الساعات الاخيرة في حياة عبد القادر موسى كاظم الحسيني (القسم الثاني)/ د. الياس عفيف سليمان

  
(ملاحظة: رايت من المناسب نشر القسمان الأول والثاني سوية، لفائدة متابعة  حدث هام في التاريخ الفلسطيني. وكنا قد نشرنا القسم الأول قبل فترة طويلة نسبيا. وصعوبة هذه المواد انها تعتمد عشرات المراجع ، من مصادر يبينها بالتفصيل الباحث الياس سليمان، وهي مصادر تثير الانطباع بدقتها لأنها تخلو من التعابير العاطفية   ومحاولات تبرير  الحدث مهما كان نوعه او او وقعه.حتى في الحديث عن المجازر التي ارتكبتها الهاجاناة او الايتسل  نجد اعترافات تثير القشعريرة وبالغة الدقة ولا تبرر الحدث بل ترويه بكل ملابساته وبشاعة الجريمة المرتكبة ، من هنا اهمية وخصوصية ابحاث د.الياس سليمان–القسم الأول من المقال في نهاية القسم الثاني-
 نبيل عودة)

يأتي هذا البحث ليكمل الجزء الاول من المقال الذي تم نشره في مواقع عدة وفي دول مختلفة تحت عنوان " الساعات الاخيرة في حياة عبد القادر موسى كاظم الحسيني ". وكما في الجزء الاول اعتمدت في الكتابة على ابحاث وكتب الدكتور اوري ميلشطين , المؤرخ والباحث العسكري لحروب اسرائيل, على المقابلات الشخصية التي اجراها مع بعض القادة العسكريين الذين اصدروا الاوامر واشتركوا بالعمليات في معركة القسطل وعلى الارشيف الصهيوني المركزي , ارشيف البالماح, ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي  وعلى المصادر والوثائق الاولية.
وكتب ميلشطين " ارسل الجندي يوحنان زرزير من نقطة المراقبة في باب الواد خبرا الى يوسف طابنكين مفاده " سيارات مليئة بمقاتلين عرب تسافر من الرملة باتجاه قرية صوبا لمهاجمة القسطل " كما ووصلت الى طابنكين اخبار من القدس جاء فيها " احتمال لهجوم عربي كبير ". وصرح الياهو اربيل ضابط العمليات في كتيبة عاتسيوني انه طلب من طابنكين ان يرسل مساعدة من الرجال والعتاد وبشكل عاجل الى القسطل ولكن دون جدوى .
قرابة 1200 محارب عربي ( عدد كبير في مفاهيم تلك الايام ) حمل السلاح والهراوات وكل ما وقعت عليه ايديهم وانطلقوا لإنقاذ عبد القادر الحسيني من ايدي اليهود . لم تجد وحدة المشاة العسكرية اليهودية طريقا للحوار او للمفاوضات مع القادة العرب لتسليمهم جثة عبد القادر الحسيني لدفنها . اقترح ميخائيل هافط (الملقب ميكي وينتمي الى البالماح ) لغازيت ما يلي " وضع جثة عبد القادر الحسيني في مكان مرتفع ومرئي حتى يستطيع العرب تشخيص الجثة  ليفهموا ان قائدهم ليس اسيرا وبهذه الطريقة يأخذون الجثة " , رفض غازيت الاقتراح .
في الساعة العاشرة من صباح يوم 9 ابريل 1948  كثف العرب هجومهم على القسطل, رفض بعض الجنود اليهود من الوحدة التابعة لغازيت الخروج من مخابئهم الى مواقعهم . بعض الجنود امتثلوا  للأوامر بعد  ضربهم  من قبل ضباطهم, العديد منهم غفا ونام من شدة التعب, قسم اخر اطلق النار بشكل عشوائي .
نقصت الذخيرة في المواقع  الدفاعية, قام غازيت  بإعلام  طابنكين بما يلي " اذا لم تصلني الذخيرة سأقوم بالانسحاب والتراجع ", فأجاب طابنكين " سنرسل الدعم عندما نقرر , في الوقت الراهن يوجد في القسطل عدد كاف من الجنود لصد الهجوم ".استشاط غازيت غضبا وتفوه بكلمات وجمل قاسية جدا, عندها قال له طابنكين " ستخرج وحدة الدعم العسكرية حالا ".
بعد نصف ساعة تقريبا, اتصل غازيت مرة اخرى بالقيادة العامة للبالماح مستفسرا عن الدعم العسكري له , وكان الجواب  " تعطلت المصفحة العسكرية " , تعجب غازيت وقال " هل هذه اكذوبة اول نيسان " واصر غازيت على اهمية الدعم والمساعدة بسبب الهجوم العربي, اجابه طابنكين " ستصل المساعدة اليك الساعة 13:30 من بعد الظهر" . فقد غازيت الامل بالمساعدة وغفا من تعبه ويأسه خلال المعركة وانتظر الموت .    
 ازداد الهجوم والضغط العربي على القسطل باتجاه قبر الشيخ وبيت المختار من الجهة الجنوبية , وصرح  جدعون غلوبوس احد الجنود وقال " وصل المقاتلون العرب الى مسافة 50 مترا منا, فاق عدد المقاتلين العرب عدد المقاتلين اليهود, قررت وحدة المشاة التابعة لمنظمة الهاجاناة الانسحاب والهروب من قبر الشيخ ".
بعد  ساعتين من بدء الهجوم اصبح وضع غازيت ورجاله يائس وحرج, لأنه علم بان ضواحي منطقة القسطل مليئة بالمقاتلين العرب , وقامت مصفحات عسكرية ( استولى عليها العرب من اليهود في معركة النبي دانيال قرب بيت لحم , وقعت يوم 27 مارس 1948  عندما خرجت قافلة مكونة من 37 شاحنة و14 مصفحة  من القدس لتزويد غوش عاتسيون المحاصرة من العرب بالذخيرة والمؤن , علم المقاتلون العرب بالأمر ونصبو كمينا وانقضوا على القافلة عند عودتها وكانت النتيجة  قتل 14 جنديا وجرح 40 والاستيلاء على بعض المصفحات العسكرية ) بدوريات على الطريق المؤدي الى قرية صوبا.
اطلقت المصفحات النار باتجاه وحدة الجنود التابعة للبالماح  والتي كانت تحت قيادة الضابط  ناحوم اريئيلي ( 1927 – 1948 ) , قرر اريئيلي ان يتمركز في البيوت الشمالية من القسطل . حاول الياهو الياب ( جندي في البالماح من مواليد 1925 ) والياهو كوهين ( عضو في منظمة الهاجاناة ,1901- 1948 ) حماية بعض الجنود الذين حاولوا تسلق التلة بهدف الوصول الى القسطل .اصيب القادة اريك مندل (من البالماح ,1925-1948) وموشية بربار ( الملقب مويشكيه ,من البالماح , 1929- 1948 ) وبعض الجنود من رصاص المهاجمين العرب , قام المسعف شلومو شخطر بتقديم الاسعاف الاولي لمندل وعند قيامه بعمله اصيب هو الاخر بعيار ناري , لم يتمكن الجنود اليهود بنقل جرحاهم الى مكان امن بسبب  اطلاق النار الكثيف من قبل العرب ,حاول اريئيلي وجنوده صد الهجوم العربي ولكن دون جدوى.
دخل المقاتلون العرب القسطل من الجهة الجنوبية, انهار خط  دفاع القوات اليهودية  لحظات قبل ان يستلم اريئيلي زمام الامور وكان ذلك بسبب سوء التفاهم بين مقاتلي كتيبة عاتسيوني التي تمركزت في بيت المختار وبين مقاتلي البالماح الذين اتخذوا من قبر الشيخ مقرا لهم. انسحبت قوة البالماح الى مواقع دفاعية خلفية, عندما رات وحدة المشاة – عاتسيوني - ذلك اعتقدت ان جنود البالماح ينسحبون ويتراجعون فقاموا بالعمل نفسة وبهذا تكون قد انهارت كليا خطوط الدفاع اليهودية.
استولى العرب على بيت المختار وفصلوا المنطقة   بين قبر الشيخ والبيوت الاخرى. وصرح يوسف شاحار ( الملقب توسكي ,من البالماح 1926 – 2010 ) " فجأة خيم الصمت, رأيت الكثير من العرب, مثل الذباب , عندها فهمت سبب ذلك الصمت . احتل العرب القسطل , وابتدأوا بالاحتفالات وكنت قريبا منهم. لم اعرف طرق القرية , هربت الى البستان – منحدر التلة – وهرب معي بعض الجنود من وحدتي ومن وحدة المشاة ".
وصلت اخبار احتلال القسطل الى القدس العربية , فرحت الجماهير وتم اطلاق النار في الهواء وتناقلت الاخبار بان العرب اسروا 1050 يهودي . واصدرت اللجنة العربية العليا بيانا جاء فيه : " القسطل في ايدينا, تم اسر كل اليهود ". عندما وصل نبا مقتل عبد القادر الحسيني انقلبت الفرحة  والبهجة الى حزن وعزاء .تم احضار جثة عبد القادر الحسيني يوم الجمعة التاسع من ابريل 1948 الى باب الساهرة في القدس ,حشود غفيرة سارت وراء نعشه الذي تم لفه بعلم الرابطة الاسلامية , وقد شارك في المراسم قادة عرب, وجهاء, رجال اعمال ,قناصل وممثلين عن دول عربية وضباط عن الفيلق العربي الاردني . وارسل الحاج امين الحسيني من مصر كلمة الرثاء التي جاء فيها , " من قبلك مات كامل حسنين (قائد المتطوعين المصريين ), اليوم مات عبد القادر, غدا اموت  انا, شيء واحد لا يموت, فلسطين ". اطلقت المدفعية  احدى عشر طلقة تحية احترام, وبعد صلاة الجنازة في المسجد الاقصى تم دفن جثمان عبد القادر الحسيني بجانب ضريح والده موسى كاظم الحسيني في باب الحديد في باحة الحرم القدسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
               
