سوق أسانيد دينية لدعم الدعوة إلى "شد الرحال" إلى القدس وهي تحت الاحتلال يتيح مهربا من الحجج الوطنية والسياسية القوية المعارضة لذلك، غير أن في ذلك لجوء انتقائي إلى الدين الحنيف يتجاهل "النص" في قرآنه الكريم على أكثر من سبعين آية كريمة "تنص" على الجهاد وتنطبق على بيت المقدس وأكنافه وأصبحت تلاوتها تعتبر "تحريضا" لا ينسجم مع نصوص معاهدتي "السلام" واتفاقيات أوسلو "السلمية" المصرية والأردنية والفلسطينية على التوالي.
ولا يختلف مسلمان على "شد الرحال" إلى القدس، فهذا ليس موضوع جدل أو خلاف ديني، لكن دعاة زيارة القدس تحت الاحتلال في دفاعهم عن دعوتهم يصورون المعارضين لها سياسيا كمعارضين لفريضة دينية، مستخدمين بذلك الدين سلاحا سياسيا، وهم أنفسهم الذين يهاجمون الاستشهاد بآيات الجهاد في القرآن الكريم للحث على مقاومة الاحتلال بأنه استخدام سياسي للدين.  
وإذا كان "شركاء السلام" هؤلاء ينسجمون مع أنفسهم في الدعوة الى زيارة القدس تحت الاحتلال باعتبارها فاتحة حث على التطبيع "الشعبي" مع دولة الاحتلال بعد أن أنجزوا التطبيع "الرسمي" معها، فإن تسويغ مفتي مصر علي جمعة لزيارته الأخيرة للقدس بأنها كانت "شخصية"، ثم تنصل منظمة التعاون الاسلامي من اتخاذ موقف بالتعلل بأن زيارة القدس هي "قرار سيادي" لكل دولة من دولها الأعضاء السبعة والخمسين، كما قال أمينها العام أكمل الدين احسان أوغلو لصحيفة الشرق الأوسط يوم الثلاثاء الماضي، هما مؤشران واضحان إلى حجم الرفض الشعبي وعمقه.
لكن ما وصفه عباس بأنه "مواجهة ... شديدة وحامية" في هذا الجدل البيزنطي قد أوقع الجميع في ما وصفه أيضا ب"خلط ... الدين بالدنيا والدين بالسياسة والحزبية بالاسلام"، ليقع بدوره في فخ الفصل التعسفي بين ما يعتبر "فريضة شرعية" لشد الرحال إلى القدس بنص صريح السنة النبوية المشرفة وبين الضرورة الوطنية والسياسية التي تحرم شد الرحال إليها وهي تحت الاحتلال.
إن المقال الذي نشره مؤخرا وزير الأوقاف الأردني الأسبق ونائب رئيس اللجنة الملكية الأردنية لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة منذ ثلاثين عاما، د. رائف نجم، تأييدا لدعوة عباس، يصلح نموذجا ل"الخلط" في هذا الجدل البيزنطي المحتدم، بينما المخطط الصهيوني لتهويد القدس يدخل ربع الساعة الأخير قبل إتمامه، وبينما تستعد دولة الاحتلال لنقل مقرات قياداتها العسكرية والأمنية، مثل القيادة العامة لهيئة الأركان والكلية العسكرية وكلية الأمن القومي، من تل أبيب وحتى من غرب القدس إلى شرقي المدينة المحتلة.
فالدكتور نجم يخلط بين "زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم) للمسجد الحرام بعد صلح الحديبية وهو تحت حكم المشركين" وبين زيارتها اليوم تحت الاحتلال، متجاهلا أن "المشركين" لم يحتلوا مكة آنذاك بل كانوا أهلها الذين أعز الله الاسلام بهم بعد أن اهتدوا كما كان يأمل رسول الله، وهو يخلط كذلك عندما يذكر بأن "الخليفة عمر بن الخطاب دخل القدس في زمن حكم البيزنطيين ولم يعترض على هذا الأمر أحد من الصحابه" متناسيا أن الخليفة رضي الله عنه دخلها ليتسلم مفاتيحها من البطريرك صفريانوس، ويخلط أيضا عندما يتساءل "لماذا لا ينتقد المسلمون في العالم أجمع وهم يزورون بلاد أمريكا وأوروبا واليابان وتايلاند وكوريا والهند ... (و) يعد ذلك تطبيعا مع غير المسلمين" ويغيب عنه أن هذه الأقوام والشعوب موجودة في أوطانها ولا تحتل "وقفا إسلاميا" أخرجت منه أهله وشردتهم في كل بقاع الأرض واستوطنته بدلا منهم.
غير أن الخلط عند د. نجم يبلغ حد الشطط السياسي عندما يخلص إلى حث "الأمة العربية، مسلمين ومسيحيين" على "أن لا ينقطعوا عن زيارة القدس" بحجة "أن هذه الزيارة ضد تخطيط الاسرائيليين لتهويد المدينة والقضاء على الهوية العربية" فيها، خصوصا عندما يستشهد بالشيخ رائد صلاح وغيره من "القائمين على مشروع شد الرحال" إلى القدس والأقصى "يوميا" مستهجنا عدم "انتقادهم"، متجاهلا حقيقة أن دولة الاحتلال التي ترحب بالمستجيبين لدعوة عباس التي يؤيدها نجم إنما تستثني من ترحيبها الشيخ صلاح ومثله رئيس الهيئة الاسلامية بالقدس وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري ومثلهما أركان قيادة منظمة التحرير وسلطة الحكم الذاتي التابعة لها، بمن فيهم عباس نفسه، ومثلهم كل المسلمين والمسيحين من عرب فلسطين المحتلة لأن زيارة هؤلاء، وهم جميعا تحت الاحتلال، مثل القدس والأقصى، هي وحدها الكفيلة بالحفاظ على الهوية العربية والاسلامية لبيت المقدس، أما تدفق "الزوار" العرب والمسلمين على القدس ب"تأشيرة دخول إسرائيلية" فإنه تكرار لسابقة مسيحية لم تثمر إلا ندما.
وهنا يفرض سؤال ذاته، فإذا كانت "زيارة" العرب والمسلمين للقدس تحت الاحتلال دعما لها ولأهلها ولقضية شعبها، ألن تكون كذلك أيضا "إقامة" سفاراتهم فيها حسب المنطق ذاته، وهو ما تعارضه القيادة الفلسطينية في رام الله حتى الآن؟
والمفارقة أن عباس بدعوته يخوض "مواجهة شديدة وحامية" مع العرب "مسلمين ومسيحيين" وليس مع دولة الاحتلال، فهذه الدولة تصدر تأشيرات الدخول على الرحب والسعة لكل من يستجيب لدعوة عباس من العرب والمسلمين، لأنها بذلك تسوق ما تدعيه على الموقع الالكتروني لوزارة خارجيتها بأن "إسرائيل تسمح للناس من كل الأديان بالوصول إلى الأماكن المقدسة التي لا تعد ولا تحصى في البلاد" وبأن "القانون الاسرائيلي يصرح للجميع، بغض النظر عن الانتماء الديني، بالحق في زيارة كل الأماكن المقدسة" فيها.
وإذا استجاب العرب والمسلمون لدعوة عباس، يصعب هنا عدم التساؤل عما إذا كانت دولة الاحتلال لن تطلب مستقبلا "المعاملة بالمثل"، من أجل السماح لليهود بزيارة "خيبر" على مشارف الحرمين الشريفين!
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com
 

