فافي/ فؤاد نعمان الخوري


شاعر مهجري ضائع "بين تذكرتين" يعيش في استراليا
الى الشاعر المهجري شربل بعيني لمناسبة صدور ديوانه الجديد "فافي"

لقد فكّت قيود الصمت، "فافي"
ونهر البوح فاض على الضفاف،
وعاد الأشيب الدهريّ طفلا
يؤرّقه حنين الاكتشاف...

و"فافي" غيمة سمراء رشّت
دموع الصبح في جرح الجفاف،
فأزهرت الحدائق، و"البعيني"
روى من عطرها عمر التجافي؛
وراحت تهتف الأوتار شجوا،
فغنّت مصر: يا طيب الهتاف!
وفي لبنان قال الأرز زهوا:
هو الحمل المدلّل في خرافي!

و"فافي" الحلم، لمّا صار انسا،
نجوم العيد هلّت في المنافي:
فهل في الحلم ورد الشعر ينمو،
ام اللقيا ربيع للقوافي؟
وما بال "البعيني" بات يشكو
من الخجل المغطّى بالعفاف؟
على وعد القطاف ارتاح دهرا:
كسرت القلب يا وعد القطاف!

..ويا "فافي" حباك الشعر شالا،
فمن ليل وبرد لا تخافي؛
ومهجة "شربل" صارت كتابا،
وعيناك القصيدة في الغلاف!

مصائبٌ تهون ومصائرٌ تُهين/ د. مصطفى يوسف اللداوي

هناك ما هو أكثر فاجعةً من الموت، وأشد ألماً من الفقد، وأوجع على النفس من الرحيل، فالموت ليس أكبر المصائب وإن بدا كذلك، ولا هو أشدها وأقساها وإن ناءت النفوس عن حمله، وانحنت الجباه أمامه، وبكت العيون بسببه، وشقت النساءُ ثيابها لهوله، وفجعت الأمهات لخطبه، وانعقدت ألسن الرجال لعظمته، وجزعت الأرواح لفجأته، ذلك أن رزيئته تبدأ كبيرة، ومصيبته تظهر عظيمة، لكنها سرعان ما تصغر، وتبدأ في التضاؤل والاضمحلال، حتى تنتهي أو تقارب على الانتهاء، ويزول أثرها، وتنمحي ظلالها، فما من شئٍ يولد صغيراً ويكبر، إلا الموت، فإنه يولد كبيراً ويصغر.
مصيبة الموت لها معزون، ومعها مسرون، يلتقي عليها الناس، ويجتمع حولها الأصدقاء والفرقاء، والمحبون والكارهون، الذين يصبرون أهل الفقيد وذويه، ويساعدونهم ويؤازرونهم، ويقدمون لهم كل عون، ويمدون لهم كل يدٍ للمساعدة، ويسألون الله الرحمة للميت، والعوض الكريم لأهله، والأجر والثواب لمن بعده، ما يهون الخطب، ويخفف الحزن، ويذهب بالألم والأسى، كيما ينسى المبتلون ابتلاءهم، ويقف على أقدامهم الممتحنون والمختبرون.
والموتُ حقٌ، وكأسٌ على الجميع تجرعه وإن طال به الزمن، أو امتدت به الحياة، فهو قدرُ الله الذي به نسلم، وله نذل ونخضع، وبه نسلم ونخشع، فلا نعترض على حكمه، ولا نرفض قضاؤه، ولا نهرب من أجله، ولا نستطيع أن نطيل أعمارنا يوماً، أو نؤجله زمناً، ولو كانت أجسادنا قوية، ونفوسنا فتية، وأبداننا غضةً طرية، وأرواحنا فرحةً بهية، وأموالنا كثيرةً وفيرة، وعشيرتنا كبيرة ممتدة، فلا شئ من هذا يطيل عمرنا، ولا غيره يؤخر آجالنا، بل إنه يطالُ الجميع ولا يفرق، ويدرك الكل ولا يميز.
ولكن مصائب أخرى أشد ألماً وأكثر وجعاً، وأعمق أثراً، وأبلغ أذىً، وأطول مدىً، تذهب العقل، وتؤذي الروح، وتقض المضاجع، وتحزن النفس، وتترك في القلب ندبةً لا تزول، وآثاراً لا تنمحي، لا ينساها الناس، ولا يغفل عنها أحد، ولا تغض الطرف عنها العيون، ولا تنطبق بسببها الجفون، وتبقى كبيرةً على مر الزمان، وعظيمةً رغم كر الليالي وتتابع العشي، فهي تمس السمعة، وتنال من الشرف، وتتعلق بالأرض والعرض، والكرامة والوطن، يدفع ثمنها المخطؤون، ويعاني منها الأهل والولد ومن له بهم صلةً، جيرةً أو قرباً.
إنها مصائبٌ تختلف عن الموت، ولا تتشابه مع الفقد، ولا تنسى مع الأيام، ولا تصغر مع الأحداث، إذ لا يعزي فيها أحد، ولا يسري المبتلين فيها أصدقاءٌ ولا أحباب، ولا يقف معهم جيرانٌ ولا أقارب، ولا يغفر ذنبهم محبٌ، ولا يتجاوز لهم صديقٌ، ولا يستوعبهم أبٌ، ولا يقبل بعذرهم أخٌ، ولا تدافع عنهم أختٌ ولا زوجة، ولا تصد السهامَ عنه ابنةٌ ولا ولد. 
وهي مصائبٌ أكثرها مستورة، وأغلبها خفيةً مجهولة، لا يجاهر بها أصحابها، ولا يعلن عنها المصابون بها، أو الساقطون فيها، والمنزلقون إليها، ولكنها أخطر من الموت، وأسوأ بكثيرٍ من الفقد، وأعظم في جرمها، وأقبح في فعلها من كثيرٍ مما نظنه مخزياً أو جارحاً، وهي مصائبٌ كثيرة، نعجز عن تعدادها، ونحار في سردها وتوصيفها، ونعجز عن دراساتها والإحاطة بها، ولكن أمثلتها كثيرة، ونماذجها عديدة، نورد بعضها أمثلة، ونسوق غيرها نماذج وصوراً.
أهل الميت يعرفون مصيبتهم، ولكن القاتل وأهله لا يعرفون مصيرهم، ولا يدرون ما يفعلون بحالهم، كانوا يُطاردون ويُهددون، فأصبحوا مُطاردين ومُلاحقين، وهاربين ومُهجرين، ومُهددين ومطلوبين، فقد قام منهم سفيه بجريمة قتل، دونما سبب يستحق، أو فعل يبرر، فكانت النتيجة تهجير أهله، وترحيل عائلته، وتربص الثأر والانتقام، والاستعداد لقتلٍ مثله، وتوقعُ فقدٍ يشبهه، يشفي القلوب، ويرضي النفوس.
ومن أورد نفسه موارد الهلاك، فدمر نفسه، وضيع مستقبله، وهدم بيته، وهدد حياة أهله وأسرته، وأورثهم ذلاً لا ينتهي، وفاقةً لا تزول، وحاجةً لا تنقضي، وبؤساً لا يعرف حداً، وألماً لا يرجو الراحة، ومرضاً لا يتوقع منه الشفاء، وجراحاً لا تبرأ، ودماً ناعباً لا يتوقف، إذ قامر وراهن، أو استدان وهرب، أو سرق وكذب، أو أخطأ وغامر، وعبث بما ليس له، وتصرف بما لا يجوز له، فكانت العاقبة أنه أصبح كذاباً نصاباً، وترتب عليه وعلى أهله الوفاء والسداد، ورد الحقوق وأداء الأمانات.
أما من باع نفسه، وأمات ضميره، ووظف حياته، وأبى إلا أن يكون للعدو عميلاً، وله عوناً ومساعداً ودليلاً، يفضح أسرار شعبه، ويضر بمصالح أهله، ويفرط في حقوق وطنه، ويصر على أن يكون للعدو عيناً ترى وتراقب، وأذناً تتلصص، ولساناً يخابر ويبلغ، ويداً تبطش وتخرب، أو بالغَ وشاركَ، وخرج مع العدو ونفذ معه القتل، أو تبرع دونه وقام وحده بالقتل، فكان أن ورث أهله عاراً وفضيحةً، وألبسهم لباس الذل والهوان ما كتبت لهم الحياة، وما بقوا على ظهر الأرض بين الناس.
بعض هؤلاء وأولئك، مخطئٌ يعترف بخطئه، ويقر بذنبه، ويطلب الغفران ممن ظلمه، والصفح ممن ساء إليه أو أخطأ في حقه، ويعلن أمامهم توبةً نصوحةً صادقة، ويبدي تجاههم ندماً أكيداً، وتصميماً على تصويب الخطأ، وتصحيح المسار، وتحسين الحال، والاستقامة على الحق ما استطاع إليه سبيلاً.
هذا الصنف من الناس، نقف معهم ونؤازرهم، ونساعدهم ونأخذ بأيديهم، وندب عنهم المعيبين، وندافع عنهم أمام المعتدين، ونتجاوز عن اساءاتهم، وندعو الله أن يغفر لهم، وأن يكون معهم وإلى جانبهم، ونكون عوناً لهم على أنفسهم فلا يرتدوا على أعقابهم، ولا ينقلبوا على حالهم، ويعودوا إلى ماضي أخطائهم. 
أما الآخرون، الذين أصموا آذانهم، وأغمضوا عيونهم، وختم الله على قلوبهم، وبقوا على غيهم سادرين، وفي جريمتهم ماضين، فإن مصيبتهم أشد من الموت، وأعظم من الفقد، ولعل خاتمتهم تكون أشد هولاً مما يتوقعون، وأكثر جزعاً مما يأملون.

‫فساد ذات البين/ نرمين كحيلة

من أبشع الوسائل التى يلجأ إليها الانقلاب هو إفساد ذات البين فى المجتمع المصرى وهذا ما نلاحظه بوضوح فى البيت الواحد ، بين الزوج وزوجته فهذه زوجة تطلب الخلع من زوجها بعد زواج استمر عشر سنوات لأنه يؤيد الشرعية وهذا أخ يعادى أخاه لأنه مع الشرعية وهذا أب يغضب على ابنه وربما يقاطعه أو يطرده من البيت لأنه يختلف معه سياسيا ، أصبح هناك خلاف وتناحر وصراع بين أبناء الأسرة الواحدة وهذا هو أسلوب الاحتلال فى كل زمان ومكان فلنتذكر معا الاحتلال الانجليزى حين حاول التفريق بين المسلمين والأقباط فكان الشعب المصرى ذكيا إلى حد أنه أفسد مخططاته بأنه نادى بشعار:عاش الهلال مع الصليب ، وكان القسيس يذهب إلى المسجد ويده فى يد أخيه المسلم ويخطب فى المسلمين بضرورة الاتحاد فى مواجهة الاحتلال ويذهب الشيخ المسلم إلى الكنيسة ليخطب فى المسيحيين .. 

إن أسلوب فرق تسد هو ما يتبعه سارقو الوطن الآن. جاهدوا بكل ما أوتوا من قوة للتفريق بين عنصرى الأمة المسلمين والمسيحيين عن طريق حرق الكنائس ونسبتها إلى الاخوان ولإزكاء روح الكراهية للتفريق بين المؤيدين والمعارضين عن طريق الأغانى أنتم شعب ونحن شعب لنا رب ولكم رب ، وتفويض المؤيدين للبطش بالمعارضين والتفريق بين الفصائل المختلفة ليبراليين ، يساريين ، علمانيين ، سلفيين ، إخوان ....إلخ. وعندما تتناحر كل هذه الفرق يسود هو ويستغل كل فصيل لمصلحته.

