خادم الحرمين الشريفين معزوفة وطن/ عبدالواحد محمد

الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين  الراحل من نسل آل سعود من نسل وطن فيه كل مقومات الإنسان وخصوبة أرض نبي الأمة محمد عليه أفضل صلاة وسلام ( بلاد نجد والحجاز ) بكل ما تحمله المعاني التي تعجز عن الوفاء لرجل من خيرة رجال الوطن الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ارسي دعائم للملك دعائم الخير والجمال والمساواة بين الكل فالشعار (الدائم لديه الكل في واحد) فكان الأب وصوت الخير الكامن  في اعماق عربية اسلامية عالمية بفلسفتة العربية الخالية من برتوكولات غير موضوعية في شكلها وجوهرها العربي  فكان رجل عربي أصيل استمد قوته من قوة أجدادة آل سعود من رحم أرض الطهر والنقاء نجد والحجاز جاء من هنا وطن كل احباء نبي الأمة الإسلامية كل احباء الخير والعدل والوسطية التي لا تعرف طائفية يوما ما في قاموسها الرسمي  فلم يكن ملكا او حاكما كان (خادم الحرمين الشريفين أي خادم عالمنا الإسلامي شرقا وغربا فلم يرحل خادم الحرمين الشريفين سيظل ذكراة تعطرافواهنا وقلوبنا وضمائرنا عبر كل تاريخ قادم ؟!
وخادم الحرمين الشريفين الراحل النبيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز لا يحتاج شهادة من أحد مهما كانت منزلة  الكاتب أو الباحث في سيرته العطرة لكونه رجل مبادئ وقيم وتشعبت في اعماقه رسالات وطن يؤمن بالسلام فمن السلام كانت فلسفته في رفض كل مظاهر الضعف والاستسلام لمن يحملون فكرا مريضا تحت ستار الدين الإسلامي فوقف الرجل العربي الأصيل موقفا صلبا وشهما مع اشقاءه في مصر العروبة في ازماتها  بعد  ثورة 25 يناير 2011 محتي ثورة 30 يونية  2013 م التي صححت المسار السياسي العربي في المنطقة بأسرها  مرة ثانية وضرب مثلا رائعا خادم الحرمين الشريفين  في التصدي لكل الافكار الهدامة التي روج لها دعاة الدين من أجل كسر إرادة الوطن العربي من المحيط إلي الخليج  كان مساندا لفلسفة الحق في استعادة مقدرات وطن عربي كبير فلم يبخل بالمال والجهد والعرق كان الشقيق والأب والحكيم في أزمات وطن حتي عادت الشمس من جديد تشرق علي مصر بفضل رعايته المادية والمعنوية التي تعد سمة الاشقاء العرب في المحن وهذا ليس بغريب علي آل سعود فمن قبل وقف الملك فيصل في وجه الصهيونية العالمية وقطع البترول من أجل خوض مصر حرب عام 1973 م من القرن المنصرف حتي لا تكسر شوكة الأمة العربية  وكان النصر العربي حليف اوطاننا بعدما سقطت هيبة وشعارات اسرائيل  فالوطن العربي محيطه وخليجه قلب واحد مهما باعدت بينهم من صنعوا الحواجز فحتما ستسقط  الحواجز الهلامية يوما قريبا ؟
ليبقي في ذاكرة الوجدان العربي  الملك عبدالله بن عبدالعزيز حكيما من حكماء الوطن مع رفاق خالدون الشيخ زايد في الإمارات وآل صباح في الكويت  وكل حكام العروبة الخالدون هواري بومدين  جمال عبدالناصر انور السادات ياسر عرفات الخ ليكتب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كثيرا من سطور نضعها أمام القارئ العربي  عبر مراحل حياته السياسية  وتطور تلك المراحل التي حملته إلي اسمي مراتب الإنسان  صاحب الرسالة الصادقة في وطن كبير


* جذوره التاريخية وأثرها عليه ..
إنه سليل أسرة عربية أصيلة كان ولايزال لها في شبه الجزيرة العربية مكانها المؤثر من التاريخ الذي أهلها لأن يكون لها دور فعال ومؤثر على الساحة العربية والإسلامية والعالمية .
عاش الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كنف والده مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك العظيم عبدالعزيز آل سعود فعلق في ذهنه آنذاك أحداث تلك المرحلة التاريخية وهي مرحلة كانت مشحونة بالصراعات القبلية والفكرية في شبه الجزيرة العربية إلى جانب التطورات السياسية في الوطن العربي وفي العالم أجمع إبان الحربين العالمتين .
في تلك المرحلة أدرك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ما خلفته التطورات السياسية من متغيرات فكرية في عقل الإنسان العربي وما أوجدته من تقسيمات جغرافية للوطن العربي والإسلامي فبقيت تلك الدروس في ذاكرته عالقة في الذهن وهي ما يراها اليوم إحساسا عميقا بالواجب لفهم الأحداث ومحاورتها من أجل رأب الصدع .

* نشأته ..
ولد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في مدينة الرياض سنة 1343هـ الموافق 1924م في عصر كل ما فيه يفرض على الإنسان الصبر والاحتمال وكان من نتيجة ذلك أن كان للانضباط الديني والنفسي والأخلاقي دوره في تكوين شخصيته حضورا وتأثيرا وتفاعلا كون في مجموعه رؤية ثاقبة تفرض قناعتها بالمنطق والعقل سلوكا وتعاملا قولا وفعلا هي ما معه اليوم ويتعامل بها في حياته .
* صفاته ..
يميل حفظه الله طبعا لاتطبعا إلى البساطة في العيش فهو يرى نفسه دائما بين البسطاء من الناس لايعرف الكبر أو التعالي إلى قلبه طريقا طاهر النفس ومتسام مع مكارم الأخلاق يتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر وينصت لمحدثه بكل هدوء فيوحي له بالاطمئنان إن تحدث أوجز وإن قال فعل قوامة سلوكه إحقاق الحق ومناجزة الباطل .
هذه الخصائص الذاتية أهلته لأن يتحمل الدور الكبير الذي يقوم به الآن .

* هواياته ..
أولى هوايات الملك عبدالله بن عبدالعزيز القراءة وحب الاطلاع ولعل خير معبر عن ذلك قوله // لايغنيك كتاب قرأته في المساء عن كتاب تقرأه في الصباح // فالثقافة المعاصرة مسرعة إلى الإنسان بكل ما عندها وهو شيء يتجدد ولاينفذ فمن لايقرأ العالم المعاصر ويصغي إليه سيجد نفسه معزولا في عالم مهمل// .
هوايته الثانية مصدرها حبه للصحراء التي يخرج إليها كلما وجد هناك متسعا من الوقت أما هوايته الثالثة فهي الفروسية من خلال ما تحققه من إحياء للتراث العربي الأصيل لذلك فأكثر الخيل أصالة في أعراقها نزيلة الفارس المتميز في نفسه جمعها ولا زال يجمعها ويحتفظ بها وحين خشي أن تندثر هذه الرياضه وتفقد الخيل أصالتها وخصائصها العربية أسس نادي الفروسية في مدينة الرياض وشجع الآخرين على المحافظة على هذه الرياضة الأصيلة التي لازمت بناء الدولة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها . أهم أعماله ومسؤولياته ..
في سنة 1383هـ الموافق 1962 تسلم الملك عبدالله رئاسة الحرس الوطني الذي كان يضم في مطلع تكوينه آنذاك أبناء الرجال الذي عملوا وساهموا مع قائدهم الملك عبدالعزيز في توحيد وبناء المملكة العربية السعودية وكان لتحمل مسؤولية هذه المؤسسة العسكرية دورها الفعال في تطويرها وتحديثها .
في سنة 1395هـ الموافق 1975م أصبح نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسا للحرس الوطني .
وفي يوم الأحد 21 / 8 / 1402هـ الموافق 13 / يونيو / 1982م بويع وليا للعهد من قبل أفراد الأسرة المالكة والعلماء ووجهاء البلاد وعامة الشعب السعودي وفي مساء ذات اليوم صدر أمر ملكي بتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسا للحرس الوطني بالإضافة إلى ولاية العهد.
وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يتولى من المناصب ..
/ رئيس مجلس العائلة .
/ رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى .
/ نائب رئيس مجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن .
/ رئيس مؤسسة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للاسكان التنموي .
/ رئيس مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين .
/ رئس نادي الفروسية .
(مساهمته على المستوى العربي والإسلامي والعالمي ..)
عرف الملك عبدالله بن عبدالعزيز باهتمامه البالغ بشؤون العرب والمسلمين تجسد ذلك في حرصه الشديد على جمع كلمتهم على الحق ووحدة الهدف والمصير فهو رجل يؤمن بأن الإسلام هو الرابط القوي والدعامة الصلبة لوحدة الأمة العربية والإسلامية .

ولأجل تحقيق ذلك الهدف قام بكثير من المحاولات لاحتواء الخلافات وتقريب وجهات النظر فلم يترك دولة عربية إلا وزارها وكذلك فعل مع بعض الدول الإسلامية التي عمل كل ما في وسعه لتقديم المساعدات الممكنة لها .
كما قام بالعديد من الزيارات لكثير من الدول الصديقة في العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا وغيرها من الدول الآسيوية والأفريقية ولقد عمل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على تحسين علاقة بلاده مع جميع الدول الصديقة كما قام برئاسة وفد المملكة في بعض مؤتمرات القمة وفي العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية .
ليظل بيننا الملك عبدالله بن عبدالعزيز بسيرته الإنسانية والتاريخية ملهما لوطن عربي كبير كيف يكون البناء والإنسان لذا لم يمت فجر يوم  السبت 24 /1/2015 م  لأنه خالدا برسالة لها جنود يحملونها من عصر إلي عصر ؟!
بقلم 
عبدالواحد محمد 
كاتب وروائي عربي 
abdelwahedmohaned@yahoo.com


الحكمة بين المعالجات السياسية والضربات العسكرية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

الحلول العسكرية الموجعة، والضربات الأمنية القاسية، هي أول ما يتبادر لدى السلطات العربية الحاكمة لمعالجة أي أزمة، ومواجهة أي حدثٍ داخلي، أياً كانت درجة الأزمة ومستواها، وبغض النظر عن أسبابها وموجباتها، وما إذا كانت السلطة نفسها هي السبب فيها، وأن الشعب لا علاقة له بها، ولم يتعمد الوقوع فيها، بل هي التي تتحمل المسؤولية الأكبر عن تفجرها، إذ أنها نتيجة سلوكياتٍ خاطئة يرتكبها رموز السلطة، وممارساتٌ مستفزةٌ تقوم بها عناصرها التنفيذية على الأرض، سواء كانت شرطة أو سلطات بلدية، أو موظفي جمارك وجابي الضرائب، أو نتيجة لسياسات الدولة الصحية أو التعليمية، أو بسبب تقصيرها في تأمين بعض الخدمات للمواطنين، وتوفير احتياجاتهم، وضمان أمنهم وسلامتهم في مواسم الشتاء وأثناء السيول والأمطار الغزيرة، وعند الكوارث وفي مواجهة الأزمات الطبيعية.
السلطات العربية عنجهية ومتسلطة، وعنترية ومتصلبة، ومتعجرفة ومتعالية، وليست مدربة ولا مؤهلة، ولا حكيمة ولا أريبة، بل لا تفهم ولا تعقل، ولا تعي ولا تستوعب، ولا تدرك ولا تتصور، ولا تلجأ إلى الحكمة والعقل في معالجة الأزمات الصغيرة والكبيرة، إذ سرعان ما تصدر أوامرها إلى قواتها التنفيذية القمعية، بمظهرها الخشن، وأعدادها الكبيرة، وهيئاتها المخيفة، وحركتها اللافتة، وأصواتها المرعبة، وسلاحها المدجج، وتحملها في سياراتٍ عسكرية، وحافلاتٍ كبيرة، وتزودها بمعدات قمعٍ وآلات قتلٍ، ووسائل ترويعٍ وتخويف، وتأمرها باستخدام القوة المفرطة، وأقصى ما لديها منها، لتأديب المواطنين وضربهم، وتفريقهم وتمزيق جمعهم، وإخماد صوتهم، وقتل المعاندين منهم، والمجاهرين بمواقفهم من بينهم.
تجتاح العناصر الأمنية والعسكرية الجموع الشعبية، والتجمعات الفقيرة والعشوائية، وتقتحم البيوت والمقرات، كسيلٍ جارفٍ، أو كفيلةٍ هاربةٍ فزعة، تدوس كل شئٍ، وتعتدي على البيوت والمؤسسات، وتنتهك حرمة الأسر والعائلات، وترتكب المحرمات، وتمارس المنكر والممنوع، بحجة تطبيق النظام، وتنفيذ القانون، ومواجهة الأخطار، والحيلولة دون فرار أو نجاح المطلوبين في تنفيذ مخططاتهم، ولعلها في طريقها لتنفيذ القانون تقتل العديد، وتصيب آخرين بجراح، وتدمر وتخرب وتتسبب في مصائب أكثر، وتلحق بالشعب خسائر أعظم، وقد كان يكفيها أن تعالج الأزمة بهدوءٍ ورويةٍ، وحكمةٍ ومسؤولية، وحرصٍ وطنيٍ صادق. 
قد تكون المشكلة بسيطة، والأزمة مستوعبة، ولا مضاعفاتٍ لها، ولا تخوفاتٍ منها، ويمكن حلها ببضع كلماتٍ، أو من خلال بعض الجهود الطيبة التي يبذلها الخيرون والعقلاء، ولكن الدولة بشخوصها الرعناء، ورموزها العقيمة المتسلطة تتجنب الحلول السهلة، وتبتعد عن المخارج الآمنة، وتركز جهودها على الحلول العنفية، والسياسات القاسية، بدعوى الحفاظ على هيبة الدولة، ومنع تغول المواطنين عليها، أو جرأتهم على القوانين لخرقها أو محاولة إبطالها.
إن المتنفذين أصحاب المراكز الذين يصدرون الأوامر، ويحددون المهمات، يفتقرون إلى الكياسة واللباقة، وينقصهم الكثير من اللياقة وحسن التصرف، وكأنهم يصابون بلوثة السلطة، ويشعرون أنهم الأقوى والأكثر وعياً وفهماً، بينما هم مرضى أحياناً، أو منحرفين في أحيانٍ أخرى، يتسلطون على الشعب بما أوتوا من قوةٍ وبطش، ورعونةٍ وقسوة، وقد نسوا ان الشعب هو الذي سيدهم وقدمهم، وأنهم بدونه لا يملكون ولا يحكمون، وقد كان لزاماً عليهم أن يكونوا عبيداً للشعب وخدماً له، وذلك وفق المفاهيم الديمقراطية، التي تجعل من المنتخبين نواباً عن الشعب خداماً له وعوناً. 
الدولة بسياساتها التعسفية الظالمة، وحلولها الأمنية الفاشلة هي التي تخرج المجرمين، وتولد الأفكار العنفية المتطرفة، والسلوكيات الغريبة المتشددة، إنها المسؤولة عن كل عنف، والمتورطة في كل جريمة، وهي التي يجب أن تُساءل وتُحاكم، لأنها المجرمة بحق، والمدانة بلا شك، إذ كان بإمكانها القضاء على مسببات التطرف، وموجبات العنف، لو أنها أحسنت التعامل مع المواطنين، وخففت عنهم بعض معاناتهم، وساعدتهم في مواجهة ظروفهم، والتخلص من مشاكلهم، وتجاوزهم لبعض أزماتهم الخاصة.
الدولة هي المسؤولة عن هروب المواطنين ولجوئهم إلى الغرب، وبحثهم المحموم عن بلادٍ تقبلهم فيها لاجئين، وتمنحهم جنسيتها، وتكون رحيمةً بهم وشفوقةً عليهم، تسعى لراحتهم، وتعمل من أجلهم، وتشقى في سبيلهم، بل إن السلطات العربية هي المسؤولة عن الغرقى العرب، وهم كثيرٌ جداً من الرجال والنساء والأطفال، الذين عصف بهم البحر وابتلعهم، فهي التي تتحمل وزرهم، وستنوء بحملهم، إذ أنها بسياساتها المريضة دفعتهم للمغامرة والفرار، وقد كان بإمكانها أن تجعل بلادهم ربيعاً، وحياتهم نعيماً، ومستقبلاً آمناً مزهراً، ولكنها حولت حاضرهم إلى جحيم، ومستقبلهم إلى تيهٍ وضياعٍ.
الدولة في السجون قاهرةٌ ومعذبة، ومذلةٌ ومهينة، وقاسية وعنيفة، إذ أنها تمارس خلال عمليات التعذيب كل غريبٍ ومنكر، وكل عجيبٍ ومستنكر، وتبالغ في التعذيب والإساءة، وقد تجلب بعض أهل السجناء، وتعتقلهم دون سببٍ اللهم إلا ممارسة الضغط والإكراه، وقد تمارس معهم أمام عيني السجين المنكر والخبيث، وكأنها بهذا تجرعه سماً يقذف به عندما يخرج، وتلقنه درساً يمارسه عندما يطلق سراحه، وتعطيه المبررات ليكون مجرماً، والأفكار التي تغذيه سلوكه، والدوافع الطبيعية لمثله ليخرج عن القانون، انتقاماً من السلطة التي عذبته وأهانته، والتي تجبره أحياناً على الاعتراف بما لم يعمل، والإقرار بما لم يرتكب. 
أليس من السهل على الدولة، ورجالها جزء من الشعب، ينتمون إليه ويعيشون معه، أن يكونوا معهم رحماء، وأن يرفقوا بهم ولا يسيئوا إليهم، وألا يغلظوا معاملتهم، أو يضيقوا عليهم، وألا يرهبوهم أو يرعبوهم، وألا يستخدموا العصا في التعامل معهم، وإن كان لا بد منها فلتكن آخر الخيارات، وبموجب حساباتٍ دقيقة، وفي الحد الأدنى الممكن، الذي قد ينفع ولكنه بالتأكيد لا يضر.
غريبٌ أمر سلطاتنا العربية، كأنها تريد أن تشغل نفسها، وأن توظف طاقاتها، وأن تثبت لنفسها وغيرها أنها تكد وتعمل، وتتعب وتجهد، وأنها مخلصة لقيادتها وتعمل على حماية النظام وضمان استقراره، لهذا فهي تولد المشاكل، وتنتج الأزمات، وتخرج المجرمين، لتوهم القائمين على الشأن العام بأنها صادقة ومخلصة، وأنها تعمل بجد، وأن عندها ما يبرر أفعالها، ويجيز قسوتها، وقد كان بإمكانها أن تتعلم من غيرها، وأن تستفيد من تجارب نظرائها الأجانب، كيف تكون حارسةً للقانون، وضماناً للسلم، وبوابةً للمحبة، وسبيلاً للتلاقي والتوافق، ومحل اجماع الشعب وحب المواطنين واحترامهم، لكنها تأبى إلا أن تكون دوماً عصا غليظة، وسوطاً لاذعاً مؤلماً، وقيداً ضيقاً مؤذياً، وسجناً قاسياً مهيناً، ووجوهاً كالحةً مكروهة، وسلطةً مقيتةً لعينة.

