تساريح/ جواد بولس

ولّى عيد الفطر. عادت الناس إلى رمل ساعاتها. جديدنا قديمنا. وجع من ماض ووجع على حاضر. فرح باسم الغيب ينطق وبهجة مثقلة تزاحِم لتطرد عتمةً لم تبرح عتبات البيوت وصدور البشر.
ها عدت يا عيدنا فلنذكر الموتى والأحياء منهم ولنترحم عليهم. رحمة الله على أحبابنا وعلى أعزائنا من مات منهم ومن يموت ومن يبقى حيًا. رحمة الله على عاشق "جنان" وبنات العنب، أشهر ندمان العرب وعلى أشهر فرسانهم، فمنذ تشاقى وتحرّش لائمًا عودة عيده كدورة الوجع يجدد شباب امرأة، هكذا تعود أعيادنا وتصاحبها اللازمة متشاقية تمامًا كما في زمن الأولين وتسأل: بأية حال عدت يا عيد؟.
يأتي الكلام ويغيب صاحبه فلا "نواس" أبقى لنا الظلام ولا أبوه، لا صاحبته الصفراء ولا قينة تروح وتجيء "ببردٍ ومجسد". تقويمنا تخثٌر. وكأن أيّامنا علّقت في غمام من غبار. عباءات من وبر شرّعها وكلاء الردى فكتمت أنفاس الصباح وأرخت على الشرق حلكتها فصارت أعيادنا أماني العنادل تترقب فتحة القفص.
جاءنا الفطر هذا العام، نحن المحظوظين في أراضينا المقدّسة، كجورية أهداها الندى لعاشق هائم اختطفها بشوق مدنوف وجوعِ نار، قرّبها إلى وجهه، حرّضه شوكها وأذابه عطرها القاني. عيد نابلس وأخواتها جاء قشيبًا. بطعم السمك يتنطنط من شواطئ يافا ليرتاح في حضن أصحاب أسلافه. آلاف من الراقدين على حلم ووعد أفاقوا وكأن الرحمن أنصف بعد إعراض وأمطر بعد جدب.
آلاف سبقوا الشمس. لم يناموا. خبّأوا تحت وسائدهم دمعة وقطعة من سحر وأقدامهم لترتاح وتكون على أهبة رحلة وسفر. خفُّوا من خوفهم، فلربما سيصحو السلطان ويأمر بإغلاق باب الحارة وتعود أيام الحشر وعد نجمات السماء. بضربة نرد ذهبية في ذلك الصباح الأرجواني رُتِقت فلسطين وصارت كجسد من زئبق. شمخت أحلى من كل حوريات البحور تمايلت، أميرة ميّاسة اعتلت صهوة شهبائها وتمخترت. من قال إنّها سليبة ومن بكاها؟. سيّدة ولا مثلها كانت فلسطين في هذا الفطر، فما الغرابة؟! سيشتهيها كل رانٍ وسيهتدي الأعمى إلى غناء كرمتها وغنج رمانها.
من صاحب السحر هذا؟ ومن صانع ذلك الفجر؟ كيف، يا للمفاجأة، صار بعض من حلم هناك في جرزيم شطيرة ورد وموائد من عُمرٍ ورملِ عكا ويافا؟!
جاءنا العيد، في فلسطين، هذا الصيف دفعة كولادة فرس، وبغتة كولادة قصيدة. أربكها وهي التي تمرّست بالشقاء وشبّت عليه. عيد سقطت به المتاريس وفتحت القلاع أبوابها للريح. اختفت الأقفاص والأصفاد فطار الطير في جنّاتها التي على مد النظر وحلّقت الحيرة. شهق الكلام وردد صيحة الجرح، فهل عدت لما مضى، يا عيد، أم لأمر فيه تشكيك؟
العيد ولّى. حط المساء في ساحاتنا وتربع فاتحًا صدره ليستقبل الليل متعبًا يجيء ويوحي أنه باقٍ. العائدون من الأزرق يدخلون بيوتهم كالفراش. صامتين. لا يفتحون أفواههم خشية أن تهرب زنبقة التقطوها هناك. أسرعوا والحلم حشروه تحت الوسائد وعليه ناموا وغفوا.
فرحة نامت فصارت لعنة ونقمة. نعمة لم تدم فحوَّلها بعضهم مصيدة وطُعمًا. لماذا فتحت أبواب الجحيم وكيف؟ ما القصد ومن المقصود ولماذا؟ كثرت الأسئلة والتساؤلات. كل علامات التعجب والدهشة والاستنفار والاستغاثة لم تعد تكفي. وكعدد حبات رملك يا يافا تهافتت الأجوبة وفاضت فلسطين بكم من التحاليل والتهاليل. الكل يجتهد. والكل يصبح عالمًا ومستهدفًا. تشكيك وتقريع. همس ولغز وما رتق من جلد العروس فتق مجدّدًا والريح عاودت صفيرها والذئاب عواءها وعويلها.
إسرائيل تكشف مجددًا عن خبثها وقرفها وتتصرف برعونة وتستهدف هيبة السلطة الفلسطينية وخصوصًا الرئيس محمود عباس. إسرائيل استهدفت الربح الاقتصادي، فمليون فلسطيني محرومين من لحم وشحم وحليب هبّوا ودرّوا مليارًا من الكواكب والشواقل. إسرائيل خطّطت، استدرجت، استفحلت، تمادت، غارت، هاجت، ماجت، عبّأت، غرّرت، كسبت، أكسبت غنمت. إسرائيل فعلت وفاعلت وانفعلت وفعّلت وتفاعلت، إسرائيل كانت وبقيت وستبقى إسرائيل دولة قوية محتلة متسلطة حاكمة متفرعنة، صاحبة سطوة وحظوة وتدبير فهي التي تأخذ وهي التي تعطي وما لفعلها سد ولا رادع ولا مانع. ببساطة هي مروِّضة النمور كما في قصتك يا ابن الشام وهي حاملة العصا وهي مطعمة الحشا، هكذا يا سادة، تبدأ الحكاية وهكذا تنتهي، وما سرده المجتهدون والمحللون يبقى هوامش على رقعة من "فرمان سلطاني".
هي "تساريح"/تباريح وليست تصاريح. ومن لم يصدّق كيف روَّض زكريا تامر نموره في اليوم العاشر فليتّعظ من "قناديل ملك الجليل" حينما يروي لنا ابن فلسطين كيف حاول الوالي أن يوقع بين الإخوة وأن يؤلب الضحية على أختها الضحية فأوحى للظاهر عمر الزيداني أن يهاجم شيخ عرب الصقر وأوحى لهذا أن يهاجم عمر ومن حساب الدم المسفوك في أرض الجليل تعلمّت الناس أن تسهر على قناديلها وأن ترعى زيتونها ومنه تملأ خوابيها زيتًا كي لا تخبو شعلة قناديلها، ويحل الظلام ويفرح السلطان ويأكل وينعم والرعية تنام وتحلم بعجيبة تفتح أبواب القفص ويأكل الناس سمكًا على شاطئ يافا وشطائر من ورد وحسرة. فرحم الله من علّمنا أن نداوى بالذي كان هو الداء.

خربشات على قبر أبو علي مصطفي/ عطا مناع

كأنك ضائع بين عالمين، لا فكاك رغم محاولاتك الفاشلة دائماً لاستحضار ما تبقى من زيتون ومفتاح، ضاع مفتاح في زحمة الخطاب والتهافت على شبة الشمس وكأنك ظل الرجل الذي كنت، لماذا تفتش في التراب عن نفسك؟؟ أتعتقد أن ستستحضر من انصهروا فيها ليطلوا عليك مع بزوغ الفجر شقائق نعمان ورمان.
لا تختبئ من ذاتك واعتمد الفكرة التي كانت شراع، واعتمد شراعك لأنة الأقدر على إيصالك للشاطئ الحلم، واحذر أن تبحر في مستنقعات الفكر، ففي المستنقعات تكمن الرذيلة وما شئت من انحطاط.
احمل زوادتك وامشي على دربة ومن سبقوه والرجل القابع في زنزانته ينسج لك لخلاص، وارفض أن تكون ظلاً لأولاد أبو الخيزران، وإذا تعبت اضرب الأرض واستحضر الصورة علها تُعينكُ على عالم ينضح بالرذيلة، ولكن تذكر أن الفكرة تكمن في التراب والرجل القابع في الزنزانة.
لا بأس ببعض الجنون، ففي الجنون تمكن بعض الحقيقة الأبدية، ولا تذعن للسراب والضجيج الذي لن يمنحك السريرة، واختر ما شئت من الكلمات لتلعن ما تعتقد أنة مقدس، فلا مقدس إلا المقدس والمقدس يكمن في جسد تناثر مجداً على جبين الوطن.
هو رثاءُ الذات في حضرة الحاضر دائماً، في زمن الانقلاب والاشتباك، الاشتباك مع الذات وامتشاق سيف من خشب لانتزاع الحقيقة المغيبة من براثن ضباب المرحلة وستروفسكي الذي بشرنا كيف نسقي الفولاذ ومات.
لماذا إحياء الذكرى قال احدهم: ما الفائدة من استحضار الماضي والتغني به؟؟؟ رد علية آخر: لعلنا نشعر ببعض الكرامة من حفنة تراب فالتراب يختصر كل الأشياء.
يا مجنون: في أي زمن تعيش؟؟؟ انظر حولك ودقق كيف نصبوا المشانق والمقصلة لأحلامنا، وبأي تراب تستعين على زمنك؟؟؟ إلا ترى أن شقائق النعمان ما عادت تزين روابي بلدك؟؟؟ يا أخي الأرض وترابها تفجرت غضباً علينا.
لا يا سيدي: هي الأرض التي تحتضن من تحب، وهي الأرض المجبولة بدماء الشهداء التي تغضب منا لبعض الوقت لكنها لا تشيح بوجهها عنا، أتعرف لماذا؟؟؟ لأنها تعرف رجالها ونحن لا نستحق أن نكون لها، لأننا بكل بساطة تهنا في الشعار.
ضحك متفائلاً: إلا تعرف أن الأرض تتقن الاختيار، والأرض تحتضن من تحب، وسمات الأرض الصبر، الأرض يا سيدي تشعر بوجع أولادها، والأرض تكرم عشاقها، هي الأرض أيها العاق التي تعرف متى تحب ومتى تشيح بوجهها عن الذين ضلوا الطريق.
لا تتفاءل أنت الذي تعيش الأوهام وانزل لأرض الواقع: خربش كما شئت على قبورهم أو سمها كما شئت، وتعال لنقف على قبره، تعال وحاجج، ألا  تعتقد انك تختصر حياة الرجل المفعمة بالعطاء في إكليل وقصيدة، ما الفرق بينك وبين الذي يسقي الشاة قبل ذبحها؟؟؟؟
الم يتحول الإكليل وقراءة الفاتحة لانشوطة لاغتيال الفكرة والحلم، ماذا يعني أن تخرج على الناس وتقول أن أبو علي مصطفي كان رجلاً زاهداً صلباً مخلصاً قائداً قومياً فقيراً في حياته غنياً في مماته، يا سيدي لا تحدثني عن أبو علي مصطفي والحكيم وغسان ووديع وأبو ماهر، لا تحدثني عن السلف حدثني عن الخلف.
ماذا تريد؟؟؟ والى ماذا ترمي؟؟؟؟ هل نتنكر لما كنا نحن علية؟؟ هل نشرب من البئر وننضم على ثقافة القطيع؟؟؟ هل نعلن أننا عشنا الخطيئة ونركع للجديد الذي صنعوه لنا؟؟ هل يمكن أن تكون غيرُك؟؟ وهل تستطيع أن تلتحق بركب من أعلنوا البراءة من التراب والرابض في قبره؟؟؟
دعنا ننهي حوارنا فنحن على طرفي نقيض، لم نعد كما كنا، لم نشرب من نفس الكأس، لم نردد الشعار ذاته، لك عالمك وعشه كما شئت، فأنت في نظرهم مجنون ولم تعد تتقن فن الجدل، نسيت قانون النفي وتعيش أحلام الماضي وتتوقع أن تنقذك حفنة تراب.
البلاد ما عادت حبلى بالجديد، البلاد تجمد زمنها ولا حركة إلى الأمام، أنت في نظر الجديد إرهابي وخارج عن السرب، أنت ضد القانون، وأنت تسبح عكس تيار المرحلة، وكل ما تنادي بة كفر والجديد يجب ما قبلة.
نعم: اعترف انك صادق بكل ما تقول، البلاد تجمدت ولا حركة إلى الأمام ولكن إلى حين، واستعين عليك بالمحاججه وثورة العبيد، استعين عليك بالقبر وشقائق النعمان والأرض التي ستطلق العنان للحياة وتعلن أنها حبلى بالجديد.
نعم: نعيش زمن البلطجة الاقتصادية والسطو على لقمة العيش، الوطني أصبح كمبرادور يحقق مصالح الآخر، الفقر يجتاح البلاد، والعباد يعيشون الظلم المركب، والشعب الدجاجة التي يفترض أن تبيض ما يطيل من عمر الحالة، والمشهد السياسي عاقر ورغم ذلك يفتش عن الوصفة السحرية القادمة من الغرب، ويداعب مشاعر من لا يعرفوا الحقيقة بالدولة التي طال انتظارها، والدولة التي تأتي بعملية قيصرية مشوهة لن يكون بمقدورها الحياة.
هي مجرد كلمات نحاجج بها بعضنا، كلمات قد لا تستحق أن يلتفت إليها أحدا، لأنني اخشي أن ننضم لجيش المنافقين المدعيين بأنهم لا زالوا يمسكون بالشراع والبوصلة، واخشي ما أخشاه أننا أصبحنا عبيداً للعادة، وخاصة أن العادة أحيانا أقوى من القانون.
أيعقل أننا نكتب بحكم العادة؟؟ وننبش قبور شهدائنا بالمعلقات والأشعار الميتة بحكم العادة؟؟؟ أيعقل أننا نعزي أنفسنا بالقديم ونستقوي به على ضعفنا؟؟؟ وإذا كنا نعتز ونتفاخر بهم لماذا آثرنا أن نعيش في كهوفنا في حالة انتظار قد تطول؟؟؟
لماذا نسمح باستغلال الشعب واغتيال الحقيقة؟؟ لماذا نتلقى الفرمانات والمراسيم ورؤوسنا مطأطئه؟؟؟ لماذا ننتظر أن يغير اللة حالنا رغم أننا ندرك أن اللة لن يغير لنا حالنا ألا أذا غيرنا ما نحن علية كما يقول الفكر الديني.
جاءت الذكرى الحادية عشرة لاغتيال أبو علي مصطفى كما العاشرة، وسيمر عاماً آخر ومن بعدة أعوام، وسنبقى ندور في الحلقة المفرغة، سنصبح عبيد التاريخ، ويا هل ترى هل من حق الشعب أن يرى من تسلموا الراية من الرجل الذي ترجل ومن بعدة القابع في زنزانته أن ينزلوا للشارع ويدافعوا عن مصالح الناس بعيداً عن التصريحات الصحفية والمؤتمرات والشعار، عندها سيمشي الشعب معهم كتفاً بكتف،

الشعب والشرطة... البيضة والفرخة/ ايمان حجازى


كانت قمة سعادتى اليوم لعودة شرطة المترو الى سابق عملها

كانت سعادتى لا توصف وأنا أرى الشرطى ينظم حركة الصعود والنزول من والى المترو

 شعرت بقمة التبجيل والتقدير لعسكرى الشرطة الذى مد يد العون للسيدة المسنة لإدخالها العربة وأجلسها ,كم أردت أن أشد  على يده وأصافحه بحرارة 

