الاستغراب/ صالح الطائي

رحلة مع رؤى الدكتور طالب محيبس الوائلي في كتابه "توظيف الاستغراب في الدراسات التاريخية العربية"

لا زالت الوافدات الفكرية الغربية تثير نقاشا محتدما بين المؤيدين والرافضين من العرب، ولازال هناك عرب يتهيبون من هذه الوافدات فيعدوها مرة غزوا فكريا، ومرة أخرى تقليدا قاتلا للإبداع، وثالثة تشبها بالغرب الكافر، ورابعة تجاوزا للموروث،وخامسة خنوعا لليهود.! ومن هذه الوافدات التي نالت نصيبها كان "الاستغراب" فالاستغراب الذي يقابل الاستشراق أخذ بدوره حيزا من هذا الخلاف والنقاش ربما بسبب اختلاف التعريفات التي وضعوها له، إذ عرفه الدكتور "الشارف" أنه: "ظاهرة نفسية واجتماعية وثقافية معاصرة، يتميز الأفراد الذين يجسدونها بالميل نحو الغرب والتعلق به ومحاكاته. نشأت في المجتمعات غير الغربية ـ سواء أكانت إسلامية أم لا- على إثر الصدمة الحضارية التي أصابتها قبيل الاستعمار وخلاله"
وعرفه الشيخ "عبد العظيم نصر المشيخص" أنه: "يعني التغريب وهو: عملية التهويد الفكرية التي يمارسها المثقف العربي إزاء ثقافته وقضايا أمته، بحيث يكون الغرب بمحاسنه ومساوئه قدوة له في كل شيء! وهذا النمط من التهويد الذي سار علية( الحداثيون) ما هو إلا نقلة نوعية وكمية في العقلية العربية نحو ما نسميه بالتقدم والتطور العلمي والثقافي الذي يتبجح به الغرب، ويفتخر به على العرب والمسلمين"
أما الدكتور "طالب محيبس الوائلي" فيعرفه بأنه: "العلم الذي يختص بدراسة الغرب (أوربا الغربية والشرقية والولايات المتحدة وروسيا) من جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.. وطلب علومه".

ما لمسته من الاختلاف في التعريف أنه كان السبب في اختلاف النظرة للاستغراب ذاته؛ واختلاف المواقف منه بين مؤيدة ورافضة، فمن يراه تجربة معرفية تسهم في تنمية الوعي العربي يراه جميلا مفيدا نافعا، أما من يراه تبعية وتخاذلا واستسهالا للحصول على المعرفة من خلال التقليد لا من خلال الاكتساب والفهم يراه سيئا.
وما لحظته على اختلاف التعريفات أيضا أن بعض الباحثين يفرقون بينه وبين التغريب (westernization) الذي يعني محاولة فرض الفكر والمناهج الغربية في مجالات الحياة على الشعوب الشرقية ومحاولة سلخ تلك الشعوب من هويتها الأصلية، وبعضهم الآخر لا يفرق بينه وبين التغريب إلا من حيث التسمية، أما المضمون برأي هؤلاء فواحد والهدف واحد، حيث يرى الدكتور "عبد الله الشارف" في موضوعه المعنون (الاستغراب في مناهج العلوم الاجتماعية) المنشور في موقعه على شبكة الانترنيت: إن الاستعمار السياسي والعسكري للبلاد الإسلامية، كان عاملا في تحريك عجلة الاستغراب والدفع بها إلى الأمام. فما أن انتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حتى غدت معظم الأمم المسلمة عبيدا للغرب الأوربي وخولا له. فلما استيقظ المسلمون على إثر ضربات العدو المتوالية وصحوا من سكرهم، شرعوا في البحث عن الأسباب التي مكنت العدو من رقابهم وغلبت عليهم الأوربيين. غير أن ميزان الفكر كان مختلا أشد ما يكون الاختلال، وقد تجلى هذا الاختلال في أن شعورهم وإحساسهم بالذلة والهوان كان يحثهم على تبديل حالتهم المزرية، لكن رغبتهم في الراحة وإيثارهم الدعة والارتخاء - من جانب آخر- حملهم على التماس أقرب الطرق والوسائل وأسهلها لتغيير تلك الوضعية. وهكذا مال أولوا الأمر من الحكام ومن في حاشيتهم وعلى شاكلتهم، وكذا كثير ممن حمل راية الإصلاح من المفكرين والمثقفين إلى محاكاة الغربيين في مظاهر تمدنهم وحضارتهم. ومن ثم لم تكن المحاكاة إلا الوسيلة الوحيدة التي تستطيع أن ترقى إلى استعمالها كل عقلية مرضية ومختلة.
والشارف يبدو هنا وكأنه وضع محورين للإستغراب يقوم عليهما كيانه، وهما: 
الأول: حالة الذل والهوان التي شعر بها العرب وهي التي دفعتهم إلى البحث عن خروج من هذه الورطة والحالة المزرية. 
الثاني: إيثار العرب للدعة وطلبهم للراحة وكرههم للسعي الجاد حال دون بحثهم عن حل من داخل موروثهم فسعوا إلى تقليد الغرب ومحاكاتهم.
وقد عزا ذلك إلى العقلية العربية المرضية والمختلة الخاملة التي عجزت عن مسايرة التقدم فلجأت إلى ثقافة الآخرين وفكرهم واستوردتهما ليقودا الحراك الفكري في المجتمع العربي تقليدا واستنساخا؛ بعيدا عن الخصوصية والموروث، وفي السياق نفسه يرى "أبو الأعلى المودودي" في كتابه (الحجاب) الذي ألفه في أربعينات القرن الماضي وصدرت طبعته الثانية عام 1964 إن المستغربين هم: "المائلون إلى الغرب المفتتنون بحضارتـه" 

ولقد وجدت هناك من كان يسعى إلى تعميم حالة الاستغراب كرد فعل على التمسك بالموروث الذي يراه السبب في تأخرنا فالدكتور "محمد عابد الجابري" يرى في كتابه (نحن والتراث) "إن على العرب أن يتحرروا من سلطة التراث عليهم، وأن يمارسوا سلطتهم عليه".
وتكاد نظرة الدكتور "طالب الوائلي" أن تتواءم كليا مع نظرة الدكتور العابدي فضلا عن كونها وضعت الأسس العلمية الدقيقة التي تحول النظرة السالبة للاستغراب إلى نظرة موجبة تحقق الإفادة للنشاط الفكري العربي، فهو يرى أن تطوير منهج الاستغراب واستخدامه ـ في الأقل ـ في الدراسات التاريخية العربية لا يقل أهمية عما حققه الاستشراق من فائدة للغربيين، ويقول بهذا المعنى: "كان الاستشراق من بين المؤسسات التي سخرها الغرب لاكتشاف عبقرية الآخر وأسباب هيمنته، فتمكن من استعادة وديعته التي استودعها الشرق، ونقصد به تراثه الفكري اليوناني والروماني... فحين سبر مفكرو الغرب أغوار الحضارة العربية الإسلامية تداعوا لبناء مشروعهم الحضاري الخاص مع الحفاظ على خصوصيتهم وثوابتهم" وكأن الدكتور الوائلي يريد القول إن منهج الاستغراب ممكن أن يقدم لنا دعما كبيرا في بناء مشروعنا الحضاري، دون أن يؤثر على ثوابتنا وخصوصيتنا. ولذا يضع شروطا يتوجب توفرها لمن يريد الاستعانة بالاستغراب: "فمفهوم الاستغراب يقتضي فهم الغرب بعيون الشرق بمنهجية خاصة به يجدر بنا بناءها انطلاقا من واقعنا وثقافتنا العربية الإسلامية ومفاهيمنا الشرقية قبل ولوج حضارة الغرب ودراستها".
فضلا عن ذلك يرى الدكتور الوائلي أن استخدام منهج الاستغراب في دراساتنا المعاصرة سوف يوفر فرصة معرفية غاية في الأهمية لأنه بعد تطويره واستكمال أطره وأدواته سوف يُحَولْ الغرب من ذات (دارس) مهيمن بأنموذجه الحضاري وإمكاناته العلمية والاقتصادية؛ إلى ذات (مدروس) للتعرف على أسباب تفوقه الحالي وبالتالي خلق أنموذج نهضوي افتراضي عربي مع الإفادة من التجربة الغربية دون اقتباسها تماما.
وإتماما للتخطيط العلمي لمشروع الإفادة من الاستغراب يرى الدكتور الوائلي وجوب توافر الإمكانات المادية والعلمية  لخلق حركة استغراب ممنهجة تسير على وفق مخطط صحيح متسلسل تضم مجاميع بحثية في مراكز دراسات متخصصة لها رؤى وأهداف طموحة وإمكانات ووسائل ناجحة إلى الحد الذي يؤسس لبنية تحتية تمكن من تدشين نهضة خاصة تراعي الخصوصية والإمكانات وتعطي العرب دورا عالميا كمحور شريك للغرب.  