ليتنا نكون بمستوى ذكاء أجدادنا فى عهد الاحتلال الانجليزى ونفهم اللعبة ونفوِّت الفرصة عليهم لتفتيت الشعب المصرى. 
إن المحبة والأخوة أساس التكافل الاجتماعي، وبناء المجتمعات، وإن قوتها، ومتانتها، وعظمتها، إنما يكمن في الأخوة، وإصلاح ذات البين، ولهذا المعنى العظيم ضرب لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة، ليس كلاماً فحسب، بل فعلاً وتطبيقاً على واقع الحياة، ذلك المثل الذي ضربه عندما هاجر إلى المدينة المنورة، حيث عمل بهذا المعنى العظيم، وهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، تلك القبيلتين المتناحرتين؛ لأنه علم- صلى الله عليه وسلم- أن فساد ذات البين هي السبب في تشتت المجتمعات، وتفرقها، وضعفها، وتخلفها، ولهذا المعنى السيء حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- من فساد ذات البين، وبيَّن خطرها، وأنها تحلِق الدين، الذي هو أعظم شيء عند المسلم، فعن أبى هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تسلموا ولا تسلموا حتى تحابوا، أفشوا السلام تحابوا، وإياكم والبغضة فهي الحالقة، لا أقول لكم تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين) وعند الترمذي:(إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة) قال أبو عيسى هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه ومعنى قوله: "وسوء ذات البين" إنما يعني العداوة والبغضاء، وقوله الحالقة يقول:" إنها تحلق الدين".
و عن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟. قالوا: بلى. قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة"
قال المناوي: "إياكم وسوء ذات البين" أي التسبب في المخاصمة والمشاجرة بين اثنين، أو قبيلتين بحيث يحصل بينهما فرقة أو فساد، فإنها أي: الفعلة أو الخصلة المذكورة، الحالقة أي تحلق الدين. قوله: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة" المراد بهذه المذكورات النوافل دون الفرائض. قال القاري والله أعلم بالمراد: "إذ قد يتصور أن يكون الإصلاح في فساد يتفرع عليه سفك الدماء، ونهب الأموال، وهتك الحرم أفضل من فرائض هذه العبادات، وقيل المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين فرقة والبين من الأضداد الوصل، والفرق وفساد ذات البين الحالقة أي هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستأصل الموس الشعر.قضائها على فرض تركها فهي من حقوق الله التي هي أهون عنده سبحانه من حقوق العباد"
وفي الحديث حث وترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق بين المسلمين. قال تعالى:"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" 
يقول سلمان بن يحي المالكي: لا ريب أن الشقاق والخلاف من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة الَّتي يوغر بها صدور الخلق ، لينفصلوا بعد اتحاد ، ويتنافروا بعد اتفاق ، ويتعادوا بعد أُخوَّة ، وقد اهتمَّ الإسلام بمسألة احتمال وقوع الخلاف بين المؤمنين وأخذها بعين الاعتبار ؛ وذلك لأن المؤمنين بَشَر يخطئون ويصيبون ، ويعسر أن تتَّفق آراؤهم أو تتوحَّد اتجاهاتهم دائماً ، ولهذا عالج الإسلام مسألة الخلاف على اختلاف مستوياتها بدءاً من مرحلة المشاحنة والمجادلة ، ومروراً بالهجر والتباعد ، وانتهاءً بمرحلة الاعتداء والقتال ، والإسلام دين يحث على الصلح ويسعى له وينادي إليه ، وليس ثمة خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين ويقرب فيها بين قلبين ، فبالإصلاح تكون الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة . 

إن الإصلاح عبادة جليلة وخلق جميل يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو خير كله " والصلح خير " [ النساء : 128 ]
الإصلاح عنوان الإيمان "إنما الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ " [ الحجرات : 10 ] 
والذي لا يقبل الصلح ولا يسعى فيه رجل قاسي القلب قد فسد باطنه وخبثت نيته وساء خلقه وغلظت كبده فهو إلى الشر أقرب وعن الخير أبعد . 
والمصلح قلبه من أحسن القلوب وأطهرها ، نفسه تواقة للخير مشتاقة ، يبذل جهده ووقته وماله من أجل الإصلاح هلكت الشعوب والأمم وفسدت البيوت والأسر وتبددت الثروات وانتهكت الحرمات. 
ومن عظيم رحمة الله وعفوه ورحمته أنه يصلح بين المؤمنين يوم القيامة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ؟ فقال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، فقال أحدهما : يا رب خذ لي مظلمتي من أخي ، فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ للطالب : فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء ؟ قال : يا رب فليحمل من أوزاري ، قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال : إن ذاك اليوم يحتاج الناس إلى من يحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك فانظر في الجنان ، فرفع رأسه فقال : يا رب أرى مدائن من ذهب وقصور من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا ؟ أو لأي صديق هذا ؟ أو لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن ، قال : يا رب ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه ، قال : بماذا ؟ قال : بعفوك عن أخيك ، قال : يا رب فإنى قد عفوت عنه ، قال الله عز وجل : فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك " اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله يصلح بين المؤمنين " [ رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ] 

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ " (رواه البخاري)
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا " [ رواه البخاري ] 
فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا " [ الحجرات : 9 ]
" لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاح بَيْنَ النَّاسِ " [النساء :114]

قال تعالى " فمن خاف من موصٍ جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم " [ البقرة : 182 ] 
* قال تعالى " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم " [ البقرة : 224 ] 
* قال تعالى " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما " [ النساء : 114 ] 
* قال تعالى " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير " [ النساء : 128 ] 
* قال تعالى " ... فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما " [ النساء : 129 ] 
* قال تعالى" إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون " [ الحجرات : 10 ] 

" وأًصلحوا ذات بينكم ". ومعنى ذات البين : صاحبة البين ، والبين في كلام العرب يأتي على وجهين متضادين : 
1. الفراق والفرقة ومعناه : إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين بإزالة أسباب الخصام والتسامح والعفو ، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحل عقدة الفرقة . 
2. الوصل ومعناه : ومعناه : إصلاح صاحبة الوصل والتحابب والتآلف بين المسلمين ، وإصلاحها يكون برأب ما تصدع منها وإزالة الفساد الذي دبّ إليها بسبب الخصام والتنازع على أمر من أمور الدنيا " [ الأخلاق الإسلامية للميداني 2/230 ] 

قال تعالى " والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين " [ الأعراف : 170 ] 
قال تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين " 
* " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى ، قال : صلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة " [ رواه أبو داود ] 
* " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار على أن يعقلوا معاقلهم ، وأن يفدوا عانيهم بالمعروف [ العاني الأسير ] والإصلاح بين المسلمين " [ رواه أحمد ] 
" تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا شريك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا " [ رواه مسلم ] 
" ما عمل ابن آدم شيئاً أفضل من الصلاة , وصلاح ذات البين , وخلقِ حسن " ، "كل سلامي من الناس عليه صدقة ، كل يوم يعدل بين الناس صدقة " [ رواه البخاري ] 
قال أنس رضي الله عنه " من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة " 

نحن مأمورون بالصلح بين المتخاصمين حتى ولو بالكذب ورغم أن الكذب حرام فى الإسلام إلا أنه أباح لنا الكذب فى ثلاثة مواضع أحدهم إصلاح ذات البين أى يذهب الشخص المصلح لأحد المتخاصمين فيقول له:فلان يذكرك بالخير ويذهب للطرف الآخر فيقول فلان يذكرك بالخير حتى يصلح بينهما حتى أنه يجوز للرجل أن يكذب على زوجته يقول لهان انه يحبها ليصالحها وتستقيم الحياة بينهما.. عن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بن أبي معيط وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول " لَيْسَ الْكَذابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي [ بدون تشديد بمعنى نقل ما فيه خير وصلاح وبالتشديد الإفساد ] خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا " [ رواه البخاري ] 

قال بن شهاب : ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها " [ رواه البخاري ] 

قال بن القيم رحمه الله " فالصلح الجائز بين المسلمين هو يعتمد فيه رضي الله سبحانه ورضي الخصمين ، فهذا أعدل الصلح وأحقه ، وهو يعتمد العلم والعدل ، فيكون المصلح عالما بالوقائع ، عارفا بالواجب ، قاصدا العدل ، فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم " 
وكما يقول الشاعر:
إن المكـارم كلها لو حصلت ...... رجـعت جمـلتها إلى شـيئين 
تعظيم أمر الله جـل جـلاله ...... والسعي في إصلاح ذات البيـن 
فيا ليتنا ننتبه قبل فوات الأوان ونبدأفى إصلاح ذات بيننا.

ايران... والمعادلات الجديدة في المنطقة/ راسم عبيدات

يجمع  أغلب المحللين السياسيين ورجال الفكر والإعلام،بان ما حصل من توقيع للإتفاق المؤقت بين طهران ودول مجموعة الست الكبرى،هو لحظة انعطاف تاريخي،تضعنا على ابواب تغيرات ذات طابع استراتيجي في المنطقة،وبداية تشكل توازنات وخريطة سياسية جديدة،وكذلك هذا الاتفاق عنى بشكل مباشر اعترافاً  صريحاً من الغرب،بان ايران هي جزء من الحل وليس جزء من الأزمة، فإيران كان مرفوض حضورها لمؤتمر جنيف (2) بشأن الملف السوري،لكونها داعم اساسي للنظام السوري،ولكن الآن ستكون ايران من اول المدعون لجنيف (2) بشأن الملف السوري،وواضح أيضاً بأن هذا الاتفاق وما يترتب عليه من تداعيات وتحالفات جديدة،ليس للعرب أي دور في ترتيباته،فالعرب قوة خارج التأثير والفعل،حتى فيما يتعلق بشؤونهم الداخلية،ودورهم لا يتعدى دور التمويل (البنك)،وليس وفق إرادتهم ومصالحهم،بل وفق ما تمليه عليهم امريكا ودول الغرب الإستعماري،فأغلب،بل جميع مشيخات النفط والغاز والكاز مصادر قرارها السياسي وإرادتها محتلة،ولذلك وجدنا ان واشنطن في إطار مصالحها،لم تتردد بالتضحية بحلفائها من عربان  ومشيخات النفط والكاز،حتى انه لم يجري إعلامها لا بالمفاوضات السرية ولا العلنية بين طهران وواشنطن،مثلما جرى مع اسرائيل،والتي نسقت معها واشنطن وأعلمتها،بأن هناك محادثات سرية مع طهران،عرابها حاكم عمان السلطان قابوس،حتى عندما مارست السعودية حرد الأطفال،بعدم إلقاء كلمتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة والإعتذار عن قبول مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن،لم تعر أمريكا ذلك الإهتمام،لمعرفتها بان السعودية،ليس لها خيار مهما بلغت درجة حردها سوى العودة للحضن الأمريكي.

الإتفاق بما توفر من معلومات عنه،وإن كان قد اخذ صفة المؤقت،ولكنه يعد انتصاراً للإرادة الإيرانية،ولثبات قيادتها وإصرارها على موقفها،بان لها الحق في إمتلاك التكنولوجيا النووية،وهذه مسألة ليس فقط اقتصادية،بل مسالة متعلقة بالكرامة والسيادة الوطنية،والغرب والأمريكان رفضوا بشدة إمتلاك ايران للتكنولوجيا النووية،حتى للأغراض السلمية،وفرضوا عليها سلسلة من العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية،خارج اطار مجلس الأمن الدولي،وراهنوا بان تلك العقوبات قد تؤدي الى ثورة او انتفاضة ضد النظام القائم في ايران،ولكن تلك الرهانات فشلت،ناهيك عن ان الغرب جند المحيطين العربي والإقليمي ضد ايران،ولعبت مصر في عهد مبارك وعربان النفط والكاز دوراً بارزاً في التحريض على ايران،بإعتبارها عدوة العرب الأولي وبأن لها مصالح واطماع في المنطقة العربية،وكذلك جرى حرف الصراع عن أساسه وجذوره من صراع عربي- صهيوني الى صراع عربي- فارسي،وأيضاً تجندت القيادات العربية والمرجعيات الدينية من أجل  نقل الفتنة المذهبية (سني- شيعي) من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي.

ثمة حقائق نجمت عن هذا الإتفاق،وبرزت بشكل واضح فإنه رغم عويل وبكاء وتهديدات اسرائيل والسعودية اللتان التقت مصالحهما ضد هذا الاتفاق،فإن امريكا في سبيل مصالحها العامة،لم تستجب لهم،بل قالت لهم بان عربدتهم وزرعنتهم وتهديداتهم ومحاولة توتير الأوضاع،والتهديد بالعمل العسكري،لن تكون أكثر من فقاعات،فالإتفاق سيجري التوقيع عليه.

وكذلك هذا الإتفاق مؤشر على أن الدبلوماسية الروسية،قد سجلت نجاحات في معالجات ملفات المنطقة،وهي عائدة الى المسرح الدولي بقوة،وستكون أحد الأقطاب الرئيسة في عالم متعدد القطبية،مستقبلاً قد تتسيد وتتزعم قراره،فامريكا تتعمق ازمتها الإقتصادية،وأخفقت بشكل ذريع في سياستها الخارجية،نتيجة للحروب التي شنتها،ولم تنجح في كسر الحلقة السورية- الإيرانية،بل التطورات عززت من قوة هذا التحالف لتنضم له العراق ،ناهيك عن ان حزب الله اللبناني طرف أساسي فيه.

هذا الإتفاق يقول بشكل واضح بأننا في منطقة الشرق الأوسط،سنكون أمام شرق اوسط جديد،ولكن ليس الشرق الأوسط الذي بشرت به وزير الخارجية الأمريكي أنذاك كوندليزا رايس،أثناء الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل بالوكالة عن أمريكا في تموز/2006 على حزب الله،شرق اوسط تحت الهيمنة والسيادة الأمريكية،عصاه الغليظة اسرائيل،بل هذا الشرق الأوسط الجديد،ايران به قوة إقليمية،معترف بنفوذها ومصالحها في المنطقة وفي الخليج العربي،فعربان الخليج تخشى الدور الإيراني،اكثر من خشيتها لقنبلة ايران النووية،وهذا الشرق الأوسط سيجمد مشروع سايكس- بيكو الجديد والفوضى الخلاقة،اللذان هدفت امريكا لتعميمها على المنطقة العربية،من أجل إحتجاز تطورها والإستمرار في نهب خيراتها وثرواتها لمئة عام أخرى على الأقل،بل شرق اوسط لروسيا وايران وسوريا دور بارز في رسم معالمه.