نعم ,هكذا يكون الشعب والشرطة فى مصر كيان واحد فلم يكن من المقبول أن الشعب يكره الشرطة التى تحتقره وتنظر اليه نظرة إستعلاء وكبرياء وتتعامل معه على أنه عبد لها يطيع الأوامر ويصعر خده للضرب ولا ينطق بكلمة إعتراض ولا حتى يتأفف لأن العلاقة بين الشعب والشرطة علاقة مترابطة فهم من نسيج واحد

يجب أن تآمن الشرطة أنها بحماية الشعب إنما تؤدى رسالة سامية ,نعم رسالة وليست فقط واجب مدفوع الأجر من أفراد الشعب بكافة أطيافه البسيط قبل الغنى المتيسر الحال المقتدر ويجب أن يآمن الشعب أنه لا يدفع من ضرائبه أجور ومرتبات جهاز الشرطة ليحميه فحسب ولكن لأنه يشعر تجاهه بحب وتقدير عظيمين

ويجب أن يدرك الجميع أن العلاقة غير قابلة للتفاوض ولا الجدال الكثير , فالأمور لن تستقيم اذا إمتنعت الشرطة عن حماية الشعب
فتسود الفوضى فى المجتمع وتنتشر البلطجة فيمتنع الشعب عن أداء الضرائب التى يدفع منها مرتبات جهاز الشرطة وبذلك تسوء
 الأحوال الإقتصادية وتنتشر الفوضى ويكون على كل فرد فى المجتمع أن يحمى نفسه وأهله وممتلكاته

يجب أن يقدر الجميع - الشعب والشرطة - أن العلاقة بينهم كالعلاقة بين البيضة والفرخة فلن يصل الجدل يوما الى معرفة أيهم كان
 قبل الآخر وأيهم يحتاج الآخر أكثر وأيهم يستطيع الإستغناء عن الآخر

أردت أن أسجل إعجابى بعودة الشرطة وترحيبى وتقديرى ىالدور العظيم التى تقوم  به الشرطة للمجتمع التى هى جزء لا يتجزأ منه
قولا وفعلا وكيانا بداية والى أن يئول الإنتهاء


ألا هل بلغت اللهم فإشهد

محاولة تحقيرالانسان عبر الطعن بمهنته/ سركيس كرم

سركيس كرم في مقاله هذا صب الملح على الجرح، كي لا أقول الزيت على النار، لأنه أبعد ما يكون عن إشعال نار الفتنة، وجعلنا نصرخ بأعلى صوتنا: آخ. أجل آخ من أناس وقفوا صفوفاً أما السفارة الاسترالية كي يأتوا الى هذه البلاد المضيافة، وبعد أن ريّشوا بالحلال أو بالحرام، راحوا ينعتون الناس الشرفاء بأعمالهم الشريفة.
سركيس كرم جعلني أتذكّر يوم وصولي الى سيدني كيف عملت حمالاً (عتالاً)، كي لا أمد يدي لأحد، ورغم جميع الألقاب والجوائز التي حصلت عليها، يبقى لقبي الأفضل الذي أفتخر به أينما حللت: العتّال.. أجل الحمّال.. لأنه الأشرف بين كل الألقاب. حماك الله يا سركيس من كل عين شريرة، وإلى مقاله الرائع:
شربل بعيني

"رحم الله امرئ عرف قدر نفسه"..."من عرف نفسه تواضع ومن تواضع ارتفع"... "فما أروعك يا يسوع لقد كنت ملك التواضع".
من آفات المجتمع الشرقي العربي، والتي ربما قد تكون من الأسباب الاساسية في تراجعه على مستويات حضارية متنوعة، ومن العوائق المتعددة التي أعاقت تقدمه في مواكبة التطور الانساني كما يجب، هي آفة تحقير الغير اما بسبب طوله او شكله او حجمه او حتى عاهته الجسدية اوفقره او مهنته.
في المجتمعات الراقية والدول المتطورة التي تحترم حقوق الانسان عملياً وليس عبر الشعارات الرنانة، قد نرى بعض التمييز لدى قلة من العنصريين، لكن على مستوى الدولة والغالبية العظمى من المجتمع يجري احترام خصوصيات المواطن ولا يتم التعاطي معه بفوقية وتعجرف لمجرد انه سمين او ضعيف او فقير او معاق او لا يتبوأ المناصب "الرفيعة" او لا يعمل في مهنة ذات "فخامة" وثقل اجتماعي معين. ففي اوستراليا مثلاً يعتبر المزارع أي "الفلاح" في بلداننا من أهم مكونات الوطن ومن المساهمين الرئيسيين في أنعاش الأقتصاد، وليس "الزبال" أقل منه قيمة وكذلك عامل البلدية وسائق سيارة الأجرة "التاكسي" وسائق الباصات وسواهم من المهن التي تصنف متواضعة جداً لا بل "معيبة" لدى بعض ضحايا الغرور المزمن الذين فروا أصلاً من مجتعات اليأس والتمييز الصارخ على مختلف المستويات وفي كافة المجالات، لكنها تلقى كل احترام في المجتمعات الحضارية لأنها مصدر رزق مثلما هي الحال في كافة المهن.
في مجتمعاتنا ما زلنا نرى ان مهن "البريستيج" والنخبة مثل الطب والمحاماة والهندسة وما شابه هي المهن المفضلة كوننا نعتقد انها تضفي على الشخص هيبة خاصة ومصداقية وترتقي به الى أسمى الدرجات الاجتماعية وتجني له الثروات المادية متناسين ان الانسان الصالح يسمو بما يتمتع به من فضائل وليس من ثروات او مهن او مناصب. فكم من طبيب ومحام ومهندس وثري وما شابه قد تورطوا في عمليات احتيال ونصب ورشوة وابتزازوأعتداء جنسي. فهل يجب ان تبرر تصرفاتهم الشاذة من خلال كونهم فقط من أصحاب المهن "المختارة"!  او ليس كل صاحب مهنة ايا تكن نوعيتها يتقاضى أجراً مقابل خدماته مما يعني ان تقاضي الأجرة لا ينطبق فقط على سائق سيارة الأجرة وحده وانما يشمل كافة المهن الكبيرة والمتوسطة والمتواضعة على حد سواء.
ما من مجتمع يستطيع ان يتقدم وفيه اناس ما زالوا يمارسون أحقر انواع التمييز لمجرد انهم أصبحوا بطريقة او بأخرى من ذوي الثروات او لأن الفرص قد توافرت لهم والظروف قد ساعدتهم لمتابعة تحصيلهم العلمي والمهني "المميز".. ان الانسان يقدر ان يشّرف مهنته اياً كانت او ان يهينها ويحقرّها من خلال مبادئه او في انعدامها، وعبر تصرفاته الحسنة او السيئة. فالانسان في نهاية المطاف يجسد القيمة المعنوية الحقيقية للحياة ووحدها أعماله هي التي تساهم في تقييم أدائه وليس في ما يرتديه من ألبسة او يقوده من سيارات او يحترفه من مهن. الانسان الكبير في أخلاقه هو من يكبّر مجتمعه ويكسب له الاحترام والمكانة وهنا بيت القصيد.  
مهما يكن من أمر تبقى الأخلاق والقيم الانسانية والروحية هي المعيار وما علينا سوى العودة الى تعاليم الأنجيل المقدس لكي ندرك ان كل الثروات المادية ومراكز "الفخفخة" والتباهي بالمهن "المختارة" الرفيعة لا تساوي شيئاً مقابل القيمة الانسانية الملتزمة بتعاليم الله. والانسان الكبير بتواضعه وبقيمه ونبل أخلاقه لا تقدر عليه محاولات الطعن التي يحترفها المفلسون في انسانيتهم مهما حاولوا. وما علينا سوى ان ننظر الى بعض الساعين دوماً وابداً وراء المزيد من الماديات والشكليات والمظاهر الفارغة من أي جوهر انساني او مضمون روحي، ونقارن تصرفاتهم مع كلام الرب يسوع حتى نتثبت من كونهم يعانون من علل تبدأ مع التناقض والأتكالية والغرور والحسد والحقد ونكران عطاءات الغير، ولا تنتهي مع الأنانية العمياء التي لا تميز بين الخير والشر وبين النجاح والفشل.

رسالة غاضبة/ عبدالقادر رالة


    شعرت بالغضب أشد لأن القلم توقف في منتصف الطريق وحبره جف في فورة الاحاسيس الحانقة، فأسرعت الى المكتبة أريد شراء قلم أخر...
   أول مرة في حياتي أكتب رسالة غاضبة وأنا المتفائل دائما ! الودود والمسالم في تعاملاتي أو رسائلي ! غضبت لأني أول مرة أتعرض الى موقف مهين من طرف شخص طالما اعتبرته الصديق العزيز والصاحب الوفي ،لكن لم يكن كذلك؟ كان يجعل من لقاءاتنا المتكررة ومجالسنا في المقهى أو عند الحديقة مكانا للثرثرة وتمضية الوقت فقط ، بينما اعتبرته أنا دائما الصديق الحقيقي ، وكنت أدافع عنه بين أصدقائي الأخرين ، وهذا ما يؤلمني الآن أكثر ! كانوا يعرفونه أفضل مني بدون أن يجالسوه أو يلاقوه، دائما يثير اشمئزازهم لما يرونه أو أقول أني ذاهب اليه ، يستثقلونه لأنه يتبجح كثيرا والتباهي بلا حدود ،ويحشر أنفه في شؤون الناس الصغيرة والكبيرة، ما ظهر منها وما بطن! فلما أقول من أفضل اصدقائي وهو مثقف....يقولون مبتسمين .... إنه يمضي بك الوقت فقط... وعلى كل حال نحن لا نطيقه ولا نتحمل كلامه المتبجح  ، وهو صديقك و لا نتدخل بينكما...هذا يشعرني بالغضب الآن! كيف أقضى معه كل هذه السنين ولا أعرفه، ولا استطيع أن أتبين معدنه؟                                                    
أنا أكبر منه في السن، وقد دعمته في أحرج مواقفه، ودائما أفتح له قلبي وعقلي فأحكي له عن كل شيئ خاص بي أو بعائلتي بدون أن أطالبه بأن يفعل الشيء نفسه، فكثيرة هي الاشياء البسيطة التي اسمعها عنه من جهات أخرى! وطالما تحملت سخريته اللاذعة عن والدي أو أخي.....وأقول لا بأس صديق!                                                                           
لكنه في لحظة انكشف أمامي ....الحمد لله أن هذه اللحظات موجودة...لحظة تكشف لك معادن الناس الحقيقية!  حتى وإن أخطأت ...وأنا لم أخطئ وإنما مازحته....فانتفض...وغضب...   
وانطلق نحو بيته.. وتركني أصرخ وراءه أريد أن أشرح له الموقف...متعجبا من غضبه الذي لا مبرر له...وهاتفته ثلاث مرات فلم يرد...وأرسلت له ميساجا فلم يرد...وذهبت مع الاصدقاء الي البيت نبحث عنه....ورغم أني أكبر منه في السن الا أني ذهبت اليه....تعجبت في نفسي فما قلته لا يمكن أن يقارن بما كان يقوله ويكيله  لي من اساءات! يسئ الي وإلى والدي وينعتني بالفاشل والغبي والابله والعازب الذي فاته قطار الزواج وبالمتعصب...كلمات تثير غضب أي انسان أخر وبالأخص لما تصدر من من هو أصغر منك في السن! فلما اجتزت  امتحان الثانوية العامة لم يكن هو قد ختن بعد! ورغم ذلك ابتلعت كل تلك الاساءات لأجل الصداقة، و هو لم يستطع أن يتحمل مزاحا واحد.. كنت مريضا ولأجل الصداقة ضغطت على نفسي وتوجهت مع اصدقائي الثلاث الى مقهى " العربي"...فقال هو: ـ تكلم أو عد الى بيتك...لا حاجة لنا بك إذ لم تتحدث ! فقلت أنا : لا حاجة لنا بالحديث! فمنذ عشرين سنة ونحن نسمع نفس الحديث التافه! وكنت أقصد أحاديثنا المتكررة عن السنة والشيعة وعن الشرق الاوسط الجديد وعن حزب الله ولبنان.... فربما الصمت أفضل ... وانا مريض ..فلست ببغاء مفروض علي الثرثرة دائما!     
     دائما يقول عن سكان مدينتنا أنهم سيئين!   لكنه هو الأسوأ وجعلني أنفجر بكل هذا الغضب! مر علي جالسا أمام البيت أقرأ كتابا....لم يسلم وكأنه لم يعرفني ، وكأنه لم تكن بيننا صداقة عمرها خمسة عشر سنة!  أي صداقة هذه التي خدعت فيها!
   فعل ذلك لأنه يعتبر نفسه أفضل مني! ....وهو الذي يتكلم وأنا علي أن أوافق....لم أندم على صداقة في حياتي مثلما ندمت على صداقته..... مزقت الرسالة...ما فائدة أن أكتب الرسالة.... ووضعت القلم الجديد في الدرج....وفي نفسي كنت قد قررت ....إذ لم يتصل بي خلال ثلاث أيام فإني سأعتبره ميتا وصداقتنا قد انتهت.......
عبدالقادر  رالة

عندما تشيد أمريكا بدور للعراق في سوريا/ نقولا ناصر

(الموقف الأمريكي يتعارض تماما مع تقييم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبخاصة قطر والسعودية وكذلك تركيا للدور العراقي في الأزمة السورية)

