منَارُ الفدَِا/ حاتم جوعيه

("في الذكرى السنويَّة على وفاةِ القائد والشَّاعر "توفيق  زياد")  
(المغار - الجليل - فلسطين)

بكاكَ السُّهَى،والمجدُ، والفنُّ والشِّعرُ       رحيلكَ  ما  أقسَى  ولا مثلهُ   ِوزْرُ 
بكاكَ  النضالُ  الحُرُّ  يا   خيرَ  قائدٍ       ترفُّ على الأجيال ِ آمالُكَ  الخُضرُ
وقد  بدَّدَتْ  دُرَّ  الدُّموع ِ  يدُ  النّوَى       وَللبُعدِ أشجانٌ  يضيقُ  بها  الصَّدرُ
دَعَتكَ  قلوبُ  الكادحينَ   وأجهَشَتْ        وَقد  طابَ  منها السِّرُّ  للهِ  والجَهْرُ 
وَمُدَّتْ إلى الباري الأكُفُّ  ضَراعة ً       وقالَ  لهُنَّ  الحقُّ  قد  ُقضِيَ  الأمرُ 
رثاؤكَ  يُهدي  المَدحَ   حَقَّ   ثوابِهِ     إذا ضلَّ في أوصافِ َمنْ دُونكَ الشِّعرُ 
إليكَ   مَنارَ   المجدِ   أجملُ    باقةٍ         تتيهُ  على   الفنِّ   الجميل ِ  وَتأسُرُ
وما   العيشُ  إلا َّ  فترة ٌ  مُستعَارَة ٌ        ُتردُّ   ولكنَّ    الثناءَ    هُوَ    العُمرُ
مَلاتَ  الدُّنى  نفحَ  الكفاح ِ وسُؤدُدًا        فأنتَ  مدَى  التاريخ ِ  حلمٌ   مُعَطَّرُ
وَفجَّرتَ   فينا   كلَّ  عزم ٍ   وهِمَّةٍ        وَأترَعْتَ فينا  الفِكرَ  فالقلبُ  مُزهِرُ 
وِعُذنا  بذاكَ العَزم ِ فانهَزَمَ  الرَّدَى        َوُلذنا بذاكَ الصَّرح ِ فافرَنقعَ الذ ُّعْرُ
بناصِرةِ   الأحرار ِ  شعبٌ   مُفَولذ ٌ        أبيٌّ   مَدى  الأيَّام ِ ... فجرٌ    يُنوِّرُ   
هَنيئا ً  لشعبٍ  أنتَ   فيهِ   مُخَلَّدٌ ..         وَصِيتكَ   للأجيال ِ  مِسٌكٌ   وَعنبَرُ
وَناصرة ُ الأمجادِ  صرحُ  عرينِنا          تتيهُ   على  الدُّنيا   َسناءً    وتفخرُ
مصَابٌ  جليلٌ  ليسَ  يُسْلى  وإنَّما          سيبقى مَدَى الأعوام ِ  نارًا   ُتسَعَّرُ
بكاكَ  جميعُ  الناس ِ أهلٌ  وإخوَة ٌ          قلوبُهُمْ    نارٌ  ،   وأجفانُهُمْ    بَحْرُ
" وتوفيقُ  زيَّادٍ "   سَمَا   بنِضَالِهِ         على شرفاتِ المجدِ صوتٌ  يُزَمجِرُ
بتوفيق ِ  َزيَّادٍ    أنِيرَتْ    دُروبُنا          َوأشعِلَ فينا العزمُ ، والروحُ والفكرُ
مَنارَالفِدَا خُضتَ المَعَاركَ صامِدًا          لنيل ِ حُقوق ٍ، أمس ِ، قد شابَهَا هَدْرُ
وَضَحَّيتَ.. قدَّمتَ  النّفيسَ  لأهلِنا          وَلمْ تثنِكَ  الأهوالُ  والخطبُ  يزأرُ 
مَناقِبُكَ المُثلى  وَمَنْ  لم  يَدِنْ  بها          فإيمانُهُ     كُفرٌ    وَعرفانُهُ      نُكْرُ 
وَعزمٌ غدَا يرتاعُ من رُعبِهِ الرَّدَى         وَترفلُ   في  أردانِهِ  الفتكة ُ  البِكرُ   
لأجل ِحقوق ِالشَّعبِ لم تحن ِهامَة ً        وَأنتَ  إلى  أبنائِهِ   الشَّهدُ    والخمرُ 
سَمَوتَ على الخطبِ العَصِيبِ وَلمْ َتهُنْ        وَحَلَّقتَ في الجلَّى جَمُوحًا كما النّسْرُ 
وفي "برلمان ِ"الغُبْن ُِكنتَ مُناضِلا ً      وَتستلُّ  حَقًّا ... قد   نبَا   نابُهُ  الغدرُ 
تصَدَّيتَ  جَهْرًا   لليمين ِ  َورِجسِهِ        وَلاذتْ  بكَ  الأحرارُ  واندَحَرَ الشَّرُّ
وَفيكَ  اليَسَارُ  الحُرُّ  ألهِبَ  عزمُهُ        تحَدَّى الرَّزايا  وانجَلى الفَدفَدُ الوَعْرُ
َتركتَ  لنا    كنزًا   ثمينا ً   مُخَلَّدًا        وَأشعارُكَ  الغُرُّ  الحِسَانُ  هيَ  التَّبرُ
ُترَاثُكَ     يبقى   للشُّعوبِ   مَنارَة ً        َتتِيهُ   بهِ  الأنغامُ ،  والفنُّ ،  والفكرُ 
فقدناكَ  يا  رمزَ  النضال ِ  ورُكنَهُ        " وفي الليلةِ  الظلماءِ  يُفتقدُ البدرُ "
غيابُكَ   قد  أبقى   فراغًا  مُؤَرِّقا ً         وَمَنْ سَوفَ يُمليهِ  وقد  ُقصِمَ الظهرُ 
وَمَا  العيشُ  إلا  َّ فترة ٌ مُستعارَة ٌ         ُترَدُّ  ،   ولكنَّ   الثناءَ   هُوَ   العُمرُ  
وَذِكرُكَ   يبقى   كلَّما  لاحَ  بارقٌ         وَمَا  ناحتِ الورقاءُ  أو  َطلعَ  الفجرُ  

أكذوبة (ولاية الفقيه) ومقارعة ابن الحداد للعبيديين ومناظرتهم قبل 1200عام(2/3)/ محمد فاروق الإمام


ابن الحداد يواجه داعية العبيديين ويفضح أباطيلهم

خرج ابن الحداد لمناظرة أبي عبد الله الشيعي، وشيعه أهله وولده وهم يبكون، فقال لهم: لا تفعلوا لا يكون إلا خيراً، حسبي من له خرجت وعن دينه ذببت.
يقول ابن الحداد: أرسل ورائي الشيعي لعنة الله عليه، وما كنت آتي إليه إلا برسول، فدخلت إليه في قصر إبراهيم بن أحمد وحوله جماعة من أصحابه وجماعة ممن ينسب إليهم العلم من أهل بلدنا، فسلمت ثم جلست، فقال أبو عبد الله لإبراهيم بن يونس - وقد قيل له إن هذا الشيخ كان قاضياً على هذه المدينة - بأي شيء كنت تقضي؟
فقال له إبراهيم: بالكتاب والسنة.
فقال له أبو عبد الله: فما السنة؟
فقال له إبراهيم: السنة.. السنة…
قال أبو عثمان: فلما سمعته على قوله: السنة.. السنة…، قلت لأبي عبد الله: المجلس مشترك أو خاص؟
فقال: مشترك.
فقال أبو عثمان: أصل السنة في كلام العرب: المثال الذي يتمثل عليه، قال الشاعر:
تريك سنة وجه غير مقرفة … ملساء ليس بها خال ولا ندب
أي صورة وجه ومثاله:
والسنة محصورة في ثلاث: الائتمار بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه والإيتاء به فيما فعل.
قال الشيعي: فإن اختلف عليك فيما نقل إليك عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت السنة من طرق؟
فقلت له: أنظر إلى أصح الخبرين نقلاً فآخذ بأصحهما وأطلب الدليل على موضع الحق في أحد الحديثين ويكون الأمر في ذلك كشهود عدول اختلفوا في شهادة فلا بد من طلب الدليل على موضع الحق من الشهادتين.
فقال الشيعي: فلو استوا في الثبات؟
فقلت له: يكون أحدهما ناسخاً والآخر منسوخاً.
قال: فمن أين قلتم بالقياس؟
فقلت له: قلنا ذلك من كتاب الله عز وجل.
قال: فأين تجد ذلك؟
قلت: قال الله عز وجل في كتابه العزيز:
(يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم). فالصيد معلومة عينه، والجزاء الذي أمرنا أن نمثله بالصيد المعلومة عينه ليس بمنصوص فعلمنا بذلك أن الله تعالى إنما أمرنا أن نمثل ما لم ينص ذكر عينه: بالقياس والاجتهاد. ومنه قول الله عز وجل: يحكم به ذوا عدل منكم). فلم يكله إلى حاكم واحد حتى جعلهما اثنين: ليقيسا ويجتهدا.
فقال أبو عبد الله الشيعي: ومن ذوا عدل؟ . وأومأ أن (ذوا عدل) إنما هم قوم مخصوصون بنص الآية.
قال: فقلت: هم الذين قال الله عز وجل فيهم في آية المراجعة: (وأشهدوا ذوي عدل منكم). ومثل ذلك في تثبيت القياس قوله عز وجل: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم). والاستنباط غير منصوص.
ثم عطف على موسى القطان فقال له: أين وجدتم حد الخمر في كتاب الله تعالى؟
فقال له موسى: قال النبي صلى الله عليه سلم: "من شربها فاضربوه بالأردية. ثم إن عاد فاضربوه بالأيدي، ثم إن عاد فاضربوه بالجريد".
فقال له أبو عبد الله على النكير منه: ايش هذا؟ أقول لك: أين وجدتم حد الخمر في كتاب الله تعالى، تقول: اضربوه بالأردية ثم بالأيدي ثم بالجريد؟
قال أبو عثمان: فقلت له: إنما حد قياساً على حد القاذف لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى، فوجب عليه ما يؤول أمره إليه وهو حد القذف.
فقال لموسى القطان: أولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "أقضاكم علي"، فجعل موسى وهو ينص عليه الحديث "… وأعلمكم بحلال الله وحرامه معاذ، وأرأفكم أبو بكر، وأشدكم في دين الله عمر". رضي الله عنهم أجمعين.
فقال له الشيعي: وكيف يكون أشدهم في دين الله وقد هرب بالراية يوم حنين؟
فقال له موسى: ما سمعنا بهذا ولا نعرفه.
قال أبو عثمان: فقلت له: تحيز إلى فئة كما أنزل الله تعالى. قال الله عز وجل: (إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة) ، فمن تحيز إلى فئة كما أمر الله عز وجل فليس بفار.
فمال الشيعي بوجهه إلى بعض أصحابه فقال: أتسمع ما قال الشيخ، قال: انحاز إلى فئة كما أمر الله سبحانه.
فقال مجيباً - وهو يشير بيده - وأي فئة أكثر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان حاضراً ولم يتحيز إليه وكأنه تخافت في كلامه ويسمع من يليه.
فقلت: جاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "عمر فئة" فمن تحيز إلى عمر فقد تحيز إلى فئة.
فسكت، فحركه بعض أصحابه، وقال: ألا تسمع ما يقول الشيخ؟
فقال: صدق، أو نحو ذلك من القول سمعتها أنا منه ومن كان يليه.
ثم قال لأبي عثمان: هلا كان عندك من قول الله عز وجل حكاية عن نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله لأبي بكر (لا تحزن إن الله معنا) دلالة أن حزنه كان مسخوطا لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عنه.
فقال أبو عثمان: لم يكن قوله له إلا تبشيراً بأنه آمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نفسه معه مما كان يحذره من غلبة المشركين، وكان خوفه لما خاف من ذلك من أجل أنه لا يظهر على غيب ما تجري به مقادير الله عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي بغيب ما يكون قبل أن يكون فكان في قوله: (لا تحزن إن الله معنا) ما يبين أن الله معهما، بنصرته إياهما وذلك لا يكون إلا بوحي من الله عز وجل وقد بين الله تعالى إطلاعه أنبياءه المرسلين على غيبه بقوله: (فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول). فقال له أبو عبد الله: وهل تجد لهذا نظيراً من التنزيل: (لا تفعل) يراد به التبشير ولا يراد به النهي عن أمر مسخوط؟
فقال له أبو عثمان: نعم. قال الله عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام: (لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) لما خافا من فرعون أن يفرط عليهما أو أن يطغى، ولم يكن خوفهما يسخط الله عز وجل عليهما من أجله. لأنهما لو أديل لفرعون عليهما لكان في ذلك طغياناً لفرعون وتضعضعاً للدين وهما رسولان داخلان في معنى قوله تعالى: (إلا من ارتضى من رسول)، فأطلعهما الله عز وجل على غيب ما خافا كما أطلع محمداً نبيه صلى الله عليه وسلم على غيب ما يؤول إليه الأمر الذي خافه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، فصار قول الله عز وجل في أبي بكر شرفا لم يبلغه أحد بعده، فإن الله تعالى أنزل فيه وفي الأمر الذي خافه من التبشير بالأمن منه ما أنزل على موسى وهارون عليهما السلام.
فقال له أبو عبد الله: أفلا أوجب قول الله تعالى عند من سمعه: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) انقلاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟
فقال له أبو عثمان: لا، لأن معنا أفإن مات أو قتل أفتنقلبون على أعقابكم لأن معنى (أفإن مات): استفهام ومعنى (انقلبتم): افتنقلبون. والاستفهامان إذا جاءا في قصة واحدة اجتزئ بأحدهما عن الآخر. وهذا الاستفهام إنما هو في معنى التقرير بأن لا تنقلبوا على أعقابكم.
فقال له: فهل تجد في كتاب الله عز وجل نظيراً يكون من هذا دليلاً؟
فقال له: نعم. قول الله عز وجل: (أفإن مت فهم الخالدون) أي إنك إن مت فهم لا يخلدون، فلما التقى استفهامان أجزأ ذكر أحدهما عن الآخر، فكان لفظ الاستفهام من ذلك مراد به التقرير: (بأنهم لا يخلدون).
فقال أبو عبد الله: يا أهل المدينة إنكم تبغضون علياً.
فقال أبو عثمان: على مبغض علي لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكيف أبغض علياً وقد سمعت سحنون بن سعيد - وهو إمام أهل المدينة بالمغرب - يقول: علي بن أبي طالب إمامي في الدين أهتدي بهديه واستن بسنته وأقتفي أثره، رحمة الله عليه.
فقال أبو عبد الله: أراد أن يقول: صلى الله عليه، فرجع فقال: رحمة الله عليه.
فقال أبو عثمان - ورفع بها صوته - : نعم. صلى الله عليه وسلم، لأن الصلاة في كلام العرب: الرحمة والدعاء، قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحـــلاً … يارب، جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت، فاغتمضي … نوماً فإن لجنب المرء مضطجعــا
فالصلاة من الله رحمة ومن الآدميين دعاء، نعم فصلى الله على علي وفاطمة والحسن والحسين وعلى أهل طاعته أجمعين من أهل السماوات والأرضين.
فقال له أبو عبد الله: أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" أفليس علي مولاك ؟
فقال أبو عثمان: هو مولاي بالمعنى الذي أنابه مولاه، ومعنى مولاي: على الولاية في الدين لا مولى عتاقة، وذلك أن المولى في كلام العرب: الولي وابن العم والمعتق والمنعم عليه. قال الله عز وجل في ابن العم - حكاية عن زكريا عليه السلام - : (وإني خفت الموالي من ورائي) يريد به العصبة. وقال في ولاية الدين: (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم)، أي لا ولي لهم، وقال في المؤمنين: (بعضهم أولياء بعض) ، فعلي مولى المؤمنين بأنه وليهم، وهم مواليه بأنهم أولياؤه، فهو مولاي بالمعنى الذي أنا به مولاه.
فقال أبو عبد الله: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "علي مني بمنزلة هارون من موسى" ؟
فقال أبو عثمان: نعم إلا أنه قال: "إلا أنه لا نبي بعدي" وهارون كان حجة في حياة موسى، وعلي لم يكن حجة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهارون كان شريكاً لموسى، أفكان لعلي شرك مع النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة؟ إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي مني كهارون من موسى" على التقريب والوزارة والولاية.
قال أبو عبد الله: أليس هو أفضل؟
فقال له أبو عثمان: أليس الحق متفقاً عليه غير مختلف فيه؟
قال أبو عبد الله: نعم.
قال: فقلت له: قد ملكت مدائن كثيرة قبل مدينتنا هذه - وهي أعظم مدينة - واستفاض الخبر عنك أنك لم تكره أحداً خالفك في مذهبك على الدخول فيه فاسلك بنا مسلك غيرنا.
فألح بعض أصحابه في قصدنا.
فقال لهم: نقول كما قال شعيب عليه السلام: (وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين).
ثم نهضنا.
يتبع