وهذا الإتفاق والتطورات والتداعيات الناشئة عنه،سيكون لها تاثيرات مباشرة وغير مباشرة على القضية الفلسطينية،وعلى القيادة الفلسطينية أن تستفيد من تلك التطورات والتغيرات،وتحسن قراءتها لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة،والتوقف عن المفاوضات العبثية والعقيمة المستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً،والتي  إستغلها ويستغلها الإحتلال الصهيوني من اجل فرض حقائق ووقائع جديدة،ونحن الان امام فرصة تاريخية لتحرير ملف المفاوضات من الرعاية المنفردة للولايات المتحدة،والتي ترى الأمور فقط بعيون اسرائيلية،وتمارس ضغوطها على الطرف الفلسطيني في الإستجابة للشروط والإملاءات الإسرائيلية.

علينا الإستفادة من هذه التطورات والمتغيرات،لنقل ملف القضية الى هيئة الأمم المتحدة من أجل تطبيق قرارتها بشأن القضية الفلسطينية،بدل الدوران في الحلقة المفرغة في مفاوضات عبثية لا طائلة منها.

مجلة "الشرق" الفصلية تحتفي بالكاتب مفيد صيداوي/ شاكر فريد حسن

 خصصت مجلة الشرق الأدبية الثقافية الفصلية ، التي تصدر في شفاعمرو ، عددها الثالث ( المجلد 43 ، تموز - ايلول 2013 ) لتكريم الكاتب مفيد ابراهيم صيداوي ، واحتفاءً بذكرى ميلاده الثالثة والستين ، وبمرور ثلاثة وأربعين عاماً لصدور مجلة الاصلاح ، وذلك تقديراً وعرفاناً لجهوده ومساهماته الجمة في رفع مستوى الثقافة والتوعية بين بني قومه ، من خلال نشاطاته في مختلف المجالات السياسية – كما يقول رئيس تحرير المجلة جورج جريس فرح .
يضم العدد بين دفتيه تحيات وكلمات وصور شخصية وشهادات تقديرية عن المحتفى به مفيد صيداوي ، كاتباً ومربياً ومثقفاً وانساناً، يتصف بدماثة الخلق ، والعطاء الثر ، والالتزام الوطني ، والدفاع عن قضايا شعبه الوطنية والطبقية والثورية العادلة . بالاضافة الى سيرته ونبذة عن حياته ونشاطاته ومؤلفاته ومساهماته الادبية والثقافية والنضالية ، ونماذج ونفحات من كتاباته في مختلف ضروب الكتابة والابداع الملتزم المتحيز للشعب وهمومه وقضاياه .
في مستهل العدد يكتب الأديب والقاص د. محمود عباسي ، صاحب ومؤسس مجلة "الشرق" تحية تقدير وعرفان للصيداوي ، ومما جاء فيها : " يسعدني ويطيب لي أن أكرس بكل وحبة واعتزاز وحبور ، هذا العدد الثالث من المجلد الثالث والأربعين لمجلة الشرق ، للصديق ولرفيق الدرب الوفي المعطاء ، الكاتب ، الشاعر ، والمربي الأصيل مفيد صيداوي ، توثيقاً وتكريماً له بمناسبة ميلاده الثالث والستين ، والاحتفاء بالذكرى الثالثة والأربعين لمجلته العامرة "الاصلاح" .ويضيف : " الصديق مفيد ابراهيم صيداوي (أبو ابراهيم ) مثالي في عصاميته ومروءته واصالته وعراقته ودماثة خلقه ، كادح ، متفانٍ في حب شعبه ، وطني ، اشتراكي ، متطوع ومعطاء ، يضحي بالغالي والنفيس من أجل رفع شأن حركتنا الأدبية والثقافية ، ومن اجل حقوق شعبنا وكرامتهم ، ومن أجل المساواة والعدل والتعامل الانساني .
وينهي كلمته قائلاً : " كنت يا اخي وصديقي مفيد صيداوي – أبو ابراهيم – ولا تزال النبراس المتقد برجاحة العقل وسداد الرأي ، كنت بمآثرك ومناقبك ومواقفك المشرفة قيادياً وريادياً في الوفاء والمحبة والحيوية والانتماء ، فلك خالص الاماني ومزيداً من العطاء والابداع المشرف ، حفظك اللـه وأبقاك ذخراً وسنداً لأسرتك ومجتمعك وشعبك ".
وقد ساهم في الكتابة لهذا العدد التكريمي الخاص النائب عفو اغبارية ، النائب محمد بركة ، النائب د. حنا سويد ، الكاتبة انتصار عابد ، الشاعر الناقد د. منير توما، الناقد بطرس دلة ، الطالبة آلاء سلامة ، الكاتب والناشط السياسي غالب سيف ، الكاتبة فتحية خورشيد طبري ، الأديب فتحي فوراني ، الشاعر رشدي الماضي ، القاص مصطفى مرار ، الشاعر حسين مهنا ، المربي نمر نجار ، الكاتب نمر نمر ، الشاعر ا. د فاروق مواسي ، الأستاذ عبد الرحيم الشيخ يوسف ، الصحفي جاد اللـه صالح ، حيث أشادوا جميعاً بالمكرّم مفيد صيداوي ، المربي والمناضل والمعطاء ، الملتزم حتى النخاع بقضايا شعبنا، شعلة العطاء الثقافي والسياسي والتقدمي ، زارع حقول الالغام ، المداوي للجراح ، الذي يستحق التكريم والتقدير .
هذا واشتمل العدد كذلك على ملف خاص في ذكرى طيب الذكر اللغوي والباحث والشاعر الملهم الدكتور جمال اسكندر قعوار ، الذي اختطفته يد المنون في أواخ شهر حزيران الماضي .

ايران والدول الكبرى: اتفاقية تاريخية ام خطأ تاريخي/ ابراهبم الشيخ

بعد سنوات طويلة من المحادثات والجهود المظنية بين الدول الغربية وايران، وبعد التهديدات المتبادلة، توصلت هذه الدول الى تفاهم مرحلي لمدة ستة اشهر، ومن الممكن القول ان العالم تنفس الصعداء لما لهذا الاتفاق من اهمية على حفظ الامن في العالم، وخاصة على منطقة الشرق الاوسط التي تشهد صراعات وخلافات متعددة بين دولها. 
فالتوصل الى اتفاق بين ايران والدول الكبرى من الممكن ان يفتح المجال لمناقشة وحل بعض القضايا ومن اهمها الأزمة السورية التي بدون شك لها تأثيرات على الدول المجاورة  وخاصة لبنان والعراق، ولكن من ناحية اخرى ان هناك دول تشعر بعدم الارتياح من هذه الاتفاقية وخاصة اسرائيل، ومن الممكن ان تشعر بعض الدول العربية بالامتعاض من هذه الاتفاقية التي لم يكن لهذه الدول اي دور في صياغتها ودون اخذ مصالحها بعين الاعتبار.
اسرائيل  كانت من أول الدول التي اعلنت عن موقفها حول هذا الاتفاق  الذي من الممكن نسميته تاريخي بالنسبة للعالم الذي يسعى الى منع الحروب والقتل، ولكن لاسرائيل موقف مغاير وترى في الاتفاق خطأ تاريخي بالرغم من ان هذه الاتفاقية تنص على عدم مقدرة ايران زيادة التخصيب عن خمسة بالمائة، اي لن يكون بمقدورها صناعة اي اسلحة نووية. ولكن بالرغم من ذلك ارادت اسرائيل من الدول الغربية الضغط على ايران اكثر، وحاولت منع التوصل إلى أي اتفاق، وذلك للحفاظ على مصالحها، وان اسرائيل بجانب الدعاية التي تستخدمها بإثارة الرعب من خطر السلاح  النووي الايراني الغير مؤكد، فهي تخاف من التقارب الذي من الممكن أن يحصل مع الدول الغربية مما يؤدي الى تهميش دورها في المنطقة لصالح ايران.
ان ردود الفعل الاسرائيلية مبالغ فيها، وعملت دولة الاحتلال الاسرائيلي دائما على أخذ مصالحها الامنية بعين الاعتبار دون غيرها، وهي لذلك اعلنت ان هذه الاتفاقية لا تلزمها بشيء وما زالت ترى بايران دولة تهدد مصالحها وامنها،  وعلى ما يبدو ان اسرائيل أرادت ان تكون الدول الغربية اداة لتحقيق مصالحها دون النظر لما يريده العالم ويراه جيدا لمصالح الدول الاخرى، حتى ان اسرائيل التي اعلنت غير مرة على لسان مسؤوليها ان هناك مشاركة في المواقف مع بعض الدول الخليجية حيال ايران، تنسى انها تملك اكبر ترسانة نووية في المنطقة وتهدد المنطقة برمتها.
المطلوب من الدول العربية دراسة الاتفاقية ومعرفة ما تحمله من ايجابيات على المنطقة، وعدم التماهي مع الموقف الاسرائيلي الذي يحاول ابتزاز بعض الدول العربية لما لها من عداء تجاه ايران، فإيران لها مصالحها في المنطقة وأيضا الدول الغربية، ناهيك عن المصالح الاسرائيلية التي تحاول القفز عن الحقائق وتحاول غسل الدماغ العربي لينسى ان اسرائيل تشكل خطرا على المصالح العربية وهي العدو الأول للعرب، وتشكل الخطر الاكبر من خلال افعالها التعسفية واحتلالها المقدسات والاراضي العربية وعدم ارجاعها الى اصحابها. 
ان الدول الغربية وخاصة امريكا ستحاول طمأنة اسرائيل من ان هذه الاتفاقية ستكون من مصلحة الجميع، ولن يكون لها اي تأثير سلبي على اسرائيل التي تحاول ايضا ابتزاز الدول الغربية من اجل عدم تهميشها واخذ مصالحها بعين الاعتبار، وستحاول اسرائيل المناورة والتلويح باستعمال القوة تكتيكيا ضد ايران من اجل زيادة الضغوط الغربية على ايران وتحقيق اقصى ما يمكن تحقيقه لمصالحها. 
اسرائيل ستحاول الضغط على الدول الغربية من اجل ان تعمل ايران على ردع حزبالله وعدم دعمه بالاسلحة، لان اي اتفاق لا يتطرق الى هذه المسائل لا يرضي اسرائيل وتريد حل كل المسائل من خلال صفقة واحدة، والا ستعمد اسرائيل الى خلط الاوراق وافتعال المناوشات ان على صعيد شن هجوم على غزة أو افتعال حرب في الجنوب اللبناني لاسقاط ورقة حزب الله من يد ايران، لأن اسرائيل لا تقدر على معايشة خطر يتهددها وخاصة على حدودها.