لقد أخرج ما يسمى "الربيع العربي" النظام المنبثق عن الاحتلال الأمريكي في بغداد من دائرة الضوء الإعلامي، وحرصت الحرب النفسية الأمريكية على الدعوة إلى "تغيير النظام" و"تنحي الرئيس" وتقديم الدعم بكل أشكاله من أجل ذلك في "الجمهوريات" العربية المستقلة عن الاستعمار الأوروبي القديم والرافضة للانضواء تحت مظلة الولايات المتحدة التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية ومن الحرب الباردة التي أعقبتها مع الاتحاد السوفياتي السابق، الإ في العراق، حيث الأسباب مضاعفة وأكثر شرعية وموضوعية لتغيير النظام، وحيث تعرض الحراك الشعبي لتغييره للقمع وسط صمت إعلامي عربي ودولي يكاد يكون كاملا.
وكانت الأزمة التي تداخلت عواملها الوطنية والإقليمية والدولية في سوريا مناسبة إضافية كي يدعي فيها النظام الذي جاء به الأجنبي في بغداد معارضته للتدخل الأجنبي، ويدعي حرصه على حل هذه الأزمة "سلميا" وهو النظام الآتي على أنقاض الدولة الوطنية التي دمرت صواريخ كروز الأمريكية بناها التحتية ليقيم حكومة لا تزال عاجزة عن بسط سلطة مركزية على المستوى الوطني، ناهيك عن بناء مؤسسات دولة بديلة.
غير أن سياسات النظام التي تبدو في الظاهر حريصة على حماية الدولة السورية من مصير مماثل لم تستطع منحه أي شرعية وطنية أو عربية كافية للتغطية على الاستحقاق الملح لتغييره، خصوصا بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها لبغداد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي يوم الثلاثاء الماضي، وهي الزيارة التي بدت كأنها تعيد تسليط الأضواء الأمريكية على العراق على مستوى رفيع بعد عامين تقريبا من الحراك الشعبي العربي المطالب بالتغيير والإصلاح حرصت الولايات المتحدة خلالهما على إبقاء العراق في الظل حماية للنظام المنبثق عن احتلالها من أي تغيير.
وقبل زيارة ديمبسي، كان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قد هاتف رئيس الوزراء نوري المالكي في الثاني من آب / أغسطس الجاري وبحث الرجلان "التطورات الإقليمية وسبل تطوير العلاقات الثنائية على كل المستويات" حسب بيان أصدره مكتب المالكي. وأعقب ذلك عقد اجتماع دعا إليه بايدن "على مستوى وزاري" أمريكي بحث "التقدم الذي تم إحرازه مؤخرا نحو تنفيذ اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي" الموقعة عام 2008 بين الولايات المتحدة وبين العراق، حسب بيان البيت الأبيض عن الاجتماع.
وفي الثالث والعشرين من الشهر هاتفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون نظيرها هوشيار زيباري وبحثا "الزيارة القادمة لوفد أمريكي رفيع المستوى إلى بغداد" حسب بيان لوزارة الخارجية العراقية، وسط تقارير إعلامية تحدثت عن ترأس بايدن أو وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا لهذا الوفد، وذلك بعد يومين فقط من حديث الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند عن احتمال التدخل العسكري الأمريكي في سوريا من دون قرار يصدر عن الأمم المتحدة ومجلس أمنها.
صحيح أن الدعم العراقي مطلوب لحماية سوريا ودولتها وشعبها من مصير مماثل لمصير العراق وليبيا بعد التدخل الأجنبي فيهما، غير أن أي دعم عراقي لا يرتجى من نظام محكوم باتفاقية الإطار الاستراتيجي (SFA) والاتفاقية الأمنية (SOFA) مع الولايات المتحدة التي تقود عملية "تغيير النظام" في سوريا اليوم، وأي ادعاء عراقي بدعم كهذا يفتقد الصدقية ويثير الشبهة ويقتضي الحد الأقصى من الحذر السوري لأنه يتسم بتناقض غني عن البيان. فلا يمكن أن تدعم واشنطن نظاما في العراق يدعي دعمه لسوريا وهي تقود الحرب عليها.
وتسلط الأضواء على هذا التناقض ازدواجية الموقف العراقي من الأزمة السورية، فمن يسعى إلى تجنيب سوريا تدخلا خارجيا عنوانه أمريكي لا يواصل اجتثاث المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي ومخلفاته باسم "اجتثاث البعث"، ولا ينتهز فرصة الأزمة السورية للبدء في مطاردة ساخنة للعراقيين الذين وجدوا في سوريا ملاذا آمنا من جحيم الاحتلال الأمريكي أو انطلقوا منها لمقاومة هذا الاحتلال، ممن كانت بغداد تطالب دمشق بتسليمهم.
وعدا عن الاختلافات المتعارضة بينه وبين أقليم كردستان العراق أو بين حزبه وبين المعارضين له في "العملية السياسية" أو حتى بينه وبين وزير خارجيته من الأزمة في القطر الشقيق المجاور، تتضح الازدواجية في مواقف المالكي نفسه في معارضته لدعوة وزراء خارجية الجامعة العربية المجتمعين في الدوحة في تموز / يوليو الماضي لتدخل مجلس الأمن في سوريا، لكنه تبنى مشروع الجامعة العربية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث من هذا الشهر، ليعود إلى إعلان تأييده لمواقف روسيا والصين وإيران من أجل حل الأزمة سلميا وبالحوار بين السوريين أنفسهم.
ويبدو ان نقل الاتصالات الأمريكية مع نظام المالكي من السر إلى العلن ورفع مستواها إنما يستهدف القضاء على هذه الازدواجية لصالح الانحياز السافر للموقف الأمريكي بعد أن "اكتملت الاستعدادات" الأمريكية لغزو سوريا، حيث "القوات جاهزة والمعدات موجودة ووسائط النقل جاهزة" (صحيفة التايمز البريطانية) وحيث أعدت وزارة الدفاع الأمريكية "خطة لأي طارئ" يسوغ هذا الغزو (لوس انجيليس تايمز الأمريكية).      
لذلك لا يمكن أن يؤخذ على علاته  قول الجنرال ديمبسي عشية زيارته الأخيرة لبغداد التي استغرقت ست ساعات: "لا أنوي أن أسالهم تحديدا إن كان لهم دور فعال في الشأن السوري". فبعد لقائه المالكي لمدة تسعين دقيقة، أشاد ديمبسي بموقفه "المتميز" من الأزمة في سوريا، وقال إن "العراق يستطيع لعب دور مؤثر في الأزمة السورية أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة"، وإن "العراق يمكنه أن يلعب دورا فاعلا في حل الأزمة السورية"، لا بل إن "المالكي يمكن ان يكون تاريخيا" إذا تمكن العراق بقيادته من "مساعدة الدول الأخرى في المنطقة" كما قال.  
ولا جدل في أن هذا الموقف الأمريكي يتعارض تماما مع تقييم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبخاصة قطر والسعودية وكذلك تركيا للدور العراقي في الأزمة السورية، باعتباره امتدادا للنفوذ الإيراني في العراق، وليس دورا عراقيا أصيلا.    
لقد غطت مجموعة من العوامل على العلاقة الاستراتيجية التي ترتهن النظام القائم في بغداد، وترتهن رئيس وزرائه المالكي بخاصة، للولايات المتحدة، ومن هذه العوامل تركيز الولايات المتحدة ذاتها وكذلك المقاومة العراقية على استفحال النفوذ الإيراني في العراق وعلى القاعدة وإرهابها الطائفي فيه، وكلا العاملين من إفرازات الاحتلال الأميركي، وكلاهما سهل هذا الاحتلال أو كان شريكا فيه بحكم الأمر الواقع إن لم يكن بالاتفاق. ومن المسلم به أن لواشنطن مصلحة واضحة في صرف الأنظار العربية والإسلامية بعيدا عن علاقاتها الاستراتيجية مع النظام الذي خلفته قواتها المحتلة وكيلا لمصالحها في بغداد والإقليم بعد انسحابها من العراق أواخر العام الماضي.
ويظل قطع العلاقة الاستراتيجية التي أقامها الاحتلال وحولت العراق إلى تابع يدور في الفلك الأمريكي هو الأولوية الأولى للعراقيين والعرب، أما النفوذ الإيراني الذي فشل في محو الهوية العربية للعراق بالرغم من المحاولات المستمرة التي لم تتوقف طوال قرون من الزمن فإن طي الصفحة الأخيرة من الاحتلال الأميركي بتغيير النظام المنبثق عنه كفيل بإعادة إيران إلى داخل حدودها لإرساء علاقات عربية – إيرانية قائمة على حسن الجوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة التي توثقها الإخوة الإسلامية بين الشعبين.
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com
 

ست سنوات من الانقسام والانقسام يبدأ اليوم/ سري القدوة

تلك الدعوة الجهنمية والشيطانية التي جاءت من ( ايران ) لإسماعيل هنية لحضور قمة دول عدم الانحياز تعد تدخلاً فاضحاً في القرار السياسي الفلسطيني .

السياسة في عهد الانقسام الي اين اوصلتنا .. وما هو مستقبلنا في ظل استمرار الانقسام ...
الخاسر الوحيد هو الوطن .. الخاسر الوحيد هو المواطن .. الخاسر الوحيد هي فلسطين التي عشنا وفنينا عمرنا من اجلها .. وقدم شعبنا خيرة قياداته وشبابه شهداء من اجلها .. وما اصعب هذا اليوم الذي نرى فيه ايران تتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني وتسرق القضية الفلسطينية لأهداف مشبوه تماما ولا يختلف احد عن دور ( ايران ) القادم في المنطقة في ظل التغير العربي علي صعيد المحاولات المتكررة لسرقة الثورة في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا ..

في ظل ذلك نتساءل بشكل منطقي وبعد ست سنوات عجاف من الانقسام الي اين تقودنا حركة حماس في غزة .. هل فعلا يجب علينا انهاء الانقسام اليوم ام الاستمرار فيه يعد حماية لحكم حماس في غزة ..
هل فعلا الانقسام يضر بالشعب الفلسطيني .. او أن الاستمرار في الانقسام واختطاف غزة من الممكن ان يعزز قضيتنا ويفتح لنا افاق دولية جديدة ؟؟؟ ..
هذا ليس مجرد تسائل بل وجهة نظر العديد من ( قادة حماس ) بل اسلوب عمل ( الحركة ) علي الصعيد السياسي و( دبلوماسية حماس الوليدة الجديدة ) والتي يقودها تيار حماس في غزة لضرب حماس في الخارج والتي يقودها تيار حماس مشعل .. وبين ( حماس غزة وحماس مشعل ) ضاعت فلسطين وتاهت القضية واستمر الانقسام وتعززت اركانه وأدواته ...

مما لا شك فيه أن  الرئيس محمود عباس والذي كان يحضر لتشكيل وفدا فلسطينيا للقمة حيث  قبل دعوة ايران لحضورها ، وهو الذي يشكل الوفد المناسب لها ، وليس من حق ايران التدخل في تشكيل الوفد الفلسطيني فهذه مسؤولية الرئيس محمود عباس ، ودعوة هنية بعد دعوة الرئيس عباس ، يعتبر خرقاً واضحاً واللعب على المتناقضات في الساحة الفلسطينية ، وتعزيز لحالة الانقسام .

وأن دعوة حماس لتشكيل وفد موحد ليس من صلاحياتها وتعتبر دعوتها خارجة عن نطاق القانون والعرف الفلسطيني الوطني ، وان  مسئولية تشكيل وفد فلسطين هي مسؤولية الرئيس محمود عباس ، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، والمنظمة والتي هي عضو في دول عدم الانحياز بالأساس ، وحركة حماس غير ممثلة في المنظمة اصلا ، فكيف يتم دعوتها وهي لم تدخل منظمة التحرير بعد وان ايران وحماس وأقطاب ( مربع السياسة الشيعية بالمنطقة ) يدركون ذلك ولهذا السبب تكون الاهداف واضحة من وراء الدعوة وهي التدخل الايراني في الشؤون الفلسطينية .

والغريب في الامر بأن حركة حماس اكدت بان الدعوة مهمة بالنسبة لها ورحبت فيها ووصفتها بأنها دعوة مشروعة لرئيس وزرائها وتأتي بصفته رئيس الوزراء أي ( اسماعيل هنيه ) وقالت بأنه سيحضر قمة دول عدم الانحياز في طهران استجابة لدعوة الرئيس الايراني أحمدي نجاد بصفته رئيس الوزراء المنتخب داعية الجميع الي احترام خيار شعبنا الديمقراطي - وهنا وحتى لو سلمنا بهذا الامر - فالدعوة هي تكون لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي هي بالأساس من يمثل الشعب الفلسطيني في ( دول عدم الانحياز ) وليس رئيس حكومة حركة حماس في غزة والذي تم اقالته بعد انقلاب حركة حماس علي الشرعية الفلسطينية وما ترتب علي ذلك من نتائج ادت الي احداث الانقسام الفلسطيني وقلنا مرارا وتكرارا هنا بأن حماس هي اداه من ادوات النظام الايراني وهذا الدور المشبوه هنا يتكامل مع الحرب الشرسة التي تشنها اسرائيل ضد الرئيس محمود عباس وحركة فتح .

هذا هو موقف حماس الوضح والذي يعني أن الانقسام وعلي المستوي السياسي والدبلوماسي قد بدا الان وانه يكرس منهج واضح من الهيمنة علي منظمة التحرير الفلسطينية والسفارات الفلسطينية والبعثات الدبلوماسية في الخارج وان حركة حماس اعدت خطة باتت مدروسة ومبرمج لها مع المخابرات الايرانية من اجل السيطرة علي البعثات الفلسطينية في الخارج وتعزيز الانقسام الفلسطيني ..

بات واضحا اليوم اسباب هجوم ليبرمان علي الرئيس محمود عباس وأسباب رسالته لسفراء اسرائيل بالهجوم علي الاخ ابو مازن ووصفه بأنه رئيس غير شرعي ويمارس الارهاب السياسي ويطالب باستبداله بواسطة الانتخابات ...!!

لقد بات واضحا بأن الحملة السياسية الوقحة التي يديرها ليبرمان وزير خارجية الاحتلال الاسرائيلي تستمر وبنفس الاساليب مع اختلاف الادوات وتديرها حركة حماس حيث دعوة إيران لإسماعيل هنية إلى قمة دول عدم الانحياز يشير إلى انضمام إيران إلى الاهداف الإسرائيلية والتي تهدف القضاء علي المشروع الوطني الفلسطيني وتصفية الرئيس محمود عباس وإنهاء دوره السياسي والوطني و إلى زعزعة النظام السياسي وشرعياته المنتحبة وضرب هدف النضال الوطني الفلسطيني من خلال حماية الانقسام وإدامة الانقلاب عبر تشجيع رموزه ومدهم بالاعتراف 'والشرعية' كما تفعل وتهدف بالضبط الخطوة الإيرانية.

أنه وفي ضوء ذلك لا بد من اصدار قرار واضح من قبل منظمة التحرير الفلسطينية في حال تمسكت طهران بدعوة اسماعيل هنية لحضور القمة ، وهو عدم المشاركة ومقاطعة أعمال القمة بل والعمل علي اتخاذ موقف عربي موحد بعدم المشاركة العربية بالقمة ردا علي دعوة ايران لحركة حماس وما يترتب من نتائج علي هذه الدعوة .

أن شعبنا الفلسطيني وفصائله المناضلة تعي جيدا حقيقة الاهداف الخبيثة للانقسام والدور الايراني المشبوه حيث لا بد من انهاء حالة الانقسام بكل الطرق المناسبة وبات المطلوب من القيادة الفلسطينية تشكيل حكومة فلسطينية هدفها الاساسي هو انهاء الانقسام وتحمل المسؤولية تجاه ما يحدث من مؤامرات تستهدف وجودنا الوطني والقومي .

ان جماهير شعبنا لن تسكت امام هذه المؤامرات وستتصدى لكل من يحاول القفز عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ولكل قوة خارجة عن القانون تحاول المساس  بمؤسسات الشعب الفلسطيني التاريخية تعمل علي بث الفرقة والتمزق بين شعبنا وحركته الوطنية .

