زمنٌ عربي ضائع بلا بوصلة مشتركة/ صبحي غندور

لديّ قناعةٌ كاملة بمنهج "جدل الإنسان" الذي صاغه المفكّر العربي المصري الكبير الدكتور عصمت سيف الدولة، هذا المنهج الذي يشير إلى الصراع في داخل (الإنسان- الفرد) وداخل (الإنسان – المجتمع) بين "الماضي" و"المستقبل" من خلال ما عليه "حاضر" وواقع هذا الإنسان من تحدّياتٍ واحتياجات. لكن مشكلة بعض الناس أنّهم إمّا يعيشون أسرى الماضي فقط، أو يتعاملون مع رؤى للمستقبل بمعزلٍ تامٍّ عن واقعهم في الحاضر وتراثهم من الماضي. ففي الحالتين، اجتزاءٌ من العناصر الثلاثة التي تفرض نفسها في تطوّر الناس والمجتمعات.      
وإذا كان "الزمن" هو "البُعد الرابع" علمياً في "القياسات"، فإنّه أيضاً "البُعد الرابع" في الأزمات وفي مقوّمات الحياة عموماً. فهو "البُعد الرابع" في مفهوم "الدولة" التي تقوم على (أرض وشعب ومؤسسات حكم)، حيث نجاح تفاعل هذه المقوّمات الثلاث يوجِد مع مرور "الزمن" الدولة العادلة والمواطَنة الصالحة والوطن الواحد. كذلك، هو "البُعد الرابع" في نشوء الحضارات واستمرارها حيث الجمع المتوجّب بين (القوّة والعلم وحرّية الإبداع)، وهو أيضاً "البُعد الرابع" في ممارسة الأسلوب العلمي في العمل العام الذي يقوم على التلازم بين (النظرية والإسترايجية والتكتيك). وأرى "الزمن" أيضاً "بُعداً رابعاً" في مسألة "الهُوية" لدى العرب حيث تقوم المنطقة الآن على "هُويّات ثلاث"  متفاعلة هي الوطنية والعروبة والدين.
فأين العرب والمنطقة العربية الآن من ذلك كلّه بعد أن فعل "الزمان" فعله في العقود الأربعة الأخيرة؟! فالتراجع والانحدار هما الآن سمة متزامنة مع مفاهيم "الدول" العربية وما يحصل في معظمها من تفكّك لمقوّمات الدولة ولمفهوم الوطن والمواطن. كما هو الأمر في "المسألة الحضارية" وفي كيفيّة ممارسة "العمل السياسي" وفي قضية "الهوية".
في الإعلام والسياسة، ليس هناك تنبؤات، إنّما هناك توقّعات تكون مبنيّةً على تحليل موضوعي للواقع يحاول قراءة المستقبل من خلال ما هو متوفّر من معلومات عن هذا الواقع وعن القوى المؤثّرة فيه سلباً أو إيجاباً، ومن خلال القراءة السليمة أيضاً للماضي وتجاربه حتى لا يتمّ تكرار الأخطاء نفسها.
في هذا السياق، فإنَّ الوقائع العربية الراهنة تسير في تداعياتها إلى احتمالاتٍ لا تبشِّر بالخير ما لم يتمّ وقف عناصرها السلبية.
قد يرى البعض أنَّ عنوان تحدّيات هذه المرحلة يجب أن يتمحور حول مسألة الحرّية سواء أكان ذلك في حرّية الوطن من الاحتلال أو حرّية المواطن من الاستبداد الداخلي. لكن رغم صحّة هذا الأمر من الناحية المبدئية، فإنَّ أساس المشكلة في الواقع العربي الراهن هو تراجع مفهوم "الوطن" وتعثّر تطبيق حق "المواطنة". ولعلّ بما يحدث الآن في عدّة بلدان عربية، أمثلة حيّة على مكمن المشكلة السائدة في المجتمع العربي.
فاحتلال أي بلد في العالم لا يكون ناجماً عن قوّة المحتل وجبروته فحسب، بل أيضاً عن ضعفٍ في جسم البلد الذي خضع للاحتلال، وهو أمرٌ بات يُعرف بمصطلح "القابليّة للاستعمار أو الاحتلال". وبالتالي فإنَّ كلاً من العنصريْن (قوّة الغازي وضعف المغزوّ) يؤدّي إلى تقوية الآخر. هكذا كان الحال في الحروب العربية-الإسرائيلية، وما سبقها مطلع القرن العشرين من حقبة الاستعمار الأوروبي عقب الحرب العالمية الأولى.
إذن الاحتلال هو نتيجة، وليس السبب حصراً لمأساةٍ عربية هنا أو هناك. ومواجهة الاحتلال لا تكون بالمواجهات العسكرية وعمليات المقاومة ضدّ الجيش المحتل فقط، بل أيضاً (وربّما تكون هذه هي المواجهة الأهم) في إسقاط الأهداف السياسية للمحتل، وفي بناء قوّة ذاتيّة تُنهي عناصر الضعف التي فتحت الباب لنير الاحتلال. 
إنَّ الضعف العربي المتراكم منذ مطلع القرن العشرين الماضي هو بناء تدريجي كانت أسسه انعدام التوافق بعد انتهاء حقبة الحكم العثماني على مفهوم "الأمّة العربية"، وبالتالي تجزئة المستعمر الأوروبي للمنطقة العربية وقيام أوطانٍ غاب فيها الولاء الوطني الواحد، وساد في معظمها أوضاع طائفيّة وقبليّة، فامتزجت التجزئة العربيّة بين الأوطان مع الانقسامات الداخليّة في كلّ وطن.
وأصبح أبناء كلّ بلدٍ عربي يتساءلون، حين يقع بلدهم في أزمة: " أين العرب"، لكنّهم لا يتساءلون قبل الأزمة أو بعدها: "لِمَ لا يكون هناك اتحادٌ عربي أو في الحدّ الأدنى تكاملٌ عربي"؟!. 
لقد كان ممكناً أن تعيش البلاد العربيّة ظروفاً أفضل لو كانت المشكلة فقط في غياب التنسيق والتضامن فيما بينها، لكن عمق الأزمة الرّاهنة يكمن في تراكم التجزئة مع الخلل في البناء الدّاخلي، سواء أكان ذلك على الصعيد السياسي والدستوري أم في الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية حيث الفقر وندرة العدالة وارتفاع نسبة الأميّة ومحدوديّة فرص العمل وزيادة هجرة الكفاءات لخارج الأوطان العربية.
هناك، الآن في المنطقة العربية، حالةٌ شبيهة بما حدث في مطلع القرن العشرين من إعادة رسم الخرائط السّياسية والجغرافية لبلدان المنطقة، في ظلّ الهيمنة الخارجية عليها وعلى مقدّراتها. وهناك أيضاً في المنطقة الآن حالةٌ فكريّة وسياسية مماثلة لحال العرب آنذاك من حيث انعدام التوافق على مفهوم "الأمّة" والهويّة المشتركة وأيضاً الانقسامات الداخليّة على أسس طائفيّة وقبليّة وعرقيّة.
وهناك في الأفق، مشاريع أجنبية لعددٍ من بلدان المنطقة تقوم على إعادة تركيبها بأطر سياسيّة ودستوريّة جديدة تحمل الشكل الفيدرالي الديمقراطي، لكنّها تتضمن بذور التفكّك إلى كانتونات متصارعة في ظلّ الانقسامات الداخليّة والدور الإسرائيلي الشغّال، في الجانبين الخارجي الأجنبي والمحلّي العربي، لدفع الواقع العربي إلى خدمة المشاريع الإسرائيلية بإشعال حروب أهليّة عربيّة شاملة.
إنَّ إسرائيل هي في قلب المنطقة العربية، ولها طموحات إقليميّة تتجاوز حتّى المشاريع الأميركية والغربية عموماً، رغم توافق المصالح أحياناً مع هذه القوى. ولا يعقل أن تكون إسرائيل فاعلةً في أميركا وأوروبا وإفريقيا وشرق آسيا، ولا تكون كذلك في محيطها الإقليمي الذي منه انتزعت الأرض وعليه تريد بناء إمبراطوريتها الخاصّة!.
وكم هو مؤسف أن تكون الخيارات المستقبليّة للمنطقة قائمة على واحدٍ من مشروعين فقط: مشروع "نظام شرق أوسطي جديد" دعمته واشنطن منذ حقبة التسعينات ويحاول صياغة كيانات عربية جديدة تقوم على الفيدرالية الداخليّة وعلى التطبيع مع إسرائيل، أو المشروع الإسرائيلي العامل من أجل حروب أهلية عربيّة، والذي يستهدف قطف ثمار الزّرع الحاصل في المنطقة منذ مطلع عقد الثمانينات!. 
هناك الآن حاجةٌ قصوى لوقفةٍ مع النفس العربيّة قبل فوات الأوان، وهناك حاجة إلى فكر عربي جامع يتجاوز الإقليميّة والطائفيّة والمذهبيّة، ويقوم على الديمقراطيّة وعلى نبذ العنف واعتماد مرجعيّة الناس ومصالحها في إقرار النصوص والدساتير والقوانين...
 هناك حاجةٌ ملحّة للفرز بين "الديمقراطيين العرب" لمعرفة من يعمل من أجل الحفاظ على النّسيج الوطني الواحد ومن يعمل من أجل خدمة مشاريع أجنبية تحقّق مصالح فئوية مؤقتة... 
 هناك ضرورةٌ عربيّة وإسلاميّة للتمييز بين من يقاوم فعلاً في المكان الصحيح، وبالأسلوب السليم، الاحتلال وأهدافه، وبين من يُمارس العنف المسلّح داخلياً ويخدم سياسياً المحتل ومشاريع الحروب الأهليّة العربيّة...
هناك حاجةٌ لبناء عربي جديد يجمع بين الفهم السليم للأمّة العربية الواحدة القائمة على خصوصيات متنوعة، وبين الولاء للوطن الواحد القائم على أسس سليمة في الحكم والمواطنة...
هناك حاجةٌ للاتفاق على "البوصلة المشتركة"، كأساس لإنقاذ الأمّة من حال الضياع في هذا الزمن العربي الضائع!.