في "مبدأ رامسفيلد".. إستمراراً لإحتلال العراق/ محمد الياسين

 لفهم كيفية استمرار الاحتلال والنفوذ الامريكي في العراق سأتوقف عند شرح ما بات يعرف لدى الاوساط العسكرية الامريكية " بمبدأ رامسفيلد " ، القائم اساسا على ان جوهر القوة العسكرية الامريكية هو بأستخدام قوى مشتركة خفيفة وأسهل حركة في الحرب تدعمها المعلومات الاستخباراتية وقدرات القيادة والسيطرة بما في ذلك مضاعفات القوة ، مثل الأجهزة الفضائية والطائرات غير المأهولة .
وقد شرح رامسفيلد ذلك للجنود المتواجدين في بغداد عقب الحرب على العراق قائلاً بالنص : إننا لسنا بحاجة لأن نسرع على أقدامنا ، إن ما نحتاجه هو إنجاز الأشياء خلال ساعات وأيام بدلاً من الأسابيع والأشهر ، وبأقل قدر من آثار أقدامنا على الأرض .
وكرر هذا المعنى نفسه قائد القوى المشتركة الجنرال " ريتشارد مايرز " فقد أكد على أن هذه الطريقة الأمريكية الجديدة في الحرب فيها قوات مشتركة مرنة الحركة قادرة على رؤية الأعداء والتخطيط والتصرف وتقييم حالة ساحة المعركة بأسرع من ذي قبل .ونتيجة لذلك فإن التأخر الزمني الذي كان مرتبطاً بمعرفة مصدر إطلاق النار والذي كان يستغرق ساعات أو أيام تناقص إلى دقائق  .
وفق مبدأ رامسفيلد فقد حل تعبير فضاء المعركة محل تعبير ساحة المعركة إذ أن الاشتراك بين المجال الجوي والأرضي والبحري والفضائي أصبح ارتباطاً وثيقاً للغاية ويسمح بإستخدام تشكيلات أصغر يمكنها أن تستخدم قوة مبيدة أو غير ذلك بأسرع ما يمكن وبشكل منظم حيث يتحكم بها نظام ضبط ومراقبة ديناميكي مرن .
وفق هذا المبدأ لا اجد انتهاءا لاحتلال العراق ولا يتعدى انسحاب القوات العسكرية التقليدية كونه تغييراً تكتيكياً اتبعته الادارة الامريكية وفق الاستراتيجية العامة إتجاه العراق و المنطقة .
عمليا نترجم مبدأ رامسفيلد واشاراته على أرض الواقع ، بالمهام والأهداف الحقيقية للشركات الأمنية " الأجنبية و العراقية " العاملة في الساحة العراقية ، و خاصة تلك التي دخلت البلاد بعقود أبرمتها مع السفارة والجيش الأمريكيين ، فهي تعد بديل " ذكي وقذر "لإستمرار الإحتلال ، لجأت إليه النخبة الامريكية كغطاء لجيش مُحتل من نوع أخر . فهذه الشركات التي يقدر قوام افرادها وعناصرها بالالاف تتمتع بميزات تختلف عن أفراد وجنود الجيش التقليدي ، من حيث تلقيهم تدريبات قتالية على حرب الشوارع والعصابات ، وكيفية التخفي بين المواطنين وجمع المعلومات الاستخباراتية ، وقيامهم بمهام" قذرة " كالاغتيالات بالقنص ونصب العبوات اللاصقة والخطف ، ونوعية تجهيزاتهم متطورة واوزانها خفيفة واحجامها صغيرة ، لا تشكل عبئ كما هو الحال بالنسبة لافراد وعناصر الجيش التقليدي ،ما يُعينهم على سرعة الحركة والمناورة والرد على مصادر النيران  والاستجابة بسرعة فائقة بتنفيذ المهام الموكلة اليهم ، لارتباطهم بمنظومة مركزية شبكية معقدة مرنة ، تُصدر اوامرها بالتنفيذ  بناءا على معلومات استخبارية دقيقة ، عكس الحال بالنسبة للجيش التقليدي الذي يتطلب وقت طويل لاصدار اوامره الى الوحدات العسكرية بالتحرك .
الفكرة تنطلق من مفهوم عدم تكافئ القدرة العسكرية والتجهيزات التكنلوجية بين الجيش العراقي مع الجيش الامريكي آبان الحرب الأخيرة ، أعقبه بعد الإحتلال عدم تكافئ من حيث حجم خسائر  جيش الأحتلال الأمريكي مع المقاومة العراقية ، التي أعتمدت في بداية الامر أسلوب " الحرب الشبحية " ثم أنتقلت لأسلوب " حرب الشوارع او " حرب العصابات " كما يسميها البعض ، بكلا الحالتان فأن جيش الإحتلال أستُنزف استنزافا عظيما ،فلا يخفى على احدا من المتابعين و المختصين بشأن مجريات وأحداث الساحة القتالية في العراق ، بأن المقاومة المسلحة قد تمكنت على مدى سنوات من تحقيق نجاحات باهرة ومثالية في كثير من الاحيان ضد قوات الإحتلال وإنزلت بهم خسائر بشرية ومادية ونفسية فادحة ، تستحق أن تدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية .!
فأستوجبت تلك الحالة بحث النخبة الأمريكية عن وسائل وأساليب أخرى تُجنب قواتهم الخسائر ، وتمكنهم من الاستمرار بأرض المعركة ، وتُحقق أهدافهم بأقل كلفة وأسرع وقت ، وايضا توهم العالم والشعب الأمريكي بأنهاءهم الحرب بسحب قواتهم التقليدية من العراق.
محمد الياسين
Moh.alyassin@yahoo.ca