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين

إيران تذهب إلى الغطاء السياسي لفعلها العسكري القبيح/ محمد فاروق الإمام

بعد فضح إيران على تدخلها السافر في سورية بتأييد النظام الفاشي فيها عبر تزويده بأحدث ما أنتجته ترسانتها العسكرية من أسلحة التدمير والقتل، وما وصلت إليه من تقنيات تجسس وتشويش ووسائل اتصال حديثة، وسند ألوية النظام وفرقه العسكرية المنهكة بآلاف من الجنود المرتزقة من فيلق القدس والحرس الثوري، الذين يفجرون رؤوس أطفالنا ونسائنا برصاص قناصتهم، ويتقنون نحر المقيدين وذبحهم والتمثيل بأجسادهم بعد اعتقالهم ثم إحراقهم بدم بارد دون أن تأخذهم فيهم أي شفقة أو رحمة، وقد تبلدت الأحاسيس عندهم وأعماهم حقدهم الأسود على الإسلام والمسلمين.
بعد فضح إيران بأسر العشرات من فلول حرسهم الثوري في دمشق على يد أبطال الجيش الحر، وإدلاء هؤلاء باعترافات تدين نظام الملالي في طهران وتورطهم في سفك دماء السوريين، وتأكيد المسؤولين العسكريين والمدنيين الإيرانيين على أنهم لن يتركوا بشار لمفرده يجابه شعبه الثائر، بل وأن من واجبهم دعم بشار ومساندته بكل الوسائل التي تكفل بقاءه حتى وإن قتل نصف الشعب السوري، مقدمين له الفتاوى التي تجيز له فعل ذلك.
أقول بعد كل هذه الفضائح خرجت علينا طهران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجيّة الإيرانيّة "رامين مهمانبرست"، أمس السبت 25/8، معلناً "أن بلاده ستقدّم خطة سلام شاملة بشأن سوريا في قمة عدم الانحياز المزمع عقدها الخميس المقبل بالعاصمة الإيرانيّة طهران".
لم يفصح رامين مهمانبرست عن مضمون الخطة، إلا أنه قال ستتضمن الكثير مما جاء في خطة كوفي عنان، والهدف الواضح من هذه الخطة إطالة عمر النظام والحيلولة دون التسريع في إسقاطه، وإتاحة المزيد من الفرص والمهل ليوغل في ذبح الشعب السوري ودك مدنه وتهجيره، علّه - كما يظنون – أن يقضي على هذه الثورة التي يروجون لها على أنها مجموعات مسلحة إرهابية تعمل على تنفيذ مؤامرة كونية صهيونية أمريكية تهدف إلى كسر معسكر المقاومة الذي يضم قم الولي الفقيه والضاحية الجنوبية نصر اللات والقرداحة بشار الأسد.
مؤتمر قمة عدم الانحياز التي دعت إليها إيران تفتقد إلى الشرعية التي أسست من أجلها هذه المنظمة العالمية والتي سميت بـ(منظمة عدم الانحياز) وطهران هي في مقدمة الدول المنحازة إلى معسكر الشر الذي تقوده موسكو في مواجهة الشعوب المقهورة والمظلومة على يد أنظمتها الفاشية المستبدة، وبالتالي فقد فقدت هذه المنظمة شرعية بقائها بعد أن أصبحت رهينة بيد معسكر الشر المدعوم عسكرياً بآلة القتل والدمار التي تقدمها بلا حساب لهذه الأنظمة المستبدة، وتحميها بما تملكه من حق النقض في المحافل الدولية، للحيلولة دون تدخل المجتمع الدولي لحقن الدماء فيها ووقف القتل والتدمير الممنهج، ومن هذه الدول سورية الذبيحة بيد جزارها المدعوم من معسكر الشر هذا لأكثر من 17 شهر، سارت فيه الدماء أنهارا وسويت أحياء المدن والبلدات والقرى بالأرض على رؤوس ساكنيها، وفاقت الضحايا الثلاثين ألفاً، وأضعاف هذا الرقم من الجرحى والمفقودين والمعتقلين، إضافة إلى ملايين النازحين داخل الوطن والمهجرين خارجه.
لعبة مكشوفة لا يمكن أن تستر عورات إيران البشعة والدنيئة.. لعبة لا أعتقد أنها ستنطلي على قادة الدول التي ستلتقي في طهران تحت قبة منظمة عدم الانحياز، وبالتالي مزيداً من الفضائح لهذا النظام الظلامي الذي أوهم العالم لسنوات أنه نظام يسعى لمواجهة الاستكبار العالمي والصهيونية، وإنصاف المظلومين والوقوف إلى جانب المقهورين.. كشفته الثورة السوورية وعرته وفضحته وأسقطت كل ورق التوت التي حاول الاختباء وراءها لسنوات وبانت حقيقته العنصرية والمذهبية، ونكست أعلامه وديست صور أبالسته في كل شوارع وأزقة العواصم العربية والإسلامية بعد أن رفعتها ووضعتها في صدر مجالسها لسنوات، كردة فعل لهذه الشعوب تجاه الفعل الشرير الذي تقوم به في دعم النظام الفاشي القاتل في دمشق وتعمل على إطالة عمره والحيلولة دون سقوطه.

ديمقراطية الربيع العربي والصراعات العربية/ ابراهيم الشيخ


عُرف عن العرب صراعاتهم واختلافاتهم  منذ قديم الزمان، زمن القبائل والجاهلية، اما عن اسباب هذه الخلافات فكانت كثيرة اما على ارض او ناقة وبعد ذلك على السلطة.
بدأ الصراع السياسي على الحكم في عهد الخلفاء حتى الوصول الى فتح الاندلس واستفحال الخلافات  على السلطة الذي أدى الى انهيار عصر الازدهار العربي الاسلامي.
بعد ذلك بدأ عصر العرب المظلم والعيش في ظل سلطات اجنبية تحكمت في كل تفاصيل حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بداية عاش العرب تحت السيطرة العثمانية التي استمرت حوالي اربعمائة سنة، ثم جاء الاستعمار الغربي والذي من من خلال اتفاقية سايس-بيكو قسم المنطقة لمناطق نفوذ بين فرنسا وبريطانيا، هاتين الدولتين لم تخرجا من المنطقة الا بعد ان قسمتا الوطن العربي وتسليم السلطة لبعض العائلات في الخليج وبعض الرموز في البلدان الاخرى ليقيموا بها ممالكهم واماراتهم وجمهورياتهم.
اذا سياسة فرق تسد التي اتبعها هذا الاستعمار قد شرذمت هذا الوطن العربي الكبير، وان نجاح  هذه القوى الاستعمارية  في تقسيم المنطقة لم يكن لينجح  لولا شغف وقابلية الزعماء العرب بالحكم وحب السلطة، انساق هؤلاء الزعماء وراء هذه القوى لتأمين مصالحهم الخاصة ومصالح هذه القوى دون الالتفات لمصير هذا الوطن العربي وشعوبه وانقسمت الدول العربية سياسيا واصبح لا يجمعها شيئا سوى حدود مشتركة ولغة واحدة التي لم تلعب دورا في توحيد هذه  الدول.
ان المشاكل التي عانتها شعوبنا العربية بسبب الحكام المستبدين وغياب الديمقراطية لم تنته وما زالت المعاناة قائمة بالرغم من التغيير واجراء انتخابات ديمقراطية في بعض الدول، فهذه الدول ما زالت غير قادرة على فك الارتهان للدول الغربية ولاسباب متعددة منها سياسية واقتصادية. بشكل او بأخر تنصاع هذه الدول دائما الى مشيئة وارادة الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة باتخاذ اي خطوة سياسية تقوم بها، لأن بعض هذه الدول العربية محكومة بالعامل الاقتصادي الذي يشكل عامل ضغط عليها، ولذلك لا تستطيع معارضة واشنطن خوفا من عدم الحصول على مساعدات من البنك الدولي او اية مؤسسة دولية لان يد امريكا طويلة وقادرة على حرمان هذه الدول من المساعدات.
فمصر ما زالت تعتمد على المعونة الامريكية كما كانت في السابق وهي  بالرغم من تغير الحكم ووصول الاخوان المسلمين الى السلطة تبدو غير مستعدة لتغيير قواعد اللعبة ومستمرة في التقارب مع واشنطن للحصول على هذه المساعدات وهي لم تثر حتى هذه اللحظة تعديل معاهدة كامب ديفد خوفا من خسارتها لهذه المعونات، والمفروض كما في المجتمعات الديمقراطية التي تشرك مواطنيها بالقضايا المهمة  اجراء استفتاء بشأن هذه المعاهدة، وكذلك الوضع لا يختلف في اليمن وتونس وليبيا الذين ما زالوا يتلمسون مبادئ الديمقراطية ولكل بلد وضعه الخاص في هذا المضمار.
ومن غير المعرف ان كانت الديمقراطية في اليمن او في ليبيا ستوحد الفصائل المسلحة التي لحد الان لا تنظوي تحت سلطة الدولة المركزية التي تبدو ضعيفة في هذين البلدين.
اما الوضع في سوريا لن يكون مختلف، اذ تُقاتل هناك جهات متعددة الايدولوجيات والافكار، السلفي منها والاخواني والعلماني وحتى القاعدة، على ضوء هذه المعطيات يبدو ان ارساء الديمقراطية في هذا البلد سيكون صعبا ، والمستقبل  يبدو مجهولا  ومن غير المعروف كيف سينتهي الصراع الذي طال والذي من الممكن ان يتحول الى حرب اهلية.
اما بالنسبة للعامل الديني الذي كان يجب ان يلعب دورا ايجابيا في تكتل الدول العربية الا انه اصبح عاملا مفرقا حيث تستشري اليوم النعرات الطائفية المُحرضة على الفتنة اكثر من الماضي واصبح العداء واضحا  وقاتلا للجميع.
ان الدول العربية تمتلك مقومات الوحدة اكثرمن اي دول او شعوب اخرى من حيث الجغرافيا والتاريخ والثقافة واللغة الا ان العرب يبدون كاكبر قوة مشتتة ومتفرقة بسبب التمزق السياسي الداخلي والطائفية التي تعيشها بعض الدول وايضا الصراع على السلطة وغياب الديمقراطية كل هذه العوامل مجتمعة تمنع من تقارب الدول العربية من بعضها البعض. 
جاء الربيع العربي كمحطة فاصلة بعد هذه السنين الطويلة من استبداد الحكام واذعان الشعوب لهم ولا يبدو بأن الدول العربية ستنهي صراعاتها التي ازدادت ولم يؤثر الربيع العربي عليها ايجابيا.
بداية الثورات العربية شكلت بارقة امل لما ستؤول اليه الاوضاع من ناحية التغيير والأنتقال من الاستبداد الى الحرية والديمقراطية، لكن الدول الغربية وبعض الدول الخليجية يحاولون امتطاء هذه الثورات لصالحهم وافراغها من مضمونها  من خلال السيطرة على مجرياتها من خلال الدعم بالمال والسلاح ومحاولة قطف ثمارها لفرض رؤيتها ودعم الاحزاب الاسلامية كما حصل في مصر، وهذا ما يحصل الان في سوريا اذ يتم دعم الجماعات الاسلامية للاستئثار بالسلطة في حال سقوط النظام.
لا شك بان هذه الثورات كانت عفوية والذين قاموا بها اناس عاديين كان لهم مطالب  كثيرة وكبيرة، ولكن الذين استحوذوا على السلطة في البلدان التي حصلت بها هذه الثورات  اعتبروها انتصارا لهم ولنهجهم، ولكن الذين فجروا هذه الثورات وضحوا من اجل التغيير هُمشوا ولم يعد لهم اي دور في قيادة هذه البلاد.
السلطات الجديدة في هذه البلدان مطالبة باستغلال هذا التغيير  لتطوير المجتمعات على جميع الاصعدة وعدم تكرار اخطاء الحكام السابقين وعدم تقويض معاني الديمقراطية التي اوصلتهم الى السلطة وعدم احتكارها.
 التعلم من تجارب الاخرين ليس عيبا ومن الممكن اخذ  تجربة اوروبا الشرقية التي  شهدت نظام الحزب الواحد وانعدام الديمقراطية، ولهذه الاسباب تخلفت هذه الدول اقتصاديا مقارنة مع الدول الغربية  الديمقراطية الاخرى، ولكن بعد سقوط النظام الشيوعي نهضت هذه البلدان وبدأت مرحلة البناء وممارسة الديمقراطية، وخلال سنوات عدة انضمت هذه الدول الى الاتحاد الاوروبي وهنا يتضح بأن النظام السياسي يلعب دورا مهما في تقدم وتأخر الشعوب.
ان ديمقراطية الربيع العربي ما زالت في بداياتها ولا يجب الحكم عليها الان ومن غير المعروف عما ستؤول عليها الاوضاع السياسية والاقتصادية، ان الوصول الى السلطة يجب ان لا يكون هوالهدف الاسمى بتحقيق المصالح الحزبية فقط فممارسة السلطة مسؤولية كبرى والهدف منها تحقيق مصالح الشعوب وتقدمها.
 في ضوء ما سبق يبرز التساؤل التالي هل الديمقراطية التي حطت رحالها في وطننا العربي مؤخرا وبعد انتظار طويل تستطيع انهاء الصراعات الداخلية والخلافات السياسية بالاحتكام للانتخابات للوصول الى السلطة ام سيستمر العنف والتظاهرات والمناكفات في الشوارع كأسلوب اساسي للتعبير عن الرأي.
ان الذي يراقب الوضع في الدول التي حصلت فيها هذه الثورات يلاحظ بان هذه الدول لم تتخلص من العقلية القديمة وتقوم السلطات المنتخبة بتكرار نفس الاخطاء من حيث التضييق على  حرية التعبير والمعارضين وتقييد الاعلام الحر وتتبع نفس السياسات الاقتصادية التي تعتمد على المساعدات الخارجية بدون تحفيز الاقتصاد والاعتماد على النفس.
عُرف عن العرب صراعاتهم وما زالت هذه الصراعات مستمرة حتى وقتنا هذا، ولذلك تبدو مسيرة العرب طويلة نحو بناء مبادئ الديمقراطية والتقدم،  ولا بد من تحقيق الانسان العربي الجديد والتخلص من إرث الماضي السيء الذي يذكرنا بالخلافات والاستبداد والديكتاتورية.
كاتب وصحافي فلسطيني
ielcheikh48@gmail.com

ملعونة الحرية التي تبدّد فلسطين/ سعيد الشيخ

العوامل والمؤثرات الدولية التي ساهمت في ايجاد القضية الفلسطينية يجعلها قضية شاملة لا تعني الشعب الفلسطيني وحده، دون ان تخص الانسانية جمعاء لتتقدم بمعانيها وقيمها العليا لتكون أول القضايا، حيث في جوهرها تكمن الحرية والعدالة وكل مبدأ  يناقض الطغيان الذي يبعث الى الشقاء ويوقف الحياة.
مختصر القول، ان فلسطين تختصر كل القضايا التي تمس قيم ومعايير الحياة الانسانية ... وكل فكر لا يستهدي لهذه الحقيقة ويجاهر بها دون اخضاعها لمصالح ذاتية واستعمارية هو فكر يقوم على العربدة والاقصاء، ويخدم التوحّش والازدواحية بالمعايير بما يجعل الكون خاضع لمن يملك قذائف النار الفتّاكة بغية الابادة، فيما الكون يحتاج الى تغيير وتجديد في الولادة.
وبما ان ثوار واحرار "الربيع العربي" قد وضعوا في اولويات حراكهم قضية الحرية، فأن ذلك يعني ان فلسطين هي في لُبِّ اهدافهم.. ولكن يظل ذلك من الناحية النظرية التي ينفيها الواقع.
 ان مراقبة مجريات الاحداث في عدة بلدان عربية زارها الربيع سيلاحظ المراقب العاقل ان هذه الاحداث تمضي على عكس النظرية، وكأن محرك الثورة وقيادتها ليست بيد هؤلاء الثوار.
علينا ان نتمعّن في مؤشرات البوصلة جيدا..لنكتشف ان ما من مؤشر يدل على ان الاحتلال الاسرائيلي منزعج مما يحدث في سوريا، وليس من المهم لديه ان يسقط النظام أو لا يسقط. المهم لها ان تظل سوريا لوقت طويل غارقة في دماء ابنائها تضربها رياح الدمار ويعمّها الخراب الشامل. وهذه تمنيات اسرائيلية تطال كل الوطن العربي.
وليس مهما لاسرائيل من سيحكم مصر، بل المهم ان من سيحكم ان يظل يعمل على روح اتفاقيات "كامب ديفد" التي اعطت "اسرائيل" الامن واخذت من مصر كرامتها.   
وبما ان قضية الحرية لا تتجزأ، فأن من يريد نأي نفسه عن فلسطين هو ضد الحرية ولو تشدق بها ليلا ونهارا. والذي يريد ربط حريته بالتبعية لقوى تعادي القضية الفلسطينية انما هو ضالع في اجندات غربية تدعم الاحتلال وتعمل على تقويض مبدأ الاستقلال.
على هذه النظرية تتكسر الدهشة، وتتفكك الغاز معارضة تعارض نظام دولتها وتجاهر بتشفي: مع سقوط النظام سيسقط العلم الفلسطيني ليرتفع العلم الاسرائيلي.
لذلك تقول امريكا:" لا تلقوا السلاح"!.
والممالك والامارات العربية العائمة على النفظ والاكثر رجعية في التاريخ تهرع لتمد جسورا لإيصال السلاح وترسل فضائيات  تشبع الفتنة من فيض خزائنها المتضخمة.
مأساة هذه الحرية أنها لا تشبه الوطن ومكوّنها يحمل الكثير من الرذائل، وهي تتربى وتتمرغ في أحضان امريكا..مأساتها انها تتعفن تحت عباءة الحاكم العربي المضمخ بالنفط قبل ان ترى النور..
واذا اراد "الربيع العربي" حقا ان ينتج احرارا شرفاء يؤمنون بالديمقراطية والعدالة ويحاربون الديكتاتورية، فليس من البداهة الاعتماد على ديكتاتورية اخرى لأن المحصلة ستكون مأساة ماحقة تتمثل في حرب ديكتاتوريات ضد بعضها من اجل السلطة والسيطرة وقودها نوعان من الثوار: ثوار مرتزقة يقاتلون من اجل كسب المال، وثوار وقعوا في خدعة القوى صاحبة المصالح المتوحشة والتوجهات الاستعمارية وذلك باسم الحرية وحقوق الانسان.
لا حرية ولا كرامة في الوطن العربي من دون فلسطين...فلسطين بما ترمز وتمثل من قداسة في التاريخ العربي. وكضحية مغتصبة تهفو اليها الافئدة لرد اعتبارها ومحو عارها الذي طال الأمة بأكملها من المحيط الى الخليج.