والذي أراه أننا يجب أن نرفض التطرف في مواقفنا فالعقلانية مطلوبة ومفيدة ورأي بعض الداعين إلى الأخذ بالاستغراب دون ضوابط لا يقل تشددا عن رأي القائلين بوجوب رفضه جملة وتفصيلا، فكلا الرأيين متطرفان، وما دام الجانب الفكري هو الذي يتحكم في تنظيم العلاقة التي يتخوف منها البعض لا تعد من ضرورة للخوف أصلا لأن المثاقفة والتبادل الثقافي أمر يفرض نفسه عادة على الواقع بما له من قدرة على التغلغل بالرغم من كل الموانع الموجودة، وهو كالخلية السرطانية ما إن يجد له موضعا حتى يصبح قادرا على النمو والتوسع، ولكنك متى ما وضعت الجسم تحت السيطرة يمكن أن توقف النمو أو توجهه إلى الجهة التي تريدها وممكن أن تحوله إلى ورم حميد. ففي زمن الحدود الثقافية والعلمية المفتوحة ليس هناك ما يمنع أحداً من دراسة أي شيء في أي مكان. كما أن ذات الزمن يوفر فرصاً هائلة لتعميق المعرفة بالذات وبالآخر, ويرى البعض أنه لا يمكن توجيه اللوم لمن يفيد من تلك الفرص بأقصى ما يمكن, لكن اللوم يوجه لم يضيعها ولا يستثمرها.
هذا فضلا عن الإفادة التي يحققها النظر في علوم الغير والإفادة من تجاربهم وهو أمر أقره الإسلام أو في الأقل أقره المجتمع المسلم فالشاعر الذي قال:
وأضمم مصابيح عقول الرجال إلى         مصباح عقلك تزدد ضوء مصباح
مع أنه لم يحدد جهة مصابيح عقول الرجال الآخرين إلا أن دعوة حقيقية للأخذ من المصابيح شرقيها وغربيها تتضح من شعره. 
كما أن ترجمة كتب القدماء أي كتب الفلسفة الإغريقية والرومانية هي التي فتحت الباب واسعا ليتحول بعض العرب إلى فلاسفة يشار إليهم بالبنان، ولا اعتقد أنهم كانوا قادرين على الوصول إلى هذه المنزلة لولا الإفادة من تلك المؤلفات. اللغة نفسها بوصفها كائن حي متجدد تأخذ عادة من اللغات الأخرى وتعطيها، وقد تسللت إلى لغتنا العربية آلاف الكلمات من اللغات الأخرى بما فيها اللغات الغربية فاحتضنتها لغتنا وتفاعلت معها وأضفت عليها أو على بعضها صبغة عروبية خالصة؛ كما احتفظت الأخرى بأصلها دون أن تخدش لغتنا. وهذا ما أشار إليه الدكتور "محمد عمارة" بقوله: وإن عاقلا من العقلاء لا ينكر أن (القاموس) في أي فن من الفنون أو علم من العلوم، قد غدا في واقعنا الفكري أداة شديدة الفعل والتأثير في تلوين الفكر والمذهب والرؤية والهوية، ومن ثم تلوين الاتجاه الحضاري لمن يستخدم هذا القاموس بالفلسفة الحضارية لواضعيه ومنشئيه".
إن الحضارات الإنسانية التي تزامنت أو التي قامت على أنقاض ما سبقها أفادت بالتأكيد من خبرات السابقين وأسست عليها مناهج تطوير وبناء أبدعت فيها. الإسلام نفسه بالرغم من كونه دين سماوي إلا أنه جاء متمما للديانات التي سبقته والتي أنزلها الله سبحانه إلى أمم غربية وشرقية؛ فأخذ بما يتساوق مع منهجه ورفض الشاذ والحشو والمدسوس والمحرف.
إن التفاعل الإنساني كان ولا يزال قائما منذ أن وجد الإنسان في نفسه قدرة استخدام معطيات الآخر ليقدم لنفسه خدمات قد يعجز عن ابتكارها بنفسه، ومتى ما قننا الأخذ من الآخر بعلمية يمكن أن نحصن ثقافتنا من الانهيار وربما لهذا السبب دعا "إدوارد سعيد" إلى إنشاء مراكز للدراسات الغربية في الجامعات العربية, واقترح "حسن حنفي" في كتابه (علم الاستغراب) تأسيس علم الاستغراب في العالم العربي. فهما أدليا برأييهما كجزء من الحل لأن المعرفة والخبرة العلمية هي التي توفر البنية التحتية لأي تصور أو فكر جديد لاسيما أنهم يملكون العقلية النقدية ومناهج البحث العلمي التي هي خلاصة تجارب طويلة من التطور. واليوم تأتي دعوة الدكتور طالب الوائلي متممة لهاتين الدعوتين بل قد تسبقهما بالتنظيم والتنظير ولاسيما وأن الدكتور الوائلي حاول وضع خطوط لمسير حركة الاستغراب والتعامل معه. أقف هنا لأتحدث عن موقف للدكتور الوائلي أكد لي أن العلماء هم أكثر الناس تواضعا واجلهم لمن علمهم، ففي جلسة نقاش مع الدكتور الوائلي طرحت أمامه هذا الرأي بالذات وتحدثت عن سبقه تنظيميا وتنظيريا؛ فما كان منه إلا الاعتراض، والقول بكل تواضع: "الواقع إن دراسة د. حسن حنفي أكثر عمقا من ما قدمناه، وما زلنا نعد أنفسنا طلبة له".!
وفي العودة إلى الموضوع نجد على أرض الواقع أن الآخر لا يدعو إلى الاستعراب أو الاستشراق فقط بل يمارسه بشكل فعلي مباشر لأنه يجد فيه حلا وتوضيحا لكثير من الإشكالات والمخاطر التي تتهده ففي عام 2007 عقد في جامعة "نايميخن" الهولندية مؤتمر حول "صعود السلفية في العالم" أسهم فيه باحثون أوروبيون شباب من فرنسا والنرويج وهولندا وبريطانيا وغيرها في العشرينات من أعمارهم كلهم من (المستعرِبين) الذين يتقنون اللغة العربية، فتوصلوا إلى نتائج غاية في الروعة، فلماذا لا نخلق مستغربين يبحثون أمر الآخر في الأقل لكي نجنب أنفسنا بعض مخاطر مشاريع الغرب العدوانية. هكذا يفكر أدور سعيد وحسن حنفي وطالب الوائلي، والكثير من الباحثين العرب، بل إن الدكتور "خالد الحروب" يطالب في موضوعه (العرب بين الاستشراق والاستغراب) بإيجاد جيل من الشباب العرب يدرسون قضايا العالم ويستفيدون منها ويفيدون مجتمعاتهم بالخبرة التي هم في مقدمة من يمكنه التبحُّر فيها واستكشافها.
 ويرى هؤلاء أن المعرفة والخبرة العلمية هي التي توفر البنية التحتية لأي تصور أو فكر جديد, كما توفر الأساس لأي توجه سياسي أو اقتصادي، ولأن هذه البنية التحتية الرصينة والممتدة والعميقة غائبة بشكل كبير في مجتمعاتنا فمن الضروري الإفادة من تجارب الآخر عن طريق الاستغراب.
إن البحث العلمي بصيغته المعروفة اليوم إنما هو نشاط إنساني تأثر في نشأته وتطوره وصورته الحالية بالظروف التاريخية والاختيارات الثقافية والقيمية الخاصة بالمجتمعات الغربية، وأنه بهذا يحتمل ظهور توجهات أخرى منبثقة من نظرات أخرى للكون والحياة… نظرات قد تتطلب إدخال تعديلات جوهرية على تلك النظرة التقليدية ولاسيما عند التعرض بالدراسة للظواهر الإنسانية، ونحن حينما نفهم البحث العلمي بهذا المعنى نكون على تمام الثقة أن ما نخاف التعامل معه وفق مناهجنا التخطيطية المدروسة بدقة يمكن أن يخترق حواجزنا ويفرض نفسه علينا ليثير الفوضى في منظوماتنا الفكرية.
إن دعاة الأخذ بمنهج الاستغراب لهم رؤاهم الفكرية العميقة التي تجعل النفس تطمئن إلى الإفادة التي يمكن لهذا المنهج أن يحققها لنا، ولغرض الاطلاع على بعض هذه الرؤى لا بأس أن نشير إلى المقاربة الموجودة لدى اثنين من كبار الدعاة إلى هذا المنهج وهما الدكتور الجبري والدكتور الوائلي:ـ  
حيث يرى الدكتور الجابري في كتابه (إشكاليات الفكر العربي المعاصر، إنه: "ينبغي إعادة كتابة تاريخنا الثقافي بصورة عقلانية وبروح نقدية… والتعامل العقلاني النقدي مع تراثنا يتوقف على مدى ما نوظفه بنجاح من المفاهيم والمناهج العلمية المعاصرة".أما الدكتور الوائلي فلا يرى ضرورة إعادة كتابة التاريخ؛ وإنما يدعو إلى توظيف منهج الاستغراب في الدراسات التاريخية العربية.
كذلك يرى الدكتور الجابري: "إن تاريخنا الثقافي لم يكتب بعد، وبتعبير آخر لم يدون بطريقة مفيدة وايجابية أي نقدية وعقلانية". ومن هنا فهو يرى أنه إذا أردنا أن نعيد كتابة تاريخنا الثقافي بصورة عقلانية وبروح نقدية، فلا سبيل إلى ذلك سوى استعمال وتوظيف المناهج والمفاهيم العلمية المعاصرة ومنها منهج الاستغراب. معنى ذلك أنه وفق نظرة الدكتور الجابري يستحيل علينا فهم ذاتيتنا وتراثنا ما لم نراه من خلال غيرنا.
بيــد أنـه يرى في كتابه الآخر (الاستغراب في الفكر المغربي المعاصر): إنه إذا كانـت الحضــارة الغـربـية قـد أفرزت الـمناهـج الـعـلمـية المعاصرة لتتخـذها ـ بالأساس ـ أداة لفهم وتحليل ثقافاتها الأوربية، أي أن هذه المناهج تم وضع هندستها وشكلها ليتناسب مع تلك الثقافات، فكيف يتأتى لنا استعمالها لتحليل ثقافتنا الذاتية؟
وهو الإشكال الذي أجاب عليه في كتاب آخر له بعنوان (التراث والحداثة) بقوله: "إن مفاهيم العلوم الإنسانية في الغرب ترتبط بالمرجعيات التي تـؤسس الثقافة الغربية والفكر الغربي، ولكنها في ذات الوقت تعبر عن واقع إنساني عام. فإذا استطعنا أن نربط هذه المفاهيم بمرجعياتنا أي أن نبيئها (من البيئة) في محيطنا وثقافتنا فإنها ستصبح ملكا لنا.
والظاهر أن الدكتور الوائلي كان ملتفتا ومهتما بهذه الجنبة منذ البداية؛ ومؤشرا وجود الارتباط الفعلي بين المفاهيم والمرجعيات الذي دعا إليه الجابري على أرض الواقع، فهو في مقدمة كتابة الذي بين أيدينا يرى أن الكتابات  والدراسات الخالية من الحيوية والبعيدة عن مواكبة هموم المجتمع التي شاع ذكرها مؤخرا تأثرت غالبا برغبة الباحثين في كسب رضا المرجعيات الاجتماعية والسياسية المستفيدة من الأوضاع الراهنة، وقد أسهم في تدني مستوياتها تملق الباحثين تلك المرجعيات، وانجاز بحوث ودراسات تتلاءم مع المستوى المتدني لوعي المرجعيات الثقافية المهيمنة على المؤسسات الثقافية والعلمية. وبناء عليه اتخذ الدكتور الوائلي من ثورة المعلومات والإعلام وسقوط فكرة العقائد الشمولية أساسا ليدعو المرجعيات تلك إلى ضرورة الاستجابة لحاجة المجتمعات وتحسين اختيار الموضوعات. نعم قد يكون الدكتور الوائلي متأثرا بالبيئة العراقية المعاصرة ولكن مع ذلك يمكن أن نسجل هذا السبق كواحد من حسناته.

وأنا من خلال هذه القراءة البسيطة لا أدعو إلى رفض الاستغراب كمورد ولكني أرفض أن يكون موردا ومنهجا وحيدا دون باقي المناهج بحجة التجديد والتحديث؛ وهو ما يتخوف منه المعترضون على استخدام منهج الاستغراب، فالإنسان يملك قدرة تطوير الذات والتقدم في العلوم ولو في حدود بيئته ومجتمعه ومتى ما تحول الاستغراب والانبهار بحضارة الغرب ومدنيته ومباهجه وطرائق عيشه وتعامله إلى هدف بحد ذاته فإنه سوف يمنع إيجاد المناخ العلمي والفكري الذي تتبلور في إطاره المعارف والنظريات والعلوم الضرورية لتطور وتقدم مجتمعنا. وربما لهذا السبب لم يدعو الدكتور الوائلي إلى اعتماد الاستغراب في كل ما يخص حياتنا؛ وإنما دعا إلى توظيف علم الاستغراب في دراسة الكيفية المناسبة لخوض ما خاضه الغربيون ليكون منطلقا لإشغال حيز في عالم اليوم، بعد أن انتهى الاستشراق بمراحله المختلفة ومدارسه المتعددة بالنتائج المعروفة والانجازات الباهرة حين سخرته المؤسسات الغربية لخدمة مصالحها.

صدر كتاب الدكتور الوائلي بعنوان (توظيف الاستغراب في الدراسات التاريخية العربية) عن دار تموز للنشر والتوزيع السورية عام 2013 بواقع 191 صفحة، وهو دراسة جادة مثمرة توفر الكثير من الإفادة للباحثين والدارسين والمتخصصين بدراسة التاريخ والقراء الآخرين، أوصي بقراءته، وأتمنى لو يقوم الدكتور بنشره الكترونيا ليصل إلى كل المهتمين بهذه الجنبة المهمة والخطيرة؟

لإنقاذ مصر.. أقيلوا "الببلاوى" وحاكموا "المسلمانى"/ مجدى نجيب وهبة

** لم يعد أمام هذا الشعب العظيم ما يقدمه بعد ثورة 30 يونيو .. وخروج أكثر من 45 مليون مواطن مصرى .. لم يعد أمام هذ الشعب العظيم ما يقدمه أكثر من خروجه الجماعى يومى 3 يوليو و26 يوليو .. لم يعد أمام الفريق أول عبد الفتاح السيسى وكل القيادات العسكرية أن يقدموا أكثر مما قدموه لحماية هذا الوطن .. لم يعد أمام الشرطة المصرية أن تقدم المزيد والمزيد والمزيد فى الضحايا لحماية هذا الوطن من الفوضى والإرهاب .. لم يعد أمام الجميع أن يقدموا أعظم مما قدموه لحماية دولة كادت أن تسقط وتنهار فى براثن الفوضى والإرهاب ..
** وقف الجيش مع الشعب .. ووقفت الشرطة مع الشعب .. وتم عزل ذلك الرئيس الجاسوس "محمد مرسى العياط" .. المتآمر على مصر ، وقبض عليه كما قبض على كل أعضاء هذه العصابة .. هذا يعنى أنه لا عودة للوراء ولا عودة لهؤلاء الإرهابيين ، وتطهير الجسد من هذا النمو السرطانى ..
** ولكن بعدما حدث وتوافق عليه الشعب المصرى من تنفيذ خارطة الطريق .. تم تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا ، المستشار عدلى منصور ، رئيسا مؤقت للبلاد .. ثم فوجئ الشعب بتشكيل الحكومة للدكتور حازم الببلاوى الذى قام بتعيين العديد من الوجوه التى يجهل الشعب معظمها .. وللأسف منذ تعيين هذه الحكومة لم نسمع عن تحرك إيجابى لأى من هؤلاء الوزراء لطمأنة هذا الشعب .. بل تقلص عمل الحكومة فى تصريحات رئيس الوزراء والمستشار الإعلامى ، الصحفى "أحمد المسلمانى" ، والدكتور "بهاء زياد الدين" .. مع صمت كامل وتجاهل تام من حكومة الببلاوى ورفض أى مطالب للثورة المصرية التى إندلعت فى 30 يونيو 2013 .. بل هناك وضوح وإصرار من هذه الحكومة على هدم ثورة 30 يونيو ..
** لم نعد نرى أو نسمع عن الببلاوى أو المسلمانى إلا محاولتهم المتواصلة بعودة الإخوان لسدة الحكم .. وعمل ما يسمى بالمصالحة ، وقد رأينا المسلمانى للإجتماع بحزب النور السلفى ، ومطالبته لهم بالمشاركة فى صنع دستور مصر دون أخذ رأى الشعب .. ويتساءل الجميع ، من هو هذا المسلمانى ومن جعله يتكلم بإسم شعب مصر ليعيد حكومة الإخوان ..
** إن ما تفعله حكومة الببلاوى الأن هو مؤامرة جديدة ضد الوطن ، إنهم يدعون الجهاديون والإسلاميون للعودة مرة أخرى إلى سدة الحكم .. هذه الجماعة الإرهابية قتلت وروعت الشعب المصرى وتآمرت على الوطن ودعت لتقسيمه .. ولم يكونوا بوطنيين أو ينتمون إلى أرض هذا الوطن .. ورغم أن كل ذلك ثابت من خلال الإعترافاات التى أدلت بها عصابة هذه الجماعة ، بداية من الرئيس المعزول حتى أخر فرد من هذه العصابة الذى قبض عليه بالأمس " محمد البلتاجى" ..
** إن ما يتم الأن هو تنفيذ الأجندة الأمريكية بنفس السيناريو الذى تأمر عليه جماعة الإخوان ، بكل تفاصيلها ، فهل يعتقد الببلاوى والمسلمانى  الذين بليت بهم مصر أن الشعب المصرى وصل إلى هذه الدرجة من الغباء الفكرى .. حتى يظل صامتا ومتفرجا على المؤامرة التى يديرها رئيس حكومة مصر ومعه مساعديه ومتحدثه الإعلامى .. فمن الغباء أنهم يعملون على لى الحقائق ويزعمون أن المصالحة مع من لم تلوث أيديهم بالدماء ..
** فهل وصل الشعب المصرى إلى هذه الدرجة من البلاهه والغباء أيها الحكومة الإخوانية .. هل تنصبون على مصر وتكررون أن هناك من جماعة الإخوان المسلمين المنضمين للجماعة لازالت أيديهم نظيفة ولم تلوث بالدم .. ولم تضغط على الزناد .. ولم تصدر من شيوخهم فتاوى التحريض والقتل والإرهاب ..
** من قال لكم أيها الحكومة المتواطئة أن شعب مصر بعد هذه الثورة العظيمة يسعى للحوار مع الإرهاب .. بل الكارثة أن الحكومة فى إصرار عجيب لا تريد إسقاط دستور 2012 .. ولا تريد الإعتراف بأن هذه الجماعة إرهابية .. ولا تريد حل هذه الجماعة .. وهو ما يجعلنا نتساءل ، ما هو إنتماء رئيس المحكمة الدستورية العليا حتى لا يصدر قرارا حتى الأن بحل هذه الجماعة أو حظرها وإعتبارها جماعة إرهابية وتجريم كل من يخرج فى مظاهرات ، يروع الآمنين ، ويستدعى الغرب وأمريكا ضد مصر ..
** مصر مازالت تتمزق وتحترق حتى اليوم .. بالأمس وصلتنى رسائل عديدة من أقباط بشبرا الخيمة بأنه تم وضع علامة صفراء أمام أبوابهم وأمام متاجرهم .. ونفس الشكوى وصلتنى من أقباط ، سكان وتجار فى شارع صعب صالح بعين شمس الشرقية ، كما وصلتنى رسائل عديدة من منطقة الزاوية أن هناك تجمع لجماعات إرهابية داخل مسجد "المنارتين" بشارع سلامة عفيفى بالزاوية الحمراء ، يحرض ضد الدولة ويخرجون فى مظاهرات حاشدة ..
** مصر إلى أين أيها الحكومة الفاسدة ؟ .. فالشعب المصرى مهدد بعصابات الإخوان .. وللأسف لم يشغل حكومة الببلاوى والمسلمانى إلا عرض إجتماعات مع حزب النور السلفى ..
** المشهد مخزى ومتآمر وفاضح ومكشوف يقوده الببلاوى بأوامر من أمريكا .. فالخيانة تفوح رائحتها من قصر الرئاسة تزكم الأنوف ..
** مصر إلى أين ياحكومة الإخوان ؟ .. فمصر الأن تنهار والإقتصاد يتدهور .. وما يجب علينا فعله هو محاكمة حكومة الببلاوى ، ومحاكمة المسلمانى والكشف عن هويتهم .. ولا ننسى ما فعله الدكتور محمد البرادعى الذى كان نائبا لرئيس الدولة ، وهرب إلى فيينا .. وهو الأن يقود حملة مدبرة ضد مصر .. ومع ذلك يجد من يدافع عنه من الحكومة ..
** ماذا تنتظرون ياشعب مصر .. هل تنتظرون عودة الإخوان .. ولكن فى شكل أخر ووجوه أخرى أكثر شراسة وتآمر ..
** رسالتنا الهامة إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى .. لقد وكلك الشعب المصرى للقضاء على الإرهاب ، ومحاكمة الإخوان ، والإطاحة بهم ووضعهم فى السجون اللائقة بهم .. ولم يوكل أحد هذه الحكومة الفاسدة التى تتآمر على الشعب المصرى لإسقاطه وإسقاط ثورة 30 يونيو .. فهل يستسلم الشعب المصرى أم عليه أن يخرج الأن ولا يعودون إلى منازلهم إلا بعد تحرير مصر من هذه الحكومة المتآمرة وفلول الإخوان .. فقد إنهارت السياحة فى مصر بفضل هذه السياسة الغير مفهومة والتى يديرها الببلاوى .. كما تكبد الشعب المصرى بفضل بعض القنوات المتآمرة على الوطن ..
** أقول للسيد رئيس الدولة .. أى دولة هذه التى أقسمت يمين الولاء على الحفاظ عليها .. فمعنى إقرار قانون الطوارئ هو ألا يسمح بأى مظاهرات أو إندلاع الفوضى التى تهدد أمن وسلامة الوطن ..
** من يتحمل دماء هذا الشعب التى تسيل يوميا .. هل تسعون إلى إسقاط مصر .. أؤكد إنه إذا إستمرت هذه الحكومة فستتحول مصر إلى عراق أخر ..
** نقول لجيشنا العظيم … لقد أنقذتم مصر من مرسى وعصابته .. فهل تنقذون مصر من عصابة الببلاوى والمسلمانى ..