أفغانستان .. بعد انسحاب قوات الناتو/ د. عبدالله المدني

أفغانستان. هذا البلد الجميل ذو الموقع الجغرافي الصعب والموارد الشحيحة، والذي زرته مرتين في عهدين مختلفين في الستينات والسبعينات من القرن الماضي كان نموذجا للوطن الآمن المستقر والشعب المتآخي، على الرغم من تنوعه العرقي والثقافي. كان ذلك في عهدها الملكي أي حينما كانت تعيش في ظل نظام ديمقراطي تعددي على رأسه ملك (محمد ظاهر شاه) بسيط من غير تيجان وعروش، لكن بسياسات داخلية حكيمة جعلت كل الأفغان من مختلف المشارب والتوجهات يلتفون حوله كرأس للبلاد وحكم في الخلافات وصمام أمام ضد تغول الطموحات الفئوية والجهوية، وبسياسات خارجية متزنة ودقيقة في ظل استقطابات الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي. بل يمكنني القول أيضا، من واقع زيارتي لهذا البلد ومتابعتي لشئونه في عهد نظامها الماركسي، أن البلاد كانت حتى ذلك الوقت تملك مقومات الدولة المدنية الحديثة، على الرغم من ضغوط حرب المجاهدين عليها وتربص الغرب والولايات المتحدة بها وشح مواردها التنموية. فالمصانع والجامعات والمدارس والمستشفيات والمختبرات ووسائل النقل والترفيه كانت كلها تعمل بكفاءة. كما أن الحياة الاجتماعية كانت بها لمسات حضارية وتنويرية. ويمكن التأكد من ذلك من الصور الملتقطة لتلك الحقبة. والصورة كما نعلم لا تكذب!
بسقوط الملكية وخليفتها الجمهورية الماركسية بدأ مسلسل انحدار أفغانستان نحو الهاوية كما يعلم الجميع، وفقدتْ هذه البلاد بوصلتها. فالحكم الذي جاء تحت حراب الأمريكان وحلفائهم، من الباكستانيين وبعض العرب، رافعا شعار إقامة الدولة الإسلامية النقية دخلت فور استلامها السلطة في كابول في مماحكات قبلية وإثنية وجهوية، الأمر الذي مهد الطريق لخروجها سريعا من الحكم لحساب حركة اسلاموية بالغة التطرف والهمجية والتمرد على نواميس المجتمع الدولي وشرائع حقوق الإنسان. والإشارة هنا بطبيعة الحال هي إلى "حركة طالبان"، التي تربت كما هو معروف في أحضان المخابرات الباكستانية زمن ولاية الراحلة بي نظير بوتو، ولما اشتد عودها ايديولوجيا في مدارس الغلو والتطرف في بيشاور تم نقلها إلى السلطة في كابول من أجل ضمان ما تعتبره اسلام آباد حقا استراتيجيا لها في البلد المجاور لها. وبقية القصة معروفة بطبيعة الحال ولا داعي لسرها.
وهكذا فمنذ انهيار سلطة طالبان تحت القصف الجوي الأمريكي الغربي، وتفرق زعمائها في الكهوف الأفغانية والباكستانية على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، دخلتْ أفغانستان مرحلة جديدة من العنف والحروب العبثية المتوحشة عززها عاملان أولهما ضعف السلطة المركزية واختراقها من قبل بعض الموالين للطالبانيين، وثانيهما التنافس المرير بين الهند والباكستان على تعزيز نفوذهما في هذا البلد الهام استراتيجيا لكليهما في ظل تنافرها القائم منذ تقسيم الهند البريطانية، ناهيك عن تدخلات طهران بهدف تعزيز مواقع ونفوذ بعض الموالين لها ضمن "شيعة الهزارة". ويمكن هنا إضافة عامل ثالث يتمثل في الجهل السائدة في بلاد الأفغان والعقلية القبلية والجهوية المتحجرة الأسيرة لنزعة الانتقام، والتي عززتها ثقافة الكلاشنكوف الموروثة من أيام الجهاد إنطلاقا من باكستان في زمن زعيمها الراحل ضياء الحق. غير أنّ هذا لا يعني عدم الإعتراف بتحقق بعض الإصلاحات المقرونة بسلام نسبي حذر في حقبة ما بعد طالبان. إذ توسعتْ المدن وتمتع سكان الأرياف بحرية التنقل وصار المواطنون بصفة عامة أكثر رخاء وأفضل تعليما وإدراكا بفضل انتشار التلفزيون والانترنت ووجود حركة صحفية نشطة. كما أنّ الحكومة نجحت في إقامة علاقات جيدة مع كل القوى العالمية المحورية، والحصول على مساعدات دولية كبيرة، فشهد الاقتصاد الأفغاني نموا بنسبة 9.5 بالمائة، وزاد الدخل الفردي من 120 إلى 640 دولارا، لكن مع استشراء الفساد في مفاصل الدولة ورموزها.
الوضع الأفغاني المعقد والمربك الذي فصلناه فيما سبق لم تستطع لا حكومة الرئيس السابق حامد كرزاي وجيشه، ولا الإدارة الأمريكية السابقة والحالية، ولا قوات الناتو إيجاد حل جذري له. وبالمثل لن تستطيع حكومة الرئيس الأفغاني الجديد "أشرف غني" فعل شيء إزاءه. فحركة طالبان مثلا لا تعترف بالحكومة الحالية ومؤسساتها وجيشها وقواتها الأمنية المدعومة من واشنطون، وتعبرها دمية في يد الأخيرة. وحكومة كابول ليست في وارد اشراك الطالبانيين في السلطة دون تخليهم عن السلاح والعنف. والحليفان الغربي والإمريكي ليسا في وارد التعاون الجدي مع حركة لا تعترف بشيء سوى لغة القتل والتمرد على قيم الحضارة الإنسانية وقوانينها.
وإزاء هذه المواقف المتباينة لا يمكن القول سوى أن الوضع الأفغاني سيبقى على حاله بعد إنسحاب قوات الناتو من هذه البلاد وتسليم المهام الدفاعية والأمنية للجيش والشرطة الأفغانية. هذا إنْ لم يتراجع لصالح المتمردين من الطالبانيين وأعوانهم، الذين لا يخفون طموحاتهم لاسترجاع ما سلب منهم بالقوة ، خصوصا وأنهم يسيطرون على معظم المناطق الريفية الجنوبية وبامكانهم التمدد شمالا بعد انسحاب قوات الناتو عبر أعمال الترهيب وشراء الذمم.
ولربما يتوفر بصيص من الأمل في حالة الكف عن التدخل في الشأن الأفغاني من قبل الأطراف الإقليمية في جنوب آسيا، وعلى رأسها باكستان التي أفتى مجلس علمائها في العام الماضي بجواز العمليات الانتحارية في أفغانستان، وتليها إيران التي تحتضن فئة من الأفغان من أجل أن تلعب تلك الفئة الدور المرسوم لها خدمة لأهدافها الاستراتيجية والايديولوجية. 
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يناير 2015 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

نصيحة للخروف/ الدكتور ماهر حبيب

نصيحة يا خروف إنت وأخوك السلفى إللى ناوين تنزلوا يوم الوكسة يوم 25 يناير وبنقول لك شغل مخك يا خروف وبلاش تلغى الشوية الباقين فى مخك لو إنت نازل علشان قالوا لك إنزل مرسى حا يرجع 
إنزل البلد حا ترجع ليكم 
إنزل وما يهمكش وحا ندفع لك وإن مت ما تخافش عندنا مفاتيح الجنة أول ما توصل حا نتوصى بيك بكام حورية زيادة....
أول حاجة يا ناصح الدولة عملت حاجة بس إنت ما فهمتهاش ولا حا تفهمهما ...أقول لك عليها بس علشان ما ترجعش تعيط وتقول ياريت إلى جرى ما كان ...الحكومة الواعية بتاعتنا ضربت 3 عصافير بحجر واحد إنها إدت الناس أجازة بمناسبة وكسة 25 مش علشان هى بتحب اليوم ده لكنها علشان تعرف تشتغل
الحجر الأول حزب الكنبة إللى مش طايق سيرة 25 خساير قعد فى البيت يتفرج على الخرفان إللى حا تتسلخ فى اليوم ده وطبعا حا يفضى لكم الشوارع خالص علشان إللى حا ينزل يتسحل براحته
الحجر التانى فهمت النوشتاء بتوع الثورة مستمرة إنها بتحتفل معاهم بوكستهم زى ما تحايل طفل زنان عمال يعيط تقوم جايب له الشيكولاتة إللى بيحبها فيتلهى عنك شوية ويبطل زن ويمكن يهدى ويخش ينام
الحجر التالت هو إنت يا خفيف العقل وإللى يتشدد لك حا تنزلوا علشان تكسروا الدنيا حا تلاقوا الدولة بشرطتها وجيشها بتقول تعالى عند عمو وورينا شطارتك إحنا الدولة وإنتو فى الشارع وورونا حل تعملوا أيه وطبعا مش حا تجيبوا التايهة ويوم 25 حا يحصل يوم 28 نوفمبر إللى خوتونا بيه وطلع مفيش أحسن وأهدى من كده.
وبعدين ممكن تفكر ثوانى قبل ما تنزل ...لو نزلت وكسرت الدنيا حا تقدر تعمل أيه حا تعمل لك كام حريقة حا تفرقع لك كام قنبلة حا تموت لك كام واحد حا تخرب لك كام بيت ؟؟؟؟؟؟طب وبعدين يا ناصح ؟؟؟؟أولا الدولة ولا حا يتهز لها شعرة من ده والتانية والأهم إن كل واحد هو وحبايبه وأصحابه ومعارفه حا ينضر من أفعالك الحمقاء حا يبقى عدوك وعمره ما حا يفكر إنه يقبل إنك تكون شريكه فى الوطن ....يعنى يا ناصح كل ما تتصوره نجاح فى هذا اليوم سيبعدك أكثر وأكثر عن الناس وبعدين لو شفت حلمة ودنك حا يكون أسهل من رجوع مرسيك أو عودة مرشدك أو إنك حتى تفكر إنك تكون جزء من الحياة السياسية لمصر ل 500 سنة جاية
إسمع النصيحة يا خروف وإنصح باقى الخرفان إللى حواليك وإنصح إخواتك السلفيين خليكوا ناصحين وإقبضوا الفلوس إللى حا يبعتها المرشد والشاطر وطنشوا عليها وما تنزلوش و يبقى إستفادتوا راحة البال وربحتوا نفوسكم وحياتكم وحزب الكنبة مش حا يكرهكم أكتر من كده وقادة الخرفان حا يصدقوا إنهم خلاص إنتهوا وحا يسيبوا مرسى يهبل فى المحكمة علشان يجيب الإعدام لكل الجماعة .....فكروا يا خرفان إنكم لأخر مرة ما تبقوش خرفان يا خرفان