الساعات الاخيرة في حياة عبد القادر موسى كاظم الحسيني
                                                
بقلم الدكتور الياس عفيف سليمان

قرات الكثير من الكتب والمقالات عن النكبة ,التهجير ,التشريد والشتات, ولكن وللأسف الشديد لم اجد أي ذكر لهذه المعلومات القيمة والمهمة, كما هي الحال في المقالات السابقة, والتي سأقدمها للقارئ. 
احاول من خلال هذه السطور ان القي الضوء وبشكل موضوعي, عقلاني وعلمي على ادق واهم  التفاصيل غير المعروفة للكثيرين  والتي وقعت في معركة القسطل ( وقعت في جبال القدس بين قوات الهاجاناة والقوات العربية ما بين 3 – 9  ابريل من العام 1948 تكبد بها الطرفان خسائر كبيرة وانتهت بانسحاب القوة العربية وفتح طريق المواصلات, ولو بشكل مؤقت الى القدس ) وعن اخر الساعات واللحظات في حياة عبد القادر الحسيني (1907 مصادر اخرى 1910- 1948 ).
اعتمدت في كتابة هذا المقال على الوثائق والمصادر الاولية والمقابلات الشخصية للقادة العسكريين والسياسيين الذين اداروا العمليات واصدروا الاوامر وبالتحديد على الارشيف الصهيوني المركزي, يوميات دافيد بن غوريون,  ملف الشهادات والافادات عن حرب الاستقلال, ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي والمقابلات الشخصية التي اجراها المؤرخ والمتخصص في حروب اسرائيل الدكتور اوري ميلشطين  والتي جاء على ذكرها في كتابه  " تاريخ حرب الاستقلال " المجلد الرابع الصادر باللغة العبرية في العام 1999 .
وبحسب رواية الدكتور ميلشطين انه في فجر يوم الخميس 8  ابريل 1948 وقعت واقعة في القسطل: سقط قتيلا قائد القوات العربية في منطقة القدس عبد القادر الحسيني والذي اتخذ من بير زيت مقرا لقيادته الرئيسية ومن بيت جالا مقرا لقيادته الثانوية , شغل والده موسى كاظم الحسيني منصب رئيس بلدية القدس في العهد التركي وحتى بداية عهد الانتداب البريطاني (1917) وكان من زعامة وقادة الحركة القومية الفلسطينية.
في يوم الاربعاء 7 ابريل 1948 قررت القيادة العامة  في مقر القيادة الرئيسية في بير زيت وعلى راسهم عبد القادر الهجوم والانقضاض ليلا على قرية القسطل, طلب مقر القيادة الثانوية في بيت جالا من عبد القادر عدم المشاركة شخصيا بالهجوم ولكن دون جدوى. وقال عبد القادر لمعاونه  بهجت ابو غربيه ( هو بهجت عليان عبد العزيز عليان ابو غربية  ولد في خان يونس في العام 1916 وتوفي في عمان - الاردن في العام 2012 ) " لقد قاموا بخيانتنا, الشي الاخير الذي  رأيته في مطار دمشق كان مخزن الاسلحة المعد  لفوزي القاوقجي, نستطيع ان نسافر الى العراق للعيش بها متسترين ومتخفين, نستطيع ان ننتحر ونستطيع ان نموت هنا, سأخرج الى كسارة صوبا ( قرب القسطل) وامر القائد ابراهيم ابو ديه ( من قرية  صوريف قضاء الخليل , 1919-1952 ) : " ارسل لي سيارتان مصفحتان مع مقاتلين ليلتقوا بي في الكسارة, سنعود ونحتل القسطل ( من اليهود ) وساقف على راس المهاجمين ".
في صباح يوم الخميس 8 ابريل 1948 اصدر القائد ابراهيم ابو دية امرا بمهاجمة القسطل فقامت القوى العربية بإطلاق النار من الرشاشات وبإطلاق قذائف الهاون, واستطاعت وحدة عربية من خبراء المتفجرات ان تصل  حتى مقر القيادة اليهودية لتضع الالغام لتفجيره, علمت القوة اليهودية بالأمر واستطاع غزيت ( هو مردخاي غزيت الملقب موطكه ولد في إسطنبول في العام 1922 وشغل منصب ضابط المخابرات في الهاجاناة وكان من قادة الهجوم على القسطل ) وسلمن (وهو يعقوب سلمن ولد في بولونيا في العام 1926 كان عضوا في الهاجاناة وشغل منصب قائد الكتيبة الاولى في فيلق المشاة ) من تفكيك وابطال المتفجرات , انسحبت وحدة خبراء المتفجرات العربية  من الطريق القريبة  من بيت  قبر الشيخ ( احد المجاهدين في القسطل ) الذي اتخذتة وحدة من البالماح مقرا لها. موشية كتسنلسون الذي جلس في موقع محصن لحماية الوحدة اطلق النار. وجاء في تقرير يوسف طابنكين ( الملقب يوسفليه 1921 – 1987 ومن قادة البلماح ) " مات اثنان من الفرقة العربية من نيران كتسينلسون  اما الثالث فقد استسلم وطلب الرحمة ولكن رجالنا قتلوه ( اعتقد طابنكين عند كتابة تقريره ان الرجل الثالث كان عبد القادر الحسيني لكنه اخطأ ) اقترب مقاتلون عرب الى المواقع اليهودية المتحصنة في القسطل وصرخوا باللغة العبرية " נהרוג אתכם " ( سوف نقتلكم ) ,قائد وحدة المشاة اصيب اصابة بالغة " .
في يوم الخميس 8 ابريل 1948 وقبل بزوغ الفجر توجه الى قرية القسطل عبد القادر الحسيني ومعه نائبه كامل عريقات ( ولد في قرية ابو ديس قرب القدس في العام 1906 وتوفي في عمان – الاردن في العام 1984 )  ومساعده عرفات      (استنادا الى بعض المصادر كان ذلك ياسر عرفات 1929 – 2004 ). ويستشف من افادة وشهادة  يسرائل  ناتاح  ( احد قادة البالماح ) ما يلي : " توجه عبد القادر الحسيني الى قرية القسطل بعد اعلامه بان وحدة عسكرية عربية تنوي ترك موقعها  وكان هدف عبد القادر منعها من الانسحاب " ولكن وبحسب رواية اخرى في الارشيف ان عبد القادر الحسيني انتظر حتى يسمع صوت انفجار مركز قيادة البالماح في القسطل ولما لم يسمع  ذلك قرر صعود التلة لمعرفة السبب, في الساعة الرابعة صباحا وصل عبد القادر وكامل وعرفات الى قمة التلة وسلكوا الطريق بين بيت المختار وبيت قبر الشيخ, ومن مسافة 30 مترا تقريبا انتبه اليهم وحدد موقعهم الرقيب اول مائير كرميول ( 1923 – 1948 اللافت للنظر انه لاقى حتفه بنيران القوة العربية ساعات قليلة بعد مقتل عبد القادر ) الذي افاق للتو من غفوته من على شرفة بيت المختار, اعتقد كرميول ان المجموعة القادمة باتجاهه هي فرقة متعقبي الاثر التي اتت من كريات عنابيم  للمساعدة  ( كريات عنابيم : كيبوتس في منطقة القدس تأسس في العام 1920 ). فصرخ باللغة العربية  وقال " تعالوا يا جماعة " وكانت تلك كلمة السر العسكرية ,اعتمر كرميول خوذة حديدية ولبس الزي العسكري البريطاني ولهذا السبب اعتقد عبد القادر انه جندي بريطاني هارب ومتملص من الخدمة وقال له بصوت عال وفي اللغة الانجليزية " Hello Boys " بما معناه " مرحبا شباب " .
تواجد قرب بيت المختار سلمن وغزيت , صرخ سلمن بأعلى صوته وقال " مائير هؤلاء عرب " فهم مائير القصد واطلق النار من رشاشه باتجاه عبد القادر ومن معه , اصيب عبد القادر ووقع ارضا, هرب عريقات وعرفات , اقترب سلمن وغزيت ومسعف الوحدة من المصاب  وهمس المصاب  بكلمتين  في  اللغة  الانجليزية : "water,water"   قدم المسعف الماء للمصاب وحاول مساعدته  لكن دون جدوى لأنه فارق الحياة.
لم يعرف سلمن وغزيت وكرميول  ومن معهم من هو القتيل , لكنهم انتبهوا لملابسه الانيقة ولرشاشه الامريكي الصنع ولقبضة يد مسدسه المصنوعة من العاج, للساعة الذهبية  في يده, للقلم الذهبي والوثائق في جيوبه ومنها : رخصة سياقة صادرة في مصر تحمل الاسم عبد القادر سوليم ,نصف ليرة فلسطينية, قرأن بحجم صغير, شهادة تطعيم ضد عدوى الكوليرا مختومة في معبر قناة السويس, تقرير عن محادثه مع القنصل الامريكي في القدس, خطة وبرنامج لمهاجمة جبل سكوبس او راس المشرف ( هاتسوفيم ) بالقدس . ساد الاعتقاد ان القتيل شخصية عربية مهمة .(بعد اتفاقية السلام مع مصر حاول عوزي نركيس  1925 – 1997 والذي شغل منصب نائب قائد الكتيبة التي احتلت القسطل  اعلام السيدة وجيهة ارملة عبد القادر الحسيني الساكنة في مصر انه مستعد لتسليمها  القرآن الذي وجد بحوزة زوجها لكن دون رد من قبلها ).  
وصرح جدعون غلوبوس قائد الكتيبة الرابعة في البلماح بما يلي: "جاء مائير كرميول الى قبر الشيخ وقال لرجال البالماح " قتلت واحدا مهما, هذه الوثائق, اخذت منه مسدسه". في ساعات الصباح الباكر ارسل غزيت برقية الى طابنكين ولشالتيئيل ( دافيد شالتيئيل ,1903 – 1969 , قائد الفيلق عاتسيوني الذي ادار العمليات والمعارك العسكرية في منطقة القدس ). جاء فيها : " نفذت الذخيرة, ارسلوا جنودا لتبديلنا " في برقية اخرى وبفارق وقت قصير من البرقية الاولى كتب غزيت  الى القيادة العامة ما يلي : " قتلنا عربي محترم, اسمه عبد الجابر (هكذا كتب الاسم ), وجدنا معه مسدسا جميلا, قام مسؤول  الاتصالات نفتالي هرئيل بإرسال  فحوى البرقية الثانية الى مقر قيادة شالتيئيل بالقدس.
في الساعة 10:30  من صباح يوم الخميس 8 ابريل 1948  ارسل قائد اللواء شالتيئيل برقية الى يدين ( هو يغئال يدين الملقب سوكنيك 1917 – 1984 ,شغل منصب رئيس قسم العمليات في الهاجاناة والجيش ,بعد قيام الدولة شغل منصب  الرئيس الثاني لهيئة الاركان العامة ) مفادها : " قتل عربي في القسطل على مقربة من مقر القيادة, قصفنا تجمعات العدو بكثافة وبدقة ,كانت الاصابات مباشرة, يطلق القناصة العرب النار منذ الصباح ,لم نتكبد خسائر".
في ساعات ما قبل الظهر من ذلك اليوم وصل خبر اختفاء عبد القادر الحسيني الى مقر وحدة المخابرات العامة في قيادة الهاجاناة في القدس. اتصل رجال المخابرات وقيادة اللواء بمردخاي غزيت وسألوه ماذا يعرف عن الموضوع, عندها فهم غزيت من هو ذلك العربي. اتصلت قيادة اللواء بقائد العمليات في البالماح  ميخائيل هافط ( الملقب ميكي  ولد في القدس في العام 1922  ويسكن في حيفا ) وطلبوا منه احضار الجثة. قام هافط بإعلام غزيت بالأمر وطلب منه نقل الجثة الى مقر القيادة العامة في القدس. اجاب غزيت "هذا مستحيل, القناصة العرب يطلقون النار ".
انطلق هافط  ويغئال ارنون (ولد ارنون في تل-ابيب  في العام 1929 -  ) قائد فصيلة بسيارة عسكرية مصفحة مليئة بالذخيرة متوجهين الى القسطل, في هذه الاثناء استلم يعقوب سلمن من مقر قيادة شالتيئيل بان يرسل جثة عبد القادر الحسيني في مصفحة عسكرية الى القدس مع بعض المصابين, رفض جنود سلمن الامتثال للأوامر وقالوا " لماذا علينا ان نعرض انفسنا للخطر؟ هذا غير وارد " ( تخوفا من هجوم عربي محتمل ), حتى المصابين لم يوافقوا على السفر في سيارة تنقل جثة وعادت السيارة العسكرية المصفحة من القسطل الى القدس بدون جثة عبد القادر الحسيني.
بعد ذلك, جرى اتصال من مقر القيادة اللوائي في القدس الى طابنكين  جاء فيه : " قتل عبد القادر, العرب ينظمون   "فزعة " من الخليل وحتى نابلس, الجماهير العربية مدججة بالسلاح يتجهون بزحف بشري الى باب الواد - المسمى بالعبرية شاعار هغاي - من اللد والرملة, ويتجهون بسياراتهم الى منطقة القسطل ضاربين طوقا من الجنوب , الحشود العربية تصيح " اعدائنا يحاصرون عبد القادر " التلال من حول القسطل مزروعة بالرجال.....
بسبب طول المقال رأيت انه من المناسب والمستحسن ان اتوقف الان . اما بالنسبة لما حصل بعد ذلك وعن طريقة تسليم جثة عبد القادر الحسيني سآتي على عرضها في المقال القادم كما جاءت في الأرشيف والمصادر الاولية المختلفة .   
   

drelias10@yahoo.com
 

كوبلر والمسؤولية الاخلاقية بشان الاشرفيين في العراق/ د. حسن طوالبه

ماذا يريد السيد كوبلر ممثل الامين العام للامم المتحدة ؟ هل يسعى الى حل الازمة الخاصة بالاشرفيين , وتسهيل عملية نقلهم من مخيم اشرف الى ليبرتي ؟ , هل يدرك وهو الذي يعيش عيشة مرفهة ضرورة توفير الحد الادنى من مستلزمات الحياة اليومية , واولها توفر الماء للشرب في هذا الصيف الحار جدا , وتوفير الكهرباء لنقل الماء وتحليته , وادامة الخدمات الطبية وعلاج المرضى , ؟ هل يدرك ان هؤلاء الناس هم من البشر وليسوا من الحيوانات ؟ وانهم كانوا يعيشون في مخيم اشرف الذي وفروا فيه باموالهم كل مستلزمات الحياة الانسانية , وانهم لايطلبون سوى نقل ممتلكاتهم التي توفر لهم الحياة الانسانية .
لقد وقع السيد كوبلر عدة مذكرات واتفاقيات مع الحكومة العراقية كلها تتضمن توفير مستلزمات الحياة اليومية للسكان في ليبرتي قبل الرحيل اليه . فماذا بدا للسيد كوبلر لكي يلقي اللوم على الاشرفيين , ويمدح الحكومة العراقية ؟ ولماذا يفتعل الحوادث لكي يثير حفيظة الاشرفيين , مثل اصطحابه المشرف على قمع الاشرفيين عامي 2009 و2011 . اليس هذا هو الاستفزاز بعينه , ؟ اليس هو محاولة لاسترضاء الجانبين العراقي والايراني على حساب اناس غلبتهم الازمات والظلم الذي وقع عليهم من نظام الملالي , لانهم لم يوافقوا على نهجه المستبد والمضطهد للشعوب الايرانية والطامع في بلدان العرب وخاصة في الخليج العربي . ان الهدف الرئيس لهذه الضغوطات على السكان كي تجبرهم ان يستسلموا ويركعوا امام النظام الايراني .
ماهو الواقع الذي يعيشه الاشرفيون ؟
 الوضع في المخيم الجديد ( سجن ليبرتي )  اسوأ  مما يتصوره المرء حيث لا توجد فيه ماء ولا كهرباء وعلى السكان جلب الماء من محطة للماء تبتعد حوالي 12 كيلومترا من المخيم تقع خارج المخيم , وعندما يطلب الاشرفيون نقل المولدات الكهربائية من مخيم اشرف لنقل الماء ترفض الحكومة العراقية , وتثير اشكالات وهمية بهدف التعقيد واطالة امد الازمة لاذلال السكان وهذا ما يريده نظام الملالي في ايران , الذي يعيش حالة ازمة اقتصادية بسبب العقوبات الدولية عليه , وبسبب الصراع بين اركان السلطة ذاتها قبيل الانتخابات الرئاسية . .وبات واضحا للعيان جسامة  وخطورة الوضع المعاشي في ليبرتي والحكومة العراقية  تنتهك الاتفاقات الموقعة بينها وبين الامم المتحدة وسكان اشرف . ان الحكومة العراقية لا تفعل شيئا لحل المشلات الخدمية في المخيم ولا تسمح لسكان ليبرتي ان يقوموا بحل هذه المشكلات بانفسهم على سبيل المثال : لا تسمح لهم نقل مخازن الماء ومولدات كهربائية. برغم ان السكان اثبتوا حسن نيتهم في النقل الى المكان الجديد لكن تبين لهم ان هذا النقل ما كان في اطار نقل متطوع وان الحكومة جعلت ليبرتي سجنا لهم.
الاشرفيون حالهم كحال العراقيين تعايشوا معهم طيلة ربع قرن , ولم تحصل اية مشكلة او سوء معاملة , اما الفبركات التي ادعاها اركان الحكومة ضد الاشرفيين هي من ابتكار (الاطلاعات ) الايرانية وقائد قوات القدس , لاعداد مسرح العمليات لقتل الاشرفيين العزل.  ان مشروع اخلاء اشرف ونقل سكانه الى ليبرتي هو مشروع ايراني للقضاء على المقاومة الايرانية. وان النظام الايراني يعتبر سكان اشرف المانع الوحيد امام طريقه لابتلاع العراق بشكل كامل خاصة بعد خروج القوات الامريكية من العراق.
 اين الموقف الموضوعي ؟
عودة الى دور السيد مارتن کوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي اطلق تصريحات ملفتة للنظر ضد سکان أشرف، تحمل في طياتها کل معاني التحريض و التأليب و التمهيد للإقدام على مجزرة ثالثة ضد الاشرفيين الذين هم أفراد محميون بموجب قرارات جنيف و القرارات ذات الصلة.
السيد کوبلر الذي يقوم بدور الوسيط بين سکان أشرف و الحکومة العراقية، يفترض فيه أن تتسم مواقفه و تصريحاته التي يدلي بها بقدر من الحيادية والحرفية السياسية و المهنية، لكنه ألقى الامر على عواهنه في تصريحاته الاخيرة يوم الخميس المصادف 19 تموز/يوليو، عندما قال بأن هناك:" صعوبات استمرار الحوار بين الـيونامي والحكومة العراقية وبين السكان"، حيث بين من خلال هذا الزعم بأن الطرف الذي يقف عائقا في طريق تنفيذ بنود مذکرة التفاهم الخاصة بالحل السلمي لقضية أشرف هم السکان  .. وهذا التصريح او التلميح هو في حد ذاته مثل "صب الزيت فوق النار " ، ذلك ان سکان أشرف "کونهم لاجئون سياسيون و معارضون للنظام السياسي القائم في إيران"، قد رحبوا منذ الايام الاولى بتوقيع مذکرة التفاهم الخاصة بحل مشکلتهم بين الامم المتحدة و الحکومة العراقية، وکانوا دوما مبادرين و سباقين في القيام بخطوات إيجابية لتطبيق و تنفيذ بنود المذکرة على الرغم من انها کانت في الکثير من الاحيان غير منصفة بحقهم، كما ان الاشرفيين أثبتوا بأنهم الطرف الاکثر إستعجالا لإتمام العمل و تطبيق المذکرة بحذافيرها، لکن الحکومة العراقية، التي تخضع بإعتراف رئيس الوزراء نوري المالکي نفسه لضغوطات من قبل النظام الايراني ، هو الذي قام و يقوم بوضع العراقيل واختلاق المشکلات". ان إنتقال 2000 من سکان أشرف من أصل 3400 فرد الى سجن ليبرتي، يعني أن أکثرية السکان قد صاروا في السجن الجديد مما يظهر جليا جدية و عزم السکان على تنفيذ الاتفاقية، لکن النقطة المهمة التي تحاشاها و تجاهلها السيد کوبلر قاصدا ومتعمدا، تتجلى في النقاط العشرة التي طرحها سکان أشرف کآلية من أجل تصفية مسألة الاموال المنقولة لهم و التي تقدر بأکثر من 500 مليون دولار، وهي المسألة التي تتهرب منها السلطات العراقية بتأثير من النظام الايراني، هذا إضافة الى أن السکان قد رحبوا على الدوام بإستمرار الحوار مع بعثة الامم المتحدة و ممثلي الحکومة العراقية، لکنهم إمتنعوا فقط عن المشارکة في الاجتماعات التي يرأسها مسؤول عراقي متورط في المجازر و المواجهات السابقة التي حدثت ضد سکان أشرف، وهذا المسؤول مطلوب من قبل محکمة اسبانية، علما بأن السيد کوبلر قد إعتذر حينها للسکان عن إصطحابه لذلك المسؤول الى أشرف بصفته مدير لإجتماع في کانون الثاني الماضي.
ان تأکيد کوبلر أمام مجلس الامن الدولي بخصوص "عدم عزم السکان للشراکة في عملية التسهيل لليونامي"، يتناقض مع تصريحات أدلى بها بنفسه في جلسة مجلس الامن الدولي يوم العاشر من نيسان الماضي بعد نقل 1200 من سکان أشرف الى مخيم ليبرتي و التي أکد فيها بقوله:" أود أن أسلط الضوء على أن سكان المعسكر على الرغم من الصعوبات الأولية فقد أظهروا حسن النية والتعاون في عملية النقل مؤخرا. انهم بالفعل، قطعوا شوطا طويلا، ومن الصعب حقا التخلي عن المكان الذي عاشوا فيه اكثر من عقدين من الزمن." کما أن کوبلر بنفسه قد شکر سکان أشرف بتأريخ 23 حزيران الماضي . ولذلك فإن تصريحات کوبلر الاخيرة تبدو ملفتة للنظر وتثير كثيرا من التساؤلات والشكوك . نرجو ان يجلي السيد كوبلر موقفه الموضوعي والانساني كونه يمثل الامين العام للامم المتحدة المسؤولة عن الامن والسلم الدوليين . واذا كان جادا في حل هذه الازمة لابد ان يكون موضوعيا يضع النقاط على الحروف, ويضع تحديدا توقتية لتنفيذ بنود الاتفاقيات المبرمة بين الاشرفيين والحكومة العراقية, وينظر لمطالبهم بعين المسؤولية الاخلاقية التي نصت عليها وثائق الامم المتحدة .
* كاتب أردني
arab.journalists.ashraf@gmail.com

