السيدة/ ماهر طلبه

سيدة  تعشق الحكايات، ترتاد مقاهى المشردين والتائهين فى صحراء الدنيا، تجمع ما تناثر من رواياتهم وتحاول قدر استطاعتها هدايتهم إلى خيام المضيفين.. حيث الغذاء والدفء والسمر الليلى والحكايات.. سيدة  ليست هى التلميدة التى تسند كتبها إلى صدرها لتحميه من نظرات المفترسين المشتهين، ولا هى المرأة التى حين تظلم عليها الدنيا مساءً تكون سريراً لرجل واحد أبداً لا يتغير.. سيدة  تفكر دائما فى المشردين والتائهين فى الصحراء.. منذ تخلفت عن الركب ذات مرة، وصارت وحيدة تشارك ذرات الرمال ضياع الصحراء وعطشها..  يومها، مر فارسها، ركب خلفها أو أركبها أمامه، وأوصلها لشط الأمان، يومها ذهبت سيدة إلى خيمة أبيها.. نَشَرت فى الأفق حكايات عنه.. هو النقى، التقى، الورع.. هو الصديق، هو الوفى، هو الكريم،  هو الشجاع، هو زير النساء، هو الخصى...
تحاول سيدة أن ترسم المتشابه فى المختلف، أن توحد بين ذاته وبين حلمها، لكنها تخفى خلف رؤيتها  نظرات تطاردها وتطارده، لمزات تحاصره وتحاصرها..  سيدة تكره النظرات، تفهم اللمزات، لذلك استترت فى ليلها بالرجال وفى نهارها بالنقاب.
سيدة ليست امرأة عادية، ليقول عنها التاريخ إنها كانت هنا ورحلت، فآثار سيدة وبصماتها فوق جسد كل رجل مرت من أمامه ، رمت عيونها تجاهه، تركت كلمة أو صوتا أو لونا أو طَعما من فمها على شفاهه، لذلك فتح لها التاريخ صفحة أبدا لا تنغلق..  ليست هذه هى حكايتها الوحيدة ، هى فقط ما استطاع التاريخ أن يضع إصبعه عليه من حكاياتها، لكن لسيدة قصة فى الطفولة قبل أن تغادر دار أبيها وتغادرها، تذكر أنها كانت معها عروستها، تُجلسها على حجرها تهدهدها  كطفلها الذى لن تلده أبدا، تُسمعها حكاية من حكايات الرمل .. الدمع الذى يسقط لوأد النساء، فيجمع فى البئر ليشربه ناس القبيلة والعابرون،  وحوش الصحراء وطيورها..  كانت عروسة سيدة حزينة، لكن ليست مثل سيدة، أتت يومها أمها، أخذتها من يدها، ألبستها ما خلعه عنها آخر لتصير عروسة..  سيدة تترك للتاريخ صفحة مهمة لا تنسى ولا تنغلق – منذ ذلك اليوم-  هى مثل الدمع يسقط من العين، تتلقفه الأرض – الحزينة – تتشربه ، فيخرج نبت أخضر لتأكله بهائم الأرض دون أن تشعر أن هنا دمعاً وألماً..
mahertolba@yahoo.com

عودة المغول/ د. عدنان الظاهر

أُفقُ الشرقِ حزينُ الشفقِ الرازحِ تحت القيدِ القسري
جاءتْ راياتُ الغازين أَكُفّاً ورؤوسا
تحملها الخيلُ السودُ حوافرها من أعظُمِ قتلى بغدادَ
وحدُّ السيفِ التتريِّ شِفاهٌ حُمْرٌ من نارِ.

هل عادَ التأريخُ ليبعثَ هولاكو حيّا
يقرأُ حرفَ الضادِ سويّا
ويُرتّلُ آياتٍ في القرآنِ ويرفعُ للأعلى
بالباطلِ شرَّ القمصانِ ؟ 

إرفعْ عينيكَ لسمتِ قتيلٍ مصلوبِ :
هذي امرأةٌ ثكلى
جاءت تشكو فزعى
أنْ تمسحَ بالرأسِ المنفوشِ وبالصدرِ أصابعَ أقدامٍ جُرْدِ
كالشوكِ المغسولِ بأعصابِ الصبرِ المُرِّ 
إرفعْ عينيكَ فبابُ القدسِ مُشوّشةُ الألوانِ وسيدنا عيسى
يفترشُ الحيطانَ ويأمرُ موتاها أنْ تمشي…
إلى أينْ ؟
- أنْ تبقى تمشي…
- عيسى، سيدَنا : أين ؟
- تمشي تمشي حتّى آخرَ مسمارٍ
في نعشِ الفردوسِ المبنيِّ على عرشٍ من قشِّ. 