*مدير "مركز الحوار" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

باســــم فى عش الدبابير/ رأفت محمد السيد

جهل ياعالم ولا دا إِســــــــــــمه تخلف شعب
ولا نفاق ورياء مع كذب وخــــــــــــــوف أو رعب
لما الساخر باسم يوسف يشتم مُرســـــــــى
وهو ساعتها أكبر راس فى الدولة وهو الكرسى
نقول حرية 
ولما بيسخر م الإخوان ويقوم يوصفهم بالخرفان 
نقول وطنية 
لكن لما يكون فى كلامة تلميح ع الســـــيسى 
نقوم نوصفها بسرعه قلة تربية
وتقوم الدنيا وتوصف باسم إنه خســـــــــــــيس
لما يقول كام كلمة نقد على البـــــــــــــــبلاوى 
تلقى الكل بيشتم باسم ويجهزله بسرعة بلاوى
واللى يقول باسم صرصار 
واللى يقول باسم دا حمار
واللى يقول دا مش متربى 
أمرى خلاص فوضـته لربى
مش هو دا باســــــم اللى انتم ياما دافعتم عنه 
ولا بســـــــــــــرعه قلبتوا عليه علشان واكمنه
قال حقيقتكم فى لحظة طــيش 
واتكلم حبه فى حق الجــــــيش
يبقى جزاءه المــــــــوت والنفى 
ويبقى مش من حقه يعيــــــش

صفحة من تاريخنا الثقافي الفلسطيني/ شاكر فريد حسن

بدأت حركتنا الثقافية العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر بتاسيس بواكيرها في اواسط الخمسينات ، واستطاعت أن ترسخ جذورها في حركة الثقافة العربية وفرض أسماء أدبية ابداعية عليها ، احتلت مواقع أماميه فيها بمختلف ضروب وحقول الأدب والإبداع .
وكانت الحياة الفلسطينية شهدت في تلك الحقبة حراكاً أدبياً زخماً مباركاً  ، ونهضة ثقافية واسعة ، وحركة أدبية فعالة ونشطة ، تمثلت بصدور المجلات الأدبية والثقافية والفكرية كالمجتمع والهدف والفجر ، فضلاً عن أدبيات الحزب الشيوعي (الاتحاد ، الجديد، الغد) ، التي كان لها الدور الهام والفاعل والطليعي في تأطير وتنشيط حركة الأدب والنشر ، وتعميق الوعي السياسي والايديولوجي ، وصيانة هويتنا الثقافية الوطنية وتاريخنا الفلسطيني ، وحماية لغتنا العربية ، ومواجهة سياسة التجهيل والعدمية القومية السلطوية ، والمساهمة في نشر ثقافة وفكر التقدم والحرية والالتزام ، ثقافة الإنسان الطبقية الشعبية . ناهيك عن المهرجانات الشعرية في قرى ومدن الجليل والمثلث ، التي ازدهر من خلالها سوق القصيدة المهرجانية الخطابية الحماسية ، وشارك فيها لفيف من شعراء الشعب والكفاح والمقاومة ، برز منهم : سميح القاسم ومحمود درويش وراشد حسين وتوفيق زياد وسالم جبران وعصام العباسي وحنا أبو حنا وحنا ابراهيم ومحمود دسوقي وغيرهم .
 وكذلك انتشار المكتبات الشعبية ، أبرزها مكتبة "النور"في حيفا لصاحبها المناضل والمثقف والشاعر المرحوم داود تركي (أبو عايدة) ، التي كانت تحتوي على تشكيلة واسعة من الكتب والمطبوعات الأدبية والسياسية والاجتماعية والفكرية ، عدا عن الصحف العربية والعبرية والانجليزية . وكان يؤمها الكتاب وعشاق الحرف والكلمة الجميلة واصحاب القلم من محبي القراءة والمعرفة ، وشكلت ملتقى للكتاب والمبدعين والمثقفين منهم : علي عاشور ومحمد خاص وعصام العباسي وسميح القاسم وعلي رافع ومحمود درويش ومحمد ميعاري ويعقوب حجازي وسهيل عطاللـه  ويوسف حمدان وعودة الأشهب وسواهم من المثقفين والمبدعين ورجالات الحركة الوطنية التقدمية . بالإضافة الى مكتبة الشعب أو المكتبة الشعبية في بيت الصداقة بالناصرة، التي كان يديرها الكاتب والناقد والروائي الأستاذ المرحوم عيسى لوباني ، ثم انتقلت ادارتها الى المناضل الراحل سهيل نصار . وقد اقامها الحزب الشوعي من أجل نشر وتوزيع الكتب التقدمية الصادرة في الدول الاشتراكية سابقاً ، وخاصة دار "التقدم" ، واهتمت بنشر مؤلفات التراث الماركسي الكلاسيكية ، واصدار عدد من أعمال مؤلفات كتابنا وشعرائنا ومنتجينا في هذا الوطن .
وعلاوة على ذلك تأسيس وانشاء أول رابطة للكتاب والمثقفين العرب سنة 1957 ، وكان من مؤسسيها عيسى لوباني ونمر مرقص وعدنان ظاهر ، ومن اعضائها راشد حسين وحنا أبو حنا وعصام العباسي ومصطفى مرار وشكيب جهشان وحبيب قهوجي وفريد وجدي الطبري وحسني عراقي .
وشهدت تلك الأيام ايضاً، مهرجانات أول أيار ، عيد العمال العالمي ، والأمسيات السياسية والثقافية والحلقات الفكرية والندوات الأدبية والشعرية ، التي كان يشارك فيها المئات بل  الآلاف من أبناء شعبنا ، المتعطشين للوعي والمعرفة والثقافة والتنوير .
لا شك ان مرحلة الخمسينات والستينات في حياة جماهيرنا الفلسطينية الباقية والمنزرعة في أرضها ووطنها ، من ذلك الزمن الجميل ، هي مرحلة خصبة وغنية ومكللة بالنشاط الادبي والثقافي الإبداعي ، رغم الفقر وقساوة الظروف وصعوبة الوضع الاقتصادي وقلة الموارد . وظل هذا الزخم حتى بدايات التسعينات ، حيث تلاشى الحلم الثوري وتبددت الأماني بفعل انهيار الوطن الاشتراكي وما أصابه من زلزال وتسونامي كبير . فسادت حياتنا الميوعة السياسية والخلخلة الفكرية واهتزاز القناعات الايديولوجية الثورية ، واختلطت الاوراق ، وفقدت الكلمة معناها ورونقها واصالتها ومصداقيتها ، وسيطرت عقلية الانتفاخ الذاتي والنرجسية المأزومة ، وصار كل من كتب حرفاً ونشر قصيدة في صحيفة أو موقع الكتروني وانضم الى احد التنظيمات او المجموعات الأدبية ، يعتقد بأنه أشعر من درويش والبياتي والمتنبي والمعري وشوقي وطوقان ..! . 
كما تهمش دور القراء بل أنهم كانوا سبباً في هذا التهميش ، ولم تعد تهم الناس أو تثيرهم الاعمال العظيمة والمنجزات الفكرية العميقة ، ولا القيم التي نافحنا في سبيلها ومن أجلها ، حتى الشهادات الاكاديمية والعلمية فقدت قيمتها وبريقها وأصبحت تشترى بالمال لتزين البيت وتزيد الراتب الشهري وترفع من غرور وانتفاخ صاحبها . ولا تسل عن المكتبات البيتية ، فقد غدت للزينة ولا تختلف كثيراً عن التحف والأواني والصحون الانجليزية ..!
ان ما كتبته هو صورة نوستولوجية ، وحنين وشوق غوالي لتلك الأيام البسيطة الجميلة ، البعيدة عن المظاهر الفارغة والشكليات الخداعة ، التي لن تعود أبداً ، لان عجلة التاريخ لن ترجع للوراء وانما للأمام ، وحالنا اليوم هو افضل من القادم . ويبدو ان مقولة الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت " اجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد " لم يعد لها معنى في زماننا ، وان أجمل الأيام هي التي عشناها في الماضي .