المسيحيون العرب شركاءٌ في الأرض وأصلاءٌ في الوطن/ د. مصطفى يوسف اللداوي

تزدان أرضنا العربية بسكانها العرب، المسلمين والمسيحيين، الذين شكلوا نسيجها القشيب لمئاتٍ من السنوات التي خلت، ورسموا بألوانهم لوحتها الرائعة، وزينوا بثقافاتهم المختلفة سيرتها العطرة، وعمروا الأرض الطيبة بسواعدهم الفتية وقلوبهم النقية لسنواتٍ طويلة، وعمرٍ مديدٍ قد مضى وهم يبنونها ويعلون أسوارها، ويرفعون شأنها، ويرسمون بألوانٍ زاهيةٍ اسمها، وكانوا فيها أخوةً وجيراناً، وأهلاً وأحباباً، وأصدقاءً وزملاءً، وشركاءً ورفاقاً، يحبون بعضهم، ويأنسون بأنفسهم، ويدافعون عن وطنهم، ويغارون على شعبهم، ويضحون في سبيل قضيتهم، ويقدمون أغلى ما عندهم في سبيل أوطانهم، إذ لا فرق بينهم ولا تمييز في حقوقهم، فهم جميعاً عربٌ أقحاحٌ، يتحدثون لغة الضاد، ويشربون من معين العربية الخالد، وتشرق عليهم شمسها الساطعة.
متضامنون متحابون، وجيرانٌ متعاونون، وأبناء ديانتين مختلفتين متفاهمون، وأصحاب ثقافتين عريقتين متكاملون، يناصرون بعضهم، ويساندون أنفسهم، ولا يقتتلون فيما بينهم، ولا يتمايزون في أشكالهم، ولا يعرفون من لكناتهم، ولا تفرق بينهم سحناتهم، فهم سمرٌ معاً وبيض الوجوه أيضاً، ولونٌ حنطيٌ تلوحه الشمس هما فيه شركاء، اللهم إلا من أسماء تبدو أحياناً دالةً عليهم، ومعرفةً بدينهم، وتكون لبعضهم دون غيرهم، وبدونها قد لا يعرفون أو يميزون، لأنهم معاً أبناء هذه الأرض، وسكان هذه الأوطان، ينتسبون إليها، ويفتخرون بالانتماء إليها، والعيش فيها، والتضحية من أجلها، والسعي في أفجاجها، والعمل في مرافقها.
اليوم يراد بالمسيحيين العرب شراً، وتتآمر عليهم قوى ظلامية سوءاً وضرراً، وتضيق عليهم الأرض العربية التي احتضنتهم بما رحبت، وآوتهم في جنباتها بما وسعت، وكانت عليهم حنونة وبهم شفوقة بما استطاعت، ويصعب عليهم العيش فيها وهي التي أرضعتهم من حليبها، وشب عودهم من خيراتها، وتشكلت ثقافتهم من مفرداتها، يهددونهم ليهربوا، ويضيقون عليهم ليرحلوا، ويعتدون عليهم ليشكوا ويلجأوا، وأحياناً يقتلون ويعتقلون، ويختطفون ويسامون العذاب، وتساق نساؤهم كالسبايا، ويبعن في الأسواق كالجواري، ويمتلكن كالإماء، ويعاشرن كملك اليمين، وهن الحرائر السيدات، والأخوات الفضليات، والنساء الكريمات، والشريكات المخلصات، والوطنيات الصادقات.
ليس هناك من مبررٍ لما يلاقيه الأخوة المسيحون العرب في أوطانهم، فهم يستهدفون عن عمد، ويضيق عليهم بقصد، ويساء إليهم أكثر من غيرهم، ويعتدى عليهم بأشد مما يلقاه إخوانهم، الذين يشتركون معهم في المعاناة والقهر، ويلقون أحياناً ذات المصير، ويتقاسمون العاقبة البائسة معاً، ولا يوجد تفسيرٌ لما يجري لهم على أرضنا سوى أن الذين يقومون بهذه الأعمال إنما هم جهلة وأغبياء، أو أنهم مأجورون ودخلاء، ومتعصبون وغرباء، ولا ينتمون إلى هذه الأرض حضارةً وتاريخاً، فلا يدرون ما يفعلون، ولا يعرفون عاقبة ما يرتكبون، ولا يدركون أنهم بأفعالهم إنما يرتكبون جرائم نكراء، لا يرضى عنها الإسلام، ولا يقرها الشرع الحنيف، ولا يقبل بها المسلمون الصادقون، ولا يقرها نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي آمن المسيحيين وجاورهم، وهم الذين بشروا به ومنهم من صدقه.
ربما الضيق الأشد اليوم على المسيحيين العرب هو في العراق عموماً، وفي مدينة الموصل على وجه الخصوص، كونهم أكثر المسيحيين العرب تعرضاً للاضطهاد والطرد، والقتل والخطف والسبي وحتى الاسترقاق والاستعباد، فما لاقاه الأزيديون وغيرهم من مسيحيي العراق لا نقبل به ولا نجيزه، ولا نسكت عليه ولا نرضى به، بل نشعر بالخزي منه، ونتبرأ منه وممن ارتكبه وقام به، وما يتعرض له المسيحيون العرب من اضطهادٍ لهو أمرٌ مدانٌ ومشبوه، وهو لا يخدم قضايانا، ولا ينفع أمتنا، ولا يليق بنا، بل يضر بسمعتنا، ويلحق الضرر بقضيتنا، وهو ليس من قيمنا ولا من أخلاقنا، ولا يتوافق مع شريعتنا وديننا.
فهل يدرك العابثون بالنسيج العربي أنهم يفسدون هذه الروح الحضارية العظيمة التي كانت وسادت، وأنهم يخلقون بممارساتهم الغريبة عدواتٍ مقيتةٍ، وكراهيةً وعنصريةً مرفوضة، ويشيعون أجواءً من الضيق والحرمان والاضطهاد، ما كان لها أن تكون لولا الظلم الذي أوقعوه بأيديهم على المسيحيين، فهم يجرونهم بالقوة إلى مربع الأعداء، ويصنعون منهم خصوماً، ويغذون لديهم فكرة الثأر والانتقام، ويعززون عندهم مفاهيم الغربة وعدم الانتماء، وهم يعلمون أن لهم في هذه الأرض حقاً يساوي حقهم، ويضاهي ما لهم، وهو حقٌ مقدس، وملكٌ موروث، وحرمةٌ لا تدنس.
أم أن القائمين على هذه الفتنة، والمروجين لهذه المفسدة، يريدون أن يبرروا للغرب المستعمر أن يعود، وأن يتدخل في بلادنا العربية بحجة حماية المسيحيين المضطهدين، فهذا فعلٌ يؤدي إلى هذه النتيجة، ولا حسن نيةٍ فيه، ولا سلامة قصدٍ تبرؤه، ومن يرد أو يخطط لعودة الجيوش الاستعمارية إلى بلادنا العربية، تحت أي حجةٍ أو ذريعة، إنما هو خائنٌ للأوطان، ومندسٌ بين شعوبها، وغير غيورٍ على قضاياها، ولا تعنيه حريتها واستقلالها، وسيادتها وكرامتها.
إن الأصل أن نكرم شركاءنا في الأرض والوطن، وأن نكون لهم سنداً وعوناً، وأن ننصرهم ونناصرهم، وأن نحميهم وندافع عنهم، وأن نساعدهم ونمد يد العون إليهم، وأن تكون حرماتهم مصانة، وبيوتهم مصونة، ومقدساتهم محمية، وبيوتهم محروسة، وحياتهم مأمونة، ومستقبلهم في الوطن مكفولٌ ومضمون، فنحن أقوياء بتوافقنا، ومميزون بتعايشنا، ومبدعون بتكاملنا، ومغبوطون بتعاوننا، والعرب المسلمون والمسيحيون يتباهون بتنوعهم، ويتفاخرون بتعدد ثقافاتهم، ويتكاملون بعمق أصالتهم، فلا يضام المسيحيون بيننا، ولا يسامون على أيدينا، ولا يهانون بين ظهرانينا، ولا يعتدى عليهم وهم منا وبيننا.
قديماً هاجر المسيحيون العرب وارتحلوا، وتركوا أوطانهم وهاجروا، وناءت بهم المسافات عن الأوطان، وفصلتهم عن البلاد الأصيلة بحورٌ ومحيطات، لكنهم بقوا في مهاجرهم عرباً، بلسانهم العربي المبين، وفكرهم العربي الأصيل، وثقافتهم الموروثة الممزوجة بتراب الوطن وعبق الأرض، فكانوا في غربتهم النائية كتاباً عرباً، وشعراء بلغاء، ومبدعين كباراً، ومؤرخين صادقين، ومؤلفين متنوعين، كانت الحروف العربية أداتهم، ولغة الضاد وسيلتهم، وعيونهم ترنو إلى أوطانهم، وتتطلع إلى صالح أهلهم، وما يهم شعوبهم، فهل نحفظهم بيننا، ونكون لمن بقي منهم أهلاً وحاضنة، وسنداً ويداً رؤوماً حانية، وظلاً ممدوداً حامياً، عل الباقون يثبتون، والمهاجرون إلى الأوطان يعودون.

زياد أبو عين الوجه الثوري للسلطة/ د. باسل خليل خضر

في اربعينية الشهيد زياد ابو عين اكتب كلمات هذا المقال كنوع من الواجب الوطني علينا، مع ان الشهيد زياد ابو عين يستحق اكثر من ذلك بكثير واتمنى ان يتم كتابة الكثير من الكتب لتوثق عظمة ونضال وفكر وحياة هذا القائد الوطني العظيم.

قبيل استشهاد القائد العظيم والصديق الصادق؛ ومن شدة انجذابي بأسلوبه في النضال وطريقته في الكفاح، دونت له تلك العبارة ""زياد أبو عين الوجه الثوري للسلطة"" فأن شهيدنا الوزير منذ بداية حياته كان مقاوما عنيداً ورجلاً صلباً لا يعرف سوى التضحية من أجل الوطن، وفي أصعب الظروف التي تمر على فلسطين كنا نبصر ذلك الرجل شامخاً مرفوع الرأس ويتفاخر بوطنه ويبعث الامل في نفوس المواطنين، خلال حياتي ومتابعتي للمكافحين الفلسطينيين لم أتوقع أنني سوف أذهل برجل بهذا القدر؛ مع ان طبعي هو الانتقاد، فقد كنت ارصد يوميا جولات المقاومة التي كان يخوضها وكنت بعد كل معركة اشكر ذلك البطل على جهوده العظيمة التي كان يبذلها، فكنت من أشد المؤيدين والمناصرين لفكر ومنهج الوزير ابو طارق.

تربى زياد أبو عين منذ صغرة على مقاومة الاحتلال، وانضم الى صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وباشر في الكفاح المسلح للاحتلال، وحسب اعتراف العدو فان شهيدنا قام بتنفيذ الكثير من العمليات المسلحة ضد اسرائيل وما عرف منها هو قتل اثنين من جنود الاحتلال، وتم اعتقاله في الولايات المتحدة وتسليمة الى اسرائيل، وقضى في السجون الاسرائيلية والامريكية قرابة الثلاثة عشر عاما، تولى الكثير من المناصب داخل حركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، فكان محل ثقة الجميع، كانت اهم المناصب للشهيد وكيل وزارة الاسرى لفترة وطويلة، ورئيس هيئة مكافحة الجدار والاستيطان برتبة وزير وتم اغتياله بعد تولية هذا المنصب بعدة شهور.

فلسطين رزقت بكثرة ابطالها، ولكن ما الذي يجعل زياد ابو عين يتميز عنهم، ان المناضل الفلسطيني يبقى يكافح ضد الاحتلال حتى اذا ما تولى منصب في السلطة فيتحول عن المقاومة ويتفرغ الى ادارة وظيفته، ولكن نحن امام حلة تختلف عنهم هو الوزير زياد ابو عين فقد خرج عن العادات والعرف، فإننا كنا نتفاجأ عندما يتولى منصب يتحول ذلك المنصب الى ساحة مقاومة ضد الاحتلال، عندما كان وكيلا لوزارة الاسرى لم يكن ذلك المنصب عبارة عن حالة معقدة من الادارة، وانما جعلة ساحة لمقاومة المحتل، فكان لك المنصب في عهد زياد ابو عين يتسم بالطابع الثوري وليس الاداري، ولذلك قام الرئيس بتعينه وزيرا لهيئة مكافحة الجدار والاستيطان، فتحولت هذه الهيئة الى جيش عظيم يهدد المشاريع الصهيونية، واصبحت الهيئة عبارة عن ساحة حرب مفتوحة لمواجهة الاستيطان والاحتلال، ومع العلم ان هذه الهيئة موجودة من قبل ولكن لم نسمع عنها وعن عملها الا بعد تولي الاخ ابو طارق رئاستها.

لماذا أعجبت بالشهيد زياد ابو عين:

بإمكان ابو طارق عندما كان وكيلا لوزارة الاسرى ان يجلس في مكتبه ويقوم بتوقيع الاوراق كل يوم ويمارس الروتين اليومي لكل وكيل وزارة، ومن ثم يعود لمنزلة يستمتع بوقته وبالرفاهية التي يعيشها أمثاله، كان يمكن ان يعيش حياة بدون مشاكل وبدون عبء يتحمله يوميا، ولكنه رفض اغراء الرفاهية والراحة، وكان يحمل امنيات الاسرى في صدرة ويتحمل آلامهم ويصرخ صرخاتهم، لم يكن انسان عادي، بل كان لا يترك مثقال ذرة من طاقة لدية إلا ويستغلها في تحقيق أهدافه التي وضعها نصب عينيه بتحرير كافة الاسرى الفلسطينيين.

 أقتبس فقره نشرها الشهيد يوم 27 سبتمبر 2014 "الوطن يتطلب انتمائنا اليه، وواضح ان حاله الفعل البشري لنا كمواطنين بها قصور، نتاج تغيب ربط الذات كمصلحه بالمشروع العام فالتقدم والازدهار والرفاهية لن تتحقق الا بتحقيق الحرية والاستقلال ورحيل المحتل ...توجه النداءات لأي فعل نضالي تعبيري ومن اي جهة تجد الاكبر قصورا هم اولئك المستفيدين من المشروع الوطني وظيفه ومركز او خدمه" وفي هذا المنشور يعاتب المستفيدين من السلطة ولا يستمعون لنداء الوطن.

ولشدة اعجابي بشخصيته كتبت له عندما تولى منصب رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ""اخ ابو طارق انت تعلم جيدا انك مسؤول عن اهم عمل وطني في فلسطين وهو ازالة المستوطنات والجدار, وهذا يتطلب جهد كبير, وانا اتوقع ان تكون ازالة الجدار والمستوطنات على يديك انشالله, اتمنى التوفيق والنجاح ‏19 سبتمبر، 2014‏، الساعة ‏02:00 مساءً‏""، وبالفعل عندما تولى هذا المنصب كان ثائرا لا يتوقف عن العمل، كان بإمكانه ان يكون مثل من سبقوه في الهيئة، فكان الانسان الوحيد في هذا الكون الي يعمل في وزارته على مدار الساعة في الليل والنهار فكان كل وقتة في عمله، يذهب في الصباح الى المستوطنات والاراضي المهددة وفي الليل يكرس وقته في نشر اعمال الهيئة على مستوى عالمي، حتى اصبح يصل صوتها الى كافة المواطنين والى انحاء كثيرة من العالم، واخ ابو طارق على عاتقة مسؤولية فضح ونشر جرائم الاحتلال الى كل بقعة في العالم، وبالفعل أصبح زياد ابو عين يشكل خطر حقيقي على وجود الاحتلال، فعلا كنت احب لك الرجل واقول عنه ماكينة من الابداع لا يمكنها التوقف عن صنع الانجازات الوطنية الفلسطينية.