لأقُسِمُ بالنجمِ إذا يهوي
وبالفردوسِ سراباً مرئيّا
خاضتْ لُجّتَهُ ملكاتٌ سبأياتٌ يتقدمهنَّ الطيرُ الملكيُ الرأسِ
بريدَ شعوبٍ لا تعبدُ إلاّ قُرصَ الشمسِ
ينادي : ( بلقيسُ ) هوتْ أبراجُ السدِّ 
أَعدّي الفُلْكَ المشحونَ بأضدادِ الضدِّ.

أتفرّسُ في سِفرِ ظلامِ دهورِ البؤسِ 
فأرى شَبَحاً مقلوبَ الرأسِ
أرى ( عنترةَ الشدّادَ ) ذبيحاً مكسورَ الأسهمِ والقوسِ طريحاً
مفتوحَ العينينِ يُحدّقُ شَزْراً في أسرابِ الغربانِ ألا تَبّاً لبني عَبْسِ !!

العالم ينكث عهوده وينفض جيوبه/ د. مصطفى يوسف اللداوي

يبدو أن دول العالم قد أصمت آذانها، وأعمت عيونها، فلم تعد تسمع الصراخ، ولا تصغي إلى الاستغاثة، ولا يستفزها البكاء، ولا ينهضها العويل، ولا تحرك ضمائرها المعاناة، ولا أفواج المرضى، ولا أعداد القتلى والموتى، ولا أنين الأطفال وصراخهم في البيوت والمستشفيات، ولا حرائق الشموع ومدافئ الفحم والحطب، ولا الأطفال الذين يموتون خنقاً أو حرقاً، بحثاً عن دفءٍ مفقود، في بيتٍ مدمرٍ أو بلا سقف.
كأن دول العالم لا ترى آثار العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين عموماً، وعلى قطاع غزة على وجه الخصوص، ولا تشاهد نتائج الحصار الكارثية على السكان جميعاً، وآثاره المدمرة على البيئة والاقتصاد والمجتمع، وهي التي تنادت في القاهرة واجتمعت، واتفقت وتعاهدت، وقررت والتزمت، أن تعمل على إعادة إعمار قطاع غزة المدمر المتهالك، وأعلنت عن أكثر من خمسة مليارات دولار لتعويضه والنهوض به، ومساعدة أهله، وبناء ما تهدم ودمر من بيوتهم.
استبشر الغزيون كثيراً، وشعروا بأن صبرهم لم يضع هباءً، وأن مقاومتهم أثمرت خيراً، وأن الله قد عوضهم عن مصابهم، وأثابهم على ما ابتلاهم به، وقيض من يقف إلى جانبهم، يساندهم ويساعدهم، ويؤازرهم ويعوضهم، وشعروا أن العدو لم يقهرهم، وأن آلته العسكرية المدمرة لم تهزمهم، وأنه فعلاً قد فشل في تحقيق أهدافه والوصول إلى غاياته، وبات يحاسب نفسه على أخطائه، ويلوم قيادته على تقصيرها، ويعاتب جيشه على عجزه، وأجهزته الأمنية على إهمالها، وكانوا على يقينٍ أن إرادتهم بقيت صلبة، وعزمهم شديد، وثباتهم على مواقفهم لم يتغير، وتمسكهم بثوابتهم لم يتزعزع.
إلا أن واقع الحال يشي بغير ذلك، ويقول قولاً آخر مخالفاً، لا يكذبه السامعون، ولا ينكره المشاهدون، إذ أن الحقائق على الأرض واضحة، ولا تحتاج إلى مزيدٍ من الإيضاح أو البيان، فالصور تفضح، والشهادات تؤكد، والواقع المرير يدحض، وشكوى المواطنين كبيرة، وأصواتهم الغاضبة عالية، إذ الأوضاع العامة جداً صعبة، والظروف قاسية، وأحوال الناس بئيسة، ولا شئ مما وعدت به الدول المانحة قد تحقق، فلا البيوت المتضررة قد رممت، ولا المدمرة قد بنيت من جديد، ولا شئ من آثار العدوان عن الأرض قد زال، فالركام باقٍ، وحجارة البيوت والمنازل تكومت أكداساً وارتفعت تلالاً، والشوارع محفرة، والطرقات مبعثرة، والمؤسسات العامة والخاصة معطلة، فلا خدماتٍ عامة تقوم بها البلديات والسلطات المحلية، إذ لا امكانيات متوفرة، ولا معداتٍ جاهزة، ولا أموال موجودة، ولا شئ مما يمكن أن يشغل الناس ويحركهم بين أيديهم موجود.