صوت الأقباط المصريين

غيومٌ وأمطار:للشاعر عمر عبدالكريم/ ترجمة جمال جاف

نسمةٌ أنت 
تَهبين وتُغطين خريف عمري 
مطرٌ ربيعي تَهطلين 
لحنٌ تتموجين في أعماقي 
تدبين النشوة 
في أزهار عشقي السرمدي 
تَطفئين جمرة قلبي . 
منذُ زمنٍ ... 
أركن الى العزلة 
أغرق في الصَمت 
يتراكم الغبار على ذكرياتنا 
وَعشقنا 
كدتُ أنساك في مخيلتي 
فجأة طرقتي باب قلبي 
حدقت في مَحياك 
أنصهرتي في عيناي . 

الإنتظار قاتل 
متى تَعودين حيث كنا 
لتغلفي عمري الخريفي 
بِمحياك ..! 

نظرة في انتخابات السلطات المحلية/ شاكر فريد حسن

يفصلنا حوالي شهر ونصف عن انتخابات السلطات المحلية ، التي من المقرر أن تجري في الثاني والعشرين من تشرين الثاني القادم . وتشهد ساحات قرانا ومدننا وبلداتنا العربية مع اقتراب موعد هذه الانتخابات حراكاً انتخابياً عائلياً وشعبياً يتمثل في اعلان العديد من الشخصيات الاجتماعية والاعتبارية خوض المنافسة على رئاسة السلطة المحلية .
ورغم اهمية الانتخابات المحلية ، التي أخذت تفوق الانتخابات البرلمانية ، الا انها للأسف تحمل في طياتها وثناياها مظاهر العنف، واصبحت أداة لزيادة الاستقطاب العائلي والتصدع الاجتماعي والممارسات اللاأخلاقية ، وتحقيقاً للغايات الشخصية والنفعية والانتهازية ، باعتبارالسلطة المحلية منصة استعراضية للوجاهة والمخترة، والصراع على المصالح، وساحة للتأثير الفعلي الحقيقي ،  واثبات للذات ، وتصفية للحسابات الشخصية .
ما يميز هذه الانتخابات هو كثرة المرشحين المتنافسين الطامحين بالوصول لرئاسة السلطة المحلية ، حيث نجد في كل قرية وبلدة ومدينة عربية أكثر من تسعة أو عشرة مرشحين ، وهذا ان دل على شيء فيدل على الطموحات والمطامع الشخصية والمكاسب الذاتية التي يرنو كل مرشح جنيها بعد تسلم السلطة .
في الماضي كانت المنافسة تجري بين الأحزاب الوطنية والقوى السياسية الفاعلة في الشارع العربي وبين رجالات السلطة وأحزابها ، لكن للأسف الشديد ان التنافس في العديد من بلداتنا العربية اصبح بين كتل ومجموعات عائلية وطائفية،  بدلاً من التنافس بين قوائم وتنظيمات وقوى حزبية تتصارع على  برامج سياسية وفكرية ومشاريع مستقبلية واضحة المعالم والآفاق . 
لا اجافي الحقيقة اذا قلت ، انه في العقد الأخير اختفى النقاش والجدل السياسي والفكري والايديولوجي ، وغابت الأحزاب لصالح العائلية والطائفية ، حتى أن العائلات انقسمت على ذاتها ونفسها ، وتغلبت المصلحة الشخصية على المصالح العامة ، وصارت كل الوسائل مباحة وغير محرمة، من القذف والتشهير والشتائم الى تزوير ارادة الناخب وصولاً الى استخدام السلاح الناري واطلاق الرصاص . باختصار يمكن القول ، هنالك سيطرة وهيمنة للعائلية والحمائلية وتراجع ونكوص للحزبية السياسية .
لقد كنا نصبو ونتطلع في قريتنا العامرة الشامخة "مصمص" الى تحقيق وانتصار المشروع الوحدوي المستقبلي ، الذي يصون النسيج الاجتماعي العام ، ويمنع الشرخ والتصدع والخلاف العائلي ، لكن يبدو ان ذلك يبقى حلماً في الخيال  بعيد المنال، كالوحدة العربية الشاملة ، فلم يتحقق على أرض الواقع بسبب اختلاف الرؤى ووجهات النظر والمواقف ، ونتيجة الوسواس القهري والاحساس بوهم "المؤامرة"  الذي يلازم البعض فضلاً عن روح الثأر والانتقام وعدم نسيان وتجاوز جراح الماضي. ويصدق في ذلك قول الشاعراحمد ابن الحسين ابو الطيب المتننبي  : 
ما كل ما يتمنى المرء يدركه      تجري الرياح بما لا تشتهي السفن 
اننا نريد بأن تكون المنافسة الانتخابية ، ولا أقول معركة انتخابية ، منافسة ديمقراطية عقلانية وحضارية هادئة ، بعيدة عن التجريح الشخصي ، وعلى الجميع المحافظة على الأجواء الديمقراطية الراقية والعلاقات الأخوية التي تجمع بين الأهل جميعاً ، واستخلاص العبر والدروس من تجارب الماضي ، والتحلي بالمسؤولية الأخلاقية التي تفرض الالتزام بميثاق شرف  يضمن الحفاظ على أصول وقوانين اللعبة الديمقراطية .  فالانتخابات يوم ونحن دوم ، وسنواصل معاً مسيرة ودرب الحياة لما فيه صالح مجتمعنا ومستقبل اجيالنا الناشة والقادمة . 

الفلسفة النقدية والواقع العربي/ زهير الخويلدي

سأل أحد الأصدقاء الفايسبوكيين السؤال التالي : "هل من الممكن أن تكون الفلسفة علاجا على المستوى العملى لحالة التعفن العربية !! ؟ ما سبب عدم احتكاك الفلسفة الى حد الآن بالواقع العربى؟ هل لأنها فكرة يوتوبية  تكتفى بالإمتاع على المستوى التنظيرى فقط...؟ أليست "الفلسفة حياة " ببساطة، فهي التى تحاول دائما أن تضع العقل فى مكانه الصحيح، وهو أن"يفكر" ؟"
وما كان علي الا أن أجيبه كما يلي: اعلم يا محب الحكمة أن العرب أمة تحمل رسالة خالدة الى العالم وأن جوهر العروبة هو الاسلام ولذلك عرفت على مر العصور المكائد والاعتداءات من الدول المجاورة وظهرت فيها النزاعات والفتن واذا كانت حضارة إقرأ شهدت التدفق والصعود لحظة التكوين وبلغت السؤدد والمجد زمن الازدهار فإنها ما لبثت أن هرمت بسرعة وتدحرجت وفرطت في سبل الترقي وشروط العمران. لقد كان ذلك بسبب التضييق على الاجتهاد ورجحان كفة التدمير على حساب البناء والتعمير وطلاق الفكر العلمي والابتعاد عن الصناعة وتحريم الاشتغال بالتفلسف والاكتفاء بالتقليد والاتباع ، وقد تواصل الأمر على نفس المنوال وبقيت بنية العقل ثابتة واتسمت العلاقة بالآخر بالعداوة والتوتر وظل الاشتغال بالعلوم والفلسفة والتقنية محصورا في مجال النخبة وتحت رعاية الدول. غير أن اليقظة العربية المعاصرة بدأت مع تشكل حركات التحرر الوطني من الاستعمار وبناء الدولة القطرية ذات السيادة المنقوصة وظهور موجة تحريك بنية العقل من طرف اتجاهات تحديثية تجسدت في هبة فكرية عربية واحدة.
 لقد ترجمت هذه الحركية العقلية في ظهور المشاريع السياسية والثقافية الكبرى التي نحتتها كل من الحركة الليبرالية الدستورية واليسار الماركسي العربي وحركة القوميين العرب والجانب التقدمي من تيارات الاسلام السياسي وبعض الشخصيات الجامعية المرموقة والكتاب الأحرار والمثقفين العضويين والعصاميين الاعتباريين.
في الواقع برزت صعوبة في موجودية الكائن العربي المسلم في العالم المعاصر وفي السماح لتراثه بالاستمرارية ولثقافته بالانبعاث وفي النهل في نفس الوقت من القيم الكونية وامتلاك معالم ناصية العلوم والتقنيات وتحريك عجلات التقدم والتطور والعصرنة. كما تحولت كل مواطن القوة والأصالة لدى تيار الهوية وأمل الأمة الى أماكن الضعف والتعصب وأضحت النقاط المضيئة في التاريخ الى مصدر للتوتر والتنازع مع الذات والأغيار وسبب للخلاف والفرقة والتباغض.
بارقة الأمل كانت مع تدفق الحراك الاجتماعي وتفجر الثورة العربية وتمكنها من اسقاط بعض الدكتاتوريات وكنس مجموعة من الأنظمة الفاسدة وترسيخ قيم الديمقراطية وارادة الشعوب. ولكن ما لبثت الثورة المضادة أن أطلت برأسها وتم ابطال مفعول الربيع العربي حينما تعلق الأمر بأنظمة رجعية متخلفة ووقع عسكرة المعارضة ورفع السلاح في وجه الأنظمة الداعمة للمقاومة وقام البعض بالزج بفصائل الممانعة في العراك السلوك الداخلي واثارة النعرة المذهبية.
من هذا المنطلق يصح نعت المشهد الحالي بأننا نعيش حالة من التعفن العربي ونسير ببطء نحو التقسيم والتشذرم والتدمير مما يهدد المتبقى من الأنظمة المتماسكة والمؤسسات الناجعة بالتعطل.
أعلم كذلك أن الفلسفة العربية ظلت منذ تشكلها الأول بعيدة عن الاحتكاك بالواقع تتأمل في المجردات داخل القصور ومتحالفة مع الحكام وضاربة بعرض الحائط بمشاغل الناس ومغتربة عن الواقعة خائفة من هجوم الفقهاء ومذعورة من سخرية العوام ومتوجسة من بطش السلاطين.
صحيح أن معظم ابداعات الفلسفة في حضارة إقرأ كان على المستوى النظري وفي مجال المعرفة والكونيات والعلوم المنطقية والرياضيات، وصحيح أيضا أن حكماء العرب فضلوا النظر على العمل واقتنصوا الفرص النادرة للفوز بالنعم الدنيوية والمتع المادية ولم يؤثروا في المجتمع. لكن الأصح هو الإقرار بأن متعة الفلسفة الحية ليست في التنظير والمراكمة المعرفية بل في الممارسة والتغيير والتأثير في حركة التاريخ وطبيعة العمران وأشياء السياسة وركائز المدنية.
في الختام الفلسفة ليست النقدية المنشودة التي تدربنا على التفكير الحاذق فقط بل هي تلك التي تحرضنا على السائد وتدعونا الى المزيد من التمرد كلما صار وضع الحرية مهددا وتثوير الأنظمة المعرفية والبنى الادراكية وخلخلة كل اليقينيات وتفكيك جميع الأنساق الشمولية.
كاتب فلسفي