العبقري ما بين إنسانيته بالقوة وقوة إنسانيته!/ كريم مرزة الأسدي

الحلقة الأولى 

يقول الشاعر : 
أرى درّراً تُصانُ على إناسٍ *** وأخلاقاً تُداسُ ولا تصانُ
يقولون :الزمانُ به فسادٌ ***وهم فسدوا وما فسدَ الزمان
العبقري لظروف موضوعية أو ذاتية قد يفرض نفسه على عصره ، أو قد يكبو ويخفت فتبقى آثاره وإبداعه ونتائج  تجاربه ليبرزها عصرٌ آخر ، وقد يفضله على الكثيرين من عباقرة  أبناء عصره ، على كلّ حال : إنّ أبطال الساعة عظمتهم نسبية ، وسرّ نجاحهم صفة فيهم كان العصر في حاجة ماسة إليها ، وبعض الساسة والمفكرين الذين نجحوا في عصر من عصور التاريخ لتوفر صفة فيهم لازمة للعصر ، لم يكن من الميسور نجاحهم في عصر آخر ليس في حاجة لتوفر تلك الصفة  ، بل قد تكون الصفة التي تكفلت بنجاحهم في إحدى العصور علّة  لإخفاقهم في عصور أخرى ، وإن الأيام الأخرى تستلزم صفات أخرى ،ولكلّ عظيم شيعته وأتباعه من عصره أو العصور التالية ممن يتبعون فكره أو فنه ، أو تجاربه ...يعينونه على تبليغ رسالته الإنسانية الخالدة  الخفية البواعث ، وربما العبقري نفسه لا  يعرف أسبابها ، ولا يدري بنتائجها ، والدنيا لم تعطِ أحداً ، كيف ستكون معه ، ولا مع غيره ، يجري ... يجري ، والأقدار ترصده ، وتتربص به ، لتصيبه ذات يوم ، وكما يقول الإمام الشافعي :
مشيناها خطىً كُتبت علينا *** ومن كتبت عليه خطىً مشاها 
ومَن كانت منيتهُ بأرضٍ *** فليس يموت في أرضٍ سواهــا
ولما ابن رومينا العبقري الذي خُلد بعد  عصره ، رغم أنف معاصريه كالبحتري وابن المعتز والزجاجي وابن فراس اللغوي ، والقاسم بن عبيد الله الذي سمه بخشتنانة ، دسّها إليه هذا اللغوي اللغوي !! ، يقول ابن الرومي البغدادي :
وإذا أتاك من الأمور مقدرٌ *** وهربت منه ، فنحوه تتوجهُ
إذن لماذا الهروب ، إذا كانت الدنيا تفرض عليك ما تريد هي ، لا ما تريد أنت من حيث الأمور الخفية المشكوك بأمرها،لا المظنون بأرجحية نتائجها المحسوبة، من هنا أرى أن العبقري يجب أن يفرض نفسه بالقوة الحاسمة دون تردد أو خوف أو وجل،وكما يقول المتنبي : 
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ *** وتأتي على قدر الكرام المكارمُ 
ويعجبني هذا البيت الجواهري 
تقحم لُعنت أزيز الرصاص ***وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَمُ
بسيط أمر توظيف البيت لصالح موضوعنا ، فاجعله ( تقحمْ لُعنتَ صراخ الأنام..) ، تقحم ولا تبالي ،عندما ترى زمناً عاهراً بحكّامه  ، وكن معهم إنساناً بالقوة ، إن كانوا لا يستحون من قوة إنسانيتك  ، نعم  الإنسان اجتماعي بطبعه ، لا يمكن أن يكفي نفسه بنفسه  ، فالمجتمع متكامل ، وهو كائن عضوي يمتلك قوة عفوية خالقة ، ومبدعه   كما يقول أرسطو ، ويعني مجتمع  ناسه ، وشعبه ،  لا حكّامه ، إن ظلموا وجاروا ، وتبختروا ، وباعوا ضمائرهم ، وأمتهم ، ووطنيتهم ، وسعوا لتقسيم الأمة والوطن قهراً ومصلحة ،  وبالتالي قتل المجتمع ، وغدره من وراء حجاب ، فذلكة الأقوال ، عندما يكون الحاكم إنساناً بالقوة ، يجب أن يجابهه العبقري ، ويكون عبقرياً بالقوة ، وهذه النقطة تذكرني بنابليون بونابرت ، وشاعر الألمان العظيم غوته ، ففي أحد المحافل الذي جمع البطل والعبقري ، دخل الأخير متأخراً - ربما لغاية في نفس يعقوب -  وأخذ مكانه آخر مفعد قاعة  المحفل ، ووقف  الجمع كلّه ، بمن فيهم نابليون ورجاله الأشداء ، فقال نابليون القائد الضرورة !! : سيدي الشاعر العظيم ، تفضل بقربي للتتصدر المجلس ، فأجابه ، غوته العظيم ، أنّى يجلس غوته ، هو صدر المجلس ، وكان الرجلان على خلاف بسبب احتلال فرنسا للأراضي الألمانية ، لا تواضع ى، ولا ضعف ، عندما يكون الزمن بحكامه الأغبياء  ، لا يعرف ، ولا يفقه لغة التواضع ، واحترام العبقرية الإنسانية والوطنية !! فعلى الرجال العظماء أن يقحموا زمانهم بالقوة إضافة إلى قوة عبقريتهم وعظمتهم ، ومن هنا تتولد لحظات الحسم والتطور الخلاق في حياة الأمم !! 
والحق إن الطبيعة ، لا ترسل رجلاً عظيماً إلى هذا الكوكب دون أن تفضي بهذا السر إلى روح أخرى ، وهذه تختلف عن وجهة نظر نقاد التاريخ الماركسيين الذين ينقصون من قيمة العامل الشخصي ، أو النزعة البطولية في الحركة التاريخية ، لأن الدوافع الاقتصادية ، والعوامل المادية لها في رأيهم المكان الأول في سيرالتاريخ ،وتطوره ، و أحداثه ، وانقلاباته ، كما يقول الفيلسوف الأمريكي  والف والدو إمرسن  ( 1803 - 1882) في ( ممثلو الإنسانية) .
من وجهة نظرنا أن أحداث التاريخ في لحظاته الحاسمة ،  أعقد من أن تنطبق عليه ، وجهة نظر واحدة ، وكما يقول عبقرينا الخالد ، أبو العلاء المعري :
سألتموني فأعيتني إجابتكم *** من ادّعى أنّه دارٍ ، فقد كذبا 
أنا أرى الله جلياً وراء أحداث التاريخ ، ليس بسبب وراثتي ، وبيئتي ، وإنما نزولاً واحتراما لقناعاتي التامة بعد دراسة عميقة، وتدريس   ، واستلهام مدرسة الحياة ، ، والحياة أوسع مما في عقولنا ، وذكرت ذلك في مقطوعة شعر من قصيدة رثائية مطولة :
أرى الحياة َ كسرٍّ، لطفُ بارئها
أعيى العقول َ، بما تحويه ينكتمُ

إنّ التـــــوازن َ- جلّ اللهُ مقدرة - ً
من الخليـة ِ حتى الكون منتظمُ

سبحان منْ أبدع التكوينَ في نسق ٍ
لاينبغي أنْ تحيدَ الشمسُ والنجمُ

وتارة ً قد نرى في طيشها عجباً
لا العـــــــدلُ بين ثناياها ولا القيمُ

تــــــأتي المنية ُللصبيان ِتغصبهمْ
روحَ الحياة، ويُعفى العاجزُ الهرِمُ

أنّى ذهبـــــــتَ لتسعى في مناكبها
هـــــــــــي المظالم ُ مَلهومٌ ومُلتهِمُ

فالضرغمُ السبعُ عدّ الأرض ساحتهُ
والكلبُ مــــا نالّ من عظم ٍ وينهزمُ

والغيثُ يهطلُ فوق البحر من عجز ٍ 
ولا تدرُّعلــــــــــــــــــى تربائها الديمُ

دع ِ المقـاديرَ تجري فـــــي أعنّتها""
لا العلم ُ يدركُ مغزاها ولا الفهِــــــــــمُ

 الزمن يسير كاللمح البارق لتحديد مصير شعوب وأمم ، والدنيا تؤخذ غلابا ،  وأرى ثلّة من هذا الناس  ، بل من هذا الوطن الجريح المظلوم ، الغاط  في سبات عميق ، لا يدري بما يّحاك ضده ، ومستقبل أجياله - لصغر عقولهم ، وعمى بصيرتهم ، ومنهم لحقارة نفوسهم ، وضآلة عمالتهم ، وتعددية مصالحهم النتنة كنفوسهم ، ويشهد الله لم أقل قولي جزافاً  -  يحاربون  الفكر الوطني الحر الشريف ، والعبقرية الوطنية الإنسانية ، ويضعون العراقيل والخزعبلات  أمامها  ، وهم في غيّهم سارحون ،ولذاتهم الدنيئة  الرخيصة ناهمون كالحيوانات التي لا تفقه أمسها ولا غدها  ( اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ..!!) ، بل  وبقيدهم يتعثرون ، وبأوامر غيرهم يسيرون ، ويسيّرون ،ولا يؤمنون أن أي جماعة  - أو فرد - لا يمكنها أن تدّعي أنّ الدنيا أعطتها صكاً على بياض تضمن فيه مصلحة أوطانها  - ناهيك عن أوطان غيرهم - ، أوالإنسانية بشموليتها ، ونكرر بما استشهد به الإمام علي (ع) :
أمرتهمُ أمري بمنعرج اللوى *** فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ
ولله الأمر من قبل ومن بعد ، ونكرر مع لبيد :
 ألا كل شيء ما خلا الله باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل
شكراً إلى اللقاء في الحلقة الثانية ، وكلّ آت قريب !!

الفيلم المسيء للإسلام/ فاطمة ناعوت

الوطن
هل شاهدتم الفيلم المسيء للإسلام؟ شاهده العالمُ أجمع، واستاء منه العالمون، إلا النكرات من أعداء الحق والخير والجمال. استنكره المسيحيون والبوذيون والهندوس والطاويون والزرادشتيون واللادينيون والملحدون، تمامًا مثلما غضب منه المسلمون الحقيقيون. ورحّب به الإرهابيون تجارُ الدين سارقو الفرح من العيون. وكيف يستاءون وهم صنّاعُ الفيلم ومنتجوه ومُخرجوه وممثلوه وكومبارسه وكُتّاب سيناريوه وقابضو ريعه! 
صُناع الفيلم ليسوا مجموعة من الطائشين في الدنمارك أو أمريكا. أصحابنا الدنماركيون والأمريكان سُذّج أغرارٌ صنعوا أفلامًا هلاميةً عبيطة قصدوا بها محاربة الإسلام، فإذا بهم ينصرونه بل تسببوا في دخول الكثيرين من غير المسلمين في الإسلام. كان هذا بسبب سذاجة المحتوى وزيف الأداء ورداءة التمثيل وضعف الإنتاج الفالصو. على أن الفيلم الجديد الذي يُعرضُ الآن على أرض المحروسة، تسبب في خروج المسلمين من الإسلام زرافاتِ ووحدانا. السبب: لأن الَمشاهدَ واقعيةٌ، والممثلين حقيقيون، وتكلفة الفيلم محترمة والمنتجين من الحيتان المترهلة والغيلان السمينة، والثيران المتضخمة ثرواتهم.
الرصاصُ الذي ينطلق في وجوه الأبرياء: رصاصٌ حقيقيّ؛ وليس "فشنك" صوت كما في الأفلام العادية. دماءُ الضحايا: حقيقية من صنع الله؛ وليست صبغةً حمراءَ في كيس نايلون يُخرم بدبوس. دموعُ الأمهات الثكالى، والزوجات الأرامل، والأطفال اليتامى: حقيقيةٌ حارقةٌ تصهرُ الأكباد وتصدّع الأفئدة؛ وليست قطراتٍ ساذجةً من الجلسرين تلمعُ فوق الوجوه. دموعٌ كاويةٌ نازفةٌ داميةٌ، كالتي شاهدناها تطفرُ من عيني والدة الضابط الشريف "محمد مبروك"، الذي اخترقت جسدَه أربعُ عشرة رصاصةً حيّة. الكنائسُ والمساجدُ والمنشآتُ والمؤسساتُ التي تُهدَم وتُفجّرُ في كل مشهد: ليست ديكورًا قشريًّا وماكيتات زائفة كما في هوليود ومدن الإنتاج السينمائي؛ إنما هي مبانٍ حقيقية تُهدَّم على رؤوس مَن فيها. والجثاميُن التي تُنتَزعُ من تحت الأطلال، والأشلاءُ التي تتطاير أمام العدسات: حقيقيةٌ من لحم ودم وأحلام موؤدة وغدٍ لن يأتي، وليست دُمَى قشٍّ، وعرائسَ من البلاستيك! 
مدة الفيلم: أطول فيلم في التاريخ. ليس ساعتين أو ثلاثًا، بل استغرق وقت العرض خمسةً وثمانين عامًا. لوكيشن المناظر: أرضُ مصرَ، وإحدى وسبعون دولة أخرى. المؤلف: إبليس. الإخراج: مشترك؛ البنّا، الهضيبي الأب، التلمساني، أبو النصر، مشهور، الهضيبي الابن، عاكف، بديع. مساعدو المخرجين: مرسي، العريان، الشاطر، البلتاجي، علاء صادق، أم أيمن، الظواهري، وجدي غنيم، أبو إسلام، القاعدة، طالبان، وآخرون. الإنتاج: ضخم، مجهول المصدر. لوجو شركة الإنتاج: سيفان متقاطعان مثل مقصّ سفاح يحيط بكتاب القرآن الكريم يحاول أن يشطره نصفين. الممثلون: مجموعة من العواطلية والمرتزقة. الكومبارس: مجاميع من الخاملين المقاطيع لهم تسعيرة معروفة يُؤمرون فيطيعون. مهندس الإضاءة: لا يوجد؛ الفيلم تم تصويره في الإظلام التام بمخابئ سرية تحت الأرض. مهندس الصوت: لا يوجد؛ الأصواتُ طبيعيةٌ يؤديها الضحايا بأنّات نبيلة خافتة قبل صمت الاحتضار، وصرخاتُ ذويهم تظلّ تدوّي في فضاء الكون إلى الأبد. مدير التصوير: كلُّ كاميرات الدنيا وشاشات الفضائيات وعيون البشر. فكرة الفيلم: استخدام اسم الله من أجل سرقة الأوطان. مضمون الفيلم: تقديم صورة شائهة للخالق، وزرع الفتن والضغائن بين البشر، وتكريس قيم الفساد والانتهازية والدموية والطمع والكذب. تقييم النقاد والجمهور: رديء جدًّا فنيَّا، مُسِفٌّ وهابطٌ أخلاقيًا، وإن كان الإنتاجُ هائلا، والتكلفةُ باهظةً. 
وكعادة الأفلام المتواضعة فنيًّا، تتعقد الدراما، وتتأزم العقدةُ، وتتكدّسُ الأحداثُ قرب انتهاء الفيلم؛ فيزداد القتل والترويع والبشاعة مع تتكاثف خيوط الحبكة الدرامية لتشكّل غيمةً سوداء يأتي بعدها الفرج بإذن الله حين ينتهي الفيلم الركيك. وبالفعل، أوشك الفيلمُ على كتابة كلمة: "النهاية" قريبًا، لينزل التترُ بأسماء الممثلين والكومبارس وهم واقفون خلف القضبان. أما لوكيشن مشهد النهاية، فسوف يكون هو ذاته كما في بداية الفيلم، قبل ٨٥ عامًا، على أرض "أم الصابرين"، مصر.