هل يستهزئ بنا العالم وتتهكم علينا دوله، أم أنهم يستخفون بعقولنا ويضحكون علينا، ويوهموننا بلعبةٍ كما الأطفال، ويلوحون لنا بمكافئةٍ كما الصغار، يلهوننا بها كي نسكت، ويعدوننا بها كي نرضى، أم أنهم يظنون أننا لا نراقب ولا نتابع، ولا نحسب ولا نعد، ولا نهيئ ولا نتجهز، وإلا فما معنى أن يجتمعوا ويقرروا، وأن يعدوا ويتعهدوا، وأن يبدوا حزنهم على المصاب، وألمهم على الجرح، وانزعاجهم من هول الدمار وفضاعة الخراب، وبشاعة ما تركته آلة الحرب العدوانية الإسرائيلية، وما قيمة الأصفار التسعة التي شنفوا بها آذاننا، وسلبوا بها عقولنا، وأسالوا بها لعابنا، ولفتوا أنظار كبريات شركات الإعمار إليها، إذ لا شئ من كل هذا قد تحقق، ولا يبدو أن أياً منها سيتحقق في الأفق القريب أو على المدى المنظور. 
أهي محاولة منهم لإغراء الفلسطينيين بها فقط، واشغالهم بأنفسهم وبلقمة عيشهم وكساء أنفسهم، واعمار بيوتهم ومساكنهم، واجبارهم على الصبر والانتظار، والترقب والتلهف، انتظاراً لوعودٍ هم يعرفون أنها لن تتحقق، إذ أنها لا تختلف عن سابقاتها الكثيرة التي ذهبت أدراج الرياح، ونسيها المتعهدون والمانحون، ويأس منها المتلقون والمستفيدون، وقنط منها المحتاجون والمعانون. 
غزة التي دمرت اكثر من مرة، وعاث فيها العدو في أكثر من حربٍ، وخربها أمام أعين العالم وسمعه، لم تعمر ولم يعد بناؤها، فوعود الإعمار القديمة لم تتحقق، ومخططات الأحلام لم يطلع عليها النهار، فلماذا نتوقع هذه المرة أنها ستكون حقيقة، ولماذا نفترض أن دول العالم التي اعتادت أن تجتمع في القاهرة وطابا وباريس، والتي يعجبها أن توصف بأنها راعية ومانحة، ستكون هذه المرة صادقة وجادة، ومخلصة وأمينة في العمل والتنفيذ.
أم أنهم يريدونها أن تكون جائزة لكل من ألقى السلاح وتخلى عن المقاومة، ومكافأة لمن أراد أن يحول اتجاهه ويغير مساره، وينزع البزة العسكرية ويلبس إلى الأبد ثياباً مدنية، ولا يفكر في البندقية ولا يسعى لامتلاك الصاروخ ولا القنبلة، فالاعمار سيكون من نصيب غزة إن قبل أهلها ووافقت فصائلها، على التخلي عن السلاح، وترك المقاومة، والتوقف عن محاربة الكيان الصهيوني وتهديد أمن مستوطنيه وبلداته، ولعلهم يعتمدون في ذلك على سوابق قديمة وأمثلة مشابهة، فمن يتعهد بترك المقاومة يطلق سراحه، ومن يدينها يرفع عنه الحصار، ومن يحاربها يكرم ويغدق عليه، أما من يصر على التمسك بها والحفاظ عليها، فإن الحصار مصيره، والعقاب ينتظره، والتضييق مآله وشعبه وأهله.  
يهمس في أذني الكثير من الأخوة والأصدقاء الذين أعرفهم وأحبهم، وأثق فيهم وأصدقهم، يطلبون مني التوقف عن تمجيد أهل غزة والنفخ فيهم، والإشادة بهم وتعداد مآثرهم وذكر مفاخرهم، فهذه أمورٌ بات يعرفها عنهم الجميع، ولن يغير الفلسطينيون ولا الغزيون من حقيقتهم الجبارة، لكنهم يصرون علي أن أسلط الضوء أكثر على معاناة الناس وألمهم، وجوعهم وقهرهم، وحزنهم وجرحهم، فما أصاب غزة وأهلها كبير، وما لحق بهم كثير، وما ينتظرهم في ظل الإهمال الدولي والصمت العالمي، وعدم المسؤولية الوطنية أكبر بكثير، فهل ينتبه أصحاب القرار الوطني والعربي والدولي، أن قطاع غزة بات على صفيحٍ ملتهب، وأنه يعيش فوق فوهة بركانٍ يكاد أن ينفجر، فإما ندركهم بحلولٍ عاجلةٍ كريمة، ونفي لهم بالعهود القديمة، أو نتخلى عنهم ونتركهم لقدرهم المحتوم، ومعاناتهم الدائمة.