صمت الكلام/ ليلى حجازى

سألها : لم أطلت صمتك .... وأنت في وقت أحوج فيه للكلام !!! يا هذا.. أتجهل أن المشاعر تحتفظ بنقائها ما ظلت
بداخلنا فالصمت أبلغ من كل الحروف ونقش الصمت في الذاكرة محفور أعاد السؤال: لم تصمتين؟؟؟؟ أجابته : لا تظن أن صمتي ضعفاً مني .... لكني اصمت لأن كل ما انتهى لن يعود لان الجرح أكبر من أي كلام يقال... يا هذا ما فائدة الحديث لقلوب صماء لا تسمع سوى نبضها وقلوب عمياء لا ترى سوى نفسها حين يكون الوجع أعمق من ثمانية وعشرون حرفا... هل يسعك إلا الصمت!!! ولكن لم الصمت؟؟؟ يا هذا الصمت ..هو العلم الأصعب من علم الكلام الصمت... إجابة لا يتقنها الآخرون ألسنا نتكلم حين يفيض بنا الصمت لم يجد ردا ... وصمت لبرهة فابتسمت بدورها ... وزادت من صمتها ومنحها الصمت قوة السيطرة عليه ونظرت له نظرات محملة بالعديد من المعاني التي عجز عن  تفسيرها فسكنه الصمت بدوره ترى أكان صمته ضعفاً أم عجزاً ؟؟



في باطن الجحيم*/ د. عدنان الظاهر

( رواية تسجيلية وثائقية عن حملة الأنفال من 1987 1988 ) كتبها سلام عبد إبراهيم / كاتب وقاص وروائي عراقي معاصر.
هل كتب أحدٌ قبل سلام إبراهيم تفصيلاً عن حملة الأنفال من بين ضحاياها ومن عايشها من الأنصار العراقيين الشيوعيين وأبناء كردستان ؟ ليس عندي جواب .
قسّم كتابه هذا إلى ثلاثة أقسام رتّبها كما يلي :
القسم الأول : مع مُحقق الدولة الدانمركي
ـ عندما أدخلني الدكتاتور في الجحيم ـ
القسم الثاني : مع قاضية المحكمة الهولندية في لاهاي
ـ عندما أدخل الدكتاتور رفاقي في الجنون ـ
القسم الثالث : التشرّد ـ ما لم يطلبه المحققون ـ
كتب سلام روايات أخرى غير قليلة سبقت روايته هذه " في باطن الجحيم " وكان فيها جميعاً الكاتب المتمكّن من فن السرد الروائي وكان فيها الرجل الشجاع الصادق غير الهيّاب ولا يخشى ذكر كلمة الحق. أراه بهذا الصدد يتفوّق على غالبية الروائيين العظمى الذين يكتبون شيئاً ويُخفون الكثير عجزاً أو تحفّظاً أو حياءً. ثم لصدقه فيما يقول أفضلية كبيرة على بعض الأدباء الذي يدارون ويلفون ويكذبون ويتخفون وراء سُتُر وحُجب كاذبة مُهلهلة ليخفوا حقائقَ ما هم فيه. من هؤلاء أديب قضى عقوداً من عمره قزماً خنيثاً ضئيلاً يتنعم بحماية حزب البعث في قطر عربي وتزكيات السفارة العراقية في ذلك القطر . وبعد سقوط البعث وصدام حسين صار يكتب عن ملاحقة مخابرات البعث وشرطة أمنه لمعارضيه واغتيال بعضهم في شوارع بعض عواصم العرب ! أراد بهذا الصنيع الخبيث المكشوف أن يستر عورته بذكره لبعض سوءات وجرائم نظام البعث ولكن هيهات هيهات فهذه العناصر معروفة وسُبل ووسائل تسلّقها السلالم هي الأخرى معروفة ومكشوفة. سلام إبراهيم عراقي أصيل نقي مقاتل واضح الإنتماء جمع بين مواهبه الروائية وقتاله لحكومة البعث نصيراً في جبال كردستان فشتّان ما بين روائي موهوب مقاتل مؤمن بمذهب وعقيدة فكرية ـ سياسية وأفندي خنيث مخصيّ وكاذب ومزوّر لا يهتمُّ إلاّ بصبغ بياض شعر رأسه والكتابة عن بعض سماسرة البعث من الرجال والنساء. الفروق كثيرة بين النظافة والقذارة ، بين البطل المقاتل والخنيث الخبيث الخفيف الميزان. 
أعود لسلام وما كتب في كتابه المثير الجديد الذي سمّاهُ بالإسم الواضح الذي يستحق [ رواية تسجيلية وثائقية عن حملة الأنفال ... ].
أبدع سلام في القسمين الأول والثاني من روايته : مع محقق الدولة الدنماركي و مع قاضية المحكمة الهولندية في لاهاي حيث جمع بين موهبته الروائية وأدق تفاصيل إجراءات المحاكم واستجوابات المحققين وعرض مفاجآت لا يتوقعها أحدٌ من قرّاء هذه الرواية ـ الملحمة المكرّسة أصلاً لكشف جرائم وفضائح نظام حكم حزب البعث العراقي خاصة زمان تفرّد صدّام حسين بالسلطة. إنها وثيقة الوثائق القانونية المزوّدة بالشهادات الحيّة وبأفلام فيديو حصل عليها محققون ومحامون وقُضاة من الدنمارك وهولندا فضلاً عن أحد ضحايا إستخدام صدام حسين للأسلحة الكيميائية المحرّمة دولياً ضد معارضيه ممن كانوا يقاتلون في جبال كردستان في ثمانينيات القرن الماضي ... أعني السيّد الأستاذ سلام عبد إبراهيم نفسه. نعم ، كتب البعضُ ممن شاركوا أنصاراً في القتال في جبال ووديان وغابات كردستان، كتبوا ولكنَّ ما كتبوا لا يرقى أبداً إلى مستوى ما كتب وثبّتَ سلام إبراهيم أبداً أبداً. المقاتلون شيوعيون أعضاءٌ في نفس الحزب لكنَّ الفرق بينهم هو مجموع الفروق بين ما يملكون من مواهب أدبية وقدرات على التعبير والتصوير وفيما يتمتعون به من عمق في الشعور وإحساس بحجم المأساة التي تعرّضوا لها هم في الجبال وعموم العراقيين في باقي أنحاء العراق. ليس كلُّ من كتبَ أبدعَ وصدقَ فنجحَ، هنا يبرز العامل الذاتي كما قال المتنبي :