هل اصبحت القضية الفلسطينية عبئا على العرب؟/ ابراهيم الشيخ

القضية الفلسطينية كانت  من أولى القضايا التي شغلت الوطن العربي بشعوبه قاطبة، حيث تم الاهتمام ودعم هذه القضية بكل الاشكال والامكانيات المتاحة، من ناحية الانظمة هذا الدعم بقي مقيدا ومحدودا بسياسات لا تخرج عن نطاق الواقعية السياسية اوالعلاقات مع دول الغرب التي لم تسمح باتخاذ اي قرارات سياسية اوعسكرية التي من الممكن ان تؤثر على موازين القوى لصالح الطرف العربي في الصراع مع اسرائيل اما من جهة اخرى ولعدم وجود اي حرية للشعوب باتخاذ القرارات بقيت الشعوب العربة ممنوعة عن اي فعل لان الانظمة لم تسمح لهذه الشعوب الا بالتضامن اللفظي والتظاهر في بعض الاحيان حين كان يتعرض الشعب الفلسطيني لأي اعتداء من قبل اسرائيل.
ان الربيع العربي تسبب في عدم اهتمام الانظمة العربية ومن وراءها الجماهير العربية والابتعاد عن القضية الفلسطينية والاهتمام بالمشاكل الداخلية لكل بلد وخاصة في الدول التي شهدت التغيير، اما الدول التي لم تشهد الربيع العربي بعد بدأت بترتيب البيت الداخلي  وانشغلت بتعزيز امنها وسلطتها ومراقبة كل ما يجري داخليا من حراكات والتي من الممكن ان تؤدي الى زعزعة الامن وعمدت هذه الانظمة الى مراقبة كل ما يجري في الدول المجاورة خوفا من وصول لهيب الثورات اليها. 
ان الانقسام بين الفصائل الفلسطينية قد اثر سلبا على القضية الفلسطينية وادى هذا الانقسام الى تراجع الاهتمام بمجريات  هذه القضية  حتى الفلسطينيون انفسهم فقدوا البوصلة والامل بالوحدة الفلسطينية واصبحوا لا يثقون بقياداتهم التي وبالرغم من اللقاءات المتعددة بهدف تحقيق المصالحة فيما بينهم لم يتفقوا بعد على قاسم مشترك يوحدهم، ومن الاسباب التي ادت الى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية بروز سلطتين متناقضتين من حيث الاتجاهات والانتماءات مما أدى الى تعقيد الامور للجهات التي تريد دعم احد الطرفين وارتهان كل جهة فلسطينية الى قوة اقليمية متناقضة مع الاخرى،  ناهيك عن عن ان القيادات الفلسطينية قد زاد اهتمامها بالسلطة والمراكز التي اصبحت ملهاة لهم والاهتمام بتحقيق المصالح الشخصية على حساب المصالح الوطنية والابتعاد عن فعل المقاومة.
اصبح معروفا للفلسطيني بأن الانظمة العربية وعلانية وليس سرا بأنها غير مستعدة لمحاربة اسرائيل والتضحية بمصالحها وعلاقاتها الجيدة مع الغرب من اجل القضية الفلسطينية حتى عبارات الشجب والاستنكار  التي تربينا على سماعها من قبل  الزعماء العرب لم نعد نسمعها وهذا دليل كم هذه القضية اصبحت ثانوية وعبئا ثقيلا على كاهل الزعماء واحراجهم مع الغرب الذي يقيمون معه علاقات الصداقة والتعاون بالرغم من معرفتهم بأن هذه الدول الغربية تدعم اسرائيل بكل الوسائل من اجل حماية امنها.
 بعض الدول العربية حاولت مصادرة القرار الفلسطيني ليبقى في يدها قرار رسم مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي وامتلاك اوراق الضغط بيديها ولكن الفلسطينيين قاوموا هذه المحاولات واستطاعوا اجراء مفاوضات مع الطرف الاسرائيلي ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية اوسلو عام 1993 ونشوء السلطة الفلسطينية بموجب هذه الاتفاقية واصبح قرار المفاوضات وتقرير كيفية الحل مع اسرائيل قرارا فلسطينيا بامتياز واصبح الفلسطينيون منفردين يتحملون مسؤولية ما يتخذون من قرارات مصيرية ولم يعد هناك خطوط حمراء عربية لما يجب ان يقبله الفلسطينيون اوعدم قبوله وهذا الوضع قد شجع اسرائيل على الاستفراد بالطرف الفلسطيني وفرض الشروط والحلول التي ترتئيها مناسبة لمصالحها ضاربة بعرض الحائط بالحقوق الفلسطينية. 
  الفلسطينيون انفسهم وفي ظل القيادة الحالية للسلطة التي اعلنت نهج المفاوضات مع اسرائيل قد ازاح عبء التفكير بمواجهة اسرائيل ولذلك صارت السلطة مصلحة عربية وازاحت عن كاهل الانظمة العربية عبئا كبيرا باتخاذ القرارات المصيرية بشأن حل القضية الفلسطينية وتركوا لهذه السلطة ما تراه مناسبا لشعبها ولذلك تدعم الدول العربية السلطة بالمال من اجل بقاء هذه السلطة وتحملها مسؤولية القضية الفلسطينية لوحدها وبدون اي تدخل عربي. 
ان الوضع العربي الراهن والذي يتصف بالشرذمة وعدم وجود ادنى حد من الوحدة والافتقار الى رؤية موحدة داعمة من حيث اتخاذ القرارات السياسية  في المحافل الدولية قد ادى فقدان القضية الفلسطينية الزخم المطلوب لدعمها، ويبدو ان دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية يسبب الحرج لبعض الانظمة العربية مع الدول الغربية وان ارادت بعض الدول ممارسة سياسة مناهضة او شاجبة لانتهاكات اسرائيل المستمرة في الاراضي المحتلة فان الولايات المتحدة تقف بالمرصاد لاي محاولة لادانة اسرائيل او تحميلها مسؤولية ما تقوم به    من اجراءات تعسفية بحق الفلسطينيين لذلك اصبحت الدبلوماسية العربية معطلة وغير مجدية في المحافل الدولية بما يخص القضية الفلسطينية.
بالرغم من ان بعض الدول العربية قد التزمت بدعم السلطة الفلسطينية ماديا بدأ يظهر على السطح عبء المساعدات المادية لهذه السلطة بسبب الازمة المالية العالمية ولأسباب سياسية بدأت بعض الانظمة العربية بعدم الوفاء بوعودها للسلطة التي تدفع معاشات لما يقارب من 150 الف موظف منهم الشرطة والوزراء والسفراء، السلطة هنا ايضا اصبحت عبئا ماليا ومن غير المعروف ان كان سيستمر هذا الدعم العربي الذي يعتبر شريان الحياة لهذه السلطة لأنه بدون هذه المساعدات العربية والغربية التي بدأت تشح لن تستمر طويلا.
انه وبعد التطورات السياسية في الوطن العربي اصبح لكل بلد مشاكله الداخلية مما ادى الى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية والتي يبدو ان مركزيتها تتعرض للاهتزاز امام مشاكل دول الوطن العربي التي كثرت واصبح لكل دولة قضيتها المركزية.
كاتب وصحفي فلسطيني

رسالة أميركية إلى "الربيع العربي"/ نقولا ناصر

(إنها لسخرية بالعرب عندما تتذرع واشنطن بحجة تأهيل إسرائيل لمواجهة "تحديات الربيع العربي" كمسوغ لإصدار قانون تعزيز التعاون الأمني معها، بينما يكاد هذا "الربيع" يقضي على اي قدرات عربية يمكنها أن تمثل تحديا حقيقيا لها)  

لقد حاولت إدارة باراك أوباما الأميركية ركوب موجة الحراك الشعبي الذي اجتاح عددا من الأقطار العربية مطالبا ب"التغيير والاصلاح" خلال العامين المنصرمين، ونجحت وسائل إعلامها في إطلاق اسم "الربيع العربي" على هذا الحراك، موحية تضليلا بأن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حركة التاريخ الذي يصنع حاليا في الوطن العربي الكبير وبأنها قررت أخيرا الانحياز إلى الجماهير العربية وطموحاتها في الحريات المدنية والتحرر الوطني والعدالة الاجتماعية.
لكن توقيع أوباما يوم الجمعة الماضي على "قانون تعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل" قد أماط اللثام الخادع عن إدعاء الانحياز الأميركي إلى جانب الحراك الشعبي العربي وحركة التاريخ في المنطقة، وتوج خروج دولة الاحتلال مؤخرا مما وصفه باراك رافيد في صحيفة "هآرتس" ب"بيات إسرائيل الشتوي" عندما "تراجعت إسرائيل، مثل دب قطبي، إلى داخل كهفها، منكفئة على ذاتها، بانتظار أن تمر موجة الغضب" الشعبي العربي، على أمل أن تنجح الولايات المتحدة في حرف هذا الغضب عن مساره، دون مساعدة سافرة من أداتها الإسرائيلية الإقليمية، وقد نجحت واشنطن في احتواء هذا الغضب وفي حرفه عن مساره، حتى اصطدمت بالعقبة السورية التي اضطرت دولة الاحتلال مؤخرا إلى الخروج من "بياتها الشتوي" بحجة خطر "الأسلحة الكيماوية" السورية، واضطرت الولايات المتحدة إلى كشف وجهها الحقيقي القديم المنحاز إلى ما وصفه رافيد ب"النظام القديم" الذي تقف دولة الاحتلال الإسرائيلي وأمنها في مركزه.
وإنها لسخرية أميركية لاذعة حقا بالعرب وربيعهم عندما تتذرع الولايات المتحدة بحجة تأهيل دولة الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة "تحديات الربيع العربي" كمسوغ لإصدار هذا القانون كما جاء في حيثيات إصداره. ف"الربيع العربي" الذي لم يحرر الجيش التونسي من علاقاته الأميركية الوثيقة، ولا حرر الجيش المصري من قيود علاقات مماثلة إضافة إلى قيود المعاهدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ووثق علاقت الجيش اليمني مع الولايات المتحدة التي كانت مأخذا للحراك الشعبي على النظام السابق، ودمر القوات المسلحة الليبية، وارتهن إعادة بناء الجيش العراقي للتسليح الأميركي إلى أمد غير منظور، ويحاول اليوم استنزاف الجيش العربي السوري بعيدا عن جبهة الجولان المحتل، هو "ربيع" يكاد يقضي على اي قدرات عربية يمكنها أن تمثل تحديا حقيقيا لدولة الاحتلال يسوغ إصدار القانون الأميركي الجديد.  
إن "قانون تعزيز التعاون الأمني" الأميركي – الإسرائيلي الذي وقعه أوباما نهاية الأسبوع الماضي كان رسالة بليغة من الولايات المتحدة إلى "الربيع العربي" تبدد أية أوهام ربما ما زالت تساور بعض "المعارضة" العربية في هذا القطر العربي أو ذاك بأن واشنطن يمكن أن تنحاز حقا إلى حركة التاريخ وحراك الجماهير الطامحة إلى تغيير "النظام القديم" في الوطن العربي ومحيطه الشرق أوسطي، أو إلى إصلاحه في الأقل، فالقانون الأميركي الجديد لا يترك مجالا لأي شك في حرص الولايات المتحدة على إنقاذ النظام القديم و"تعزيزه".
ويكفي استعراض سريع لمضمون هذا القانون لكشف مضمون الرسالة الأميركية إلى "الربيع العربي" الذي تحولت جامعة الدول العربية فيه إلى حصان طروادة أميركي يصهل باللغة العربية لثورة مضادة بتمويل عربي حول "الربيع العربي" في الواقع إلى "ربيع أميركي" اختطف الحراك الشعبي العربي وحرفه عن مساره الطبيعي المعادي للهيمنة الأميركية التي كانت ولا تزال حارسة للنظام العربي القديم الذي بادر جماعة إلى "السلام" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لكنه يهرول اليوم نحو الجمعية العامة للأمم المتحدة في سباق محموم مع الزمن لوضع سورية تحت وصاية الفصل السابع من ميثاقها، أسوة بالعراق، بينما تراوغ اللجنة الوزارية لمتابعة "مبادرة السلام العربية" في الاستجابة للطلب الفلسطيني بالتوجه إلى الجمعية العامة لاستصدار قرار غير ملزم يعترف بدولة فلسطينية غير عضو في الأمم المتحدة لتؤجل الجامعة العربية البت في الطلب الفلسطيني إلى الخامس من ايلول / سبتمبر المقبل.
ففي البند الثالث من القسم الثالث (البيان السياسي) ينص القانون الأميركي الجديد على استخدام حق النقض "الفيتو" لإجهاض أي قرارات من جانب واحد ضد إسرائيل في مجلس أمن الأمم المتحدة.
وفي بنوده الأخرى ينص القانون على إعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة بلا تردد "بأمن دولة إسرائيل كدولة يهودية"، وينص على "تشجيع جيران إسرائيل" - - الذين ضن المشرع الأميركي عليهم بوصف "العرب" - - "على الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية"، ونص على مساعدتها في "الاحتفاظ بتفوقها العسكري النوعي" و"التكنولوجي"، وب"دعم حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس"، وبالعمل على "توسيع دور إسرائيل مع منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)" و"بتعزيز حضورها في مقر قيادة ومناورات الناتو" الذي قاد عملية "تحرير ليبيا" والذي تضم قائمة "شركائه" الآن إحدى عشرة دولة عربية تتحكم بقرار جامعة الدول العربية في الوقت الحاضر، مما يفسر دور الجامعة في ليبيا وسورية والعراق ويفسر دورها في احتواء ثورات تونس ومصر واليمن وفي حصارها للحراك الشعبي في البحرين وصمتها عن حراك شعبي في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ويلزم القانون الرئيس الأميركي بتقديم "تقارير" إلى الكونغرس خلال فترة لا تزيد على (180) يوما بعد وضع القانون موضع التنفيذ عن "الأفعال" التي قامت إدارته بها "لدمج إسرائيل في الدفاع عن شرقي البحر الأبيض المتوسط" (وتقع سورية طبعا في مركز هذه الجغرافيا)، وكذلك عن الاستجابة ل"طلب إسرائيل العاجل للحصول على طائرات اف – 35" الحربية، وعن "وضع التفوق العسكري النوعي لاسرائيل"، وعن "جهود توسيع التعاون بين الولايات الكتحدة وبين إسرائيل في الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب وأمن الملاحة البحرية والطاقة والأمن الالكتروني" وغير ذلك من مجالات التعاون "ذات الصلة".
وينص القانون كذلك على زيادة "فرص" التدريب والتمرين لسلاح الجو الإسرائيلي "في الولايات المتحدة لتعويض إسرائيل عن ضيق أجوائها"، ومع ذلك فإن ضيق الأجواء الإسرائيلية لم يمنع القانون من النص على فتحها أمام مناورات سلاح الجو الأميركي، وعلى زيادة "المواد" الحربية الأميركية المخزنة في دولة الاحتلال و"إتاحة هذه المواد لاسرائيل في حالة الحرب" وتزويدها بالمعلومات الاستخبارية التي تجمعها أقمار التجسس الأميركية، إضافة إلى النص على "توسيع التدريبات العسكرية المشتركة".
وبالرغم من الأزمة المالية التي تجبر الإدارة على "التقشف" في إنفاقها على المواطن الأميركي، فإن القانون يسخو في منح دولة الاحتلال رزمة من المعونات العسكرية لم يسبق لها أن حصلت على مثلها من الولايات المتحدة. فعملا بقانون الاعتمادات المالية التكميلية الطارئة في زمن الحرب لسنة 2003 تنتهي صلاحية ضمانات القروض المتاحة لإسرائيل في الثلاثين من أيلول / سبتمبر المقبل، وقد مدد القانون الجديد هذه الصلاحية إلى الثلاثين من الشهر ذاته عام 2015، كما تم تمديد سريان قانون مماثل للمعونات من وزارة الدفاع (البنتاغون) لسنة 2005 "لأكثر من عشر سنوات" بدلا من "لأكثر من ثماني سنوات".
وكانت إدارة أوباما قد طلبت من الكونغرس المصادقة على تقديم "مساعدات أمنية" لإسرائيل للسنة الجارية 2012 بما يزيد على ثلاث مليارات دولار أميركي وهو أكبر مبلغ سنوي يطلب لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة، وذلك في سياق "مذكرة التفاهم" الموقعة مع دولة الاحتلال عام 2007 تعهدت الولايات المتحدة بموجبها بمنحها ثلاثين مليار دولار على مدى عشر سنوات، إضافة إلى مليار دولار أخرى لتمويل نظام للدفاع الصاروخي تطوره دولة الاحتلال مع الولايات المتحدة، وإلى (70) مليون دولار أعلن عنها الأسبوع الماضي دعما لبطاريات "القبة الحديدية" الإسرائيلية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى. وقالت السناتور باربارا بوكسر التي حضرت حفل توقيع أوباما للقانون الجديد إن القانون "يخول بزيادة قيمة الأسلحة الأميركية المتاحة لإسرائيل في حال وقوع أزمة إلى (1.6) مليار دولار".
إن النص في البند "6" من البيان السياسي للقانون على "مساعدة حكومة إسرائيل بجهودها المتواصلة لصياغة تسوية سلمية متفاوض عليها للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني تتمخض عن دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن" يبعث برسالة خادعة توحي في الظاهر بحساسية تجاه مطلب عربي وفلسطيني لم تف الادارات الأميركية المتعاقبة بوعودها لتحقيقه، لكن هذا النص يبدو شاذا عن السياق العام والتفصيلي للقانون وكأنما أقحم على نصه إقحاما، غير أن وضعه في سياق الشروط الأميركية – الاسرائيلية لتحقيق "التسوية السلمية المتفاوض عليها" الواردة في نصه لا تترك مجالا لأي تفسير آخر غير كون هذه "التسوية السلمية" يراد لها أن تكون جزءا لا يتجزأ من "تعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل" بموجب القانون الجديد.
قبل أن يوقع أوباما القانون الجديد، تحدث رون بول، الذي نافس ميت رومني على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، مخاطبا مجلس النواب الأميركي قائلا إن مشروع القانون : "لن يساعد الولايات المتحدة، ولن يساعد إسرئيل، ولن يساعد الشرق الأوسط، وهو ضمنيا يفوض بتدخل أكبر كثيرا للولايات المتحدة في المنطقة في وقت لا نستطيع تحمل التزاماتنا الخارجية الموجودة حاليا، وهو على الأرجح سوف يقود إلى الحرب ضد سورية، أو ضد إيران، أو ضد كلتيهما".
ومما يعزز تحذير بول أن دولة الاحتلال الإسرائيلي استقبلت مؤخرا أو تستقبل خلال أيام المستشار الأميركي لمكافحة الإرهاب جون برينان، ومستشار الأمن القومي ثوماس دونيلون، ووزيرة الخارجية هيلاري هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع ليون بانيتا، ولا يمكن أن تكون زيارات هؤلاء مرتبطة بحملة انتخابات الرئاسة فقط، بل هي مرتبطة أكثر ب"التوترات المتصاعدة التي تعيشها المنطقة" كما قال الرئيس أوباما مفسرا الهدف من زيارة وزير دفاعه بانيتا. 
في دراسة له نشرتها مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية بعنوان "تناقضات الهيمنة: الولايات المتحدة والربيع العربي"، وصف نيكولاس كيتشين الالتزام الأميركي بدولة الاحتلال وأمنها بأنه "التزام أيديولوجي مهيمن هيمنة طاغية تعززها ضغوط داخلية هامة"، وقد عبر أوباما عند توقيعه القانون الجديد عن هذا الالتزام بقوله إنه "التزام علينا جميعا، جمهوريين وديموقراطيين"، وهو بالتأكيد التزام أميركي يتناقض مع كل الايديولوجيات المحركة للحراك الشعبي في "الربيع العربي". والرسالة الأميركية التي يبعثها القانون الجديد إلى هذا الحراك غنية عن البيان، وخلاصتها أن الاستقواء بالولايات المتحدة والناتو وبتدخلهما العسكري يحول دعاته وأنصاره إلى مجرد أدوات في الاستراتيجية "الأمنية" الأميركية – الإسرائيلية.
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