كيف لا أحب ذلك الرجل الذي كان أول عمل له بعد تولية وزير الجدار والاستيطان هو ذلك المنشور ""19 سبتمبر، 2014 الى كل الاصدقاء اللذين لهم باع او تخصص بالقانون الدولي بالعالم ويرغبون ان يساهموا بالاستشارات او المساعدة الطوعية بالدفاع او المقترح او الراي او الاستشارة بالدفاع عن حقوق شعبنا بمواجهه الجدار والاستيطان لطفا اعلامي لنتعاون معا ونستفيد منكم بمعاركنا القادمة اخوكم زياد ابو عين رئيس هيئه مقاومه الجدار والاستيطان"" هل هناك وزير يطلب المساعدة والنصيحة من العامة في اول عمل له في وزارتة نعم انه الوزير ابو طارق، وبالفعل قدم الكثير من الاشخاص النصيحة والارشادات والمقترحات، وتقدم مرة اخرى بطلب المساعدة ""19 سبتمبر، 2014 اهلنا واصدقائي بالقدس الحبيب وفق قاعده الشراكة بالرأي والفكر والعمل اتقدم منكم للاستنارة والمساعدة بهموم الاستيطان الجدار مقاومته فكركم رايكم وما الممكن مساندته لصمودنا وتعزيز فلسطينية عاصمتنا"" فكتب له الجميع ان هذه الخطوة هي دليل الانسان الناجح والذي يسعى لتحقيق اهدافه وفعلا أصبح الوزير الاكثر نجاحا في فلسطين.

زياد ابو عين كان الاكثر حفاظا على وصية الشهيد ابو عمار، فبعد ان خاضت حركة فتح الكثير من الحروب المسلحة وصلت الى نتيجة ان الوقت غير مناسب للمقاومة المسلحة، فاتخذت حركة فتح بقيادة الشهيد الرئيس الراحل ابو عمار القرار المهم في تاريخ الحركة وهو خيار المقاومة السلمية كخيار استراتيجي مؤقت، وعندما تم ها القرار ظن الكثير ان المقاومة توقفت وخلدوا الى النوم والراحة او الانشغال بالسلطة وادارتها، ولكن زياد ابو عين لم يكن يؤمن بالنوم والراحة، وأخذ بوصية الشهيد ابو عمار بان المقاومة بدأت ولم تتوقف، وكان يعتقد ان المقاومة السلمية اصعب بكثير من المقاومة المسلحة، واننا يجب ان نعمل بكل جهد لتحقيق اهداف المقاومة السلمية لقد اخذ بوصية ابو عمار وحول المواجهة السلمية الى مقاومة حقيقية.

من كان يقترب من الشهيد زياد ابو عين كان يؤمن ان هذا الشخص يحمل بداخلة مكونات انسان عظيم، لم يكن يعرف اليأس، رغم كل ما تعانيه فلسطين من مصائب كان يؤمن بأنها زائلة وان الفرج قريب، فمنذ اليوم الاول لحرب غزة 2014 كان يقول لي بأنها قريبا سوف تنتهي واستمر يردد هذه المقولة طوال الحرب، فكان متفائل بالنصر والحرية والوحدة، كانت اخر كلمة قالها لي قبل استشهاده بانه بإذن الله قريبا سوف ننتصر ونحقق الدولة.

وبعد ايام من هذه الكلمة وصلتني رسالة لوكالة اخبار على الهاتف مكتوب بها اغتيال الوزير زياد ابو عين، لم اصدق ما في الرسالة، وقلت لنفسي اكيد جريح او لم يتم إصابته من الاصل، ورجعت مسرعا الى المنزل كي أتأكد من الخبر، ورغم ان الكهرباء كانت مفصولة تدبرت امري من خلال بطارية لتشغيل الانترنت، وبحثت عن الخبر واذا صدمني مقطع فيديو يوثق عملية الاغتيال، فكانت جريمة على مرأى ومسمع العالم كله، كان زياد ابو عين في ذلك اليوم ذاهب لزراعة اشجار الزيتون في اراضي مهددة بالاستيطان، ليثبت حقنا في هذه الارض، وكنت أنتظر يومها بفارغ الصبر ان يعود الوزير من قرية ترمسعيا وينشر إنجازاته لهذا اليوم ويوثق ذلك بالصور كما كان يفعل بعد كل معركة.

فمنذ ان تولى منصب رئاسة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان اخذ بتكرار المعارك في الاراضي المهددة بالاستيطان وتوثيق ذلك، وكان يذهب بنفسه الى ساحة المواجهة، لم يكن يؤمن بانه يمكن ادارة الثورة من المكتب، فكان يتقدم الناس قبل دعوتهم لأي فعالية، وهو من يواجه الجنود والمستوطنين بصدره العاري، كان يحرج إسرائيل بنشاطاته المميزة التي كانت تهدف لفضح جرائمهم وارهابهم، حتى انه يوم استشهاده أقسم لاحد الصحفيين أنه اليوم سوف يحرج اسرائيل.

كانت اخر كلمة له قبل لحظات من اغتياله قال هذا جيش ارهابي يقوم بالاعتداء علينا ونحن جئنا لزراعة الزيتون ولا نحمل سلاح ولا نعتدي عليهم.

أي انسان كان يعرف الشهيد ابو طارق حقاً وعن قرب كان لا بد أن يبكي على استشهاده، فبعد ان تأكدت من خبر استشهاده شعرت ذلك الشعور عندما استشهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وامتلئ قلبي بالحزن واخذت اعبر عن مشاعري الحزينة في ذلك اليوم وكان اهم ما كتبت في ذلك اليوم هو قصيدة رثاء للشهيد زياد ابو عين مع انني ليس بشاعر ولكن حجم الحزن كان لا يطاق وهذه هي القصيدة:

أتقدم لروح الشهيد القائد زياد ابو عين بهذه القصيدة

كـــــلــــنــــــا زيـــــــــــاد

حـــــــــمــــلـــت فــــيـــنـا حــــــلــم الـــوطــــــن يا زيــــاد .... 
ولــــــــقــــنــــتـــنـــا حــــــب الارض فــــي كـــل مــــيــعــاد

طـــــاردت بــني صـــهيون بـــسلاح الاجــداد .... 
وجــــعــــــلــــــت فـــــي الـــــــــســــلام وجـــــعـــاً للأوغـــــــــــاد

أســــروك ثــلاثة عــشر عــاماً كــلها أمــجاد .... 
ومـــــــــا اســـــتطاعـــوا اخـــــضاعــك يا قــلب العناد

أكـــــمــلــت مـــــشـوارك وحـــبـك للــوطــن ازداد .... 
فأنت خير من ضحى للوطن وأكثر من جاد

في كل منصب بالنضال (أبو عين) عاد .... 
مــــــــــــــواجــــــهــــة ومــــــــطـــــاردة وحــــــــــــسن اعــــــــــــداد

كـــــنــــت بـــيــنــهــم بطلاً مهما كثرت الاعداد .... 
وصـــــــــنـــعـــــت فــــــلــــســفـــة الــــمواجــــهة بـــلا فساد

فــــيــا عـــيــن لا تــبـــكي عـلى مــن بالدم جاد .... 
شـــــــــهــــــيـــــــدا ســــــكـــــــن الـــــوجــــدان بـــحـــب ووداد

قـــــتــــلــوك وانـــــت تــــــــزرع زيــــــــتـــــــون الـــــــــبـــلاد....
فــــــــكـــــــان الـــــــــــرد الـــــثـــوري كـــــــــــلــــنــــا زيـــــــــــــــــــــــــــــاد

تروتسكي فلسطين: المفكر والمناضل أبو اياد/ د. باسل خليل خضر

ليس غريب على قوى الشر ان تغتال قادة عظام أمثال أبو اياد و أبو الهول وفخري العمري، أوهبوا لفلسطين حياتهم وقاوموا المحتل بكل حماسة، وها نحن تمر علينا ذكرى استشهادهم فيجب علينا ان نعطيهم حقهم مقابل ما قدموه لفلسطين، الشهيد أبو اياد صلاح خلف اغتاله الموساد الإسرائيلي على يد العميل لديه" حمزة أبو زيد" بتخطيط وتوجيه من "صبري البنا" زعيم منظمة أبو نضال في 14 يناير 1991 تونس في عملية طالت القيادي في حركة فتح هايل عبد الحميد الملقب بأبو الهول والقيادي أبو محمد العمري الملقب بـ فخري العمري حيث كان الثلاثة يعقدون اجتماعا في منزل أبو الهول، حين اقتحم المنزل العميل "حمزة أبو زيد" وكان أحد افراد طاقم الحراسة للشهيد أبو الهول.

 لقد كانوا أبطالاً حقيقين، أوجعوا العدو كثيرا بمقاومتهم وفكرهم وثقافتهم العالية، وفي هذا المقال نحن بصدد الكتابة عن مفكر عظيم ومقاوم عنيد وجريء، صلاح خلف أبو اياد من سكان غزة.

أطلق علية البعض لقب تروتسكي فلسطين وذلك لأنه يتشابه مع  ليون تروتسكي: ماركسي بارز وأحد زعماء ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917م ومؤسس المذهب التروتسكي الشيوعي الذي يدعو إلى الثورة العالمية الدائمة ، وهو أيضاً مؤسس الجيش الأحمر ، كان له الأثر الفعال في القضاء على أعداء الثورة ، حيث يعتبر أفضل العقول في الحزب الشيوعي، فأن شهيدنا أبو اياد يتشابه في كثير من الأمور مع تروتسكي وفي هذا المقال سوف نذكرها.

يعتبر أبو اياد أحد أهم منظري الفكر الثوري لحركة فتح ومفكرين الثورة الفلسطينية وكان من مؤسسين الثورة الفلسطينية وحركة فتح، تمتع بعقلية عبقرية مكنته من القيادة السليمة في حركة فتح، كان من اكثر الاشخاص الذين يدعون الى توسيع الثورة وكان اكثر حضورا على المستوى العربي فكل مرة يظهر فيها كان يضيف الجديد من الآراء والمواقف التي تخص الأمة العربية جميعها، ولذلك فقد قال المقربون من صلاح خلف : انه صاحب شخصية مركزية تجاوزت الحدود الفلسطينية، وقد شغل مناصب كثيرة خلال مشواره النضالي من ضمنها مسؤول ملف الامن في حركة فتح، وعضو لجنة مركزية ويعتبر من اشهر اعضائها على الاطلاق، ويتمتع بالذكاء والقدرة على إصدار القرارات إلى جانب استطاعته إرضاء كل الأطراف المتنازعة اكثر من أي شخص آخر، وكما كان يعتبر تروتسكي الرجل الثاني بعد لينين فأن شهيدنا أبو اياد كان يعتبر الرجل الثاني بعد ياسر عرفات رحمة الله عليهما.

من أهم ما قدمة ابو اياد على نطاق التنظير والفكر انه  أول من طرح فكرة الدولة العلمانية في فلسطين، التي يتعايش فيها الأديان الثلاثة (المسلمون والمسيحيون واليهود) متساوون في الحقوق والواجبات، وكان شهيدنا من أبرز المحاورين على كافة المستويات العالمية والعربية والمحلية فكان يتمتع بقدرة كبيرة في صياغة التوجهات والمواقف والتصريحات، وكان يجيد وضع الاستراتيجيات ويتقن بناء التحالفات.

كما ذكرنا فأن تروتسكي اسس الجيش الاحمر الذي وصل فيما بعد الى اقوى جيوش العالم، فأن شهيدنا أبو اياد أيضا قام بوضع ركاز واسس جهاز الرصد الثوري وهو الجهاز الامني الخاص بالثورة الفلسطينية وحركة فتح، وأوصل أبو اياد هذا الجهاز الى أعلى مستويات  سواء على المستوى الاقليمي او العالمي، وقد اعترف بقدرة هذا الجهاز خبراء الامن في العالم، ووصل جهاز الرصد الثوري على المستوى الخارجي مرتبة نافس فيها الموساد الإسرائيلي والسي آي ايه الأمريكية والكي جي بي السوفياتية بالرغم من الإمكانيات المتواضعة للثورة الفلسطينية.

ما يميز أبو اياد انه كان رجل جريء في كل تحركاته، وكان يستبق الاحداث بقرارات سليمة، فمن المعروف عنه انه كان يتخذ قرارات بدون الرجوع الى اللجنة المركزية لحركة فتح، وفي الغالب كانت اللجنة توافقه على قراراته، وايضاً كان جريء في طرح أفكاره الخاصة به، وأهم ما يميزه موقفة الواضح من حرب العراق على الكويت رغم ان القيادة الفلسطينية كانت تقف بجانب الرئيس صدام حسين الا انه كان يرفض التدخل في مثل هذه القضايا وأعلن رفضه الصريح لحرب صدام حسين على الكويت.

من أهم مبادئ الشهيد أبو اياد أنه كان يقول (أنه دائماً يقف مع الأحداث التي تؤدي في النهاية لتحرير فلسطين المحتلة وتخدم كل مصالح الشعب الفلسطيني الذي يعيش في أرضه المحتلة أو يعيش متفرقاً بين الشعوب العربية المجاورة)، هذه الكلمات تبين مدى حرص الشهيد المناضل على الحفاظ على القضية الفلسطينية، وحرصة الشديد على تحديد مسار النضال من أجل الوصول الى تحرير فلسطين التي كان يحلم بها.

رحم الله شهيدنا البطل أبو اياد والشهيد أبو الهول والشهيد فخري العمري.