إسلامى ليس هكذا/ محمد نبيه إسماعيل

فى الوقت الذى عاشت فيه مصر مشاعر متناقضة بين القبول و الرفض لممارسات جماعات الإسلام السياسى , و ما حدث من إنتشار عمليات العنف المنظم و المتبادل . ساد إقتناع بين العديد من أفراد الشعب البسطاء بما حاول أفراد جماعات الإسلام السياسى توصيله لهم و تمثلهم بأنهم صورة الإسلام
لقد صار الإقتناع الأساسى بين العديد من أفراد الشعب ان كل ملتحى هو إرهابى و كل منتقبة مربية شياطين , و إصبح لا يمر يوم الا ونسمع عن إساءه جديدة لإخواننا و اخواتنا بسبب مظهرهم , لكن ليس هكذا تسير الامور فعلينا الا ننسى ان من بين الملتحين الراحلين الغاليين الشيخ عماد عفت و الدكتور محمد يسرى سلامة و اللذين كانا أبعد ما يكون عن العنف و سفك الدماء بل كانا المثال الفعلى للمسلم الملتزم بحقيق دينه .
إن ما حدث ليس كما يصوره البعض على انه حرب ضد الإسلام , ففى ذات الوقت الذى نجد فيه ملتحين و منتقبات بين مؤيدى مرسى , فهناك من المسيحيين من ساروا على نفس النهج منهم نيفين ملاك عضو حزب الوسط على سبيل المثال لا الحصر ونجد مسيحيين ساروا فى مسيرات ضد ما حدث
و فى الجهة المقابلة نجد العديد من الملتحين و المنتقبات يرون فى هذه الجماعات تشويها لصورة الإسلام السمحة , و يجاهرون بفشل جماعة الإخوان فى إدارة البلاد

لذلك علينا الا نعاقب الأبرياء بسبب حقهم فى إتخاذ المظهر الذى يرغبون به , فالإسلام دين السماحة والتسامح وليس دين العنف وسفك الدماء فـ "إسلامى ليس هكذا"

آتٍ على ناصِيةِ هوًى/ آمال عوّاد رضوان


مَا أَرْحَبَ أَمَلي
في ضَبابٍ.. أَطْفَأتْ قناديلَهُ أَوْهامُكِ!
 خَيالُكِ المُجَنَّحُ.. 
كَم غَافلَ زَماني بِمكرِهِ الشَّفيفِ
غلَّفني بِأَقاليمِ تيهِهِ الكَفيفِ
وَقَلَّمَ بِفَكَّيْ مِقراضِهِ.. آتيًا شاغِرًا منّي!

نَبْضُ دَهائِكِ.. لاكَهُ سِحْرُ فُجورِكِ
تَرَبّصَ بِخُطَى ريحي السَّافرَةِ.. 
يَجُزُّ ضَوْئي مِنْ أَعماقي!

لِمَ أَحْداقُ جنانِكِ الواهِيَةُ.. 
شَخُصَتْ بأَذيالِ مَطافٍ مُؤَلَّهٍ
وَفي مَرافِئِ نَميمَةٍ.. 
احْتَضَرَ ضَوْؤُكِ الكافِرُ بي!

"تَ يَا مَات"
أمِنْ كُوَّةِ تَحَدٍّ.. نُجومُ سَرابِكِ
تَ قَ ا فَ زَ تْ
لتأْفُلَني غَرقًا.. 
في بُحيْرةِ حَيْرَةٍ؟
آآآآآآهٍ ..
 ما أَضْيقَ حُلمَكِ أُحادِيَّ الغَيْمةِ
يَضوعُ مُطفَأً.. 
في سَماواتِ فَرَحٍ مُؤَجَّلٍ!

ها قَد تفتّقْتِ نورًا.. 
ضَلَّ طريقَ خلاصِهِ 
حينما دَغْدَغْتِ رَغوةَ غمامةٍ.. 
تلاشَتْ في السُّيولِ 
وما أَجْداكِ تضميدُ انْكساراتِكِ المُتّكِئةِ على غيمةٍ
بل.. وَتسلّلْتِ.. 
تشُدُّكِ سُدودُ الطّوفانِ جِهةَ الغيمِ 
طَمَسَتِ السُّيولُ السُّدودَ
وانْدَلَقْتِ وَهْمًا مُتعجرِفًا!

يا طامَةَ مُروجِ قَلبي الأَخضرَ
ها "مَرْدوك"..
آتٍ على ناصيةِ هوًى.. 
لِيُطفِئَ عيْنيْكِ المُغمضتيْنِ!

في مَهبِّ بارقةِ صبابةٍ.. 
أَسرَجَ قناديلَ عماكِ
عاصفةً عمياءَ جائعةً.. لقّمَكِ
شَ قْ قَ لَدُنَكِ المَنفوخَ
عَجَنني بدَمِكِ.. بطَمْيِكِ.. 
فكانَ تكويني.. 
نواةَ حياةٍ.. أرْضًا وسماء!
وبقيتِ وحدكِ..
نقطةً في سِجِلِّ الغُرباءِ
تتكَحَّلين بلَهيبِ الفَقدِ المُرّ! 

الثابت المقدس في المتغيرات المصرية/ نقولا ناصر

(تظل معاهدة السلام المصرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مثل "البقرة المقدسة" لدى هندوس الهند هي الثابت الوحيد الذي يمنع المساس به في خضم المتغيرات المصرية العاصفة)

لا يوجد أي سبب لعدم تصديق الانتقادات الأميركية والأوروبية لعزل أول رئيس مصري منتخب في الثالث من شهر تموز / يوليو الماضي، وهي انتقادات تصاعدت حد ابتزاز الحكومة الانتقالية في القاهرة بتهديدها بقطع المعونات الغربية لمصر.

لكن اكتفاء حكومات الولايات المتحدة والدول الأوروبية ب"التهديد" فحسب بموازاة جهودها الدبلوماسية التي فشلت بالتنسيق مع دول عربية مؤثرة في تطور الأحداث لمحاولة فتح "حوار" يقود إلى تفاهم جامع على أساس الاعتراف بالوضع الجديد من دون إقصاء القوة السياسية التي قادت مصر طوال عام قبله هو موقف يثير سؤالا جوهريا عن الأسباب القاهرة التي تمنع هذه الحكومات من أن تقرن خطابها الصاخب الطنان عن الديموقراطية واحترام نتائج صناديق الانتخاب بأفعال تتفق معه.

لقد تغيرت وجوه وأسماء ذات ألوان سياسية كثيرة في رئاسات حكم مصر ومواقعه خلال السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني / يناير عام 2011.

لكن معاهدة السلام المصرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تظل مثل "البقرة المقدسة" لدى هندوس الهند هي الثابت الوحيد الذي يمنع المساس به أو الاقتراب منه في خضم المتغيرات المصرية العاصفة.

ولا يجد المراقب تفسيرا للتناقض الفاضح بين الخطاب وبين الفعل السياسي للغرب الذي تقوده الولايات المتحدة سوى في هذا السر المكشوف الذي لا يوجد تفسير غيره يوضح الحرص الغربي على "استقرار" في مصر يمنع وصول التغيير إلى هذا الثابت "المقدس" حتى لو قاد تطور الأحداث إلى استقطاب سياسي يستعصي حله وحتى لو قاد هذا الاستقطاب إلى "حرب أهلية" تضمن عجز مصر إلى أمد طويل عن المساس بهذه "البقرة المقدسة".

والوعي المصري بهذه الحقيقة يكفي في حد ذاته لتعالي كل القوى الوطنية على كل خلافاتها لمنع الاستقطاب الحالي الذي يستفحل يوميا من جرهم جميعا إلى حمأة نسخة مصرية للفخ الأميركي – الغربي الذي وقع فيه أشقاؤهم العرب في العراق وليبيا وسوريا فعطل إمكانيات أقطارهم عن القدرة حتى على الدفاع في مواجهة دولة الاحتلال التي يغذيها الغرب لتكون القوة الأعظم المهيمنة إقليميا فأخرجهم عمليا من معادلة الصراع العربي معها بعد أن عجز عن إخراجهم من هذا الصراع بمعاهدات على الطريقة المصرية والأردنية.

ومنع مصر من الوقوع في هذا الفخ ينبغي أن يتحول سريعا إلى ثابت وطني أكثر قداسة من المعاهدة مع دولة الاحتلال وإلى أساس جاذب لوحدة وطنية تضع في رأس أولياتها في الأقل استكمال السيادة المصرية المنقوصة في شبه جزيرة سيناء إن كانت الظروف الموضوعية الراهنة لا تسمح بإبطال المعاهدة كاملة، فهذا هو المعيار الأهم لقياس وطنية كل القوى السياسية والمصدر الرئيسي لأي شرعية ذات صدقية لها.

فثلثا سيناء مجردان من السلاح الوطني بموجب المادة الرابعة من المعاهدة مع دولة الاحتلال، وفي سيناء قوات متعددة الجنسيات عمادها أميركي ليست خاضعة ولو شكليا للأمم المتحدة موجودة في مواقع غير مسموح للقوات المصرية التواجد فيها ولا يحق لأي حكومة مصرية أن تطالب بسحبها من دون موافقة الدول الأعضاء دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولى مجتمعة، وهذا شرط كان مستحيلا منذ مدة طويلة ولا يزال وسوف يستمر مستحيلا لأمد غير منظور، ويحرم على مصر أن تبني في سيناء مطارات أو موانئ عسكرية بموجب المادة الثالثة من المعاهدة، وقد لا يعلم كثير من عرب فلسطين أن سابقة تقسيم أراضيهم المحتلة عام 1967 إلى مناطق "أ" و"ب" و"ج" موجودة في شبه الجزيرة المصرية منذ عام 1979 حيث تحدد نصوص المعاهدة حجم القوات المصرية ونوعية تسلحها في كل منطقة منها.

إن انتقاص السيادة المصرية في سيناء حولها إلى منطقة فراغ أمني يصول ويجول فيها الإرهاب وعملاء المخابرات الأجنبية والمهربون والخارجون على القانون أو المطلوبون له الذين تحولوا الآن إلى تهديد للأمن المصري تدعي دولة الاحتلال الإسرائيلي قبل أصحاب الغايات السياسية غير البريئة في مصر ذاتها أن المقاومة الفلسطينية المحاصرة في قطاع غزة هي التي تتحمل مسؤوليته.

وطالما اتخذ هذا الإدعاء المغرض ذو الأهداف المكشوفة ذريعة لتشديد الحصار المصري على قطاع غزة بغض النظر عمن تقلد السلطة في القاهرة منذ ثورة 25 يناير وقبلها.

وأضعف الايمان لممارسة الحد الأدنى للسيادة المصرية في سيناء يتمثل في التعامل مع الحدود مع قطاع غزة وامتدادها في المياه الإقليمية الفلسطينية والمصرية في البحر الأبيض المتوسط  كحدود ثنائية لا علاقة للاحتلال الإسرائيلي بإدارتها.

إن اتفاق معبر رفح لسنة 2005 بالرغم من كون مصر طرفا فيه فإنه ليس جزءا من المعاهدة المصرية مع دولة الاحتلال، في الأقل لأنه وقع بعد توقيعها بستة وعشرين عاما، ناهيك عن أن تطور الأحداث على الأرض قد أسقطه، فلماذا تستمر مصر في التمسك به قبل الثورة وبعدها !

من الواضح أنه لا يوجد لاستمرار تمسك مصر "طوعا" باتفاق المعبر لسنة 2005 سوى ذريعتين، أولاهما الإدعاء المغرض "الإسرائيلي" المنشأ بأن المقاومة الفلسطينية المحاصرة في قطاع غزة تستغل الفراغ الأمني الناجم عن انتقاص السيادة المصرية في سيناء لتهديد أمن مصر، والثانية، وهي ذريعة أحدث، العلاقة بين حركة "حماس" التي تدير حكومتها القطاع وبين جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهذه بدورها علاقة قديمة سابقة للاستقطاب الراهن في الصراع الدائر في مصر وليست جديدة وهي كذلك كانت دائما معلنة وليست سرية.