كنت هناك/ أنطوني ولسن

كنت هناك عندما احتل المستعمر الأبيض تلك الرقعة الجميلة من أرض الله والتي تسمى ...
"  جنوب أفريقيا  " . 
كنت هناك عندما أذاق هذا المستعمر اهل البلاد الأصليين السود الطيبين المر والعذاب . كنت هناك عندما فرق بين بعضهم البعض ، وميز بينهم وبين نفسه . نهب الخيرات وأباح لنفسه كل المحرمات وسرق وسبى وأغتصب .
كنت هناك عندما كان فيلسوف القرن العشرين المهاتما غاندي شابا يعمل محاميا وذهب الى جنوب افريقيا وعومل أسوأ معاملة لأنه ملون ينتمي الى اللون الأسود ... لون العبيد ، وليس الى اللون الأبيض.. لون الأسياد . كنت هناك وسمعته يقول عن هؤلاء القوم ودينهم مقولته المأثورة  "أحب المسيحية ولا أحب المسيحيين " .
كنت هناك عندما بدأت حركات المقاومة الوطنية تأخذ أشكالا تنظيمية في بداية  العقد الثامن من  هذا القرن " العشرين" . وكنت هناك عندما بدأت المقاومة تأخذ شكلا دمويا من تحديها لجحافل الظلم والحقد . كنت هناك ارى هؤلاء الأبرياء ... السود الأقوياء  .. اصحاب الأرض وما عليها يساقون كالنعاج لحصد ارواحهم وتشريد نسائهم وتحويل عيالهم الى يتامى لا أب يرعاهم ولا منزل يأويهم .
كنت هناك عندما اهتزت الأرض تحت مقاعد البيض ، عندما خرج عليهم الوحش النحيل نيلسون مانديلا ، الذي سجنوه ما يقرب من نصف عمره . خرج الوحش الأفريقي ألأسود النحيل يزأر ويقول لهم هذه أرضي أنا .. وأبي ضحى هنا . أمسكوا بالوحش .. عذبوه سجنوه .. لكنهم لم يستطيعوا إخماد صوته إلى الآبد . لقد كان وراءه حزب أطلق عليه " المؤتمر الوطني الأفريقي "
كنت هناك عندما أفرجوا عنه وأخرجوه من سجنه واحاطوه بالأكاذيب والشائعات حول زوجته ليحطموه . وكنت هناك عندما لم يعر الرجل إهتماما . فخابت آمالهم .
بدأ يخاطب ضمائر الشعوب ويطلب منها الوقوف الى جوار الحق . وكنت هناك عندما استجابت الشعوب واعلنت الحصار الأقتصادي على بلده أفريقيا . كنت هناك عندما سطع ضوء الحرية وعرف الشعب طريقه وازداد مطالبا بحريته . وكنت هناك عندما وافق رجل أبيض عاد إلىه صوابه ووافق على التغير . كنت هناك عندما سمعتهم ينادونه بـ .. " دي كليرك " .
وكنت هناك يوم الثلاثاء الموافق 26 ابريل / نيسان  عندما دخل العملاق الأسود الكهل النحيل البالغ من العمر 75 عاما الأنتخابات منافسا البيض . وكنت هناك عندما أعلن في يوم الأثنين التاسع من مايو / أيار  فوز مانديلا برئاسة جمهورية جنوب أفريقيا .
ذرفت عيناي دمعتين . دمعة فرح لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب . ودمعة حزن وأسى على حقوق ضائعة في الوطن العربي وأصحابها من الخوف لاهين ، أو من الجبن صامتين .
نعم كنت هناك بالفكر والوجدان .
جريدة " النهار " ـ " العندارية "
 نسبة إلى صاحبها ورئيس تحريرها المرحوم الأستاذ بطرس عنداري
19 / 5 / 1994
سدني / أستراليا
من ذاكرة كتاب " المغترب " الجزء الثاني الذي أصدرته في سدني / أستراليا عام 1997 .
قد يتساءل البعض ما دخل جنوب أفريقيا ونيلسون مانديلا والمهاتما غاندي بنا في مصر والأحداث المتلاحقة إن كان في مصر أو في العالم العربي !! .
وأجد نفسي حائرا مثلهم في كيفية الربط بما يحدث لمصر والعالم العربي بجنوب أفريقيا وما حدث بجنوب أفريقيا .
لكن المقال كتبته كما هو واضح في شهر مايو من عام 1994 . مما شك فيه أحداث جنوب أفريقيا وما قدمه نيلسون مانديلا لشعبه يستحق التوقف عنده حتى يمكننا أن نأخذ العظة ونعرف أو نحاول معرفة ما هو الواجب إتباعه لحل مشاكلنا وما آلت إليه أحوالنا مع وضع في الأعتبار أن جنوب أفريقيا  كان محتلا ومحكوما من حكومة أجنبية . أما نحن في مصر والعالم العربي فهو يحكم بحكومات من نفس شعوب المنطقة العربية ولكنهم لم يراعوا الله في خدمة شعوبهم والنهوض بدولهم ، بل  فضلوا  خدمة أنفسهم وأتباعهم وعملوا على نهب خيرات البلاد وتحويلها خارج بلادهم . مما أدى بتأخر بلادهم وإزدياد حالات الفقر والجهل والمرض مع زيادة الفساد في جميع مناحي الحياة مما دفع شعوبهم القيام بإنتفاضات ثورية نجحت في الأول كثورات بالإطاحة بمعظم الحكام ومنهم مصر التي على مدار العام والنصف عام لم تستقر أمورها حتى الأن على الرغم من إنتخاب رئيس جمهورية ومحاولة إصدار دستور جديد من جمعية تأسيسية تم إختيار أعضائها من نفس الأتجاهات الواحدة مما وضعها في شكل عدم الأهلية لأنها لا تمثل جميع أطياف الشعب وليس لفصيل واحد ذو تسميات مختلفه .مما سيجعل الدستور ، دستورا تفصيليا لأهوائهم وليس من المهم إن تعارضت مع مصلحة مصر والشعب المصري .
هذا الفصيل الواحد إن كان في مجلس الشورى الذي يتولى صياغة الدستور الجديد ، أو في مجلس الشعب المنحل والذي يمكن أن يعاد إنتخابه أو عودته كما كان . مع رئيس الجمهورية والوزارة الجديدة التي إختار لها رئيس الجمهورية رئيسا كما يقول البعض أهم ميزاته أنه قريب للأخوان المسلمين .
كنا نتمنى على هذا الفصيل الواحد أن يكون مصريا جملة وتفصيلا من حيث الولاء والإنتماء لمصر . أحلامه وطموحاته من أجل مصر والشعب المصري قبل كل شيء . لكن مع الأسف ظهر على حقيقته وما كان يهتف به البعض أثناء الحملات الأنتخابية سواء البرلمانية أو الجمهورية من أن طموحاتهم في تكوين الخلافة وأن تكون عاصمة الخلافة القدس ، لا القاهرة ولا مكة بل القدس .
مرت مصر بعصور وعهود كانت فيه تحت نير مستعمرين إن كان ذلك في الفترة التاريخية الفرعونية . أو بعد دخول الأسكندر الأكبر مصر في عهد البطالمة الذين عملوا على دمج الدولتين في دولة واحدة بلغة جديدة واحدة . وكان هدف الدولة الجديدة إعلاء شأن مصر . وما قامت به الملكة كليوباترا أخر ملوك البطالمة على توسع المملكة المصرية " لاحظوا أنها لم تسعَ إلى توسع دولة البطالمة " بمحاولة ضم الأمبراطورية الرومانية " روما " إلى مصر وتصبح هي ملكة مصر وروما . وهذا لا يدع أي مجال للشك على أنها ملكة مصرية مائة بالمائة . وحاربت بجيش مصري معركة من أقوى معارك مصر في ذلك الوقت . على الرغم من الهزيمة إلا أن مصر كانت مصر ولم يحاول لا الأسكندر الأكبر ولا من تولى حكم مصر من البطالمة بدءا بـ بطليموس الأول منتهيا بالملكة كليوباترا أن يغير إسم مصر .
إحتل الرومان بقيادة القائد إكتافيوس مصر بعد ذلك وأصبحت مصر مستعمرة رومانية . لكن هذا المستعمر الجديد لم يعمل على خدمة الشعب المصري . بل كان جُلّ همه الحصول على القمح المصري وعلى كنوز المناجم المصرية . وهنا بدأ الشعب المصرية عصيانه ضد الدولة الجديدة بالهجرة إلى الجبال والصحراء مفضلين حياة التقشف كأحرار ، على أن يكونوا أذلاء تحت حكم الرومان الجديد .
إنتهت الأمبراطورية الرومانية بالتقسيم إلى إمبراطورية غربية عاصمتها روما ، وإمبراطورية شرقية عاصمتها بيزنطة . وكانت مصر تخضع للأمبراطورية الرومانية البيزنطية .
دخلت المسيحية مصر على يد مار مرقص البشير وأمن الشعب المصري بالدين الجديد . وحدث خلاف عقائدي على يد الطاغية دقلديانوس والذي قدم فيه المصريون أرواحهم في سبيل التمسك بروح الإيمان الأرثوذكسي القويم .
دخل المسلمون العرب مصر ، فاتحين أوغزاة أو مهما كانت التسمية فقد حكموا مصر برضى المصريين أو بقوة السيف فقد تم الحكم ومصر وأسم مصر لم يتغير لا في حكم الخلفاء الراشدين ولا في حكم الدولة الأموية ولا العباسية ولا في أي ممن حكموا مصر من الحكام المسلمين عربا كانوا أو غير عرب بما فيهم الخلافة العثمانية والتي أصبحت فيها مصر إحدى الولايات التابعة للخلافة .
مع كل من حكم مصر بعد عمرو بن العاص ومصر محتلة وتخضع لملوك أو أمراء أو حكام أو مماليك وحتى الخليفة والخلافة مصر كانت متميزة عن بقية الولايات الأخرى .
حاول كل حاكم عربي أو غير عربي إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء مصر متخذين من إختلافهم في الدين حجة للوقيعة بينهم . نجحوا حينا وفشلوا أحيانا كثيرة .
إستقل محمد على باشا بحكم مصر وتدريجيا تحولت إلى مملكة يحكمها ملك أخرهم المرحوم الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان وكانت مصر تحت الإحتلال البريطاني .
إستطاع رجال مصر طرد المستعمر البريطاني الذي حاول كغيره أستخدام أسلوب فرق تسد نجح حينا وفشل أحيانا وبقي الشعب المصري هو الشعب المصري المتميز عن غيره بالوسطية في إيمانهم ومحب ومضحي في سبيل مصر وظهر ذلك جليا في حرب 1973 .
من هذه الخلاصة التاريخية السريعة نرى أن الشعب المصري شعب متماسك مهما ظهرت شوائب من هنا أو هناك تعكر صفو العلاقة المتينة بين المصريين . قاوموا كل مستعمر حاول أن يستغل مصر والمصريين .
هذا التاريخ المشرف للشعب المصري هو الذي جعلني عند ما أعدت قراءة هذا المقال الذي سبق ونشرته أن أقرر إعادة نشره في هذه الأيام لأنه من الواضح أننا تحت حكم إستعماري منه فيه . أي من مجموعات بالأسم والأقامة مصريين . وفي الحقيقة هم بعيدين كل البعد عن مصر ولا تهمهم ولا يهمهم الشعب المصري . إنتمائهم إلى الخلافة الأسلامية والتي حددوا عاصمتها بالقدس فتصبح مصر دويلة ضمن دويلات الخلافة . وبدلا من العمل على رفعة الشأن المصري نجدهم يعملون على رفعة أنفسهم ومن يتبعهم فقط وطوز وألف طوز في مصر ومن الطبيعي في المصريين لأنهم بكل وضوح غير مصريين ولا تعني ولادتهم ونشأتهم على أرض مصر أنهم بالفعل مصريين . لأن ولائمهم وإنتمائهم الحقيقي غير مصري . إنهم غزاة جدد عاشوا وسطنا وعندما واتتهم الفرصة ظهروا على حقيقتهم .
هنا نسأل ما الفرق بينهم وبين المستعمرين الذين إستعمروا مصر وغير مصر عربا كانوا مسلمين أو غير عرب ومسيحيين إن كانوا إنجليز أو فرنسيين أو من أي جنسية ؟
الأجابة واضحة المستعمر هو مستعمر ولا يهمه لا الشعب الذي يستعمره أو الدولة . وكم قاست الشعوب من الأستعمار ومنه شعب جنوب أفريقيا العظيم الذي إستطاع أن يصمد في تحديه لقوة المستعمر الغاشم . قاوموه بتماسكهم وتضحياتهم ووجود من تحمل السجن والعذاب بتمسكه بحق شعبه . نيلسون مانديلا تاريخ حي " أطال الله في عمره "  يؤكد أنه لا يضيع حق وراءه مطالب مهما طغى المستعمر .
إنقذوا مصر من مستعمرين جدد .. مستعمرين منه فيه . على رأي المثل الصعيدي
" دود المش منه فيه " ... 
في أحداث جنوب أفريقيا .. كنت هناك .. على الرغم من وجودي في أستراليا
في أحداث مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 وحتى الأن .. كنت ومازلت وسأظل هناك .. على الرغم من وجودي في أستراليا .
لأن مصر وطن يعيش فينا ... 