فإنَّ في الخمرِ معنىً ليس في العنبِ
ناهدة جابر جاسم /
من هي هذه الشابة المقاتلة التي هجرت مدينتها وأهلها والتحقت بثوّار الجبال فأصيبت بالسلاح الكيميائي وعانت منه ما عانت وما زالت منه تعاني ؟ إنها النصيرة " بهار " رفيقة وزوج سلام إبراهيم . ما كانت دوافعها للتضحية بحياة  المدينة والأهل ونعومة العيش الرغيد للإلتحاق بالثوّار في ظروف غير عادية وغير مألوفة لا يتحملها إلاّ رجال الرجال ؟ عاملان إثنان رئيسان عندها لا ينفصلان : زوجها سلام الشيوعي وإيمانها المبُكّر العميق بالشيوعية. فهمت أنَّ أنَّ ابناء عمومتها سجنهم البعثيون عشرين عاماً لأنهم كانوا من الشيوعيين المعروفين في مدينة الديوانية وسط العراق، ولا أستبعدُ أنْ يكونَ هذا عاملاً ثالثاً رفع فيها قوّة التحدي والمغامرة وقبول كافة ما قد تؤول إليه تجربة مشاركتها في حرب الأنصار ( البيش مركة ) في جبال كردستان العراق. فضلاً عن جريمة قتل الفنان الشاب كفاح إبراهيم شقيق سلام. 
إقترنت السيّدة ناهدة بسلام حين كانت ما زالت صبيّة في السابعة عشرة وأنجبت منه طفلاً أسمياه " كفاح " لكنهما ضحّا فتركاه مع ذويهما وتسلقا الجبال الشديدة الوعورة والكثيرة المخاطر مقاتلين الطاغوت من أجل عراق أفضل وأجمل [ وطنٌ حُرٌّ وشعبٌ سعيدٌ ]. سلام النصير المقاتل الباسل أجاد في وصف رفقته لأم كفاح هناك في قمم الجبال ومنحدرات السفوح وخرير الماء والجداول في الوديان  وتحت غارات وقصف طائرات وصواريخ الجيش العراقي كما أجاد في تفصيل حياة المقاتلين في حالات الإشتباك مع العدو وفي ساعات الراحة ولعب الكرة أو إعداد الطعام للمفارز والأفواج أو نقل البريد الحزبي. مزج سلام ببراعة نادرة بين حبّه لرفيقة عمره النصيرة " بهار " وواجباته القتالية اليومية كأنَّ القتال لديه وجه آخر للحب والإخلاص لشريكة العمر. لا معنى للقتال بدون حب ولا حبَّ بدون قتال مشروع لإحقاق الحق وإنقاذ العراق والشعب العراقي من ظلم حاكميه. حبّه لزوجه النصيرة المقاتلة لم يشغله عن شؤون ومعاناة بقية الرفيقات النصيرات المقاتلات العربيات والكرديات واليزيديات خاصة مّنْ فقدن أزواجهنَّ هناك في مواجهات قتالية أو جرّاء التعرض للأسلحة الكيميائية. أنقلُ نصّاً صوّر سلام فيه حدثاً بعينه يقرأه المرءُ فلا ينساه مدى عمره. شاركت " بهار " ناهدة ، فيه ولعبت دوراً مع أرملة يزيدية أُستشهد زوجها هناك في أعالي جبال كردستان. أقرأه فإخال نفسي أُشاهدُ فيلماً مُصوّراً بالألوان كل من وما فيه يلعب دوراً : الأنصار الشيوعيون المقاتلون من قوميات متعددة والمرأتان العراقيتان الجنوبية والشمالية والجبال وقبور الشهداء المتواضعة :
[[ في أواخر الشهر السادس 1988 كنّا نتناول وجبة الغداء حينما لمحنا من المسلك الهابط من قمّة العمادية ثلاثة مسلحين وامرأة بثوبها الكردي الفضفاض يهبطون مسرعين، تبينَ أنهم من الفوج الأول المُرابط في وادٍ من أودية جبل ـ كارا ـ. المرأة كانت زوجة الشهيد ـ أبو فؤاد ـ الذي قضى في القصف الأول للموقع 1987 ، جاءت تزورُ قبره بمناسبة مرور سنة على مقتله.
كيف أصف المشهد ؟!
كيف ؟!
سأحاولُ رغم المرارة رسم المشهد من جديد، لعلَّ من يشاهد المحاكمة ( محاكمة صدام حسين ، دأب سلام على متابعتها على شاشة التلفزيون ) يُدركُ معي مقدارَ لا إنسانية هذه الطُغمة التي تتمسكن أمام العدالة مُصوِّرةً نفسها وكأنها لا تُدركُ ما كان يجري وتعتقد أنها كانت تمارس واجباً وطنياً.
الموقع يُطلُّ على مجرى نهر الزاب الأعلى، على رابية متدرجة يبدو انها كانت في أوقات السلم مزارع عامرة تحولت وقت الثورة والهجرات إلى ساحات عشبية مُتدرّجة من الرابية وحتى ساحل المجرى في مسطحات تمتدُّ لأكثر من عشرة أمتار. على المسطح التالي لفسحة رابية موقع الإسناد دُفنتْ جثتا أبو فؤاد وأبو رزكار وعادةً ما يقومُ الرفاق بوضع الزهور على قبري الشهيدين بين الحين والحين. لم يُكتب شئ على الشاهدتين لكنَّ الكلَّ يعلم من يرقد على اليسار ومن يرقد على اليمين. كنتُ أُحسُّ أنَّ المرقدين مدفونان بقلبي حتى أني الآن لحظة الكتابة أراهما تحتي وكأني عُدتُ إلى تلك اللحظات المدمرة حينما كنتُ أضع باقتي زهور بريّة وأُكلّمهم عمّا جرى في غيابهم مُستذكراً كل الأحباب الذين غابوا في المعتقل أو قُتلوا في المعارك. 
قدّمنا لهم الطعامّ، كنتُ أختلسُ النظر إلى وجه أم فؤاد التي رفضت بشدّة تناولَ الطعام مكتفية بجرعة ماء بلّت فيه ريقها الذي بدا ناشفاً. كنتُ أتتبعُ الماء الذي تحاولُ بلعه بعناء إذْ يتكسّر وجهها ألماً.
قلتُ مع نفسي :
سيكونُ هذا اليومُ عسيراً !!
في إلتحاقي الثاني بالثوّار شباط 1985 ومعي زوجتي حللنا ضيوفاً في بيتهم في قرية صغيرة أُقيمتْ على عَجَل تجاور الفوج الأول تجمّعتْ فيها عائلات البيشمركة اليزيديين التي هجرتها السلطة من قُراها، إذْ كُلّفَ ـ أبو فؤاد ـ بتوصيلنا إلى مقر القاطع، فرأيتُ مدى عمق علاقة الشهيد بها، كان لا يكفُّ عن المزاح معها مزاحاً لطيفاً يجعل وجهها يتهللُ سعادةً. كان لديهم جوقة من الأطفال، أحدهم أُرسلَ إلى ـ الإتحاد السوفيتي ـ للدراسة .. وهو وحده مَنْ نجا من العائلة إذْ ستضيعُ جميعها في مقبرة جماعية لم تُكشفْ لحد الآن. وهذا ما سأحاولُ إلقاء الضوءَ عليه لاحقاً.
ما أنْ فرغنا من الوجبة حتى سألتْ عن قبره. إرتبكت الوجوه، ورحنا نحملق الواحدُ في وجه الآخر منتظرين مبادرة أشجعنا . كررت السؤال مرةً ثانية وثالثة فهبطت قلوبنا إلى أسفل أقدامنا ممعنين بالصمت، هاربين بعيوننا إلى القمم والسفوح وذرى الأشجار الشاهقة ... إلى أنْ أنقذتنا ـ بهار ـ مُجيبةً :
ـ سآخذكِ إليه !
قادتها من ذراعيها وتوجّهت صوبَ المسلك الهابط جوار مجرى النبع. تبعها المقاتلون الثلاثة الذين قدموا معها. خطوتُ خلفهم متردداً. إنحرفتُ يميناً مبتعداً عن المسلك الهابط. تلفّتُ فوجدتُ رفاق الموقع جميعهم يتوجهون صوبَ الحافة المطلّة على فسحة القبرين. يتابعون بعيونهم المضطربة الموكب المكوّن من المسلحين الثلاثة السائرين خلفَ زوجة الشهيد يهبطون تتقدمهم بهار. إستداروا صوب الفسحة الصغيرة الممتدة على مسافة عشرة أمتار فقط. أبطأوا الخطو. سحبتها زوجتي برفق من معصمها الناحل إلى أنْ وقفتا امام القبرين ورأيتها تجثو نحو كومة التراب المرتفعة قليلاً.
كانت الشمسُ ساطعةً في ذلك اليوم تُضفي على المشهد وضوحاً يركزُ في الذاكرة.. تحجّر نظري على وقفة الأرملة التي كانت تنتظر عودة زوجها من العلاج بعدما تعرّضّ لمحاولة إغتيال قبل عامين إذْ دسَّ رفيقٌ تعاون سرّاً مع السلطات سُمَّ الثاليوم في كوب لبن. قاومَ ونجا بعد علاج لمدة عام في إيران. كان في طريق عودته للقاء العائلة فحلَّ في الموقع على أنْ يَبيتَ ليلته ليواصل في الصباح الباكر طريقه إلى الفوج الأول في وادي ـ مراني ـ بكارا. وفي ذلك الغروب قصفت الطائرات العراقية ـ زيوة ـ بالغازات السامة. ومن سوء حظه أنه كان يجلس على حافة موقع سقوط القذيفة التي أعمته على الفور وغيبته بعد ساعات ست إلى الأبد.
أرى الآن وأنا أُشرف من الربوة قامات الرجال الذين لم يجرأوا على الإقتراب فبقوا على مبعدة أمتار إلى يمين ويسار المرأتين الواقفتين أمام القبر. رجعت زوجتي خطوتين وتركتها وحيدة وتحتها يرقدُ حلمها المستحيل نائماً في التراب. طال الصمتُ وسكونُ قامتها المتماسكة المصلوبة جوارَ كومة التراب.
ـ هل كانت تخلقه من جديد في ذاكرتها ؟!
هذا ما بتُ متأكّداً منه وما حدثَ معي حينما زرتُ العراق 2004 ووقفتُ أمام قبر أمّي وأبي اللذين قضيا وأنا في المنفى!
كنتُ غيرَ مُصدّق بأنهما يرقدان هنا خلف حائط من الجص والآجر في سرداب صغير ضائع بين بحر من القبور في مقبرة ـ السلام ـ في النجف.