السجين الهارب الذى فقد عقله/ مجدى نجيب وهبة

** أثار الخطاب الذى ألقاه "مرسى العياط" بالأمس .. غضب الشعب المصرى .. وإندلعت المظاهرات فى كل ميادين وشوارع القاهرة ، والمدن ، والمحافظات الأخرى ..
** لم يتوقع أكثر المتشائمين أن يأتى خطاب مرسى ، السجين الهارب بهذا الكم من الخداع والتضليل والكذب المفضوح والفجور ..
** رأى البعض هذا الخطاب بأن الرئيس كان غاضبا ، مهددا خصومه فى المعارضة ، ومتوعدهم كالعادة بوضعهم فى السجون .. ولكن الحقيقة الكاشفة لأسلوب الخطاب الحمساوى أنه معبر عن الذعر الذى إنتاب مرسى العياط وجماعته .. وهم يعيشون فى كوابيس عودتهم للسجون والمعتقلات .. ولكن هذه المرة هى بإجماع من الشعب المصرى بالكامل .. وليس عودتهم كما كان فى الماضى ، مجرد القبض عليهم ، وإيداعهم فى سجون 5 نجوم .. لأن أصواتهم كانت أكثر ضجيجا من الضفادع وأصوات الصراصير !!...
** جلس الكثيرين يتابعون الخطاب الحنجورى للسجين الهارب "مرسى العياط" ، وهم لا يصدقون أعينهم وأذانهم .. هل يمكن أن يكون هذا هو رئيس مصر؟ .. هل يمكن أن تصل بنا المسخرة إلى هذه الدرجة ؟ ..
** إنه يتحدث عن عالم أخر ووطن أخر ، وشعب أخر ، ودولة أخرى .. فالحياة وردية .. لا أزمات .. والبنزين متوفر .. ولكن هناك نقص فى بعض محطات التوزيع ، يستغلها بعض أعداء الثورة فى إشعال الفوضى .. كما أشار إلى إنتعاش الإقتصاد وزيادة نمو المعدل السياحى والقضاء على مشكلة الخبز ، والبطالة ، والحد الأدنى للأجور .. وبدون أى مناسبة ظل يردد أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة ، والقائد الأعلى لجهاز الشرطة .. فى وجود الفريق "عبد الفتاح السيسى" ، ووزير الداخلية .. وأن كل هذه الأجهزة بما فيها طبعا المؤسسة القضائية هو رئيسها وتاج رأسها ..
** وهنا نتوقف عن مغزى هذا الخطاب .. فالمقصود منه أن تصل رسالة من خلال خطابه إلى الشعب المصرى وإلى العالم ، بأنه مازال يسيطر على المؤسسات الأمنية للدولة "الجيش والشرطة" !!..
** ذكر أن مشكلة أنابيب البوتجاز .. تم حلها نهائيا .. ويرجع الفضل إلى السيد وزير التموين الذى يتابع سيارات توزيع الأنابيب .. وهو يقفز عليها مثل السوبر مان ، لمتابعة عملية البيع التى وصلت من 10 إلى 15 جنيها لسعر الأنبوبة .. بعد أن كانت فى العصر البائد من 100 إلى 150 جنيها ..
** وجه رسالته إلى الفريق "أحمد شفيق" ، ووصفه بالمجرم الهارب ، وطالبه أن يمتثل أمام القضاء لإثبات براءته ، وأطلق العنان لقضية وهمية ، لتداعب خياله المريض هو وأبناء عشيرته وجماعته .. ويبدو أن الرئيس مرسى العياط تناسى فضائحه ، أو أنه وصل به عدم الإحساس إلى هذه الدرجة البشعة من الغباء المستفحل ، وكما يبدو أن جلده ليس بالتخين فقط بل مخه أيضا .. لأنه ببساطة شديدة أحالت محكمة جنح إستئناف الإسماعيلية مرسى العياط ومعه آخرون من قيادات الإخوان المسلمين إلى النيابة المختصة للتحقيق معهم فى تهمة الهروب من سجن وادى النطرون ، وتهمة الإستعانة بجهات أجنبيه لإقتحام السجون وتهريبهم وتهريب السجناء لإحداث حالة فوضى وإرهاب للمواطنين فى مصر ، وتهمة التخابر مع دولة أجنبية .. فهل يمكن أن تصل البجاحة برئيس يتعرض لكل هذه الإتهامات أن يخرج علينا وسط أبناء عشيرته للسخرية من القضاء ومن كل المعارضين ..
** ومع كل وصلة من الردح السوقى يعود ويذكرنا بأنه الرئيس الأعلى للقوات المسلحة ، والرئيس الأعلى لجهاز الشرطة المصرية .. وأن المؤسستين تعملان لديه وهو الرئيس المنتخب بالديمقراطية وبالصندوق !!..
** وينتقل السجين الهارب لتهديد الإعلاميين وأن أصحاب هذه القنوات عليها قضايا وأحكام قضائية .. وأن البنت إياها عمالة تشتم .. مش عيب يابنتى .. هل ترضى أن أحد يهين أبوكى ؟ .. وهنا كانت تلميحاته إلى الإعلامية "لميس الحديدى" .. ويبدو أن العياط تناسى أنه رئيس دولة ومن حق الشعب إنتقاده ؟!!..
** عاد لتهديد بعض رجال الأعمال وإتهمهم كالعادة بأنهم يدعمون البلطجية لإحداث فوضى فى البلاد والتآمر على نظام الحكم .. وبالطبع هدد بإصبعه بقطع رقبة كل المعارضين بعد أن صبر عليهم سنة كاملة ..
** لم يصدق الشعب أنهم يستمعون إلى خطاب رئيس دولة تتهاوى وتنهار .. والطوفان مشتعل فى كل الشوارع والميادين وكل المحافظات ..
** لم يصدق الشعب أنه رئيس دولة .. والواقع أنه يشعل النيران .. ويعلن الحرب الأهلية فى مصر .. والواضح أن الرئيس فقد عقله ولم يعد يدرك ماذا يقول وماذا يفعل ؟!!..
** ثم ينتقل إلى قصة فكاهية أخرى .. وهى رغيف الخبز .. وأنه أصبح يقدم رغيف خبز متميز .. واللى مش عاجبه يرفض تسليم هذا الرغيف !!..
** الحقيقة .. أنه لا يمكن أن يكون خطاب صادر من مواطن عادى وليس من رئيس دولة ..
** إنه خطاب لرئيس فى عالم أخر .. لا يدرك ما حوله ، ولكنه أراد أن يطمئن نفسه ، ويطمئن أبناء عشيرته .. إنهم لا يخافون وأن من بالشارع مجموعات من البلطجية .. هو يعلم من يحركهم .. ثم إنتقل مرة أخرى للهجوم على القضاء وإرهابهم ، وإتهم بعض القضاة بأنهم أعطوا البراءات للمتهمين وأفرجوا عنهم .. وتناسى أنه هو شخصيا مطلوب للمثول أمام النيابة العامة بأبشع الإتهامات التى تصل حد العقوبة إلى الإعدام .. بل وصل به التطاول على القضاء عندما تهكم عن الدعوة المرفوعة ضده للنظر فى عملية التزوير الفجة فى الإنتخابات الرئاسية ، وقال نصا "سوف نرى ما تفعله المحكمة" .. وجاء الرد سريعا صباح اليوم من المحكمة الدستورية العليا ، التى أهدر قامتها لتصدر أحكاما هشة ضعيفة وتعلن تنحيها عن نظر الطعن لإستشعارها بالحرج ..
** إنتقل إلى تهديد الكنيسة والأقباط .. ولكن بصورة ملتوية .. فقد إنزعج من نظرات الريبة والشك فى كل اللقاءات بين الطرفين .. ويبدو أن العياط لا يرى ما يفعله أبناء عشيرته أمثال الإرهابى "وجدى غنيم" ، و"أبو إسلام" ، والعديد من التكفيريين ..
** وهنا لدينا ردا لنضع النقاط فوق الحروف .. وهى تحذيرنا لكل قبطى أو موقع إعلامى مسيحى يدعو أى إنسان للتطاول على الجيش المصرى ، وإطلاق كلمة عسكر أثناء أى حوار .. فهذا لا يعنى سوى أن هذا الشخص أو الإعلام هو مستأجر لصالح الإستعمار الأمريكى الصهيونى للعمل لصالح إسرائيل .. وأحدد بالإسم من إحدى القنوات المسيحية ، ومقدم برنامج "فى النور" على قناة سى تى فى .. الأستاذ "إيهاب صبحى" ، وله واقعة سبق أن ذكرتها فى مقال سابق ..
** أعيد وأكرر تحذيرى للمدعوة "ريم ماجد" مقدمه برنامج بلدنا بالمصرى .. أن تكف عن هذا التحريض ضد الجيش المصرى .. وإذا كنا نناشد أن نكون كاشفين لكل الأوراق فى هذه الظروف الحالكة ، والساعات القليلة التى تفصلنا عن إستعادة وطننا العزيز .. فيجب علينا أن يكون توضيح عن دور المستشار "حاتم بجاتو" وعلاقته بجماعة الإخوان ، وأن تقدم بلاغات ضده لتورطه فى تزوير نتيجة الإنتخابات الرئاسية ..
** ونريد أن نكشف النقاب عن علاقة اللواء ممدوح شاهين بجماعة الإخوان المسلمين ، واللواء الأعصر .. لحماية الوطن مما يتعرض له من كوارث قد تؤدى به إلى السقوط المريع ..
** نهيب بكل مصرى شجاع ألا يخشى لومة لائم فى إظهار الحق مهما كان الثمن .. ومهما كانت التضحيات !!