وعند عبد الرزاق طلاس الخبر اليقين/ محمد فاروق الإمام

بعد أسابيع من مغادرة العميد مناف طلاس سورية متوجهاً إلى باريس، وهذا خبر سمعناه من وزير الخارجية الفرنسية وهو يلقي كلمته في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس، راحت العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية تلمع شخصية هذا العماد إلى درجة أن الكثيرين اعتقدوا أن هذا العماد هو مفتاح الحل للأزمة في سورية وهو الوجه الذي يمكن أن يقود المرحلة الانتقالية ويوصل سورية إلى بر الأمان ويحقن دماء أهلها، وتم التداول باسمه على لسان عدد من المسؤولين السوريين والتقارير الدبلوماسية لكي يلعب دورا في المرحلة الانتقالية. وزيادة في هذا التلميع ذهب العماد إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك العمرة محاطاً بعدد كبير من الحراس ووسط حفاوة بالغة لا يحظى بمثلها إلا قادة الدول، وكأنه لا يزال على سروج خيله كقائد عسكري وركن ركين من أركان النظام السوري المتآكل، يخطب الجميع وده كما كان الحال مع أبيه، الذي اشتهر بصف من النياشين والأوسمة على صدره وكأنه اكتسبها من معارك كبيرة خاضها وانتصر فيها، وهو في الحقيقة لم يكن إلا شريكاً للجلاد حافظ الأسد في ما اقترفه من جرائم بحق السوريين على مدار ثلاثين سنة وشريكاً له في كل الانكسارات والهزائم التي ألحقها بسورية، وشريكاً له بالارتباط بالدولة الصفوية إيران والتحالف معها ضد العرب، وهو الذي أوصل الوريث بشار الأسد ليحتل منصب رئيس الجمهورية وفاء لوصية والده، وكان لا يجيد في حقيقة الأمر إلا فن الطبخ وتنسيق الزهور ومعاشرة المومسات والظهور معهن في بلاجات ومسابح أوروبا.
وأعلن العميد مناف طلاس أخيراً انشقاقه عن البيت الأسدي الذي عاش في حضنه منذ نعومة أظفاره، كما فعل أبوه العماد من قبله، داعياً في أول ظهور له بعد إعلان انشقاقه عن الجيش السوري النظامي في 24 تموز، السوريين إلى التوحد من أجل "خدمة سورية ما بعد الأسد".
وقال طلاس في بيان تلاه عبر قناة "العربية" التلفزيونية الفضائية: "دعوتي أن نتوحد من أجل سورية موحدة ذات نسيج متوحد ومؤسسات ذات استقلالية لخدمة سورية ما بعد الأسد".
وأضاف متوجهاً إلى السوريين في ما أسمته قناة العربية "الإعلان الرسمي لانشقاقه": "أطل عليكم في هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلادنا حيث تسيل الدماء البريئة وكل ذنبها أنها تطالب بالحرية"، داعياً إلى "فعل المستحيل من أجل الحفاظ على وحدة سورية وضمان الشروع في بناء سورية الجديدة، سورية التي لا تقوم على الانتقام والإقصاء والاستئثار".
وختم طلاس بيان انشقاقه قائلاً: "من واجبنا كسوريين التوحد لجعل سورية حرة ديمقراطية لنبني من جديد سورية أكبر من الأفراد"، داعياً إلى الحفاظ على المؤسسات التي "ليست مؤسسات أفراد اختطفوها وأفقدوها مكانتها". معلناً أنه لا يسعى إلى أي منصب أو أية مسؤولية في سورية في المرحلة الانتقالية إلا إذا كان ذلك يخدم سورية ويحقن دماء السوريين.
مناف طلاس لم يظهر، في إعلان انشقاقه كما جرت العادة، ووراءه علم الاستقلال، ولم يتوجه بأي كلمة لقيادة الجيش الحر أو المجلس العسكري الذي يضم نخب الرتب العالية من الضباط المنشقين وهو دون بعضهم رتبة وقدماً، ومن ثقافة أدب الجيش احترام الرتب والتسلسل العسكري فيها وهذا ما لم نجده عند العميد طلاس، وقد سمعنا منه كلاماً فوقياً متخطياً كل العادات والأعراف العسكرية المعتبرة في كل جيوش العالم، وهذا يدل على أن طلاس لا يزال يعتقد أنه من علية القوم وأن على الجميع النظر إليه على أنه الرجل الذي مفاتيح كل حلول الأزمة في سورية، وأن على جميع المعارضين من عسكريين ومدنيين أن يسعوا إليه ويسلموا له مقاليد الأمور لقيادة سورية في المرحلة الانتقالية، فشهوة الحكم والسلطة شيء مؤصل في آل طلاس كما كانت في آل الأسد، وهم يعتقدون – واهمون- أن بإمكانهم بما لديهم من مكاسب اغتصبوها أو نهبوها من المال العام أن ينقلوا سورية من "سورية الأسد" إلى "سورية طلاس"!!
وزيادة في تمكين موقع مناف طلاس خرج علينا أخوه فراس، الفار مع أبيه إلى باريس منذ بداية الثورة، معلناً أنه وأخيه مناف قدموا للثوار الشيء الكثير من الأسلحة والعتاد والذخائر والأموال والمعلومات السرية التي ساعدت الجيش الحر والثورة، ومكنت كتائب الفاروق من الصمود في حمص والرستن، وكدنا نصدق هذا الكلام الذي وروج له البعض في وسائل الإعلام، إلى أن أطل علينا البطل الملازم الأول عبد الرزاق الطلاس يوم أمس السبت 28 تموز، يعلن بصراحة ووضوح، وهو ابن هذه العائلة، أنه يرحب بانشقاق مناف طلاس، دون أن ينوه إلى أية قرابة تربطه معه، معلناً أن مناف طلاس لم يقدم للجيش الحر ولا للثورة أي نوع من أنواع الدعم المزعوم للجيش الحر أو لكتائب الفاروق التي يقودها، وهذا ينفي مزاعم فراس طلاس التي ادعا فيها أن مناف طلاس قدم الدعم والمساعدة لكتائب الفاروق في أثناء تواجده على رأس عمله كقائد لأحد ألوية الحرس الجمهوري.
وبظهور الملازم الأول عبد الرزاق طلاس على شاشة العربية وإعلانه الصريح الواضح بنفيه حصول الجيش الحر أو كتائب الفاروق على أي دعم أو مساعدة من مناف طلاس أو شقيقه فراس، يؤكد إلى ما ذهبنا إليه في مقال سابق من أن الثورة لا يمكن بأي حال من الأحوال اختطافها أو سرقتها لصالح أسرة أو فصيل أو لون أو طائفة أو مذهب أو دين أو معتقد، لأن الثورة ملك لكل السوريين بكل نسيجهم الاجتماعي الذي عاشوه لقرون طويلة تجمعهم الهوية الوطنية التي لا تفرق بين عرق ودين وطائفة ومذهب، دون الوقوف عند أكثرية أو أقلية فالوطن يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات، والحكم بين الجميع في سورية الغد صناديق الاقتراع الحرة النزيهة.

ما معنى أن يَشعلَ إسرائيليٌّ النارَ في نفسه؟/ حمّودان عبدالواحد

 كاتب عربي يقطن بفرنسا

       لا يسع المرءَ أمام قيام بعض الأفراد الاسرائليين في هذه الايام بإضرام النار في أنفسهم إلا أن يتساءل : ما هو الخطاب ( أو الموقف ) الذي ستردّ به إسرائيل ، من خلال ساسَتها ووسائل إعلامها ومثقفيها ومُتديّنيها ... ، على إقدام بعض أبناءها في الداخل بحرق أنفسهم ؟ فالجلاد ليس ذاك المجرم النازي الذي أعطى لنفسه الحق باسم تفوّق العرق الآري الأبيض في قيادة أبرياء يهود من الأسرة السامية إلى المحرقة ، الجلاد شيء آخر أو لنقل إنّه كامن في عوامل خطيرة ، ما فتئت تضع المسؤولين السياسيين ، داخل إسرائيل وخارجها ، في حرج ثقيل عظيم. الأمر يتعلّق بمسألة تتجاوز بكثير المجال الاجتماعي والاقتصادي لتأخذ أبعاداً أخرى تمسّ مفاهيم حسّاسة مثل الوطن والشعب ، والأسس الإيديولوجية والدينية والديمقراطية التي قامت عليها.
       كنّا نتمنّى لو أنّ " الاختصاصين " الغربيّين في السياسة والاثنولوجيا وتاريخ الأفكار ، وأيضاً في علم النفس والاجتماع واللغة .. ، اهتمّوا بظاهرةَ " حرق النفس " التي بدأت تنتشر بطريقة ملحوظة في صفوف المحتجين على انعدام المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل ، وسلّطوا عليها أضواء " تخصّصاتهم " كما فعلوا وما زالوا يفعلون مع نفس الظاهرة وظواهر أخرى في تونس وبعض الدول العربية والإسلامية. أكانوا سيضطرّون تحت وطأة مختلف الضغوطات بكذبة " الخلل العقلي " لِوَصْف مآسي لها بُعْدٌ سياسي يوجه أصابع الاتهام إلى ثقافة العقلية الحاكمة والنظام الإيديولوجي الذي تعمل به ؟  أم كانوا سيُعْلِنون في ردّة فعل انعكاسية آلية ، تستنبط ضرورة حماية الذات الجماعية ، أنّ فيما يحدث تآمر على إسرائيل أو أنّ الذين يضرمون النارَ في أنفسهم ليسوا إسرائيليّين حقيقيّين ؟
إذا كان ممثل رئيس بلدية تل أبيب قد تجرّأ على غسل يديه من كلّ مسؤولية للمدينة في حدث الحرق الرهيب ووصف موشي سلمان بأنّه " غريب " عنها ، فإنّ فريقَ التواصل الرسمي للحكومة الإسرائيلية نَصَحَ رئيسَ الوزراء وأعضاء إدارته باللجوء إلى كلمة تُبرّىء السياسةَ الإسرائيلية كلّها من مسؤولية واقعة موشي المأساوية. هكذا ، وكما فعلت العديدُ من المواقع الإسرائيلية الإخبارية ، استعمل نتنياهو كلمة عامة هي " الانتحار" لنعت فعل إحراق النفس، مع إضافة مرادف " التراجيديا الشخصية " للإشارة إلى أنّ الواقعة لها علاقة بالحياة الخاصة لهذا الفرد ، ولا دخل للسياسة بهذا. والكلّ يعلم ، للأسف الشديد ، أنّ جلّ الفِرَق المسؤولة عن التواصل الرسمي في حكومات العالم تتعامل مع الأحداث المأساوية الكبرى بطريقة عامّة وسطحية ، وتتهرّب من الدخول في التفاصيل والاعتراف بالحقيقة لمّا تكون الحكومةُ مسؤولةً عنها مباشرة.  
       كيفما كان الحال ، فإنّ الذين شاركوا في مظاهرة العاصمة تل أبيب مساء يوم السبت 14 يوليوز 2012 للتنديد بالظلم الاجتماعي أطلقوا على موشي سِلمان لمّا رأوه يضرم النارَ في نفسه اسمَ " المَشعَل الحي " ، كما نعتت الصحافةُ بعد أيام قليلة الإسرائيليَ المعوّق وهو يحترق بأنه " لهيب إنساني "... وصاح المتظاهرون الغاضبون أمام منزل نتنياهو في حركة تضامن مع موشي سلمان : " كلنا سلمان ، لقد أحرقتنا كلنا... يابيبي ". وبينما رفع الآخرون في مظاهرات آخرى شعارات تطلب من الوزير الأول أن " يرحل " ويعود إلى بيته ، لم يجد بعض المحتجين حرجا من رفع لافتات كُتِبَ عليها " الثورة الآن " !
    وبعد وفاة موشي في المستشفى ، ردّد المتضامنون معه في مظاهرات تتقدّمها " مشاعلٌ "  تندّد بالسياسة الاجتماعية لحكومة نتنياهو أنّ الضحية قدّمت نفسَها كقربان من أجل لفت نظر الناس إلى الظلم الذي يمارسه النظامُ بحق المواطنين. وفي خضمّ هذه الأزمة الشرسة التي يمرّ بها المجتمعُ الإسرائيلي، بدأ عدد من الإسرائليين يتسائلون : " هل تكون إسرائيلُ انعدامِ المساواة الكبيرة هي إسرائيل التي أرادها مؤسّسو الصهيونية ؟ ( أنظر موقع   http://jssnews.com/ ، 22 يوليوز 2012 )
       لنقف لحظة أمام شهادة موشي سلمان حتى نفهم ما يحدث. في رسالة قرأها الرجل أمام الملأ قبل الإقبال على سكب البنزين عليه وإشعال النار في جسده قال : " أتهم إسرائيل وبنيامين نتنياهو ويوفال سطنيطز ( وزير الشؤون المالية ) بالممارسة الدائمة لاهانة مواطني إسرائيل الذين يَتحتّم عليهم تحمّل الكثير من المشاق اليومية ، أتّهمهم بأخذ ما عند الفقراء وإعطاءه للأغنياء " ( موقع لوبوان الفرنسي 15-7-2012 ). ويحكي صهرُ موشي أنّ عمّه كانت له مشاكل مع قسم الضرائب وصندوق الأمن الاجتماعي اللذيْن تركاه بلا شيء فقد أخذا منزلَه وكل ما كان يملك ورميا به في الشارع.
       ماذا تقول شهادة " المشعل الحي " في العمق ؟ هنا ، ينبغي الوقوف على نقطة مركزية قادرة لوحدها على تفسير عمق أزمة النموذج الاجتماعي الإسرائيلي وفشله :  أخذ ما عند الفقراء وإعطاؤه الأغنياء. وتحيل هذه النقطة إلى شيئيْن من الأهمية بمكان.
       فمن جهة ،  تدلّ هذه النقطة على فكرة " السرقة " ( تركته الدولة  بلا شيء بعد أن أخذت منزلَه وكل ما كان يملك ورمت به في الشارع دون أن تقدّم له يد المساعدة ) التي تثير في الذهن بالضرورة حيثيات وملابسات نشأة إسرائيل ، فقد بيّنت العديدُ من الدراسات والوثائق أنّ هذه الدولة توصّلت إلى إضفاء الصفة القانونية لكيانها داخل مؤسسة هيئة الأمم المتحدة بعد أن شرّعت لنفسها سرقة الأراضي الفلسطينية بشتّى الطرق والحيل ( النهب والسلب والطرد والتشريد والتهديد والقتل ... ) ، ولجأت إلى الضغط الديبلوماسي والفساد المالي من أجل شراء أصوات بعض الدول التي كانت تتردّد في التصويت لصالح الاعتراف بقانونية وجودها .. وما زالت عملية السرقة تُمارَس في وضح النهار أمام الملأ الأممي عن طريق المستوطنات التي ترفضها كلّ شعوب الأرض دون استثناء ، وتعتبرها مصدر قلق واضطراب دائميْن للوعي الدولي والأمن العالمي ، وبرهانا قاطعا على أنّ الدولة العبرية لا تريد السلام ..
       ومن جهة أخرى ، يُمكن اعتبار تهمة " أخذ ما عند الفقراء وإعطاءه للأغنياء " ترجمة واقعية لِلمبدأ الرئيسي والعنصر البديهي في فلسفة الرأسمالية الليبرالية التي تقدّس الفردَ القوّي الغنيّ الثرّي على حساب القيم الاجتماعية القائمة على المساعدة والتضامن والتكافل بين أفراد المجتمع ، الشيء الذي من شأنه رفع نِسَب الفوارق الاجتماعية بين الناس ، وخلق الإحساس بالظلم والشعور بالقهر لدى أغلبية المواطنين ، وبالتالي تصعيد أجواء انعدام الثقة والاتهامات والمواجهات بين الأكثرية التي تملك كلّ شيء والأقلية التي يجب عليها أن تشقى يوميا لتضمن بقاءها في الحياة.
       وإسرائيل ، منذ نشأتها كقوة احتلال ، كانت تمجّد القوة ، وما زالت تعتبرها الشرطَ الجوهري لوجودها وضمان استمرارها ، لهذا لا تعطي في سياستها العامة قيمة تُذْكَر للضعفاء والفقراء والمحتاجين. وهذا الاعتبار الذي يحظى به الاغنياءُ نابع من تصوّر إسرائيل لنفسها وذاتها بالمقارنة مع ذوات باقي البشر والأمم ، إذ تعتقد أنّ " الفقر والضعف والحاجة إلى معونة الآخر " هي حالات تتنافى مع خصائص " الشعب المختار " الذي فضله الله على الشعوب الأخرى بخصائصه المتميّزة المتفرّدة مثل الذكاء والقوّة .. إنّ المؤسّسين لإسرائيل - الذين كانوا وراء الآلة الإيديولوجية لبنائها وهيكلتها ، وتطوّرها وقدرتها على مواجهة تحدّيات المستقبل - تصوّروها قبل كلّ شيء كيانا قويا لا مكان فيه للضعفاء لأنّ في الضعف يوجد سببُ احتمال اندثارها وهو ما سيسعى أعداؤها لتحقيقه على الدوام حسب زعمهم...
      ويعرف الجميع أنّ إسرائيل تروّج لصورة قويّة تقوم بوظيفة مزدوجة هي الترغيب والترهيب. الترغيب عن طريق إنتاج خطاب مُنمّق يدّعي تمثيلَ قيم العالم الحرّ الديمقراطي ، وحمايتها في محيط لا يريدها ويكنّ لها العداء ، وهو خطاب مُوَجّه إلى أصدقائها وكلّ المتفهّمين لمشروعها الاستعماري والمتواطئين معها والمساعدين لها ماليا وماديا ومعنويا. الترهيب من خلال استعمال الصورة القوية المختزَلة في مؤسسة الجيش الفتاكة وأجهزة الاستخبارات والتجسس كوسيلة لردع وتخويف " المسروقِ " الفلسطيني وكلّ المتضامنين مع القضية الفلسطينية.
       كيف إذن يمكن لإسرائيل أن تقوم بهذه المهمة الثنائية الصعبة على أحسن وجه إذا كان من يُمثّلها في الداخل والخارج ينتمون لطبقة موشي سِلمان أي كلّ من كان فقيرا ضعيفا محتاجا إلى مساعدة الدولة والآخرين لكي يصمد في وجه الحياة الغالية وأزمة السكن وقلة العمل وصعوبة أو استحالة التمكن من العلاج الطبي ... إلخ ؟
       لكنّ ما قام به موشي سلمان حدثٌ لم يكن ينتظره أحد ، حدثٌ زلزلَ أنظومة اليقينيات الكبرى لإسرائيل، حدثٌ هزّ بقوة عنيفة نفسيةَ المجتمع الإسرائيلي على وجه العموم. وحتى الساسة لم ينجوا من هذه الصدمة الشديدة ، لكنهم حرصوا على إخفاءها تفاديا لظهور علامات الضعف الممقوت عليهم ، ماعدا الرئيس شيمون بيريز الذي اعترف بوجه من الوجوه بهذه الحقيقة.  فإذا كان الوزير الاول قد اكتفى برد فعل سياسي كلاسيكي حيث رأى في هذه الواقعة " تراجيديا شخصية مرعبة " وطلب من وزير الشؤون الاجتماعية والسكنى أن يهتم شخصيا بملف موشي سلمان ، وتبعته  في نفس المنحى شيللي يشيرّوفيتش إذ التزمت بدورها كزعيمة للمعارضة فندّدت ب" شراسة معايير القبول بخصوص حق السكن العمومي لأنها تحكم على كثير من الأفراد مثل سلمان أن يجدوا أنفسهم في وضعية دون حلّ " ، فإنّ شيمون بيريز لم يتردّد في الإقرار بالحقيقة وعلّق على الحادثة المأساوية بقوله : " لقد أقدمت إسرائيل ( لأول مرة ) على تجاوز خطّاً... ". ( أنظر موقع http://www.guysen.com/  بتاريخ 15/7/2012 )
       ماذا يعني هذا الكلام الذي صدر من أحد الرموز التاريخية الحية لدولة إسرائيل ؟ شيمون بيريز يعرف أكثر من نتنياهو وأمثاله أنّه لا يوجد شيء يمكنه أن يوجّه ضربة موجعة وقاسية لإسرائيل في الأوساط الدولية أكثر من الصورة السلبية المدمّرة لمواطن إسرائيلي وهو يحرق نفسَه احتجاجا على انعدام العدالة الاجتماعية في بلده. بعبارة أخرى ، يعرف شيمون بيريز أنّه إذا كان العداء للسامية يخدم إسرائيل إلى درجة أن اعتبره جان بول سارتر في كتابه " المسألة اليهودية " أكبر صديق لها ، فإنّ أخطر ظاهرة يمكنها أن تضرّ بسياستها ومصالحها وتمثل قمّة العداء لها تأخذ شكلها التعبيري الأقوى في شهادة سلبية تصدر من أهلها.
       لا يمكن أن تغيب عن الحريصين على سموّ ونقاء شعب إسرائيل الاسطوري الدلالاتُ العميقة التي تنطوي عليها مأساةُ موشي سلمان ومن حذا حذوه. فإذا كان الرجل قد استعمل إشعالَ النار في جسمه كأداة للتنديد بسياسة حكومة بلده والاحتجاج على الظلم والقساوة وانعدام المساواة ، فإنّ فعله هذا يقولُ أيضا شيئا آخر له علاقة بالصورة التي تعمل إسرائيل على إنتاجها وتسويقها في العالم. ويكمن هذا الشيء في نقد الذات الأسطورية ( القوية الملتحمة المنسجمة )، ورفض الصور المفبركة التي تحاول فرض نفسها بالتنميق والتجميل على الناس في الخارج ، بل يمكن القول أن الأمر يتعلق على مستوى إضافي من الدلالة الرمزية بمحاولة للتعبير عن رغبة التخلص من انتماءٍ خيالي ومزيّف إلى ذات جماعية متوحّدة ومنسجمة ، لا وجود لها على أرض الواقع..
     في الحقيقة ، لا يدري الناقمون على النظام الفاسد في إسرائيل كيف يتصرّفون ! صحيح أنّ  الساخطين على أوضاعهم الاجتماعية البائسة لهم الحق في التظاهر ، لكنّ لا شيء يتغيّر بعد الاحتجاجات في الشوارع ، بل إنّ الأوضاع تسير من سيّء إلى أسوأ ، فماذا يفعلون ؟ لا ريب أنّ الديمقراطية المزعومة في هذا البلد لا يمكنها أن تصمد طويلا أمام تحدّي الواقع الاجتماعي المتردّي ، وكثير من الناس يشعرون بأن لا أحد يسمع شكاواهم ، والضعفاء لا صوت لهم يُسمَع ، وهم مقهورون ومُلجَمون ، لهذا لم يبق لهم – على ما يبدو - من وسيلة للتعبير عن رفضهم قساوة الحياة اليومية وظلم الطبقة الحاكمة إلا إحراق النفس.
       وقد يستعجل البعضُ هنا  فيرى في ظاهرة إضرام بعض الإسرائيليين النار في أنفسهم وجودَ خطر حقيقي على إسرائيل يُنذر بفشل ديمقراطيتها المزعومة ونهاية نظامها العنصري ، لكنّ مشوار حياة موشي سلمان يُتبِث في مفارقة صارخة أنّ الآلة القاسية التي أودت به إلى الهلاك كان هو نفسُه مِمّن شاركوا في تغذيتها وساهموا في استفحال خطرها الفتّاك. لنسمع ما شهد به أخوه أمرون إلول لوسائل الإعلام : " لقد وُلِدَ أخي في إسرائيل ، وخدم في الجيش لمدة سبع سنوات ، وبعد هذا أصبح لمدة سنوات احتياطيا في الجيش. لم يسبق له أن قام بإيذاء أحد ، ومع ذلك أخذت منه الدولة كلّ شيء ، شركته ومنزله ، ولم يجد في الأخير مَن يريد مساعدَته '. ( أنظر موقع http://www.wsws.org/ 20 يوليوز 2012 ).
       لقد اعتقد الرجلُ طيلة حياته – منجرِفاً بالحلم الوطني الجماعي - في صِحّة النسخة السياسية والإيديولوجية لشعب إسرائيل الأسطوري ، ودافع بالسلاح عمّا كان يحسَبه الحقيقةَ التاريخية للوطن الإنجيلي ، وقام بواجبه إذا صحّ التعبيرُ كمواطن إسرائيلي يدافع عن قيم بلده التي كان يؤمن بها .. لكنّ الدولة ، في المقابل ، لم تقم بواجبها اتجاه هذا المواطن. فهل خاتنه دون علم لها بهذه الخيانة  أي ناسية ، في لاوعيها المضطرب ، وعودَ الوطن الحامي لليهود حسب ما أقرّ به مشروع إسرائيل كدولة  ؟ إذا كان هذا ممكنا ، فهل بَدأتْ إذن تقوّض بنفسها ، وبالرغم منها ، في حالة لاشعورية حبلى بالدلالات أركانَ مشروع تصوّرها الأسطوري للوطن والشعب والأرض ؟