أنا مسلم ولكنى أتحرش/ إيمان حجازى

كلما أطل علينا شهر رمضان بروائحه العطرة وروحانياته الطاهرة ملأ الجو صفاءا ونقاءا ويطهر النفوس فينتشر الزهد وترتدى النفوس تيجان الشرف وأردية العفة وترى الشباب يرتادون المساجد مع كل صلاة وتسمع همهمة التسابيح فى الطرقات وفى وسائل المواصلات وتشعر أن هذا الجو هو ما يليق بالبشرية وأننا نحيا فى المجتمع المثالى الذى نعمل من خلاله لنتقن عملنا وتديننا ونرى الله عملنا ورسوله ويباهى بنا الله ملائكته فى علاه ولكن لا يخلو هذا الوجود المتناغم من بعض الشوائب - المتمثلة فى عروض جهاز التلفاز المثيرة المقززة الخارجة عن حدود المنهج والمخالفة لكل  أبجدياته - التى تداعب الغرائز وتغويها وتلاعبها لتستجيب لها فى كبت متعمد واقع تحت تأثير القرآن والصلاة والصيام

ومن الشوائب التى أحاطت بمجتمعنا فى السنة الماضية والتى من ضمنها ما تركز فى أحكام قضائية سواء تثبت أو تنفى علاقات مشبوهة غرائزية لبعض رجالات الدين والذين من الحتمى إرتباط أسمائهم بالتقوى والورع والزهد بينما يواجهوننا بعنف وفظاعة بأفعالهم الصبيانية التى تتفوق فى فسوقها ومراهقتها عن الأطفال وعن قليلى التدين

ومع إستمرار الصراع بين هذا الإغواء وذاك الكبت لمدة شهر رمضان , يفاجئنا البركان السنوى بإنفجاره صباح يوم العيد وبعد صلاة العيد مباشرة متمثلا فى إنتهاك صارخ لكل قيم رمضان وكل مبادئه السامية مترجما فى عبث الشباب وتحرشاتهم بكافة من تمر عليهم أو من يرونها من الشابات فى غير إقتناء ولا تمييز فقد تتساوى المحجبة مع المتبرجة وكأن شيطان الشهوة الذى يحتل العقول المريضة لا يفرق فهو يحصد ويشير أصبعه الى كل أنثى تخرج من بيتها فى ذلك الوقت من النهار

ودائما ومع كل سنة وفى هذا الوقت تعلو علامات إستفهام ومعها علامات تعجب تتساءل وتستغرب الموقف ولا تعيه , هل هذا الشاب المسلم الذى كان يتعبد هو نفسه من خلع العباءة وهتك ستر الإسلام بهتك عرض المسلمات ؟؟؟

والسؤال الذى يفرض نفسه على العقول مفسرا لما يحدث هو هل ما يجرى من أفعال يقوم بها هؤلاء الشباب يكون بفعل الشيطان ؟؟ وهل للشيطان  كل هذا التأثير على بنى آدم !!!! حتى أنه فى غيابه يقترب الإنسان من الملاك وتضىء روحه نورانية ويتبرأ من غوغائية الشهوة وإحتلالها للعقول

وهل إيمان المسلم بهذا الضعف حتى وإن لاح الشيطان بوجهه القبيح أظلمت الدنيا فلم يعد الإنسان يفرق بين الخير والشر ويهتك ما أمره الله بستره ,  ألم يأمرنا الرسول بستر أنفسنا والحفاظ على آدميتنا , ألم يقل لنا بأن كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه ............ ألم نتعلم صغارا بأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

فكيف يا مسلم تختزل السنة فى شهر تكون فيه مسلما بينما باقى السنة تكون من أشباه المسلمين !!!!!!!؟

كيف يا مسلم تنتهك حرمة أخيك المسلم ألم تدرى بأنك كما تدين تدان !!!!!؟

ومن الأهمية بمكان أننا نفتقد دور المساجد فى التوعية والحث على التمسك بالفضيلة والأخلاق الحميدة , تلك المساجد التى تحولت الى السياسة والإنخراط فى العمل السياسى وتقمص أدوار لها منابر أخرى وأناس أكثر دراية وقدرة  على إدارتها

أعتقد أننا نريد أن تعود المساجد مرة أخرى للدعوة للإسلام بأخلاقه الكريمة بأفعاله الحميدة وتحبيب المسلم فى كونه مسلما بحق وليس بإشارة الى  الديانة فى بطاقة الرقم القومى أو حتى بمجرد علامات تدل على أنه مسلما فى حين أن طباعه الداخلية والتى تنضح عليه فى الأوقات الحرجة لا تدل على ذلك وما يظهر منها لا يعطينا إلا إنطباعات عن كل متحرش منتهك لمعانى الأخلاق الحميدة

أعتقد أننا بحاجة لأن نهيب بكل شيخ أو عالم دينى فى مجتمعنا بكل مربى فاضل بكل أب وكل أم أن يعيد النظر مرة أخرى فى غرس مكارم الأخلاق فى  نفوس الأبناء فى محاولة لإحياء النخوة والحفاظ على شرف كل مسلم ومسلمة وإعتباره واجب دينى يبذل فى سبيله الغالى والنفيس لأن بدون هذه القيم لا ندرى الى أين تأخذنا الأيام ولا نعلم ماذا يخبأ لنا الغد !!!!!؟؟؟

ألا هل بلغت اللهم فإشهد

التلويح الامريكي بالتدخل والكيماوي السوري/ ابراهيم الشيخ

لا شك بان سوريا تملك مخزون كبير من الاسلحة الكيماوية وتركيباتها وهي لم تنكر امتلاكها لهذه الاسلحة. لكن هذا السلاح اصبح عبئا على السلطات السورية التي تتزايد عليها الضغوط من اجل تأمينه وعدم استخدامه، ويثير ملف هذه الاسلحة اهتمام وتخوف دول كثيرة في المنطقة وخارجها.
 سوريا التي تعتبر دولة مواجهة مع العدو الصهيوني حاولت منذ سنوات طويلة تحقيق توازن عسكري استراتيجي مع اسرائيل فقامت بشراء وتكديس كميات كبيرة من الاسلحة الروسية ومنها الاسلحة الكيماوية، رغم ذلك لم تدخل سورية في اي حرب مع اسرائيل بعد حرب اكتوبر عام 1973، ومن الاسباب التي اضعفت موقف سورية في مواجهة اسرائيل هو توقيع  وتكبيل دول الطوق الاخرى كمصر والاردن بمعاهدات سلام مع اسرائيل.
  فشلت سورية وحيدة في تحقيق التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل مما اضطرها الى توثيق العلاقات مع ايران على جميع الاصعدة، وعمد النظام السوري الى دعم حركات المقاومة اللبنانية كحزب الله التي تربطه بإيران علاقات قوية وبعض التنظيمات الفلسطينية والاعتماد على هذه التنظيمات لتحقيق اهداف سياسية وامتلاك اوراق ضغط في هذه المنطقة. ام جبهة الجولان فبقيت هادئة بدون ممارسة اي مقاومة للاحتلال الاسرائيلي مما افقد النظام مصداقيته في شعارات محاربة اسرائيل بالرغم من حقه في ممارسة هذه المقاومة.
ان تحذيرات الرئيس الامريكي باراك اوباما لسوريا مؤخرا من استخدام هذه الاسلحة الكيماوية والبيولوجية في الصراع الداخلي الدائر في سوريا ونشرها يعتبر نوع من الضغط على السلطات بتأمينها، معتبرا أن استخدام هذه الأسلحة "خط أحمر" بالنسبة لواشنطن مما قد يدفعها لتغيير سياستها المتبعة ازاء الازمة السورية  ويعتبر تصريح اوباما تحذيرا بالتدخل المباشر في هذه الازمة.
الحكومة السورية ردت على تصريحات اوباما وعلى لسان رئيس الوزراء قدري جميل الذي قال إن التدخل العسكري الخارجي في سوريا "مستحيل" لأنه سيؤدي الى مواجهة تتجاوز حدود البلاد، مشيرا إلى أن تهديدات أوباما مجرد دعاية انتخابية. من جهة اخرى اثارت تحذيرات اوباما حفيظة موسكو الداعم الاساسي للنظام السوري والتي بدورها تحذر الغرب من التدخل في سوريا التي ترتبط بمصالح مشتركة مع هذا البلد.
سوريا اكدت اكثر من مرة بأن أي سلاح كيماوي لن يستخدم في الازمة الداخلية، ولن تستخدم هذه الاسلحة إلا في حال تعرضت سورية لعدوان خارجي.
 واشنطن تتخوف من استخدام السلاح الكيماوي في الصراع الداخلي ولكن النظام لا يبدو بانه بحاجة لاستخدامه فهو يملك امكانيات كثيرة بديلة عن هذا السلاح ومن الغباء استعمال الاسلحة الكيماوية، لان استخدامها داخليا ضد المسلحين المعارضين يعتبر انتحار سياسي للنظام، وتصرف كهذا يعجل بإسقاطه ويفتح المجال واسعا  للتدخلات المباشرة من قبل القوى الاجنبية وخاصة واشنطن التي تبدو لحد الان مترددة.
من غير شك بأن هناك نشاط محموم من قبل دول الغرب واسرائيل وايران على ارض سورية وتدور حرب مخابرتية متعددة الاطراف لمعرفة مكان الاسلحة الكيماوية ومحاولة السيطرة عليها في حال تشتت قوات النظام وفقدان السيطرة عليها او في حال سقوطه.
لا شك بان واشنطن تعمل في الخفاء مع دول الجوار وخاصة مع تركيا والاردن للتدخل في حال سقطوط النظام، وهي في هذه المرحلة تحاول جمع اكبر عدد من المعلومات عن الاسلحة، وهي ستحاول دعم هذه الدول بالخبراء لعدم اثارة موسكو التي ستكون الخاسر الاكبر في حال سقوط النظام ومن غير المعروف كيف ستتصرف موسكو بعد ذلك وخاصة انها تملك بعض القوات في ميناء طرطوس.
في حال سقوط النظام فأن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية لن تترك سوريا وشأنها وسيكون لها اليد الطولى ولن تسمح بان الامور تفلت من بين يديها، لوجود هذه الاسلحة ومنع انتقالها الى حزب الله ومتطرفين اسلاميين كتنظيم القاعدة.
مسألة السلاح الكيماوي هنا تكتسب اهمية قصوى لأنها من الممكن ان تؤثر على امن اسرائيل التي تملك حدودا مع سورية، وتتخوف اسرائيل وامريكا من وقوع هذه الاسلحة في يد جهات معادية واستخدامها  ضد اسرائيل، وكانت اسرائيل قد صرحت الشهر الماضي بانه في حال اكتشافها نقل هذه الاسلحة الى اماكن او جهات خارجية كحزب الله ستقوم بقصف هذه الشاحنات، ويبدو ان الضغط الامريكي مرده الى تخوفات اسرائيل، وهنا يتضح بأن امريكا تتخوف من حصول سيناريو كهذا مما يؤدي الى حرب اقليمية تخرج عن نطاق السيطرة.
كاتب وصحافي فلسطيني