صوت الأقباط المصريين

وقف الفتنة قبل فوات الأوان/ صبحي غندور


ما زالت شعوبنا العربية، والتي أرضها هي أرض الرسالات والرسل، ومهد الحضارات والعلوم، تعيش أسيرةً لمفاهيم متخلّفة ومعاكسة لجوهر ما جاء على أرضها من هدايةٍ وعلمٍ ومعرفة، وما زالت هذه الشعوب تكرّر الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها في عهودٍ سابقة تحت قياداتٍ سالفة.
ليس بربيعٍ عربيٍّ فعلاً ما تشهده المنطقة العربية منذ عامين، بل هو انتقالٌ من زمن الاستبداد والفساد إلى زمن التبعية والحروب الأهلية! كلاهما زمن انحطاطٍ وتخلّف واستنساخ لماضٍ قريبٍ وبعيد عاشته البلاد العربية منذ انتهاء حقبة "الخلفاء الراشدين"، فبعدها غاب الرشد عن الحاكم والمحكوم، إلا في فتراتٍ عابرة لم تصمد طويلاً أمام جشع جماعات الفساد في الداخل، وقوى التآمر من الخارج.
تعدّدت الأسباب، لكن النتيجة واحدة. فنعم أنظمة الاستبداد والفساد مسؤولةٌ عن تردّي أحوال الأوطان العربية وعن تبرير التدخّل الأجنبي بمصائرها، لكن هل سيغير ذلك الآن من النتائج الحاصلة على الأرض، حيث هيمنت اتجاهات سياسية ذات ألوان دينية فئوية مدعومة من الخارج، على الحكومات الجديدة وعلى المعارضات المسلّحة؟!
"الربيع العربي" في مطلع العام 2011 سبقه بأيام قليلة انفصال جنوب السودان (بتحريض من إسرائيل ودول غربية) وقبول دولته فوراً في الأمم المتحدة!. أكان ذلك منفصلاً أيضاً عن نتائج احتلال العراق في العام 2003 وتقسيمه عملياً؟! ألم تكن أيضاً أولى باكورات الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1978 هي إعلان "دولة جنوب لبنان الحر" بقيادة العميل الإسرائيلي سعد حداد؟! أوَليست إسرائيل حاضرةً الآن في أكثر من جبهة عربية مفتوحة على احتمالات الحروب الأهلية؟
صحيحٌ أنّه قد جرى كسر حاجز الخوف لدى شعوب المنطقة، لكن ما يجرى أيضاً في المنطقة هو محاولات كسر وتحطيم مقوّمات الوحدة الوطنية وتسهيل سقوط الكيانات، كما سقطت أنظمة وحكومات، إذ لم تعد تميّز بعض قوى المعارضات العربية (عن قصدٍ أو عن غير قصد) بين مشروعية تغيير الأنظمة وبين محرّمات تفكيك الأوطان ووحدة شعوبها. وهذه المخاطر موجودة في كلّ المجتمعات العربية، إن كانت منتفضةً الآن أو مستقرّةً حتّى حين.
إنَّه "زمن إسرائيلي" ينتشر فيه وباء "الإسرائيليّات" وتقلّ فيه المضادات الحيويّة الفكريّة والسياسيّة، وتنتقل فيه العدوى سريعاً، ويُصاب به "بعض الأطبّاء" أحياناً فتجتمع العلّة في الطبيب والمريض معاً!!
هذا "الوباء الإسرائيلي" لا يعرف حدوداً، كما هي دولة إسرائيل بلا حدود، وكما هم العاملون من أجلها في العالم كلّه.
 المشكلة لم تكن ولن تكون في وجود "الوباء"، بل هي بانعدام الحصانة والمناعة، وفي انعدام الرّعاية الصحيّة الفكريّة والسياسية داخل الأوطان العربيّة وبلدان العالم الإسلامي، وفي الجهل المقيت بكيفيّة الوقاية والعلاج بل حتّى في رصد أعراض المرض وسهولة انتشاره!.      
هناك أسئلة كثيرة تُثار الآن عن غايات وأبعاد الطروحات والممارسات الطائفية والمذهبية والإثنية التي تسود عدّة بلدان عربية بشكلٍ لم يسبق له مثيل في التاريخ العربي الحديث.
ويكبر حجم الأسئلة حينما نرى مثلاً هذا  التركيز الإعلامي والسياسي في المنطقة، على تفسير أي حدث فيها بشكلٍ طائفي أو مذهبي ثمّ توزيع المناطق والمنظمات والحركات السياسية العربية على قوالب طائفية ومذهبية.
فالمغامرة التي يقودها البعض في عدّة بلدان عربية من أجل تحويل الطوائف والمذاهب والأقليات الإثنية إلى كياناتٍ سياسية "مستقلة" لن يكون مصيرها إلا نحر الطائفة أو المذهب أو الأقلية نفسها.
ولنترك لمخيلتنا أن ترسم لوحة المستقبل فيما لو سارت المنطقة العربية باتجاه الحروب الطائفية والمذهبية والإثنية… وكيف ستسيل أنهار من الدم، وكم سيبلغ حجم الدمار والخسائر التي ستحدث في الأرواح والممتلكات، ثمَّ الشرخ الاجتماعي الذي سينتج في محصلة كل ذلك، وكيف ستكون النتائج إذا مشينا بنظرية التداعي في الانقسام والانشطار؟! فقد يكسب آنياً بعض الأشخاص والعملاء، لكن الثمن سيكون باهظاً جداً على حساب الشعب كله والطوائف كلها والمذاهب كلها. فلا قدرة ولا إمكانية للحياة لأية دويلة ستقوم على أساس صراع طائفي أو مذهبي أو إثني. فعندما تتفجّر الحروب الأهلية، تتوقف فوراً الصراعات الاجتماعية، بحيث يتقاتل الفقراء مع بعضهم البعض على أساس انقسامهم الفئوي.. وستتوقف أيضاً المعارك التحرّرية والوطنية، لأن العدو سيكون في الطائفة الأخرى أو المذهب الآخر، وسيترحّم الكثيرون على اتفاقيات "سايكس- بيكو" التي قسّمت البلاد العربية في مطلع القرن العشرين!. 
فالدرس الذي تعلمه الأعداء جيداً، هو أن التقسيم الجغرافي والسياسي، قد يقيم الحواجز والحدود بين الدول بالحبر الأحمر، لكنه لا يلغي وحدة الشعوب، بينما التقسيم الديني والإثني يفكّك الناس ويجعل الحدود بينهم بالدم الأحمر.
إنَّ الأوْلى عربيّاً الآن هو التحرّك الشامل لوقف الفتنة ونزيف الدم العربي بدلاً من لوم هذا الطرف أو ذاك. فالفتنة كانت مطلوبةً في البلاد العربية قبل تطوّرات الأوضاع في سوريا، والفتنة مطلوبة الآن خلالها وبعدها. الفتنة بين العرب كلّهم، بين طوائفهم ومذاهبهم وإثنياتهم المتعددة. فتنة شبيهة بالواقع المؤلم الموجود الآن في سوريا، وكان سائداً قبلاً في لبنان والعراق، لكي يكون حالة عربية عامّة تُحطّم وحدة الكيانات والشعوب، وتنهي أيّ مقاومة لأيّ احتلال، وتجعل العدوّ هو المواطن العربي الآخر.
الأوْلى عربياً الآن هو الضغط الشعبي من أجل وقف كلّ أشكال التعامل والعلاقات مع إسرائيل عوضاً عن تهميش الصراع معها وإشعال الحروب الأهلية الداخلية، وقطع العلاقات بين العرب أنفسهم!.
والمسؤولية هنا تشمل العرب جميعاً من المحيط إلى الخليج وفي كلّ بقعةٍ بالعالم يعيش عليها أبناء البلدان العربية.
المسؤولية تبدأ عند كلّ فرد عربي، وهي مسؤولية كلّ عائلة في أن تفرِّق خلال تربية أولادها بين الإيمان الديني وبين التعصّب الطائفي والمذهبي الذي يرفضه الدين نفسه.
وهي مسؤولية كلّ طائفة أو مذهب، بأن يدرك أتباع هذه الطائفة أين تقف حدود الانتماء إلى طائفة وأين تبدأ حدود المواطنة المشتركة، فلا نرد على الحرمان من امتيازاتٍ سياسية واجتماعية، أو من أجل التمسّك بها، بتحرّكٍ يحرمنا من الوطن كلّه بل ربّما من الوجود على أرضه.
والمسؤولية تشمل أيضاً الأنظمة كلّها والمنظمات العربية كلّها التي استباحت لنفسها استخدام الاختلافات الدينية أو الإثنية في صراعها مع بعضها البعض، أو من أجل تحقيق مكاسب سياسية آنيّة لها.
وعلى الجميع أيضاً، تقع مسؤولية فهم ما يحصل بأسبابه وأبعاده السياسية، وليس عن طريق المعالجة الطائفية والمذهبية لتفسير كل حدثٍ أو قضية أو صراع ...
يبقى الأساس لوقف نار الفتنة هو وقف الإنصات والانصياع لدعاتها ممّن يلبسون عباءاتٍ دينية أو يكتسبون من الدعوة لها في كتاباتهم أو في تحليلاتهم المسموعة والمرئية.
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

حلفاء الربيع... بين التقليد والانتقائية/ عبد العالي غالي

 سبق وتحدثنا في مقال سابق عن منطقين من التفكير يتبناهما بشكل كبير أغلب مثقفي العالم العربي، فجاء من يسألنا عن الطينة التي نحن منها إذ ننتقد نمطي التفكير معا. ونحن هنا لا نريد الرد أو الجواب عن السؤال، بقدر ما نسعى إلى مزيد من التوضيح بغرض التنوير ولا شيء غير التنوير.
نعم، إن القسم الأكبر من مثقفي "الربيع العربي" يتبنون الفكر التقليدي، والقسم الباقي منهم يفكر حسب فكر انتقائي. والاتجاهان معا يوصلان حتما إلى نفي العمق التاريخي. وإذا علمنا أن التاريخ كماض وحاضر يكون واقع الشعوب اليومي، فكل ما يؤدي إليه اتجاهي التفكير هذين هو العجز عن إدراك الواقع كما هو. والنتيجة طبعا، وكما تؤكد ذلك أحداث "ربيع العرب"، هي التبعية وعلى كل المستويات.
لن نختلف في أن طبيعة الفكر الانتقائي هي فتح الأبواب لكل المؤثرات الخارجية. ولنا أن نؤكد هنا، وبعد كثير تأمل، أن طبيعة الفكر التقليدي، برغم ادعاءاته الواهية، هي التسامح شعارا ونظريا ثم الخضوع يقينا وتطبيقا. وبذلك فالفكرين معا يرسمان صورة سيئة جدا للماضي والمستقبل. إذ الأول يحاول ربط نفسه بفكر العصر بدل أن يكون هو إحدى تجليات هذا العصر. أما الثاني فتائه غير واع بذاته يجتهد لتمتين علاقته بالماضي بدل العمل على تدشين قطيعة ابستملوجية معه. إذ كيف يستطيع هذا النوع من الفكر الوقوف في وجه الأنظمة الاقتصادية والاتجاهات الفكرية والتيارات الاجتماعية المهيمنة عالميا، وهو عاجز عن دراستها وفهمها فأحرى أن يعمل على إبداع أنظمة بديلة عنها؟
والأكيد هنا أن التبعية سواء كانت ظاهرة كما هو الحال عند أهل الفكر الانتقائي، أو خفية كما عند فطاحلة الفكر التقليدي، لن تؤدي فقط إلى الاستغلال والخضوع، بل إنها تؤدي إلى تعميق التخلف... وهذا ما تؤكده تجارب الدول المتخلفة التي سعت إلى نزع رداء التخلف من خلال التحالف مع الغرب الامبريالي(...). قد تحصل تلك الدول على بعض الرساميل، وقد ترتفع فيها أرقام الدخل والإنتاج ظاهريا، لكنها لن تستطع التغلب على التخلف كواقع اجتماعي. وقد يكفي حدث صغير بحجم التظاهر ضد محاولة الحكومة تغيير معالم حديقة عمومية مثلا، لإظهار الوهن واستبيان أن السلوكيات الديمقراطية الظاهرية ليست إلا درا للرماد في العيون مرحليا، سعيا لقضاء مآرب أخرى. وأن كل الادعاءات ليست بالضرورة من صلب السعي لتطوير المجتمع كما قد يعتقد كثيرون (...)
ولا غرابة، فالفكر التقليدي ومن خلال ادعائه السعي للحلول في شخصيات السلف الصالح(...) نجده يوظف الايديولوجيا للتغطية على النقص المعرفي، ونتيجة هذا التوظيف لن تتجاوز هيمنة الأصولية التي تدفع في اتجاه التطرف واللعب على النعرات الطائفية والقبلية، ما يجعل الحاضر مسيجا بالماضي من كل الجوانب... ولعل الغاية من تكريس الأوهام تلك، هي إبعاد الناس عن الواقع والانجاز... فتتحول الممارسة السياسية عند أصحاب هذا الفكر إلى تكتيك يتبعه تكتيك يتبعه آخر(...) إذ نجدهم اليوم يتحالفون مع الناتو تكتيكيا، يصافحون الصهاينة تكتيكيا، ويلتزمون بالاتفاقيات الدولية تكتيكيا، ثم يتعاملون مع المؤسسات المالية العالمية تكتيكيا... وهلم تكتيكات يتأكد من خلالها كل من لم يتلوث فكره بمبيدات العقل التي لا يكل ينفثها الذراع الدعوي لهذا الفكر، أن هؤلاء لا يميزون بين  إستراتيجية وتكتيك.
قد يعتبرني البعض فظا إذ أقول أن من يصرون بعنف بغيض على تسمية أنفسهم بالإسلاميين هم في الأغلب الأعم حركات لم تصل الحكم إلا بعد أن أصيب فكر قادتها بقصور أشبه بالقصور الكلوي الذي إذا أصيب به إنسان أصبح مجبرا على زيارة مراكز تصفية الدم مرتين في الأسبوع على الأقل(...) وحيث أني أعلم أن من يشرفون على مراكز التصفية تلك لا يقدمون خدماتهم بالمجان، فلن أستغرب إذ أرى إخوان الربيع العربي يغلقون سفارة سوريا بالقاهرة بدعوى إجرام النظام السوري بينما هم أنفسهم من يحف سفارة إسرائيل بالورود ويدافع عن ضرورة بقاء أبوابها مفتوحة خدمة للأمن القومي المصري واحتراما لاتفاقية كامب ديفيد المقدسة... ولن استغرب بعد اليوم مادمت اسمعهم يغيرون شعارات من طينة "الله اكبر عاصفة... لليهود ناسفة" "على القدس رايحين... شهداء بالملايين" وغيرها من شعارت بهتان ما قبل القصور الفكري الذي كشفه الوصول إلى الحكم، بشعارات من قبيل "المسيحي إلى بيروت... والشيعي على التابوت" و"حزب اللات يا حقير" ثم الدعوة إلى "تحرير دمشق من الرجس الشيعي الفارسي" وغيرها من ترجمات لأقوال "أفيخاي أدرعي" الشهيرة خلال حرب تموز 2006. فالثابت عندهم هو الوصول إلى السلطة والمحافظة عليها، أما ما عدا ذلك فمتحول لا بأس إن تناسيناه أو أهملناه أو حتى غيرناه.
ومادام الكل متحول ووحده كرسي الحكم ثابت فلا عجب إذ نراهم اليوم ينهش بعضهم بعضا، ويكفر بعضهم بعضا، ويشتم بعضهم بعضا... ونرى "الفقهاء"، نجوم الفظاعيات الذين لم تكن كل تدخلاتهم في الحياة العامة تتجاوز فتوى إرضاع الكبير والاستمناء بالجزر والحديث عن إقامة الحد على القرد الزاني وحتى التداوي ببول البعير... نراهم وقد تحولوا بقدرة قادر إلى محليلين استراتيجيين ودعاة جهاد في ارض الإسلام،  يهدرون دم هذا ويحلون سبي نساء أولئك ويجيزون نحر أطفال ذاك وتدمير مدن هؤلاء... أليس كل ذلك سلوكا طبيعيا فقط عندما يكون الصراع على فريسة لا على أساس مبادئ؟ وكيف لي أن أكون ساذجا وأتحدث عن مبادئ وأنا في حضرة آل الفكر التقليدي المؤسس على النفاق، والذين في عرفهم، لا يكون العنف سيئا في حد ذاته، بل السيء أن يتبناه غيرهم.
يبقى فقط أن أختم بالدعوة إلى اجتهاد فكري معاصر قوي وفاعل. فالإسلام، وإن كان يتضمن تنظيرات ورؤى حول وحدة الإنسانية والاستخلاف والعمران والتوازن في الكون وغيرها، إلا أن الممارسات في تاريخ المسلمين وواقعهم تثير أكثر من علامة استفهام حول الفجوة بين الأصل وبين الواقع.
  