تلفتُ حولي فوجدتُ رفاقي موزعين خلف شحيرات الحافة مثلَ مَنْ يخافُ من شئ يلوحُ تحتنا على لوحة الفسحة الصامتة. رجال بأسلحتهم المتدلية على الجنب، زوجتي المنتظرة، قامة الأرملة الجامدة بثوبها الفضفاض الطويل وكأنها تؤدي صلاةً ما سريّة ! وخلفها غابة صغيرة فالنهر الدافق ثم سفح قائم وكأنه جدار يرتفع عالياً أمامنا. وحده دويُّ مجرى الزاب الهادر يتردد صداهُ في الوادي.
هل كانت بصمتها الطويل الذي أربكنا ووتّرنا تمارس طقساً من طقوس الموت لدى الطائفة اليزيدية ؟! لا أدري ! لكنَّ تلك اللحظات أشعرتني بفداحة الفقد المباغت لمحب حميم.
لا أدري كم من الوقت ظلت ساكنة كتمثال من حجر .. فزمن تلك اللحظات زمن مختلف لا يُقاس.
كنتُ أحبسُ صُراخي مستذكراً أحبابي الذين ضاعوا في المعتقلات !
كنتُ أحبسُ دمعي متخيلاً ألمَ كل عراقية فقد زوجها غيلةً !
كنتُ أحبسُ هاجسي متخيلاً زوجتي الواقفة خلفها بمسافة مترين تقف هي أمام كومة ترابي لو قضيتُ في القصف الذي قضى على أبي فؤاد !
كنتُ أركز نظراتي على قامتها الجامدة فلمحتُ أول تمتمة دون صوت بانت من حركة شفتيها. تمتمت بصمت فيه جلال وقليلاً قليلاً بدأ الصوتُ يظهرُ ضعيفاً مكسوراً أول الأمر، ثم شرع في إلتماسك شيئاً فشيئاً إلى أنْ بات واضحاً، خصوصاً بالنسبة لنا نحن الواقفين على حافة تطلُّ على المشهد. بدأتْ بسرد قصة حبهما وكأنه متجسد أمامها. تقصُّ وتعلّق وكأنها تسمع ما يقوله لها. القصة جديرة بالسرد في موقع غير هذا. ففيها يتجسدُ حجم معاناة زوجة العراقي المتورط بالسياسة، والذي يحبها وتحبه، فالأمرُ ليس بسيطاً كما يتخيلُ البعضُ. مَنْ يتورط في السياسة بصدق المبادئ ويعارض سلطة دكتاتورية ويُضحّي بكل شئ حتى بتشريد عائلته داخل وطنه ذلك يعني أنَّ مِثلَ هذا الشخص كرّسَ كلَ عمره لحلم مدينة فاضلة ما زالت الإنسانية تصبو إليها.
كنتُ أنصتُ لصوتها رائياً الوانَ القص، شامّاً روائح الحكاية، لامساً أجسادَ الشخوص.
قصّت كلَّ ما جرى لها وللعائلة أثناء غيابه الطويل الذي بات وقتها سنتين. سنة علاجه في إيران، ومرور سنة على مقتله. قصّتْ إلى أنْ أنهكها الكلامُ والحكاية فصرختْ صرخة واحدة طويلة حادّة أصابتنا بالكمد وارتمت على كومة التراب. غطّتها مولولة صارخةً باسمهِ. كنتُ أنشجُ بصمت وجواري ينشج رفاقي وتحتنا ينشج الرجال الثلاثة بصمت، وأم فؤاد تناديه كي يقومَ من جديد قابضةً على ذرّات ترابه في حركة تشتدُّ وتنبسط وكأنها تحاولُ خلقه من جديد. وحدها زوجتي بدت متماسكة منتظرة لحظة مناسبة كي تنشلها من وهم عودته / الصفحات 151 ـ 160 من الرواية ]].
هل قرأنا قبلاً أو شاهدنا فلماً ملوّناً كهذا الذي كتب سلام وصوّر بعدسة لا من زجاج ولكنْ بعدسة من طبيعة أخرى ... عدسة روح إنسان تتحرك وتُحسُّ وتنطقُ وتغيّرُ ألوانها وألوانَ ما تلتقط مِن حولها من مرئيات . تخاطب ذات المؤلف وتسألُ وتُجيب. تستنطق ما ترى من أشياء أفرزتها أو خلقتها الطبيعة الجامدة وتحركها في أي إتجاه تشاء ولإيّما غرض وهدف تشاء. إنها عدسة خالقة لا عدسة مخلوقة. إنها الروائي سلام إبراهيم. من يصل من بين الكتّاب والروائيين أو يدنو من هذا المستوى ومن هذه الظاهرة شبه الخارقة ؟ قد ... نعم، قد يدنو رجلٌ مثل الروائي كابريل غارسيا ماركيز صاحب رواية " مائة عام من العزلة " الذي ذكره سلام في روايته هذه كما ذكر تولستوي وروايته الحرب والسلام :
[[ بقينا حتى المساء حائرين إلى أنْ قررَ أبو الجاسم الذي كان مسؤول الموقع الإنسحاب صوبَ الحدود التركية وحرق كل شئ. لا أنسى ذلك المشهد أبداً، وكأنه مشهد سبق لي رؤيته حيّاً ، مشهد روائي عشته لغةً حينما كنتُ ابنَ الخامسة عشر حينما قرأتُ رواية الحرب والسلام لتولستوي / الصفحة241 ]]. 
سلام يستحق جائزة نوبل على روايته هذه التي جمعت معاً جرائم نظام حكم حزب البعث وزعيمه صدام حسين واستخدامه الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً والتي تغاضت أمريكا عنها لأسباب سياسية وعسكرية لترجيح كفة العراق في الحرب التي كانت دائرة بين العراق وإيران وإقامة حالة توازن أسماها الرئيس الأمريكي في حينه " ريكان " لا غالبَ ولا مغلوب ! ثم محاكمة صدام وزمرته من عتاة وكبار المجرمين في بغداد حيث كان سلام يتابع وقائع تلك المحكمة من بيته في الدنمارك. يرى الجلاّدَ الذي أراد قتله بالرصاص والصواريخ ثم السموم جالساً ذليلاً في قفص الإتهام بهيئة رثّة ولحية أكثر رثاثة وشخصية هزيلة مُهتزّة مكابرة تدّعي التماسك والقوة والبراءة مما نُسب لها. صوّر سلام في روايته كل محنة العراق والعراقيين وما أصابهم من بلاوي ومصائب وكوارث لذا فإنه إبن العراق كل العراق ومحاميه المدافع عنه والكاشف بالأدلة عن قاتليه ومغتصبيه ومن خرج عن الأعراف والمبادئ الإنسانية بما فيها الشرع والقوانين الدولية المعروفة. سلامٌ عليك يا سلام.
في هذا الكتاب لوحة أخرى تُضاهي لوحة السيدة اليزيدية الأرملة أم فؤاد، زوج البطل المقاتل الشهيد " أبو فؤاد " الذي ساهم سلام في دفنه سويةً مع رفيق آخر.
أعني ما قال سلام في محاولاته المُضنية بحثاً عن مصير رفيقيه أبو جواد وأبو وسن اللذين قضيا بالسلاح الكيميائي وكيف عثرعلى جثتيهما وكيف ساهم في دفن الجثتين. سطّر كل ذلك على الصفحات 213 وما يليها وهو كثير. 
لا يفوت قارئ الرواية هذه ما كتب سلام في ملحمة الهروب الجماعي من جبال كردستان العراق إلى تركيا بعد وقف الحرب بين العراق وإيران في 8.8.1988 
وما لاقى الهاربون والهاربات والشيوخ والأطفال من أهوال وجوع وبرد وموت.
كل جزء كتبه سلام في روايته هذه يستحق تحويله إلى فلم واقعي موثّق بشهادات شهود عيان ومقاتلين عراقيين من شتى القوميات والأديان.
ملاحظتان أحداهما تتعلق بالصور التي أرفقها الروائي الجدير السيد سلام إبراهيم لكتابه " في باطن الجحيم " ... إنها صور نادرة سيهتم بها تأريخ العراق السياسي والنضالي وستكون موضع احترام واعتزاز أهل وذوي الصور مّنْ أُستشهد منهم والذي ما زال حيّاً. لكنْ للأسف الشديد كانت الصور صغيرة وكانت غير تامة الوضوح عموماً.
الملاحظة الثانية تتعلق ببعض الأغلاط الإنشائية القليلة والبسيطة التي وردت في هذه الرواية. إنها أغلاط شائعة في أوساط الكثيرين من الأدباء والشعراء والقصّاصين والقاصّات وبعض أدعياء كتابة الرواية ممن يمارسة أغلاطاً لغوية شنيعة ترقى إلى مقام الكفر باللغة لكنهم ينفونها ويكابرون مكابرة [ زعاطيط الكتبة ] ويدّعون أنها ليست أخطاءً ! لعلَّ أسوأ الجميع واحد يُقال عنه إنه خبير باللغة العربية رغم أنه لا حظَّ له من هذه اللغة إلاّ ما تعلّم في المدارس العراقية شأن الملايين غيره. ليس لديه مؤّهلٌ دراسيٌّ منهجيٌّ باللغة العربية ولا شهادات عليا ولا جامعية أوليّة فمن الذي أطلق عليه صفة خبير باللغة العربية ولماذا وكيف أرتضى هذا لنفسه قبول هذا النعت وهذه الفرية التي ألصقها به مَنْ لا يعرف قدره وحقَّ قدره ؟ تلك مأساة زمن شاع فيها تزوير وتزييف الشهادات والألقاب وادّعاء إتيان الخوارق والمعجزات .
سلام إبراهيم المقاتل الشجاع النقي النظيف لا يُكابر ولا يصعّر خدّه ويشمخ بأنفه فهو يعترف بما يقع في كتاباته من أغلاط وقد يبرر ذلك بأنه في الأساس أكمل دراسته في معهدٍ زراعيٍّ في بغداد وإنه لم يتفرّغْ  لدراسة اللغة العربية منهجياً ولم يدّعِ أنه خبيرٌ باللغة أو ضليعٌ منها [ منها وليس فيها / مصطفى جواد .. قلْ ولا تقلْ ]. سلامٌ عليك إبراهيم أيها السيّد الشجاع والروائي الفذ والمقاتل من أجل خير العراق وسعادة البشر جميعاً عراقيين وغير عراقيين. وألف سلام على رفيقة بيتك ونضالك هناك في الجبال والوديان وبين المغاور والكهوف وماراثون العذاب في الطريق لنشدان الخلاص في الجارة تركيا ... السيّدة أم كفاح التي عانت معك ما عانيتَ أنتَ بعد تعرّضكما للقصف بالسلاح الكيميائي الذي نفّذته طائرات الجيش العراق في ثمانينيات القرن الماضي.
*
في باطن الجحيم
رواية لسلام إبراهيم . الناشر : وزارة الثقافة ـ العراق ـ بغداد ـ شارع حيفا.
الطبعة الأولى ـ بغداد 2013 .