الرد على المشككين/ الشيخ د مصطفى راشد

عالم أزهرى 

منذ 30 عاماً تقريباً هى بداية رحلتى مع تنقية وتصحيح التاريخ وكتب التراث الإسلامى من الأكاذيب الكثيرة وفتاوى وتفسيرات العنف المجرمة المريضة ، وأنا أتعرض لهجوم شرس من الأفاعى السامة وطيور الظلام ، مرة بالتكفير ومرة بإهدار الدم ، ثم ظهرت فى الأونة الأخيرة أساليب جديدة رخيصة ودنيئة للنيل منى ، ولأن أتباع الشيطان لا يعرفون الأصول أو المبادىْ المحترمة للخلاف العلمى ولايفهمون معنى الخصومة الشريفة ، فقد تبارت الأصوات عبر القنوات الفضائية والصحف ومواقع الإنترنت والمؤتمرات  والخطب ايضاً ، تنهال علىّ  للنيل من شخصى  المتواضع ، بدلاً من المناقشة العلمية  لمانقول به من عدم وجود مخطوطة لكتاب صحيح البخارى المذعوم ، وأن الحجاب ليس فريضة إسلامية، وعدم وجود حَد للردة أو الرجم أو حَد لشارب الخمر  فى الإسلام، وأن اللحية ليست من السنة، وأن الصيام ليس فرض وغيرها من المواضيع  التى قدمنا الأدلة المانعة القاطعة عليها عبر الفضائيات والصحف وبموقعنا على الإنترنت وايضاً من خلال مؤلفاتنا الـــ 23  ، فوجدتهم  يهاجمون  شخصى المتواضع بإتهامات نذكر منها ،أولاً :- منهم من قال على أحد الفضائيات التى تسمى ( صفا) بأننى تشيعت  ( أى أصبحت شيعياً ) ، ودلل على ذلك بكلامى فى قناة العراقية حيث كنت أوجه رسالة للشعب العراقى ، وطالبتهم بالتوحد سنة وشيعة ضد داعش، وقلت أن السنة يحبون آل البيت مثل الشيعة أى أنه لا فرق بينهم فى الأركان ، وقلت أن السيد على السيستانى رجل حكيم يجب أن نستمع له، وكان هدفى هو التوحد فى مواجهة داعش ومن صَنَعَهُم من أمريكا وإسرائيل  ----- ثانياً : - منهم من قال بأننى لست بأزهرى ودلل على ذلك بكلام دار الإفتاء وكلية الشريعة جامعة الأزهر حيث قالا بعدم حصولى على دكتوراة من الأزهر فى موضوع الحجاب ليس فريضة إسلامية – ورغم أنى رديت على هذا الكلام على الهواء فى برنامج صح النوم يوم 12-12-2014 مع الأستاذ محمد الغيطى لكننا  نعيد  ونوضح ، أنه سبق أن  إنتشرت على الإنترنت عبر أكثر من مليونى موقع فى النصف الأول من عام 2012  شائعة مفادها أننى قد حصلت على دكتوراة جديدة من الأزهر فى موضوع الحجاب ليس فريضة إسلامية ، فما كان منى إلا أنى سارعت على الفور بنفى ذلك فى حوار مطول مع مجلة روزاليوسف يوم 28 يوليو 2012 وجريدة الوفد يوم 30 يوليو 2012 وغيرهما من الصحف، ووضحت أنها فتوى صدرت لى بكتاب منذ 10 سنوات  ، ثم بعد ذلك بمدة قامت دار الإفتاء المصرية وكلية الشريعة والقانون  جامعة الأزهر فرع دمنهورالموجود بها ملف تخرجى ، بالرد على السائلين بخصوص هذا الموضوع وقد نفى كليهما حصولى على الدكتوراة فى موضوع الحجاب ليس فريضة إسلامية – ثالثاً : - منهم من قال بوجود فيديو لى على الإنترنت أقول فيه أننى تنصرت أى أصبحت مسيحى  وبداية بالفعل أنا أؤمن بالمسيحية واليهودية لأنها رسائل من عند الله لكن ايضا أنا لم أضع أى فيديو على الإنترنت  وعندما بحثت على هذا الفيديو المذعوم وجدت تسجيل صوتى وليس فيديو صنعه محترف حيث وضع الصوت ومعة صورة ثابتة لى أخذها من غلاف روايتى ( إنه أخى ) ومن يستمع لهذا التسجيل لنهايته سيكتشف بكل سهولة أنه تم بثلاث أصوات مختلفة لا تحتاج جهد منى لنفى صلتى بهذا التسجيل 
رابعاً : – وجدت هجوم على شخصى من مجلس أئمة مذعوم لإستراليا  وهو مجلس لا وجود له  لكننى وجدت العديد ممن يتصيدون لى يعلنون  هذا الإكتشاف العظيم وأنى شخصية وهمية 
خامساً : - هناك من قال بأنى مطارد قضائيا رغم أن عمرى 55 عاماً لم يشكونى أحد فى حياتى لذلك طلبت فيش جنائى لى فى 16-12-2014 من قسم منتزه أول بالأسكندرية  وجعلته متاح لمن يرغب فى نسخة منه  وتمنيت أن يشكونى  أحد كى يثبت القضاء برائتى  وأستفيد بمبلغ تعويض  يساعدنى على المعايش لأنى لا أتاجر بالدين ولا أتكسب منه الملايين مثل من سبو شخصى كالمدعو خالد الجندى وغيره ، ولا أعرف يوماً حياة البذخ والفشخرة التى يعيشها هؤلاء 
سادساً : - هناك من يترك  ماقُلت به  أنا  علمياً رغم أهميته ، ويتصيد همزة وضِعَت خطأ سهواً على نبرةً أو على سطر  دون أن يعلم أن قواعد النحو واللغة هى من صنع البشر مثل مالك وسيبويه وأن القرآن الكريم ذاته ظل بعد وفاة الرسول (ع) بمئتى عام بدون تنقيط أو تشكيل حتى أتى أبو الأسود الدؤلى وقرر تنقيط وتشكيل القرآن  ثم جاء بعده الخليل ابن أحمد الفراهيدى ولم يعجة تنقيط وتشكيل أبو الأسود الدؤلى فأعاد تشكيل وتنقيط القرآن حتى وصل لنا على ماهو عليه الأن وكلها أراء ووجهات نظر بشرية ، لذا وجدنا القرآن متعدد القراءات والتفاسير فمتى يفهم هؤلاء بدلاً من أن يحفظوا 
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وإبتغاءِ رِضَاه  
الشيخ د مصطفى راشد  عالم أزهرى مصرى  وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة 
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى 
ورئيس منظمة الضمير  العالمى لحقوق الإنسان
E -  rashed_orbit@yahoo.com   
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699   

إحتكار السلطتين/ د. عدنان الظاهر

نعم، إحتكرت الأحزاب التي حكمت العراق بعد إحتلاله عام 2003 السلطتين التنفيذية والتشريعية وأحكمت الطوق حولهما بضراوة وحَرَدٍ غير مسبوقتين. فتكررت الوجوه ذات الوجوه وتكررت أسماء الفاسدين والحرامية نفس الأسماء لنفس الحرامية وسارقي المال العام. لا علمَ لي بأسماء أعضاء وعضوات مجلس [ النائبات ] والنوّاب في برلمان العراق في دوراته الإنتخابية السالفة لكني أعرف بعض الأسماء ولا بأس من ذكرها لتوضيح مرامي وليتابع هذا الأمر الأخوة السادة الساسة ورجال الإعلام النظيف ومن يعنيهم شأن ومصائب عراق اليوم وما فيه من وضع يسميه البعض " العملية السياسية الجديدة " !
أبدأ برأس الهرم السياسي التنفيذي أعني رئاسة الجمهورية العراقية ... فهل في رجاله الأربعة إستثناء من فكرة وموضوع مقالتي هذه ؟ كان السيد فؤاد معصوم قبل رئاسته الحالية للجمهورية وزيراً أو نائباً لست متأكداً تماماً مما وما كان لكنه لم يأتِ إلى رئاسة الجمهورية من فراغ ولا من خلف حدود العملية السياسية الراهنة ( إمبراطورية السيد بريمر ). الشخصية الثانية معروفة للقاصي والداني وهي شخصية مثيرة للجدل فيها شئ من الكاريزما وأقصد السيد نوري المالكي الذي ( تزحلق ) أو الأصح ، وُضع على منزلق عموديٍّ سحيق عميق فتدحرج من رئاسة الوزراء لدورتين إنتخابيتين ليغدو نائباً أوّلَ لرئيس الجمهورية. أما السيد أُسامة النجيفي، النائب الثاني أو الثالث للرئيس معصوم، فإنه هو الآخر يُشارُ له بأكثر من بنان : كان رئيساً لمجلس النواب لدورة برلمانية واحدة أو لأكثر من دورة ... دورة واحدة وكسور الدورة. نائب الرئيس الثالث هو الطبيب السيد أياد علاّوي كان رئيساً للوزراء ثم نائباً في مجلس النائبات والنوّاب دائم الغياب ... يستنكف من حضور جلسات هذا البرلمان!
أربعة وجوه في أعلى سُلّم السلطة التنفيذية تكررت ولكن على وجوه ومسؤوليات مختلفة، تختلف المسؤوليات وتبقى الوجوه ذات الوجوه وعلى العراقيين والعراقيات قبول وتحمّل هذا البلاء العظيم كانه القَدَر المُنزل الذي لا يُرد.
كم وزيراً بقي وزيراً [[ ووزيرٍ هو زيرٌ ... لأحد الشعراء ]] يدور بين الوزارات كأنه في سياحة حلزونية يتنقّل فيها من طابق في بيته العامر الشامخ لطابق آخر ومن حجرة لأخرى متمتعاً برواتب ومخصصات وامتيازات خيالية بل وخرافية. لعل السيد هوشيار زيباري هو الأكثر حظاً بين باقي زملائه الوزراء فلقد ظلَّ لثماني سنين وزيراً للخارجية ليغدو بعد ذلك وزيراً للمالية فأية وزارة سيشغل هذا الرجل في الدورة البرلمانية القادمة ؟
عادل عبد المهدي : كان نائباً للرئيس مام جلال طالباني وهو اليوم وزيرٌ للنفط ! لا أعرف اختصاصه الدقيق وفي أي مجال أخذ شهادة الدكتوراه.
إبراهيم الجعفري : كان رئيساً للوزراء وهو اليوم وزير الخارجية. إختصاصه ومهنته طبيب خدم مهنته لأخر مرة في مستشفى كربلاء كما أخبرني هو في لقاء لي معه أواسط أو أواخر ثمانينيات القرن الماضي يومَ كان مقيماً في إيران ويزور بعض البلدان الأوربية كناشط إسلامي.
الدكتور حسين الشهرستاني : كان نائباً لرئيس الوزراء السابق لشؤون النفط والطاقة وهو اليوم يشغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي وهو يستحق هذا المنصب وبجدارة .. كلمة حق يجب أنْ تُقال. درس في بريطانيا ثم في كندا وعمل في العراق باحثاً علمياً لعشرة أعوام في معهد الأبحاث النووية في التويثة ثم سجنه البعثيون وباقي قصته معروفة فصّلها هو ونشرها في بعض وسائل الإعلام.
السيد سعدون الدليمي ذو الوزارتين بالوكالة : وزارة الدفاع والثقافة ! كيف اجتمعت هاتان الوزارتان المتناقضتان فيه وبين يديه ؟ الجواب لدى رئيسه السابق السيد نوري المالكي أبي أحمد وإسراء.
ما هو وأين هو اليوم ؟ نائب في برلمان العبادي !
عرفتُ أمس في برنامج الساعة التاسعة في فضائية السيد أنور الحمداني [ أقصد السيد عون حسين الخشلوك ] أنَّ وزير الصناعة الحالي السيد نصير العيساوي، من الكتلة الصدرية، كان عضواً في البرلمان السابق فقفز من مجرد نائب إلى وزير صناعة ... هكذا تدور الأمور وهكذا تدور عجلة الزمان في عراق بريمر وما بعد الإحتلال الذي ما زال بعض المطبّلين والمهرجين المشبوهين والعميان يسمّيه تحريراً !
لا أعرف باقي وزراء كابينة الدكتور حيدر العبادي وكم وزيراً فيهم سبق وأنْ تقلّد مناصب وزارية في الدورات البرلمانية السابقة .. كما أجهل اختصاص السيد العبادي الدقيق وما كان موضوع رسالته للدكتوراه.
كم سفيراً بقي سفيراً على مدى السنين العشر أو الثماني المنصرمة ؟ وكم وكيلاً لهذه الوزارة أو تلك وكم مستشاراً وكم مديراً عاماً لم تغيّرهم الأعوام والأحداث الجسام التي مرّت وعصفت بالعراق ؟ 
الآن جاء دور نائبات ونوّاب البرلمان العراقي.
لستُ متابعاً جيّداً لشأن هذا البرلمان إلاّ ما يتساقط صُدفةً أو سهواً من أخبار أعضائه وعضواته عدا بعض الأمثلة مما يحضرني في هذه الساعة :
النائب السابق عن محافظة بابل، أو مدينة الحلة، السيد علي الشلاه. لم يفز بمقعد نيابي فعيّنه رئيس قائمته السيد نوري كامل المالكي رئيساً لمركز الإعلام أو الهيئة الوطنية لشبكة الإعلام العراقية ... صعب ضبط عنوان هذه الدائرة ... لا " يُدبّرُها " إلاّ السيد الأستاذ محمد عبد الجبار الشبّوط !
نائب الحلة السابق الثاني دكتور الكيمياء السيد وليد عبد الغفّار محمد الشهيّب [ الحلي ] لم يحظّ برضا السيد المالكي فلم يمنحه مقعداً برلمانيا في الدورة الأخيرة فهل يتركه يستجدي في طُرُقات بغداد والحلة ؟ كلاّ ثم كلاّ ! إنها المحاصصة واحتكار السلطتين وجشع الإلتهام السرطاني الوبائي. كانت حصته من هذه السلطة المحاصصاتية أنْ يكونَ وكيلاً لوزارة التجارة على ما أحسب.
نائب ثالث سابق عن محافظة بابل، كان هو الآخر ضمن قائمة السيد المالكي هو المحامي السيد حسين السيد منصور حسين الصافي الياسري وهو من عائلة أقامت في مدينة الحلة وعُرفت بالكرم والنزاهة والأخلاق الحميدة. لم يفزْ بمقعد برلماني فتم تعيينه مستشاراً في وزارة المرأة كما علمت أخيراً من سيدة هي الأخرى عضو اليوم في مجلس النواب. هذا السيد يستحق أكثر من هذه الوظيفة .. يُرشّحه تأريخه وتأريخ والده وباقي أسلافه لمنصب وزير العدل لا أقلَّ من ذلك فليسمع السيد العبادي.
كم نائباً من نواب اليوم نساءً ورجالاً ظلّوا على مرِّ السنين نوّاباً ونائباتِ ومتى يأتي دور غيرهم ليشغلوا هذه المقاعد ويجربوا حظوظهم ويجرّبهم العراقيون المغلوبون على أمورهم من باقي العباد ؟
أعرف السيدات حنان الفتلاوي وعالية نصيف وميسون الدملوجي وفيان دخيل وصفية السهيل ولا أعرف أكثر من ذلك. تتكرر الوجوه والأسماء ويظلُّ العراق ذاك العراق يعاني وينزف ويتأخر ويغرق بالمزيد من الفساد والسرقات والفضائح وتهريب الأموال ففي أي زمن يعيش العراقيون ومكتوب عليهم أنْ يقبلوه ويتعايشوا معه ومع ما فيه من بلاوي ومصائب ؟
أرجو من السادة المتابعين للشأن السياسي العراقي نشر قائمة بأسماء نواب البرلمان الذين ظلّوا نوّاباً لأكثر من دورة برلمانية وما مصير من لم يفزْ منهم بدورة ثانية فإنهم المدللون وإنهم من ذوي الحظوة والجلال أما باقي الناس فإنهم من تراب.
يحضرني مثال أخير لبهلوان شهير بالتقلبات السياسية شهادته بالمراسلة لا تعترف بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية ...سبق وأنْ تنازل عن مسؤولية سياسية شرفية كبيرة أولاها له حزب سياسي عراقي عريق مقابل وظيفة كلّفه بها حزب البعث العراقي أواخر سبعينيات القرن الماضي فطرده حزبه وجرّده من عضوية الحزب العالية. غدا هذا البهلون المعروف بالجشع والشُحة وتقلّب القرود وزيراً في وزارة الطبيب أياد علاوي ... كرّت الأعوام فعاد اليوم نائباً في البرلمان العراقي كأنَّ الأمهات عقمت في العراق وكففن عن الإنجاب ليرتفع شعار [[ من قلّة الخيل ... الرحمة للملاّ عبود الكرخي فهو صاحب هذا الشعر ]].
خلاصة القول أو " قيطان الكلام بلغة ومنطق السيد جاسم المطير .. " أنَّ الحياة السياسية في العراق تمر بدورة مغلقة تُفقّس فيها وتُفرِّخ ذات الوجوه ونفس الأسماء ونفس أعضاء الأحزاب المهيمنة على الساحة إلاّ بعض التغييرات ووضع بعض الرتوش هنا أو هناك بين فترة وأخرى فمهما حصل من تبديل وتغيير يبقى قرارُ [ مقام الرستْ ] ثابتاً هو هو أي خوجة علي مُلاّ علي شئتم أم أبيتم يا عراقيون.
هل انتبهنا لهذه اللعبة ـ المهزلة وهل سنعي عمق أبعادها الراهنة والقادمة؟ 
لا أقولُ أنْ لا من فرق بين المالكي وخلفه السيد حيدر العبادي فبين البشر فروق شخصية جمّة لا تمحوها عضوية الحزب الواحد ولا إسلامية أصحابها فالإسلام هو اليوم أكثر من إسلام واحد والإجتهادات هي الأخرى جمّة ومعروفة للقاصي والداني لكني أستطيع القول إنَّ ما في العراق اليوم وما حول السيد العبادي وحول العراق لا تسمح لهذا الرجل إلاّ بمدى محدود من حرية التصرف والتخطيط والتنفيذ وإلاّ بمجالات للحركة مقننة خاضعة أولاً وأخيراً لإعتبارات وسياسات دول كبيرة أخرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وواقع جغرافية العراق والدول المجاورة فضلاً عمّا يجثم فوق صدره وصدور أبنائه من خطر داعش وأبناء وأخوات هذا الداعش.