دمعة رثاء يذرفها الشاعر مروان كسّاب في الحفل التأبيني للفنان الراحل وديع الصافي

بدعوة من  مؤسسة "إنماء الشعر العامي العربي في اوستراليا والوطن العربي 
سيدني- استراليا، في 10-11- 2013

بموتك جرحت الفن واللحن انظلم        والشعر عاغيابك بينوح من الألم
والطرب صفّى بعد منك يتيم             وآخ العتابا غصّ عا شفاف القلم
الله عطاك بنعمتو الصوت الرخيم        ولبنان منك صك فردوسو استلم
ومن كتر ما شأنك عاموطنا عظيم      وبهالمواهب كنت نار على علم
سعادة القنصل قرّر المحفل يقيم      وعاغيابك نكّس بايدو العلم

انبح الوتر والعود طق من الصقيع      وصوت الإذاعة ما بقا قادر يذيع
ولبنان والارز وجبالو تنهدّو              ونام الصدى عامخدة الصوت البديع
ومنجيرة الألحان زنّرها الحدو       غاب راعيها وشرّد معها القطيع
الكانو على صوتو الجميع يعيّدو        مات وبموتو اسودت عياد الجميع
مات البأنغامو العذارى تمجّدو          وبلون حنجرتو انرسم لون الربيع
مات العا طلعاتو الهموم تبدّدو       وتبلسم بترتيلتو الجرح الوجيع
مات القدر لبنان كلو يجسّدو             وغنى جمالو وما قبل حقو يضيع
مات اللي صوتو عالمدى بيخلدو      اسطوانة سحر بالكون الوسيع
مات اللي كل مطرب قصد يتقلدو      بتقليد صوتو نال المقام الرفيع
والبلابل اللي معودين يغردو           وعليهم الالحان دلّو بالصبيع
سمعتهم عم يندبو ويرددو                     يحرم علينا الصوت بعدك يا وديع

كروم الدوالي الدمعّو عناقيدها             لولاك يا صافي ماطاب نبيدها
ولبنان يا قطعة سما في كل آن             القلوب صرختلك دخيلك عيدها
وطرزت للأرزات طرحة عنفوان         ومن صوتك الأخضر خضار تزيدها
وضياعنا الغنيتها بصوتك كمان        صارت عاألحانك تعيّد عيدها
وهاك الجبال السمر خليّت الزمان       لشموخها يركع ويبوّس إيدها
وقلعة بعلبك قبل ما التاريخ كان     ختير الدهر بفيّة تجاعيدها
 وكنت لما تقيم فيها المهرجان         يسكرو عاصوتك عواميدها
واليوم عم تنسكب دموع الأرجوان     وموج البحر عم يغرق بتنهيدها

برثيك من احساس نازف بالدما            وبحزن عم يشرب من دموع الظما
مش عيلتك بس البحالي محزني       لبنان كلّو انصاب وانهز الحما
يا غبن صوتك للنهايي ينحني            الحوّل صخور الصم للجوري حما
وأوتارك المن عند الله مدوزني           خلّت العميان تتحدى العمى
يا جوهر ومقلع داري متمني            الإبداع حدك حط راسو وارتمى
ولو صارت سنينك عتيقة ومزمني          عتق الخمر بالأوليي بينسما
انت اللي رتلت الصلاة المؤمني               صلاة الأبانا العم بتوميلك وما
بترحم عليك وخلودك بالغني              منك بحاجي للشفاعة طالما
من السما نازل بصوتك عالدني        ومن الدني طالع بصوتك عالسما

يا بنتي/ طوني حنّا النسر


مـــــرّه كنت ببلاد مهجوره 
عالحبّ والتحنان منــــدورَه 
والبيت فيها مهرهــر أْساسو 
والستّ ستّ البيت مقهـوره. 
**** 
قرّبت صوبا وقلت: لا تْخافي 
وحاكيتها بالمنطق الدافــــــي 
راجــــــع أساس البيت يتعمّر 
وبرفع حجار البيت عا كتافي. 
شفت بمنامــــــــي بيتها تعمّر 
وقالت إلي يعطيك العْوافــــي 
يا نسر، ابــــن شمالنا الأسمر 
يا متل بيِّي الما قدرتْ كافي. 
قلتلّها خلّي الــــفـــــــرح يكبَر 
ولا تشربي الأحزان عالصافي 
تخمين بيِّك راح تـــــــــا يسكر 
والإمّ صـــــارت بنتها تْجافي.  
خلّي الزمان الكان يتمرمَــــــر 
يحلا كأنـــــُّـــــو قطعــة كْنافِه 
لولا بعدتْ رح ضلّني إظهـــر 
وإسمِك بيبقى نـــار عا شْفافي. 
بالفايس بــوك رسْمي عالمْكبّر 
بيكون عندِك مرهـــــم الشافي 
منحكي سوا، وضحكاتنا بتكتر 
وبتعرفي إنِّي قــــــــريب كتير 
مهما بعيده تكون المسافِــــــه.

ضعف استراتجية التكوين في اليوم العالمي للفلسفة/ زهير الخويلدي


"الفلسفة ليست نظرية من النظريات بل هي فاعلية، ولذا يتكون العمل الفلسفي أساسا من توضيحات... فالفلسفة يجب أن تعمل على توضيح وتحديد الأفكار بكل دقة".       
 لدفينغ فنغنشتاين – رسالة منطقية فلسفية
يحتفل العالم في كل يوم 15 نوفمبر من كل عام بالفلسفة والنظرية الفلسفية والفاعل الفلسفي وتجربة التفلسف والحقيقة الفلسفية والفلسفة العامة وتاريخ الفلسفة والمنهج الفلسفي والقيم الفلسفية والكتاب الفلسفي والمقهى الفلسفي والنادي الفلسفي والجمعية الفلسفية والجامعة الفلسفية. ولكن كل هذه التوصيفات على أهميتها لم تعد تعنى شيئا في الاتجاهين: اذ لا تعنى الفلسفة سوى تجربة صعبة وشاقة وتحتل مكانا لها في المكتبة ويمكن أن تكون مادة للتسلية وإضاعة بعض الوقت بالنسبة الى الاتجاه الأول الذي يمثله البعض من عالم الثقافة والنخبة والطبقات الراقية والبنية الفوقية والمجموعات الحاكمة والمالكة للثروة والمحددة للذوق. أما الاتجاه الثاني فهم الطبقات الشعبية من عامة الناس والبسطاء فقدت الفلسفة بالنسبة اليهم المعنى وأضحت من الأمور التي لا يمكن الوصول اليه مثل العديد من الحاجيات التي لا يقدرون على شرائها لغلاء قيمتها المادية وبالتالي فهم يشعرون بالشفقة على الذين يشتغلون بها وذلك لحالة الافلاس الذين يعيشون فيه وعزوفهم عن العمل وتفويت جهودهم في التفكير والتأمل النظري والابتعاد عن الواقع والتفوه بكلمات غير مفهومة وغير نافعة وبناء قصور من الأفكار المجردة والأنساق المغلقة والفارغة. لقد تزايد النزعة المعادية للفلسفة والتفكير النقدي الحر وخاصة البروباغاندا والديماغوجيا وقنع الناس بالمعتقدات والآراء والأوهام واعتبروها حقائق يقينية وأفكار ملائمة للتكيف مع المحيط واستمرارية الحياة اليومية وعزفوا عن طلب الجواهر الأشياء وعلل الوجود وأسس المعرفة وقيمة القيم وأصول الكائنات ولقد أمنت لهم العلوم والتقنيات وخبراء التسويق ووسائل الاتصال كل ما يحتاجونه في حياتهم اليومية وبات الكتاب والمطالعة والتساؤل مجرد مضيعة للوقت.
الغريب أن اليونسكو شخصت الأزمة في ضعف عملية التكوين في مجال تعلم الفلسفة لدى المدرسين وبالتالي ضعف الكفاءة العلمية والبيداغوجية للمدربين على الحكمة وحكموا بأن تراجع دور الفلسفة في المجتمعات هي ضعف المردودية التي تقوم بها في المنظومة التربوية وغياب الوسائل البيداغوجية الناجعة وتزايد نسب الهدر والعزوف عن الدرس الفلسفي وبالتالي للارتقاء بالفلسفة ينبغي وضع استراتيجية جدية في التكوين وبعد ذلك ستتحسن الأحوال في المدارس ويقبل الناس على تعلم الفلسفة ويعود الشغف لدى العامة بالمفاهيم ويتكاثر من جديد محبي الحكمة وأصدقاء المفهوم ويعود للنظرية الفلسفية برقيها الذي فقدته ويمكن أن تخرج الفلسفة من أزمتها. بالرغم من عالمية هذه المقاربة وصدورها عن منظمة محترمة الا أنها ضعيفة ومسقطة وبعيدة عن الواقع الحضاري الذي يخصنا ولا تتلاءم مع المشاكل التي تحيط بتدريس الفلسفة في بلدنا والصعوبات اليومية التي يكابدها مدرس الفلسفة في القسم ومع الطلاب ومع البرنامج الرسمي ومع الادارة المشرفة والمنظمة للعملية التربوية ومع المناخ الثقافي المتوتر والذي يغلب عليه التعصب والعنف  والتحزب والتمذهب وهيمنة التدين والايديولوجيا وانتشار التقليعات الاستهلاكية المعولمة وانسداد الآفاق وغياب البرامج الجادة واالدراسات العلمية الأكاديمية.
لماذا لم تتساءل المنظمة العالمية عن الأسباب والدواعي التي تجعل بعض الدول في العالم تمنع تدريس الفلسفة وتقوم بعض الدول الأخرى بتدريسها بشكل مسقط وسيء بحيث تنقلب الأهداف المرجوة منها وتكون مضرتها أكثر من منفعتها ولماذا لم تبحث عن وضعية تدريس الفلسفة في الجامعات وكثرة العاطلين وفراغ البرامج وسرعة التكوين وقلة الاستطلاع والبحث والتعمق.
لماذا لا تشجع الشعوب على الاهتمام بجهودهم التراثية في الاعتناء بالفلسفة وتدعم البحوث في نبش الذاكرة الفلسفية واعادة قراءة التراث الفلسفي الذي يحوزون عليه ومازال بالنسبة اليهم أمرا مجهولا وتدعم قدراتهم الذاتية وتجاربهم الخصوصية ومبادراتهم المحلية في التشجيع على حرية الفكر وابداء الرأي وممارسة التفكير بشكل مختلف عن الراسيو الغريو واللوغوس الاغريقي.
في الواقع لا نترك المناسبة تمر دون التذكير بخطورة الفلسفة وعظمتها في نفس الوقت.
والحق أن الفلسفة خطرة حينما لا تمتلك جميع حقوقها وحينما توجه نحو غير مقاصدها وتتحول الى فلسفة بتراء وتتحول الى مسرح للجدل والحيل اللغوية ويبرز على سطحه الأفاكون والدجالون والمشعوذون من السفسطائيين الجدد. كما أنها تمتلك قيمة عظيمة اذا تصدرت المشهد وعملت على انعتاق الشعب من محنته وغيرت عقول الأفراد وحركت المجموعات نحو المطالبة بحرياتهم وحقوقهم وفتحت جبهات الصراع ضد الظلم والفساد والارتداد والانبتات والماضوية والعنصرية والتمييز والشمولية والهمجية. لذلك الفلسفة مطالبة بالتدخل في الصراع السياسي والاجتماعي والفيلسوف يجب أن يلعب دور المثقف العضوي ويتحمل مسؤولية التغيير وذلك بتغليب قوى العدل والخير والتقدم على قوى الشر والظلام والتأخر والانحياز الى الطبقات المستضعفة والمهمشة والشهادة على العصر وتقديم البديل الثقافي وفلسفة المقاومة الضرورية.
المطلوب من المنظمات الدولية أن تضمن تعليم الفلسفة بشكل كوني وأن تجبر السلطات والأنظمة عن طريق سن قوانين جيدة على العناية بالفلسفة من جهة التعليم والمطالعة وأن تكفل الحق العالمي في ممارسة التفلسف لكل انسان دون تمييز على أساس العرق والجنس والدين والمرتبة الاجتماعية والعمر لأنه لا سن للتفلسف وحق التفلسف هو حق كوني ويجدر بها كذلك أن تعمل على نشر الثقافة الفلسفية داخل المؤسسات التربوية والثقافية والسياسية وأن تدعم الكتاب الفلسفي وأن تعمل على حماية الفيلسوف من كل مضايقة يتعرض لها ومن كل تهميش وازدراء واعتداء.
علاوة على ذلك يفترض أن تقوم الهيئات البنكية بتمويل حملات اعلامية للتشجيع على اقتناء الكتب الفلسفية وتقريب المنتوج الأكاديمي من الفضاء العمومي وترغيب القراء في التعرف على الابتكارات الجادة في المجال الفلسفي وحسن استغلال الفضاءات الافتراضية ووسائل الاتصال الحديثة وتوظيف ثقافة الصورة من أجل منع المنع وإباحة الاشتغال بالتفلسف والدعاية الكافية للأفكار النقدية والنظريات العلمية والمقاربات المنهجية التي تشرح الانسان والطبيعة والحياة.
من جهة مقابلة يجدر بالمشتغلين بالشأن الفلسفي أن يوفروا الشروط الضرورية للتواصل مع المتلقين وأن يبتعدوا عن الكسب المادي والمقاولة الفلسفية والانتفعاية المشطة والنخبوية الضيقة وأن يخرجوا بثقافتهم الى الشارع والساحات ويستقطبوا الشباب والأطفال والمعطلين ويزودوهم بالمخزون الفلسفي الحي وينيروا لهم درب الوجود ويمنحوهم معنى الحياة باقتراح المشاريع وادراجهم ضمن فرق عمل طوعي وورشات فكرية للنقاش العمومي ولقاءات مرئية ومسموعة في الاعلام حول قضايا فلسفية شائكة والإسهام بالنقد والتفكيك والتشريح لمصير الانسانية ومستقبل الحياة على الكوكب والعمل على ازالة التناقض بين قناعاتهم الخصوصية والقيم الكونية.
على الرغم من حالة التشرد والمطاردة ووضعية المحاصرة والتبخيس تظل الفلسفة حية وفارضة لنمط وجودها ولصيقة بالكينونة الانسانية وحاضرة بقوة على مسرح التاريخ في جل المجتمعات وعلى مر العصور والسبب هو أنها قنية شريفة ومذهب عزيز ورسالة نبيلة ومنزع عقلاني وتجربة مختلفة يعيشها الانسان ويحتاجها دوما من أجل فهم  الزمان الواقعي غير المفهوم والتصدي لللاّمعقول واللاّفلسفي ومقارعة الهمجية والتخلف وإيجاد مخرج للمرء عند كل مضيق.
غاية المراد أن المهمة الجوهرية للفلسفة هي تدريب الناس على التفكير والكلام والحياة والفعل وذلك برسم الحدود التي تميز بين رؤى العالم وتصورات الكون وفضاءات التجربة وإحداث تقاطعات وتشابك بين الرمزي والمادي وبين المعرفي والتاريخي وبين الاعتقادات والفكر النقدي.
ألم ينصح فتغنشتاين بأن تحدد الفلسفة ما يمكن التفكير فيه على الاطلاق وما لا يمكن وما يمكن التحدث عنه بوضوح وما لا يمكن ودعا الى تحويل الفلسفة الى فعالية تطرد المبهم والمعتم؟
ألا ينبغي أن تتحول الفلسفة الى تنبيه الناس والتدخل في الشأن العام وإزالة سوء تفاهمها مع الرأي العام وتزعج السلطات بدل وضع الأفكار في الكتب وتتحول الى وظيفة رسمية عند الدولة؟    
       كاتب فلسفي