ولسه يا أقباط حا تشوفوا أيام سودا/ د. ماهر حبيب

قلتها بعد مصيبة يناير 2011 بعد ما الأقباط إتنيلوا وإنخدعوا كخيال المأتة فى مظاهرات التحرير علشان يكملوا الصورة ويختفى الإخوان والسلفيين من الصورة لغاية ما تكمل المؤامرة وبعدين يأتوا القادمون من الخلف وياكلوا التورتة ويضربوا الأقباط  على قفاهم ويرموهم رمية الكلاب وإبتدى الحرق والضرب والسحق للأقباط وخرجوا من المؤامرة قفاهم يأمر عيش ويمكن يشوى كباب وكفته.

ودارت الأيام ومرت الأيام وكلاكيت تانى مرة يخرج الأقباط فى 30 يونيو ويلعلعوا وفى وسط الزيطة ينسوا إنهم مجرد أهل ذمة ومواطنين سبنسة وقبل ما يهدى غبار المعركة تم عقاب العبيد الأقباط عن إنهم رفعوا صوتهم قدام أسيادهم وطبعا لأن فيلم أسياد وعبيد ما زال فى السوق فقد تم رفع العصا الغليظة للأقباط وهات يا تنكيل وطبعا تم فى عهد ثورة يونيو ما لم يكن يحلم ولا يجرؤ عليه المعزول الإستبن فقد تم حرق كنائس بالكوم وتحول الأقباط لرهائن يخطفوا ويتم دفع الدية ويتم سلب ونهب أموالهم وبيوتهم وقلنا معلش لأجل الورد ينسقى العليق ولكن وجدنا إن ده مبتدى الأوجاع فقد تم إستهداف الأطفال والغلابة فى الفرح وقتلوا بدم بارد.

لكن المشكلة فى إللى جاى و إللى بيحصل كلاكيت تانى مرة فللمرة التانية يروح الأقباط فى لجنة كتابة الدستور وكلهم أمل فى إن أم أيمن مشيت وجه مطرحها ناس تانيين خالص وطبعا بعشم إبليس فى الجنة ولما تشوف حلمة ودنك بعتوا الأنبا بولا وصال وجال فى التليفزيون وفى اللجنة وهللنا إن الدستور إللى جاى أحلى من إللى فات ثم جاءت اللحظة الفارقة ....فين الدستور؟ !!!!! لقينا دستور أم أيمن بعد ما إتحط له شوية مكياج ولكن الخيبة هى الخيبة والمحصلة هى هى وكل حاجة إن الأقباط شربوا المية الصفرا للأخر وفاضل بس لحظة إغتصابهم.

كلمة مدنية إتشالت والمادة التانية والتالتة فضلت زى ماهى ولكن حدث النصر العظيم على المادة 219 حيث سيتم حذفها .....هييييه ....إستنوا بس شوية هما صحيح شالوها بس رقعوها ولزقوها فى المادة التانية يعنى شالوا ألدو حطو شاهين وإن أحمد هو الحاج أحمد وبكده يبقى الأقباط خدوا أكبر خازوق والظاهر إننا حا نرجع نندم إن شيلنا مرسى كان على الأقل حا يبقى وشه مكشوف ودلوقتى بيتحقق على أيد عمرو موسى وإخواته أسوء مما كان يحلم بيه خونة مصر ولذلك تستاهلوا يا أقباط مصرنوال لقب عبيد مصر وإحتفاظكم بلقب السبنسة ومبروك عليكم إللى جاى ده إنتوا حاتشوفوا أيام سودا


بوذا/ فاطِمَـة ناعـُوت

"فافي" هو اسم الديوان الجديد الذي سيصدر قريباً للشاعر شربل بعيني في سيدني أستراليا.
وفافي هو الاسم العائلي للسيدة المصرية العظيمة فاطمة ناعوت الذي يناديها به أهلها وأصدقاؤها. وقد استوحى الشاعر قصائد الديوان من رسائلهما الالكترونية المتبادلة وزيارتها السريعة لسيدني أستراليا.
من قصائد الديوان كانت "بوذا"، التمثال الذي امامكم في الصورة، وبعد اطلاعها عليها، ردّت بهذه القصيدة الرائعة التي ستدخل ضمن قصيدة "بوذا" في الديوان، وها نحن نطلعكم على ما ابدع قلمها. وما عليكم الا الانتباه لتاريخ القصيدة، فلقد أرادت به ان ترمي الشاعر خارج الزمن.
بقي أن نذكر ان مقدمة الديوان ستكون للاستاذ حوزاف بو ملحم الذي رافقنا طوال رحلتنا الشعرية هذه:

سأتعلم ألا أكون تلقائيةً 
حين الحديث إليك،
أقتلُ فِطرتي
أترقّبُ الكلماتِ
حين تترَى من مداد قلمي
قبل أن تركضَ صوبَ عينيك
أتربّصُ بأفكاري
قبل أن تغادر عقلي
إلى عقلك
أستعيدُ الرياضياتِ وعلومَ الحساب والهندسة
لأحسبَ حروفي بدقّة
وأقيسَ زواياها وأضلاعَها وانحناءاتِ أقواسِها
قبل وصولها إلى حاسوبك
وأقرأ وقعَها في نفسك
قبل أن تلجَ مقلتيك
تلك ضريبةُ الحديث مع الشعراء!

الكلام مع الشعراء خَطِرٌ
خطورةَ الوقوف فوق فوهة بركان نشط
لهذا يقولُ الربُّ:
لا تُجرّبْ شاعرًا!
مكتوبٌ.

في المرّة القادمة
سأقولُ لك : ذاك بوذا
أحد أوثان الآسيويين المجانين
نصّبوه إلهًا
وما أعلن عن نفسه إلا زاهدًا
عبدوه،
فيما كان يبحثُ- مثلهم- عن الله
وضعوا أمامَه صحنًا
يملأونه كل يومٍ بالتمر والسكر
وهم لا يدرون أنه صائمُ الدهر،
إنْ هم إلا حائرون
ركضوا خلف حائرٍ
يجرجرون ذيل ثوبِه الرثّ
فنهض من جِلستِه الأبدية المنذورة
مزّق الثوبَ
ثم ركضَ معهم
نحو الله.

ذاك المسكينُ الذي تغارُ منه
لا يستحقُ إلا شفقةَ المُحبين
والشعراء
فلا تَغرْ منه
وامنحه منديلا أبيضَ
ليجففَ السنواتِ التي تتساقطُ فوق جبينه
في عُزلتِه.