آخرهن حياة بومدين، لكن أخطرهن السجين 650/ د. عبدالله المدني

نساء القاعدة وداعش وأخواتهما في الارهاب والتطرف كثيرات. فمن هيلة القصير ووفاء الشهري وحنان سمكري ونجوى الصاعدي ووفاء اليحيا وهيفاء الأحمدي في السعودية إلى العراقية "سجى الدليمي"، والمغربية "فتحية المجاطي" والبلجيكية من أصل مغربي "مليكة العرود" وصولا إلى "حياة بومدين" الفرنسية من أصل جزائري التي شاركت مؤخرا في مجزرة "شارلي ايبدو".

غير أن الباكستانية "عافية صديقي" تبقى الأخطر والاشهر على الإطلاق، بدليل أن القاعدة وداعش تستميتان من أجل استرجاعها من السجون الأمريكية. وهناك أربع وقائع تؤكد ذلك: الأولى في 2011 حينما سعى أيمن الظواهري مبادلتها بأمريكي اختطفه تنظيمه، والثانية في 2012 حينما عرض تنظيم القاعدة في بلاد المغرب مبادلتها برهائن غربيين محتجزين في الجزائر، والثالثة في 2013 حينما اقترحت داعش الافراج عنها مقابل شابة امريكية كانت تعمل مع منظمة إغاثية في سوريا قبل اختطافها، والرابعة في 2014 حينما قدمت داعش أولا عرضا بمبادلتها بالرهينتين "ستيفن سوتلوف" و"ديفيد هاينز" قبل ذبحهما، ثم قامت بتجديد العرض قبل قيامها بجز عنق الصحافي الامريكي "جيمس فولي". 
وتختلف الصديقي عن غيرها من القاعديات والداعشيات بأنها تحمل مؤهلات علمية عالية من مؤسسات أكاديمية مرموقة. فهي مثلا حاصلة على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة امريكية عريقة هي "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا". بل أن الأدبيات الصادرة عن التنظيمين المتطرفين وأبواقهما الاعلامية تنفخان كثيرا في حجم قدراتها العلمية بقولها مثلا انها حاصلة على 144 دكتوراه فخرية من أكبر الجامعات العالمية تقديرا منها لجهودها العلمية، ناهيك عن قولها أنها طبيب الأعصاب الوحيد في العالم الحاصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة هارفارد، وأنه لا يوجد حتى في أمريكا من تحمل مؤهلاتها. والمعتقد أن الهدف من هذا اللغو هو تمرير رسالة تدحض ما يتم تداوله من أن البسطاء والمحبطين وأنصاف المتعلمين هم فقط من يلتحقون بالقاعدة وداعش وأخواتهما. وبعبارة أخرى تريد الرسالة المفترضة أن تقول: "ها هي عالمة متخرجة من أرقى جامعات الغرب، وتعتبر من صفوة المجتمع الباكستاني تلتحق بنا عن قناعة". 

فماهي القصة الحقيقية لهذه الإمرأة الخطيرة بحسب الدوائر الأمريكية والغربية، والبريئة بحسب الدوائر الباكستانية والجهادية المتطرفة؟ وما هي ملابسات اعتقالها؟

برز إسم "عافية صديقي" على سطح الأحداث بـُعيد الحرب الدولية على الإرهاب، وتحديدا في مارس 2003 حينما ألقت بانكوك القبض على الإرهابي البلوشي "خالد شيخ محمد" في أحد المنتجعات السياحية التايلاندية وسلمته مخفورا إلى السلطات الباكستانية التي سلمته بدورها إلى نظيرتها الامريكية بسبب دوره القيادي في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وباستلام الامريكيين للرجل ونقلهم له من كراتشي إلى قاعدة باغرام الأفغانية ومنها إلى معتقل غوانتانامو، لاحظت وكالة الاستخبارات الامريكية وشريكتها الباكستانية إختفاء العالمة "عافية صديقي" مع إبنيها أحمد ومريم وطفلها الرضيع سليمان من مسكنهما في حي "غولشان" الفخم في كراتشي بالتزامن، الأمر الذي عزز من فرضية أن تكون لصديقي علاقة بتنظيم القاعدة أو حركة طالبان. وقتها سارع الإعلام الغربي إلى إطلاق اسم "سيدة القاعدة" عليها لأنه لم يسبق حتى تاريخه أن عـُرف عن القاعدة استعانتها بالنساء في أنشطتها.

وتمضي الأيام والسنون حتى نجاح السلطات الأفغانية المحلية في ولاية غزنة في جنوب شرق أفغانستان المضطرب في اعتقال صديقي بعد خمس سنوات من اختفائها أي في عام 2008 (يمثل هذا تحديدا أحد الجوانب الغامضة التي لم يكشف النقاب عنها حتى الآن في سيرة صديقي، وبمعنى آخر أين كانت في الفترة من 2003 إلى 2008؟). 

وطبقا للأمريكيين فإن الأخيرة وقت إعتقالها كانت تحمل كيلوغرامين من سيانيد الصوديوم مخفية في زجاجات كريم مرطب، إضافة إلى خطة لشن حرب بيولوجية وخرائط هندسية لجسر بروكلين ومبنى "امباير ستيت" وحي "وول ستريت" المالي في نيويورك. وكان هذا مبررا كافيا لقيام كابول بتسليم صديقي إلى القوات الأمريكية التي نقلتها فورا إلى الولايات المتحدة حيث اودعت المعتقل باسم "السجين 650" وأخضعت لتحقيق مكثف ــ وفي قول آخر تم نقلها إلى أمريكا بعد سنوات قضتها في سجن سري داخل قاعدة باغرام، وهذا هو ما زعمته صديقي نفسها في أول ظهور لها أمام محكمة إمريكية في 2010. والمعروف أن هذه المحكمة قضت بسجنها 86 عاما بتهمة الشروع في القتل وليس بتهمة العلاقة بتنظيم القاعدة. وتهمة الشروع في القتل هي إشارة إلى ما ورد في الوثائق الامريكية من أن صديقي قامت أثناء التحقيق معها في أفغانستان بالسطو على بندقية وإطلاق النار منها على أمريكيين وهي تصرخ "الموت لأمريكا"  و"سوف أقتل جميع الامريكيين"، علما بأنها أصابت نفسها بجروح ولم تصب أيا ممن كانت تستهدفهم.

وفي سيرة صديقي أشياء أخرى مثيرة منها أنها عاشت طفولتها ما بين باكستان وزامبيا، وعندما بلغت سن 18 عاما سافرت إلى ولاية تكساس للالتحاق بشقيقها، وفيما بعد درست بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وحصلت منه على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب، وبالتالي فهي بحكم هذا التخصص يـُمكن الاستفادة منها في الحروب القذرة (ربما يفسر هذا سبب استماتة الدواعش والقاعديين استعادتها). إلى ذلك تقول سيرتها أنها تزوجت زواجا تقليديا في التسعينات في كراتشي من مواطنها الطبيب أمجد خان الذي التحق بها في الولايات المتحدة. وطبقا لبعض المصادر فإن الزوجين كرسا جزءا كبيرا من وقتهما في أمريكا للعمل الخيري الاسلامي وتوزيع المصاحف، ثم قاما خلال عام 2001 بجمع التبرعات لمنظمات اسلامية وشراء نظارات ليلية وكتب عن الحروب ومعدات أخرى مثيرة بقيمة اجمالية وصلت إلى عشرة آلاف دولار. ولما كانت سنة 2001 هي سنة أحداث 11 سبتمبر، فإن رادارات مكتب التحقيقات الفدرالي كانت متيقظة وتسجل تحركاتهما استعدادا للإيقاع بهما في اللحظة المناسبة. لكنهما عادا إلى بلدهما في 2002 حيث تطلقت صديقي من أمجد خان بناء على طلبها، وتزوجت بعد ذلك من "عمار البلوشي" ابن شقيق الارهابي خالد شيخ محمد. أما عائلتها فتنفي ذلك، بل وتزعم أن عناصر من المخابرات الباكستانية والامريكية هي من اعتقلت صديقي في عام 2003 أثناء مغادرتها لمنزل والدتها باتجاه مطار كراتشي للعودة جوا إلى مكان عملها في راوالبندي.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضلر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يناير 2015 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