الإرهاب يضرب قلب بكين النابض/ د. عبدالله المدني

لئن عُـرف عن المسئولين الصينيين وصفهم للإضطرابات والتوترات التي تجري بين الفينة والأخرى في إقليم شينغيانغ (منطقة شاسعة تتمتع بالحكم الذاتي وتقع على التخوم الغربية للصين) بالأعمال الإرهابية التي تقف وراءها أقلية الإيغور الإنفصالية المنتمية إلى "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، فإن هؤلاء المسئولين غالبا ما يحاولون التعتيم على التوترات وأعمال الشغب التي تقع في أماكن أخرى من الصين. ولا تفسير لذلك سوى رغبة بكين في إعطاء صورة وردية للعالم عن أحوالها الأمنية كيلا تتوقف الإستثمارات الخارجية والسياحة الأجنبية عن القدوم.
غير أن ما حدث مؤخرا في قلب العاصمة بكين، لم يكن من السهل على السلطات الصينية نفيه أو التعتيم عليه، فكان البيان النادر من مكتب الأمن العام في بكين والذي جاء فيه أن القلب النابض للعاصمة تعرض "لهجوم إرهابي عنيف أعد ونظم عن سابق تصور وتصميم". وهذا لئن أثبت شيئا فهو فشل جهاز الأمن الصيني في الرصد والتنبؤ وإحباط الأنشطة الإرهابية قبل وقوعها، ثم قدرة الإنفصاليين الإيغور على الوصول إلى قلب العاصمة النابض وإستهداف مراكز حساسة وبالغة الأهمية فيه وفق تنظيم وإعداد دقيقين. 
ذلك أن الهجوم الذي نفذه مقاتلون او منتسبون إلى "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" في الإسبوع ما قبل الماضي في بكين بواسطة سيارة رباعية الدفع مسجلة في منطقة شينغيانغ وقع في مكان من أشهر الأماكن الصينية السياحية وأكثرها حساسية وجذبا للسياح، ونقصد به ساحة "تيان إن مين" (بــُنيت في عام 1651 ومذاك تضاعفت مساحتها أكثر من أربع مرات) التي تعتبر أكبر الميادين في العالم بمساحة تزيد عن 440 ألف متر مربع، ناهيك عن أهميتها الثقافية والتاريخية المتمثلة في كونها مدخلا إلى "المدينة المحرمة" و"القصر الإمبراطوري الصيفي"، إضافة إلى شهرتها في التاريخ المعاصر كمكان سجي فيه جثمان المعلم "ماو تسي تونغ" قبل عرضه محنطا داخل قاعة تقع على أطراف الساحة، وشهرتها بسبب المظاهرات التي حدثت فيها في عام 1976 في أعقاب موت رئيس الحكومة الأسبق "تشو إن لاي"، ثم ما حدث فيها في عام 1989 حينما قمع الجيش الأحمر الصيني بوحشية أنصار حركة المطالبة بالديمقراطية.
ومن ناحية أخرى فإن الهجوم كان أقرب إلى الهجوم الإنتحاري، حيث قامت به عائلة واحدة مكونة من شخص يدعى عثمان حسن ووالدته وزوجته، وجميعهم من مسلمي الإيغور، وإنْ قيل ان هناك آخرين ساهموا في التخطيط لهذا العمل الإرهابي وجهزوا منفذه بما يحتاج، بدليل ان الشرطة الصينية اعلنت عن إعتقال خمسة يـُعتقد أن لهم صلة بمنفذ العملية، وعثورها على صفائح بنزين يـُعتقد أن عثمان حسن كان يحملها في داخل سيارته وأنه أشعلها كي تنفجر السيارة وقت الهجوم الذي أدى إلى مقتل سائحة فلبينية وسائح صيني من إقليم غوانغدونغ بالإضافة إلى إصابة أكثر من أربعين شخصا بجراح مختلفة. أضف إلى ذلك أن الشرطة الصينية حينما فتشت منازل الموقوفين المشتبه بهم بالضلوع في الهجوم عثرت على لافتات تدعو إلى الجهاد وسيوف وسلاسل وغيرها من الأدلة التي تثبت وقوف "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" وراء الحادثة الإرهابية، وإن لم تتبناها حتى الآن. وهذا يشير إلى أن الحركة، التي تمتعت طويلا بدعم قوي من نظام طالبان الأفغاني وتنظيم القاعدة الإرهابي، وتشرب أعضاؤها الفكر المتشدد من تنقلاتهم ما بين وزيرستان في باكستان وتورا بورا في أفغانستان ومعسكرات حزب الله الآسيوي في طاجيكستان لم تمت أو تضعف كما أشيع، وإنما لا تزال قادرة على التسبب بصداع للقيادة الصينية على نحو الصداع الأمني الذي تسبب فيه أتباعها في يوليو عام 2009 حينما إشتبكوا مع الصينيين المنتمين إلى إثنية الهان في مدينة "أرومتشي" عاصمة إقليم شينغيانغ أو تركستان الشرقية كما كانت تسمى قبل دمجها مع الصين بعد الحرب العالمية الثانية. وكان أحد أسباب تلك الإصطدامات شعور الإيغور بالغبن والتمييز كنتيجة لسياسات بكين بتشجيع هجرة الهان البوذيين إلى شينغيانغ مع منحهم الأفضلية في تولي الوظائف العامة وإدارة المشاريع الخاصة وإقتناص الفرص الإقتصادية. 
وإذا كان بعض المصادر قد أشار في هذا السياق إلى لجوء الإنفصاليون الإيغور(نحو تسعة ملايين نسمة يتحدثون التركية وتربطهم روابط قوية مع شعوب آسيا الوسطى من ذوي الثقافة التركمانية) للتعاون مع جماعات إسلامية متطرفة من تلك التي تخوض حروبا جهادية في طاجيكستان وأوزبكستان وغيرهما من دول آسيا الوسطى الضعيفة، فإن مصادر أخرى لم تستبعد مساعدة الولايات المتحدة لهؤلاء طالما أن عملياتهم تقلق مضاجع الصين وتستزف جهودها، وبالتالي تجعلها أقل خطورة على المصالح الإمريكية المزعومة في جنوب وشمال شرق آسيا.
صحيح أن الولايات المتحدة وضعت "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" على قائمة المنظمات الإرهابية في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن الصحيح أيضا هو قيامها لاحقا برفع إسم الحركة بحجة أنه ثبت لديها عدم وجود شكل تنظيمي لها، فخالفت واشنطون بذلك موقف الأمم المتحدة والصين وطائفة من الدول الآسيوية التي لا زالت تنظر إلى الحركة كجماعة إرهابية. إلى ذلك قامت الولايات المتحدة قبل عدة سنوات بحملة دعائية وإعلامية وحقوقية ضخمة من أجل الضغط على السلطات الصينية للإفراج عن سيدة الأعمال وزعيمة المجلس العالمي للإيغور"ربيعة قدير"من السجن الذي دخلته في عام 1999 بتهمة تهديد الأمن القومي، وحينما تم لواشنطون ذلك قبيل زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق "كونداليزا رايس" لبكين في عام 2005 في صفقة قيل أنها تضمنت إطلاق سراح قدير مقابل وعد من الأمريكيين باسقاط قرار ضد الصين في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، منحت واشنطون قدير حق الإقامة في أراضيها، بل وسمحت لها بممارسة الأنشطة المضادة للصين من فوق الأرض الأمريكية، وراحت وسائل الإعلام الأمريكية تصفها بـ "أونغ سان سوتشي الصين" من باب تشبيهها بزعيمة الحركة المطالبة بالديمقراطية في بورما، على الرغم من الفرق الشاسع ما بين السيدتين لجهة التحصيل العلمي، والخلفية الثقافية، والإرث السياسي، وسنوات النضال والمعاناة، وأساليب الحراك المبنية على النهج اللاعنفي على الطريقة الغاندية.
ومن هنا لم يكن غريبا أن نسمع المتحدثة الرسمي بإسم الخارجية الامريكية  "جين بساكي"، في تعليقها على الحدث، تتجب وصفه بالعمل الإرهابي، وتؤكد مجددا دعم بلادها لحقوق مسلمي تركستان الشرقية الذين - بحسب حكومتها -.يعانون من التمييز الديني والتضييق المعيشي.
وفي عمل يبدو كما لو كان ردا على هذا الموقف الإمريكي ومواقف بعض الجماعات الحقوقية الغربية التي راحت تعرب عن قلقها على الإيغوريين الصينيين والأوضاع في إقليم شينغيانغ، تواردت أنباء عن قيام الشرطة الصينية بحملة أمنية ضد الإيغور المقيمين في بكين، وتفتيش مقارهم، والتدقيق في سجلاتهم، وتعريضهم لمراقبة لصيقة، وذلك ضمن خطة أوسع لتأمين كافة المرافق الحيوية، والأماكن السياحية، والمواقع الحساسة، من أجل لتفادي تكرار ما حدث مؤخرا

د. عبدالله المدني
* باحث ومحاضر متخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: نوفمبر 2013 
البريد الإلكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