وهو ما يثير تساؤلا جوابه معروف سلفا بالنفي عما إذا كانت مصر سوف تمارس سيادتها على الحدود الفلسطينية مع قطاع غزة لو لم تكن "حماس" هي التي تدير القطاع، ويثير كذلك تساؤلا أهم عما إذا كان قطاع غزة المحاصر قد تحول إلى صانع قرار يحرر السيادة المصرية أو يقيدها بينما كل المعطيات الموضوعية تفترض العكس، أي أن تحرير القطاع أو محاصرته هو الان قرار سيادي مصري في أي وقت تقرر مصر ان تمارس سيادتها كاملة في شبه جزيرة سيناء.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com


الجيش جنودٌ للوطن أم حماةٌ للحاكم/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لعله من العار على أي شابٍ ألا يؤدي الخدمة العسكرية، وألا يلتحق بالجيش الوطني لبلاده، وألا يقضي الفترة الزمنية المنصوص عليها قانوناً خدمةً للعلم في الثكنات العسكرية ومعسكرات الجيش، يتلقى التدريب الواجب، ويتحمل شظف العيش، ويقاسي التدريبات الشاقة، والتمرينات القاسية. 
ويأكل في مواعيد محددة، ووفق برامج وتعييناتٍ معدة، وجباتٍ وأطعمة قد لا يحبها أو لم يعتد عليها، فيأكل بلا شكوى، ويقبل ما يقدم له دون تذمرٍ أو اعتراض، ويلبس ثياب الجيش الرسمية، ذات اللون والشكل الواحد، المشتركة بلا تمميز، فلا زينة ولا مباهاة، وإنما تشابهٌ تامٌ في الزي واللون والمظهر.
 ويشاطر أبناء وطنه حماية الثغور، والدفاع عن الحدود، وملاحقة المجرمين والمهربين والمعتدين على سيادة الوطن والقانون، ويعرض حياته للخطر أثناء التدريبات أو عند القيام بالمهمات، ويقضي الفترات الطويلة بعيداً عن أهله وأفراد أسرته، ويترك حيه وبيته، ويبتعد عن أصدقائه وأحبائه، ويتخلى عن كثيرٍ من المتع التي اعتاد عليها، فلا هاتف جوال، ولا متابعة لبرامجٍ تلفزيونية، ولا سهر مع المعارف والأصدقاء، ولا تجوال في النهار، ولا تأخر في الليل، بل تقييدٌ نسبي للحرية، وإلتزامٌ بالقوانين، واحترامٌ لأنظمة الجيش ولوائحه، ومحاولاتٌ جادة لاكتساب الجدية والرزانة، وتعلم المسؤولية والاستعداد لحمل الأمانة، والقيام بالواجب.
الخدمة العسكريةٌ عنوانٌ للشرف، وشهادةٌ بالوطنية، وبوابةٌ لاجتياز الرجال، وإثبات الكفاءة والأهلية، وهي وسيلة للتقدم ونيل الحقوق والحصول على الامتيازات، ففي بلادٍ لا تتزوج المرأة من لم يؤدِ الخدمة العسكرية، ولم يلتحق بالجيش، ويعتبرونه معيباً ومطعوناً في رجولته ووطنيته، فلا تتشرف به ولا تفخر به بين قريناتها، وتستحي منه أمام أهلها. 
بل إن من تستثنيه القوانين، وتعفيه اللوائح، لعدم أهليةٍ أو لياقة، أو لعيبٍ أو نقص، أو كونه وحيداً لا شقيق له، فإنه يشعر بالخجل والحياء، ويعاني من عقدة النقص، ويجد نفسه دوماً أقل من الآخرين، وأجدر ألا يتمتع بعطاءات بلاده، وخيرات أوطانه، فلا يجد أكثرهم إلا أن يسافر ويترك بلاده التي لم يساهم في حمايتها والذوذ عنها، في حين يحاول كثيرٌ غيرهم، ممن تعفيهم القوانين من أداء الخدمة العسكرية، الطلب من الجهات المختصة قبولهم، والسماح لهم بالانخراط في الجيش، وأداء الخدمة العسكرية الإلزامية.
أما من يؤدون البدل المالي للتخلص من الخدمة العسكرية، فإنهم يبقون يعانون طوال حياتهم، ويشكون من سوء أوضاعهم، ويشعرون أنهم منبوذين في مجتمعاتهم، وأن المال الذي بحوزتهم لا يجلب لهم الشرف والكرامة كما تجلبها البزة العسكرية، والبندقية التي تزين الكتف، والحزام العسكري العريض الذي يشد البطن، ويصلب الظهر، ويرفع الرأس.
إن هذا الشرف العسكري يطمحُ كل إنسانٍ أن يناله، ويتطلع كل مواطنٍ أن يضيفه إلى سجل حياته، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها جيوشنا العربية، وحالة الذل والهوان التي يفرضها الضباط وكبار القادة العسكريين على الجنود والمؤهلين، إذ يقزمون مهامهم، ويستخفون بحماسهم، ويحيلونهم إلى خدمٍ لهم، وعاملين عندهم، أو صبية لدى زوجاتهم وفي بيوتهم، فيقتلون فيهم روح العزة والكرامة، ويغتالون في نفوسهم معاني التضحية والفداء، ويجعلون من فترة الخدمة العسكرية سجناً، وفرصةً لإيقاع العقاب، وفرض الغرامات، واستخدام الجنود في مهامٍ مهينة، لا تليق بهم، ولا تتناسب معهم، ولا مع المهمة النبيلة الموكلة إليهم.
الخدمة العسكرية تبقى دوماً شرفاً ومفخرة، وعنواناً للعزة والأنفة، رغم فلسفة المؤسسات العسكرية العربية، ومناهج الجيوش فيها، التي تسعى لأن تجعل من الجندي العربي آلةً تعمل، ووسيلةً تسمع وتنفذ، وعصاً تضرب وتبطش وتقمع، وتقتل وتعتقل، وعيناً تحرس الحاكم، وتسهر على أمن وسلامة المسؤول، ولو كان على حساب الوطن، وحياة المواطن، بل إن أغلب دولنا العربية تجعل من الجيش قسمين، أحدهما شكلاً يسمى جيش الوطن، فلا يحضى بالرعاية ولا بالإهتمام الكافي، ولا يتلقى أبناؤه التدريب المناسب، ولا يزود بالسلاح الكافي، ولا يتعلم من الخدمة العسكرية أياً من معاني الوطنية والأمانة العسكرية.
أما القسم الآخر فهو الحرس الجمهوري أو الملكي، وهم صفوة الجنود، وخيرة المقاتلين، وأبناء الذوات وعلية القوم، وهم المحظوظون المقربون، والمميزون المفضلون، الذين يرثون المواقع ويتوارثون المناصب، عن غير كفاءةٍ سوى الولاء، ولا أهلية سوى الاستعداد لقتل الشعب حفاظاً على حياة الحاكم، واستمراراً لحكمه ولو كان ظالماً، ففي بقائه وجودٌ لهم، واستمرارٌ لامتيازاتهم، وهم يتلقون أفضل التدريبات، وتفرض لهم أعلى الميزانيات، وتوفر لهم كل اللوازم والاحتياجات، ويقتطعون من أملاك الدولةِ أراضٍ وعقارات، ويعطون منحاً وتسهيلات، فأولادهم يتعلمون بالمجان، ويتلقون أفضل الخدمات الإجتماعية، ويبتعثون للدراسة في أفضل الجامعات ومختلف التخصصات، ويوفدون للعلاج في أفخم المستشفيات وأشهرها، ويوظف أبناؤهم وخاصتهم في أعلى وأهم الوظائف الحكومية، وتقدم للتجار منهم تسهيلاتٌ وتفضيلاتٌ، تزيدهم ثراءً، وتجعلهم أكثر هيمنةً واحتكاراً.
الجندي خلق ليكون حامياً للديار، ومدافعاً عن الوطن، وحارساً للحدود، ومضحياً من أجل الكرامة، يحمي شعبه، ويذوذ عن حياض أهله، ولا يطلق النار على أبناء وطنه، ولا يستجيب لأي أمرٍ من أي مسؤولٍ أياً كان لقتل أبناء شعبه وترويعهم، أو دهسهم وسحلهم، أو حرقهم وجرفهم. 
ولم يكن في يومٍ من أجل حماية الخحكم، وحراسه كرسيه، والدفاع عن ملكه وسطوته، والحفاظ على منصبه ومركزه، فالحاكم لا يبالي بحياة جنده، ولا يسأل عن سلامة مواطنيه، وإنما همه البقاء، وسعيه للوجود، ولو كان الثمن جماجم شعبه، ودماء مواطنيه، وتمزيق الوطن، وتشريد أبنائه.
أيها الجندي العربي كن عزيزاً ذا مروءةٍ وشهامةٍ ونبل، وكن فدائياً تفتدي، ومقاتلاً تبغي إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة، وخذ من التاريخ عبراً، ومن سير الجنود الأوفياء دروساً وحكماً، وتعلم كيف يكون الخلود والبقاء، وكيف يكون مصير الجنود الأذلاء، فقف إلى جانب شعبك، واعمل من أجل وطنك، ورفعة بلادك، وكرامة أمتك، ولا تطع حاكماً يؤمرك بإطلاق الرصاص على أهلك، أو توجيه فوهات المدافع إلى بيوتٍ مسكونةٍ، ومدنٍ مأهولةٍ، ولا تكن عبداً يحرس سيده، ويقف حاجباً على قصر حاكمه، فالعبد كان دوماً للصر والحلب، والحمل والجر، ولكن الحر هو من يعرف الكر والفر، والنبل والشهامة، دفاعاً عن الوطن، وفداءً للأهل، وصوناً للبلاد، وحفظاً لكرامة الأمة.

الدكتاتور البرئ/ ابراهيم الشيخ

تعتبر تبرئة الرئيس المصري السابق حسني مبارك صفعة لكل تضحيات الشعب المصري الذي ثار ضد الدكتاتورية والظلم، فدماء الشهداء التي قُدمت قربانا من اجل الحرية قد ذهبت هباءاً دون اقامة اي اعتبار لهذه الدماء واهالي الشهداء.
ان اطلاق سراح الرئيس السابق ستخلق حالة من الانقسام في المجتمع المصري الذي يعاني الان حالة من التشرذم بين مؤيد ومعارض للعسكر والاخوان، فقضية تبرئة حسني مبارك ستزيد من حالة عدم الاستقرار التي تهدد مصر ومستقبلها، وكل ما يجري يعتبر اجهاضا لثورت الخامس والعشرين من يناير التي اطاحت بالنظام الدكتاتوري.
يبدو ان ثورت مصر التي ارادت التغيير والاتجاه تحو نظام ديمقراطي على انقاض النظام الاستبدادي قد اجهضت من خلال تبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وان الاجهزة الامنية والشرطية والجيش ما زالوا يمارسون السياسة التي كانت متبعة من قبل، فعاد الخوف والتضييق على الحريات لكل معارض لحكم العسكر الي يعتبر امتدادا لحكم مبارك.
بلا شك ان هناك فئة من الشعب المصري ستكون سعيدة باطلاق سراح مبارك وتبرئته،  ويبدو انه ما زال ما زال له مؤيدين من مساكين الشعب المصري الذين يؤلهون  الاشخاص الذين رأوا في مبارك مَثلهم الأعلى والزعيم الخالد، والاكثر سعادة ستكون الطبقة التي كانت مستفيدة من نظام الفساد وها هي تستعيد مجدها على جثث الشعب المصري.
حسني مبارك لم يحتمل ان يجلس يوما في السجن لانه منذ  وُضع في السجن اصيب بالامراض كلها ومرة واحدة، كيف لا يمرض ولا يصاب بالحزن وهو الذي ظن نفسه فرعون زمانه وبالتأكيد لم يخامره الشك ولو للحظة بأنه سيلقى هذا المصير الاسود.
 كان يجب عليه ان يُجرب ويذوق المُر الذي اذاقه للشعب المصري منذل  ومأسي وفقر والعيش في العشوائيات والمقابر، تصرف  كأعتى الديكتاتوريات في العالم، فعمل على تسمية المستشفيات والجسور والمشاريع باسمه، هذا لان الزعماء يظنون بأنهم  سيبقون احياء في ذاكرة الشعوب الى الأبد، ويظنون انهم لو ماتوا ستبقى الاشياء باسماءهم تخلدهم، ويبقوا احياء في ذاكرة الشعوب التي نهبوها ومارسوا ابشع انواع التنكيل بحقها.
 ان مصادرة الحريات والتعامل بفوقية على الشعوب هي من صفات الحكام العرب الذين يظنون انفسهم مُنزلين ومعصومين عن الخطأ وهم الاذكى وان الحياة ستتوقف بعد رحيلهم، 
حسني مبارك كان  واحدا من هؤلاء  الذين احبوا السلطة واغرموا بها.
  كان لا يجب محاكمته على قتل المتظاهرين فقط التي اتضح ان الحكم برئه منها، بل كان يجب ان يُحاكم على اغتصاب السلطة لمدة ثلاثين عاما بطرق التزوير والفساد السياسي، كان يجب ان يحاكم ايضا على قراراته المجحفة بحق الشعب المصري، كان يجب محاكمته على تزوير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كان يجب محاكمته على نية التوريث لابنه، كان يجب محاكمته على بيع الغاز بأسعار بخسة للعدو الصهيوني، كان يجب محاكمته على الاذعان لاتفاقيات السلام التي نفذها بحذافيرها واضعف مصر خدمة للاحتلال الاسرائيلي. 
كان حسني مبارك اداة طيعة لدولة الاحتلال الاسرائيلية المغتصبة للاراضي العربية ومقدسات العرب، كان يجب محاكمته على حصار غزة  والبدء ببناء الجدار الفولاذي الذي كان هدفه خنق سكان قطاع غزة وتجويع شعبها خدمة لاسرائيل.
كان يجب..... ولكن القانون استجاب واصبح الدكتاتور بريئا من كل هذه التهم، وكأن شيئاً لم يكن، فعلا انه زمن المعجزات، ويجب توقع كل شيء في زمن الثورات العربية المدمرة،  ويجب ايضا توقع كل شيء في هذا الزمن العربي الردئ.  