كهرباء غزة مقابل غاز تل أبيب/ د. مصطفى يوسف اللداوي

هل هي معادلة جديدة ومحاولة مصرية جادة لمساعدة قطاع غزة والوقوف إلى جانب سكانه، وبداية تحول حقيقي في سياسة مصر الثورة، ومباشرة عملية لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية تجاه قطاع غزة، وهي المسؤولية التي تخلى عنها نظام مبارك وقام بنقيضها وبعكس ما كان يتوقعه الفلسطينيون منها، فناصر إسرائيل على الفلسطينيين، وساندها وساعدها في حصارها لقطاع غزة ومضاعفة معاناة سكانه، وزيادة ألمهم ورفع منسوب الموت في صفوفهم، وضغط عليهم وعلى فصائل المقاومة الفلسطينية للقبول بالشروط الإسرائيلية، والنزول عند رغبة النظام المصري الذي كان متواطئاً مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي سكت عن الحرب على قطاع غزة، وقبل أن تكون رسالة التهديد الإسرائيلية من القاهرة، وصافرة البدء في العدوان على لسان تسيفني ليفني في قصر الرئاسة المصري إثر لقائها مع مبارك، فهل ما يحدث الآن هو بداية تغيير حقيقي في موقف مصر الرسمي مع الكيان الإسرائيلي، وأنه علامة فارقة نحو مستقبل دور مصر وحقيقة مواقفها الجديدة تجاه الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني.
أهو مسعى حقيقي لإجبار الحكومة الإسرائيلية على رفع حصارها المطبق المفروض على قطاع غزة منذ سنوات، خاصة منعها إدخال الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية في غزة، فضلاً عن وقود السيارات وغاز الطهي ومختلف المشتقات النفطية الأخرى، وأنها رسالة مصرية جادة للحكومة الإسرائيلية والعالم بأن نفط العرب هو للعرب، وغزة وسكانها أولى بغاز مصر من إسرائيل، وأن الشعب المصري يتطلع لأن يضيئ شوارع قطاع غزة ويحرك آلات ومحركات مصانعها ومعاملها بزيته ونفطه، فالشعب المصري لم يعد يقبل أن يتبرع بثرواته القومية لإسرائيل المعتدية الظالمة المحتلة للأرض الفلسطينية والمضطهدة للشعب الفلسطيني، ولن يرضى بأن تفضل حكومته العدو الإسرائيلي وسكانه على مصالح مصر وأهلها، وعلى أولوياته القومية والدينية تجاه سكان قطاع غزة، وهم الذين يدركون أن المخابرات الإسرائيلية لم تنفك تحاول اختراق أمن مصر، وإفساد الحياة فيها، وتخريب اقتصادها، وتدمير مقومات وجودها، فهي لم تتوقف عن زرع عملائها ونشر جواسيسها في مختلف مرافق الحياة المصرية، وهي تخطط لحرمان المصريين من مياههم، والضغط عليهم في مصادر نيلهم العظيم، الذي كان وما زال هبة الحياة لمصر وشعبها.
أم أن القرار السيادي الوطني المصري هو بداية تغيير في اتفاقية كامب ديفيد للسلام، وإشارة مفادها استعداد مصر وجاهزيتها لنقضها أو إعادة تقيمها من جديد، بما ينسجم ودورها ولا يتناقض مع قيمها، وبما يعيدها إلى صدارة العرب وقيادة الركب، حيث مكانتها الطبيعية وموقعها الأصيل، ودورها التاريخي الموروث، وأن المجلس العسكري المصري أراد بموافقته على القرار التسهيل على الحكومات المصرية القادمة إمكانية إعادة قراءة مختلف الاتفاقيات الموقعة من الكيان الإسرائيلي، فإذا كان الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية يعولون على المجلس العسكري المصري بأنه حامي اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وأنه لن يسمح بالمساس بها أو التأثير عليها أو محاولة تغيير بنودها وأصولها، فها هي موافقته على تجميد توريد الغاز المصري إلى الكيان الإسرائيلي تعني أنه منحاز إلى شعبه وخيارات أمته، وأنه لا يستطيع أن يراهن على مصالح مصر القومية بعلاقاتٍ إسرائيلية هي أساس ضعف مصر وتراجع دورها وانهيار اقتصادها وخراب مجتمعاتها.
أم أن قرار مصر هو اقتصادي فقط ولا دخل للسياسة فيه، فلا مكان فيه لدور مصر التاريخي والطليعي وطموحاتها المستقبلية في استعادة دورها ومكانتها، وأن الذين اتخذوا هذا القرار رأوا أن مصر لم تعد قادرة على حماية خطوط الغاز التي تزود إسرائيل به عبر صحراء سيناء، فالهجمات المتكررة عليه وتفجيره لعدة مرات قد ألحق بالشركة الناقلة خسائر كبيرة، فلم تعد قدرات شركات التأمين فيها قادرة على تعويض الخسائر وضمان المستقبل، وتحقيق الربح المتوقع، فقررت أن تتوقف عن بيع الغاز إلى الكيان الإسرائيلي، مخافة أن تتكرر التفجيرات، وينجح المعارضون لهذه الصفقات في إلحاق خسائر أكبر بالشركة المسؤولة عن توريد الغاز.
النتيجة واحدة هي أن مصر ستتوقف عن ضخ الغاز إلى الكيان الإسرائيلي، ولن تواصل سياسة الخنوع التي رضخ لها وقبل بها نظام مبارك، وستشعر الحكومة الإسرائيلية بأن مصر دولة ذات سيادة، ولها كرامتها وموقفها الحر والمستقل، وأنها لا تخشى رد الفعل الإسرائيلي ولا التهديدات الأمريكية لها، وأنها تركن إلى شعبٍ وأمة لا يرضون لها الهوان، ولا يقبلون لها الدنية، ولا يسكتون لها على الضيم، ولا يقبلون أن تستباح خيراتها وأن تنهب مقدراتها، وأن يستخدمها الكيان الإسرائيلي في قهر الشعب الفلسطيني، وإلحاق الضرر به قتلاً وتخريباً وتدميراً، فهذه خيرات الشعب المصري ومقدراته، وهم أحرارٌ في قرارهم ومع من يتعاونون في بيع نفطهم، وصدق من قال "من تحكم في ماله فما ظلم"، وهذا مالٌ مصري عربي وإسلامي خالص، هو لمصر وشعبها وأمتها العربية والإسلامية دون سواهم.
تدرك الحكومة الإسرائيلية خطورة وأبعاد القرار المصري، فهو قرارٌ جاد، وموقفٌ صارم، تفهمه وتحسن قراءته، وقد حملت مبكراً نذره المخابرات الإسرائيلية والعاملون الإسرائيليون في السفارة الإسرائيلية في القاهرة، فهو قرارٌ سيادي سياسي مصري لا اقتصادي، يحمل معه أولى ثمار الثورة، فالسلام مع مصر لن يعود بارداً كما كان، ولن يجمد على حاله ويبقى، بل إن نذر سقوطه قائمة، وملامح انهياره حاضرة، وإمكانية التخلي عنه ورادة في أي لحظة، وسيبدأ الإسرائيليون في الإحساس يقيناً بأن مصر أصبحت إلى غزة أقرب، ومع الشعب الفلسطيني أصدق، وهي إلى تاريخها القديم ودورها الرائد تتطلع، وهي أبداً لن تقبل أن ترى شوارع تل أبيب مضاءة بينما بيوت غزة معتمة، ومصانعها معطلة، ومعاملها متوقفة، وهي بالتأكيد لن تقبل أن يكون وقودها هو الذي يحرك آلة الدمار الإسرائيلية، وهو الذي يملأ خزانات وقود المقاتلات الحربية الإسرائيلية، فهل تنجح مصر في فرض معادلة جديدة، تتجاوز في أبعادها كهرباء غزة مقابل غاز تل أبيب، إلى وقف العدوان والقبول بالحق والإذعان إلى العدل.

نواطير الحياة/ جواد بولس

لو كنت صاحب القرار والقول الفصل لما قررتُ الشروع في إضراب مفتوح عن الطعام كالذي أعلنته فئات واسعة من أسرى الحرية القابعين في سجون الاحتلال، في ظروف قمع وتنكيل تتطاول من يوم إلى يوم وتستدعي، بلا شك، تحرّكًا استثنائيًا من الحركة الأسيرة ذاتها ومن عمقها الفلسطيني الأرحب والشامل.
هنالك من شكّك في النوايا الحقيقية لدى بعض الإخوة من دعاة البدء في إضراب شامل عن الطعام يوم 17.4.2012 وهو يوم الأسير الفلسطيني. إضراب بدوافع سياسية لكنّه غلّف بعناوين مطلبية، هكذا كان الهمس وفي بعض الأحيان جاء على صورة تحفّظات خجولة. هذه الأصوات تدّعي أن الإخوة في حركة حماس يعيشون حالة حرج كبيرة ويعانون من أزمة في السياسة وفي المقاومة، هوامش نشاطهم السياسي والشعبي تراجعت بشكل ملحوظ في الضفة الغربية وذلك لعدة أسباب، منها أسباب ذاتية، كتوقف الحركة عن أعمال المقاومة المسلحة والميدانية التي ميّزتها لفترة من الزمن عن باقي الفصائل لا سيّما "فتح"، حسبما درجت حركة حماس على الادعاء والتفاخر به. وأسباب خارجية، كتضييق مساحات العمل المسموحة لها والحد من نشاطاتها الجماهيرية والشعبية. من زاوية حُشرت فيها حماس تحركت عناصرها ودفعت من أجل إضراب عنوانه مطلبي (وقف سياسة العزل والسماح لعائلات غزة بزيارة أبنائها) وحقيقته سياسية ويمكِّن الحركة من العمل الشعبي دون أن تتعرض عناصرها للملاحقة. من جهة أخرى، وبالتوازي، يجب أن نضيف بعض العوامل العامة كممارسات سلطة مصلحة السجون وتماديها في قمع الحركة الأسيرة وسحبها للعديد من حقوق الأسرى بشكل أدّى إلى خلخلة خطيرة فيما كان سائدًا وما أسمّيه بحالة من "التوازن المرغوب"، وكذلك حالة الركود السياسي العام وانسداد آفاق إحراز أي تقدم سياسي في المدى المنظور، ركود عكّر صفوه وقضّ رتابته خضر عدنان أبن حركة الجهاد الإسلامي، حركة فلسطينية منافسة، وتلته هناء الشلبي، رفيقة خضر في الهم والراية والتحدي. 
من الجائز أن يكون التشخيص المذكور أعلاه صائبًا ودقيقًا، لكن ليس ذلك ما كان سيجعلني لا أعلن الإضراب كما قلت. كما وأنني أعتقد، أن مثل هذه الادعاءات كانت يجب أن توضع بكل شفافيّة وأمانة على طاولة جميع المسؤولين في الحركة الأسيرة، لتقييمها وبحثها وأخذها كعامل يدرج مع مجمل ما تدارسته قيادات الحركة قبل اتّخاذ قرار الإضراب.
وعود على بدء، علينا أن نتذكّر، أنّ الإضراب أعلن في مناخ، محلٌي ودولي، استقطبت فيه الحركة الأسيرة بشكل عام وقضية الاعتقال الإداري بشكل خاص، اهتمامًا واسعًا واستجلبت حزمة من التصريحات الشاجبة لسياسة إسرائيل في هذا المضمار، وبعض الأصوات طالبت إسرائيل بالتوقف عن ممارساتها واعتقالاتها الإدارية، (لم ينحصر الشجب والانتقاد في أوساط ومؤسسات حقوقية عالمية إنّما تعداها وربما للمرة الأولى، لتصريح من أشتون وبان كي مون وغيرهما من الساسة والبرلمانيين).
وللتذكير، أيضًا، (ولدى البعض كان ذلك مدعاة للقلق والغيرة!) فلقد كانت المبادرة للأسير المحرر خضر عدنان الذي سطَّر موقفًا إنسانيًا فريدًا وسجّل سابقةً نضالية فلسطينية وعالمية يفتخر بها كل حر. بعده جاءت الأسيرة المحرّرة هناء الشلبي لتجعل من خضر بداية، نهاياتها ما زالت تتوالد في مخاضات عسيرة يكابدها أسرى إداريون مضربون لأكثر من خمسين يومًا ويواجهون خطر الموت في كل لحظة (ثائر حلاحلة، بلال ذياب، حسن الصفدي، عمر أبو شلال، جعفر عز الدين). لهذا،  كنت وما زلت على رأي يقضي بوجوب استنفاد هذه التجربة حتى تبان النهاية أو تصل إلى حد يستوجب القفز إلى مساحة أخرى من شأن الإضراب فيها ومن أجلها أن يدعم ما جني من تجربة خضر عدنان ورفاقه أو أن يضيف وزنًا ومردودًا لنضالات الحركة الأسيرة. (لا سيما وأن هناك تخوّفًا أن تضيع قضية الإداريين المضربين في خضم الحدث العام!).
للحقيقة هنالك نقاشات حادة وكثيرة داخل الحركة الأسيرة، وللحقيقة أيضًا أقول أن هذه الحركة اليوم ليست في حقبتها الذهبية ولا تقترب من ذلك. لن أعالج أسباب هذا الضعف والوهن ولكنني أكتفي بأن أشير إلى ما كانت عليه هذه الحركة يوم كانت سدًا منيعًا ومركز إشعاع وإلهام لجميع فصائل وفيالق الشعب، وكانت ضابط الإيقاع لنبض الشارع الفلسطيني الحر والوطني والمقاوم. واليوم، لأسفي، تحوّلت إلى مرايا تعكس انكسارات وشظايا الحالة الفلسطينية العاجزة المريضة، حركة يصعب الرهان عليها ولكنني لن أتخلى، ففي النهاية لا مفر، فإما الوحدة والصمود والتحدي وإمّا الذل والمهانة والتشظّي.
ولأنني لست صاحب القرار والقول الفصل، ولأن الإضراب أعلن وشمل مئات من أسرى يمثّلون جميع الفصائل الفلسطينية، ولأنه يرفع مطالب عادلة وصادقة، قبلتُه وتعايشت معه، كمحام وكابن لنادي الأسير الفلسطيني، فلن نقف إلّا إلى جانب من قرر تحدي عسف سلطة السجون وتنكيلها.
لا أعتقد أن الانضمام الكامل للإضراب شأن مصيري، ولكن على جميع الأسرى أن يجدوا طرق التضامن والتكافل والدعم لرفد كل ذلك في مسار نهر الحركة الأسيرة الذي يجب أن يبقى هدّارًا كما كان.
لدينا ألف سبب للبكاء ولدينا كل دواعي "الاستعرار الجمعي" فلا تستكثروا علينا ابن شعبي، قبل أن يكون ابن جهاد، فهو وإن اختلفتُ معه على قافية القصيد ووزن النشيد، زوّدني بقصيدة رفعت بها رأسي بين الأمم.
"الانقسام والجحود سيّدا الموقف" قالها من أمضى نصف عمره على زند وعد!، ربع قرن مضى منذ كان شابًا على حافة الطريق يربي الأمل فخانته الأحلام والليالي. "وليد" وفي كل يوم يولد من جديد لأن الحياة علمته كيف ينام على تهليلة قلب. "هذا الإضراب يا أستاذ سيكون دمارًا وسيسبب لنا الخسائر، فكيف لنا أن ننتصر ونحن ألف خنجر وسيف؟ لكنّني حين يُنفخ بالبوق ويدق الجرس سأكون هناك، فنحن إخوة في الدمع وشركاء في رحلة السراب، نحن "نواطير الحياة" قالها وليد  ومضى إلى زنزانته/ وطنه.