المغرب

ايها الحماسيون.. الضيافة آداب وسلوك/ لطيف شاكر


اضافة الغرباء عمل روحي وواجب وطني وحق انساني  نصت عليه  هيئة حقوق الانسان والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين  ولا يمكن ان تتخلي دولة محترمة عن قبول  انسان او جماعة  التجأ اليها  , والضيافة لها اداب وادبيات فالاولي تتمثل في كيفية استقبال  الضيوف و التعامل معهم  والعمل علي راحتهم  ,اما الادبيات فهو سلوك الضيافة بين الضيف والمضيف .
واذا تكلمنا عن اداب الضيافة من جانب المضيف فادبيات الاضافة تحتم علي  الضيف ان يراعي عادات وتقاليد وخصوصيات بلد المضيف  ولا يكون ثقلا عليه او عبئا علي سلام الوطن وامانه .
فالضيافة  عقد ادبي غير مبرم وغير الزامي بين الطرفين  وممكن ان تأتي بثمرة طيبة فتزداد اواصر المحبة  وتدعيم السلام اذا حسنت بينهما اداب  الضيافة , وممكن تكون العكس وقد تسبب خصومات تصل الي الكراهية والحروب لو ساءت الضيافة من احد الجانبين .
والضيافة الذي اقصدها  الان هو ضيافة الدولة للاشخاص وعائلات وجماعات من بلاد شقيقة او اجنبية نتيجة النزوح الجماعي بسبب اضطهاد او عنف او ضغط وهذا ماادرج عليه كلمة  اللجوء ,ويختلف اللجوء من ديني الي سياسي الي انساني ...الخ وقد يكون اللجوء مستديما  ويتحول الي  مواطن  في دولة المضيف او مؤقتا لحين  انتهاء سبب اللجوء.
ويطلب من المضيف ان يقدم خدمات انسانية للضيوف اللاجئين مثل اقامة مناسبة ودعم مادي وصحي ومعيشي  وحماية صغارهم من الضياع او الاعتداءات الجنسية او خدش كرامتهم .
وفي المقابل  يحتم علي الضيف ان يراعي احترام  تقاليد وعادات وفكر وسياسة  وقوانين المضيف والا يكون فظا مكروها من  المضيف  وشعبه , لتدخله فيما لايعنيه او يحشر انفه في شئون بلد المضيف او يزرع الفتن والقلاقل او يكون مثيرا للخلاف .
ونحن امام  مجموعة من الضيوف من  بلد الجوار وهم جماعة حماس او  الاخوان المسلمين  فرع غزة    وكنا نامل ان يكونوا علي مستوي من العقل والاتزان واحترام ضيافتنا لهم , لكن للاسف  فرضوا ضيافة اجبارية ارهابية  بقوة السلاح علي  مصر   وبتشجيع وتحريض من رئيس مصر وجماعته. ولاحظ الجميع انهم ليس مجرد ضيوف  بل مغتصبون للوطن  ومهيمنون علي  ثرواته يتحكمون الان في مصائر مصر بل  امتد الي كل المرافق بالرغم من كرهية الشعب المصري لهم  وغير مرغوب في تواجدهم  ولترسيخ وجودهم انحازوا بقوة الي المؤسسة الحاكمة علي حساب  الشعب , وباتت قناعتهم انهم حماة مؤسسة الرئاسة وظهير الجماعة الاسلامية  و الفضل لهم في بقاء الجماعة الحاكمة في سدة الحكم .
هذا كسر لقواعد الضيافة وخرق لمشاعر المضيف المصري ونرفضهم  ادبيا ومعنويا  وامنيا,لكن ماباليد حيلة فقد فضلهم مرسي عن الشعب المصري واصبحت خيرات البلد لعشيرته الحماسية  الغريبة, دون اصحاب البلد وصاروا يتنعمون  بثروات مصر دون الشعب الاصيل الذي يعاني من شح الموارد وفقر الخدمات بل صارت امنية صاحب الارض ان يحظي بما يتنعم به غريب الدار من خيرات مصر مكتفيا بموقف المشاهد وهم يغتصبون زاد ابناءه
هذا هو رئيس مصر  محمد مرسي وسياسته  العدائية نحو شعبه  واهتمامه بعشيرته الحمساوية  ويبدو انه اعتبر غزة ولاية مميزة في حكم خلافته المشئوم ولاهلها السيادة والحظوة ويتفوقوا عن المصريين .
واؤكد لحماس الغرباء من المحال ان يستمر الحال علي هذا الحال وهذه الاوحال , فنهاية  مرسي  آتية لاريب فيها  ان آجلا او عاجلا وسيقف الشعب المصري اصحاب الوطن بالمرصاد لهؤلاء الضيوف الثقلاء, وماذا ستكون النتيجة الحتمية  بعد ان زرعوا   الكراهية في  نفوس المصريين وعداوة في قلوبهم  وسيرة رديئة  في عقولهم  ..الي اي مكان ستيذهبون بعد ان يتخلي عنهم شعب مصر  وتركوا  اثارا سيئة  لاتمحي  علي مرار الايام ..  ان تاريخ الشعب المصري يحيا في ضمير كل مصري مهما تقادم الزمن , وماارتكبوه من حماقات يندي لها الجبين لن ينساه الشعب المصري الاصيل , ولن ينسي  لهم الحماقات التي  ارتكبتوها في حقه , ولن يكون لهؤلاء  مكانا ليس في مصر فحسب ,  بل في اغلب بلدان العالم كله  , واذا رفعت مصر يدها عن القضية الفلسطينية  لن يكون لهم قضية ولا حتي وجود  لفلسطين .
وربما  نحن في موقف المتسامح لاعمالكم المشينة  منذ ثورة 25 يناير من تعديات علي كرامتنا بفتح السجون وقتل الجنود وخطف ابناءنا لكن سيأتي يوم الحساب  وفيه يكرم المرء او يهان فدماء شعبنا غالية ولن نسامح في حقهم .
اما الضيف الثاني هم اللاجئون السوريون الذي فروا من معركة مشتعلة نيرانها بعد ان انضم بعضهم الي صفوف المجاهدين, وللحقيقة المرة لم يحسن الشيوخ ضيافتهم فخدشوا  عرضهم واستهانوا  ببناتهم وسيداتهم حتي اصبحوا كلقمة سائغة لمن  يريد جنسا مباحا ووصل التبجح من بعض الشيوخ ان يعلنوا عنهم علي  قارعة الطريق وفي الشوارع القديمة كبضاعة رخيصة للزواج العرفي و المتعة او المسيار والمسفار والمصياع والمهراب ..وغيره ,دون مقدم او مؤخر الصداقة او نفقة  او اي ارتباطات  ,كانهم سقط متاع او نفايات بشر  وكل له ثمن   والادهي انهم استباحوا هذا الفعل الفاضح بغطاء ديني تحت مسمي الكفاح والجهاد ..الخ
هذه ضيافة تشمئز لها النفوس وتتنقص من  المبادئ المصرية العريقة,  وتراثنا السامي الذي ورثناه عن اجدادنا المصريين اصحاب الحضارة والتاريخ , فمصر كانت دائما الملاذ الامين والملجأ الآمن لكل من يأتي اليها هاربا او عابرا او شاردا او تائها .
وبالرغم من هذه التصرفات البهيمية من جانب  بعض الشيوخ والمتمسحين بالدين  فنجد هؤلاء السوريين يقفوا في نفس خندق الاخوان ودعموا تظاهرات  الجماعات الاسلامية.
وفي  الوقت الذي تألم فيه المصريون بسبب هذه الاعمال الاجرامية من جانب الشيوخ والذين يدعون التدين والتقوي وهم ابعد الناس عن الدين  واعمالهم وسلوكهم يشهدان يهذا خاصة ان بعضهم وهو سبعيني  من شيوخ الفضائيات تزوج  منهم حتي الان اكثر من عشرين فتاة في مقتبل اعمارهم . وكانهم حبات من الفول للتسلية والادهي ان اصحاب الفتاوي يحلل له هذه الزيجات  المشينة والمعاشرات الرديئة ويتمني ان يكون مثله.
(الشيخ الفاجر عبد المقصود : قال أن القرآن والإسلام يحضنا علي الزواج بالأطفال .. وليس هناك جريمة في ذلك.. وياريت أعمل زي الشيخ محمد حسين يعقوب...هكذا يفكر الشيوخ تجار الدين)
 نحن نتألم لالامهم  ونتوجع معهم ,لكن  ايضا يؤلمنا جدا  مشاركة هؤلاء الضيوف ان كانوا من حماس  او خلافه في تظاهرات  ضد الشعب المصري ..واخشي ان يلحقهم غضب الشعب المصري بعد انتفاضته الميمونة والقريبة .
نحن نرحب بهم كضيوف علي مصرنا العظيمة  لكن نرفض تدخلهم السافر والسافل  في امورنا الداخلية
قلوبنا متسعة لكم  كلاجئين للوطن شرط عدم المساس في خصوصياتنا   .. دعونا نحل مشاكلنا بانفسنا ,وعودوا انتم الي دياركم الخربة حيث اتيتم.. واخشي ان تكونوا قربانا للمعارك القادمة ..
ان يوم  30 يونية العظيم سيكون يوما فاصلا في تاريخ مصر   ..فاحذروا  ايها الحماسيون  النازحون من غزة والمجاهدون لغنائمكم  والذين لايعرفون الا لغة الحرب والدمار والدم  ان شعب مصر لكم بالمرصاد.. وتحيا مصر وشعبها الابي 
لا تاسفن على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الاسود كلاب....لا تحسبن برقصها تعلو على اسيادها تبقى الاسود اسود والكلاب كلاب

تيسير خالد: يدعو الى تحييد المخيمات عن الصراع الدائر في لبنان

دعا تيسير خالد ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، الى إبعاد المخيمات الفلسطينية في لبنان عن الصراع الدائر والاشتباكات المسلحة بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة في هذا البلد الشقيق وخاصة في منطقة صيدا .
وأضاف ان القيادة الفلسطينية ، إذ تعرب عن اسفها لما يجري من أحداث دامية على الساحة اللبنانية ، فإنها تعبر عن التزامها باحترام سيادة لبنان وحرصها على بذل كل جهد ممكن  يساعد على حفظ الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش المشترك في لبنان الشقيق وتعبر في الوقت نفسه عن التزام منظمة التحرير الفلسطينية وجميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية عدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني وتؤكد أن المخيمات لا يمكن أن تكون طرفا في ما يجري من أحداث مؤلمة ومشاريع فتنة تتنقل من منطقة الى اخرى في هذا البلد الشقيق ، الذي احتضن الثورة ومنظمة التحرير الفلسطينية سنوات طويلة .
وجدد تيسير خالد دعوته لجميع القوى السياسية في لبنان عدم الزج بالمخيمات في الصراع الدائر والامتناع عن ترويج الشائعات وأعمال التحريض ضد المخيمات الفلسطينية وعدم زجها في التجاذبات والصراعات السياسية اللبنانية الداخلية  أو الاقليمية ، ومايترتب عليها من نتائج سلبية يمكن ان تلحق الضرر بالعلاقات الاخوية بين الشعبين الشقيقين .