حينما يتباكى "الغرب" على مصير "الإسلام السياسي"/ صبحي غندور

هل كان ينقص الأمَّة العربية قضية أخرى ينقسم حولها العرب، حكوماتٍ وشعوباً، لكي تُضاف الأوضاع المصرية إلى قضية الأحداث السورية التي قسّمت العرب في السنتين الماضيتين، وقبلها كانت المسألة العراقية قد فعلت فعلها في العقدين الماضيين من جرحٍ أليم كبير في جسد الأمّة؟!
هاهو الجيش المصري يتعرّض للاستنزاف اليوم في سيناء وفي الأمن الداخلي المصري بعدما جرى ويجري إنهاك وإضعاف الجيش السوري في جحيم أحداث دموية داخلية، وبعد تفكيك الجيش العراقي كمحصلة للاحتلال الأميركي وقبله لإقحامه في غزو بلدٍ عربيٍّ آخر.
أليس مستغرباً أن يحدث ذلك بوقتٍ متزامن مع محاولات إضعاف ظواهر المقاومة العربية ضدّ إسرائيل في لبنان وفلسطين، وتوريط المقاومة أيضاً في حروب استنزافٍ أهلية هنا وهناك؟!
وما الذي سيتبقّى في الدول المحيطة بإسرائيل من عناصر قوة عربية إذا استمرّ سوء الأوضاع العربية على ماهو عليه الآن؟! وهل سقط العرب كلّهم في مصيدة "الفوضى الخلاّقة الشاملة" التي جرى وعدهم بها خلال العقد الماضي؟!
هي كبيرةٌ وشاملة المسؤولية العربية المباشرة عن كلِّ ما حدث ويحدث. وهي مسؤولية تضمّ الحاكم والمحكوم معاً، الساكت عن الحق والناطق بالزور معاً، الجاهل بالدين والعالِم بحقيقته لكن المحرّف له، كلاهما مسؤول أيضاً عن تمزّق المجتمعات العربية وهيمنة الغرائز الطائفية والمذهبية.
لكن هي أيضاً مسؤولية "الغرب السياسي" عن دفع البلاد العربية إلى حافّة الهاوية وإسقاط بعضها في وادي التمزّق والصراعات الأهلية. نعم الجسم العربي ضعيف، وهذا ما سهّل للقوى الخارجية مهمّة الدفع للهاوية، لكن ما الذي ينتظر البلاد العربية بعد ذلك، ولماذا هذا التحوّل الذي حصل في رؤية "الغرب السياسي" لظاهرة "التيار الإسلامي السياسي"؟!.
فقد كانت المقولة السائدة في الغرب، بعد سقوط النظام الشيوعي في مطلع عقد تسعينات القرن الماضي، هي أنّ "الإسلام هو العدوّ الجديد للغرب". وقد جرت التعبئة الإعلامية والفكرية والسياسية لخدمة هذه المقولة على مدار عقدٍ من الزمن إلى أن أثمرت وحان قطافها بعد أحداث الإرهاب في سبتمبر 2001. ومنذ ذلك التاريخ، بدأت عملية الدفع الممنهج والمتدرّج لإوطان عربية لكي تسقط في وحل الصراعات الأهلية، ولكي تتمّ إعادة رسم خرائط جديدة للمنطقة، تماماً كما حدث في مطلع القرن العشرين، لكن بأن يحصل ذلك التدخّل الأجنبي والتقسيم العملي للأوطان بناءً على "مناشدات" ورغبات محلية. هكذا حدثت تطورات الأوضاع في العراق والسودان، وكادت أن تحدث في لبنان واليمن، ثم حدثت في ليبيا وسوريا، والآن يُراد لها أن تحدث في مصر.
سأطرح مجرّد تساؤلاتٍ بسيطة علّنا نصل بعدها إلى قناعاتٍ مشتركة حول ما حدث وما يحدث عربياً:
ألم تكن واشنطن تُدرك أنّ احتلال العراق ثم حلّ جيشه سيعني دفع هذا البلد إلى الاعتماد على ميليشيات وقوى أمنية ذاتية موسومة بألوان طائفية وإثنية، خاصةً بعد 10 سنوات من "مناطق حظر" وتكريس لمناطق شمال وجنوب ووسط قبل حدوث الاحتلال الكامل للأراضي العراقية؟!
ألم يكن "خبراء حلف الناتو" يعلمون أنّ سهولة المساعدة جواً وبحراً على إسقاط نظام القذافي في ليبيا ستوجد مشكلة من سيحكمون "برّاً" بعد سقوط النظام، في بلدٍ لا توجد فيه مؤسسات دولة فاعلة لأكثر من أربعين عاماً؟! في بلدٍ يقوم على أسس ومفاهيم قبلية وأسرية وإثنية؟!.
ألم يكن "خبراء الغرب" والشرق المتحالف معهم يدركون أنّ سوريا ليست ليبيا وأن بدء عسكرة الحراك الشعبي فيها (كما حصل في بنغازي) سيعني إعلاناً بحرب أهلية سورية وتدميراً واسعاً لكلّ ما فيها من مقوّمات دولة ومجتمع مدني وحياة بشرية؟!.
ألم تكن واشنطن عالمةً تماماً بأنّ تشجيع جماعة "الأخوان المسلمين" في مصر و"تيار الإسلام السياسي" عموماً في البلاد العربية على الحكم فيها سيولّد مخاوف كثيرة لدى مكوّناتٍ مهمّة في مجتمعات هذه البلدان، وسيدفع إلى مزيدٍ من التفكّك والانقسام فيها؟!
ثمّ ما هي تفاصيل الصفقة التي حصلت بين واشنطن و"جماعة الأخوان" قبل وصولهم للحكم في مصر، وبين "الغرب السياسي" و"التيار السياسي الإسلامي" في تونس وليبيا وسوريا قبل دعمهم والتعامل معهم في المعارضة وفي السلطة لاحقاً؟!.
هذه تساؤلات هامّة لفهم ما حدث ويحدث من علاقات بين "الغرب" وبين من كانوا في عقد التسعينات خصومه، ثم أصبحوا الآن "عتاده ورجاله" في أكثر من بلدٍ عربي!. فهل من "مُفسّر إسلامي" لهذا التحوّل ولكيف أصبحت دول الغرب الآن "حماة الإسلام السياسي" في المنطقة العربية؟!. فكثيرةٌ هي الأصوات والمقالات التي تصدر الآن عن أشخاص لهم تاريخٌ حافل بالدفاع عن إسرائيل وعن حروبها الظالمة ضدّ الفلسطينيين واللبنانيين، لكنّهم الآن يدافعون بشدّة عن "جماعة الأخوان" في مصر بحجّة الديمقراطية. فلماذا هذا البكاء الغربي المشبوه على أطلال حكم "جماعة الأخوان" في مصر، وما الذي كانوا يراهنون عليه لو استمرّ هذا الحكم لأعوامٍ قليلة أخرى؟! أهو مزيدٌ من الشرخ الوطني في مصر، ومن الأحداث الطائفية والمذهبية كالتي حدثت قبل فترة قليلة من سقوط حكم "الأخوان"؟ أهو توريط الجيش المصري في الأحداث السورية كما تعهّد الدكتور مرسي في خطابه التضامني مع المعارضة المسلّحة في سوريا؟ أهو أيضاً تسهيل التحكّم بمياه النيل من أصدقاء إسرائيل دون ردعٍ أو عقاب؟ أم هو أيضاً التزامٌ بتعهّداتٍ "غربية" مقابل الحفاظ على معاهداتٍ مع إسرائيل والولايات المتحدة؟!.
ثمّ هل يقدر "محلّل سياسي إسلامي" أن يفسّر هذا "الحب الكبير" الآن لكلٍّ من مصر وسوريا وليبيا لدى عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين، والذي نافس الرئيس أوباما على منصب الرئاسة في العام 2008، وكان يتعهّد بمواصلة سياسات وحروب إدارة جورج بوش الابن، وهو المعروف بدعم اسرائيل في كل المحافل الأميركية وبصداقته الحميمة مع نتنياهو؟ فالسناتور ماكين كان أبرز الداعين لتدخّل عسكري أميركي مباشر في ليبيا وعدم العمل في الصفوف الخلفية لحلف الناتو، وهو أيضاً من زار تركيا والأراضي السورية (مع زميله وصديق إسرائيل الحميم جو ليبرمان) من أجل الضغط على إدارة أوباما لكي تدعم المعارضة السورية المسلّحة بأقوى أشكال الدعم وبإقامة "منطقة آمنة" للمعارضة في سوريا، وهو الآن، بعد زيارته للقاهرة، يتحدّث عن مخاطر "الانقلاب العسكري" الذي حصل ضدّ حكم "جماعة الأخوان"، ويدعو إلى وقف كل أشكال المعونة الأميركية لمصر.
إنّ تطورات الأحداث في البلاد العربية تجري في منطقةٍ تتحرّك فيها قوًى إقليمية ودولية عديدة، لها أجنداتها الخاصة، وتريد أن تصبّ "تغييرات" ما في مصالحها، فضلاً عن حدوث هذه التطوّرات بعد سنواتٍ عربية عجاف، جرى فيها إطلاق الغرائز الانقسامية الطائفية والمذهبية والإثنية على امتداد الأرض العربية. وقد يكون الأهمّ في ظروف هذه التطوّرات، وما يحيط بها من مناخ، هو وجود إسرائيل نفسها ودورها الشغّال في دول المنطقة (منذ تأسيس إسرائيل) من أجل إشعال الفتن الداخلية وتحطيم الكيانات القائمة لصالح مشروع الدويلات الدينية والإثنية. 
وإذا كانت أيّة دولة تعني مزيجاً من (الحكم والشعب والأرض)، فإنّ السؤال الهام، الذي يُطرَح أمام أيِّ من الدول العربية، هو: كيف الحكم، لأيِّ شعب، على أيِّ أرض؟!! علماً أنّه مهما جرى من اختلافٍ على طبيعة الحكم، فإنّ الحسم مطلوبٌ أولاً؛ لوحدة هذا الشعب، ولحرّية ووحدة هذه الأرض.      

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

كفى/ عباس علي مراد


على صفحات عينيّ
دوّى الانفجار
وجوه العابرين غابت
سال دم...
تمزقت جثثٌ...
لا تسألوني
من افتعل المجزرة
ارهابي...
لا يوجد في قلبه قطرة
انسانيته غائبة في سفرة
يأتي مع الموت
والموت يأتي معه
بذاره القحط
لا ينبت في حقوله حتى شعرة
على القوم ينثر غبار شرّه
طائر الموت
معلق على صدره
من الحقد عنده طفرة...
**********
بالإيمان...
بالصبر...
بالثبات...
لا... لا... لن ندع له اية ثغرة
ومشوارنا سوف يكتمل
حتى تشرق
شمس البشرى
ندفن الأرق
نضمد جراح الوطن
تغفو عيون صغارنا
تزهر احلام شبابنا
تتعانق المشارق
مع المغارب
ونقول: كفى ارهاباً
كفى ارهاباً
كفى موتاً
كفى موتاً
كفى...

سدني استراليا

دموع النيل والهرم/ عيسى القنصل

مياه ُ النيل ِ داكنة ُ 
ملوثة ُ 
نفايات ُ من الاوحال  تغمرها 
وما عادت مياه  النيل جارية  ً 
فمن اسوان ..  للبحـــر 
قلوب الكل  باكية ُ 
بما يجري 
فمن سيسي  
الى مرســي 
ومن يبغى بان يغفو على الكرسي  
وشعبي ..لم يعد  يدري 
لماذا النيل ُ قد جفت  منابعه 
ولا يجرى الى البحـــــــــــــــــــــــر ِ 
بكت مصر ُ وفى الاجفان ِ دمعتها  
 تسائلنا ؟؟
لماذا الجيش  يقتلنا  
لماذا الاخ  يحرقنا  ..
لماذا قلبنا اضحى ..كما الصوان  والحجر ِ 
رايت النيل َ منتحبا  ً 
وصاحت ْ قمة الهرم ِ 
فموتى فى شوارعنا  ..بلا رقم ٍ بلا حصر 
تعاركنا ..وكان الكل  يحسدنا ..
فصرنا مثل من  يمشى على الجمــــــــــــــــــر ِ 
كنائسنا ..غدت  فحما  
مساجدنا  مفرّغة ُ من الرحمن والبــــــــــــــر ِ 
وجارى لم يعد  جارى 
فقاهرتي  ..ترامت ْ  فى 
متاه  الموت والكفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر ِ 
مياه  النيل ِ داكنة ُ 
وغاضبة ُ  لما يجري  ..
فكفر هذا يا مصر ُ 
وما اقساه من كفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر ِ

الأزمات العربية والوساطات الغربية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