التسجيل للانتخابات الفلسطينية في أوروبا هو أحد صيغ التغريب والإحتواء والتطبيع/ صبري حجير

بات من المسلم به ، أنّ خلف الحدث ، أو الأحداث ، تكمن قوة خفية ، تصل للمجتمعات العربية ، تظهر نتائجها ، في النهاية ، على السطح المجتمعي ، لتصل الى نهايات القرار والتأثير في الحياة العامة ، وترسم الصياغات النهائية للمجتمعات المعنية بالتغيير. وفي هذا المجال انكشف في الدوائر الضيقة مركز فريدوم هاوس الأمريكي ، المتخصص في بناء منظمات المجتمع المدني ، في الدول العربية ، من أجل توجيه السياسة الأمريكية في تلك الدول .
فجأة ودون مقدمات ، ظهرَ في ساحة الجاليات الفلسطينية في أوروبا ، فريقٌ تقنيّ ذات شهرة عالمية ، منبثق عن برنامج " جمهور بلا جمهورية " هو أحد منجزات جامعة اكسفورد البريطانية . شرعَ هذا الفريق بانجاز ورشات عملٍ ، وتدريب لعدد محدد ومخصص من الفلسطينيين ، هم أنفسهم الذين التزموا وسوقوا ، قبل عدّةِ سنين ، لمشروع (سيفتاس ) الذي أصدرته جامعة إكسفورد لفلسطينيي الشتات ، ذاتهُ المشروع الذي تصدت له وأجهضته الحركة الجماهيرية الفلسطينية في أوروبا ، بدعم من القادة الشهيدين (ياسر عرفات وجورج حبش ) . في هذه الأيام ، تطلُ علينا البريفيسورا الفلسطينية (كرمة النابلسي ) بمشروع بريطاني ، جديد في موضوعه ، وجديد في تعبيراته ، وجديد في جاذبيته ، يلامس مشاعر وطموح الفلسطينيين ، وهو " التسجيل المباشر للشباب الفلسطيني في أوروبا والشتات لانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني " وأفردت النابلسي لهذا الموضوع موقعاً إعلامياً ضخماً ، يضخُ البيانات والإعلانات والتصاميم الألكترونية ، وتابعت ذلك بالإعلان عن ورشات عمل حضرها بعض السفراء الفلسطينيين في أوروبا ، انتهت ببياناتٍ وتقارير تحتوي شعارات فلسطينية عامة ، توحي بالالتزام في الحقوق الوطنية الفلسطينية ، تُدغدغُ بها النابلسي المشاعر الوطنية للناس في الشتات .
يبدو أن الدكتورة كرمة النابلسي ، الدبلوماسية الفلسطينية السابقة في بريطانيا ، استندت في نشاطها الجديد للنداء الذي أصدرته شخصيات فلسطينية في 17 – 06 – 2012 بعمان ، مثلت الشخصيات كافة أطياف اللون السياسي الفلسطيني ، وشخصيات مستقلة ، أصدرت في ختام لقائها " النداء الوطني للتسجيل لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني "وقد استند النداء للتوافق الوطني ، وما نصت عليه اتفاقات المصالحة التي أكدت على أهمية اجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني ، ويشجع على توسيع المشاركة الديمقراطية في المؤسسات الفلسطينية ... لكن النداء الوطني المذكور لم يفوض الدكتورة كرمة النابلسي بالاستعانة بجهات أوروبية لتقوم بعملية التسجيل الوطني للفلسطينيين ، لأن عملية التسجيل للانتخابات تتم بالضرورة بآلية فلسطينية ، ومن خلال جهة فلسطينية متخصصة ، تحددها رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني ، في قرار رسمي تنشرهُ في وسائل الإعلام الفلسطينية . الدكتورة النابلسي لم تتقيد في الشروط الناظمة لمثل هذا الموضوع ، بل جاءت تُشمِّرُ عن ساعديها في ساحة الجاليات الفلسطينية الأوروبية ، مُطلقةً خطواتها في الهواء ، مسرعةً نحو الجاليات ، معتمدة في مشروعها الجديد على تفاهم غير مُعلنٍ مع فصيل فلسطيني ، وعلى بعض مراكز القوى في الساحة الفلسطينية . على رغم غياب بوادر الإصلاح في المؤسسات الفلسطينية ، بل رغم تعطل مشروع المصالحة الفلسطينية من الأساس ، وتغييب مفاعيلها في العلاقات الفصائلية ، ولا يبدو في الأفق عودٌ على بدئ ، لأنّ الانتخابات في المجتمع الفلسطيني تدلل بالضرورة على شيوع روح الديمقراطية ، والديمقراطية كمفهوم وممارسة وتطبيق ، تعتمد في الأساس على التوجه السياسي الموحد للأطراف المتآلفة في المشروع الوطني .
وأعتقد أنّ ما تنشرهُ النابلسي بين الجاليات في أوروبا هو مشروع يرتبط بآليات وأهداف صنعتها مراكز الأبحاث في جامعة اكسفورد البريطانية ، لنشر صيغ التغيير والتغريب والاحتواء والتدجين ، للوصول للتطبيع بكلّ أشكاله ، وبوسائط وهيكليات خارجة عن المألوف الوطني ، تحاول صبغ الحركة الجماهيرية الفلسطينية بصفات مجتمعية مدنية راديكالية ، وتضعها ضمن قوالب المطالب الديمقراطية ، للحيلولة دون الوصول للأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني ، وحقوقه الثابتة ، خاصة حقه في العودة الى فلسطين المحتلة عام1948 .
والموضوع برمته يستهدف ، كما تشير اليه الدلائل والتجارب ، ايجاد الهيكلة المدنية التي من شأنها أن تتحكم بآلية القرار الجماهيري الفلسطيني المستقل ، وتحديد اتجاهاته ، في سياق ما يُسمى بربيع فلسطيني مشوه ، غير ذلك الربيع المنشود ، الذي يعزز فيه الفلسطينيون صمودهم فوقَ ارض الوطن ، وتتقوى فيه الإتحادات والجاليات الفلسطينية ، باعتبارها أعمدة وركائز منظمة التحرير الفلسطينية في المهاجر والشتات ، وتتقوى به الارادة الوطنية الفلسطينية بتمسكها بالثوابت الوطنية ، وعلى رأسها حقّ العودة .
المشروع الجديد الذي جاءت به الدكتورة كرمة النابلسي تنتابه الريبة ، وتحيط به الشكوك ، لأنَ تكاليفه المالية الكبيرة التي تصل الى ملاين الدولارات تغطيها جامعة إكسفورد ، لم يصل الى حدود الإحصاء العام
للفلسطينيين في أوروبا ، لأنّ في ذلك خروج عن حدود الإتفاق مع الحركة الصهيونية العالمية التي فرضت على الأوروبيين قبول الفلسطينيين في أوروبا بصفتهم لاجئين دون وطن ، أو هوية وطنية فلسطينية ! ويعتقد اتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا والشتات ، وفقاً لبيانات رسمية صدرت عنه حول هذا الموضوع ، انّ الهدف البريطاني من وراء العملية التسجيلية التي تقودها كرمة النابلسي هو أمنيّ بامتياز ، معالمه واضحة ، وهدفه الوصول الى الفئة الفلسطينية الناشطة في أوروبا ، وتصنيفها في المراكز الأمنية الغربية وغيرها ، ليتم الإلتفاف عليها ، وانشاء قيادات شعبية فلسطينية راديكالية بديلة يتم استخدامها في الوقت الفلسطيني المناسب .
كاتب فلسطيني مقيم في السويد