طوبى للمجانين
وطوبى للأوثان
وطوبى للشعراء
والويلُ، كلُّ الويلِ
لأصدقاء الشعراء
  
القاهرة/ 2 فبراير 2013

لا تغاري/ كريم عبدالله


لا تغاري
منْ نسائي
وقصائدَ أشعاري
ولو جاءتكِ أخباري
بحرائقي ,
تضطرمُ فيها أقماري
فعشقي
ضربٌ منَ الجنونِ والأزهارِ
وأنتِ تغورينَ بأعماقي
وتتسوّرينً أسواري
وأنتِ قمرٌ يتلألأُ في سمائي
تغارُ منهُ النجومُ في ألأسحارِ
لاتغاري
لا تحتاري
فلقدْ وهبتكِ مفاتيحَ مملكتي
فأدخلي بسلامٍ
وأختاري
ياشِغافَ الفؤادِ
وياثلجاً يُطفيءُ ناري
وياعشقَ الربيع
لأريجِ أزهاري
في مواسمِ الجدبِ
والصحوِ والأمطارِ
لا تغاري
ياموجةَ بحرٍ
تتكسّرُ عليها همجيّةُ أفكاري
فأدخلي محرابي
وتتبّعي منابعَ أنهاري
فلمْ أعدْ ذاكَ الذي تعرفينَ
أحتفظُ بعذريةِ أسراري
وشحيحٌ عليكِ
بقناديلي وثماري
فأنتِ ..... وما أدراكِ ما أنتِ !
ياآخرَ وترٍ حزينٍ من أوتاري
ومساحةَ عمرٍ
تحتوي كلّ أسفاري

بالأسكندرانى.. مازال مرسى يحكم مصر/ مجدى نجيب وهبة

** لا تصدقوا أن "محمد مرسى العياط" مازال محبوسا على ذمة القضايا المنظورة أمام المحاكم .. أو أنه خارج مكتبه بقصر الإتحادية ، أو أن المحروسة "أم أحمد" زوجة العياط لا تلازم ولا تخدم زوجها وتلبى كل طلباته من أكل البط واللحوم والأسماك الطازجة والجمبرى والإستاكوزا ، وهى كلها مأكولات شهية بها كمية كبيرة من الفوسفور ، الذى يساعد مرسى العياط على القيام بمهامة الزوجية ، تجنبا للجوء أم أحمد إلى محكمة الأحوال الشخصية طلبا للخلع عندما تخاف ألا تقيم حدود الله !!...
** هل تذكرون الرجل الذى ظهر مؤخرا فى الأسواق يحمل نفس ملامح "مرسى العياط" ، وأثار ظهوره ضجة كبيرة .. هذا الرجل إختفى فجأة فى ظروف غامضة ، وهو ما يجعلنا نؤكد شكوكنا بأن هذا الرجل هو الدوبلير الذى تم إختياره بعناية لكى يؤدى دور مرسى العياط ، لإمتصاص غضب الجماهير .. وما يبرهن على وجود محمد مرسى العياط بقصر الرئاسة ما يلى :
مازالت حكومة رئيس الوزراء السابق "هشام قنديل" تمارس عملها ، ولكن بإستبدال بعض الأسماء والوجوه ، لكنها بنفس الأهداف ونفس الأفكار .. فمثلا ، تم تعيين المستشار "عدلى منصور" رئيسا للجمهورية بدلا من "مرسى العياط" .. وتم تعيين "حازم الببلاوى" بدلا من "هشام قنديل" .. وتم تعيين "حسام عيسى" وزير التعليم العالى بدلا من "مصطفى السيد" .. وتم تعيين "أحمد البرعى" وزيرا للتضامن الإجتماعى بدلا من "نجوى خليل" .. وتم تعيين "أحمد المسلمانى" متحدثا بإسم رئاسة الجمهورية بدلا من "ياسر على" .. وتم تعيين "مصطفى حجازى" مستشارا لرئيس الجمهورية بدلا من "محمود مكى" .. وهكذا هى نفس الحكومة التى عينها "مرسى العياط" لتدمير هذا الوطن ، وكل مؤسسات الدولة .. على رأسهم المؤسسة العسكرية ، والمؤسسة القضائية ، ووزارة الداخلية ، كما تم تبديل حزب الحرية والعدالة بحركة 6 إبريل ، والإشتراكيين الثوريين ، والوطنية للتغيير ، وحزب الدستور ، وحزب الوفد ، وحركة تمرد .. وعيسى نبى وموسى نبى ومحمد نبى ، وكل من له نبى يصلى عليه ..
حصول كافة البلطجية فى مصر على ترخيص للعمل بصورة قانونية ، والتصريح لهم بحمل كل أنواع الأسلحة حتى مدافع الأر بى جى المحمولة على الكتف .. وأصبحنا نقرأ كل يوم جمعة عن أخر أنباء تحركات البلطجية ، حتى يتم عمل التشريفات اللازمة من جهاز الأمن ووزارة الداخلية لتأمين خروج البلطجية فى الشوارع والميادين حتى لا يتعرض لهم أحد من أبناء هذا الوطن المفتريين ، مع زيادة حدة هذه الدعاوى يوم الجمعة .. فإذا كان هذا هو الحال يوميا ، فهل تعتقدون وأنتم تتابعون كل يوم جمعة ما يحدث فى الشارع المصرى وكل المحافظات ، وتشتعل أكثر فى الأسكندرية والمنصورة والمحلة ودمنهور .. أن محمد مرسى العياط لا زال يحكم مصر ؟ .. بالقطع الإجابة تأتى لتؤكد أن محمد مرسى العياط مازال يجلس على كرسى الحكم داخل قصر الإتحادية ...
ما حدث من بلطجية جامعة الأزهر "طلاب سابقا" ، وأمام كل وسائل الإعلام ، وهم يوجهون السباب والشتائم والألفاظ القذرة ، إلى شيخ الأزهر "أحمد الطيب" ، وهم يهتفون "يسقط يسقط بابا الأزهر" ، وهى إشارة للسخرية من بابا الكنيسة ، وشيخ الأزهر .. وعندما يترك هؤلاء البلطجية سواء خارج جامعة الأزهر أو داخل الأزهر دون القبض عليهم ، وحبسهم ، وفصلهم عن الكلية فصل نهائى .. فأكيد أكيد أن محمد مرسى العياط مازال يحكم من قصر الإتحادية ..
ما حدث من بلطجية جماعة الإخوان المسلمين فى كل من جامعة القاهرة ، وجامعة المنصورة ، وجامعة عين شمس ، وجامعة الأسكندرية من فوضى وسفالة وبلطجة وإطلاق الشماريخ وزجاجات المولوتوف دون أدنى ردع ، وترك هؤلاء البلطجية يتعرضون للطلبة لمحاولة تعطيل العملية التعليمية .. بينما المدعو "حسام عيسى" وزير التعليم العالى الإخوانى ، يقف مهللا ومتفرجا ومؤيدا للفوضى والخراب فى الجامعات .. فالأكيد أكيد أن محمد مرسى العياط مازال يحكم من قصر الإتحادية ..
فى محاكمة الإرهابى "صلاح أبو إسماعيل" أول أمس ، والذى نقلت على الهواء مباشرة من داخل القاعة .. لم نجد من الحضور إلا مجموعة من الإرهابيين والبلطجية المأجورين ، وسيدة محجبة ترتدى السواد ، وهى تضع كف يدها فوق دقنها ، وتتوعد الجيش المصرى والشعب والشرطة .. فعندما تصل الجرأة بهذه الكلاب والسفلة أن يسقطوا هيبة المحكمة ، وهم يهتفون ضد الدولة المصرية .. فمن المؤكد أن محمد مرسى العياط مازال داخل قصر الإتحادية جالسا على الكرسى ..
عندما تنطلق كلاب وخنازير الإخوان فى كل دول العالم ، وهم قلة لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة ، ولكن جزء منهم من المنظمات الإرهابية فى فلسطين ، وجزء أخر من ميليشيات الإخوان .. هؤلاء الذين يظهرون فى كل الندوات التى يستدعى فيها بعض الفنانين المصريين والكتاب والعلماء لحضور هذه الندوات لتكريمهم .. وإذ يفاجئ المدعوون من مصر بخروج كلاب وخنازير الإخوان لمهاجمة المصريين ، وسط صمت غريب من الدبلوماسيين المصريين بالخارج ، وتجاهل من شرطة هذه الدول بالتعامل القانونى مع هؤلاء المجرمين .. فالمؤكد أن محمد مرسى العياط مازال يعطى تعليماته من خلال تواجده داخل قصر الإتحادية ..
** خلاصة المقال .. إن ما يحدث فى مصر الأن أمام أعيننا من حالات فوضى وتهريج وإرهاب .. ثم خروج بعض المأجورين والعملاء الأمريكان والسماح لهم بالظهور الإعلامى المكثف تحت زعم أنهم أعضاء فى مجالس حقوق الإنسان ، وهم يتحدثون عن رفضهم لقانون التظاهر ، بل وأى قانون يتم تفعيله للحفاظ على أمن وسلامة الوطن .. ونتساءل من سمح لكل هؤلاء فجأة بالظهور على الساحة والحديث بإسم الشعب المصرى ، والإدعاء بالوطنية ، وحماية الديمقراطية ، وهم فى الحقيقة يعلم الجميع أنهم ينفذون كل المخططات الأمريكية القذرة لإسقاط هذه الدولة .. فإذا كنا نعلم كل ذلك وأن كل مراكز حقوق الإنسان هى مراكز أمريكية مدفوع لها لإسقاط مصر .. ومع ذلك نصمت عليهم ونتركهم دون محاسبة أو معاقبة .. والكارثة أن يهل علينا البعض ليؤكد بأن أصوات هؤلاء تصل إلى أمريكا ، والمفروض أن نعمل حساب للميكنة الأمريكية ..
** عندما تترك مجموعات من الألتراس ومشجعى الكرة ، وقد تحولوا إلى مجموعات من البلطجية المسلحين لإستغلال حماس الشباب فى إسقاط الدولة المصرية .. فأين المسئولين عن هذا الملف .. وهل المفترض أنه ملف أمنى أم ملف سياسى تتحمله حكومة الإخوان برئاسة د."حازم الببلاوى" ..
** عندما نترك كل هذه الفوضى التى يديرها محمد مرسى العياط وعصابته فى الميادين والشوارع ، ومن ضمنها عودة بعض الإعلاميين الذين إستبعدوا من الظهور على الشاشة الصغيرة ، على رأسهم الإعلامى "يسرى فودة" ، و"ريم ماجد" على قناة أون تى فى ، لتمهيد الأجواء للعودة مرة أخرى لتخريب مصر .. فمن المؤكد حتى الأن أن محمد مرسى العياط لازال يحكم مصر .. اللهم بلغت اللهم فاشهد !!!!..