يوميات نصراوي: الزنزانة/ نبيل عودة


نظر إلي من خلف عالمه المليء بالهواجس، قال وهو يعرض نفسه لأشعة ضوء القمر المتسللة عبر نافذة الزنزانة الضيقة:
- التاريخ في نظري لم يبدأ بعد..
- هل عدنا إلى ما قبل التاريخ؟
- ما قبل التاريخ هو تاريخا أيضا!!
- الفهم يستعصي علي.
- إن ما يمر بنا هو مهزلة، سيخجل التاريخ من أن يحملها في طياته.
- فهمت ولم أفهم
أعطاني ظهره ووقف يرنو عبر فتحة الزنزانة الضيقة لما يتسرب من ضوء القمر. بان من زاويتي المعتمة أشبه بلوحة دينية لملاك ما، محاط بهالة من الضوء الإلهي، توسمت بكلامه نبوءة تثلج الصدر، قلت:
- لا احد يستطع استعمال قدراتك الشخصية كما تقدر عليها أنت. فاشرح لنا ما ترى بعقلك وليس بعينيك.
لم يعقب بكلمة أخرى.. غلبنا النعاس والإرهاق من التحقيقات الطويلة، من لعبة شد الحبل بيننا وبين محققي الشرطة بظن أن أعصابنا ستنهار..أو نناقض أنفسنا في إفاداتنا.. كانت اللعبة معروفة، تلقينا شرحا لها قبل أن نحظى بعماد الاعتقال الأول. والتزمنا بما نورنا به محامي الحزب. كان صمتنا هو الحل الأمثل لكل ما يثير شكوكنا ان وراء الأسئلة مصيدة لنا!!
******
اصطدمت بقوة مع ضوء النهار فلم اعرف موقعي لبرهة، أخذت اصطاد بعض الأفكار العابرة في ذهني... رأيت البداية وتمنيت النهاية.. وخوفا من قرار الحكومة الجديد الذي يصنفنا عربا سلبيين وعربا ايجابيين ، فرضت ابتسامة بلهاء على شفتي.
****** 
"حكومتنا الرشيدة" اتخذت قرارا بالتفرقة بين نوعين من مواطنيها العرب... عرب ايجابيين ، أي ما نسميهم بلغتنا الشعبية "مرتزقة السلطة"، الذين باعوا كرامتهم بقروش صدئة. وعرب سلبيين ، هي صفة كل المناضلين ضد مشاريع التهويد ومصادرة الأرض وتضييق الخناق على تطور بلداتنا ومؤسساتنا التعليمية . بالطبع فرض على العرب السلبيين أوامر تحديد التنقل التي تمنع "المغضوب عليهم" من مغادرة بلداتهم بدون تصاريح عسكرية، بل وتفرض على من تراه خطرا على الأمن ، أوامر تمنعه من مغادرة منزله بعد غياب الشمس، ودائما تحضر دورية شرطة للتأكد ان الأمر ينفذ!!
اذكر ان شاعرنا  محمود درويش  كان من الذين تلقوا أوامر تحديد التنقل والاعتقال المنزلي بعد غياب الشمس (إثبات وجود) ، وقبلها كان قد شارك في مهرجان سياسي كبير عقد في مدينة الناصرة ضد قرارات الحكومة، بتصنيفنا عربا سلبيين تفرض علينا أوامر تحديد التنقل الانتدابية الاستعمارية سيئة الصيت، أي في مثل حالتي ممنوع أنا من مغادرة مدينتي الناصرة بدون تصريح من جهاز الشرطة، سابقا كان التصريح من الحاكم العسكري، الغي الحكم العسكري عام 1966 بعد معركة نضالية طويلة وحافظوا على بقاياه مثل أوامر تحديد التنقل والاعتقال الإداري والنفي وغير ذلك من الموبقات، وهو قانون سائد اليوم ضد أبناء شعبنا الفلسطينيين في المناطق المحتلة.   ألقى محمود درويش في مهرجان الناصرة قصيدته التي اشتهرت باسم"سجل أنا عربي" ( اسمها "بطاقة هوية") يقول فيها:
سجل
أنا عربي
و رقم بطاقتي خمسون ألف
و أطفالي ثمانية
و تاسعهم سيأتي بعد صيف
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
و أعمل مع رفاق الكدح في محجر
و أطفالي ثمانية
أسل لهم رغيف الخبز
و الأثواب و الدفتر
من الصخر
و لا أتوسل الصدقات من بابك
و لا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
أنا اسم بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري
قبل ميلاد الزمان رست
و قبل تفتح الحقب
و قبل السرو  والزيتون
و قبل ترعرع العشب
أبي من أسرة المحراث
لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا
بلا حسب و لا نسب
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
و بيتي كوخ ناطور
من الأعواد والقصب
فهل ترضيك منزلتي
أنا اسم بلا لقب
سجل
أنا عربي
و لون الشعر فحمي
و لون العين بني
و ميزاتي
على رأسي عقال فوق كوفية
و كفى صلبة كالصخر
تخمش من يلامسها
و عنواني
أنا من قرية عزلاء منسية
شوارعها بلا أسماء
و كل رجالها في الحقل و المحجر
يحبون الشيوعية(1)
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
سلبت كروم أجدادي
و أرضا كنت أفلحها
أنا وجميع أولادي
و لم تترك لنا ولكل أحفادي
سوى هذي الصخور
فهل ستأخذها
حكومتكم كما قيلا
إذن
سجل برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناس
و لا أسطو على أحد
و لكني إذا ما جعت
آكل لحم مغتصبي
حذار حذار من جوعي
و من غضبي
قد يقول البعض انها خطابية مهرجانية، وهذا صحيح ، ولكننا كنا بأمس الحاجة لمثل هذا الشعر الذي ألهب الجماهير وملأها عزما وتحديا لتعسف السلطة. شعرنا المهرجاني له طابعه النضالي والتثقيفي، كانت القصيدة أهم من الخطاب السياسي في مهرجانات ومظاهرات واجتماعات شعبنا. في نفس المهرجان شارك أيضا الشاعر، زميل درويش شعرا، فكرا ونضالا، سالم جبران، بقصيدة هامة هي "القائمة السوداء" يقول فيها:
سجل اسمي في القائمة السوداء
سجل اسم أبي، أمي، إخواني
سجل .. حتى حيطاني!
في بيتي لن تلقى إلا شرفاء!!
لا تنظر نحوي
بعيون باردة بلهاء.
سجل اسمي..
فأنا لن أتنازل
عن ارضي الطيبة المعطاء
لن اعمل جاسوسا
للأجهزة السوداء
في كل مظاهرة تلقاني
صوتي مع آلاف الأصوات
يجلجل في الأجواء
وإذا ما شئت مزيدا
فأنا أحمر
 من بلد حمراء
سجل اسمي في القائمة السوداء
وطني ملكي
أبقاه لي أجدادي
وسابقيه للأبناء
حر فيه أنا.. أتجول كيف أشاء
خبئ في غير ملفاتك، بالقائمة السوداء!
حفظنا القصيدتين غيبا، أصبحتا، خاصة قصيدة محمود نشيدا وطنيا. انتهى المهرجان بمظاهرة، اعتقالات ليلية، تحقيقات شرطة وباقة من أوامر الإقامة الجبرية.
 كنت في الثامنة عشرة من عمري عندما تلقيت أول إقامة جبرية.. كان ذلك بعد المهرجان السياسي الخطابي الشعري الذي عقد في قاعة سينما ديانا في الناصرة كما أذكر ذلك جيدا!!
 قضيت يوما واحدا في الزنزانة .. كان الاعتقال بكل قساوته، جامعة هامة في مسيرة حياتي.
****** 
عانقت الرياح بشدة  .. فحملتني إلى عالم توهمت انه معتوق. أسرعت أبحث عن أحبائي، فوجدتهم يضمدون جراحهم وأطفالهم يلعبون بآلات الموت. حرت في أمري، اضحك أم ابكي..؟! لكن حيرتي لم تطل!!
قالت لي عجوز مقعدة:
- كم هو أخلاقي  وإنساني ان تعطي ابتسامتك لمن فقد القدرة على الابتسام...
- لكنهم أعداءنا يا جدتي..؟
- ابتسامتك ستغير ما نشأوا عليه
- المسيح أعطى خده الأيسر بعد الأيمن، فصُلب؟
- لكنه كسب العالم كله.
- أراك تبتسمين وآلامك تبكي الحجر. ألا تعرفين البكاء ؟
- فقدت أربعة، ولا أريد أن أنزل القبر قبل أن أزغرد لاستشهاد الخامس..
- ومتى تبكين؟
- يا بني، نحن نبكي حين نلد.. لأننا نخاف أن يحمل ولدنا العار لأرحامنا. أما حين يستشهد ، فنزغرد فرحين لطهارة ما بذرنا...
- هل هي "متسادا" جديدة؟(2)
لم تفهم معنى سؤالي. واصلت تقول:
- بذورنا هي الشيء الوحيد الأكيد في عالم العروبة...
ازدادت حيرتي .. وكلما ازدادت حيرتي التبست علي طريقي، كنت مشتت الفكر مثقل الرأس. قالت أمام حيرتي:
- لن تفهمني إذا لم تكن فلسطينيا!!
استيقظت متعبا من النوم .. بحث عن العجوز فلم أجد إلا الليل والصمت ...
*****  
احترت وحيرت.طفت الأصقاع وأنا أرنو نحو ضوء القمر الذي بدا يتلاشى. تهت في أفكاري وتخيلاتي. كان الألم ينهش كبدي، والتيه يمزقني. التقيت بتائه مثلي:
- إلى أين؟
- إلى هناك...
-  أين هناك؟
- حيث كلهم ...
- لا أفهمك.. أنا تائه .. فهل تعرف الطريق؟
- أعرفها وتعرفني.. مرات كثيرة مررت فوقها.. وما زلت اكرر التجربة..انها أمامنا ممتدة، حتى ما بعد الأفق.. قد تقصر .. لكنها طريق عربية لذا لا تقصر، بل تطول..وتطول..
-  هل ستبقى ماشيا؟
-  لا أدري.
-  هل لها نهاية؟
-  من يعلم؟
- حيرتني
- كنت مثلك لكني فقدت حيرتي أيضا.
- تمشي ولا ترى نهاية للطريق؟
- أراها بوضوح من زاويتي المعتمة؟
- - ماذا ترى؟
- استمرار الضياع!!
******  
ركعت ركعتين وما صليت.
تمردت وقذفت صليبي
ركضت نحو الأشياء..
غافلت الريح..
وقفت فوق التلال..
صرخت، صمت، تأوهت..
جذبتني الوديان..
قطفت أجمل الورود البرية وبعثرتها فوق وجهي
خاطبت الجماد..
صحت في الفراغ..
أصبت بغيبوبة فوق بساط أخضر من الحشائش
تنشقته، تنشقته وتنشقته..
تهت في تعقيدات فكرية..
حاولت ان افهم متى يبدأ التاريخ؟
متى استطيع ان اعرف طريقي؟
تهت في خضم عجيب من الاصطلاحات حتى سرقني الوقت.
أسرعت عائدا قبل حلول الظلام.
استيقظت قبل الفجر مرة أخرى...
******  
فقدت ذاكرتي. اكتشفت ذلك بالصدفة. أنا لا اعرف من أنا. هكذا فجأة بلا مقدمات.لا اعرف إن كنت أحلم. أحاول تذكر اسمي. تخذلني ذاكرتي. أحاول ان احدد بدايات لأشياء حولي، تختفي كأنها لم تكن. أنشط لمعرفة صور أشخاص ملامحهم تداعب ذهني... تختلط على الصورة.
أغوص في مخيلتي واستحثها ان تنشط. أغوص وأغوص.. أنسى إلى أين أغوص. لماذا أغوص؟ أحدق حولي دون أن أفهم أو استوعب ما أرى.. من أنا ؟ ماذا أفعل هنا؟ أحاول النوم . فيجذبني صمت عجيب!!
*****  
قال زميل لي :
- تحيرني معادلات التاريخ بدقتها وشموليتها. هل تعرف ان دراسة التاريخ تعطي الإنسان أفقا واسعا وقوة نفسية جبارة؟
- الوقت غير مناسب للفلسفة.
- إذن عد للنوم.
فجأة شعرت بالألم. الصور المائعة عادت تداعب ذهني.. بدأت أفقد صلتي بالأشياء من جديد... تملكني شعور مبهم عن عالم مأساوي بأحداثه.أحسه ولا أراه. أخوض فيه ولا اكتشف مكنوناته. أتنشقه وأعجز عن معرفته.
بين الفينة والأخرى يعاودني الذهول. أحاول ان أجد الروابط.. أضيع ورائها. التقي كثيرين اعرفهم.. وكثيرين لا اعرفهم. أحاورهم بصمت ثقيل. انتهي إلى ركن مظلم... فأعود من حيث بدأت.
هربت لآفاق جديدة. رأيت طلوع الشمس واحمرار الشفق عند المغيب. في الليل القوا القبض علي. اقفلوا علي في زنزانة وقالوا اني سافل!!
******  
سأتقدم حاملا لحدي بيد
وباليد الأخرى ثورتي
فعانقيني إذا شئت
يا أغلى من روحي عندي.
******  
فتحت عيني ... فوجئت.
بدأت أستعيد وعيي أو بعض منه..ما جرى بات أكثر وضوحا.  الآن ترتبط الأحداث بذهني. أين كنت غائبا؟
يطلبونني للخروج. هل هو تحقيق جديد؟
لم يكسرني عنفهم  ولن يكسرني. علي أن أظل هادئا... متيقظا..
سأقوم الآن وأتحرك للخروج...
******  
التقيته دامي الوجه.. ارتمى فوق صدري، ودس ليدي قصاصات صغيرة من الورق. أسرع الشرطي يفصل ما بيننا.
خبأت قصاصات الورق في جيب بنطالي. شعرت بها كنزا غير عادي..
التحقيق يكرر نفسه.. ملوني أو مللتهم..غضبوا لأني أفشلت جهودهم في إيجاد أدلة كافية باني سافل!!
أطلق سراحي!!  
هذا مجمل ما استطعت قراءته على قصاصات ورق من علب السجائر. التي وصلتني من معتقل لا اعرفه.
بعض الكلمات لم تكن واضحة ناسبت كلمات مكانها، حافظت على المضمون، ماذا أفعل بها؟ 
صاحبها يطلب إنقاذه من موت مؤكد..يروي رحلة تعذيب طويلة ليقر بما لم يفعل. يصر على رفض الاعتراف بما لا علاقة له به.
احترت فيما اعمل مع قصاصات الورق.. لمن أسلمها ولا اسم فيها؟
وقعت عيني على صحف في صباح أحد الأيام .. عناوين مزعجة.. لكن عنوانا صغيرا جعلني أتجمد بذهول:
"العثور على جثة شاب مليئة بالكدمات "
الصورة في الجريدة  لم تفارق ذهني، منذ حضنني ليدس قصاصات الورق في يدي..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بعض المواقع لسبب غبي جدا، حذفت المقطع الذي يقول "يحبون الشيوعية" بتجاهل كامل لما كان يمثله محمود درويش في حياته وشعره وفكره، لا اكتب ذلك من منطلق سياسي، أنا أيضا خارج صفوف الحزب الشيوعي، ولكن التاريخ مقدس وتزييفه جريمة!!
2- متسادا قلعة تقع على جبل يطل على البحر الميت، اشتهرت بعد الحدث الدرامي المثير الذي أدى إلى انتحار 953 يهودياً رفضوا الاستلام للقوات الرومانية التي حاصرت القلعة خمسة أشهر، أثناء التمرد اليهودي الذي وقع في العام 70 ميلادية، عندما اجتاح الجنود الرومان القلعة لم يجدوا على قيد الحياة إلا سيدتين وخمسة أطفال، أما الباقون فقد انتحروا بعد أن رفضوا الاستسلام.

مَصْــر وبَـسْ/ مهندس عزمي إبراهيم


مصــر الحلـوة.. الفرعـونيـة
قالــوا عليـها.. أمّ الـدنيـــــــا
إسمـها مصـر.. مصــر وبَـسْ
وكل العــــــالم يعشـق مصــر
وعـارف مصــر
إنـْها مصــر... مصــر وبَـسْ
***
نـاس أعطـوها لقَــب عربيــة
ونـاس بينــادوا.. إسـلاميــة
ومصــر عظيـمة
من غيـر دِيّــا ومن غير دِيّــا
***
قالـوا "متحـدة" في خيمـة عربيـة *** وقالـوا عاوزينها "ولايــة" دينيـة
رح اترجمها
يعني مصــر
تبقي "يتيــمة في وِحـــدة" خرافـة
وتبقى "سجينـة في سجـن" خلافـة
في قفـص هــش.. ما يسواش عِـش
كأنهـا "فــــار مدفــون" في قرافـة
***
مصـر الحـُــرة
دولـة عريقــة "أمـَّـــة"أصيـلة *** ما تكون أبـداً "تابعـــة" ذليـلة
مصـر الحـُــرة
مصـر الخَضرة.. مصـرالسَــمرة
تاريخيـاً.... فرعـونيـة
وجغرافيـاً.... أفـريقيـة
لا عربيـة ولا اسياويـة
***
جذورنا فراعنـة.. جدودنا فراعنـة
واحنــا فراعـنـة
لا احنــا بَــــدو، ولا عـربــان *** واحنا مش من بـني قحطــان
ولا عـدنـــان ... ولا كنعــــان
***
هويــة مصـر: فقـط مصريـة *** وعظمة مصـر انـها مصريـة
نظـــام الحكـــم: جمهـوريـــة *** ومش رَح تبقى غير مَدَنيــة
فيـها دستــور وفيـها قانــون *** يصـون أديــان، ومش دينيـة
***
وإحنـــا... !!!؟
إحنـا.. يللي ما تعـرف إحنــا *** إحنـا حَمـادة... وأخـــوه حَنــا
واحنـا فاطمــة أخـت إزيــس *** إحنـا اولاد ميــــنا ورمسيـس
وأمنمحـات وخوفــو وسيـتي *** وحتشبسـوت ونفـرتيـــــــتي
***
إحنـا شـعـب النيــــل جَمَّعـــنا *** واحنـا بنيـنا البيـت بدراعــنا
وكـل ما نسـعَى ربِّنـــــا معنـا *** ولـو نتـآخى، اللــــــه يرفعنـا
ولمّـا نصَـلـِّي بأي لسـان... من الأديــــان
اللــــه "واحــــــد"........... رَح يسمعنـا
***
خلاصة الأمـْـر *** وطنـّــا مصـْـر
مصـر.. وبَسْ
من غير حَشـر.. وحَشـو.. ودَسْ
مش محتـاجة حـرف زيـــادة
يزيــدها سعــادة
***
وكل الفخــر، يا أبنــاء مصـر *** مسيحي ومسلم نعـشق مصر
نصون أديانّـا ونصون مصـر
يا مصريين مصــر... مصـر وبَـس
إحنـا أصــل وفــرع فراعنـَـة
وأيّ إضافـة، مالهاش مَعـنَى
*****
مهندس عزمي إبراهيم