الصندوق الإسود لحركة قضاة من أجل مصر/ مجدى نجيب وهبة

** لم يعد أمامهم إلا القضاء لإسقاطه وإرهابه .. إنهم يسعون لتشويه صورة العدالة .. وتمزيق ملابسها .. وخدش كبريائها .. وهز هيبتها .. وهى كارثة سيدفع ثمنها كل شعب مصر ، الذين يعتبرونها الملاذ الأخير الذى يلجأون إليه للحصول على حقوقهم المفقودة ، والضائعة ، والمنهوبة ...
** ضغوط وأوامر لميليشيات الإخوان ، والفوضويين من مكتب الإرشاد على المحاكم لإرهابها .. وعلى المستشارين بالمظاهرات والهتافات والتهديدات .. حتى يختل ميزان العدل ، وتهتز معه ثقة الشعب فى قضاة مصر .. وهو أخطر ما يمكن أن نصل إليه للعودة إلى شريعة الغاب .. حيث البقاء للأقوى فى دولة الفوضى .. وحيث يفوز البلطجى ، وينكسر المفكر والفيلسوف ..
** أدت الفوضى إلى خروج بعض القضاة عن وقارهم ، وعن طبيعة عملهم .. وبدأنا نسمع عن القضاء الموازى ، وما سمى "حركة قضاة من أجل مصر" .. كما تعالت أصوات كنعيق البوم ، تطالب بالتدخل فى أعمال القضاة والأحكام الصادرة من المحاكم .. وطالب بعض المعتوهين بإلغاء المحاكم الدستورية العليا .. كما طالب البعض الأخر بتطهير القضاء المصرى ، وهو ما جعلنا نلقى الضوء على بعض المستشارين الذين خرجوا إلى الميادين للتظاهر ضد قضاة مصر ، وميولهم الإخوانية .. حتى يعرف الشعب المصرى حقيقتهم .. ليقف ضد المخطط الذي يديره الإخوان بتعليمات أمريكية قطرية .. لتوجيه الضربات الموجعة للقضاء المصرى والتشكيك فى كل أحكامه ..
المستشار "مصطفى عبد العزيز الخضيرى" :
** هو شقيق المستشار "محمود الخضيرى" ، رئيس نادى القضاة الأسبق بالأسكندرية .. إخوانى قديم .. سبق إتهامه فى القضية رقم 12 لعام 1965 / جنايات أمن دولة عليا .. المعروفة بإسم "قضية التنظيم السرى لجماعة الإخوان المسلمين" .. وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة .. ثم إنفصل عن الجماعة ، وأسس ما سمى بتنظيم القطبين ، الذى يعتنق أفكار "سيد قطب" ، والمتهم فى القضية رقم 191 لعام 1985 .. والقضية رقم 23 لعام 1987 / حصر أمن دولة عليا ..
المستشارة "نهى الزينى" :
** الإسم بالكامل / نهى عثمان الزينى .. والدها "عثمان الزينى" ، كان من قيادات الإخوان المعروفين .. ووالدتها "نائلة محمد حسن العشماوى" .. شقيقة "حسن جمال الدين (إسمه الأول) محمد حسنى العشماوى" ، وهو عضو بمكتب الإرشاد الأسبق للإخوان المسلمين .. وقد حكم عليه بالسجن 15 سنة فى القضية رقم 5630 ، محكمة الشعب فى 16 أغسطس عام 1955 .. أما خالتها "أمال حسن العشماوى" ، فهى زوجة "منير أمين الدالة" المستشار السابق بمجلس الدولة الذى فصل من عمله بعد إعتقاله لإرتباطه بالإخوان ..
المستشار "ناجى دربالة" :
** هو شقيق "محمد عصام دربالة" ، طالب الهندسة الذى إشترك مع 83 شابا فى أحداث أسيوط ، التى أعقبت إغتيال "أنور السادات" فى 6 أكتوبر 1981 بيومين .. وراح ضحيتها عميد شرطة وثلاثة ضباط بريئة ، ملازم و62 جنديا و21 مواطنا ، وإصابة 237 مواطن وشرطيا ، والإستيلاء على 17 بندقية ، و6 طبنجات ، و4 سونكى ، و9 مدافع رشاشة و21 خزنة رصاص .. وحدثت تلفيات فى 48 سيارة شرطة ومطافئ .. وقد حكم عليهم فى القضية رقم 48 لعام 1982 ، أمن دولة عليا ، المعروفة بإسم "قضية تنظيم الجهاد" .. وهو التنظيم الذى إتهم فى إغتيال رئيس الجمهورية "محمد أنور السادات" فى حادث المنصة ..
** هذا بجانب ظهور شخصيات قضائية شهيرة فى الأسكندرية ، إرتبطت بالشيخ "محمد سيد أحمد عيد" إمام مسجد ، وكانوا من الرعيل الأول للإخوان المسلمين .. كما ظهر قاضى أخر كان يقضى أجازته السنوية فى الدعوة ، متنقلا من مسجد إلى أخر .. وقاضى أخر يرتدى الزى الباكستانى ، وكان يدخل المحاكم بهذا الزى ..
** وهناك الكثير .. والكثير .. سنحاول أن نكشف أسرارها .. ليدرك الشعب السيناريوهات التى يخطط لها الإخوان لإسقاط القضاء ..
** وبعد هذا العرض والإعتصامات المستمرة ضد القضاة ، وضد المحاكم .. والتعدى بالسب والقذف على المحكمة الدستورية العليا ، ومطالبة مرسى بإلغائها .. فماذا تنتظرون بعد أن إنقلبت الموازين ، وأصبح البلطجى ثورجى ، وتحول الإخوانى إلى وطنى ..
** دعونا ندق جرس الإنذار لمن يهمه الأمر .. القضاء مهدد بالفناء .. وإذا إستمر الحال هكذا .. دون أى تدخل من المشير ، المسئول الأول عن الحالة التى وصلنا إليها .. فلن يكون هناك قضاء ، بل سيكون هناك محاكم إسلامية ، إسوة بالمحاكم الإسلامية فى الصومال ، والسودان ، والعراق .. وسوف تعلق المشانق للمعارضين .. ولن تكون هناك دولة .. فهذه هى حقيقة مؤكدة .. ولا شئ أخر !!..
صوت الأقباط المصريين

إمرأتان تدخلان التاريخ في الهند والصين/ د. عبدالله المدني


تفتخر الصين – ولها الحق في ذلك - بإرسالها أول إمرأة من مواطناتها إلى الفضاء. ففي منتصف شهر يونيو المنصرم ضمت السفينة الفضائية الصينية "شنجو 9 " التي إنطلقت إلى الفضاء الخارجي من موقع نائي في صحراء "جوبي" الواقع في مقاطعة منغوليا الداخلية الطيارة المقاتلة "ليو يانغ" (33 عاما)، إضافة إلى رائدي فضاء آخرين، وذلك في مهمة إستغرقت 13 يوما من أجل الإلتحام مرتين بوحدة المختبر الفضائي الصيني "تيانجونج -1" التي كانت قد أطلقت في شهر سبتمبر 2011 .
وقد حظي الحدث بإهتمام بالغ من قبل مئات الملايين من الصينيين لأسباب كثيرة، فإضافة إلى وجود إمرأة للمرة الأولى على متن سفينة فضائية صينية، أعتبر الهدف الذي أطلقت من أجله الأخيرة تطورا مهما ونوعيا ضمن البرامج الصينية لإطلاق المركبات الفضائية والتي بدأت في 1999 بإطلاق المركبة غير المأهولة " شنجو 1 "، كما أعتبر الحدث إبرازا لما وصلت إليه الصين من مكانة علمية وتقنية في العالم وهي تحتفل بالذكرى الـ 91 لتأسيس حزبها الشيوعي الحاكم، والذكر الـ 15 لإستعادتها سيادتها على "هونغ كونغ". غير ان السبب الأهم للإهتمام الشعبي بوجود "ليو يانغ" ضمن الطاقم الفضائي هو تشبيههم لها بـ "تشانغ أر"، أول صينية تحط على القمر قبل 3000 عام وفق أسطورة صينية قديمة. ومفاد الأسطورة أن عشر شموس كانت تبعث بأشعتها نحو الأرض حتى كادت تحرقها، لولا تدخل رامي السهام الماهر"خوي إي" الذي تمكن بسهامه من إصابة وإسقاط تسع شموس، والإبقاء على واحدة فقط لينعم البشر بدفئها ونورها. وبسبب من ذلك كافأت الآلهة "خوي إي" بمنحه إكسير الحياة وإنقاذ زوجته الجميلة "تشانغ آر" التي حطت على القمر فجعلته أكثر بهاء وضياء.
ويمكن القول أن المصدر الآخر لإفتخار الصينيين والصينيات بـ "ليو يانغ" هو ذكاؤها وصمودها وإجتيازها لكل الإمتحانات والتدريبات التي إستغرقت ثلاث سنوات وشملت التمارين البدنية والنفسية، إضافة إلى إمتحانات في أكثر من 50 مادة من بينها الرياضيات والعلوم والفلك والطب والحاسوب واللغة الإنجليزية. هذا علما بأن "ليو يانغ"، التي إنضمت إلى القوات الجوية التابعة للجيش الأحمر الصيني في 1997 ، وسجلت مذاك 1680 ساعة طيران، وترقــّت حتى وصلت إلى منصب قائد وحدة جوية مقاتلة، كانت قد أختيرت من بين 30 فتاة متنافسة بعد التأكد من عدم وجود ندب على أجسادهن أو إنبعاث روائح كريهة من أفواههن وبشراتهن.  وكانت ضمن ستة متنافسات صمدن إلى النهاية.
وبقدر ما يحق للصين ان تفتخر برائدة الفضاء "ليو يانغ"، وبحقيقة أن هذه هي المرة الرابعة التي ترسل فيها رواد فضاء إلى مدار حول الأرض منذ إرسال أول رائد فضاء (يانج ليوي) في 2003 ، فإن الهند يحق لها أن تفتخر أيضا بصعود إحدى مواطناتها إلى الفضاء، ونعني بها رائدة الفضاء الإمريكية من أصل هندي "كالبانا تشاولا" التي ولدت ودرست الفيزياء والعلوم والهندسة في الهند قبل أن تهاجر مع أسرتها إلى ولاية تكساس" حيث أختيرت لتكون ضمن الطاقم الفضائي الذي قاد مركبة "كولومبيا" المشؤومة التي تحطمت في 2003 في طريق عودتها إلى الأرض. ويحق للهند أيضا أن تفتخر بمواطنة أخرى من مواطناتها النابغات العاملات في مشروع من مشاريعها الإستراتيجية الهامة.
والإشارة هنا إلى العالمة في مجال الصواريخ الباليستية والأنظمة الدفاعية الدكتورة "تيسي توماس" التي لا يمكن للمرء أن يميزها ببساطتها، ولباسها المكون من الساري الهندي التقليدي، وحذائها الجلدي الخفيف، والدائرة الحمراء التي تتوسط حاجبيها، عن الملايين من ربات البيوت في عموم الهند، وفي مسقط رأسها في ولاية كيرالا أو في مقر إقامتها الحالية في حيدر آباد تحديدا، فيما الحقيقة أنها أول إمرأة تدخل غمار مشروعات الأسلحة الإستراتيجية في بلادها، وتنخرط على مدى عقدين متواصلين في برنامج "أجني" الصاروخي الذي إختبر بنجاح في شهر نوفمبر 2011 أكثر صواريخه تطورا وتعقيدا ألا وهو صاروخ "أجني 4" طويل المدى (2500 -3500 كلم)، قبل أن يختبر في إبريل من العام الجاري صاروخه الأبعد مدى "أجني 5" (5000 كلم) والذي يعمل وفق أنظمة متطورة جدا .
وتقول "تيسي توماس" (48 عاما)، التي تخرجت في كلية "ثريسور" الحكومية للهندسة، ودرست أيضا في معهد التكنولوجيات الدفاعية في "بونا"، قبل أن يقع الإختيار عليها لتكون من بين عشرة أفراد للإلتحاق ببرنامج "إم تيك" للصواريخ الموجهة التابع لمنظمة أبحاث وتطوير أنظمة الدفاع في الهند، كونها خبيرة في "نظام الموجهات الصلبة" التي تمد الصاروخ "أجني" بالوقود، أنها تدين أولا بما وصلت إليه لوالديها اللذين زرعا في نفسها منذ طفولتها عشق مادتي الفيزياء والرياضيات كوسيلة لمواجهة وحل أية مشكلة قد تصادفها في حياتها، وثانيا للبيئة التعليمية التي تلقت العلم في ظلالها والتي – بحسب قولها – لم تميز بين الدارسين على أساس جندري، وثالثا لرئيس الهند السابق وعالم صواريخها الأشهر البروفيسور"أبوبكر زين العابدين عبدالكلام" الذي تعتبره قدوتها وملهمها ومشجعها على الانفتاح وتبادل الآراء والعمل الجماعي، ورابعا للدولة الهندية التي لم تبخل عليها هيئاتها بالجوائز والتكريم والرعاية (نالت في 2007 جائزة الإمتياز في البحث والتفوق في تطوير التكنولوجيات الدفاعية، وفي 2011 مــُنحت أرفع الجوائز الهندية قاطبة وإسمها "شانتي باتناكار") الأمر الذي كان دافعا لها للإصرار على مواصلة النجاح والإبتكار والتفوق، إلى أن صارت تلقب اليوم بـ "سيدة علم الصواريخ" وأحيانا بـ "أجني بوتري" أي السيدة المولودة من نار.
ولم ينس رئيس الحكومة الهندية "مانموهان سينغ" أن يتذكر بالتقدير جهود الدكتورة توماس فذكرها في إحد خطبه قائلا: أن "تيسي توماس" نموذج للمرأة التي تصنع المستحيل في مجتمع ذكوري تقليدي عن طريق تحطيم الأسقف والحواجز الزجاجية بإصرار وحسم.
ونختتم بالقول أن الهند سبقت الصين بأشواط طويلة في ما خص بروز مواطناتها في مناصب الدولة العليا. فعلى حين لم يبرز ضمن القيادة الشيوعية الحاكمة في بكين منذ عام 1949 سوى إمرأتين هما "جيان قينغ" زوجة المعلم ماو الثالثة التي عـُرفت بنفوذها الواسع حتى عام 1976 ، والسيدة "وو يي" نائبة رئيس الوزراء الأسبق التي عــُرفت بقوة شكيمتها حتى لقبتْ بـ "إمرأة الصين الحديدية"، فإن عشرات النساء الهنديات برزن في مختلف مواقع المسئولية السياسية منذ إستقلال البلاد في 1947 . وإذا كان لا يكفي دليلا وجود السيدة "براتيبا باتيل" في منصب رئاسة الجمهورية، ووجود السيدة "سونيا غاندى" في زعامة حزب المؤتمر الحاكم حاليا، فإن الهند كانت ثاني بلد في العالم بعد سريلانكا تحكمها سيدة وهي رئيسة الوزراء "أنديرا غاندي" التي إستمرت في منصبها لفترة قياسية (15 سنة متواصلة منذ 1966 )، وأول بلد في آسيا يتزعم حزبها القائد (حزب المؤتمر الهندي) سيدة ونعني بها "ساروجيني كريبلاني" التي تولت المنصب في عام 1925 . ومن الاسماء الأخرى في السياق ذاته: "ميرا كومار" التي صارت أول رئيسة لمجلس النواب في 2009 ،  و"نجمة هبة الله"التي أختيرت منذ 1985 كنائبة لرئيس مجلس الشيوخ، و"فاطمة بيبي" أول سيدة تعين في 1989 كقاضية في المحكمة الإتحادية العليا. هذا إضافة إلى العديد من الهنديات اللواتي تزعمن الحكومات المحلية.
د. عبدالله المدني
باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يوليو 2012
البريد الإلكتروني:
elmadani@batelco.com.bh


ردود على رسائل/ شوقي مسلماني

الردّ على رسالة 1 
ليس مثقّفاً وطنيّاً تقدّمياً (باعتبار أن هناك مثقفين "قوّادين" بتوصيف لينين) من لا يتعاطف مع الشعب السوري في تطلّعاته إلى حياة أفضل ولا يدين تعاطي النظام مع هذه التطلّعات بالعسكرة من الأيام الأولى لحراك الشعب السوري العظيم. 
ولكن المسألة باتت أكثر تعقيداً مع دخول هذا الحشد العربي والدولي الكبير على المسار السوري. 
ولا يمكننا أن نتجاهل حقيقتين أحداهما أكثر مرارة من الأخرى وهي الحقيقة التي يتلمّسها جميل وحيدر وكيلو والمنّاع والترك وغيرهم 
الأولى هي احتشاد عتاة الإجرام في العالم خلف الشعب السوري المعارض! (كارثة معنويّة وأخلاقيّة). 
والثانية هي أن النظام يملك حيثيّة على الأرض لا تقل عن حيثيّة المعارضة في مجتمع منقسم أفقيّاً وعموديّاً. 
الثورة الحقيقيّة لا تكون دخولاً في الزجاج أو ارتطاماً بالحائط. 
الثورة لا تتحالف مع أميركا رأس الإمبرياليّة في العالم ولا تحتضنها ممالك وإمارات ومشيخات الخليج الظلامي. 
 أخيراً الثورة لا تنطق بإسمها ناطقة تتباهى بصداقتها بدولة الكيان الصهيوني.
المثقّف لا يرى الشوكة في عين النظام ولا يراها في عين نفسه. 
المثقّف نقدي لا محل للأبيض \ أسود عنده. 
المثقّف منفتح على المتغيّر. 
المثقّف لا يسمح لأحد أن يلعب من وراء ظهره. 
عموماً صديقي جميعنا نبحث عن الحقيقة.
**