السويداء ام الشهداء تحيي ذكرى أبو الثورات العربية سلطان باشا الاطرش‏/ اكرم المغوّش

اكرم المغوذش مع البطل العربي سلطان باشا الاطرش
في الذكرى الثلاثين على غياب جسد القائد العظيم سلطان باشا الاطرش الذي قاد الثورات المنتصرة ضد العثمانيين والفرنسيين والصهاينة وكان بحق بطل استقلال سورية ولبنان بعد ان قدم جبل سلطان.. جبل الدروز جبل العرب اكثر من سبعة آلاف شهيد رسموا خريطة الوطن بأرواحهم ولونوها بدمائهم وهم ينشدون:
الشيخ أحمد الهجري
تربة وطنّا ما نبيعا بالذهب
ودم الاعادي نجبلو بترابها
القاضي برجس المغوّش مع البطل
أجل في هذه الذكرى العظيمة وفي شهر آذار شهر الخلود والفداء نستذكر اجدادنا واهلنا واقاربنا رفاق درب قائدنا البطل سلطان باشا الاطرش في مواقعه ومعاركه ضد المستعمرين امثال الابطال القادة والشهداء القادة والمجاهدين الابرار منهم حمد وابراهيم ويحيى ومحمد المغوش وخليل وسليم ومعذى وسعيد واسماعيل ويوسف واسد المغوش ومعهم نستذكر القائد المعلم كمال جنبلاط والقائد التاريخي شبلبي العيسمي الذي خطفه الصهاينة من لبنان وهو نجل القائد البطل يوسف العيسمي رفيق القائد الكبير سلطان باشا الاطرش وكذلك العلامة والمجاهد الكبير عارف النكدي والدكتور الشهيد عادل النكدي وامير السيف والقلم الامير عادل ارسلان وحمد البربور والشيخ سالم كرباج وشكيب وهاب وعلي عبيد ومحمد عز الدين وسليمان العقباني وكنج ابو صالح وزيد وصيّاح والامير حسن وسلمان وعبد الغفار وعلي الاطرش وحمود جربوع وخليل عامر وحسين مرشد رضوان وحمد صعب وقاسم الزغبي وعلي الملحم وعلي ابو خير وآلاف الابطال والمجاهدين من بلدات اطلق على كل منها ام الشهداء وجبل الشهداء امثال السويداء وعرمان والكفر والمزرعة وملح ومتان وصلخد وام الرمان وخلخلة وعريقة ومجدل شمس وقنوات التي غاب منها وعنها سماحة شيخ العقل احمد الهجري في حادث سير أليم وهو حفيد البطل المقاوم الكبير سماحة شيخ العقل احمد الهجري.
كما نستذكر البابا شنودة الذي ارتحل الى دنيا الخلود والذي رفض زيارة القدس الا محررة من دنس الصهاينة.
نعم نستذكر جميع الشهداء والاحرار الذين قدموا الدماء الزكية الطاهرة من اجل شرفنا القومي في فلسطين والجولان ولبنان والعراق وسائر انحاء الوطن العربي لان الوطنية لا تتجزأ كما الشرف والاخلاق ومخافة الله واجمل ما نردد في هذه الذكرى العطرة ذكرى قائدنا الخالد البطل سلطان باشا الاطرش الذي قاتل وناضل وجاهد وعاش فلاحا زاهدا لم يطمع باي مركز مهما كان لان شيمته شيمة الكرام الاحرار والابطال وهو سيدهم ونردد ما قاله الشاعر الكبير علي محمد عيسى:
كم سلاطين لقّبت بالسلاطين    
والقابهم بها بهتانُ
هو سلطان كل قوم وحزمٍ        
هو للفخر والعلا عنوانُ
وخير ما نختم به ما جاء في وصية القائد العظيم سلطان باشا الاطرش:
عودوا الى تاريخكم الحافل بالبطولات الزاخر بالامجاد لاني لم أرَ اقوى تأثيرا في النفوس من قراءة التاريخ واعلموا ان ما أخِذ بالسيف بالسيف يؤخذ وان كاس العز بالحنظل أشهى من ماء الحياة مع الذل.

--



القائد العظيم حسنى مبارك فريد هذا العصر/ مجدى فودة

عن الرئيس مبارك: رفاق السلاح يتحدثون

 فى بدايات عمر ثورة يوليو وبالتحديد خلال عام 1954 وبينما كانت مصر تستعد لبناء جيش قوى فى اطار الاهداف المعلنة للثورة كان سلاح الطيران من الاسلحة المطلوب تدعيمها وتقويتها طبقا لمقتضيات العصر وكلية الطيران هى بالطبع الاساس لبناء هذا السلاح الفعال وفى ذلك الوقت منذ 45 عاما كان الفريق مدكور ابو العز ما زال فى رتبة ( اللواء) ويشغل منصب مدير كلية طيران والى جانبه طيار برتبة نقيب يشغل منصب مساعد اركان حرب الكلية وقد حدث ان تم نقل رئيس اركان حرب الكلية وكان برتبة ( عميد) الى مكان اخر وكان لابد من شخص كفء وعلى مستوى عال من المسئولية يشغل هذا المنصب الكبير وفى ذلك الوقت لم يجد ( اللواء) ابو العز سوى ذلك ( النقيب) الشاب محمد حسني مبارك.