ـ30 يونيو.. الرحيل أو الإعدام/ مجدى نجيب وهبة


** أشرس ما يمكن أن نواجهه هو عمليات النصب والتضليل والكذب الفاضح من جماعة إرهابية تدعى إنتسابها للإسلام ، والإسلام منهم براء .. فتاريخها وماضيها الأسود معروف ومحفور ومسجل بقلم شديد السواد .. والجميع يعلمون ذلك ، والبعض يفضل ألا يعرف أو يتعمد التجاهل والغباء !!..
** الجميع يعرف ويؤمن بالدور الأمريكى ، ودور البومة ، أسود الوجه "أوباما" .. والجميع يعرف دور كل من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ، العاهرة "هيلارى كلينتون" ، والحرباء الحالية السفيرة الأمريكية "آن باترسون" !!.. والجميع يعرف جيدا دور السيناتور البلياتشو "جون كيرى" ، وعلاقته الحميمة بالإخوان ..
** والمعروف للجميع .. أن الهدف من هذه المؤامرات هو إسقاط وتدمير مصر ، وجعلها دولة هشة ضعيفة متسولة ، لا تملك إرادتها.. وبالتالى هى لا تملك قرارها .. تركع للسيادة الإسرائيلية وتعجز عن المواجهات العسكرية للسلاح الإسرائيلى إلا بالشعارات الزائفة ، والخطب الحنجورية ، واللافتات البراقة التى تعلق فوق أسطح العمارات !!...
** والمعروف أن 25 يناير .. لم تكن إلا وسيلة لبداية تنفيذ هذا المخطط الإجرامى ، الذى شارك فيه شباب مصرى وفتيات مصرية منتمين لحركات سياسية .. تم تدريبهم فى كل من إنجلترا وأمريكا والصرب .. كما شارك فى هذا السيناريو بعض القادة العسكريين ، وبعض ممن ينتسبون للسلك القضائى ، والموالين لجماعة الإخوان المسلمين .. هذا بجانب بعض القيادات الشرطية الذين تم أخونتهم !!..
** ومع كل ذلك .. للأسف مازال يوجد بيننا بعض البلهاء والمغيبين ، الذين يتحدثون بكل زهو وفخر عن ثورة 25 يناير المجيدة ، وإنهم أحد أبطال وصناع هذه الثورة ، ويتفاخر بأنه ظل معتصما بالتحرير حتى رحيل النظام .. بل أن البعض يعتبرون أن هذا اليوم هو مقدس ، وكل من عارضهم هو ليس بمصرى .. بل هو خائن للثورة  المجيدة .. والبعض يزعم أن الثورة مازالت مستمرة ولم تحقق أهدافها بعد . علما بأن هذه الثورة لم تجلب لمصر إلا جماعة الخراب والدمار المسماة بجماعة الإخوان المسلمين !!..
** يدور كل ذلك فى الشارع المصرى ، وفى كل وسائل الإعلام دون أدنى خجل أو تفكير .. رغم أن الدولة وصلت إلى أقصى حد للإنهيار فى كل المجالات .. فأى ثورة تتحدثون عنها .. ومصر الأن تصنف على إنها دولة إرهابية ...
** نعم .. إنها ليست ثورة ولكنها نكسة أشد من نكسة 1967 .. أتت بالإخوان إلى قصور الرئاسة .. أى ثورة تتحدثون عنها وهناك إنتهاك لكل شئ فى مصر .. فأصبحنا نعيش فى لا دولة ولا قانون ولا أمن ولا مستقبل ولا أى شئ !!.. إنتقلنا من سيئ إلى أسفل السافلين وأصبحنا دولة مهلهلة هشة ضعيفة لا قيمة لنا .. فهل تحقق شئ ؟؟!!!...
** تنطلق الحرباء الأمريكية "آن باترسون" كالأفعى فى كل إتجاه لزرع الفوضى والخراب .. بعد أن قرر الشعب الإندلاع بثورة شعبية لإسقاط هذا النظام الإرهابى يوم 30 يونيو ..
** بدأت هذه الحرباء نشاطها بزيارة قداسة "البابا تواضروس الثانى" فى محاولة لدفعه لإصدار بيان كنسى بتحذير الأقباط بالمشاركة فى تظاهرات 30 يونيو القادم .. وزعمت الحرباء أن الزيارة جاءت فى إطار الحوار حول العديد من القضايا منها "حقوق الأقباط" .. ورغم كذب الحرباء الأمريكية إلا أن قداسة البابا الذى تعودنا معه على الحكمة والحسم ، كان رده قاطعا على كل المحاولات الخبيثة فى إستدراج الكنيسة .. وقال "إذا سألنى أحد عن رأيى ، سأقول له عبر عن نفسك بما يريح ضميرك ، فكل شخص له الحرية فى أن يعبر عن رأيه كيفما شاء" !!...
** نقول للحرباء .. أى قضايا تبحثونها حول "حقوق الأقباط" .. يبدو أن أمريكا تناست أنها الدولة الكبرى والمسئولة عن تدعيم الإرهاب فى مصر وليبيا والعراق لقتل الأقباط ، وحرق ممتلكاتهم ومتاجرهم ومساكنهم .. وهى المحرضة رقم 1 على هدم الكنائس فى العراق وليبيا وفى مصر .. ويبدو أن الحرباء لم تكتفى بزيارة قداسة البابا .. بل بدأت تحركاتها كالحرباء ، تغير جلدها فذهبت سرا إلى المقطم ، وبالتحديد مركز "إبن خلدون" لمقابلة بعض عواجيز السياسة  الذين خرجوا معاش بعد بلوغهم سن اليأس الفكرى والسياسى .. وقد عبرت الحرباء عن إنزعاجها لمطالبة الشعب بعودة الجيش .. وقالت "إنها لا ترحب بذلك" !!...
** أقول لها ولكل أعضاء الإدارة الأمريكية .. كفاكم خراب أيها الملاعين .. كفاكم خراب فى مصر .. أنتم تعلمون لماذا تدعمون الإخوان المسلمين .. لأنهم يرفعون شعار "نحمل الخراب والدمار لمصر" ..
** نعم .. لقد رفعوا شعار "نحمل الخراب والدمار لمصر" .. بعد أن مزقوا الوطن وأضاعوا هيبة الدولة ، وقسموا الشعب .. وإعتبروا أن كل من لا يؤمن بالجماعة ، ولا برئيسها .. فهو كافر وهذا مافعله أحد شيوخ الرئيس فى مؤتمره الأخير !..
** ولذلك .. فإننى أتعجب من هذا الهجوم المكثف على تعيين أحد أعضاء الجماعة محافظا للأقصر .. أتعجب من كل هؤلاء بينما تتركون الفاعل الرئيسى ورئيس  الجماعة قابعا فى قصر العروبة ، يدير كل العمليات الإرهابية من التحريض على قتل المواطنين المصريين أمام أسوار الإتحادية إلى طمس الحقيقة لمعرفة من قتلوا جنودنا فى رفح إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا ، وإرهاب القضاة إلى تقسيم مصر ، لتنفيذ المخططات الأمريكية الصهيونية ..
** هذا هو الرئيس .. فلماذا تهاجمون الصبيان ؟ .. هذا هو الرئيس الذى أصر على وجود النائب العام "محمد إبراهيم" لتنفيذ مخططات الإخوان ..
** هذا هو مربط الفرس .. وهذا هو المحرض الأساسى والمحرك لكل عرائس المارونيت على مسرح الإخوان .. وحتى لا ننسى ما فعله الإرهاب الإسود فى الأقصر عام 1997 .. فإليكم التفاصيل !!
تحركت مجموعة إرهابية من ستة أفراد وهم يرتدون ملابس سوداء تشبه ملابس القوات الخاصة ، وقد وضعوا على جباهم شريط أحمر مكتوب عليه "فرقة الخراب والدمار" .. بعد أن أرغموا سائق سيارة بيجو على الذهاب بهم حتى الدير البحرى ، وقد نفذوا جريمتهم البشعة فى مدة لا تزيد عن نصف ساعة راح ضحيتها 62 من الأجانب والمصريين ، وأصيب 24 أخرين ، وبعد أن نفذوا جريمتهم البشعة فى معبد حتشبسوت ، وقبل أن يتوجهوا إلى الأتوبيس للذهاب إلى البر الغربى .. رقصوا وسط الجثث والأشلاء بالأسلحة الألية فى وقت واحد ، وبطريقة واحدة بشكل جماعى .. وقد أكد شهود العيان أن الإرهابيين قاموا بتجميع عدد كبير من السائحين وطلبوا منهم الإنبطاح أرضا ، ثم أطلقوا عليهم الرصاص بغزارة ، وإستخدموا السونكى الخاص  بالبنادق وسكاكين كانوا يحملونها معهم فى طعن الاجانب ، وذبحهم ، وشق بطونهم ، وظلوا يتراقصون على أشلاء الجثث ، وأخرجوا جنين من أحشاء أحد الضحايا .. وظلوا يقذفون به .. ثم بعد ذلك هربوا إلى مغارة محارب ، وقام بعض الأهالى بمطاردتهم إلا أنهم عند دخولهم المغارة وجدوا الإرهابيين الخمسة قد قتلوا ، وبجوارهم أسلحتهم .. رغم أن المغارة مظلمة ، ويستحيل على من كان خارجها أن يرى من بالداخل والرصاص الذى أطلق على الإرهابيين لا يزيد عن مسافة نصف متر .. بينما كان ضباط الشرطة على بعد ستة أمتار ، والرصاص خرج من بندقية ألية ، مصدرها غير معروف ، لأنه لا توجد مقذوفات فى الأجسام ..
** تراصت الجثث بطريقة هندسية .. رأس الأول بجانب قدم الثانى .. ورأس الثانى بجانب قدم الثالث .. أما السادس فقد أطلق عليه الرصاص وهو خارج المغارة من مسافة 100 متر .. وهذا يدل على أن الجريمة نفذها هؤلاء الستة .. وهناك من كانوا يراقبون المشهد وبعد إتمام الجريمة تم التخلص من الإرهابيين ..
** لم يكن القصد من هذه الجريمة إلا إرهاب السائحين ، ومنعهم من القدوم إلى مصر .. بهدف تدمير النشاط السياحى فى مصر .. هؤلاء هم الإرهابيين الذين يحكمون مصر الأن ، ويرفعون شعار "نحمل الخراب والدمار" .. فهذا ما جنيناه منذ أن بليت مصر بنكسة 25 يناير .. حيث هل علينا أحد أعضاء الجماعات الإرهابية ، وقد صرح بأن السياحة حرام ، ويجب تغطية التماثيل بالشمع .. وقد سخر الجميع من هذه الفتاوى ولم ندرك خطورتها ..
** صمت الجميع عندما أفتى الشيخ الضرير "عمر عبد الرحمن" ، بفتواه المشهورة ، أنه لا عقد أمان للسائح الوافد إلى بلدنا ، وتبنى الشيخ الضرير أن يتم هدم الأهرام وأبو الهول حتى لا يجد السائح ما يدعوه للقدوم إلى مصر ..
** لقد بلينا بفتاوى عديدة ظهرت بالإعلام عقب نكسة 25 يناير ، ويبدو أن الجميع كان مغرما بهذه الفتاوى ولم يقبض على أصحابها .. وهذا ما شجع الرئيس الحالى فى ظل اللادولة واللاقانون ، أن يعين أحد كوادر تنظيم الإخوان محافظا للأقصر ، والذى حكم عليه سابقا فى جرائم تحريض على العنف .. وكأنه يقول "هكذا يتم غلق باب السياحة تنفيذا لتعليمات الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن والمحبوس حاليا بأمريكا" ..
** علينا أن نعلم أن الكرة الأن إلا فى ملعب الشعب والخروج إلى الشارع هو الحل .. حتى يأتى الخلاص من هذا الكابوس وهذا الإرهاب .. فلا فرق بين محافظ إرهابى أو رئيس يعمل لمصلحة الجماعة ..
** أخيرا .. أود أن أوجه رسالة تحية وتقدير للرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" .. الفارس الرائع الذى أوقف القواد الإرهابى الأمريكى "باراك حسين أوباما" ..
** أما عن الحرباء الأمريكية "آن باترسون" فأطالب كل الشعب المصرى بطردها من مصر فورا .. وعليها أن تعلم أن مصر ليست إخوان كذابون .. بل مصر هى ثورة يوليو ، ونصر أكتوبر .. مصر عظيمة بشعبها وجيشها وقضائها وشرطتها .. وستظل شامخة إلى الأبد مهما تساقطت الدماء .. وعليكم الرحيل أو الإعدام قبل 30 يونيو !!!

مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

مقامات قتيل الزمان السَهَرْعندي: مقامة 12/ د. عدنان الظاهر

مع عبد الكريم قاسم .. قتيل العراق وزمانه .
أخذتُ موعداً لمقابلته في إستراحته الخاصة في منطقة البتاويين في بغداد . كان الرجل في إستقبالي ، رحّب بي وقادني إلى حجرة بسيطة التأثيث كأنها أعدّت لإستقبال الضيوف وهم على العموم ندرة نادرة . قال ما تشرب ، بارداً أو شايا ؟ قلتُ بل أشربُ شاياً . كان وحيداً في بيته في ذلك اليوم ولعله وحيد في سائر الأيام . لا من أحدٍ يقوم بمهام  إدارة شؤونه الشخصية والمنزلية . لا خادمٌ ولا أختٌ ولا زوجٌ . أتى بصينية فيها كأسان من الشاي الجيد التخدير . ما كان يسأل بل كان ينتظر أسئلتي ويبدو عليه أنه قد أعد نفسه لكافة الإحتمالات ودرس العديد من الأجوبة على أسئلة مُحتملة وهذا شأن العسكري الذكي الناجح . أنهيتُ كأس الشاي وشرعت أقلّبُ أوراقي باحثاً عن قائمة الأسئلة التي فكّرت فيها ثم أعددتها ليلة أمس .
سيادة الفريق الركن : سوف لا أسألك عن أمور معروفة سألها قبلي غيري وتناولتها وسائل الإعلام العراقية وغير العراقية . سأسألك عن مسائل يعتورها الغموض وربما دارت حولها شائعات وتكهنات عديدة . لذا أرجو أنْ يتسع صدركم لمثل هذه الأسئلة وأنْ أسمع منك رأيك فيها وإجاباتك عنها . بكل سرور ... أجاب الزعيم .
أنا : كيف فرّطتَ برفيق السلاح وتنظيم الضبّاط الأحرار السرّي ومحرر بغداد فجر الرابع عشر من تموز عام 1958 ؟
الزعيم : تقصد عبد السلام محمد عارف ؟
أنا : نعم . أعفيته من مسؤولياته وزيراً للداخلية ونائباً للقائد العام للقوات المسلّحة العراقية وعيّنته سفيراً للعراق في بون الألمانية . كيف هان ذلك عليك ولم يهنْ على غالبية العراقيين العظمى فهو الذي اقتحم بفوجه بغداد قبلك وهو من أذاع بيان الثورة فأعظمه الناس وأكبروه . ما كان يومذاك متآمراً ولا خانك ولا خان الثورة لكنك مع ذلك أقصيته حتى عن وطنه العراق وأبقيت رجالاً لا علاقة لهم بثورة تموز إلاّ ربما من بعيد أمثال محمد صالح العبدي ـ الحاكم العسكري العام ـ ويحيى أحمد حقي ـ وزير الداخلية ـ وإسماعيل العارف ـ وزير المعارف ـ هذه نماذج فضّلتها على عبد السلام وقرّبتها منك وأنطتَ بها مسؤوليات كباراً . وأسوأ من ذلك أنك أعدت الإعتبار لضابط متقاعد أو مطرود من الجيش العراقي وأعدته للخدمة الفعّالة قائداً لإحدى الفرق العسكرية لكنه سرعان ما خانك وخذلك في ظرف حرج دقيق وأعان خصومك على الإطاحة بك وبحكومتك وبثورة تموز التي كنتَ تنسبها لنفسك .
الزعيم : كان ذلك واحداً من أخطائي الكبيرة لكنه كان خطأً مفروضاً عليَّ وما كان أمامي من سبل أخرى لتجنب وقوع ذلك الخطأ . كنت حينها واقعاً تحت ضغوط شتّى من قبل ضباط كبارٍ كانوا أعضاء في اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار .. فضلاً عن ضغوطات من قبل جهات سياسية مدنية كان تأثيرها في الشارع كبيراً . ثم لا تنسَ أخطاءه هو التي عرفها الداني والقاصي على رأسها غروره واستهانته بي وبموقعي من الثورة وقيادة البلاد ثم تهوره الذي دفع به للتهديد بقتلي على مائدة طعام جمعته وعبد الناصر في القاهرة . كان عبد السلام يتكلم بحرارة وثقة عن الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة فسأله عبد الناصر : وما موقف عبد الكريم قاسم ؟ أجاب بالحرف الواحد ، كما وصلني الخبر ، هذا ـ يقصدني ـ حقّه رصاصة واحدة ! يعني أنه سيقتلني ويتخلص مني بإطلاقة واحدة من مسدسه .. وهذا ما حاوله معي بعد ذلك بشهور قليلة في وزارة الدفاع بعد زيارته للقاهرة تلك إذْ أخرج مسدسه من جيبه فطوّقته وانتزعت المسدس من يده وكان الوزير فؤاد عارف حاضراً واعترف في محكمة الشعب أنه رأى في يد عبد السلام مسدساً لكنه أفاد أنّه ربما أراد الإنتحار كما ادّعى أمام هذه المحكمة .
أنا : وهل تشكك في نزاهة إفادة السيد فؤاد عارف ؟
الزعيم : اللهُ أعلمُ ! لا من أحدٍ يستطيع إجباره على قول الحقيقة . ضميره فقط هو الفيصل وهو وحده قادر على إجباره على قول الحقيقة .
أنا : أظنُّ أنَّ فؤاد عارف كان متواطئاً مع عبد السلام أو أنه كان متعاطفاً معه لأسباب كثيرة . لذا أخفى الحقيقة وادّعى ما قد ادّعى فبرّاَ ذمّته من الإقدام على قتلك .
الزعيم : ....
أنا : لكنَّ محكمة الشعب أصدرت بحقه حكماً بالإعدام فعلا صوته صارخاً : تحيا العدالة أو يحيا الشعب !
الزعيم : كان ذلك حكم المحكمة وإني لم أصادق عليه كما يعلم الجميع . عفوتُ عنه متنازلاً عن حقي الشخصي وأُطلق سراحه بعد أنْ مكث في السجن فترة عامين تقريباً وكان راتبه الشهري جارياً خلال فترة سجنه .
أنا : أفلم تجدوا طرقاً أخرى للتعامل مع هذا الضابط الجسور الجرئ غير تجريده من منصبيه ونفيه خارج العراق وإنْ بدرجة سفير ؟
الزعيم : غدا وجوده خطراً عليَّ وعلى ثورة تموز وعلى العراق .  وما كان مُريحاً بالنسبة لقادة الفِرق وكبار ضباط الجيش العراقي فقد كان يتعالى عليهم باعتباره محرر بغداد الأول وأول من دخلها يقود فوجه وكان أقل رتبة منهم فكان عقيداً وكانوا زعماء [ عُمداء ] وهذا أمر له اعتباره الكبير بالنسبة لتسلسل الرتب العسكرية .
أنا : ولكنْ أفما كان ممكناً ترقيته إستثناءً حتى يكونَ في مستواهم أو حتى أعلى منهم رتبةً وقد فعل هذا جمال عبد الناصر مع عبد الحكيم عامر ؟
الزعيم : ...
أنا : هل كنتم تشعرون سيادة الزعيم أنَّ عبد السلام كان منافساً خطيراً لكم ؟
الزعيم : كان منافساً نعم لكنه ما كان بالنسبة لي خطيرَ الشأن . كان مغروراً ومتكبّراً وكان متهوّراً لا سيطره له على لسانه . ما كان نظيف اللسان وقد انكشف أمره خلال زياراته وخطاباته المتعددة في مدن العراق حتى غدا أُضحوكة لسامعي خطاباته تلك وخاصة في الحلة والرمادي .
أنا : إذا كان الرجلُ كذلك فلِمَ اخترته ووثقتَ به دون باقي كبار الضباط الأحرار وأشركته معك في دقيق الأسرار ثم أمرته بتنفيذ المهمة الأكثر مغامرةً وخطورة فامتثل لأمرك وقاد فوجه وأذاع بصوته بيان الثورة الأول وحدث بعد ذلك ما حدث كما يعرف الجميع ؟
الزعيم : نعم ، وثقتُ به لأني كنتُ أعرفه ضابطاً وطنياً وشجاعاً مقداماً وكثير الحماس للإطاحة بالنظام الملكي والتحرر من ربقة الإستعمار البريطاني الذي أذاق العراق والجيش العراقي شتى صنوف المذلّة والهوان ولعلك تعرف ما جرى لهذا الجيش في حركة رشيد عالي الكيلاني . قيّد المستعمر البريطاني العراق بمعاهدات كان آخرها ربطه بحلف بغداد مع إيران وتركيا والباكستان المعادي للإتحاد السوفياتي الصديق للشعب العراقي ولحركات التحرر العربية وخاصة مصر أيام جمال عبد الناصر .
ما كنتُ أعرفه مغروراً أو بذئ اللسان وقد كنتُ أعلى رتبة منه لذا كانت علاقتي به علاقة ضابط أعلى بضابط دونه رتبةً يحكمها الضبط والربط العسكريان . ما كانت علاقاتنا علاقة [ ميانة ] وعليه كنتُ أجهل خفاياه وسجاياه التي غلبته بعد نجاح الثورة وطغت على تصرفاته .
أنا : ذكّرتني يا سيادة الزعيم بحلف بغداد حيث كان أغلب العراقيين ضده وكنت حينذاك ما زلتُ طالباً في كلية الطب الملكية كما كانت تُسمى حينذاك حيث تم الإتفاق بيننا أنْ نُعلن الإضراب ومقاطعة الدوام وحضور المحاضرات . كان ذلك أوائل شتاء عام 1955 . قاطعنا المحاضرات وتجمّعنا في وسط الكليّة فعلا هُتاف أحد الطلبة داعياً إلى سقوط حلف بغداد ففوجئنا بحضورعميد الكليّة الدكتور صائب شوكت الذي مشى مسرعاً محاولاً اللحاق بالطالب الذي هتف بسقوط الحلف [ فالح مهدي الخنّاق ] لكنه جرى ثم اختفى . كيف عرف العميد اسم هذا الطالب إذْ ناداه باسمه حين تتبعه ليُلقي القبضَ عليه ؟ مَنْ أمر بتسجيل أسماء الطلبة الذين قاطعوا هذه المحاضرات ومَن الذي نفّذَ الأمر وقام بالتسجيل ؟  كان واضحاً أنَّ بعض الطلبة حضرَ المحاضرة ولم يقاطع كما فعلت الغالبية . وأنَّ أحد هؤلاء أو أحد موظفي الإدارة والتسجيل قام بتسجيل أسماء الحاضرين وكانوا قلّة . شاركت في تلك التظاهرة فئات ثلاث هي الإخوان المسلمون والشيوعيون والبعثيون . وكان من بين الطلبة الذين قاطعوا المحاضرات وشاركوا في التظاهرة معارف وزملاء  معي في السنة الأولى أذكر منهم محسن الشيخ راضي ولطفي علي وآخرين أتذكّر منهم وداد المُفتي وصادق حميد علوش . وكان من بين  نشطاء الشيوعيين زميلاي ضياء الحسني وصلاح أحمد . لم أعرف من نشطاء الأخوان المسلمين إلا الزميل المصلاوي مؤيّد وكان بلحية خفيفة وخلل في قدمه . نشرت الكلية إعلاناً تطلب فيه إبراز مبرر للغياب ففعل البعض منّا إذْ دبروا تقارير طبية وأبى الباقون ـ وكنتُ أحدهم ـ فنالوا عقوبة إنذار أرسلتها لذوينا أجهزة مديرية التحقيقات الجنائية وليس عمادة الكليّة ! حقّكم يا زعيم أنكم ثرتم ضد نظام الحكم الملكي في العراق وإلاّ هل يحدث مثل هذا في بريطانيا مثلاً ؟ هل تحرّم الحكومات البريطانية على شعبها حق التظاهر وإبداء الرأي ؟ أين الحرية إذاً وأين دمقراطية الإنكليز ؟ سلمت أيديكم يا زعيم .
وعلى ذِكر ثورة رشيد عالي الكيلاني في مايس 1941 فقدنا ابن خالتي الشهيد لطيف عبد علي إذْ سارع للتطوع لقتال الإنكليز فُقتل في معركة سن الذبّان ولم نعثر على قبره .
الزعيم : ذكرتَ أشياء وغاب عنك الكثير !
أنا : نعود للحديث عن ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 . هل صحيح أنَّ أوّلَ خلاف جدّي بينكم وعبد السلام عارف كان حول مّنْ يكونُ آمرَ اللواء الأول في حامية المسيب .. أنت رشّحتَ ابنَ خالتك فاضل عبّاس المهداوي ورشّح عبد السلام العقيد يومذاك أحمد حسن البكر ؟ نعم ، ولكنْ لم يكن ذاك هو الخلاف الأول وما كان خلافاً حادّاً . الخلاف الأول والأكثر جديّةً كان حول الموقف من الجمهورية العربية المتحدة ، أراد عبد السلام وحدة فورية وما كان هذا الأمر متفقاً عليه قبل الثورة بل وما كان مُدرجاً في برنامج الثورة ثم لم يحصل عليه بعد الثورة إجماع من قِبل كبار عناصر تنظيم الضباط الأحرار وقادة الفرق العسكرية . وأكثر من ذلك .. كان الشارع السياسي منقسماً حول هذا الموضوع ، كان البعثيون والقوميون وراء عبد السلام مع الوحدة الفورية ، بينما كان الشيوعيون واليسار العراقي مع الإتحاد الفدرالي . ما كنا ضد الوحدة وكان الرأي أنَّ الوقت والظرف غير ملائمين لقيام وحدة فورية إندماجية والعراق على فوّهة بركان تُحيق به مخاطر كثيرة من جهات شتّى فإنه مُطوّق بالأعداء : حلف بغداد تمثلانه إيران شرقاً وتركيا شمالاً ثم الأردن غرباً والسعودية والكويت جنوباً . كانت أمامنا مهمات ومسؤوليات جسيمة لتحرير العراق من ربقة الإستعمار البريطاني وبناء إقتصاد وطني وتصفية الإقطاع والنهوض بمستويات الفقراء وذوي الدخل المحدود والقضاء على الأميّة . هذه مهام خطيرة وجسيمة ينبغي إنجازها قبل التخطيط لمشروع الوحدة العربية . للأسف الشديد وقف عبد الناصر من ثورة تموز موقفاً غير وديّ وحرّض فاصطف بذلك مع دوائر ومخططات حلف بغداد خاصة مع أمريكا وبريطانيا التي تعهدت بعودة [ الحصان الهارب إلى الحظيرة ] . ما كان الضباط الأحرار ضد الوحدة ولكنْ كان الإجماع أنها سابقة لظروفها .
أنا : هل كان لتمرد آمر حامية الموصل العقيد عبد الوهاب الشوّاف في آذار 1959 علاقة بموضوع الوحدة ؟
الزعيم : لا .. أبداً . كان الرجل مع الرأي الغالب في هذا الموضوع ... أنْ لم يحنْ الوقت بعدُ للإنضمام للجمهورية العربية المتحدة . أما إنشقاقه وتمرده العسكري فكانت له أسباب أخرى .
أنا : بعد محاولة إغتيالك الفاشلة في خريف عام 1959 حصلت إنعطافات وتطورات سياسية رأى فيها كثيرون تراجعاتٍ وتنازلات بل وإنحراف عن منهج وعقيدة ثورة 14 تموز كان من أبرزها عودة نفوذ الإقطاع والإقطاعيين فأدّى هذا إلى هجرة آلاف مؤلفة من فلاحي أرياف العراق إلى بغداد بالدرجة الأولى هرباً من بطش وإنتقام الشيوخ وكبار ملاّك الأراضي . ثم حدث تطور خطير آخر في مواقف الزعيم من اليمين العراقي فغضَّ النظرعن نشاط حزب البعث والقوميين وبعض رجال الدين ـ مثل محسن الحكيم ـ رافق ذلك ونجم عنه تمدد كبير لنفوذ هذه الفئات في كافة أنحاء العراق وغدت الأعظمية على سبيل المثال منطقة مقفلة للبعثيين ولمناوئي الزعيم والأطراف الأخرى التي تضررت بقيام ثورة تموز .  كذلك مدينة الموصل ولواء الرمادي [ محافظة الأنبار ] وتكريت وراوة ومدينة عنه فضلاً عن منطقة الكرخ في بغداد. رافقت ذلك وسبقته عمليات إغتيال واسعة خاصة في الموصل وبغداد نفّذتها عناصر بعثية وقومية طالت العديد من العراقيين الدمقراطيين واليساريين وكل مَنْ لم يدخل تحت خيمة ورحمة حزب البعث وفلول العهد الملكي . جرى كل ذلك حين كنتَ أنتَ ترفع شعار ( أنا فوق الميول والإتجاهات ) و ( القطار يسير ) فاستغل خصومك وأعداء الثورة هذين الشعارين وعاثوا في الأرض فساداً تحت سمع وبصر حكومتك فهددوا وتوعدوا وانتهكوا الحُرمات وقتلوا من قتلوا وزوروا إنتخابات نقابة المعلمين وباقي النقابات والتنظيمات المهنية والجماهيرية وملأوا دوائر الحكومة برجالهم وأعوانهم وعبأوا الكلية العسكرية وكلية الشرطة وغير هاتين الكليتين بالعناصر الموالية لهم تمهيداً واستعداداً ليوم الحسم وساعة الصفر معك التي دقّت صباح الثامن من شهر شباط عام 1963 ووقع ما وقع وما حصل لك معروف ! كنتَ سيادة الزعيم متناغماً ومنسجماً مع كل هذه التطورات لأنك إلتزمتَ الصمت وأعلنت الحياد كأنَّ حياة الناس ومستقبل العراق لا يعنيك أو يهمّك . وأسوأ من ذلك أنك أبعدتَ الضباط المخلصين لك ولثورة تموز عن وحداتهم القتالية وجعلتهم تحت ( إمرة الإدارة ) وأقصيت آخرين ملحقين عسكريين في خارج العراق وأحلت البعض الآخر منهم على التقاعد .. فهل خدعتك وضللتك أجهزة المخابرات العسكرية وأجهزة ومديريات الأمن ؟ كان على رأس مَنْ خان الأمانة رئيس جهاز المخابرات أو الإستخبارات العسكرية الذي كان يشغل مكتباً في وزارة الدفاع قريباً من مكتبك . ظهر أنه كان متعاوناً مع الإنقلابيين. الحديثُ طويل يا سيادة الزعيم وإنه لذو شجون .
الزعيم : يصعب الإتفاق معك حول الكثير مما عرضتَ من أمور . يرى الناس هذه الأمور من زوايا خاصة ومستويات للتقدير والرؤية تختلف جوهرياً عمّا يرى المسؤول ويُقدّر ويزن . مستوى رؤية هذا المسؤول أعلى وأكثر كثافة ولديه ما لديه من أجهزة ووسائل وآليات للتخطيط والتنفيذ ليست مُتاحة لكافة الناس . كان العراق مُحاطاً بالأعداء وقد خرج من حلف بغداد ومنطقة العملة الأسترلينية وكان يفاوض شركات النفط بعد أنْ قلّص إلى حد كبير مناطق التنقيبات عن النفط ثم جرى إعداد القانون رقم 80 الذي لم يرَ النور إلأ في اليوم الثامن من شباط 1963 في ساعات الإنقلاب الأولى . كان العالم الرأسمألي والكثير من أخوتنا العرب يتهمونني بالشيوعية وما كنت كذلك . جيّش بعض كبار رجال الدين الجيوش ومارسوا أعلى أشكال التحريض ضدي وضد عراق الثورة وأصدر بعضهم فتاوى بتحريم بعض العقائد السياسية فخانوا بذلك أماناتهم ومسؤولياتهم كرجال دين لا سياسة فأساءوا للدين كما أساءوا للسياسة . نعم ، ندمتُ ساعةَ أدركتُ أني خسرتُ معركتي مع الإنقلابيين  في وزارة الدفاع خاصة حين بلغني أنَّ وصفي طاهر وعبد الكريم الجِدّة قد سقطا شهيدين على أرض المعركة  في هذه الوزارة ! ندمتُ ولكنْ لاتَ ساعةَ مندمِ ! ندمتُ أني أبعدت عني أكثر الناس إخلاصاً لي ولثورة تموز ولا سيّما النخبة الممتازة من ضباط الجيش .
أنا : أخيراً يا سيادة الزعيم أعاتبك بشدّة أنك في ساعة الشدّة وأنت تجادل خصومك في مبنى الإذاعة والتلفزيون أنك طلبت منهم السماح بمغادرة العراق ! كيف سوّلتْ لك نفسك أنْ تتقدمَ بهذا الطلب لإنقاذ رأسك ولم تطلبه للرجال الأفذاذ الذين ظلّوا معك حتى آخر لحظة في حيواتهم .. أقصد طه الشيخ أحمد وفاضل عبّاس المهداوي والضابط الشاب كنعان خليل حدّاد ؟
الزعيم : .... ؟