السعودية وملفات المنطقة/ راسم عبيدات

واضح بأن السعودية وبالتحديد بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي،لعبت دوراً  مهماًفي تلك "الثورات"وكانت أصابعها وبصماتها موجودة على اكثر من ملف في المنطقة،فهي من احتضنت زين العابدين بن علي بعد ما حصل من ثورة شعبية هناك جرى حرفها عن مساراتها والسطو عليها من قبل جماعة الإخوان المسلمين،والسعودية كانت لاعباً رئيسياً فيما حدث في ليبيا وسوريا،حيث لعبت دوراً مهما ليس في دعم قوى ما يسمى بالثورة في ليبيا،بل في إستقدام القوات الأجنبية الغربية من اجل إحتلال ليبيا وإسقاط حكم الديكتاتور الراحل معمر القذافي،والذي كان بينه وبين القيادة السعودية ثأر شخصي،حيث تتهمه بتدبير اكثر من محاولة قتل للملك السعودي،والسعودية ان كانت قد عملت كمقاول ثاني تحت مسؤولية قطر،فيما يخص الدعم والمسؤولية عن القوى الارهابية والتكفيرية والمسماة بالجهادية في سوريا،فهي انتقلت للدور القائد والمسؤول المباشر عن تلك العصابات والمجموعات،بعد تغيير امريكا لحاكم قطر بإبنه، وأصبحت تحت مسؤولية مسؤول امنها ومخابراتها بندر بن سلطان مباشرة من حيث الدعم والتسليح والتمويل وارسال المرتزقة لدعمهم،ووصل الأمر بان اقامت السعودية غرفة عمليات لقيادة تلك العصابات مباشرة من على الأراضي الأردنية،وكان واضحاً بان بصمات السعودية موجودة على ما يسمى بكيماوي الغوطه،والذي هدفت السعودية من خلاله الى تأليب امريكا والغرب الإستعماري وتحديداً فرنسا،لشن حرب على سوريا من اجل اسقاط نظام الأسد،والذي تناصبه العداء وتريد الثأر منه لكرامتها،عندما وصف الرئيس الأسد زعماء مشيخات النفط والغاز ومن ضمنها ملك السعودية بعد الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/2006 بانهم أشباه رجال،والفشل السعودي في إقناع واشنطن بشن عدوان على سوريا ينهي حكم الأسد،رفع وصاعد من حدة ووتيرة الخلاف الأمريكي- السعودي،وكذلك سعت السعودية لتفجير الساحة اللبنانية،من خلال دعمها لعصابات احمد الأسير والتفجيرات للسيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية،كرد على تدخل حزب الله في الحرب لجانب النظام السوري،وحسم معركة القصير،ولكن الرهانات السعودية على سقوط النظام السوري وتفجير الساحة اللبنانية فشلت،ولكن كل هذا لم يمنع السعودية عن مواصلة دعمها وقيادتها للجماعات الارهابية من أجل مواصلة حربها على النظام السوري وعرقلة او منع ذهابها الى مؤتمر جنيف(2 )،وعدم شن امريكا لحربها العدوانية على سوريا،والطلب من قوى المعارضة الموافقة على الذهاب الى مؤتمر جنيف (2)،وحصول التقارب بينها وبين ايران دون موافقة او حتى علم السعودية،والتي كانت تريد من امريكا ان تواصل سياسة التشدد حيال ايران،وحتى توجيه ضربة عسكرية لها،دفع بالسعودية الى ممارسة الحرد وتوثيق تحالفاتها وعلاقاتها العلنية مع فرنسا والسرية مع اسرائيل،فالسعودية رفض وزير خارجيتها إلقاء كلمته في الدورة السادسة والستين لهيئة الأمم المتحدة،متذرعاً ومعللاً ذلك،بعدم قدرة هيئة الأمم المتحدة على ايجاد حل للقضية الفلسطينية،وكذلك منع الأسد من "قتل"شعبه،ومنع ايران من إمتلاك السلاح النووي،وليس هذا فقط،بل اعتذرت السعودية عن شغور مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي الذي انتخبت له مع بداية عام /2014،وهذا الحرد الصبياني يعكس عمق الأزمة السعودية،والتي تريد ان توحي بأنها بهذه الممارسات،ستخرج عن عصا الطاعة الأمريكي.....وهنا يجب ان نشير الى قضية هامة جداً بان السعودية،قد يعتقد البعض بانها بوقوفها الى جانب النظام المصري الجديد ودعمها له،هناك تناقض في موقفها،تدعم الإخوان في سوريا وتقف ضدهم في مصر،وهذا ليس بالدقيق فالسعودية،عندما أصبحت المسؤول المباشر عن ما يسمى بالمعارضة في سوريا،دعمت جبهة النصرة بشكل اساسي،ودعمها للنظام المصري نابع من اكثر من قضية،في اولها نكاية بقطر وثانيها الخلاف العقائدي والمذهبي ما بين الوهابية والإخوان المسلمين،وثالثهما هي تريد إحتواء وتطويع النظام المصري،وعدم دفعه لمواصلة استكمال الثورة،واخذ خيارات مستقلة،بعيدة عن العباءة والسيطرة الأمريكية.

واضح بأن النظام المصري،يخطو خطوات حثيثة نحو التخلص من التبعية لأمريكا،من خلال رسم علاقات جديدة مع روسيا.

وواضح كذلك بان السعودية تتجه نحو تصعيد الأمور في المنطقة،فهي تكثف من دعمها وتسليحها للعصابات وقوى الإرهاب في سوريا وبالذات جبهة النصرة،والهدف هنا واضح هو الضغط على تلك القوى من اجل عدم حضور جنيف(2)،وهي كذلك تتدخل بشكل قوي في لبنان،وتحاول خلط الأوراق هناك وتفجير الوضع،فبصماتها واضحة في عملية الاغتيال الأخيرة لرجل الدين السني سعد الدين غيه في طرابلس الداعم للأسد وحزب الله،فهي لا تريد اي إجتهاد او صوت غير الصوت الوهابي لرجال الدين،وكذلك في القمة السعودية- اللبنانية التي عقدت في السعودية مؤخراً فرضت على الرئيس اللبناني سعد الحريري رئيس تيار المستقبل،رغم انه ليس عضواً في الوفد الرئاسي،وهذا تدخل فظ في الشأن السيادي اللبناني واهانة لكرامته.

واضح بان السعودية تبحث لها عن دور إقليمي،بعد الفشل في سوريا ومصر وايران،فقطار التفاهمات الأمريكية- الروسية بشان اغلاق الملفات السورية والإيرانية يسير بخطا حثيثة،وروسيا وامريكا معنيتان بحالة من الإستقرار في المنطقة،وخصوصاً بعد الإنسحاب الأمريكي من افغانستان،وروسيا التي تسير نحو التربع على عرش هذا العالم تريد ان تكون الضامن لهذا الإستقرار،ولمنع المشاغبات السعودية،هناك اتفاق روسي- امريكي لإعطاء السعودية دور العراب في التسوية على الجبهة الفلسطينية- الإسرائيلية،تعويضاً لها عن الخسارة في ملفي سوريا وايران.،فقد جرى اتصال مطول بين بوتين والملك السعودي،وكذلك الزيارة الروسية لمصر تندرج في سياق دعم مصر على إستعادة دورها والضغط على اسرائيل،من اجل الإنسحاب إلى حدود الخامس من حزيران.

السعودية تخشى  من ان سير قطار التفاهمات الروسية – الأمريكية الى نهاياته في الملفين السوري والإيراني،قد يكون له مردودات سلبية خطيرة  على وضعها الداخلي،وذلك هي تختار التصعيد والعرقلة،ولكن في النهاية ستعود لبيت الطاعة الأمريكي،وتقبل بالدور المسند لها كعراب للتسوية على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية.

تحية الى الزميل العزيز أكرم برجس المغوّش/ سامي مظلوم

أنت من الموحّدين ...والموحّدون هم قبلة النضال في الامة والعالم .
أنت رسول كلمة ...والكلمة هي الله الذي تجسد فينا .
أنت راهب في هيكل الكلمة ..ومعبد الايمان المجتمعي الرسولي الانساني .
بهذه الكلمات المفعمة بنور الحقيقة أتوجه اليك بتحية الحياة النابعة من أعماق إبن وفيّ لهذه الحياة .
أنت كتبت الكثير وتكتب وستبقى تكتب في الانسان ...الامة ..أنت وليد أرض أنبتت عظماء كباراً وخالدين ..أنت إبن لجبل المعروف والوفاء ..جبل ثورة النور والنار ..جبل الخلق والابداع ...جبل القائد الكبير العظيم سلطان باشا الاطرش ..
جبل هو عنوان العزة والكرامة في الامة جمعاء ..
جبل قال فيه قائد الجيوش الفرنسية المستعمرة كلود لو ماردي «الناس في جبل الدروز ..(جبل العرب) ..كلهم يشبهون قائدهم  سلطان باشا الاطرش قاهر جيوشنا برصانة الابطال الكبار ،كل شيء هناك صورة عنه حتى الشجر والحجر والطير ونور الشمس والقمر والنجوم ،كلها تشع بنور وجهه، إنه سلطان تلك الارض ، قائدها المحبوب وقاهر أعدائها ، فويل للمعتدي من نار سلطان الاطرش وجماعته التي تقهر الموت بموتها .. فهي حقاً تستحق الحرية لانها صانعة الحرية والكرامة والشهامة في تلك المنطقة من العالم الرهيب».
تلك هي شهادة تاريخية ووثيقة خالدة في جبلكم..جبلنا الاشم أيها العزيز أكرم ... «جبلنا ترابو بدمو جبلنا ...بنقى هون ما بنترك جبلنا»...شهادة ،جمالها ومصداقيتها أن تأتي من قائد الغزاة الطامعين في أرضنا المباركة ..
لكن الاجمل أن تبقى هذه النماذج الشارقة من شمس مشرقنا السوري الرائع دروساً لجيلنا وزوّادة الاصالة والتراث لاجيال طالعة وأخرى لم تولد بعد .أكرم برجس المغوّش عرفتك من زمان ..حكاية عشق وطلة وجمال ..عشق للكلمة وإيمان بمن خلق الجمال ،خلق الكلمة ،خلقنا رب الارض والسماء .
نتوحد معك في هيكل الرب معبد الكلمة بكل خيرها وحقها ،بكل حلاوتها ،نتوحد في قضية واحدة تساوي هذا الوجود وتختصر الصراع من أجل الحياة بوقفة عز، تصون كرامة الجبل ،تحمي الارض من أحفاد هيرودس وكل بني صهيون في الداخل والخارج .
تشع مع كل الاوفياء بطولة واعية مؤمنة نمارسها في هذه البلاد الاسترالية العظيمة بالصراع الفكري ...سيفنا قلم الحقيقة ودمنا دموع الشوق والقلق لربوع أرضنا المقدسة .
شكراً لكلمتك أيها الاكرم ،أبق في الصراع فأنت إبن وفيّ له والسلام.

دولة الأوبرا/ فاطمة ناعوت

الوطن

بوسعكَ السفرُ إلى بلاد بعيدة، دون طائرة. بوسعك العودةُ إلى زمن جميل، دون آلة زمن. هنا محراب الجمال، الذى نخلعُ على بابه همجيتنا لنلقيها فى العدم، ثم ندخل أبرياء صافين، متأهبين لجرعة النور.

كلما نشدت الاتزانَ الروحى، ذهبت إلى «دولة الأوبرا»، كما أسمّيها. كأنما هى دولة مستقلة. أو كأنما هى مصرُ فى خمسينات الزمن الجميل. كأنما حفلات أم كلثوم بجمهورها الأنيق. أدخل الأوبرا، فأتأكدَ أن الرُّقى كامنٌ فى شعبنا، وإن تراكمت عليه طبقةٌ من غبار الصحارى، سنجلوها لنعود مصريين.

مهرجان الموسيقى العربية الثانى والعشرون، الذى تنتهى فعالياته بالقاهرة اليوم، وتمتد بالإسكندرية حتى يوم ٢١ نوفمبر. الجمهور ملأ قاعة المسرح الكبير وأدوار البلكون الخمسة، وفى الخارج تتردد شكاوى الناس من نفاد التذاكر فور فتح شباك الحجز. متعطشون للفن الجميل بعد عامين من الظلام والقحط.

الآن؟ فى هذه اللحظة المرتبكة، ثمة من يتوق للموسيقى؟! نعم. فنحن شعبٌ خطير يعرف كيف يصبر فى نبلٍ، وكيف يثور فى تحضّر، وكيف يسخر من المحن ويروّضها، وكيف، أثناء كل هذا، يخلق الفن الرفيعَ، ثم يتذوّقه. بالرغم مما تمرُّ به مصرُ الآن من تخبّط وفوضى، وعتمة الظلام التى مرّت بمصر العام الماضى، بل من أجل كل هذا، كان لا بد من الفنّ، الذى يُطمئننا أن مصرَ التى وُلِدَت قبل التاريخ، لا تنضب. ثمة عشراتُ: «أم كلثوم» و«عبدالوهاب» و«عبدالحليم»، فى مصر التى ابتكرت الموسيقى والغناء فى فجر التاريخ قبل آلاف السنين.