ورغم رتبته الصغيرة فقد رشحة ابوالعز لشغل هذا المكان الحيوى وطلب ترقيته الى رتبة ( رائد) حتى تضيق الفجوة الى حد مابين رتبتة وبين رتبة الرئيس السابق لاركان حرب الكلية وفى تقرير قدمه ابوالعز الى القيادة العسكرية بخصوص هذا الموضوع قال ان هذا ( الشاب ) يقدر المسئولية ويؤدى واجباته على اكمل وجه وان اعماله متميزة جدا وانه يهتم بانضباط والمظهر الحسن وانه يتوقع له مستقبلا عظيما هذا الشاب الذى تخطى بكفاءته وانضباطه رتبته الصغيرة وارتقى الى مستويات القيادة العليا فى كليه الطيران عام الطيران عام 1954 لم يكن سوى الرائد طيار حسنى مبارك.
هكذا يتذكر الفريق طيار مدكور ابوالعز الذى يلقبونه بالأب الروحى للقوات الجوية بدايات فترة عمله مع الرئيس حسنى مبارك عندما كان شابا والذى كان يدعو الى الفخر والاعتزاز ويجبر من حوله على احترام ملكاته الخاصة ومواهبه الفذة.
وتمضى الايام والسنون وينتقل الرائد حسنى مبارك بين المواقع المختلفة للقوات الجوية ثم تشاء الاقدار ان يعود مرة اخرى الى الكليه الجويه فى اعقاب نكسة 1967 ليبداء عملا جديدا مع الفريق ابو العز يهدف الى خلق جيل جديد من الطيارين يسهم فى معركة تحرير الارض.
حياتة من اجل الاخرين
مبارك الذى عرفتة رفيق السلاح لايعيش حياته فقط لكنه يعيش حياة الاخرين ومشاكلهم وهمومهم وان القائد النجاح- كما قال الفيلد مارشال مونتجمرى- هو مجموعة خصال متضاربه فهو قاس وعنيف وطيب ومتسامح معتد بنفسه عطوف ومتواضع ان مبارك الذى عرفته وتعاونت معه هو النوع من القادة وذلك كان مفتاح الطريق للنجاح فى حياتة العسكرية ثم فى قيادتة المدنية لرئيس الدولة الدولة ثم رئيس لها بتلك الكلمات الصادرة من القلب تحدث المشير محمد على فهمى قائد الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر عن الرئيس مبارك رفيق السلاح الذى عرفه فى اشرف ساحة وانبل مهمة يقول المشير فهمى فى معرض حديثه عن شخصية مبارك القائد والانسان اننا قد تعلمنا فى حياتنا العسكرية عندما كنا ندرس فن ادارة الرجال فى علم الشئون الادارية ان الفرد الذى يحمل الهموم غير كفء لحمل السلاح هذه المقولة لمستها مجسمه على ارض الواقع فى معاملة اللواء حسنى مبارك قائد القوات الجويه لزملائه وابنائه
ويركز المشير فهمى على ان الرئيس مبارك كان يحرص دائما على المرور فى توقيتات مختلفة على القواعد الجوية وان الفترة الكبيرة التى قضاها بالكلية الجوية معلما واستاذا وقائدا لهل قد افادته كثيرا حيث كان يعرف الغالبية العظمى من الطيارين بالاسم وظروف كل واحد منهم وانه عندما كان يزورهم فى القواعد الجوية يجلس معهم ويتناول طعامهم وشرابهم ويشاركهم متاعبهم واحوالهم وياخذ قرارته على الطبيعية وكان يمارس الرياضة فى ملاعب الكلية مع الطيارين ويمضى معهم اليوم بالكامل مما جعل هناك ألفة بينه وبينهم علاوة على التلاحم الاسرى الموجود وكان كل ذلك يتم بدون اخلال بلضبط الذى تتطلبه العلاقة بين القادة والمرؤوسين
العمل حياته
يحتاج التعرف على حسنى مبارك الانسان الى العودة للوراء الى ايام الشباب والتلمذة والعسكرية لذا تحدث مجموعه من رفاق السلاح الذين عرفوا حسنى مبارك منذ ان كان طالبا ومدرسا فى الكلية الجويه وظلت تربطه بهم علاقة صداقة قوية ومستقرة يحرص على لقائهم فى ايام ومناسبان محددة بالرغم من جسامة المسئولية والمشاغل وهذا يلقى الضوء على جانب من شخصية مبارك وهو تحلية بصفتى الاخلاص والوفاء لم تكن هناك حاجة لالقاء اسئلة كثيرة على اللواء حسام البشارى فقد انطلق الرجل فى حديث من القلب عن صداقة عمرها خمسون عاما بينه وبين الرئيس. يقول البشارى عرفت حسنى مبارك منذ ايام الكلية الحربية عن طريق احد الزملاء وكان اقدم منى بدفعة ونصف بدأنا الصلة والصداقة ونحن ضباط فى كلية الطيران فقد كنا ندخل كلية الطيران بعد تخرجنا ضباط من الكلية الحربية وكان هو ضابط مشاه وكنت انا ضابط اشارة وكان اول ما اثار اعجابى به هو حسن تدبيرة
عندما تولى حسنى ميارك هذا الميس كنا نأكل افضل طعام كما نوعا وبأرخص الاثمان لقد كان يشرفعلى كل تفصيلة ولايترك اى شىْ للظروف وكان يمر على فرد فينا ويتأكد من انه لاشكوى لدينا من أى شىْ
أما ثانية الخصال التى لفتت نظرى فى الصديق حسنى مبارك فكانت تفانيه فى العمل ففى الوقت الذى كنا نخرج فيه للفسحة فى الاجازات كان وهو ملازم لايترك وحدته الا نادرا وكان يبحث عن العمل اذا لم يكن موجودا كان شبه مقيم فى الكلية ليل نهار قبل الزواج وبعده الى حد كبير يستيقظ قبل الطلبه وينام بعدهم وكان رياضيا فقد كان فى البدايه لاعب هوكى ممتازا فى فريق الكلية قبل ان يتحول الى لعب الاسكواش
وكان لحسنى مبارك دور كبير جدا فى عملية فرض السرية والخداع التعبوى قبل حرب اكتوبر المجيدة ومن صور هذا الخداع استمراره فى ممارسة رياضة الاسكواش مما جعله اكثرنا تماسكا فى اخطر لحظات الحرب ووقت الثغرة وكان يؤكد للرئيس الراحل السادات فى كل لحظة انه جاهز لتنفيذ اية اوامر
أما على الصعيد الشخصى فيقول البشارى انه من خلال سنوات الصداقة الطويلة يمكن ان يؤكد ان حسنى مبارك رب اسرة مثالى يحب زوجته واولاده حبا غير طبيعى ولذا فانه ليس من قبيل المبالغة ان يتم اختيار هذه العائلة لتكون المثالية فى صورة دردشة
تعلمنا من الكثير
يروى اللواء نبيل كامل ذكرياته مع الرئيس مبارك فيقول كنت من اوائل طلاب الكلية الجوية الذين كان لهم حظ تلقى علوم الطيران من الرئيس مبارك وذلك فى عام 1951 وكان فى ذلك الوقت برتبة ( طيار ثان ) واتذكر ان الرئيس كان ضابط منضبطا حيصا على ان يطير مع تلاميذه ولايتركهم لاحد غيره حتى تضمن سلامتهم
ويقول كان نشاط الرئيس فى الكلية مضربا للمثل كنا جميعا كطلبه نتمنى ان نصبح مثله فى الانضباط والخلق عندما نستيقظ على نوبة الصيحان فى السادسة صباحا نجده وسط العنبر بملابسه العسكريه يتحدث الينا ويبدى ملاحظاته
وعن صفات الرئيس يقول اللواء نبيل كامل هو شخص صريح جدا وله بصيرة رؤية ودائما تصدق توقعاتة افكاره واراؤه دائما صائبة يميل الا الانضباط وفى غاية الاخلاص هو بالاختصار استاذ كبير ومعلم تعلمنا منه الكثير وعن ذكرياته فى حرب اكتوبر قال اللواء نبيل كامل ان الرئيس مبارك كان قائده المباشر وكانت فترة صعبة واتذكر ان الرئيس مبارك كان يواصل العمل بلا نوم حيث كان دوره فى المعركة رئيسيا وكان يدير بنفسه عمليات الطيران
أستاذ فوق العادة
وابتسم الحظ للمجموعة السادسة طيران التى تخرجت من الكليه الجويه على يد الرائد محمد حسنى مبارك فى سبتمبر 56 وهى الدفعة التى تسلمها الرئيس خلال سنوات الدراسة والتى حققت نتائج قياسية ليس فى مجال التفوق العلمى والعسكرى فقط ولكن ايضا فى المجال المدنى والحياة العامة الوقائع يسترجعها اللواء طيار منير ثابت احد خريجى هذه الفعة التى تلقب ب ( المحظوظة) لانه تتلمذت على يد استاذ فوق العادة تديتولى مسئولية بناء الاجيال فى المدرسة العليا بتخريج الكوادر الوطنية العسكرية التى تسلحت بقيم التفانى والاستشها وتمكنت من قهر الجيش الذى لايقهر كان الدرس الاول الذى تعلمناه من الرئيس كما يقول اللواء منير ثابت - ان العمل يأتى فى المرتبه الاولى وان معيار العمل والعطاء للبلد هو الاساس لتقييم وتقدير الطلاب وان على كل طالب ان يسأل نفسه اولا ماذا قدم لبلدهقبل ان يسعى للحصول على المقابل المادى او الادبى وهو يؤمن بأن اى شخص يعمل فهو معرض للخطأ وهناك فرق بين من يخطىْ وهو يعمل ومن يخطىْ وهو لايعمل والفرصة متاحة امام الجميع لالستفادة من الاخطاء لكن الرئيس لايستريح عندما تقع عينه على خطأ فهو لايقبل التفويت ولاأعذار على التكرار
كان القائد المعلم محمد حسنى مبارك قريبا جدا من قبول ابنائه للدرجة التى كانت تشجعهم على الافصاح له عن همومهم ومطالبهم الشخصية والعائلية التى كانت تأخذ طريقها الى الحل فى هدوء لكنه فى نفس الوقت كان يعتبر ان الواسطة هى من الكبائر التى لاتغتفر
قائد الطيران يتذكر
نعرف حسنى مبارك الرئيس والقائد ونعرف من المسئولين الذين يعملون بجانبه كيف يتخذ قرارته ؟ وما هى اولوياته؟ كما نعرف منه ومنهم الكثير ومن سجاياه واسلوبه لكن كيف كان الرئيس فى عين قائده؟ هذا مالانعرف الكثير عنه
اللواء مصطفى الحناوى دفعة 46 الكلية الحربية و48 كلية الطيران وقائد القوات الجويه قبل ان يتولاها الرئيس مبارك بفترة قصيرة من الجيل الاول للطيارين المقانلين وشهد معظم حروب مصر يذكر كيف لم يكن هناك قبل سنة 1948 أى تدريب أو تعليم لقواتنا الجويه
يتذكر اللواء الحناوى كيف تلقى الطيار حسنى مبارك التدريب على القتال فى مطار حلوان نهايه عام 1951 على يديه ويقول عرفت الرئيس مبارك خلال فترة تدريبى له وبعد انتهاء الدورة ذهب مبارك للعمل فى كلية الطيران برتبة ملازم ثان كان قد ترك لدى انطباعا ايجابيا للغاية فأعجبت بسلوكه الانضباطى اذا طلبت منه الحضور الساعة الثامنة يأتى فى الثامنه الا خمس دقائق كما اكتشفت انه سريع البديهة ومنفذ للاوامر بدقة شديدة فيصبح مريحا لقائده دائما ولايسبب أى ازعاج للفريق الذى يعمل معه
ويضيف اللواء الحناوى: ان الرئيس مبارك يتحلى بفضيلتى التواضع والتفانى فى اداء الواجب وقد ظل يتدرج فى الرتب بكلية الطيران حتى وصل الى رتبة المقدم واذكر ان ( فسحته) كانت يوم الخميس عبارة عن الذهاب الى سينما روكسى ثم يعود مباشرة الى مقر عمله
رحلة الصعود الى القمة
يتذكر اللواء طيار صلاح المناوى ايامه التى عاشها مع الرئيس حسنى مبارك عندما عملا معا فى سرب المقاتلات وكانت كفاءة الرئيس وبالرغم من صغر سنه وقتها هى السبب فى اختياره مدرسا بالكليه الجويه وكان اهم ما يميز مبارك خلال سنوات خدمته هو علاقاته بمرءوسية علاقات لم تكن عسكريه فقط بل كانت انسانية من الدرجة الاولى حتى انه كان يعرف كل اسماء طلابه ومشاكلهم ايضا واستطيع ان اجزم انه الوحيد فى القوات الجويه الذى كان يعرف اسم كل من يعمل معه بالرغم من اعدادهم الكبيرة وهذه الميزة ادت لنا دورا لنا مهما فى فترة تولى مبارك رئاسة الاركان وقيادة القوات الجويه
والقوات الجويه كما يؤكداللواء المناوى ليست طيارين فقط فهناك اعداد ضخمة من الفنيين ودورهم مهم جداً وكان مبارك يذهب اليهم ويجلس معهم فى الدشم سائلا عن احوالهم واولادهم مشجعا على الاستمرار ولا اغلى اذا قلت ان ذلك احد اسباب نجاح القوات الجويه تأدية مهامها فى حرب 73
يكره الوساطة
انتهت شهادات هؤلاء القادة ولم يتبق سوى مدير مكتبه عندما كان مديرا للكلية الجوية خلال فترة الاعداد لحرب اكتوبر المجيدة
العقيد عبدالله البنا يقول اعمل بالقوات الجويه منذ عام 1937 واعرف مبارك منذ كان طالبا بكلية الطيران وعمل مبارك لايعترف بالزمن فهو لايبدا بميعاد ولاينتهى بميعاد وعندما تولى ادارة الكلية اختارنى مديرا لمكتبه لم اكن اذهب لسكنى قبل 11 مساء وفى السادسة من صباح اليوم التالى يوقظنى من النوم "انت لسه نائم ياعبدالله" لانه كان يستيقظ قبل نوبه صحيان الطلبه ويذهب لرؤيتهم فى العنابر
مبارك فلسفته الانضباط لا يتهاون فى اى خروج على القانون لايتحدث مع الفاظ نابية او بألفاظ منتقاة فلديه تلقائية غريبة فى التحدث ومنذ تخرجه فى الكليه الى ان اصبح مديرها منتهى الانسانيه فى تعاملاته لكنه حازم وقاطع فى رأيه يعيش مشاكل الاخرين ويذوب فيها ويتدخل لحلها وفى اقصى الحدود لكل من يعرفه
ورغم معرفتى الوثيقه به وعلمى ان اشد ما يكرهه هو الوساطة الا اننى تجرأت وطلبت منه ذات مرة ان يذكى ابنى للقبول بكلية الشرطة لكن نظر لى نظرة فهمتها تماما فقلت له خلاص يا افندم كأنى لم اقل شيئا وقال لى انت تعرف موقفى كويس فى هذه الامور الولد ربنا سيوفقه وسوف ينجح من غير الكلام الفارغ ده. ابنك البار الصحفى مجدى فودة انت فى القلب سيادة الرئيس وكما قلت سيادة الرئيس سيحكم التاريخ بما لنا وما علينا وانت سيادة الرئيس لك الكثير والكثير من العمل الوطنى المشرف ولن ننساك ولن ينساك شعبك لانك بحق فريد عصرك
Magdyfouda80@yahoo.com