العصا صانعة الثوار أم العبيد/ د. مصطفى يوسف اللداوي


هل صدقَ المتنبي عندما قال لا تشتري العبد إلا والعصا معه، إن العبيد لأنجاسٌ مناكيد، أم قد جانبه الصواب، وأخطأ المقال، وخالف الحق، وتجنى على الإنسان، وقد اتبع هواه تشفياً وانتقاماً، وأراد الانتقام ممن أهمله ولم يعره اهتماماً، فجعل من قضيته الشخصية شأناً عاماً، ووجه جام غضبه على فئةٍ من البشر، كان منهم أعظم الرجال، وأكبر القادة، وخيرة الفرسان، وأشهر الشعراء، وأشجع المقاتلين، ومنهم السابقون الأولون، كبلال بن رباحٍ الحبشي، فكيف تجنى عليهم وهو المشهود له في شعره بالحكمة، وفي قصائده بالبيان، التي جعلت منه واحداً من أعظم شعراء العرب.
من المؤكد أن المتنبي قد أخطأ، وأنه بقصيدته قد أهان البشر، الذين ليس فيهم عبيدٌ وأسيادٌ، فإن كانوا عبيداً فهم لله وحده، وأمامه يتساوون ولا يتميزون إلا بأعمالهم، وليس لأحدٍ غيره سبحانه عليهم فضلٌ ولا منة، ولا يحق لبشرٍ أن يستعبدهم، ولا لمخلوقٍ أن يستخدمهم، ولا أن يسخرهم لخدمته، والعمل له ومن أجله، فكيف أن يعذبهم ويسومهم سوء العذاب، ويسجنهم ويعاقبهم ويقتلهم، أو يحرمهم وينفيهم.
ربما كانت العصا التي قصدها المتنبي قديماً تخيف وترهب، خاصةً إذا كانت غليظة، ويمسك بقبضتها رجالٌ أشداء، مرضى النفوس، ساديي الطباع، منحرفين في أخلاقهم، شاذين في سلوكياتهم، قد طمست قلوبهم، وعميت بصائرهم، وارتضوا أن يكونوا زبانيةً للحاكم، وسوطاً في يده، يلهبون به ظهور العباد، ويصلونهم به العذاب ألواناً، ولا يشعرون بأفعالهم بتأنيب ضميرٍ، أو يبدون إحساساً بالندم أو الألم.
الأمر الذي جعل العصا في أيدهم مرعبة، يخافها الناسُ ويرهبونها، ويطيعون الحاكم خوفاً منها، ويطأطؤن له الرأس مخافة أن يقعوا بين أيدي الجلاوزة والجلادين، إذ لا يوجد من يدافع عنهم، أو يسمع بقضيتهم، أو يثور من أجلهم، وقد دانت البلاد للحاكم ورجاله، فامتلك خيراتها، وحاز على كنوزها، فكانت عنده المغانم والأسلاب، والأموال والعطاءات، وعنده الهبات والمساعدات، ما جعل الناس يطيعونهم خوفاً وطمعاً، ورغبةً ورهبة، فمن أطاع سلم وغنم، ومن عارض وانتقد حُرِّمَ وغُرِّم، وقد يسحل أو توضع السلاسل والأغلال في يديه ورجليه حتى يموت، وقد يقطع لسانه، أو يجذع أنفه، أو غير ذلك من صنوف التعذيب التي تفضي إلى إرهاب الآخرين وصمتهم، وضمان تأييدهم وولائهم، لذا فلم نسمع بثورةٍ أطاحت سلطاناً، أو أسقطت والياً أو أميراً، أو أجبرت حاكماً على تقديم الاعتذار، وإعادة الحقوق، وفتح السجون، ونصرة المظلوم.
لكن العصا اليوم لا تصنع عبيداً، ولا تولد خوفاً، ولا تجبر الناس على الخضوع والاستسلام، والقبول بما يقوله الحاكم أو يمليه رجاله، وهي لم تعد تقود الناس كالقطيع، وتدخلهم إلى الحظيرة وقت شاءت، وتذهب بهم إلى المسلخ إذا أرادت، أو تستبقيهم للحلب والسخرة، أو تستخدمهم للهجوم والقتال، وإعلان الحروب وتأديب الجيران، فقد تغير الحال وتبدل الزمان، وأصبحت العصا تأتي بعكس ما يريدون، وتنتج خلاف ما يتوقعون، فالسجون تخرج أبطالاً، والظلم يولد طاقة، والكبت يفجر القدرات، ويصنع المعجزات.
ولكن الأهم أن يدرك المواطنون أنفسهم أنهم قد شبوا على العصا، وأنهم لم يعودوا عبيداً، وأن نفوسهم باتت تشرئب نحو العزة والكرامة، وتتطلع إلى الحرية والمساواة، وترفض أن تقبل الإهانة، أو أن تسكت على الشتيمة، وأنها تأبى أن تصعر خدها، أو تطأطأ رأسها، أو تخفض صوتها، أو أن تلغي عقلها، وتعطل تفكيرها، وأنها لم تعد تكتفي من الحياة بالتبعية والإنقياد، وترضى منها بالشراب والطعام، فإنها إن هانت على نفسها فستهون على غيرها، وإن استعظمت العزة فإنه سيطيب لها العيش بمذلةٍ ومهانةٍ.
لذا فإن على الشعوب أن تعبر عن إرادتها، وألا تتخوف من بيان مواقفها، والاعتراض على حكوماتها، والوقوف في وجه حكامها، فإنها باتت أقوى من الحاكم، وأثبت من الحكم، وأقدر على الصمود من رجاله، ولكن عليها أن تؤمن بحتمية التغيير نحو الأفضل، وأن يكون انتقالها نحو الأصلح، فلا تكون هي عامل هدمٍ جديد، وعنصر يأسٍ وإحباطٍ آخر، لئلا تدفع المواطنين إلى الترحم على السابقين، والدعاء للهالكين، وتمني العودة إلى عهود السالفين، فلا يكون التغيير بالهدم، ولا التجديد في التدمير، ولا يكون الانتقال إلى المراحل التالية عبر بوابةٍ من الدماء لا تنتهي، وسلسلةٍ من أعمال القتل والتخريب لا تتوقف.
كما على الشعوب أن تنتصر لبعضها، وأن تثور لأجل قضاياها المشتركة، وألا تنزوي على نفسها، وتنغلق على ذاتها، فلا يتخلى شعبٌ عن آخر، ولا يكتفي شعبٌ بانتصاره ولا يلتفت إلى غيره، ممن عانوا مثله ظلم الحكام، وبطش السلطات، وبغي واعتداء الأجهزة الأمنية والمؤسسات البوليسية، وإنما يجب على الجميع التعاضد والتناصر، والتكاثف والتناصح، وإلا سيكون حالنا كما ورد في الأمثال "أُكلتُ يومَ أُكلَ الثورُ الأبيض"، ونحنُ في زمنٍ يسهل فيه التواصل، ويمكن فيه التنسيق والتبادل، فلم تعد هناك حدودٌ تحجز، ولا فواصلٌ تمنع، ولا عقباتٌ تعيق، بل إن سبل الاتصال أصبحت في متناول الصغار قبل الكبار، والعامة قبل الخاصة، ومن خلالها أصبح من السهل التنظيم والإدارة، أو الإنطلاق والمبادرة.
إذاً هي دعوةٌ صريحة ومباشرة إلى المواطنين جميعاً، أنهم لم يعودوا عبيداً، وأن العصا التي كانت تؤدبهم أصبحت تجعل منهم ثواراً وقادة، وأن الظلم الذي كان يمارس عليهم، أحالهم إلى إرادةٍ لا تعرف المستحيل، ولا تقيم على الذل، ولا ترضى بالهوان، وفيما قاله المتنبي بعد ذلك في القوة، اعتذارٌ عن الضعف والعبودية، واعتزازٌ بالسلاح والإرادة، ودعوةٌ لامتلاك أسباب القوة، السلاح والعلم، في قوله الخيل والليل والبيداءُ تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم، فهما معاً السيف والقلم، والرمح والقرطاس، مفتاح التغيير، وأدوات الثورة.
وهي رسالةٌ واضحة وصريحة أيضاً إلى كل الأنظمة القمعية، الشمولية أو الديمقراطية، الرئاسية أو البرلمانية، الملكية أو الأميرية، الاتحادية أو المشيخية، أن زمان استعباد الناس قد ولى، وأن حكم الشعب بالجبرية قد انتهى، وأن توارث الحكم لا يكون، فليست الشعوب متاعاً يورث، ولا عقاراً يباع أو يؤجر، وإلا فإن أحداً لن ينقذَ الظالمَ من مصيره، والمستبدَ من آخرته، ولعل في القديمِ قبل الجديدٍ خيرُ مثلٍ، فقد قتلت العصا حاملَها، وقطعت المقصلةُ رأسَ روبسبير وهو صانعها.

ماما أمريكا/ د. ماهر حبيب


أمريكا احلامها أوامر عاوزين هدوء فى غزة .. تمثيلية وصواريخ فشنك وكام طيارة وهب يظهر مرسى يلم الدور وكله يعيش فى سلام والفاتورة بقاء فى الحكم حتى لو سحل 90 مليون مصرى المهم ماما أمريكا وبابا أوباما راضى وانا راضى مالك إنت ومالنا ياشعب مصر الغلبان .... أمريكا تحلم بان الحرب فى سوريا تستمر لا غالب ولا مغلوب وإللى يغلب شوية نزق الطرف التانى علشان يفضلوا الإتنين يكسروا فى بعض لغاية ما التنين خلصوا على بعض ونفضل نسحل فى السوريين حتى أخر سورى ولما يكون ده حلم أمريكا يبقى الحلم أوامر ومرسى يلم أهله وعشيرته عن بكرة أبيهم فى الصالة المغطاة ليعلن الجهاد على سوريا علشان أونكل ينام مبسوط.
طبعا لأجل الورد ينسقى العليق مش مهم مين يموت ومين يعيش ومش مهم الدنيا تولع مش مهم إننا نتحشر فى مصيبة سودا مش قدها مش مهم ولا شيئ يهم ما عدا إن مرسى وعصابته يفضلوا فى الحكم حتى لو إنقرض أهل مصر من 90 مليون إلى 17 ألف هم كل من حضروا حفلة مورسيييه مورسيه أووو اوووو المهم رضا باترسون عنه وإولعى يا مصر هما مش قالوها واضحة وصريحة طظ فى مصر وأبو مصر وهى دى الجملة الوحيدة والصادقة إللى خرجت من بق الإخوان على مدى 80 سودا فى تاريخ مصر.
بص يا مورسييييه مورسيه أوووو أووو لو عاوز ترضى أمريكا لو عاوز ترضى العفريت الأزرق فيه مثل بيقول إللى يفنجر يفنجر من جيبه عاوز تجاهد على ارض سوريا لم أصحابك وعيالك وكل قرايبك ومريديك والباب يفوت مليون جمل أو حتى خروف وإطلع يا حلو على الأراضى السوريا إللى عاوز يجاهد بالنفس ماشى إللى عاوز يحارب .. بالسلامة والقلب داعى عليكم إللى عاوز يبذل دمه ..أو كيه مش حا نحوشكم عن إللى فى بالكم حتى الحلوين إللى عاوزين يجاهدوا بالنكاح هن أحرار  فى أجسادهن ... بس يا مورسيييه مورسيييه أووو أووو مالكش دعوة بينا إحنا عاوزين نعيش ومش عاوزين نموت وكل واحد حر فى نفسه ....إرحل على سوريا والقلب داعى لك وحبايبك حزب الله ناس ذوق ذوق ذوق حا يستقبلوك إستقبال ما شوفتوش قبل كده بالصوابع وغير الصوابع وأكيد حا تعرف معزتك عندهم.
لقد إنفضح مورسيييه مورسيييه أوووو أووو بعد ما أعلنت مامته أمريكا بتسليح أعضاء القاعدة فى سوريا طلع فى أقل من 24 ساعة يقول شبيك لبيك عبدك وملك إيديك عاوز أيه عساكر .. شيل عاوز منتحرين ...على قفى مين يشيل ...عاوز حوريات عندنا بضاعة بس مضروبه بس الضلمة تعالج كل شيئ ....موجود شيل شيل عبى عبى بس المهم رضا أونكل أوباما وماما أمريكا ما هو على راى المثل إللى يتجوز أمه يقول له يا عمه ويا بخت من وفق إتنين فى حزام ناسف  فى الحرام وإشرب يا شعب ما هو لازم نسترضى ونرضى ماما أمريكا

السفر عبرمعبر رفح ما بين الإذلال والإبتزاز في المال/ ماجد هديب

يضطر الفلسطيني أن  يُبقي كرامته معلقه مع ملابسه في غرفة نومه عند نيته السفر عبر معبر رفح ,وفي أحسن الأحوال يُبقيها معه إلى أن يصل الجانب الفلسطيني من ذلك المعبر  ليتركها بصندوق الأمانات لاستلامها بعد عودته إن تذكر بعد ما سيجده من إجراءات البطش والإمعان في الاهانة بأنه ما زال لديه بقايا كرامة تركها  إلى حين عودته ليشعر بأنه ما زال يعيش أثارها.
معبر رفح ,أو بوابة الإذلال وإمتهان الكرامة ,هي البوابة الوحيدة التي يدخلها الفلسطيني طواعية رغم ما سيجده في داخلها من إذلال واهانة وابتزاز مالي ,سواء كان ذلك في عهد الرئيس السابق حسني مبارك  ,أو حتى في عهد الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي ,ولكننا كنا ندرك بان إجراءات  إذلال الفلسطينيين وامتهان كرامتهم في عهد الرئيس السابق هي إفرازات اتفاقية سايكس_ بيكو وما انبثق بعدها من اتفاقات سرية مع الاحتلال الإسرائيلي لمحاربة الفلسطينيين  في ظل التزام  النظام السابق بحماية الاحتلال والحفاظ على أمنه ,ولكن ما يجده الفلسطينيون اليوم على معبر رفح  رغم إسقاط النظام السابق وزوال الاحتلال عن المعبر الفلسطيني شئ  يثير الدهشة والاستغراب ,وخاصة في ظل ما نشاهده من تصاعد في إجراءات الإذلال والاهانة ,فمن هو المسئول عن ذلك ولماذا؟,وأين هي مؤسسات حقوق الإنسان  عن امتهان كرامة الفلسطيني والإمعان في إذلاله بتلذذ؟ ,وأين هم أولئك الذين وليناهم علينا اختياراً من تلك الإجراءات ,وأين هم أيضا من ولوا علينا أنفسهم إجباراً ؟, فلماذا لم يصدر عنهم ولو تصريح إدانة  لتلك الإجراءات ,أو مطالبة  النظام الحالي بجزء بسيط مما كانوا يطالبونه  يوميا من النظام السابق عبر مؤتمراتهم أو وسائل إعلامهم؟.
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن ما أن تدخل صالة معبر رفح  لما  تسمعه وما تشاهده ,وما تعيشه  واقعا في صالة المغادرة يتكرر معايشته أيضا في صالة الوصول من صراخٍ لأطفال رضع ,وأنات مرضى تشاهد على أجسادهم ووجوههم الشاحبة  أثار مشارط العمليات الجراحية يعجزون نتيجة آلامها عن التحرك  ولو لقضاء حاجة,,وشباب يفترشون الأرض في ظل غياب هيبة الشاب وعنفوان الرجال  بعد أن تركوا كرامتهم على بوابة معبر رفح  لأنهم لو  نجحوا  بتهريب ما تبقى لهم من كرامة معهم  لدى مغادرتهم المعبر المصري لما صمتوا  عند وصولهم ذلك المعبر على إذلال  أبائهم وأمهاتهم ومن كانوا بجانبهم من كبار السن ,ولما وقفوا ايضا لا مبالين من  صور واقعية لترحيل صبايا في مقتبل العمر مع مجندين في عمر المراهقة ومنع أخريات من دخول وطنهم تحت ذريعة إنهن لا يحملن هوية إسرائيلية .
لم يحدث مسبقا وان وجهت لوما للنظام السابق لأنني  كنت أدرك بان  حماية مصالح الاستعمار  وحماية الاحتلال وتنفيذ سياسة تعذيب الفلسطينيين واهانتهم هي شرط إبقائه على  عرش مصر وحكم شعبها  , كما إنني لا أوجه لوما  ايضا لنظام مصر الحالي الذي يلبس رداء الثورة والإسلام لأنني أُدرك ايضا بان شرط إنجاح إسقاط نظام  وتثبيت آخر على عرش مصر هو الاستمرار في سياسة من سبقه من ارتهان لمصالح مصر في يد الاستعمار واستلاب مقدراتها ,ولكنني ألوم اليوم  كل من أطلق زخات من الرصاص فرحا وابتهاجا بسقوط النظام السابق ,وألوم كل من وزع حلوى بشوارع غزة لصعود نظام الأخوان المسلمين وتوليه حكم مصر ,كما ألوم هؤلاء أنفسهم واعتب عليهم لأنهم لا يصرحون ولا يكتبون أو يصورون في إعلامهم عن تصاعد إجراءات تعذيب الفلسطينيين وامتهان كرامتهم في معبر رفح وما يتبع تلك الإجراءات من ترحيل ,أو منع عودتهم إلى بلادهم  مع ابتزازهم مالياً .
Alazhar76@yahoo.com