شموخ الإيمان/ مهندس عزمي إبراهيم

صورة الشهداء..عندما يشمخ الإيمان رغم ركوعه
كتب الكثيرون عن بطولة هؤلاء الشهداء الأبرياء العزل وخذلان القتلة المسلحين ذابحيهم. ومعظم تلك الكتابات نابع من عواطف صادقة طيبة ومشاعر إنسانية تعاطفاً مع الضحايا ومع وأهلهم، ورد فعل لجسامة الحدث الوحشي. قدمت داعش الإرهابية الدموية للعالم فيديو متقن التدبير بدقائق الحادث الرهيب. وقدمت الميديا مقاطعاً من الفيديو ولقطات بصور منه. ومَن يتمَعّن ويتأمل في صور الضحايا نقرأ فيها أكثر من مجرد تعاطف مع الضحايا.
ففي صف الشهداء العزل، رغم أنهم راكعين على رُكًبهم، نرى ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد وهي استقامة أنصافهم العليا وانتصاب رؤوسهم وجباههم وأعناقهم، دليل شموخٍ في فكرهم وأمنٍ وسَكينة  في صدورهم، وصلابة في موقفهم رغم هول ما يتوقعون!!
بينما في صف الواقفين من خلفهم، نرى أفراداً كأشباحٍ لا يعلم إلا الله ان كانت آدمية أو شيطانية، ملتحفين بالسواد متنكرين خلف ألثمة تخفي عن العالم هويتهم وتعبيراتهم وملامح وجوههم دليل خوف وجبن وخذلان رغم أنهم مسلحون وواقفون على أرجلهم!!
الفرق بين الصفين هو صلابة الإيمان والكرامة، لا صلابة السلاح والمخالب والأنياب. لله ما أعظمك يا رب. خلقت العصافير والحمام والغزلان الوديعة، وخلقت معهم الثعابين والثعالب ووحوش البرية ذوات الأنياب والمخالب والقلوب المفترسة. وما الثعابين والثعالب ووحوش البرية مهما قويت بأعظم أو أرقى وأكرم من العصافير والحمام والغزلان. وها هي صورة تشهد بشموخ الإيمان في أروع لحظة وأقسى موقف.
لقد احتضن البحر الأبيض المتوسط أجساد الشهداء المصريين الأبرياء. وربما لم تجف دماؤهم بعد على أرض ليبيا، وربما لم يزل بعض أثارها على سكاكين الشياطين، عصابات الإسلام السياسي الإرهابية، الذين ذبحوهم مكبِّرين "باسم الله" مخادعين لجلاله. فالله لا يرضيه سفك دماء البشر الأبرياء العزل.
ولا يسعنا إلا أن نطلب الرحمة للشهداء، والصبر والعزاء لعائلاتهم وأحبابهم وللمصريين جميعاً من كل دين، وأن نعتبر ذاك الحدث ناقوس إنذار لما يُدبَّرُ لمصر من دول الشرق والغرب، ودرساً غالياً يُوحّد أبناء مصر من أجلها، بعد طول شتات!!!
جدير بالذكر أن ما قام به الرئيس السيسي البطل الحكيم بقصف بعض مواقع داعش بليبيا بقواتنا الجوية كرد فعل لوحشيتهم، هو مقدمة ما يجب عمله، وننتظر الأكثر من كل حكام وحكومات الشرق والغرب حتى يُنزَع الإرهاب الديني الغاشم من جذوره حيثما يُنبِته الشيطان.
أؤكد للجميع أن النصر الحقيقي هو الانتصار، لا في معركة، بل في الحرب الشاملة، فكرياً وعقائدياً وسياسياً. فما زالت عصابات الإسلام السياسي الإرهابية، حية في مواقعها وساحاتها وجحورها تُدبّر وتُخمَّر وتُخطط وتُعيث في الأرض فساداً في ليبيا والعراق وسوريا واليمن والصومال وباكستان وأفغانستان ونيجيريا وغيرهم، وبالطبع في مصر في سيناء شرقاً وعلى حدودنا مع ليبيا غرباً. بل عناصره وخلاياه في داخل مصر. والأخطر والأشرّ منهم هم من يدعمونهم ويمولونهم من دول الشرق والغرب.
مهندس عزمي إبراهيـم