العبث بقانون الغفران!/ ناجي أمل الوصفي

عندما كنت في مِصر أم الدنيا، كان لي صديق يُدعى عبثان بن خربان. وكان لعبثان هواية غريبة لا يهواها إلا إنسان ذو ذكاء خارق وقوة ملاحظة فوق عادية وشخصية فريدة من نوعها. كان عبثان يعشق العبث بالأجهزة الكهربائية مثل المكانس والمراوح الهربائية واجهزة الراديو والفيديو والتلفزيون. وكان عبثان يجلس ساعات طويلة بدون ملل أو كلل يراقب خلاط الفواكه مثلا. ثم يبدأ في تشغيله بدون سبب. ثم يفرض علي سماع وجهة نظره عن كيف يمكن تحسين عمل الخلاط إذا قلبه راسا على عقب مثلا أو غير قطعة به أو استبدل جزء منه بجزء آخر انتزعه من الغسالة أو من سيارة الجيران العطلانة!!! وعندما يتأكد من أنه قد اصاب قلبي المريض بسقم يستحيل علاجه، كان عبثان يتركنـي وشأني وياتي بعدّة لو رأيتها لوقعت مغشيا عليك في التو والحال ويبدأ في العبث بالجهاز. النتيجة دائما واحدة: موت الجهاز وصعود روحه البريئة إلى السماء وهي تقول تباً لك يا عبثان بن خربان.
كنت في العشرينات من عمري في ذلك الوقت. وفي غمضة عين وجدت نفسي وأنا في الستينات من عمري أقرأ عن عبثان آخر! جاء ذكر عبثان الجديد في تقريرٍ عن قانون التواطئ. قانون ماذا؟ قانون التواطئ أو بالعربي البسيط قانون مجالسة المجرمين.
 منذ سنتين تقريبا انتشرت جرائم "أشقياء الموتسيكلات"، اي الجرائم التي يرتكبها اعضاء جماعات الدراجات النارية، في غرب مدينة سيدني، أستراليا. فتفتق ذهن جهابذة العبث بالتراث القانوني عن فكرة ليست بجديدة ملخصها كما يلي: إنْ رصدك البوليس تحتسي الشاي أو ترشف باستمتاع رشفات ممتعة من القهوة البرزيلية ذات النكهة الأقحوانية مع شخص كان في يوم من الايام مسجونا لسبب ما، فسوف يلقي البوليس القبض عليك ويزج بك (بالقانون طبعا) في غياهب السجون بعد إدانتك بتهمة التواطئ أو مجالسة المجرمين! (يالا الهول يازلمة!)
يالا الهول يازلمة! إقرأ هذه الاغنية الحزينة! عبثان الأسترالي عبث بالقانون الانجليزي العتيق وسن قانون يعاقب على مجالسة المجرمين. ما هي العقوبة؟؟ إجبارك (بالقانون طبعا) على مجالسة عدد أكبر وأخطر من المجرمين!!
كيف؟؟ عندما يلقي بك رجال البوليس في غياهب السجون (لمجرد الحديث مع تائب) فهم يتواطئون ضدك ويحيكون لك مؤامرة قانونية ترغمك على مجالسة جميع المسجونين بالسجن الذي سيزجون بك في غياهبه، اليس كذلك؟؟؟
هناك قول عربي مأثور يقول: لا تنهي عن شيئ وتاتي بانجس منه. عبثان بن خربان الأسترالي (وهو إنسان ذكي جدا ولكنه غير حكيم)  يريد أن يصلح حالي! الله وأكبر ياعرب! فلما رأى حالي الاعوج ومجالستي لمجرم واحد يوحد ربه عاقبنـي بإجباري على مجالسة مئتين من المجرمين! (يالا الهول يازلمة!)
وبعد أن أنفق شعب ولاية نيو ساوث ويلز الغلبان الفقير الذي يكدح في الصهد لدفع الإجار البهاظ وفاتورة الكهرباء القاتلة مئات الآلاف من الأصفر الرنان، وبعد أن تم سن القانون التعبان وتطبيقه كيفما كان، كان أول ضحية له شاب استرالي  مسكين عيان يُدعى تشارلي فوستر مان. وقد تمت إدانته لتعامله مع أحد الاصدقاء وشخصين آخرين ساكنين معه في نفس المنزل بمدينة "إنفيرل" شمال ولاية نيو ساوث ويلز وهم من أصحاب السوابق الجنائية.
وأمضى تشارلي فوستر تسعة أشهر في ظلام السجن قبل أن يطعن محاميه في حكم المحكمة. وقد قررت محكمة الطعن إلغاء الحكم الصادر ضد تشارلي فوستر التعبان لأسباب عديدة لن نخوض بها هنا. المهم هنا هو أنه بعد هذا العبث بالقوانين وبعد مئات الالاف من الدولارات وبعد هذا الخراب الذيالمّ بتراثنا القانوني، مات تقليد الغفران القديم وصعدت روحه إلى السماء وهي تقول: تباً لك ياعبثان.
ألم يكن السيد المسيح يجالس العاهرات والمرضى وقطاع الطرق والمفلوجين والقتلة والجربانين والسفاحين والمختلين عقليا والمجرمين؟ ألم يكن السيد المسيح يحضن الثكالى والحزاني والبرص والبكم والعمي؟؟ ألم يترك لنا رب المجد تراث عظيم ينادي بالمحبة والغفران والتسامح والمودة؟ هل نحن مجبورون على العبث بتراثنا القانوني المسيحي؟ لقد ترك لنا السيد المسيح قانون الغفران ويجب علينا جميعا ألا نسير وراء عبثان وألا نعبث بتراثنا القانوني العظيم.
دعنا من مثاليات السيد المسيح فنحن الآن في زمن العبثان! ألم يقل لنا أولي الأمر والعلمانيون والديمقراطيون والايجاليتريانون والمتحذلقون أن من قضى عقوبة السجن لما أرتكبت يداه من أثم فهو حر بعد أن دفع الثمن؟؟؟
 ماذا أفعل إذا التقيت بشابة جميلة على كافيتيريا "كابوتشينو كراود" وتجاذبنا أطراف الحديث؟ هل يريد السيد عبثان بن خرفان بن خربان الأسترالي أن اسألها أولا: هل قتلتي أحد أيتها الفاتنة؟! وإن أجابت بلا ياسلطان الزمان، فهل يجب علي أن اسألها ثانية: هل سرقت بيت جارك أيتها الجميلة؟! وإذا كان قانون العقوبات يحتوي على خمسمائة جريمة فهل يريد السيد خربان والد خرفان والد عبثان أن اسألها خمسمائة سؤال عن سجل سوابقها قبل ان اجالسها؟؟؟
دعنا من هذا التلاعب بالالفاظ! ماذا يطلب منـي عبثان إن كان لي صديق غرر به أبن السلطان (جمال مبارك المصري = رو جوي الاسترالي) الجبان وجار عليه الزمان وتمت محاكمته وادانته بشهادة شهود زور؟؟؟ هل يجب على أن اتخلى عنه؟؟؟ أهكذا يتصرف الفرسان؟؟؟تباً لك ياعبثان!
وماذا لو كان لي قريب أو صديق بالفعل أرتكب جريمة ودفع ثمنها وأصبح حرا مرة أخرى ويريد أن يعيش حياة أفضل بمجالسة الشرفاء؟ هل أنصب نفسي إلاها وأقول له أذهب عنـي يافاعل الاثم؟؟؟ أي نوع من الهبل القانوني والجبن الاجتماعي والتخلف الحضاري  هذا ياعبثان؟؟؟؟
أترك العجرفة والكبرياء في التوليت يا عبثان وفكر في هذا السؤال: هل يحق لك أنْ تحرم الشخص الذي ارتكب خطأ في الماضي ودفع ثمنه وتاب في قلبه من حقه الشرعي في مجالسة الشرفاء؟؟؟
لا تشغل بالك بمن أنا، فأنا لا انافسك على سلطة أو جاه أو مال. كل ما أطلبه منك هو التفكير!!! فكر فيما اقوله لك! اليست العلاقة بين اثنين علاقة لها جانبان؟؟ ألا يحق لمن دفع ثمن جرائمه ويريد أن يعيش حياة شريفة أن يجالس الشرفاء؟؟؟ فإن زج عبثان بن خربان بالشرفاء في السجون لأنهم جالسوا إنسان كان في الماضي مجرما واصبح إنسانا شريفا بكل معنـى الكلمة، ألا تعتقد أن عبثان بن خربان الأسترالي في هذه الحالة قد أرتكب جريمتان في نفس الوقت؟؟؟ واحدة ضد التائب وواحدة ضد الشريف.
فكر! إقرأ! إقرأ باسم ملك الغفران! إقرأ حتى لا تهلك مثل الذين هلكوا من قبلك بالحقد والبغض والكراهية وعدم الغفران! إقرأ حتى لا تسلك سلوك عبثان!

الآسيويون يغزون أمريكا بسلاح العلم/ د.عبدالله المدني


منذ عام 2009 تحديدا طرأت زيادات واضحة في أعداد الوافدين الآسيويين إلى الولايات المتحدة إلى الدرجة التي أصبحوا معها أكبر مجموعة من المهاجرين الجدد إلى الأراضي الإمريكية. وهذا يعني أنهم ينافسون أعداد المهاجرين من دول أمريكا اللاتينية أو من يطلق الإمريكيون عليهم إسم "هسبانك". وتقول دراسة ديموغرافية نشرت مؤخرا من إعداد مركز "بيو" للإبحاث، ، أنه في الوقت الذي يغزو فيه الآسيويون أمريكا مسلحين بالعلم والثقافة، تتراجع أعداد الوافدين من المكسيك، جارة إمريكا الكبرى إلى الجنوب، حتى وصلت حاليا إلى الصفر، وذلك بسبب تباطؤ سوق العمل، وبالتالي قرار الكثيرين بالعودة طواعية إلى بلدهم، ثم بسبب التدابير الصارمة التي إتخذتها السلطات الإمريكية لمكافحة الهجرة غير القانونية.
وإذا كان تراجع أعداد المهاجرين من المكسيك ودول أمريكا اللاتينية الأخرى قد تسبب في نقص حاد في العمالة المطلوبة لإشغال المهن الحقيرة التي يأنف منها الأمريكيون، او العمالة المطلوبة لجني المحاصيل الزراعية وتخزينها وتغليفها أو نقلها (بسبب هذا النقص تراوحت خسائر القطاع الزراعي الإمريكي هذا العام ما بين 5 -9 بليون دولار)، فإن تزايد أعداد المهاجرين الآسيويين لم يحل المشكلة لأن جل هؤلاء أو ما نسبته 61 بالمئة هم من الشباب، فوق سن الخامسة والعشرين، ومن الحاصلين على درجات جامعية في تخصصات عالية، وبالتالي ليسوا في وارد القبول بالوظائف والمهن الدنيا ذات المردود المادي القليل، حتى وإنْ كانوا لا يقيمون إقامة شرعية داخل الأراضي الإمريكية (تنطبق صفة المقيمين اللاشرعيين على نحو 15 بالمئة من المهاجرين الآسيويين)
ولأن فرص حصول المهاجرين الآسيويين (خصوصا من الهند والصين وكوريا الجنوبية) على تأشيرة عمل وإقامة في الولايات المتحدة أكثر بثلاث مرات من الفرص المتاحة أمام المهاجرين الآخرين بسبب المواهب والكفاءات العلمية للفئة الأولى، معطوفة على سياسات الهجرة الجديدة التي بدأت واشنطون في تطبيقها إعتبارا من التسعينات والتي أعطت الأولوية للأثرياء ورجال الأعمال وعلماء تقنية المعلومات والحاصلين على درجات جامعية في تخصصات معينة، فإن هناك مخاوف من تزايد أعداد هؤلاء المهاجرون الآسيويون على المدى القصير بشكل يحمل معه تغيرات إقتصادية وإجتماعية، بل وإحتمال حدوث أزمات داخلية في حال شعور المواطن الإمريكي بأن المهاجر الآسيوي يسلبه فرص العمل أو يستفيد على حسابه من الخدمات الإجتماعية. حيث تشير إحدى الإحصائيات إلى أن 430 ألف مهاجر آسيوي (أو ما نسبته 36 بالمئة من إجمالي عدد المهاجرين الجدد) دخلوا الولايات المتحدة في عام 2010 مقابل 370 ألف مهاجر لاتيني أو مانسبته 31 بالمئة.
وفي السياق نفسه لابد من الإشارة إلى تنامي أعداد الطلبة القادمين من آسيا للدراسة في الولايات المتحدة. ومعظم هؤلاء يفضل البقاء في الأخيرة للعمل والإقامة بعد تخرجه. إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن من بين كل عشر طلاب جامعيين آسيويين في الولايات المتحدة، هناك ست طلاب يفضلون عدم العودة إلى بلدانهم، والإقامة بدلا من ذلك في إمريكا. وتشير الدراسة إلى أن الطلبة الآسيويين (سواء أولئك الذين ولدوا في الولايات المتحدة أو الذين هاجروا إليها مع أسرهم) حصدوا نحو 45 بالمئة من إجمالي شهادات الدكتوراه الممنوحة في الهندسة من الجامعات الإمريكية في عام 2010، و38 من إجمالي شهادات الدكتوراه في الرياضيات أو علوم الحاسوب، و30 بالمئة من إجمالي شهادات الدكتوراه في الفيزياء الممنوحة في العام ذاته.
والجدير بالذكر في هذا المقام أن الأمريكيين من أصول آسيوية يشكلون نسبة 6 بالمئة من إجمالي الشعب الإمريكي (أو 14.5 مليون نسمة)، ومعظم هؤلاء ولد خارج الولايات المتحدة في دول مثل اليابان والصين وتايوان وفيتنام والفلبين وكوريا الجنوبية، لكنه حصل على الجنسية الإمريكية لاحقا، وتطبع بالطباع والثقافة الإمريكية بسبب الإقامة والدراسة والإندماج في المجتمع الإمريكي. ومن بين الإمريكيين الآسيويين أسماء لامعة حققت للولايات المتحدة الصدارة والريادة في عدد من الحقول مثل الطب وعلوم الفضاء وتقنية المعلومات والرياضة والميديا والأدب والموسيقى والتمثيل والإخراج السينمائيين وعروض الأزياء وتصميمها، ناهيك عن أولئك الذين برزوا بسبب إكتشافاتهم في الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب وعلمي الجينات والجزيئات المتناهية الدقة (النانوتكنولوجي)، فحصدوا للولايات المتحدة جوائز نوبل العالمية في الأعوام 1957 و1968 و1976 و1983 و1987 و1997 و1998 و2008 و2009.
وبحسب ما هو ثابت في المصادر التاريخية فإن أول من إستوطن الولايات المتحدة من الآسيويين هم مجموعة من الفلبينيين الذين أسسوا في عام 1763 مستوطنة لهم في ولاية لويزيانا تحت إسم "سانت مالو"، وذلك بعد فرارهم من سفن إسبانية بسبب سؤ معاملة ربابنتها لهم، ومن ثم إقترانهم بفتيات أمريكيات.
وحينما ضمت الولايات المتحدة جزر هاواي إلى أراضيها في عام 1898 صار كل متواجد في الأخيرة أمريكيا وذلك بموجب التعديل الدستوري الرابع عشر الذي نص على منح الجنسية الإمريكية لكل شخص مولود على التراب الإمريكي بغض النظر عن عرقه أو لونه أو أصله. وقد شمل هذا كل الصينيين الذين حطوا رحالهم في هاواي في عام 1778 ، وكل من تبعهم لاحقا من اليابانيين والكوريين والفلبينيين الذين قدموا للعمل في مزارع السكر، فتزوجوا وتكاثروا.
أما الموجة الأولى من المهاجرين الآسيويين إلى الأراضي الإمريكية فقد حدثت في القرن التاسع عشر حينما قدم إلى الأخيرة مهاجرون صينيون ويابانيون كثر تحت ضغط ظروف بلدانهم الإقتصادية البائسة وقتذاك، فعملوا في قطاع الإنشاءات وبناء السكك الحديدية، متخذين من الساحل الغربي الإمريكي مركزا لتجمعهم، في مقابل تمركز المهاجرين القادمين من أوروبا في مدن الساحل الشرقي. ورغم الفارق الكبير في أعداد أولئك وهؤلاء فإن المخاوف وقتذاك من تزايد أعداد الآسيويين مع مرور الوقت ومنافستهم للعرق الأبيض جعلت السلطات تصدر قوانين للحد من الهجرة الآسيوية. وبطبيعة الحال زادت السلطات الإمريكية من تشددها حيال المهاجرين الآسيويين القادمين من اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وحيال المهاجرين القادمين من الصين بعد نجاح الشيوعيين الحمر في دحر خصومهم الوطنيين الكومينتانغ وإستيلائهم على مقاليد السلطة في بكين. لكن ذلك التشدد إنتهى بصدور قانون "هارت سيلر" لعام 1965 الذي أوصى بإزالة الكثير من العوائق أمام عملية لم شمل العائلات الآسيوية المتناثرة ما بين الولايات المتحدة والوطن الأم، وخصوصا إذا كان طالب الهجرة الآسيوي من ذوي الكفاءات العلمية، الأمر الذي ساهم في إرتفاع أعداد من يعرفون بـ "أميريكان إيشيان"، وهو مصطلح دخل الأدبيات الإمريكية منذ مطلع السبعينات فقط على يد بعض الأكاديميين من أمثال المؤرخ الإمريكي من أصل ياباني "يوجي آتشيوكا"، كبديل لمصطلح "أورينتال"
ومن الملاحظات الجديرة بالإهتمام هو أن معظم المهاجرين الآسيويين الجدد إلى الأراضي الإمريكية خلال العقود الأخيرة كان من دول شبه القارة الهندية، وخصوصا من الهند التي يأتي منها أكبر نسبة من المهاجرين غير الشرعيين (بلغ عددهم 270 ألف مهاجر غير قانوني في عام 2009 ).
د.عبدالله المدني
* باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: أغسطس 2012
البريد الإلكتروني:
elmadani@batelco.com.bh