صوت الأقباط المصريين

لقاء الأسد ومقاربات الواقع/ راسم عبيدات

في اللقاء المطول الذي اجراه الرئيس السوري  بشار الأسد على فضائية الميادين مع الصحفي القدير غسان بن جدو،بدا الأسد واثقاً،ولم يلجا للغة العنتريات و"الهوبرات" الإعلامية ولم يتحدث عن الإنتصارات الكاسحة،وفي هذا الإطار قال"الرئيس بشار الاسد: نحقق تقدماً للأمام، أحد عناصر التقدم هو تقدم عسكري في كثير من المناطق،والأهم هو العنصر الداخلي،حيث فقد الإرهابيون الكثير من عناصر القوة،وفي مقدمتها الحاضنة الشعبية.

 كلام وحديث هذا الرجل يعيدنا إلى عهد عبد الناصر،عهد القومية والعروبة،عهد الموقف العربي الموحد والإرادة العربية الواحدة،عندما كانت الجامعة العربية تعبر عن إرادة العرب،قبل ان تتحول الى"ماخور" في عهد مشيخات النفط والكاز،وهذا الرجل وريثة عبد الناصر،رجل قومي عروبي،همه تحرير سوريا من الجماعات الإرهابية والتكفيرية،ومن ثم توحيد الوطن العربي،وواضح بأنه يمتلك بعد نظر ورؤيا ثاقبة،فيما يخص الدولة الوطنية السورية والمشروع القومي العربي،وقد أجاب عن أسئلة بن جدو حتى الصعب والحرج منها بدون إنزعاج وإنفعال،والنقطة الجوهرية التي تسجل لهذا الرجل،إعترافه وتحمله للمسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في سوريا،فرغم ما تعرضت له سوريا من مؤامرة خارجية،ما كان لها ان تنجح في زعزعة إستقرار سوريا،لو كان الوضع الداخلي السوري محصناً بما فيه الكفاية،ومثل هذا الإعتراف قلما تجد له نظيراً عند أي زعيم عربي،وحتى عند قادة فصائل المقاومة والثورة،الذين يرددون دائماً بان الواقع والوقائع أثبتت صحة برامجهم ومواقفهم
،رغم كل المصائب والأخطاء التي جلبوها لشعوبهم وقضاياها،فهم من يوحدون،وأيضاً هم من يفرقون ويقسمون،سبحان الله الشعوب عاقرة ولم تنجب سواهم؟؟.

 والأسد في لقائه تحدث عن الكثير من العناوين الهامة وكشف المستور في قضايا اخرى،حيث أشار الى ان سوريا رغم التهديد والوعيد من قبل الولايات المتحدة لها بعد حربها وإحتلالها للعراق،رفضت ان تخضع او تستجيب للشروط والإملاءات الأمريكية،او ان تكون خاضعة للمظلة الأمريكية وتتلقى قراراتها من واشنطن،فأمريكا طلبت منه عدم إستقبال القيادتين السياسية والعسكرية للنظام العراقي السابق وكذلك العلماء العراقيين،وذهب كولن بول وزير الخارجية الأمريكي السابق الى أبعد من ذلك،عندما طالبه بطرد فصائل المقاومة الفلسطينية من سوريا،وكذلك عدم تزويد حزب الله بالسلاح وقطع العلاقات معه بشكل نهائي،والأسد لو كان خياره امريكا لأصبح المتحكم في مصير المنطقة وقرارها، وشخص الأسد معسكر اعداء سوريا وحلفائها بشكل دقيق،وأشار الى ان السعودية وقطر وتركيا وامريكا وبعض الدول الأوروبية،هن المتورطات بشكل أساسي في العدوان على سوريا،فالسعودية وصفها الأسد بانها ليست دولة مستقلة بل تنفذ السياسات الأمريكية وفق المعطيات السياسية الحالية وفشل المؤامرة على سوريا، فإن صدور "فرمان" أمريكي بتغيير نظام " آل سعود" على غرار إمارة قطر، أصبح مسألة وقت. وهو أحد أسباب رفض نظام " آل سعود" عضوية مجلس الأمن. فهي أرادت توجيه رسالة احتجاج لأمريكا على رضوخها للشروط الروسية والصينية بخصوص سوريا، بالإضافة إلى معرفتهم بأن انتهاء الموضوع السوري بانتصار بشار الأسد، يعني تحويل نظام " آل سعود" للمعاش.





،في حين قطر والتي حكمت على شاعر انتقد النظام هناك بخمسة عشر عاماً لا يمكن لها ان تقدم نصائح في الديمقراطية والإصلاح،وهي من قال عنها حليفها بندر بن سلطان بأنها 300 شخص ومحطة تلفزه،وتركيا كان يعنيها ويهمها بالأساس حركة الإخوان المسلمين فعندهم الجماعة فوق الدولة،وأردوغان كان طامحاً بان يتمدد حكم الإخوان الى اكثر من قطر ودولة عربية،حتى يصبح اكثرية في مواجهة العلمانية في تركيا،ويحقق احلامه البائدة بالزعامة والسلطنة على حساب الدم والجغرافيا العربية،ولم يتورع عن وصف جماعة الإخوان بانها جماعة إرهابية وانتهازية وغير وطنية،تقوم على النفاق لا على الدين،وحول حركة حماس التي وفرت لها سوريا الإقامة والحركة والدعم بمختلف أشكاله،فإن سوريا هي اكثر من دفعت ثمن علاقتها بحماس،ورغم كل ذلك لم نلمس بان الأسد تحدث بلغة ثأرية معها،بل قال عندما تكون صادقة حماس ومع المقاومة سنكون معها،ولكن عودتها الى سوريا،رهن بموقف الجماهير السورية،فحماس في مواقفها وغدرها وطعنها لسوريا وللمقاومة،فقدت الحاضنة الجماهيرية،وغزلها وتصريحاتها الناعمة الأخيرة جاءت مرتبطة بسقوط مرسي والإخوان،وهي ليست تعبيراً عن تغير في موقف حماس،بقدر ما هو موقف انتهازي تنتهجه حماس في مواقفها وعلاقاتها وسياساتها.

وحول المعارضة قال الأسد بأنه من الطبيعي،ان تتواجد في الدولة مشارب سياسية وفكرية مختلفة،ولكن هذه المشارب تتصارع برامجها وأفكارها حول خدمة الوطن،والمعارضة مفهوم سياسي ولها بنيتها وحاضنتها الجماهيرية،وليس المعارضة المأجورة الموقف والقرار  والتي لا تمتلك أي حضور ووجود جماهيري لها على أرض الواقع.

وحول إحتمالية ترشحه لفترة رئاسية قادمة،يبدو ان الأسد حسم الجدل حول هذه القضية،بالقول بان من حقه الترشح،وهو يوجه رسالته لما يسمى بقوى المعارضة ومن يقف خلفهم،والمدعون الى حضور جنيف(2 ) بانه مرشح وهذه قضية ليست مدار او مجال بحث او طعن او تشكيك.

سوريا تمسك بالمقود من جديد وحلف المقاومة والممانعة يتعزز عربياً وإقليمياً ودولياً،والحلف الأمريكي- الغربي  الأطلسي- الخليجي-التركي،يتراجع ويفقد نفوذه وحضوره في المنطقة.