ماذا بعد أن أصدر البغدادى مرسوما بتنصيب أميرا لمكة وأميرا للمدينة؟/ الدكتور حمدى حمودة

هل أصبح هناك أى مجال للشك فى أن الولايات المتحدة والموساد الأسرائيلى وبعض الدول الخليجية هم من " صنعوا " داعش وأميرها اليهودى الجنسية الذى تم اختياره بكل حذق هو وسبعون % من المسلحين التكفيرين الذين يقتلون ويذبحون معه باسم الأسلام ، هم أيضا من اليهود المتمسلمين والتابعين لمحمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية الماسونية فى الجزيرة العربية منذ ثلاثمائة وخمسون سنة ، لقد غذى هذا الفكر على مدى هذه السنين مئات الأجيال التى تشبعت به وأصبحوا آكلين للحم البشر ، لايخافون فى الله لومة لائم ، يذبحون بمدية أمريكية ويوشمون أنفسهم على الكتف والظهر لأنهم تأمركوا اذ لم يكونوا أمريكان أو من جنسيات أوروبية ، حتى من يقوموا باعدامهم أو احراقهم أو ذبحهم ،عليهم أن يرتدوا الأفلور الجوانتنمى ، انهم لايراعون فى الله الا ولا ذمة ، هم أبناء الصهيونية الجديدة التى تحكم الولايات المتحدة اليوم ، هم أبناء الصهيونية المسيحية والصهيونية المتأسلمة ، لقد ظهر اليوم الداعية ناصر العمر الذى أفتى من قبل ببعض الفتاوى الشيطانية فى السكس والجنس والمعاشرة والعادة السرية التى اشتهر بها هذا الداعية الوهابى الماسونى من قلب مكة المكرمة ، لقد كانت أحث فتواه لسنة 2015 هى عدم حرمانية معاشرة الأم لأحد ابنائها ، والزوج لبناته الأربعة .! وهذه تعتبر كارثة انسانية ودينية لا تقبلها القيم ولا الأعراف ولا حتى المجتمعات الملحدة ، والفتوى تجيز لأفراد العائلة الواحدة مضاجعة بعضها البعض ، أى تجوز للأم أن تباشر الجنس مع ابن واحد فقط من ابنائها تختاره هى وبرضاه ، وكذلك الأب يجوز أن يباشر الجنس مع بناته على شرط ألا يزيد على أربعة منهن .!
وليكن فى العلم ان مؤسس هذا المذهب الشيطانى هو يهودى بريطانى ظهر فى القرن الماضى سافر الى تركيا وتأسلم وأخذ تعاليم الدين من هناك ثم سافر الى مصر حيث الأزهر وأخذ ما أخذ ثم سافر الى الى بلاد الحجاز واستقر به الأمر فى القصيم ليلتقى بمحمد عبد الوهاب اليهودى الأصل ليبدءا فى تأسيس المذهب الوهابى الذى كان الغرض من ورائه ضرب الأسلام من هذه البقعة الطاهرة فى الأرض والتى خصها الله ببعث النبى الخاتم  محمد (صلى ) والكعبة التى يحج اليها كل الناس بمكة المكرمة التى هى أحب بلاد الله عند وعند نبيه ، وهكذا الى أن خرج علينا هذا اليهودى السافر " أبو بكر البغدادى " اليهودى ليكمل المسيرة التى بدأها كل من البريطانى ورفيقه أصحاب المذهب الوهابى وهؤلاء الدعاه الفسقة الفجرة التى لم تتخذ معهم السلطات أى اجراء وهى الحريصة على الأسلام وبيت الله الحرام بمكة والمسجد النبوى بالمدينة قبل أن يصل اليهما يد البطش والعار ، أولئك الدواعش أخوان الشياطين .