جاك دريدا ومواجهة فلسفية مع عولمة الإرهاب/ د زهير الخويلدي

" إذا كان ثمة من صدمة قد أحدثها الحادي عشر من أيلول ... فإنها لا تقوم على الأثر الجارح الناجم عما جرى فعليا وعما جرى حاليا وقد يتكرر مرة أخرى بل من تصور يقيني لخطر أسوأ مقبل"1[1]
لقد ضرب الإرهاب مجددا في عاصمة الأنوار والحرية وخلف القتل والرعب والحيرة على وجوه الناس وارتبط بالالتباس والألغاز والغموض وحالت عدة صعوبات وعراقيل وتحفظات دون فهم هذه الظاهرة ولعل هذه العملية المدانة قد عرفت من جهة التنفيذ والضحايا ولكنها تظل مجهولة من جهة المخطط والمستهدف، ولذلك استنجد المتابعون بالصحافة والإعلام وعلماء السياسية والاجتماع والنفس والأنثربولوجيا الثقافية والأديان للمساعدة والتعمق في التحليل والتوضيح، ولكن للفلاسفة رأي سديد ومنهج فريد ولقد سبق لجاك دريدا أن حاول تشخيص هذه المعضلة إبان أحداث 11 سبتمبر 2001 وقدم نظرة تفكيكية عن هذا المرض المزمن وتوقع قبل غيره الانتشار العالمي لهذه الظاهرة واستفحالها.
في هذا الصدد تتوقف الفلسفة كثيرا أمام الأحداث الحاسمة في التاريخ التي تولد الدهشة والذهول وتمارس فن التفكير بحذر شديد ولكنها تقدم جوابا يضع هذا الحدث الهائل موضع مساءلة جذرية وتنقيب مستمر وتقليب من جميع جوانب وجوده ولا تتسرع إلى تعويم المسألة وتلخيص الأسباب والدوافع وتحديد الأدوات والأساليب ولا تنتهي بسرعة إلى توقع النتائج والتداعيات ولا تبادر بعجالة بتقديم وصفات علاجية مفترضة.  بطبيعة الحال مع جاك دريدا هذا الحدث الإرهابي لا يوقظ الفلسفة من سباتها الدوغمائي فحسب بل يدفعها إلى التفكير في نفسها، كما لا يمكنها التفكير فيه بالمسلمات المفهومية المنقوشة في الخطاب المعتاد والمكرر وإنما تنحت تفكير فلسفي جديد تساءل فيه موروث الفلسفة السياسية وعدم التعويل على الخطاب الذي يتم تداوله من قبل الميديا والخطابة الرسمية الذي يستسهل تعريف مفاهيم دقيقة وشائكة مثل الحرب والإرهاب[2]. 
   في هذا الصدد يعود دريدا إلى تمييز كارل شميث بين الحرب الكلاسيكية التي تتفجر بإعلان المواجهة بين دولتين عدوتين والحرب الأهلية بين المجموعات داخل الدولة الواحدة وضدها في الآن نفسه. ولكنه يخالفه في مصطلح الحرب على الإرهاب ويعتبره مصطلحا غامضا ويحمل الكثير من المغالطات والمصالح وعاجز عن تحديد العدو الذي يحاربه والجهة التي تعلن الحرب وأكثر من ذلك لا يعتبر العنف المتفشي الآن سليل ظاهرة الحرب فقط بل يتأتى من مصادر متنوعة وتغذيه روافد نفسية واجتماعية وثقافية. يتحدث دريدا عن الحرب الجديدة التي وقودها الشبكات الإرهابية ويتم فيها استعمال أكثر التكنولوجيات الحربية شراسة وقسوة ويندلع الصراع بالأساس حول امتلاك المعلوم والسيطرة على الدعاية والإعلام.
 لقد تحول الإرهاب إلى خطر مجهول وغير حكومي ومصدره القادم من بعيد ويهدد الجميع دون استثناء وذلك لقدرته الفائقة على التدمير وإحداث الصدمة وسيطرته الدقيقة على المكان وسرعة احتجاز الرهان.
لم تعد العمليات الإجرامية تتم بإلقاء القنابل واختطاف الطائرات وتفجير المباني وطريقة الكاميكاز وإنما أصبحت تجري على الصعيد الرقمي باختراق المنظومات الإعلامية والهجوم الالكتروني والتشويش على الفضائيات وإحداث البلبلة في المصادر المعلوماتية والمالية والعسكرية لدولة معينة وممارسة الضغط الديبلوماسي والحصار الاقتصادي والتضييق التجاري وفرض منظومة من الرقابة القانونية الدولية. هنا يظهر إرهاب الدول ضد إرهاب المجموعات والأفراد ويرتقي التعنيف الممنهج إلى درجة الاستراتيجيات. لقد غيرت التثنية الصناعية العلاقة بين الأرض والأرضية وأدخلت اضطرابا في التمييز بين الإرهاب والحرب وزادت من قدرة الفتك وطاقة التدمير وضاعفت من احتياطي الإمكانيات الكارثية للفوضى. هذه الشبكات الجاهلة بالعالم تكشف بين الفينة والأخرى مشاهد من العنف على المسرح العالمي تصدم الخيال.
تساعدنا الفلسفة على فهم ما حدث حسب دريدا بالتأكيد على أن الهجوم الإرهابي أينما وقع وفي أي اتجاه مورس ومهما كانت عواقبه ومخلفاته وبأي الطرق والتكتيكات تم تنفيذه هو حدث من قيمة مضافة يحمل بطريقة مجهرية ولغة صامتة وبسرعة غير متوقعة وبشكل لصوصي إلى غد البشرية شرا لا يمكن تحمله. أي دولة في العالم مهما كانت عظمتها وقوتها المادية والأمنية معرضة للخطر الإرهابي ويمكن أن تصاب حياتها الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية بالشلل والعطالة عند وقوع أي هجوم إجرامي داخل أراضيها. هل الهجمات الإرهابية هو واحدة الأشكال المخففة من الحرب الأخيرة في الأزمنة الغابرة قد أعيد إحيائها؟
يبدي دريدا دهشته من الدقة والناظم في التنفيذ ويشير إلى تقنية النانو والمنطق الذري وعالم البكتيريا والمجهريات ونظام الهائل والعظيم في الفنون الذي يجعل اللاوعي يصاب بالرعب ويحس بالخوف ، وينتهي إلى القول بأن الإرهاب تسمية جديدة لمفهوم جديد يصعب تمييزه بصورة دقيقة لكونه يختلف عن الحرب الكلاسيكية بين الدول وعن حرب التحرير التي يخوضها السكان ضد الاحتلال وعن الحرب الأهلية ولأنه يجوب الأرض بالطول والعرض ويعشش فوق المسطح بلا مركز وينتشر في الفضاء. كما يدعو دريدا إلى الحذر من هذه الظاهرة وعدم الخلط بين الحرب الباردة والحرب الساخنة وبين الحرب الغاشمة والحرب العادلة والتمييز بين الرعب والخوف والقلق والانتباه إلى الأشكال الواعية واللاواعية والظاهرة والمخفية للعنف والمخاطر التي تحمل تهديدا عاجلا وآجلا لمستقبل الحياة البشرية على الكوكب.
لقد دخلنا إلى مرحلة سبرنيطيقية تتحكم وتوجه وتغذي الإرهاب عن طريق التقنية الصناعية وظهر الإرهاب المنظم والمسلح بأكثر الوسائل تطورا والمثار بمنهجية وفي أوقات عصيبة ومنتقاة ببراعة. لقد تحولت الدولة نفسها من شرط سياسي لتنفيذ سلطة القانون إلى أداة تمتلك لنفسها حق الردع وتبادر بالدفاع عن نفسها بالقوة الكافية التي ترهب بها المتطاولين على هيبتها والخارجين عن مؤسساتها ونظامها العام.  لقد ساعدت تحليلات هوبز وشميث وبنيامين على تحديد العلاقة بين القوة والقانون وبين الدولة والعنف ولكن خصوصية تجربة الإرهاب لا تستند إلى تقليد سابق ولا يمكن اشتقاقها من الرعب الثوري طالما أننا لازال يمارس باسم الدولة أو ضدها ويتضمن طاقة من العنف الشرعي أو غيره من وجهة نظر القانون.
الإرهاب يحيل إلى جريمة ضد الحياة الإنسانية باختراق القوانين الوطنية أو الدولية وعدم التمييز بين المدني والعسكري والتحرك وفق غائية سياسية تهدف إلى التأثير أو التغيير في سياسة الدول وقناعات الشعوب. ولا يعفي هذا التعريف الأنظمة السياسية والدول من مسؤولية التورط في ارتكاب هذا الشر وبالتالي يوجد إرهاب دولة مثلما يسطع إرهاب المجموعات ولا يمكن تبييضه مهما كانت المسوغات.
 من يشجع الإرهاب؟ ومن يقف وراء انتشار الشبكات الإرهابية في أنحاء العالم؟ هل الفكر المتطرف الذي يستند إلى نص مغلق أم الدول الامبريالية ذات المصالح المادية؟ ومن المسؤول عن تخليف الأضرار؟
بعض الدول الكبرى والقوي العظمي ارتكبت مجازر وفضاعات في حق الشعوب البريئة وخاصة في مرحلة الاستعباد والاستعمار وأثناء الحروب العالمية ولما تم إلقاء القنابل النووية والعنقودية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات وحيث تمت ممارسة التطهير العرقي والتصفية على الهوية وإبادة الأبرياء.
غير أن مصطلح حرب نظيفة ضد الإرهاب الدولي هو كلمة حق أريد بها باطل تشبه كثيرا مصطلحات الحرب العادلة والحرب المقدسة وحرب التخليص ومواصلة للصراعات السياسية بلغة عسكرية قاتلة وبالتالي الترحيب بمثل هذا المصطلح لا يبارح المكان الذي انطلقت منه صيحات التنديد والإدانة له.
ربما يندرج تنظيم حوار فلسفي من أجل التصدي لظاهرة الإرهاب على الصعيد الدولي ضمن الدفاع على القيم الكونية والإنسانية التقدمية باعتبارها خيارا إيتيقيا لا محيد عنه للتعايش السلمي بين الدول والشعوب. لقد مورس الإرهاب من طرف الدول ضد دول وشعوب أخرى في الجزائر وفلسطين وايرلندا الشمالية ولا يمكن نعت الثوار المطالبين بالاستقلال في الجزائر من الاستعمار الفرنسي بكونهم إرهابيين ولا يمكن معالجة قضايا التحرر الوطني وتقرير المصير عن طريق القوة العسكرية، وقتها تصبح الدولة إرهابية.
خلاصة القول لا يقبل بتاتا الحكم على النسق المعياري لخصوصية ثقافية معينة من منظور سلم قيمي كوني ساهمت كل الخصوصيات الثقافية في تشكيله على مر التاريخ وراكمته الحضارة الإنسانية مدة قرون، ولا يمكن الإساءة إلى المقدسات وتدنيس الرموز الدينية باسم حرية التعبير وحرية الضمير ولا يجوز الذب عن العقائد والدفاع على القناعات العقدية باستعمال القوة الغاشمة وارتكاب العنف المروع ولا يجب تحويل الرؤية القدسية للحياة إلى منظومة مراقبة ومعاقبة تقيد من حرية الاستعمال النقدي للعقل.
لكن كيف يستطيع المرء التمييز بين عمل إرهابي مرعب ومقاومة مشروعة ضد الاحتلال والاستعمار؟ ومتي يستوطن السلم في البنية القانونية والمنظومة القيمية للعلاقات بين الشعوب والدول والثقافات ؟ أليس من المطلوب الكف عن الاستغلال والهيمنة وإنهاء الاحتلال والاستيطان ثم نتحدث عن العيش المشترك؟ لماذا يزج بالإسلام من جهة الاعتقاد في معركة ضد الشعوب المسلمة من جهة الثقافة والاجتماع البشري؟
المصدر:
Qu’est-ce que le terrorisme ? par Jacques Derrida, février 2004, lien :
http://www.monde-diplomatique.fr/2004/02/DERRIDA/11005
المرجع:
كتاب ذهنية الارهاب، لماذا يقاتلون بموتهم؟، مجموعة من المؤلفين، ترجمة بسام حجار، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، طبعة أولى، 2003، ص.82.

[1]  جاك دريدا، منطق الأقوى: هل هناك حقا دولة مارقة، ضمن كتاب ذهنية الارهاب، لماذا يقاتلون بموتهم؟، مجموعة من المؤلفين، ترجمة بسام حجار، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، طبعة أولى، 2003،ص.82.
[2] Qu’est-ce que le terrorisme ? par Jacques Derrida, février 2004, lien :
http://www.monde-diplomatique.fr/2004/02/DERRIDA/11005

العرب في اسرائيل: قائمة مشتركة للعشائر العربية؟/ نبيل عودة

يبدو ان لا احد يتعلم من اخطاء السابقين ومن مفاهيم شخصانية ثابتة مثل جبل الجرمق بأن  قياداتنا العربية لا بديل لها. الرئيس او القائد بات يتوهم انه هبة الهية لا تحدث الا مرة كل نصف قرن على الأقل. هذا ما تعلمناه من تجربتنا. هل بالصدفة اذن الأزمة السياسية التي تعصف بمجتمعنا؟ هل بالصدفة ان سياسة الأحزاب لم تعد تجذب الجمهور العربي، وتبدو كبضاعة فسدت ولم تعد تشد المستهلكين حتى لو خفضوا سعرها للحضيض؟ 
مجتمعنا العربي عبر على تجربة سياسية مثيرة عندما نجح فرع الحزب الشيوعي في الناصرة، بقيادة المرحوم غسان حبيب باقامة تحالف واسع من اجل التغيير في بلدية الناصرة التي عانت المدينة من سياسة ادارتها الحمقاء  وفشلها في تطوير المدينة العربية الأساسية، ادارة عجزت في وقته عن تخطيط مستقبل المدينة التي باتت تعاني من عجز في جميع المرافق، خاصة في بناء المدارس، وشق الشوارع ، وتطوير البنى التحتية، وفوضى البناء وغير ذلك مما لا اجد ضرورة لاستعراضه في هذه العجالة..
قاد غسان حبيب شخصيا فرع الحزب الشيوعي في الناصرة نحو مواجهة سياسية ضد وزارة الداخلية التي حلت بلدية الناصرة في خطوة اولى لإمتصاص الغضب الشعبي،  واوكلت ادارة المدينة للجنة معينة.. التي لم تقم الا بزيادة الضرائب البلدية وتوفير معاشات الموظفين.. عمليا ، ابقاء المدينة العربية الأهم في قاع سلم التطور البلدي والاجتماعي، شن الحزب في الناصرة حملة سياسية ضد اللجنة المعينة وضد وزارة الداخلية التي اجبرت على إقرار اجراء انتخابات جديدة لبلدية الناصرة. بنفس الفترة كانت تتشكل مركبات الجبهة بفضل النشاط والتخطيط الدقيق والقيادة الواعية التي ميزت فرع الناصرة للحزب الشيوعي في وقته.
تعالوا نستعرض اهم مميزات تلك التجربة بعد أن نجحت جهود الحزب الشيوعي في الناصرة بقيادة الشيوعي العريق غسان حبيب،  بإنشاء ائتلاف واسع تحت اسم جبهة الناصرة الديمقراطية، وقد شمل هذا التحالف الشرائح الآتية: 
الحزب الشيوعي، رابطة الجامعيين ومعلمي المدارس الثانوية، لجنة التجار والحرفيين وأصحاب المصالح الخاصة، لجنة الطلاب الجامعيين أبناء الناصرة. للأسف يجري تجاهل تلك التجربة اليوم، والقفز من فوق القاعدة الفكرية والتنظيمية  التي كانت حجر الأساس في بناء التحالفات السياسية في الناصرة اولا ثم، انتشرت في سائر المدن والقرى العربية،  وكانت القاعدة المادية والفكرية لاقامة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة على قاعدة الانتصارات في انتخابات السلطات المحلية في الثمانينات من القرن الماضي.
تلك التجربة لم تستمر لأسباب لا اود طرحها الآن لحساسيتها الكبيرة لدى البعض. المعروف ان هيئات الجبهة جرى تفكيكها بعد عزل غسان حبيب واقصائه من مسؤولياته الحزبية والبلدية. بعد اقل من عقد على الانتصار الأول في انتخابات بلدية الناصرة.
اليوم يجري الحديث عن اقامة قائمة عربية مشتركة. اقول بوضوح كبير وثقة كاملة، ان تفكيك الجبهات الديمقراطية التي سادت مجتمعنا، خاصة جبهة الناصرة، كانت هدفا  ذاتيا اعادنا سياسيا واجتماعيا نصف قرن الى الوراء. تفككت رابطة الجامعيين التي ضمت أكثر من 700 عضو في الناصرة وقامت بنشاطات ثقافية وشعبية واسعة جدا، حلت لجنة التجار والحرفيين التي ضمت مئات الأعضاء، تفككت لجنة الطلاب الجامعيين ابناء الناصرة بمئات أعضائها أيضا. تحولت جبهة الناصرة الى شبه حزب الانتماء اليه شخصي. أي لم تعد جبهة، بل عادت لتكون الحزب الشيوعي وغير الحزبيين تحت اسم جبهة... أي فقدت روحها الجبهوية التحالفية الموحدة المتماسكة، واقام بعض اعضاء تنظيم رابطة الجامعيين واعضاء من الهيئات الجبهوية السابقة ، بما فيهم اعضاء انشقوا عن الحزب الشيوعي،  قائمة خاضت انتخابات البلدية، ثم تحولت الى قائمة قطرية خاضت انتخابات الكنيست أيضا تحت اسم "القائمة التقدمية". 
 بدأت مرحلة التراجع وصولا الى الفشل المهين في آخر انتخابات بلدية للناصرة، صرنا مجتمعا تسوده الطائفية السياسية ، بدل مجتمع يرتقي وعيا وثقافة وفهما لواقعه، تعمقت العائلية السياسية بدل مجتمع  تسوده الواقعية السياسية، عندما التقيت برفيق من ايام قيادتي للشبيبة الشيوعية في فرع الناصرة، وعضو حزب لسنوات عديدة، رد على سؤال لي "لمن ستصوت؟" بقوله "ساصوت لإبن ديني" ايقنت اننا لم نعد مجتمعا واحدا بل عشائر لا تربطها علاقات اجتماعية او سياسية وطنية. لم يعد يربط بيننا أي فكر متنور. لست ضد ان يصوت أي شخص لمن يراه مناسبا لرئاسة البلدية (علي سلام في حالتنا) هذا حقه الديمقراطي الذي أحترمه  ولا اعترض عليه. اما الجواب فكان تجاوزا لكل المنطق السياسي الذي زرعته الجبهة في الناصرة مع تأسيسها وانتصارها.. 
عن أي قائمة مشتركة يتحدث اليوم من يتوهمون انهم قادة هذا الشعب؟ هل يمكن اقامة وحدة من حزب وضع على رأس نشاطه هزيمة الجبهة ونجح أخيرا في انجاز ذلك الهدف ، واعني التجمع الوطني لأيتام قطر؟! هل يمكن اقامة تحالف مع حركة طائفية وعلى شعاراتنا نقشنا محاربة الطائفية السياسية في مجتمعنا؟ حركة كان دورها السياسي أيضا تعميق الانتماء الطائفي على حساب الانتماء الوطني؟
أحترم احمد الطيبي ولا اقبل تحالفه مع الاسلامية. لا اقبل مبرراته ان الوصول الى الكنيست هو الهدف الأسمى  حتى بقائمة لا يقبل فكرها الطائفي. التجمع الوطني يلفظ انفاسه الأخيرة بعد استقالة اكثرية  نشطائه  وتشكيلهم لحزب جديد  تحت اسم "حركة كفاح"،    ان تشدق قادة التجمع بحصولهم على 100 الف صوت في الانتخابات الماضية هي من باب عودة الشيخ الى صباه. اتركوا هذا الحزب التخريبي الكبير ليموت موتا طبيعيا، لا تعطوه اوكسجين لاطالة تخريبه الوطني... الحركة الاسلامية تدعي انها خمسة اعضاء، متناسية انها تجمع يشمل الطيبي ، اقدر قوته بمقعد ونصف، الحزب الديمقراطي العربي، ايضا له قوة لا تقل عن مقعد ونصف، الحركة الاسلامية الجنوبية لا تملك اكثر من مقعد واحد او واحد ونصف.. خاصة وان الحركة الإسلامية الشمالية بقيادة الشيخ رائد صلاح تقاطع الانتخابات  ومقاطعتها تبرز بقوة كبيرة لا يمكن تجاهلها . طبعا هناك الحزب القومي الذي اشك بوجود تأثير هام له  ونسمع اسمه بالصدفة انه ضمن تشكيل القائمة العربية الموحدة.
التقديرات الواقعية ان الحركة الاسلامية ليست في صعود بل بانحسار متواصل في تأثيرها السياسي. الديمقراطي العربي شبه ضائع  وما تبقى منه هو الأسم فقط. من مصلحة مجتمعنا تقليص الطائفية السياسية، تقليص العائلية السياسية. في التلخيص الأخير أي تحالف في اطار قائمة مشتركة يتناقض تماما مع سياسية الجبهة الديمقراطية وحزبها الشيوعي.
كل ما فهمته من الضجة حول القائمة المشتركة انها وحدة عشائرية عصبية تفتقد للقاعدة الفكرية او حتى لمفاهيم سياسية تجمع بين القوائم. واقعنا كأقلية مميز ضدها  لن يتغير بقائمة مشتركة لا توصل اكثر  مما لها اليوم. الخطر ان تظهرنا هذه القائمة بوجه بشع في نضالنا السياسي والمطلبي. لا يمكن البناء على الحماسة التي نحملها للوحدة.. وحدة بدون تحضير قاعدة فكرية واستراتيجيات نشاط هي مجرد شعار بلا مضمون. المشددون على الوحدة يريدون انقاذ مقاعدهم وهذه ليست وحدة بل حسابات تجارية.  هناك بون شاسع لا يمكن التجسير عليه الا اذا كانت الحسابات مقاعد لبعض المنتفعين وهذا الأمر لا يشغلني كمواطن.. ويبدو ان الامتناع عن التصويت هو الحل لاسقاط العصبية العشائرية!
nabiloudeh@gmail.com