عن بعض مظاهر محنة اليسار العربي وافاق المستقبل/ شاكر فريد حسن

شهدت الحياة الفكرية العربية في العقدين الاخيرين ضعفاً وانحساراً ملحوظاً لنشاط وعمل التيارات الايديولوجية اليسارية والأحزاب التقدمية والدمقراطية ، بفعل سقوط وانهيار التجربة الاشتراكية ونتيجة الملاحقات السياسية والارهاب الأصولي والقمع الفكري الممارس من السلطتين السياسية والدينية ضد الأوساط والقوى والنخب الفكرية العلمانية والطليعية المسلحة بالعلم والثقافة والوعي، والمؤمنة بالتغيير،  والمطالبة بالدمقراطية والحرية، والمقاتلة بلا هوادة دفاعاً عن العقل وكبرياء الفلسفة وشرف الانسان وكرامته وحريته .
هنالك تحريم وكبت للحريات الدمقراطية وتغييب لاشراقة العقل وللفلسفات التنويرية وتدمير للكيان الثقافي والسياسي للانسان والمجتمع العربي، وثمة انبعاث للصراعات الاقليمية والعشائرية والطائفية وللنزعات اللاعقلانية ، وكذلك صعود مذهل للموجة الدينية الأصولية المتطرفة والقوى المتعصبة والمتشددة المعادية والمناهضة للعقل ، واندثار للقيم الثقافية والثوابت الوطنية والثورية وتكريس التبعية للامبريالية الامريكية. والسؤال المطروح: كيف نتعامل ونتعاطى مع هذه التفاعلات والأوضاع الراهنة على ضوء تراجع قوى اليسار في الوطن العربي وتنامي الأصوليات الدينية المتطرفة؟!
باعتقادي انه لا مستقبل بدون الفكر العقلاني العلمي والدمقراطي الانعتاقي المتنور في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وعلى جميع التيارات والاتجاهات والمذاهب الفكرية اليسارية في عالمنا العربي القيام بمراجعة نقدية للذات وقراءة جدلية صحيحة للواقع السياسي وتناقضاته، والاستفادة من التجربة الماضية والعمل على احداث نهضة حديثة ،  وتجديد الفكر السياسي والاجتماعي والرؤية الثورية بحيث يتلازمان مع معطيات المجتمع . هذا بالاضافة  الى دراسة تراثنا الثقافي والاجتماعي والديني والالمام به واستيعابه نقدياً ، وتنمية قدراتنا الابداعية والخلاقة الذاتية واعتماد نهج عقلاني وحضاري بمنظار تقدمي وعلمي ، وبناء حضارة عربية تجمع بين الأصالة والتراث القديم والثقافة النقدية ومكتسبات الحضارة الانسانية العالمية. وزيادة على ذلك تشكيل حصانة فكرية وثقافية ضد السلبيات والأفكار الانهزامية والثقافة المتعولمة ، والتمسك بالمواقف القومية والطبقية والثقافية والفكرية عدا عن الانغماس أكثر بالبيئة والجذور الشعبية ونبض الناس والتفاعل مع همومهم وعذاباتهم اليومية الى جانب الاستمرار في طرح البديل الثوري التقدمي والتغييري المستقبلي الشمولي ، الذي يبدد الجهل ويكسر الاستبداد ويواجه القهر والاضطهاد والظلامية ويلبي طموحات وحاجات الجماهير والفئات الشعبية المسحوقة الكادحة بالحياة الانسانية الرغيدة الهانئة والكريمة تحت سقف المجتمع المدني الدمقراطي والحضاري.

كلمة حق في زمن الضلال : ماذا قدم مبارك لمصر 6؟/ سلوي أحمد‏

كنا قد بدأنا في المرات السابقة بالحديث عن انجازات الرئيس مبارك في القطاعات الخدمية وتحدثنا  عن قطاع السياحة وقناة السويس وقطاع الطاقة الذي  تناولنا من خلاله الحديث عن نوع من أنواع الطاقة وهو الكهرباء والانجازات التي تمت في هذا القطاع .

واليوم نستكمل ما بدأناه ونواصل الحديث عن القطاعات الخدمية والانجازات التي تمت فيها وسوف اتناول هذه المرة قطاعا هاما من القطاعات الخدمية وهو قطاع الصناعة الذي يعد من القطاعات المحورية في الاقتصاد المصري لدوره في تنمية التجارة الخارجية ودعم الناتج المحلي وتوفير حاجات المواطنين من السلع المختلفة  .

فقد ارتفعت الاستثمارات المنفذة بقطاع الصناعة خلال الفترة من 81- 82 : 2004- 2005 لتتجاوز 160 مليار جنيه و تم تخصيص أكثر من 33 مليار جنية لقطاع الصناعة في خطة    2006- 2007  كما شهدت الفترة من   81 : 2006 زيادة عد المشتغلين بقطاع الصناعة والتعدين حيث ارتفعت الأعداد من 1388 ألف مشتغل عام 81 إلي نحو 2,4 مليون مشتغل عام 2005- 2006 .

وقد شهدت الفترة من 81  :  2006 تطورا ملحوظا في قطاع الصناعة نجم عنه تحقيق العديد من الانجازات فيما يلي توضيح لجزء منها :
- زيادة عدد المناطق الصناعية من 20 منطقة إلي 90 منطقة , وزيادة عدد المصانع المنتجة إلي  3222منشأة صناعية عام 2005 .
- شهد عام 2004- 2006 إصدار موافقات لعد 2109 منشأة صناعية باجمالي استثمارات 7,2 مليارات جنيه والتي من خلالها ستم توفير نحو 46 ألف فرصة عمل جديدة بأجور سنوية 374 مليون جنية إنتاج تصل قيمته إلي 16,6 مليار جنيه .
- تم إصدار قاعدة بيانات صناعية تضم 11261 منشأة صناعية و3318 منتجا صناعيا .
- تم تنفيذ برنامج تحديث الصناعة المصرية في إطار اتفاقية الشراكة الاوربية بتكلفة 427 مليون يورو يساهم الاتحاد الاوربي بمنحة تقدر بنحو 250 مليون يورو بنسة 59%من جملة تكلفة البرنامج
وقد شهد عام 2004- 2005 تعديل مسار البرنامج لتتولي مصر تنفيذ البرنامج بشكل كامل بباقي المنحة وقدره 175 مليون يورو وقد تم تحديث 3400 منشأة عام 2005- 2006 والبدء في تحديث 3400 منشأة أخري عام 2006 - 2007 .
- شهد عام 2005 - 2006 بدء إنشاء نحو 1355 مشروعا في مجالات الصناعة الغذائية والنسيج والملابس والصناعات الكيماوية والصناعات المعدنية باستثمارات تقدر بنحو 6,6 مليارات جنيه .

أما عن الإنتاج الكمي الصناعي وبالمقارنة بين عام 81 - وعام 2005 فقد تحققت عدة انجازات فيما يلي توضيح لجزء منها :
- إرتفاع الإنتاج من السكر المكرر من حوالي 692,7 ألف طن إلي حوالي 1645 ألف طن .
- إرتفاع الإنتاج من الأسمدة الأزوتية من حوالي 518 ألف طن إلي نحو 10810 ألف طن .
- إرتفاع  من لإنتاج من حديد التسليح من حوالي 354,5  ألف طن إلي نحو 4954 ألف طن .
- إرتفاع الإنتاج من سيارات الركوب من عدد 16373 سيارة ليصل إلي 34786 سيارة .
- إرتفاع الإنتاج من الالو منيوم المدرفلات من نحو 140,5 ألف طن إلي نحو 269,3 ألف طن .
إرتفاع الإنتاج الفعلي من الاسمنت من 14.9 مليون طن عام 91-92 إلي نحو 34,3 مليون طن عام 2005 .

كانت هذه قراءة لاهم انجازات الرئيس مبارك في مجال الصناعة كما  جاءت في كتاب مصر مبارك والذي يتحدث  عن اهم انجازات الرئيس مبارك  في الفترة من عام 1981 وحتي عام 2006 ولاشك ان ما ذكر هو قليل من كثير مما قدمه هذا الرجل لمصر عبر رحلة استمرت ثلاثين عاما هي فترة حكم الرئيس مبارك التي سيشهد لها التاريخ بانها من ازهي الفترات التي مرت بها البلاد بما حملته من انجازات شملت كافة القطاعات , فتحية لهذا الزعيم الكبير الذي ستثبت الايام انه احب مصر وشعبها وقدم من اجلهما الكثير .

واكتفي بهذا القدر من القراءة في كتاب مصر مبارك علي ان اعود واستكمل معكم في المرات القادمة باذن الله وإلي أن يحين الموعد استودكم الله .
 

المصدر كتاب \ مصر مبارك .
انجازات الرئيس مبارك في 25 عاما

شهر العسل بين حماس والأردن/ د. مصطفى يوسف اللداوي

يتساءل كثيرون عن أسس العلاقة الجديدة بين الأردن وحماس، وما الذي استجد حتى يعود الدفء إلى علاقتهما الباردة حيناً والمتصادمة أحياناً، وهي التي مرت في كثيرٍ من المطبات والأزمات الكبيرة، تخللها ملاحقاتٌ وتضييقاتٌ أمنية، واعتقالاتٌ ومحاكماتٌ وطردٌ ومنعُ دخولٍ إلى البلاد، وتنسيقاتٌ أمنية أضرت بأمن وسلامة الحركة، وعرضت العديد من عناصرها إلى الاعتقال والملاحقة داخل الأرض المحتلة، ولم تستثن عمان في منهجها الأمني الشديد قيادات الحركة الأولى ورموزها الكبار، إذ طردت في العام 1995 موسى أبو مرزوق وقد كان رئيساً للمكتب السياسي للحركة، ولم تمهله سوى أيامٍ قليلة للمغادرة، فكانت النتيجة أنه أعتقل في الولايات المتحدة الأمريكية لسنتين، فقد خلالهما منصبه رئيساً للمكتب السياسي للحركة لصالح خالد مشعل، وعلى الرغم من أن الملك حسين توسط للإفراج عنه من سجنه واستقبله في عمان، إلا أن هذه المكرمة الملكية لم تمنع خليفته من بعده من طرد أبي مرزوق ورئيس المكتب السياسي وعددٍ آخر من أعضاء المكتب، ما أدخل العلاقة بين الأردن والحركة في نفقٍ معتمٍ لسنواتٍ طويلة.
فهل تغيرت السياسة الأردنية تجاه حركة حماس، ورأت أن سياسة التصادم والمنهج الأمني الذي اتبعته معها لسنواتٍ طويلة لم يعد يجدي نفعاً، وأنه أضر بمصالحها أكثر مما أفادها ونفعها، وأن احتواء حماس أفضل من التصادم معها، وأن إيواءها أسلم من طردها، وأن التعامل معها أكثر نفعاً من القطيعة معها، وأن وجودها في عمان يسهل مراقبتها ومتابعتها بل والتأثير عليها، بينما وجودها في عواصم أخرى يزيد في قوتها، ويجعلها عصية على الاحتواء والتأثير، أم أن المطلوب من عمان أن يكون لها دورٌ في المرحلة القادمة، تساهم فيه في زيادة الأعضاء المنتسبين إلى معسكر الاعتدال، فاستغلت الظرف وانتهزت الفرصة، لتعرض على حماس العودة والإيواء مقابل شروطٍ تريدها وأهدافٍ وضعتها. 
أم أن عمان وجدت أن حماس أقدر على إقناع حركة الإخوان المسلمين في الأردن، والتأثير على قراراتهم الداخلية المتعلقة بالتعديلات الدستورية والانتخابات التشريعية والمظاهرات الشعبية، إذ شعرت أن الربيع العربي غير بعيدٍ عنها، وأن ما أصاب غيرها قد يصيبها، وما لحق ببعض قادتها قد يلحق بهم أيضاً، إذ لا عصمة لأحد ولا ضمانة لبلد، فرأت أن حماس هي صمام الأمان ومفتاح السلامة، وأن إعادة الدفء إلى العلاقة معها يخفف من غضبة الإخوان وينسيهم بعض مواقفهم المتشددة، لحبهم لحماس، وحرصهم عليها، وخوفهم على قيادتها بعد خروجها من سوريا إثر الأحداث الدامية فيها، فقد يتنازل الإخوان المسلمون عن بعض مطالبهم إكراماً لحماس، وإيواءً لقيادتها، وحمايةً لأبنائها والمنتسبين إليها.
كثيرةٌ هي المكاسب الأردنية جراء إعادة علاقاتها بحركة حماس، فهي تتحصن بها ضد الوطن البديل الذي ترفضه حركة حماس وتخشاه عمان، وبها قد تخلق حالة توازن في تعاملها مع القوى الفلسطينية الأخرى، وقد تضبط معها الأداء الفلسطيني في الأردن ليكون فلسطينياً صرفاً لا علاقة له بمطالب الشارع الأردني، وبوجود حماس في عمان تعود فتتميز، ويكثر زوارها ومخاطبوها الدوليون، الذين ينشدون عندها الوساطة ونقل الرسائل وتبين الحقائق، وقد يطلبون منها ما لا يقوون على القيام به وحدهم أو بصورة مباشرة، وعلى قدوم حماس هلت البشائر العربية على الأردن استثماراً وإيداعاً ووعوداً بمزيدٍ من المساعدات والتسهيلات، والأهم من ذلك أن عمان لا تستطيع تجاهل تنامي قوة حركة حماس، وتعاظم نفوذها، وامتداد قوتها، وفوز حلفائها، فهي لم تعد فقط حكومة فلسطينية، بل أصبحت مثالاً عربياً يحتذى، ومفتاحاً قوياً لكثيرٍ من الأنظمة الجديدة والقوى الصاعدة، وبوابة لنيل رضا القادمين، والتأثير على الوافدين.
أما حماس فحاجتها إلى الأردن كبيرة، وقد تمنت قديماً وما زالت ألا يكون بينها وبين عمان أي أزمة، انسجاماً مع سياستها مع كل الأنظمة العربية والإسلامية، فثوابت الحركة حرصٌ على قوة العلاقة مع الدول العربية والإسلامية، وألا تدخل في شؤونها الداخلية، وحفاظٌ على أمنها وسلامتها، والأردن هو أرض الحشد الفلسطيني، وهو المطل على الضفة الغربية التي تحمل بذور مستقبل الصراع مع الكيان الصهيوني، كما أن قيادة حماس في أمس الحاجة إلى مقرٍ آمن، وقاعدة متقدمة، ودولة حاضنة، تعوضها عن بعض ما فقدته، وتحقق لها الاستقرار والتميز الذي تنشده، فإن كانت غزة قد وجدت في مصر موئلاً وساحةً آمنة، فإن الشق الآخر من الوطن بحاجةٍ إلى أرضٍ قريبة، وحاضنةٍ دافئة، تبقي على جذوة الصراع مع الكيان الصهيوني، وتحقق الترابط والتواصل مع الأهل في الضفة الغربية المحتلة، وتحدث التوازن المطلوب بعد التفوق المفقود.
لا شك أن الطرفين في حاجةٍ إلى بعضهما البعض لتطابق الأهداف أو تقاطعها، وقد جاء قرارهما بإعادة الارتباط من جديد اقتناعاً أو إغراءً، طوعاً أو كرهاً، فألزمهما بإعادة نسج خيوط علاقتهما من جديد، رغم أن لكلٍ منهما أجندته الخاصة وأهدافه الذاتية التي يطمح لتحقيقها من خلال إعادة وصل ما انقطع، وربط ما انفك من علاقاتٍ قديمة، ولكن ألا تخشى حركة حماس انقلاب العلاقة وتغير موازين القوى وانتهاء الحاجة وانعدام المنفعة المرجوة، وهل تضمن ألا تطرد قيادتها مرة ثالثة من عمان، فينتهي شهر العسل، وتنقضي الأيام الحلوة، وتعود عمان مع الحركة لعادتها القديمة، وقد صدق الأولون "كيف أصدقك وهذا أثر فأسك".