في ذكرى الأربعين المؤلمة!/ عـادل عطيـة

أيها المضيء: علماً، وشعراً، وشكلاً، وروحاً!
اليوم نجيء إليك ضيوفاً، بعد أن كنت ضيفنا العزيز كل هذه السنوات الثمينة. وبعد أن قادنا، رحيلك المؤلم، إلى بريّة "الغولغوثا"، صائمين أربعين يوماً عن الفرح!
نجيئك اليوم، وقد تضاعف شعورنا بقامتك التي تعانق صورة يسوع، ومثاله. لا لنرثيك؛ بل لترثينا!
ترثينا؛ لأن نحن هنا المجبولين من الطين والماء، كل يوم تضيق تحتنا، وفوقنا، وخلفنا، وأمامنا: الأرض!
ترثينا؛ لأن دموعنا الغزيرة حجبت عنا أنفسنا، فلم نعد نرى: أننا أولاد من أصبح من أثرياء العالم في خياله، وكلماته، وتعاليمه، العابرة للقارات!
ترثينا؛ لأن البعض منا لم يحاول بعد أن يقرأ حروفك التي خطتها على جلد الحياة، بأبجديتك القبطية، التي تعانق فضاءات العالمية، والإنسانية، والوجود!
ترثينا؛ لأننا بطيئي التعزية، أنت الناظر إلينا من مكانك الأعظم في الفردوس، مفكراً بكنيستك التي تركتها في الأرض قرب جسدك، وبصلواتك القريبة، والمستمرة: تحيك أوردة لقلب "مبغضي البشر"!
ترثينا؛ لأن الحزن أعمى قلوبنا عن ترنيمتك المجيدة: "ربنا موجود"، التي طالما رنمتها بخشوع وعظمة، وقد تركتها لنا ميراثاً حياً، يتردد صداها في كل تجربة!
أبانا المُخضّب بالنور، والجالس على متكآت قلوبنا الرحيبة!
مهما أحببناك، لن نحبك قدر الداخل إلى ملكوته السماوي، فاهنأ برفقة سيد المجد؛ لأنك كنت المجد!...