لا تعود إلا برفقتن يا طير/ محمود شباط


يا طير طاير فوق روس جبال
عـَ تلال 
فوق تلال 
فوق عرسال
داري عـ وائل من برد كانون
وعـ كوكبة أبطال
 أسرن طال
رش الأمل 
دفء 
وزهر ليمون
ولا تعود إلا برفقتن يا طير
فارد عليهن ريش جنحك شال

لماذا تحاكمون فاطمة ناعوت؟ ولم تدينوا من أساء لمحمد واحرق القرآن/ الدكتور حمدى حمودة

كتبت فى تعليق سابق على هذه القضية الملفقة من أى جهة كانت ، وأنا لا أدين ولا أتهم أشخاص بعينهم أو جماعة معينة ، فأيا من كان قد وجه لها التهمة بحجة غيرته على الأسلام ، فأنا اوجه له السؤال ، لماذا الآن استحضرت هذه الغيرة على محاولة من مجتهدة أرادت تفسيرا مقنعا لظاهرة بشرية تتمثل فى اسالة دماء ملايين البهائم لم يشرعها الله فى كتابه ؟ ولماذا لم  يثيرك هذا قبل الخامس والعشرين من يناير ؟ ألم تقرأ كتاب " سليمان رشدى " ذلك المارق الذى تحالف مع الشيطان ولم نسمع عن شخصا واحدا من أى جماعة كانت من الجماعات الأسلامية فى العالم العربى ندد أو احتج على ما جاء به هذا الماجن ، سمعنا أصواتا منددة فى باكستان وأعلن المرشد الأعلى لجمهورية ايران مكافأة كبيرة لمن يأتى برأس هذا المضلل حيا أو ميتا ، الأمرالذى جعله يحبس نفسه فى بيته سنوات حتى فارق الحياة ، ثم تجرأ بعد ذلك من تجرأ فى بعض دول أوروبا الشرقية بالأساءة العلنية على النبى محمد ( صلى ) ورأينا المظاهرات تعم أندونيسيا وما ليزيا والفلبين وايران وباكستان وافغانستان مطالبين بقطع العلاقات مع هذه الدول ، أما الطامة الكبرى عندما ظهر علينا ذلك القس الأمريكى وهدد بحرق القرآن مرة تلو المرة وعندما لم يجد من يعترض ، تجرأ بالفعل وقام بحرقه أكثر من مرة ، ولم تحرك هذه الجماعات التى نجدها اليوم تقتل وتسبى النساء وتفجر المساجد والكنائس والمعابد والأضرحة وتفجر رؤوس كل من تسبيهم  أو الذين لم  ينهجوا نهجهم فى سوريا والعراق وليبيا ومصر ، هذه الفظائع التى لايتصورها ولا يتقبلها أى عقل أو منطق، يستخفون بها ويعتبرونا من الأسلام ، فلا عجب أن نرى ما تقوم به اسرائيل من هدم للمساجد وسب علنى للنبى وللمسلمين وقتل وتشريد واعتقال يومى بأعداد هائلة للفلسطينين ولم نرى غير صمتا هائلا لدى أمثال الذين يتشدقون بغيرتهم اليوم على الأسلام .
كل هذا حدث ويحدث ولم نجد من ينتصر لنا ولكرامة عقيدتنا ، لانرى ، لانسمع ، لانتكلم ، لكن جوزوا لأنفسهم وضع رقيبا على كل صحفى من أجل أن يتصيدوا له زلات اللسان ، وحتى لم تكن زلة لسان ، فما المانع ان يكون ذلك نوعا من الأجتهاد فى تفسير بعض الآيات التى تحتاج الى فهم أعمق أو بحثا عن الحقيقة التائهة عن فهمها فهما منطقيا ، نعوت لم تتماهى فيما أرادت ان تعبر عنه ، ولكنها كما قلت سابقا انها أثناء الكتابة تضع فى اعتبارها مسبقا أنها تكتب للمثقفين وخواص الناس من الذين غير محتاجين الى شرح مطول لكى توصل اليهم ما تريد ايصاله ، وهذا ما يؤخذ عليها ، وقد كتبت لها أكثر من مرة عندما اتهمت من قبل بعض المتششكيين فى اسلامها واحتسابها على الدين المسيحى ، بأنها تكتب لمن لايفهم ولايعى المراد من وراء أفكارها ، وعليها أن تكتب بشرح واف لفكرتها التى تريد ان تعبر عنها حتى لايؤخذ عليها أى مأخذ ، ولكنها دائما تقع فى المحظور ، فاطمة مسلمة من الطراز الأول وتعرف عقيدتها جيدا وهى قارئة عظيمة ، ليس فى العقيدة الأسلامية فقط ولكن فى كل العقائد وفى شتى انواع المعرفة ، فمن الواضح انها التهمت كتب التاريخ والفلسفة والرياضيات التى تنشط العقل بصفة مستمرة خاصة وانها خريجة الهندسة مما يدل على رجاحة وقوة عقلها .
نحن نعلم أن رؤية النبى ابراهيم رؤية مؤكدة وهذا ما لم تنفيه الكاتبة ، لقد أتته الرؤيا من ربه على أن يصطحب ابنه ويذبحه ، ولكن قبل أن ينفذ ما امره الله به ، جاءه الملك ليقول له أن الله افتداه بذبح عظيم لأنه تم اختباره واختبار ولده على مواجهة المصيبة ،( ولقد وصف الله الموت بالمصيبة فى قوله ( ان أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) ولقد صبرتما على أمر الله وقمتما يتنفيذ ما أمركم به ، فالنبى ابراهيم نفذ ما أمره الله به ، ولكن ليس قبل أن يعرضه على اسماعيل الذبيح حيث قال له ( فلما بلغ معه السعى قال يابنى انى أرى فى المنام انى أذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمرستجدنى ان شاء الله من الصابرين ) ولقد قرأت وسمعت آلاف الخطب فى يوم الجمعة على مدى عمرى ، ما وجدت اماما ولا شيخا اختلف فيما قاله أو فسره شيوخه الأوائل أو السابقين عليه أو المعاصرين له ، وكأن الأجتهاد فى التفسير أو الفقهه أو التوحيد أو فى أى علم من علوم القرآن قد تعطل منذ ألف سنة ، فكل ما هو موجود فى كتب الأولين هو كما هو لازيادة عليه ولانقصان الا ما يدور فى فقه وتفسير التكفيرين الذين يسمحوا لأنفسهم أن يكونوا من الخوارج كأول فرقة خرجت بعد وفاة النبى (صلى ) وبعدها توالت الفرق الضالة والمشككة فى الأسلام الى يومنا هذا .
لذلك علينا أن نختبر النوايا ،لأننا لانعلم ما فى القلوب وما تكنه الصدور ، ويقول النبى ( انما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ) فهل نحن علم بما تكنه نية فاطمة اذا ماكانت طيبة أو خبيثة ؟ علينا ان نأخذ بالأفعال وليس بالأقوال ، فلو ترجمنا أفعالها الى الواقع المعيشى ، لوجدناها صادقة وليست كاذبة أو منافقة ، والآيات التى نزلت فى المنفافقين كثيرة ، وما أنزلت هذه الآيات الا بعد ما قاموا به هؤلاء من أفعال ، وحتى لو نزلت قبلهاأو نزلت بعد عقد نيتهم ، فالذى يعلم بالأسرار والنجوى هو الله وحده ، ويقول الله ( ان تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) ولكوننا لانعلم السر وما أخفى ، فما علينا الا أن نأخذ بالنوايا الحسنة تجاه الآخرين ، لذلك نحن نبرئ فاطمة من دم يعقوب ، وهى لديها من الشجاعة والصدق أن تقول مثلما قالته زليخة فى حق يوسف ( الآن حصص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ، ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لايهدى كيد الخائنين ، وما أبرئ نفسى ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيم ) فاذا كان الله غفور رحيم ، فما بالنا نحن نكون قساة غلاظ بلا رحمة أو شفقة على الآخرين؟ اننى أرى أن الكاتبة صادقة النوايا وثقافتها وتربيتها تجعلها عاشقة لعقيدتها الا انها صعبة الفهم على البعض ،( واذا المؤدة سألت ، بأى ذنب قتلت ) فلماذا تريدون قتل فاطمة ؟ 
            
Dr_hamdy@hotmail.com

الرياض وبغداد معاً ضد الأرهاب/ حسين محمد العراقي

تأتي زيارة رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم  الى المملكة كفرصة لإعادة الدفء بين بغداد والرياض  وإزالة التشنج الذي طالما استمر بينهما على خلفية مواقفهما المتضادة حيال التطورات الإقليمية وقد تكون البدايات لزيارة الرئيس العراقي أعلاه  تفضي إلى رسم خطوط جديدة تتطور إلى بناء الثقة أولاً ثم التحرك للآفاق الأخرى التي تربط البلدين حتى نبني التفاؤل ولابد من وجود نتائج واقعة تراعي التداعيات كلها وترسم لها الحلول ونحن معاً لا نخوض معارك أو حروباً  وإنما الدبلوماسية والإرادة " الصريحة وهي ليست من المعجزات إذا توفر الصدق وبدت زيارة  معصوم الى الرياض"متفائلة" بحسب مراقبين وتحمل في طياتها رغبة جدية لحل القضايا الخلافية بين البلدين والالتفات لخطر "داهم" يهدد جميع دول المنطقة دون استثناء؛؛؛ 
ومن ثم قد دعا رئيس الوزراء العراقي  العبادي في الثالث من الشهر الماضي إلى تطوير العلاقات بين العراق والسعودية  للتعجيل بهزيمة تنظيم "داعش" فيما أعلن زير الخارجية السعودي سعود الفيصل انه سيزور العراق قريباً  وأعرب عن سعادته بالإنجازات التي تتحقق بالعراق وليس هناك شك أن التحولات التي شهدها العراق مؤخرا تعطي مؤشرات إيجابية هامة لعودته إلى العمق العربي وأدائه لدوره في تعزيز العمل العربي المشترك ومشاركته في صناعة القرار لمصلحة تعزيز المنظومة الأمنية العربية؛؛؛
أن بروز ملف الإرهاب وتحديدا خطر تنظيم «داعش» الإرهابي يتطلب تعزيز التعاون والتقارب بين البلدين الكبيرين وأصبح مطلبا ضروريا وأستراتيجيا لا سيما بعد تغلغل وسيطرة التنظيم الإرهابي على أجزاء من الأراضي العراقية والسورية أيضا وسعيه إلى التمدد في مناطق أخرى وعليه فإن تعزيز التعاون في ملف الإرهاب ودعم التحالف الدولي لمكافحته يجب أن يكون في أولوية المرحلة القادمة إن التعاون ما بين البلدين هو الأصل والإرهاب هو آفة أصابت دول المنطقة وإن للمملكة موقف ثابت وصريح من هذه الآفة ألا وهوَ رفضها رفضاً تاماً مهما كانت إدعائتها بإنها تنطلق من مبادىء إسلامية والإسلام منها براء؛؛؛
ومن المؤكد أن زيارة اللجنة الفنية السعودية الحالية التابعة لوزارة الخارجية إلى بغداد لدراسة ترتيبات إعادة افتتاح السفارة والقنصلية في العراق ما هي إلا تتويج لجهود متواصلة وحرص من الجانبين على دفع العلاقات قدما إلى الأمام  لمواجهة التحديات الخطيرة المحدقة بالمنطقة ولما فيه مصلحة البلدين والشعبين باعتبارها خوة ستعيد العراق إلى الحضن العربي بعد غياب استمر سنوات طويلة خاصة أن المملكة كانت ولا تزال مع وحدة وسلامة وأمن العراق ووقفت بجانب الشعب العراقي في كل الظروف الصعبة التي مر بها في الماضي  وستظل معه في المرحلة القادمة حتى يتمكن من تجاوز التحديات الخطيرة واللجنة الفنية  قامت بعملية البحث عن مكان جديد للسفارة السعودية في بغداد وأنطلقت فور أعلان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل رغبة بلاده في أرسال بعثة تقصي لأختيار مكان أكثر أمناً وأمان يستطيع من خلاله  الدبلوماسيين مزاولة عملهم دون منغصات ؛؛؛

وقد أعرب الجانب السعودي عن "رغبته في إعادة فتح السفارة والذي تعد الخطوة الاولى لتطوير وتعزيز العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين" .. ومن جانبه ابدى الجانب العراقي استعداده لتقديم جميع التسهيلات للجانب السعودي من اجل المساعدة في افتتاح البعثة . كما جرى بحث التفاصيل الفنية والاجراءات اللازمة لفتح السفارة السعودية في بغداد بعد غلقها عام 1990 وكذلك فتح قنصلية عامة في اربيل كما تبادل الجانبان الهدايا التذكارية بهذه المناسبة وأعادة جسور التواصل مرة أخرى مع جميع دول العالم سيما المجاورة حيثً زار وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري السعودية قبل زيارة رئيس الجمهورية فؤاد  معصوم فيما اتجهت تلك العلاقات إلى الانفراج بعد وصول رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى السلطة ......

inof3@yahoo.com