أجلسُ صامتةً، لأن الصمتَ فى حرم الجمال جمالُ. النغمُ ينساب حولى من كل صوب كشلال عذب من النور، وأفكر. ماذا لو فرضتِ الحكومةُ المصرية واجبا قوميا يُلزم المواطنين بالذهاب للموسيقى مرةً فى الأسبوع؟! هل تختفى الجريمة؟ أصدّق هذا. لو جِىء بالمُخرّبين الغلاظ أعداء الحياة، لحضور الأوبرات والباليه والموسيقى العربية والكلاسيكيات الروسية والألمانية، ألن يخرجوا على عكس ما دخلوا؟ ألن ترقَّ قلوبُهم الفظة، وتشفَّ أرواحُهم الخشنة فيحبون الوطنَ والناسَ وربَّ الناس؟ الموسيقى تُربّى الروح. تُهذِّبُها. تُشذِّبُها من النتوءات والبثور، وتُنقِّيها من الشوائب. لذلك قال أفلاطون: «علّموا أولادَكم الفنون، ثم أغلقوا السجون».

كل يوم وأنا فى مقعدى بالمهرجان، أرسلُ برقياتٍ فلاشيةً إلى قرائى عبر صفحتى فى «فيس بوك وتويتر» لأحكى لهم ما يجرى الآن فى محراب الجمال، وأختبر مدى توق الناس للموسيقى. وكنتُ أُذيّل كلمتى بعبارة ثابتة لا تتغير: «شكراً أيها الفن».

اليومَ، وهنا، أشكر الكبار الذين منحونى أسبوعين من النشوة والتحضر. على رأسهم جميلة الموسيقى د. رتيبة الحفنى، التى أسست المهرجان قبل عقدين وعامين، ثم طارت بالأمس للسماء بعدما رسّخت أقدام الجسر التنويرى الذى يجمع العربَ على لغة واحدة لا تعرف التشاحن والخلاف: لغة الموسيقى. وأشكرُ كل الطيور الغِرّيدة التى أنطقتِ النغم على عصا المايسترو «سليم سحاب» وبيانو «عمرو سليم» وأعضاء الأوركسترا كافة. أشكر على الحجار، مدحت صالح، مى فاروق، ريهام عبدالحكيم، أنغام، هانى شاكر، أصالة، لطفى بوشناق، صفوان بهلوان، وغيرهم من ثريات الفن العربى. كما أشكر التليفزيون المصرى الذى نقل المهرجان مباشر لمن لم يستطع الحضور.

أما الشكر الأكبر، فأوجهه للمثقفة الجميلة د. إيناس عبدالدايم، رئيس دار الأوبرا، راعية المهرجان، وكل فريق عملها وجنودها. أحييها على صلابتها فى مواجهة التتار؛ فلم تخضع. بل كانت جمرةَ اللهب التى قبض عليها المثقفون ليشعلوا ثورة ٣٠ يونيو. كما أحييها على إيمانها الراسخ برسالتها التنويرية النبيلة، وإصرارها على رسم لوحة الجمال الرفيع تحت هزيم العواصف الهوجاء. ‬

هل تقلب مصر المعادلات القائمة في المنطقة؟/ ابراهيم الشيخ

 ما زالت مسألة تغيير السلطة التي حصلت في الثالث من يوليو في مصر تتفاعل داخليأ وخارجياً، ويبدو ان هذه القضية سوف تتفاعل في المجتمع المصري لوقت طويل من حيث ان مصر من الممكن ان لا تنعم بالهدوء والاستقرار بسبب ان طرف يشعر بأنه أزيح عن كرسي الحكم عنوة، وعلى الصعيد الخارجي هناك واقع جديد يجب دراستة ومعرفة  اهداف هذا التغيير الذي حصل وتأثيره على المنطقة العربية ومستقبل مصر، وخاصة على العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ومستقبل معاهدة كامب ديفد.
تشهد مصر حاليا تحولات استراتيجية وسياسية على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية التي يبدو موقفها من التغيرات في مصر متذبذبا وليس واضحا، ويبدو ايضا انها لم تستوعب ما حدث لانه اثر على سياستها التي شهدت تحسنا مع حكم الاخوان، ولذلك حاولت واشنطن اقناع السلطات الحالية في مصر بالتفاهم مع الاخوان وعدم اقصاءهم، ولكن رد السلطات كان مغايرا، ولهذا تشهد العلاقات بين البلدين فتورا ملحوظا وخاصة بعد تجميد المعونات الامريكية لمصر.
بلا شك ان مراجعة علاقات مصر مع الولايات المتحدة ستكون من اهم التغيرات التي تشهدها مصر على الصعيد الخارجي بعد تغيير السلطة في مصر في الثالث من يوليو واتجاه مصر نحو اقامة علاقات تقارب على الصعيد العسكري والسياسي مع الاتحاد الروسي  الذي  وجد فرصة  سانحة للعودة الى المنطقة بسبب الخلافات المصرية الامريكية.
ان مصر تشكل ثقلا مهما في المنطقة العربية لما لها تأثير على مجمل القضايا العربية كالقضية الفلسطينية وعلاقاتها مع اسرائيل وكذلك علاقاتها مع الدول الخليجية، ولذلك تسعى كل من الولايات المتحدة ورسيا التقارب والتنافس على موطئ قدم في هذا البلد من حيث اقامة افضل العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية. 
يبدو ان مصر جادة في اقامة علاقات متميزة مع روسيا وليس فقط ردة فعل على الموقف الامريكي الذي يحاول ابتزاز مصر سياسيا من خلال المعونات التي تقدمها الولايات المتحدة في مقابل احترام معاهدة كامب ديفد التي اخرجت مصر من الصراع العربي الاسرائيلي، وبالتالي اضعاف الموقف العربي امام اسرائيل، والمطلوب من مصر ان تكون داعما قويا للقضايا العربية وعدم الاذعان للمواقف الامريكية المؤيدة لاسرائيل مقابل المساعدات الامريكية. 
فمصر من الممكن ان تستغني عن المساعدات الامريكية اذا وفرت لها دول الخليج المساعدات اللازمة واخراجها من ازماتها الاقتصادية لتسترد دورها الطليعي في الوطن العربي، ولكن يجب على الدول الخليجية نفسها الابتعاد عن السياسة الامريكية وبالتحالف مع مصر بتشكيل حلف مناهض لسياسات الولايات المتحدة الامريكية التي تتحكم في المنطقة من اجل مصالحها ومصالح دولة الاحتلال الاسرائيلي. 
 بدون شك ان الولايات المتحدة حاولت الحفاظ على مصالحها وحاولت دعم اي جهة تصل الى السلطة في محاولة لعدم تأثر مصالحها فهي  جعلت من مصر تابعة للسياسة الامريكية في عهد الرئيس حسني مبارك ومحاولة ممارسة نفس السياسة في عهد محمد مرسي، ولكن الامر اختلف هذه المرة بعد التغيرات التي شهدتها مصر بعد الثالث من يوليو، ولكن الولايات المتحدة تحاول اصلاح العلاقات لما لها من مصلحة في ذلك وعدم استغناءها عن هذا البلد الذي يشكل خطرا على اسرائيل فيما لو فكر في الغاء معاهدة كامب ديفد، وستحاول الولايات المتحدة عدم السماح لمصر الارتماء كليا في احضان روسيا.
اما الموقف الروسي المتعطش للعودة الى منطقة الشرق الاوسط رأى في رغبة مصر التقارب مع روسيا فرصة ذهبية من الممكن ان لا تتكرر، ولذلك يضع الجانب الروسي كل ثقله في جذب مصر الى معسكره المنافس للولايات المتحدة في المنطقة. 
ان زيارة وزيرا الدفاع والخارجية الروسيين لمصر لخير دليل على ان العلاقات مع مصر تسير على طريق توثيق هذه العلاقات ولا تعتبر مناورة وورقة ضغط من الجانب المصري على الجانب الامريكي، وانما يبدو تحولا جديا من الممكن ان يفاجئ الولايات المتحدة التي تراهن على ان مصر غير قادرة على التخلي عن الولايات المتحدة ومساعداتها. 
تعتبر هذه الخطوة هامة على صعيد تغيير التحالفات في المنطقة، بعد اكثر من عشرين عاما من انهيار الاتحاد السوفييتي والانكفاء الروسي على نفسه وعدم لعب  دور فعال على الساحة الدولية، ومن الممكن ان تشكل مصر بداية كسر التفرد الامريكي بالمنطقة، وتغيير المعادلات السياسية، ومن الممكن خلق وتشكيل تحالفات ترجع العالم الى قطبين من اجل التوازن وعدم الاستفراد بالقرارات الدولية لصالح جهة محددة من الدول الكبرى. 

كسرة من إناء قلب/ فريد النمر

"كنت أجمل من كل شيء جميل وأنت تغسل قلوب عاشقيك بهمزة حب وماء اشتهاء"

 أتيتك مثل صباحٍ قديمٍ يمرّ بومضة نقش الحدق
 يؤثث  فوق جدار الحنين عطورا من الوجد
 لا تستغيث بغير هواك ووشي القلق

أتيتك ساربا أكتسي عناقي المزيف في أذرعيك
لأنثر فيك هزيعا يشيخ بأول أغنية
تستعيد الطلوع ..برعشة شوق
تصب الرماد على ضفةٍ من بقايا الشفق

وأغنية العشق قوس السماء
تغني ..تغني  ..
ولا شحنة من هواء النسيم تمرّ
بلون الضحى المستدير
فتدرك معناك.. يا للعبق

كأني ولحنك ترتيلة  
يهدهدها ظمأ الوالهين
من الأمس مياسة بالشبق

وقد أنجب الحب أبنائه
على أرصفة القلب لما استفاق
فكان من الحب وجه الألق

أنمنم أرجوحة تستزيد لذاكرة الوقت
أحلامها ..تفتش في باحة الأمسات  
وتتعب همس الدنان الضئيل
إذا رفّ بالنبض رمش الفلق

سلام عليك ...
أيا أيها الشوق المعذب في داخلي
فكم أدعيك
أفتش عن ذكريات الذهول..
وأبحث عنك ...وأنت الذي في لحاظ المنى
على بعد خفق بقلبي اندفق

كأني ستعجنني في قراك
أساطير ما أودع السادرون
ونهر اشتهائك
في اللامكان ..
على صخرة الحزن لما اندهق

سأرفض كل انحناء جميل
يراود أزراري الساهرات
سأفرغ كل رئات الثقوب
على رفك البارد المستبد  
فلا رهبة في خريف الورق

ببابك وحدك حلمي الصغير وشيء
من التين في مقلتيك
 وكفك وحدك فوق الرياح  
تزمّ خطاها بوجه الشتاء
وتترك فيا اشتهاء النزق

على بعض حلم حطامي القديم
تشد النوارس أعشاشها  ..
 فيخذلني البحر في وجنتيك
وقد شاغبتني حكايا الغرق

يغادرني  زورق بائس
يجدّف نحو ركام العذاب  ...
ولا يستريح
كميناء قلبيَ ...تهطل فيه غيوم الهروب  
ومن أين للغيم فضح الغسق

وخمسون ثانية في الجوار
تعدّ عليّا ارتعاش المساء
فقل لي: 
 .. بأي ذهولٍ تنوب عن الماء
يا سيد العاشقين
ولحظتك الآن كاللاجئين  
تعدّ الرحيل بـ عدِّ الرمق

سيكفيني من صوتك المطمئن
سكونٌ سخيّ من اللاوجود
سيكفيني من بوصلات الغيابِ
غيابٌ يوحدنا في الغياب على سلة العشق
 كالسنبلات إذا جردتها لغات الذبول
 بتربة ماءٍ وشمس انتشاء...
سيكفيني منك ...
شهية حرف تعيد القصيدة نحو الغموض
عناقيد طيشٍ تنادم كلّ ضفاف الضياع
 بأغنية رقصُها يختلقْ

فمن أين أغزل فيك الخيال
وقد أرهف السمعَ عشب الجنون
 وحوليْ..
تهشم سحر الغناء الجريح
على لوحة الحب في المفترق

فدعني أغني  غنائي الوحيد..
فكم أشتهيك غناء بعيدا
تبرعمه  هاطلات الشجون..
 لعل الصباح القديم المتيم  بالآخرين
يعيدك جوقة  كأس قديم
على رشفة من طلاء الطبق

لعل هدوء يصب هواك
على رئة من فراغ الصهيل
فلؤلؤك الخضل استخارالمغيب
بمئزر منفى  وخيطي حنق

فدعني أرتب فوضى الكلام
وما ازدحم الآن في خافقيك
لعل المرايا  تغني.. تغني  ...
فينكسر الدمع ..
كيف استرق ..!!