اليوان الصيني .. عملة رسمية لزيمبابوي! د.عبدالله المدني

حكاية الصين مع إفريقيا حكاية طويلة ذو شجون. ففي حقبة المعلم "ماو تسي تونغ" إستخدم الصينيون الحـُمر القارة الإفريقية السوداء ساحة لحروبهم الإيديولوجية وتصفية حساباتهم مع خصومهم الغربيين، وأيضا كساحة للتنافس على النفوذ مع رفاقهم الشيوعيين في الإتحاد السوفيتي، وذلك من خلال دعمهم لما سـُمي وقتها بـ "حركات التحرر الوطني" بالسلاح والعتاد ووسائل غسل الأدمغة ككتب التنظيرات الفارغة، وتسجيلات المارشات العسكرية، و"بوسترات" النضال ومقاومــــــة الإمبرياليـــــــة والرأسمالية، وأزياء حروب العصابات.
لكن بتحرر معظم الأقطار الإفريقية من الإستعمار الأجنبي، معطوفا على زوال حقبة "ماو" الهوجاء لاحقا، وإعتماد خلفائه، ولاسيما منذ عهد الزعيم الإصلاحي "دينغ هيسياو بينغ"، لسياسات خارجية برغماتية وأقل راديكالية، حرص الصينيون أن يعززوا نفوذهم في القارة السمراء من خلال وسائل أخرى. ولأن بكين في حقبة ما بعد المعلم "ماو" تحولت إلى قطب إقتصادي وتجـــاري لا يستهان به (ما بين تولي دينغ للسلطة ووفاته في عام 1997 مثلا إرتفعت قيمة تجارة الصين الخارجية من 21 الى 325 مليار دولار) وقوة صناعية بارزة على المستوى العالمي، فقد إتخذت من الإقتصاد والتجارة والمال (مع شيء من الثقافة ممثلا في إفتتاح معاهد كونفيشيوس لتدريس الصينية وآدابها) سبيلا إلى إحكام سيطرتها على بعض الدول الإفريقية، وخصوصـــــــــا  تلك المعروفة بمخزونها من الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى (حديد، نيكل، نحاس، زنك، ألومنيوم، أخشاب) ذات الصلة بإستمرار إزدهار الإقتصاد الصيني. وقد ساعدها على ذلك جملة من العوامل منها إنشغال الدول الكبرى الأخرى بأماكن وقضايا خارج الساحة الإفريقية، وتفشي الفقـــــر والمرض والجهل وإستفحال البطالة، وإهتراء البنية التحتية، وغير ذلك من الأمور التي إستغلها الصينيون بمهارة لكســـــب ود وثـقة الأفارقة وحكوماتـهم من خلال المشـروعات والقروض والإستثمارات.
وقد ظهر هذا المنحى جليا في آخر مؤتمر وزاري للمنتدى الصيني – الإفريقي (عقد في نوفمبر من عام 2009 في شرم الشيخ)، حيث أعلنتْ بكين على لسان رئيس حكومتها "وين جياباو" أنها خصصت نحو 10 مليارات من الدولارات لتقديمها كقروض ميسرة للدول الإفريقية خلال 3 سنوات، وإنها تنوي لعب دور أكبــــــــــر على الساحة الإفريقية "من أجل تحقيق السلام والإستقرار والتنمية" بحسب تعبير "جياباو"، وإنها عقدت العزم على إعفاء منتجات الدول الأفريقية الأقل نموا من تلك التي تقيم معها ( وليس مع تايوان) علاقات دبلوماسية من الرسوم الجمركية بنسبة 95 بالمئة، وعلى دعم المؤسسات الصينية المالية المنخرطة في تقديم القروض إلى الشركات الأفريقية الصغيرة والمتوسطة، علاوة على الإستمـــــــرار في تخفيض أو إلغاء الديون المســـــــتحقة للصين على بعض الأقطار الأفريقية (عقدت الصين منذ 2006 إتفاقيات بهذا الشأن مع 31 دولة في أفريقيا، وبلغ إجمالي ما أسقطته عنها من ديون نحو 10 مليارات دولار).
ومن هنا لم يكن غريبا أن يصل حجم التبادل التجاري ما بين الطرفين في عام 2008 مثلا إلى رقم غير مسبوق هو 107 مليارات دولار، بعدما كانت قيمتــــــه في عامي 2000 و 2006 هي 15 و 55 مليار دولار على التوالي.
وفي السياق نفسه لم يكن غريبا أن تستحوذ الصين بمفردها على 13 بالمئة من إجمالي ناتج القارة من النفط، (معظمه من ليبيا والجزائر وجنوب السودان وأنغولا وموزنبيق) وأن تنفذ الصين في افـــــــــــريقيا حتى الآن نحو 1600 مشروع يتراوح ما بين بناء السدود ومحطات الطاقة المائية وإنشاء المصارف والمستشفيات والمدارس ومراكز مكافحة الملاريا ومحو الأمية ومعامل الغزل والنسيج وتطوير المناجم والبنية التحتية مثل الطرق وشبكة الاتصالات والمياه.
ومن بين أكثر الأمثلة الناجحة للتغلغل الصيني في أفريقيا ما يحدث اليوم في زيمبابوي التي تحولت من حليف سابق لأوروبا والولايات المتحدة الإمريكية إلى حليف لبكين بعد أن شدد حلفاؤها السابقون الخناق على النظام الديكتاتوري لرئيسها "روبرت موغابي". والمعروف أن الأخير إعتمد في عام 2004 سياسة "الإتجاه شرقا"، داعيا بموجبها الصينيين إلى مساعدة بلاده للتحرر من "السيطرة الغربية" في مجالات الإستثمار والإقراض وخلق فرص العمل.
وبطبيعة الحال مثلت تلك الدعوة فرصة العمر للصينيين الذين تزايد عددهم بصورة مضطردة مذاك حتى صاروا شيئا فشيئا جزءا من المجتمع المحلي، رغم أن مواطني زيمبابوي من الأفارقة ينظرون إليهم بعدم الإرتياح، وغالبا ما يصفونهم بـ "قوى الإستعمار والهيمنة الجديدة" أو يأخذون عليهم ضعف قدراتهم، وبالتالي عدم إتقانهم لأعمالهم وخدماتهم.
على ان المثير في هذا السياق هو الدعوة التي وجهها في العام الماضي "جيديون غونو" حاكم المصرف الإحتياطي وأحد المقربيــــــــــــن من "موغابي" بضرورة إتخاذ العملة الصينية (اليوان) كعملة رسمية للبلاد، خصوصا وأن زيمبابوي منذ أن ألغت عملتها الرسمية (الدولار) في عام 2008 بسبب التضخم، لجأت إلى نظام نقدي متعدد العملات يضم الدولار الإمريكي، إلى جانب الراند الجنوب إفريقي والبولا البوتسوانية.
وبكين، طبعا، لا تمانع بل تتمنى رؤية الإقتراح مطبقا على أرض الواقع لأن من شأن ذلك أن يســـــــــاعدها على تحقيق حلمها في رؤية عملتها الوطنية تستخدم في التبادلات التجارية الدولية، أي كما هو حال الدولار الإمريكي. ويـُقال أن بكين أوحت إلى بعض أصدقائها داخل الدائرة الضيقة المحيطة بـ "موغابي" أن يستخدموا نفوذهم من أجل إقناع الأخير بالأخذ بنظام نقدي جديد في زيمبابوي يكون عماده اليوان الصيني ودولار زيمبابوي القديم، وليس اليوان وحده، وذلك من باب عدم إثارة حفيظة الزيمبابويين المشككين في النوايا الصينية.
والحقيقة أن اليوان الصينـــــــي بات يتألق مؤخرا في التسويات التجارية في أكثر من منطقة، من بينها منطقة الخليج المعروفة تقليديا بإرتباط عملاتها وتقويم صادراتها النفطية بالدولار الإمريكي، وإن كان الأمر يقتصر حتى الآن على الشركات الكبيرة ومستوردي السلع الأولية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ناهيك عن إستبعاد فكرة سداد صادرات النفط الخليجي إلى الصين باليوان في المدى المنظور. ويتوقع البعض أن يزداد هذا التألق مع نمو تجارة الصين مع دول الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وطبقا لما أورده الملحق الإقتصادي لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية (عدد 3 مارس 2012) فإن بكين شجعت الإستخدام الدولي لعملتها منذ عام 2009 حينما دشنت برنامجا تجريبيا يتيح لشركاتها العاملة في بعض الأقاليم تسوية الواردات والصادرات باليوان. ومنذ ذلك الحين صار البرنامج يتوسع، حتى زادت نسبة التجارة الصينية التي تسوّى باليوان من 1% في 2010 إلى 7% في 2011 . ولعل هذه الأرقام هي التي جعلت مسئولي "مجموعةهونغ كونغ وشنغهاي المصرفية" (إتش إس بي سي) يتوقعون أن تستخدم الصين اليوان في تسوية أكثر من نصف تجارتها العالمية بحلول عام 2015 أي ما يعادل تريليوني دولار.
د. عبدالله المدني
* باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: إبريل 2012
البريد الإلكتروني: elmadani@batelco.com.bh