ما من أزمةٍ عربية وهي كثيرة إلا ويتولى الغرب، الأوروبي والأمريكي، قديماً أو حديثاً، كِبر الوساطة فيها، بمبادرةٍ ذاتية منه في الغالب، دون أن يطلب منه أطراف الأزمة ذلك، إذ يتصدى لمواجهة الأزمات، ويفرض نفسه وسيطاً، ناصحاً أميناً، ومخلصاً نزيهاً، خائفاً على مصالح العرب وأمن مواطنيهم، وساعياً إلى السيطرة على الأزمات أو تطويقها، والتحكم فيها أو التخفيف من أضرارها، ومنع أطراف أخرى من الإنخراط فيها، والمشاركة في تعميق الأزمة وإطالة أمدها.
ينبري الغرب للقيام بدور الوساطة وإن لم يكن متضرراً من الأزمة، أو شاكياً من تداعياتها على أمنه ومصالحه، فلا احتمال لانتقال الأزمة إلى بلاده، ولا خوف من تورط حكوماته فيها، ولا قلق من إمكانية انتقال عناصرها ومكوناتها إلى بلادهم.
يبدي الغرب بشقيه قدراً عالياً من الشهامة والمروءة والنبل، ويظهر قادته في المشهد وكأنهم يتمتعون بالحكمة، ويظهرون المصلحة، ويغارون على الشعب والدولة، ولا يتآمرون على العرب وأوطانهم، ولا يكيدون لهم ولشعوبهم، فيعقدون العزم على التدخل، ويدرسون المشكلة التي هي في الغالب من صنيعهم، أو هي من بقايا استعمارهم، بل هم جزماً أحد صناعها وأكبر مفجريها، وهم الذين يمولونها ويرعون بعض الفرقاء فيها، ولهذا فإنهم يستقسون أسبابها، ويعرفون أطرافها، ويلمون بتفاصيلها، ثم يشكلون الوفود بعد أن يسموا الرؤساء أو المبعوثين، ويقومون بزياراتٍ مكوكية إلى العواصم العربية المشتعلة والملتهبة، وتلك التي تقف على فوهة برميل من البارود تكاد أن تفجر، فيقدمون النصح والإرشاد، ويقترحون خرائط الطرق ووسائل النجاة، ويرسمون الخطوط الزرقاء، ويصدرون الكتب السوداء والبيضاء، والعرب يصدقون كل نصح، ويثقون في كل وسيط، ويرمون أحمالهم على كل متعهد، ويعلنون أمام الوسيط أنهم سيتبعون نصحه، وسيطبقون خرائطه.
الوسطاء الغربيون يتزاحمون على بوابات كل العواصم الغربية، ويشغلون مطاراتها، وينشط المسؤولون العرب في استقبالهم والحفاوة بهم، وينزلونهم في أفخم الفنادق، ويلقون منهم أفضل المعاملة، وتقوم على خدمتهم وحمايتهم طواقم فنية وأمنية، مدربة ومؤهلة، كلهم يسعى للحصول على رضاهم، أو نيل البركة منهم، فضلاً عن خوفهم من تسجيل أي ملاحظةٍ عليهم، أو تقصيرٍ منهم، أو إهمالٍ في مهمتهم، أو محاولة لتضليلهم وخداعهم، فالموفدون الغربيون حساسون ودقيقوا الملاحظة، فلا ينبغي جرحهم أو المساس بمشاعرهم، لئلا يفشلوا في مهمتهم، أو يعطلوا دورهم.
إنهم حاضرون في كل العواصم العربية، يتغيرون ويتبدلون ويتشكلون، فهم قد غيروا موفديهم إلى دمشق مراراً، وعددوا مبعوثيهم إليها، أوروبيين وأمريكيين وأمميين، ولكنهم لم يغيروا من الأمر شيئاً، ولم يجلبوا السلام إلى سوريا، ولا الأمن إلى مواطنيها، ولم يؤمنوا المشردين، ولم يجدوا حلاً لللاجئين، ولم يتمكنوا من جمع الفرقاء، أو التوسط بين مختلف الأطراف، بل زادوا في عمق الأزمة، وباعدوا بين المختصمين، وأطالوا في أمد المعركة، وجعلوا الحل مستعصياً بعد أن ربطوه بهم، واشترطوا لتوقيته ونجاحه قبولهم به، وموافقتهم عليه.
وهم في العراق كانوا، جميعاً قد حضروا، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على رأسهم، وقد جاؤوا بجيشٍ لجبٍ عظيم، ليخلصوا العراق من مشاكله، وينقذوه من الأخطار المحدقة به، فدمروه وخربوه، وقتلوا شبابه وأمعنوا في إذلال معتقليه من أبنائه، وشردوا أهله، وسرقوا خيراته ورهنوا مقدراته، وسلموه إلى المجهول الذي يشبه الجحيم في أواره ولهيبه ومتفجراته، ولا أعتقد إلا أنهم قد بذروا فيه بذار خلافٍ وإنقسامٍ واقتتالٍ قد يدوم إلى الأبد.
وفي ليبيا جاؤوا على عجل، بدعوى نصرة المستضعفين، والانتصار للثائرين، والحد من بطش واستبداد الحاكمين الظالمين، ولكنهم استهدفوا قوة ليبيا، ومخزونها الكبير من السلاح، ومستودعاتها المخبوءة من مختلف الأسلحة الرادعة فدمرها، ثم رحلوا، بعد أن استقطعوا من الحقوق الليبية والودائع الوطنية مليارات الدولارات، ليغطوا بها تكاليف حربهم، وفاتورة نجدتهم ونصرتهم، ثم رحلوا بعد أن جمدوا الودائع، وصادروا المشتبه بها، وأبقوا غالبيتها في خزائنهم وبنوكهم، مانعين ليبياً من التصرف بها أو استعادتها، التي بقيت تتخبط في دمائها، وتتعثر بأقدام أبنائها، عاجزة عن المضي والانطلاق، وغير قادرة على الاتفاق والوفاق.
أما في مصر فقد جاؤوا مسرعين، فرادى وجماعات، من مختلف الدول ومن كل الجنسيات، كلهم يبكي على مصر، ويبدي خوفه على مستقبلها، ويخشى من انزلاقها نحو حربٍ أهلية، واقتتالٍ دموي مرير، وكأن الذي يحدث فيها اليوم ليس حرباً أهلية، وليس قتلاً مريراً وحشياً قاسياً، لا يرحم صغيراً، ولا يستثني صبيةً ولا امراةً، وكأن الذي تم لم يكن بعلمهم، ولا بموافقتهم، وهم الذين يخصصون لكل ملفٍ خلية أزمة، وفريق عمل، ولجاناً مختصة، ولكن مع قدومهم إلى مصر هلت البشائر، ووقعت المجازر، وسال الدم غزيراً، وحوصر المتظاهرون، وأطلق النار على المعتصمين، وتم اقتحام المساجد، وغرقت مصر في طوفانٍ لا نعرف أين منتهاه.
ومن قبل تسللوا إلى لبنان، وأوفدوا إليه مئات اللجان والمبعوثين، كلهم يفكر من أجل لبنان، ويقلق على مصيره ومستقبله، ويتخوف من بعض قواه وأحزابه، ولكن الحقيقة أن عيونهم جميعاً كانت كلها على إسرائيل، خوفاً عليها وحرصاً على أمنها ومصالحها، وفي لبنان الجريح ما زالت هيئاتٌ غربية دولية، تدير ملف المحكمة الدولية، المكلفة بالبحث عن قتلة رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، فلا هي أنهت تحقيقها وأعلنت نتائجها، ولا هي توقفت عن المطالبة بدفع النفقات، وأداء الإلتزامات، في استنزافٍ يومي كان لبنان كله في غنىً عنه.
أما فلسطين فكانت وستبقى هي العنوان الدائم لكل الموفدين والوسطاء الغربيين، ذلك أن فلسطين من وجهة نظرهم هي إسرائيل، وهم يعلمون أنه لا وجود أصيل لدولة اسمها إسرائيل، ولكن هناك وجودٌ أصيلٌ، شرعي وقديم، لدولةٍ كان ومازال اسمها فلسطين، لهذا تتكسر نصال الموفدين الغربيين في فلسطين بعضها فوق بعض، يأتونها كل وقتٍ وحين، في الصيف والشتاء، وفي الليل والنهار، فقط من أجل أن تبقى إسرائيل قوية آمنة مطمئنة، لا خوف يتهددها، ولا شر يحدق بها.
لست أدري لماذا نثق بالغرب ونسلم لهم، ولماذا نلجأ إليهم ونأمل فيهم، ونتوقع منهم العدل، أو عندهم الإنصاف، أو منهم الفرج، وعلى أيديهم الفوز والنجاة، ونحن الذين جربناهم قديماً وحديثاً، فخبرناهم وعرفناهم، فهم سبب نكباتنا، وأساس مصائبنا، وهم صناع هزائمنا، ورعاة العابثين في بلادنا، والساهرين على مصالح أعدائنا، فهل نعود ونصدقهم، وهل نرحب بوساطتهم، وتبش وجوهنا لمبعوثيهم وموفديهم.

عودة مصر لأحضان أبنائها/ ميمي احمد قدري

 كان حلم أن نتخلص من العهد البائد وأن ننفض غبار ثلاثين سنة ونبدأ من أول السطر .... نعيش حياة  اجتماعية كريمة يتوفر فيها العدل والرخاء وأن نكون جميعا سواسية كأسنان المشط... تم إجراء انتخابات  ولقد فاز  الدكتور مرسي مع الشك والتشكيك في نتيجة الانتخابات... سلمنا بما أتانا من الصندوق واحترم كل منا رغبات الأخر وتوجهاته وبدأنا  العهد الجديد أو بالأحرى الأمل الجديد ....  مع بعض التخوفات أن لا يكون د. مرسي رئيساً لكل شعب مصر وأن يكون منحازا لجماعته ولكن عباراته التي ساقها للشعب قبل فوزه طمأنتنا   
من هذه العبارات : لو أخطأت قوموني وامنعوني 
وإذا خرج عليّ خمسة عشر شخصاً من الشعب يطالب برحيلي سوف أرحل بدون تردد  
وأيضا أنا رئيس لكل الشعب المصري ولست رئيساً لحزب أو جماعة
 حلمنا ووضعنا جنوبنا على ذاك الحلم  هل يحكمنا عمر بن الخطاب؟!!
 ولم لا وهذا الرجل يقولون أنه حافظا للقرآن وأستاذا جامعيا ومن وعوده العدل وعدم الظلم 
من أول عهد د. مرسي  ومن أول الأخطاء التي لا يغفرها شعب لرئيسه
1- عدم احترام  قراراته  كان يخطب في الليل ويُملي علينا قرار من قرارات الرئاسة وفي الصباح نكتشف أنه ألغى هذا القرار وهذا الأمر تكرر على ملءِ وسمع كل العالم
2-  الانحياز  الواضح والصريح لجماعته  وعشيرته بمحاولة أخونة الدولة ... كل الكوادر في الدولة أصبحت بين يوم وليلة من جماعة الإخوان ...... ولا مانع في هذا لو أقاموا العدل وساووا بين كل أطياف الشعب
3-  انقسم الشعب المصري إلى أقسام ودرجات  أصبحت الدرجة الأولى من حق الأخوان وباقي الشعب درجة عاشرة وليست ثانية  أو ثالثة فالدرجات كلها حُجزت للجماعة
4-  قرارات د. مرسي لم تكن تنفيذاً لإرادة الشعب المصري ولكن كانت تنفيذا لإرادة المرشد وأتباعه وهذا ما أفاض الكأس
5- استشهاد الستة عشر جنديا على الحدود السنة السابقة وهم صائمون  عندما كانوا يستعدون لشق صيامهم..... استشهدوا على يدٍ كانت تُكبر وتقول : الله أكبر حي على الجهاد
..... وبالطبع كما تعرفون اختفت معالم الجريمة ولكن على إثرها تم  عزل قيادات مهمة وكبيرة في الجيش المصري لإزاحتها من الطريق أو لأسباب أخرى نعرفها
6- اختطاف جنودنا وكما قال د.مرسي نهتم بسلامة المخطوفين وسلامة الخاطفين ( أعطوني عقلكم ودبروا الأمر) كيف سلامة الخاطفين ولماذا؟ هل هم أقرباء لك  يا رئيس مصر
7- مشاكل سيناء التي حلت علينا خلال هذه السنة والإرهاب الذي كان يأتيها من كل الجهات
8- غلاء الأسعار مشاكل البنزين   وفصل الكهرباء لفترات طويلة
9- عدم إحساسنا بالأمان في وطننا  والشعور بأنك غريب في وطنك لأنها أصبحت ملك لجماعة معينة 

10- انتظارنا لمشروع النهضة الذي لم تلح بالأفق بوادرهُ بل على العكس كنَّا نهوي
-11 وآخـــِــرًا وليس أخيراً إباحة أرض مصر للآخرين والصفقات التي سمعنا عنها بين الجماعة وقطر وبين الجماعة وحماس والتوافق الغريب بين الجماعة وأمريكا ومدللتها إسرائيل
12-نشأنا منذ الصغر على أن من ترضى عنه أمريكا وإسرائيل فهو على باطل ومن تُعاديه أمريكا وإسرائيل فهو على حق و الآن الشعب المصري على حق لان أمريكا وإسرائيل  تُساند الجماعة وتساند
 د. مرسي وتناهض ثورتنا التصحيحية التي قام بها الشعب يوم 30-6  وتُلقبها بانقلاب إذاً مصلحة أمريكا المتصهينة مع الجماعة فيجب أن نُعيد التفكير ونتدبر الأمر
13- زيادة البطالة وتشريد الكثير من الشباب وعدم إيجاد عمل لهم
14- زيادة نسبة تواجد أطفال الشوارع وزيادة عمليات خطف الأطفال 
15- زيادة البلطجة والفوضى والانحراف
16- تكميم الأفواه والخوف من إبداء الرأي لأنك حينها تُصدم بأنك تُعارض الدين ولا تُعارض حزباً
17- النظر للشعب على إنهم فئة ضالة والتعالي الواضح على إيمانهم وكأنهم يقيسون مستواه الصاعد لله سبحانه وتعالى بحزبيتهم التي حجمت الدين وقزمته وفصلته على مقاساتها
18- الثراء الفاحش لكل عضو في جماعة الإخوان .......اللهم زدهم ولكن الشعب جائع ولا يجد ما يُقيته
19- كشف مخطط الوقيعة بين الجيش المصري وبين الشرطة وبين الشعب
20- التصريحات المستفزة على لسان كوادر الجماعة مثل: أن مصر أصبحت لكم فحي على الجهاد يجاهدون أين؟! كل من يخالفهم الرأي فهو كافر وجب قتله
21- كشف الكذبة تلو الكذبة وعدم ثقة الشعب المصري فيهم
22- عدم الولاء لجيش مصر وشعب مصر
23- لأول مرة تحدث حادثة قتل لشيخ شيعي على يد الجماعة ولأول مرة تنقسم مصر إلى سني وشيعي ومسلم ومسيحي وما كنا نسمع بهذا في أحلكِ عهود الأمة العربية الظلامية لم نسمع بهذا التقسيم الطائفي والفتنة اشد من القتل