الردّ على رسالة 2
لا أملك إلاّ أن أحييك كريماً في غضبك على الظلم. 
أمّا لم تسمع "بأي دعم أميركي أو غربي للثورة" سوى "الكلام" فكل ما أرجوه ألاّ تكون تمزح وألاّ تكون تعتقد أن غزواً أميركيّاً أو غربيّاً لسوريا هو الدعم العملي للثورة، وأرجو أن تتذكّر أن الفيتو الروسي هو الذي فوّت على الثورة مثل هذا الدعم ـ الغزو. 
طبعاً صديقي لن أعلّق على مخازي النظام السوري ولكن يبدو لي واضحاً  أنك تنبش في أوراق قديمة بعصبيّة زائدة وأنت الرصين في ما أقرأه لك هنا وهناك موضوعيّاً متماسكاً. 
و"عيب اتهام أبطال سوريا بالعمالة" تقول، وأردّد معك ذلك، فإذن لمن هذه العيب؟ هل هي العصبيّة الزائدة التي تجعلنا نقوّل الآخر ما لم يقله؟. 
أما "العميل الوحيد هو خادم الإمبرياليّة والصهيونيّة" فأنا معك أيضاً، هل تتابع نتاج قضماني الإمبريالي والصهيوني؟. 
أمثالك صديقي من المثقّفين المحترمين لا بدّ أن يشيروا بإصبع نحو الإنحرافات لتصويب المسار. والأبطال وهم يدمّرون صنماً لا يشيدون آخر. 
ليس بحاجة إلى النصح سوى الذي يعتقد إنّه وصل ومن يعتقد إنّه وصل قلْ قد فقد عقله ومن يفقد عقله لا يحق له أن يقود ثورة.   
**
الردّ على رسالة 3
تحياتي قلبيّة دائماً لك. 
أنا أوافقك على الكثير ممّا تفضّلت به ولكن إسمح لي أن أخالفك في القراءة أحياناً. 
أنت تعرف أن الوضع خطير في سوريا، يجب الإعتراف أن النظام والمعارضة عاجزان داخليّاً عن حسم المعركة بسبب من توازن القوى. 
وإذا جنّ صاحب تركيا ودخل في حرب مع صاحب سوريا واستطالت الحرب على نحو ما استطالت بين صاحب العراق وبين صاحب إيران (طبعاً تتذكر) هل يكفينا مليون قتيل وخراب على كل صعيد وإفلاس؟. 
وإذا جنّ الأميركي وقرّر أن يغزو سوريا (لا أظنّك صديقي الغالي ستكون سعيداً بهذا الغزو مثلما لن أكون أنا سعيداً به) وأصرَّ الروسي أن يكسره على الساحل السوري كما تقول فلا أظنّك أيّها الغالي لا تحدّثني عن حرب كونيّة ثالثة ومليار قتيل. 
دع صديقي أمر التدخّل الخارجي لحماة الحريّة والديمقراطيّة أساطين الخليج فهم يشتغلون على ذلك كما اشتغلوا على بوش الإبن لتمزيق العراق إلى "ثلاث دول" ومليون قتيل والجرح لا يزال ينزف. 
على المثقّف السوري أن يفكّر على نحو آخر قد يكون مساره أطول ولكنّه بالتأكيد سيكون أفسح وأوسع. 
إنّ الطاولة المستطيلة ولا أقول المستديرة قد تكون عين التفكير على نحو آخر، فلا يجب الإستهانة بالإصرار وإرادة الشعب الذي يقف خلفك وأنت تجلس إلى الطاولة المستطيلة. 
لا يمكن أن تواجه النظام وأنت تخافه هذه قاعدة ذهبيّة صديقي يجب ألاّ يغفلها أحد. 
يجب حسبان الأمور لئلاّ تكون التكلفة باهضة.   
**
الردّ على رسالة 4
المعضلة أن النظام السوري هو ذاته أوّل من يتحمّل المسؤوليّة لما يجري في سوريا من دون الغوص بالتفاصيل التي لا تبدأ بالتأخّر كثيراً على إجراء إصلاحات عميقة وجديّة ولا تنتهي باستطالة الأزمة واستعصائها، ولكن هذا لا يعفينا من توجيه النقد للذات وللآخرين: إذا ظلّت المعارضة السوريّة تتطلّع إلى نبّيحة أميركا وذبّيحة الخليج لتحقّق لها رغائبها فهي حقّاً معارضة مشبوهة، والشريف يحذر أن يكون في محل شبهة.
Shawki1@optusnet.com.au

الديمقراطية الإجرامية بين الألف والياء/ ناجي أمل الوصفي

ديمقراطية الواحد والخمسين في المائة فكرة غربية تروجها الولايات المتحدة الأمريكية. والأغريق(قدماء اليونان) هم الذين أخترعوا الديمقراطية. هذا البحث المتواضع يثبت لك بما لا يدع مجالا للشك أنّ الديمقراطية السياسية التي تروجها الولايات المتحدة الأمريكية أغبى فكرة تفتق عنها عقل البشر! يُثبت لك هذا البحث أنّ الديمقراطية الأمريكية فكرة غبية جدا. لماذا؟ ألم تكن الديمقراطية السياسية هي التي جعلت أمريكا سيدة العالم؟ اليست الديمقراطية السياسية هي حجر الاساس للمجتمعات المتحضرة؟ إن كان ذلك صحيحا، فكيف إذن تكون الديمقراطية فكرة إجرامية؟؟؟
إقرأ!
إقرأ بأسم ملك السلام! إقرا باسم ربك الذي بالكلمة خلق الكون والأنام. بدأ الكون بكلمة! والكلمة كان صانعا عند الله. وقد سطر الكلمة اسرار الكون، وسير الملوك والسلاطين، وغرائب النفس البشرية في كتب واسفار ومخطوطات محفوظة بالمكاتب. إفتح إذن أسفار التاريخ وستكشف لك صفحاتها ماذا فعلت الديمقراطية ببني الإنسان. ألم يتم صلب السيد المسيح بالديمقراطية؟ ألم تسمع عن براباس؟ ألا تعرف أن اغلبية الغوغاء والسفهاء انتخبوا باراباس ولم ينتخبوا السيد المسيح؟؟؟ ماذا حدث عندئذٍ؟ بقية القصة معروفة. طريق الآلام. المسامير! وأكليل الشوك! وصمت الجبناء!
ألووو! ماذا حدث؟ لماذا توقفت عن القراءة؟ هل اوجعتك الحقيقة؟؟؟ افتخر الحاكم الروماني بيلاطس البنطي بالديمقراطية. وراح يتشدق بعظمتها ويتحدث عن علوها ورقيها. ثم بالديمقراطية الإجرامية نفذ راي الأغلبية وأرتكب جريمة شنعاء وحماقة منكرة. الشعب أختار باراباس. فأفرج الفاجر عن المجرم وصلب ملك السلام. شئت أم أبيت، الديمقراطية الإجرامية هي التي صلبت السيد المسيح وهي التي علقته على خشبة.
إقرأ! ألف! أول حرف! ألف ديمقراطية = صلب!! بماذا ستأتي الباء؟ وستخبرك بماذا بقية حروف الهجاء؟ ماذا ستعرف عندما تصل للياء؟؟؟ من أين أتى الرومان بالديمقراطية؟ ألم تعرف أن الرومان ورثوا الديمقراطية السياسية الإجرامية عن الأغريق؟ الم تعرف أن الأغريق كانوا اسياد العالم؟ الم تعرف أن الإغريق بنوا حضارتهم على الديمقراطية السياسية التي اسسها  سقراط؟ ماذا فعلت الديمقراطية بمؤسسها؟ أعدام!
 في عاصمة اليونان في عام 399 قبل الميلاد تشكلت محكمة خاصة مكونة من 565 من نخبة القضاة تم انتقائهم بشكل عشوائي من الشعب اليوناني. أجتمع هذا الحشد من الحكماء لسماع الاتهامات الموجهة إلى سقراط واتخاذ قرار بشأنها بعد أن أتهمة ثلاثة من المغرضين بإفساد الشباب. وبعد مهاترات كلامية ومبارزة فكرية طويلة ومملة صدر الحكم: 220 قاضي أعترضوا على محاكمة سقراط وطالبوا بالافراج عنه وتكريمه. 280 قاضي وافقوا على ادانته ومنحوه حق اختيار الطريقة التي يرغب في الموت بها. وبذلك يكون مجموع الممتنعون والرافضون لادانة سقراط كما يلي:
65 + 220 = 285
ذلك معناه أن عدد المتعاطفين مع سقراط كان أكبر من عدد الحاقدين عليه. ومع ذلك صدر قرار باعدامه.
تطلع السماء، تغطس تحت البحر، تئب على وش المياه، تعمل قرد أو قرداتي، الحقيقة واضحة مثل الشمس: الديمقراطية الإجرامية قتلت سقراط قبل السيد المسيح بحوالي اربعة قرون من الزمان.
إقرا!
ألف! باء! تاء! كيف سقطت الامبراطورية الاغريقية (اليونانية) مخترعة الديمقراطية؟؟؟ كيف قوضها الرومان؟؟؟ كيف استباح الرومان ممتلكات الاغريق في الشرق وفي مصر بالذات؟؟؟ كيف انهزم جيش الكساندر الاكبر المقدوني؟؟؟ الم يكن الكساندر القائد الاعلى لجيوش دولة اليونان الديمقراطية العظمى؟؟؟ هل حمت أو صانت الديمقراطية الأغريق من ضربات الرومان؟؟؟ فكر! ولا تتبع القطيع! لا تترك عقلك الذكي عند المكوجي! أمريكا تبيع لكم منتجات مسمومة! الديمقراطية الأمريكية فكرة إجرامية وعندما تفرغ من قراءة هذا البحث المتواضع ستعرف جيدا لماذا يجب عليك أن تقاوم هذه الفكرة الشريرة.
إقرأ!
الف! باء! تأء! ثاء! وحروف الهجاء! مصابيح المعرفة، نجوم السماء، تحارب الجهل والغباء! نصوص مطمورة يكشف البحث والتنقيب عنها الحجاب. فلا تكن مثل أهل الكهف ولا تنام قبل أن تقرأ القليل من كلمات الحكماء.
إقرأ!
تاء! ثاء! جيم! ماذا فعل شيطان الديمقراطية الرجيم بالملك الانجليزي تشارلز الأول؟ ألم تسمع عنه؟؟؟ ألا تعرف أن الذئب العسكري أوليفر كرومول أتهمه بالخيانة العظمى. وتم إعدامه بقطع رقبته مثلما تفعل السعودية بمن يصدر بحقه حكم الاعدام في أيامنا هذه.  ما هي قصة هذا الملك المغدور؟ ومن الذي غدر به؟
لقد غدرت به الديمقراطية الإجرامية يا سيدي الفاضل الكريم ولا أحد غيرها! ففي عام 1649 م استطاع قائد "الثوار" أوليفر كرومويل أن يعقد جلسة خاصة للبرلمان الانجليزي واتهام الملك تشارلز الأول بالخيانة. وتم تطبيق الديمقراطية الإجرامية. وفي 30 يناير 1649م تم إعدام الملك الإنجليزي (شارلز الأول) بقطع عنقه، بعد محاكمة استغرقت 11 يومًا. وبعد مبارزة كلامية بين مدعمي الملك واعدائه حدث تصويت على قرار اعدام الملك وكانت النتيجة كما يلي: 49% من الحكام دافعت عن الملك. 51% ادانته. وفقد الملك تشارز الأول حياته بصوت واحد. ولم تحترم الديمقراطية الإجرامية راي 49% من الحكام الحكماء.
هنا نتوقف قليلا عن القراءة لنتأمل معنى ديمقراطية الواحد والخمسين في المائة. هذا النوع من الديمقراطية الأمريكية الفاجرة التي قتلت ملك السلام يسوع المسيح؛ وسقراط مؤسس الديمقراطية من قبل السيد تالمسيح؛ والملك تشارلز الأول بعد السيد المسيح تعني أن من يحصل على 51% يحكم ويفرض قوانينه التعسفية على 49% من الشعب.
51% - 49 % = 2%
هكذا نفهم معنى الديمقراطية الغبية: سيطرة 2% عل مصير 49%. وقد حدث ذلك مرارا وتكرارا في التاريخ وما الحوادث والاحداث المذكورة هنا إلا نماذج إضاحية. وللأمر بقية.
إقرأ!!!
جيم! حاء! خاء! ألم تكن بريطانيا العظمى صاحبة حضارة لا تغرب عنها الشمس؟؟؟ كيف سقطت الامبراطورية البريطانية التي نادت بالديمقراطية؟؟؟ كيف تغلب عليها عسكري صعيدي (جمال عبد الناصر) ومجاهد وهابي (الشيخ حسن البنا) في مصر؟؟؟ كيف؟؟؟ وكيف قضى عليها غاندي ومعزته الشهيرة في الهند؟؟؟ كيف غابت عنها الشمس في أمريكا الشمالية ؟؟؟ إن كان الأمر كذلك فما فائدة الديمقراطية التي تشدقت بها بريطانيا واحتلت بها واذلت شعوب كثيرة؟؟  لا تكن مخدوعا وقلب الامر مليا قبل أن تنضم إلى القطيع وتسجد للديمقراطية الأمريكية الإجرامية.
إقرا من الأول!
ألف،باء! تاء، ثاء! جيم! من هو الشيطان الرجيم؟ ومن هي عشيقة الرجيم؟؟؟ ألا تعرف أن الولايات المتحدة الإجرامية هي عدوة الفكر المسيحي السليم؟؟؟ ألم يبني الامريكان امبراطوريتهم الديمقراطية الإجرامية على جماجم وجثث قبائل الاباتشي والسكان الاصليين لامريكا الشمالية؟؟؟ الم تسمع عن المشوار الطويل؟؟؟ الم تسمع عن الابادة الجماعية للهنود الحمر؟؟؟ الم تسمع عن هيروشيما ونجازاكي؟؟؟ ضحايا الديمقراطية في هاتين الجريمتين فقط نصف مليون إمرأة وطفل رضيع! أجساد نساء واطفال محروقة بأسم الديمقراطية! ألم تسمع عن الجرائم التي ارتكبتها الديمقراطية الامريكية في فيتنام؟؟؟ ماذا فعلت الديمقراطية الامريكية في فيتنام؟؟؟ ماذا فعلت أمريكا في قرية ماي لاي؟ الم تسمع عنها؟ ألم تعرف أن الجنود الأمريكيين الذين يدعون المسيحية قد هاجموا تلك القرية الناعسة وانتزعوا الاطفال من صدور أمهاتهم والقوا بهم في حفرة عميقة وفتحوا عليهم النيران؟؟؟ دعنا نترك ما فعلته الديمقراطية الإجرامية في فيتنام! (اليس الفيتناميين كفار؟؟؟ مالنا ومالهم؟؟ هل قرية ماي لاي قرية بيك يازلمة؟؟؟)
ألف! ولام الإجرام! وما أدراك ماالإجرام! والجرم الحرام! وشياطين الحرب الزؤام! ألم ترى رؤس الصرب (المسيحيين) تتطاير في الهواء مثل الحمام؟؟؟! ألم تسمع عن عن ما فعلته الديمقراطية بالمؤمنين وأصحاب الكتاب  في شوارع بلغراد؟؟؟
الم ترى رجسة الخراب التي عاثها بوش في افغانستان والعراق والباكستان؟؟؟ ألم ترى كيف ذبحت ديمقراطية أمريكا القذافي مثل النعجة بعد أن اعتدى عليه الغوغاء أتباع الأمريكان جنسيا؟؟؟
  ألم تسمع عن تهجير المسيحيين من سورية بعد أن عقدت الولايات المتحدة الديمقراطية الاجرامية صفقة مع المتطرفين الدينيين هناك؟؟؟ لا تسلم عقلك لأحد غيرك فهذه اهانة لك. كن قائدا لنفسك ولا تستسلم لفلسفة القطيع. ولا تعبد ديمقراطية الواحد والخمسين في المائة.

ألف! باء! تاء! أنا الألف والياء! أنا هو الطريق وليس الديمقراطية العاهرة قاتلة المفكرين والأنبياء! أنا هو البداية! ألف! أنا هو النهاية! ياء! أنا الكلمة! أنا حروف الهجاء. أنا الحكمة أنا الذكاء!

أخي في الانسانية المحتضرة. اترك العجرفة والكبرياء تحت الوسادة وإقرأ بقلب مفتوح وسترى بوضوح أيضا أن الديمقراطية العاهرة هي التي صلبت المسيح عندما صرخ الغوغاء في ميدان بيلاطس البنطي: أعطنا بارباس أعطنا باراباس. وهي التي قتلت سقراط من قبله وهي التي جائت بالدكتور مرسي العياط (رئيس جمهورية مصر) إلى الحكم وبأسم هذه الديمقراطية العاهرة ارتكبت ابشع جرائم في التاريخ.