الصراع على الرئاسة الأميركية/ صبحي غندور


أشهرٌ قليلة تفصل الولايات المتحدة عن موعد الاستحقاق الانتخابي في نوفمبر القادم، حيث ينتخب الأميركيون رئيساً ونائباً له (كل أربع سنوات)، كما ينتخبون كلّ أعضاء مجلس النواب (كل سنتين)، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (كل ست سنوات)، وعدداً من حكّام الولايات الخمسين، إضافةً لانتخاباتٍ عديدة في داخل كل ولاية. وبإعلان رومني (مرشّح الحزب الجمهوري) لاسم نائبه ريان، تدخل حملات معركة الرئاسة الأميركية في أسابيعها الحاسمة حيث أصبح واضحاً الآن للأميركيين الخيارات المتاحة أمامهم.
وسنجد في الحملات الانتخابية القادمة تنافساً على أشدّه بين أوباما وريان أكثر منه تنافساً مع رومني، ففي الفترة الماضية كانت استطلاعات الرأي تتصاعد لصالح أوباما ضدّ منافسه رومني بسبب ضعف شخصية هذا المرشح الجمهوري الذي ذكّر الأميركيين بالرئيس السابق جورج بوش الإبن، إضافةً إلى تأثيرات الإعلانات الإعلامية السلبية الموجّهة من حملة أوباما. لكن دخول عضو مجلس النواب من ولاية وسكنسون بول ريان في التذكرة الانتخابية لرومني سيزيد الآن من حرارة التنافس وسيُظهر بوضوح التباينات الحاصلة الآن في المجمتع الأميركي على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والدينية، إضافةً إلى الانقسام التقليدي المعروف بين "الديمقراطيين" و"الجمهوريين".
وستكون من مفارقات هذه الحملات الانتخابية التنافس عملياً بين رئيسٍ حالي شاب ومثقّف وخطيب مؤثّر، وله برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي الواضح، وبين مرشّح لموقع نائب الرئيس يتمتّع بالمواصفات ذاتها، لكن من موقع سياسي معاكس تماماً. أيضاً، من المفارقات في هذه المعركة الانتخابية الرئاسية الأميركية عدم وجود مرشّح للرئاسة أو لنائب الرئيس من الولايات الجنوبية الأميركية، وبأنّ ثلاثةً من المرشحين الأربعة هم من غير طائفة غالبية الأميركيين (البروتستانت)، بينما المرشح الرابع (أوباما) هو من أبٍ مسلم وما زال حوالي خمس الأميركيين يعتقدون أنّه مسلم أيضاً!!.
كذلك، من المهم التوقّف عند ما أعلنه رومني بأنّ اختياره لاسم المرشح لمنصب نائب الرئيس (ريان) كان فور انتهاء جولته الخارجية، والتي شملت زيارته لإسرائيل وجمع تبرعات لحملته هناك، وحيث تحدّث فيها عن توافقه الكامل مع مواقف نتنياهو في أمور عديدة.
إنّ المعركة الانتخابية الرئاسية الأميركية هي الآن بوضوح معركة بين نهجين مختلفين في قضايا كثيرة داخلياً وخارجياً. وستبرز في هذه الحملات الجارية عناوين القضايا المختلَف عليها فعلاً داخل المجتمع الأميركي، والتي هي تعكس الصراعات الدائرة منذ وصول أوباما إلى سدّة الرئاسة بين قوى التأثير والضغط التي تقف عادة مع هذا الحزب أو ذاك تبعاً لمدى تمثيل مصالحها في برنامج كل مرشح. لكن أيضاً ستظهر في انتخابات نوفمبر القادمة جدّية الانقسامات الأيديولوجية والاجتماعية لدى الأميركيين وأولويّة مفاهيم دينية واجتماعية في معايير الكثير منهم لدعم أي مرشح.
فما حدث في الانتخابات النصفية الأميركية الأخيرة عام 2010 كان بمثابة "حركة تصحيحية" للانقلاب الثقافي الذي حدث في أميركا من خلال انتخاب الرئيس باراك أوباما في العام 2008، وما رمز اليه انتخاب أوباما من معانٍ هامة في مجتمع أميركي كان قائماً على أصولية "أوروبية – بيضاء- بروتستانتية"، وعلى عنصرية ضدّ الأميركيين الأفارقة واستعبادٍ لهم لقرون طويلة. فالرئيس أوباما هو أميركي أسود ابن مهاجر حديث ومن أصول دينية إسلامية لجهة والده. وقد حصلت تلك الانتخابات النصفية في العام 2010، وستحصل الآن في نوفمبر القادم، في ظلّ اشتداد الحملات ضدّ الإسلام والمسلمين وضدّ المهاجرين الجدد لأميركا. وإضافةً للعامل الاقتصادي، فإنّ ثلاثة عوامل ستؤثّر الآن في الحملات الانتخابية، وقد لعبت دوراً حاسماً منذ سنتين في فوز "الجمهوريين" بأغلبية مجلس النواب وبمقاعد إضافية في مجلس الشيوخ:
1 – عامل العنصرية الثقافية والعرقية والدينية الذي ينمو ويكبر منذ فوز أوباما بالرئاسة.
2 – عنصر المال والدعم الكبير لمرشّحي الحزب الجمهوري والتيار المحافظ فيه من قبل مجموعات عديدة من الشركات والمصارف وقوى الضغط التي تضرّرت من قوانين الرعاية الصحية والرقابة على المصارف ومن الضرائب، إضافةً إلى دور قوى الضغط المؤيّدة لإسرائيل. وقد ساهم في تعزيز دور المال بالعملية الانتخابية قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم تحديد سقف مالي للتبرعات للمرشحين، وبحق عدم نشر أسماء المتبرّعين.
3- عامل التوحّد والتنظيم والمشاركة بالتصويت لدى المعارضين لأوباما مقابل تفرّق المؤيدين له وتوزّعهم على اتجاهات وأقليات مختلفة وغير متحمّسة حتى الآن، كما كانت في العام 2008.
وبغضّ النظر عن المنافسة الحاصلة الآن بين رومني/ريان وأوباما/بايدن من أجل الفوز بانتخابات الرئاسة، فإنّ الصراع الحقيقي في الانتخابات الأميركية سيكون بين معسكرين من الشركات والمؤسسات الكبرى التي تقوم عليها الحياة السياسية الأميركية. وقد نشأت لبنات هذا الصراع الحاصل الآن بين "معسكريْ النفوذ" في أميركا مع نهاية عقد الثمانينات حينما انهار الاتحاد السوفييتي وسقطت معه حقبة الحرب الباردة التي تعاملت معها كل مواقع النفوذ بالمجتمع الأميركي وكأنّها حرب مستمرّة إلى أجلٍ غير محدّد زمنياً.
فالتحوّل الذي حدث بعد سقوط المعسكر الشيوعي أنّ المجتمع الأميركي بدأ يشهد فرزاً بين المستفيدين سابقاً من "الحرب الباردة" ومن "الحروب الساخنة" المتفرّعة عنها في بقاع العالم، وبين مجموعات أخرى في أميركا وجدت مصلحةً في إشاعة مناخ "العولمة" ومحاولة تثبيت الريادة الأميركية للعالم عبر التحكّم بالتجارة العالمية وأسواق المال وصناعة التكنولوجيا وفق نظرية أنّ العالم هو "قرية صغيرة واحدة"!
هذا المعسكر "المالي/التجاري/التقني"، الذي يمكن تسميته اختصاراً بمعسكر "السلام"، يجد في الحزب الديمقراطي مظلّةً لمفاهيمه وأجندته، بعدما كان معسكر "صناعة الحروب والنفط" قد انخرط مع الحزب الجمهوري في حقبة ريغان وما تلاها من عهد جورج بوش الأب، وهي حقبة شهدت طيلة 12 عاماً تصعيداً شاملاً في الصراع مع الاتحاد السوفييتي وحروباً ساخنة امتدّت من أفغانستان إلى إيران والعراق ومنطقة الخليج، إلى الغزو الإسرائيلي للبنان، ثمّ إلى حرب الخليج الثانية وتداعياتها الإقليمية، وهي حروب أثمرت كلّها نموّاً هائلاً في صناعة وتصدير الأسلحة وأدّت إلى التحكّم بالثروة النفطية وتوظيف ارتجاج أسعارها صعوداً وهبوطاً وتجارة.
وقد نجح معسكر "السلام" في إيصال بيل كلينتون للرئاسة الأميركية، فكانت حقبة التسعينات هي حقبة "العولمة" وانتعاش الاقتصاد الأميركي والتجارة العالمية، بينما انخفضت في هذه الفترة ميزانية الدفاع الأميركي وعوائد شركات الأسلحة والنفط والصناعات الحربية. كذلك كانت حقبة كلينتون (1992-2000) متميّزة بسعيها لتحقيق تسويات سياسية للصراع العربي/الإسرائيلي، بينما طغت الحروب على سمات حكم الحزب الجمهوري في الثمانينات وفي العقد الأول من القرن الحالي.
وليست صدفةً أن تكون محصّلة كل المعلومات والتحقيقات، التي جرت بشأن أحداث 11 سبتمبر 2001، قد أكّدت عدم قيام إدارة بوش بأي إجراءات لمنع حدوثها، وبأنّها استفادت من هذه الأحداث لتحقيق أجندة تقوم على تغيير السياق الذي عاشته أميركا والعالم خلال حقبة كلينتون، ولتُحرِّك من جديد كل عناصر التأزّم والصراع في قضايا عالمية عديدة، وفي صراع دولي جديد عنوانه "الحرب على الإرهاب"، وهو صراع قالت عنه إدارة بوش إنّه مفتوح زماناً ومكاناً!! فكانت محصّلة فترتيْ "بوش الابن" تضخّماً كبيراً في عائدات أرباح مصانع الأسلحة وشركات النفط!!.
لذلك، أجد أنّ هذه السنة الانتخابية هي سنةٌ حاسمة ومهمّة جداً في إطار الصراع بين "المعسكرين" وحول من سيهيمن على مراكز صنع القرار الأميركي في "البيت الأبيض" وفي مجلسي الكونغرس، علماً أنّ "كل الأسلحة" مستخدمة في هذا الصراع من مالٍ وإعلام وإثارة لحساسيات دينية وعرقية وثقافية وتمايزات لمفاهيم اجتماعية. أيضاً، فإنّ الأسابيع القادمة حبلى بتطوّرات سلبيبة عديدة في الشرق الأوسط ترتبط بأوضاع سوريا ولبنان وفلسطين والعراق ومصر، وبمصير التهديدات الإسرائيلية لإيران. وواشنطن معنيّة بتفاصيل ونتائج هذه التطوّرات في ظل نموّ الدورين الروسي والصيني وتصادمهما مع السياسة الأميركية.
إنّ حجم الاستقطاب الإقليمي والدولي الحاصل الآن في الأزمات العربية الداخلية عطّل ويعطّل الإرادات المحلّية وقرارها المستقل، لكن ستقرّر هذه الأزمات مصائر شعوب المنطقة وكل القوى الدولية الفاعلة فيها، فمن سينتظر ماذا الآن، وهل سيتمّ توظيف هذه الأزمات في الصراع على الرئاسة الأميركية أم ستؤجّل واشنطن قراراتها الحاسمة لما بعد انتخابات نوفمبر؟!
*مدير "مركز الحوار العربي " في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

مصر ومأساة فلسطينيي غزة/ابراهيم الشيخ

لم يمر سوى بضعة ايام على احداث مخيم اليرموك اكبر تجمع فلسطيني في سوريا، حاولت بعض الاطراف الزج بالفلسطينيين في اتون الصراع الدائر الذي ينأون بنفسهم عنه حتى أتى هجوم سيناء الاسبوع الماضي على الجنود المصريين وقبل معرفة المنفذين ومن يقف وراءهم حتى إتُهمت اطراف فلسطينية به.
ان مصر ابان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك تعاملت مع الفلسطينيين على انهم خطر على امنها، وعانى الفلسطينيون الكثير حيث تم منعهم من السفرعبر معبر رفح واقفال هذا المعبر لأيام عديدة في بعض الاحيان امام الناس العالقين الذين عانوا البرد والحر والنوم في الموانئ المصرية  او في العراء دون الشعور بهموم هؤلاء البشر وذلك استجابة وارضاءا للمطالب الاسرائيلية.
احداث سيناء الأخيرة ادت الى اغلاق معبر رفح وحصار حوالي المليونين شخص بدون ابداء اسباب منطقية وخاصة وان السلطات المصرية لم تتهم اي جهة فلسطينية بالوقوف وراء هذه الجريمة، وكل ما اعلن هو اتهام عناصر متطرفة تنشط في سيناء ولم تفصح السلطات المصرية  حتى الأن ما هي جنسياتها ومن يقف وراءها.
 يبدو ان غزة  واهلها مقبلين على وضع  مجهول المعالم بعد اغلاق الانفاق التي كانت بمثابة شريان الحياة، وستكون السلطات المصرية  في الفترة المقبلة امام خيارين، اما فتح معبر رفح باستمرار وتسهيل حياة الفلسطينيين من والى قطاع غزة واغلاق الانفاق او استمرار معاناتهم في هذا السجن الكبير الذي خلقه الاحتلال الاسرائيلي ما بين فتح واغلاق حسب الاوضاع الامنية، وهذا كله بالطبع يصب في المصلحة الاسرائيلية التي تريد من مصر زيادة الضغط على حركة حماس وعدم فك الحصار عن قطاع غزة.
ان فتح معبر رفح امام  الحالات الانسانية كما كان متبعا في ظل النظام السابق لهو دليل على ان السياسة ذاتها ما زالت متبعة في ظل مصر الثورة، الفلسطينيون يتطلعون بأمل الى التغييرات التي حصلت في مصر ويأملون ان تتغير الاجراءات التعسفية التي كانت متبعة في الماضي.
 تحاول حركة حماس من جهتها اصلاح الامور والتودد لدى لمصر بعدم معاقبة القطاع جماعيا وتتمنى فتح معبر رفح  لان اغلاقه قد يتسبب بأزمة انسانية في غزة.
الفلسطينيون بحاجة الى مصر وهم يعتبرونها الاخ الاكبر لهم، حتى في عهد النظام السابق الذي تأمر عليهم مع اسرائيل لم يأتوا بشيء يضر بمصلحة مصر وامنها القومي، ويرون في مصر ذخرالامة بثقلها السياسي وكذلك العسكري في اي صراع مسلح مع اسرائيل، ولكن مصر السادات وحسني مبارك الذي سار على نفس النهج هما اللذان  تأمرا على القضية الفلسطينية من خلال التوقيع على اتفافية كامب ديفد مع العدو الصهيوني، وذلك قبل حل القضية الفلسطينية واضعاف الامة العربية من خلال خروج مصر من دائرة الصراع الذي اعطى اسرائيل مقومات القوة لابتلاع وسرقة الاراضي في فلسطين وإطالة امد الصراع وعدم حل هذه القضية التي بدأت بفقدان قدسيتها.
  ظنت حماس انه بوصول مرسي سيكون الوضع في غزة افضل وسيفتح معبر رفح الا انها تبدو مذهولة من الرئيس مرسي وبدأت حماس بانتقاد سياسة الاغلاق التي اعلن عنها وزير داخلية حماس فتحي حماد الذي شبه ما يحصل الان من معاناة للفلسطينيين في غزة بما كان يحصل في عهد الرئيس المخلوع .
بالرغم من المأساة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في البلدان العربية فهو دائما متهم بما يحصل من احداث في هذه البلدان، وتتم معاقبة جماعية لكل الفلسطينيين اذا ثبت بأن اي فلسطيني قد ارتكب اي عمل مخل بالقانون، ففي لبنان يعيش الفلسطينيون في مخيمات محاصرة من قبل الجيش اللبناني في ظروف صعبة، وفي  سوريا من غير المعروف على ما ستؤول اليه اوضاعهم وكانوا قد اتهموا في بداية الأزمة زورا بأنهم وراء الاحداث، ودفع الفلسطينيون ثمن وجودهم غاليا في الكويت ومن ثم في العراق.
ابراهيم الشيخ
كاتب وصحفي فلسطيني
ielcheikh48@gmail.com