عصابة الإعلام تواصل بنجاح مسلسل "العار"/ مجدى نجيب وهبة


** أكتب ما تشاء .. وقل ما يحلو لك .. فأنت فى فوضى .. فقد إستباح اللصوص ، والمجرمين ، والبلطجية أرض مصر ، وعرضها وشرفها .. أكتب ما تشاء ، فقد تفوق الإعلام على بيوت الدعارة ، وبائعات الهوى والجنس والقوادين .. لا تقولوا أن هذا إعلام .. بل هو دعارة إخوانية ، بإستثناء بعض البرامج الفنية ، ونشرات الأحوال الجوية .. فقد تحولت كل البرامج لفكر الإخوان وعمل الجماعة ، فلا ضيوف سوى الجماعة ، ولا تلقى إتصالات هاتفية إلا بالجماعة ، ولا مداخلات تليفونية إلا للجماعة ..
** لقد إستطاعوا بجدارة وحرفنة ، أن يقودوا مصر إلى الخراب والعودة بها إلى الوراء مئات السنين ، بعد أن تحولوا إلى غول يلتهم كل شئ ، ليقدمه على موائد الفضائح والعار والخيانة لجماعة الإرهاب السياسى .. فلا سلطة تتحكم ولا رقيب عليهم ، ولم تعد للمهنة قاعدة أو معايير .. وأصبحت الأقلام مقاصل .. والشاشات محارق للوطن ودعارة للغوانى والقوادين والزبائن من صانعى التطرف وجنود الإرهاب .. ومع كل ذلك تجدهم يتحدثون عن الشرف والفضيلة ، رغم أنهم لا يملكون لا شرف ولا فضيلة .. وتحولوا إلى مجموعة متهتهين كذابون وأراجوزات .. وللأسف هذه هى مصيبة مصر الكبرى التى بليت بها .. ليس اليوم فقط ، بل منذ فترة طويلة .. أما الأن ، فهى تلتزم بتنفيذ أجندة تخريبية لإسقاط مصر ، وإستباحة أمنها القومى ...
** إنهم يقودون الرأى العام ، إلى ما لا قيمة له .. وهو ما جعلوا الناس حيارى ، تائهون ، محبطين .. فقد الكثير منهم الإنتماء والإحساس ، وإيمانهم بالدولة .. والفضل الأعظم يرجع إلى هؤلاء الغوانى الذين جلسوا خلف الشاشة الصغيرة .. فى كل القنوات وهم فى صراع ليس من أجل إنقاذ مصر بل من أجل البيزنس ، وهناك من أدوا دورهم وأغلقت قنواتهم ، بعد أن نجحوا فى تضليل الشعب ... ومن هذه الأمثلة المناضلة الحنجورية "دينا عبد الرحمن" ، والحنجورى "معتز مطر" .. وهناك مازالوا يؤدون دورهم فى إستضافة نجوم الإرهاب ، أمثال الدكتورة الشمطاء "هالة سرحان" ، والإرهابى الحمساوى "محمود سعد" ، والمضلل "جابر البلعوطى" ، والسهتان "يسرى فودة" ، و"ريم ماجد" ، وكل مقدمى "النيل" الإخبارية ...
** راقبوا كل هذه العصابة ، منذ بداية برامجهم اليومية ، ليس اليوم فقط ، بل منذ 28 يناير 2011 .. وحتى الأن راقبوا ضيوفهم .. المستشار "محمود الخضيرى" ، والمستشار "أحمد مكى" ، والمستشار "زكريا عبد العزيز" ، وعضو جماعة الإخوان "كمال الهلباوى" ، ود. "حسن البرنس" ، والإخوانى "عصام سلطان" ، والمتحدث بإسم الجماعة "وحيد عبد المجيد" ، وكاتب الجماعة "حسن نافعة" ، ومحامى الجماعة "أحمد أبو بركة" ... كل ضيوف الإعلام من مستشارين سابقين ، إلى أعضاء برلمانيون ، إلى سلفيون ، إلى محاميون ، إلى قضاة .. كل من يتبع الجماعة .. وهو ما يجعل الشعب المصرى يفطر جماعة ، ويتغدى جماعة ، ويتعشى جماعة ، ويتنفس جماعة ... فماذا تنتظرون ياشعب مصر ؟!! .. وهم يتبجحون ، ويقولون "هذه هى حرية إعلام" ... هل هذه هى الحرية أيها الإعلام الفاسد؟!! ، أن أفرض رأى واحد على الشعب ، وأحجب رأى 85 مليون مواطن مصرى .. لا يجدوا لهم منبر إعلامى واحد يتحدث بإسمهم .. ولا منبر واحد يحمى هذا الشعب ، ويعرى الفساد الذى أصبحنا نحيا فيه .. على الجانب الأخر .. لا توجد كلمة واحدة تقال لوجه الله فى حق هذا الوطن .. ولا توجد شهادة حق للمواطن .. ولا توجد كلمة حق للضمير الحى ... فقد تحولت الشاشات والكاميرات إلى ساحات للأهواء والأنواء والمصالح والمؤامرات ..
** لقد فتح الإعلام أبوابه ، أمام أكبر تنظيم سرى لخداع الناس .. بعد أن حصد مقاعد البرلمان ، وظهرت شرعيته .. يقرر ويهدد ويفصل القوانين التى تحمى تنظيمه السرى .. هذا التنظيم هو الأن المتحكم فى كل دكاكين الإعلام .. لقد تحول هذا الإعلام العاهر إلى وباء يضرب كل الوطن .. وتحول التليفزيون إلى ممالك خاصة .. وتحول مقدمى هذه البرامج إلى مماليك ، لكل منهم قطاع يسيطر عليه ، ويديره لتحقيق أهدافه .. فهناك أدوار بالإنابة ، ومهمات بالوكالة ، وأعمال بالإرتزاق .. لقد أفسدوا الوطن ، ولم يستطيع أحد أن يوقف نزيف هذه الفوضى والفساد والدعارة ..
** لقد إنحاز هذا الفساد إلى الإثارة الرخيصة ، وإلى جماعات إرهابية ، وطمسوا تاريخهم الأسود .. ولولا هذا الإعلام ، ما كان لهؤلاء وزن ، ولا سمعنا هذه المهاترات .. فهل حان وقت محاسبة هؤلاء الفاسدين ، ووقف هذه الدعارة ، وغلق الشاشات فى وجه أعضاء هذا التنظيم من عبيد الشهرة ، لأنه يعتبر بمثابة أجهزة التنفس الإعلامى؟!! ...
** أفيقوا أيها المسئولين عن أمن مصر ، وسلامة شعبها .. إفتحوا أبواب ومنابر للشعب المصرى الشريف ، للحديث بعد أن تطهروا الشوارع والميادين من هذا الوباء ، وهذا الإخطبوط .. فالإخوان لا يمثلون قرية صغيرة فى إحدى المحافظات .. ولكنهم ينتشرون كالسرطان المدمر ...
** أفيقوا أيها المسئولين .. وأزيلوا الغشاوة من فوق أعينكم لتروا الحقيقة ، حتى تنقذوا مصر من الضياع ، ولا تتركوه بين تجار الدين السياسى واللصوص والبلطجية .. فهل من مجيب ؟!! ..
صوت الأقباط المصريين