لم يتحمل الشعب المصري كل ما سردته وهناك الكثير لم أتطرق إليه
فقام الشعب بالاحتشاد يوم 30-6 لمطالبة د. مرسي بالرحيل 32 مليون مصري يطالبون مرسي بالرحيل ويطالبون الجماعة بالجلاء عنا ورفع المُعناة عن أكتافنا والطبيعي أن الجيش يُساند الشعب وهذه هي حقيقة الجيش المصري الدائمة ....كما ساند الشعب في ثورة 25 يناير ساند الشعب في ثورة 30-6 
 يا سادة ما حدث كان ثورة تصحيحية   لثورة 25 يناير .... ما حدث كان إعادة لثورة الشعب المسروقة  وإعادة للكنانة إلى أحضان أبنائها
وفض الاعتصام في النهضة ورابعة كان يسبقه ألف تحذير وتحذير من القيادات التي تحاول حماية البلد الآن من الدخول في متاهات الفوضى والحرب الأهلية...... نُطالب كل دول العالم بنظرة موضوعية للأمر وانظروا كيف يتم فض الاعتصامات في تركيا وإنجلترا ...... وباقي دول الغرب اللاتي تنادي بحقوق الإنسان والديمقراطية الخاصة بهم فقط الديمقراطية المطاطة وأين حقوق الإنسان والفلسطيني يُذبح ويهان ويهتك عرضه ويهدم بيته من أيد صهيونية وأين حقوق الإنسان من مسلمي بورما الذين يتعرضون للإبادات الجماعية والشوي أحياء
 لا تزنوا بميزانين وكونوا قوامين بالقسط ولو على أنفسكم لان الكنانة قلب أمتنا النابض لا يمكن أن نتركها عرضة لأهواء جماعة تريد الذهاب بها إلى  أسفل السافلين هل يرضيكم أن تصبح الكنانة مسرحاً لتجار الدين أيرضيكم طـَلبَــنة بلادي .... اللهم أحم ِ الكنانة من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم أعد كل أبنائها إليها اللهم ارحم كل شهداء الأمة واحقن دماء كل البشر

ياسمين آذار المخضب بالدم ـ الحلقة 47/ محمد فاروق الإمام

أبو عبد الله الجسري يقود عقلة إلى معتقله

استمر الجسري – رغم الشكوك التي دارت حوله وتأكيدات الإخوان لعدنان عقلة بأنه عميل – نحو سنتين مع الطليعة، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، عندما استغل رغبة أبي عمار الجامحة في العودة إلى الداخل وتعلقه بأي حبل يوصله إلى ذلك، فعرض عليه الجسري النزول للاتصال بالمقاتلين في منطقة الجبل (إدلب) وتأمين الصلة معهم، فقبل أبو عمار الفكرة وسمح للجسري بالنزول لتفقد أوضاع المقاتلين في الجبل وإمكانية نزوله!!
وعاد الجسري بعد أيام قليلة يحمل رسائل طار لب أبي عمار لها فرحاً وطرباً، وهي تؤكد له أن الطريق أمامه سالكة إلى الجبل دون أية مخاطر، فاعتقد أبو عمار أنها فرصته الذهبية التي طالما انتظرها، وراح بكل سذاجة يرتب الأمور لنزوله ونزول العشرات من الشباب المتحمس من أفراد الطليعة.!!
نزل عدنان عقلة ونائبه أبو الخير ومجموعة من مرافقيه الذين اختارهم إلى سورية عن طريق تركيا، وعند الحدود كان في استقباله عدد من المقاتلين الذين أعدهم الجسري، والذين لم يكونوا سوى عناصر من المخابرات، وقدمهم الجسري إلى عقلة على أنهم من مجاهدي الجبل، وحتى يطمئن عدنان عقلة أكثر قدم له الجسري ولمرافقيه بنادق (كلاشنكوف) حديثة ذات أخمص حديدي، تبين فيما بعد أنها غير صالحة للاستعمال، فقد نزع منها أبرها، وبعد عبورهم لمسافة معقولة من الحدود التركية كان في انتظارهم كمين أعد بعناية لاعتقالهم بعد إطلاق وابل كثيف من النيران والقنابل الصوتية، لإيهامهم بأنهم وقعوا في كمين. وتم اعتقال عدنان عقلة ومن معه دون أن يتمكنوا من المقاومة أو الإفلات من قبضة رجال الأمن.
أما مساعد أبي عمار أبو الخير فقد تمت السيطرة عليه تماماً، ومن ثم قبل تعاونه مع المخابرات وتنفيذ كل طلباتهم. وبالتالي خُدع المبعوث الذي جاءه ليتأكد من حال أبي عمار عندما التقاه مع مجموعة من مقاتلي الجبل (وكانوا مجموعة من رجال المخابرات)، فقام أبو الخير بتزويد هذا المراسل المغرر به والمخدوع، الرسائل التي أمروه بكتابتها ونقلها بدوره إلى عناصر الطليعة في الخارج.
وهذا فسر رسالة عدنان عقلة – التي أُجبر على كتابتها فيما بعد – إلى القيادة في الخارج يحثهم فيها على السمع والطاعة لأبي الخير نائبه، الذي تمكنت المخابرات من السيطرة عليه وإجباره على لعب هذا الدور المزدوج.
وهكذا كانت معظم المراسلات محمولة عبر مراسل هو عنصر مخابرات أيضاً، ولم تنتبه قيادة الخارج إلى كل هذه المؤشرات التي تدل على أن هناك حلقة مفقودة، فقد عميت عيون كل الطليعيين وراحوا بغباء ينزلون في مجموعات متتابعة ويزجون في أنفسهم بكل بساطة في الشرك الذي نصبته لهم أجهزة الأمن السورية الذين أتقنوا دورهم ليكونوا مجموعة من مجاهدي الجبل.
وأدى اعتقال الطليعيين إلى أن تكون لدى أجهزة أمن الدولة فكرة عن كل شيء في الداخل والخارج. وهذا أدى بالتالي إلى كشف الخلايا المستورة في حلب والمنطقة الشرقية، وصفيت عناصر هذه الخلايا أو سيطر عليها، كما كشفت بعض خلايا (أيمن الشربجي) في دمشق، واعتقل في النهاية المراسل الذي كان صلة الوصل بين الشربجي وعدنان عقلة.
وكان نجاح مخطط المخابرات السورية كاملاً لدقة حبكه.. وعندما تبين لها أن الشكوك في الخارج حملت القيادة هناك على إيقاف إرسال الطليعيين أدركت أن مرحلة الاستنزاف قد انتهت، وأن عليها إيقاف اللعبة والانتقال إلى المرحلة الثانية من مخططها وهو استدراج من تبقى من عناصر الطليعة في الخارج عبر القنوات السياسية والدبلوماسية.

الهروب الكبير
تمكن عدد يتراوح بين (20 إلى 23) طليعي من الفرار من السجن الذي كان يضمهم مع عدنان عقلة، وكان هدف الجميع الوصول إلى القيادة في الخارج، فتمكن ستة من الوصول، في حين تفرق الآخرون، فمنهم من توجه إلى أفغانستان ومنهم من وصل إلى طرابلس لبنان.
نقطتين أخيرتين!!
ذكرنا فيما سبق عن نزول (أبو عمر زرعيد ومرافقه ثابت) وعدم عودتهما. وتبين أن المخابرات اضطرت لافتعال عملية اشتباك لقطع الطريق على عودة زرعيد إلى الخارج، بزعم أنه قتل في ذلك الاشتباك، ولكنه في حقيقة الأمر كان قد وقع في قبضة المخابرات كمن سبقه وبنفس الأسلوب، وكشف أبو عمر كل نشاط الطليعة في الخارج وصلاتها بمنظمة التحرير، مما أدى إلى زيادة التوتر بين المنظمة وسورية.
النقطة الثانية: تسليم المخابرات العراقية لمسؤول الطليعة فيها (أبو دجانة حماد) مع أهله وأولاده إلى المخابرات السورية، حيث ألقته المخابرات العراقية وسط الصحراء السورية مع زوجته وأولاده لتلتقطه المخابرات السورية دون عناء أو ثمن.
وعلم فيما بعد بأن أبي دجانة وطليعي آخر سيطرا على حراسهما في سجن حلب، ثم اشتبكا مع الجيش الذي حاصرهما وقتلا.
إبرام الصلح بين السلطة والطليعة وانهيار تنظيم الطليعة
في أجواء مريعة من الانهيار النفسي والعصبي والمعنوي على مستوى القواعد والقيادة في صفوف الطليعة، أو من تبقى منها في الخارج، بعد أن تمكنت أجهزة الأمن السورية من تفكيك أوصال الطليعة واعتقال رأسها ومدبرها عدنان عقلة وقياداتها ومجموعة كبيرة من كوادرها، وتصفية قواعدها في الداخل، وبعد أن تأكد لأجهزة الأمن السورية أن من تبقى من كوادر الطليعة في الخارج هم في الدرجات العليا من الإحباط، تقدمت المخابرات بعرض سخي على قيادة الطليعة في الخارج لإجراء مفاوضات بينهما لوضع حد لحالة العداء والاقتتال بينهما، في مقابل تلبية طلبات الطليعة.
كانت قيادة الطليعة قد آلت إلى (أبو العلا – هاشم شعبان). ثم جرى عرض المفاوضات على أبي العلا سراً بواسطة مسؤول الطليعة العسكري في المنطقة الشرقية (أبو مروان)، والذي تمكنت المخابرات – بعد إطلاعه على اعتقال أبي عمار وانكشاف أمره – من إقناعه بالتعامل معها والتوسط في أمر الصلح مقابل إطلاق سراحه وبعض عناصره في المنطقة، فجاء المدعو (أبو مروان) واجتمع بأبي العلا وأبي النور وأقنعهم بجدوى المفاوضات والصلح مقابل الإفراج عن المعتقلين وتنازلات أخرى تقدمها الدولة، وأن هذا أجدى من المقاومة العقيمة.
بعد اقتناع قيادة الطليعة في الخارج بعرض السلطة السورية، توجه أبو العلا وأبو النور وحسن خضرو (والد الطفل المعتقل) توجهوا إلى مقابلة وفد من أجهزة الأمن السورية في ألمانيا الغربية دون إعلام أو استشارة مجلس شورى الطليعة أو إخبار جماعة الإخوان المسلمين أو استنصاحها أو أخذ رأيها، وتقدموا بطلباتهم إلى مفاوضيهم والتي تضمنت الآتي:
1- الإفراج عن المعتقلين.
2- إعطاء حرية الدعوة الإسلامية.
3- إزالة الطائفية من الجيش والوظائف.
4- العفو عن الملاحقين في الخارج وتخييرهم بين النزول أو البقاء في الخارج مع تسوية أمورهم.
وبينما كانت المفاوضات جارية بين الطليعة ومبعوثي النظام السوري في ألمانيا، أرسلت أجهزة الأمن السورية مبعوثين عنها لتعرض على من تبقى من عناصر الطليعة وغير الطليعة العفو الشامل على من ينزل ويسلم نفسه، وتمكنت من استدراج عدد من عناصر الطليعة بهذا الأسلوب، لتسحب البساط من تحت أرجل المفاوضين في ألمانيا وتضعف من موقفهم وما يملكون من أوراق.
وبعد جولات من المفاوضات الهزيلة التي تمت مع أبي العلا وأبي النور في ألمانيا ثم في قبرص ثم في دمشق، تحول الصلح إلى حالة استسلام رخيص، نتيجة لضعف موقف المفاوضين بافتراض سلامة نيتهم، وهو ما ذهب إليه من تبقى من قيادة الطليعة حيث اعتبروا إقدام أبي العلا ومن ذهب مذهبه إلى الصلح والاستسلام نتيجة للانهيار والإحباط، ولم يتهموهم بالعمالة المباشرة للنظام في سورية، وأصبح نزول المصالحين مقابل العفو عنهم فقط، وأُجبر معظمهم فيما بعد على التعامل مع المخابرات راضين أو غير راضين، وكان عددهم بضعاً وعشرين طليعياً من المحبطين الذين دمرتهم نفسياً النهاية المأساوية لتنظيم الطليعة الذي هز كيان الدولة والنظام لأكثر من سنتين، ووقوع قائدها عدنان عقلة لقمة سائغة بيد المخابرات وكان ثمن رأسه شيكاً مفتوحاً، وسقوط كل قواعد الطليعة وعناصرها المسلحة في الداخل.
يتبع