نحن نتساءل ، مالذى يجعلهم يسمحون لهؤلاء الدعاه أن يفتوا بهذه الفتاوى ولم يتم محاسبتهم ؟ هل هذا من حرية الرأى ؟فاذا كانت الحرية والديمقراطية بلغت عندهم الى هذا الحد ، فلماذا يعتقلون ويعذبون كل من طالب بالأصلاح وارساء الديمقراطية الحقيقية فى البلاد ؟ مذا ينتظروا بعد هذه الفتاوى الجنونية وبعد أن تم تنصيب أمراء لكل من المدينة ومكة ؟ لماذا يمدوا هؤلاء التكفيرين بالمال والسلاح ؟ لماذا غضبت امارة قطر من قول الحق ؟ لقد كتبنا وقلنا منذ 2011 بأن هاتين الدولتين هما من يمدان يد العون بالمال والسلاح لكل الجماعات التكفيرية التى قامت بشن الحرب على سوريا وبعدها العراق واليمن وليبيا وتونس وأخيرا مصر ، لماذا غضبوا من الأدارة المصرية عندما اتخذت قرارالهجوم على هؤلاء الدواعش فى ليبيا بعد ذبحهم للمصريين والطيار الأردنى ؟ أليس هذا دليل قاطع على خوف هؤلاء الممولين لهذه الجماعات بتمكين مصر من افساد مخططهم التخريبى التجزيئى للبلاد العربية التى أمرت به واشنطن وتل أبيب هؤلاء الأمراء والملوك ؟ أليس الدليل على ذلك أن السياسة الأزدواجية المعايير التى تصدر من الأدارة الأمريكية عن داعش فى العراق والتى هى غير داعش فى سوريا ؟ أليس غريبا أن تكون هى نفس السياسة عند كل من الدوحة والرياض وأنقرة ؟ نحن نسرد حقائق ولا نتكهن أو نشكك ، فقطر وتركيا والأردن والرياض امتثلوا امتثالا كاملا للأوامر الأمريكية والأسرائيلية ، والدليل على ذلك أن دول الخليج استنكرت وأصدرت بيان شديد اللهجة لما قامت به مصر لحماية حدودها ، ولم تستنكر أو تنبث بكلمة واحدة عندما قامت اسرائيل بضرب طبرية ، أو بأى غارة من الغارات التى شنتها على سوريا أو الحروب التى قامت بها على غزة و لبنان ؟ وأنا شخصيا أتساءل ، هل هذا يحقق لهم بقائهم على عروشهم ضمانا من واشنطن بتوفير الحماية لهم عند تعرضهم لأى هجوم خارجى عليهم ؟ اذا كانوا يعتقدون ذلك ، فأنا أقول انهم لم يستوعبوا الدروس التى قدمتها واشنطن لأخلص حلفائها فى الشرق الأوسط على وجه الخصوص ، فقد كان صدام الحليف الوفى وحاكم مصر الأسبق والليبى والتونسى واليمنى ورضا شاه بهلوى ومن سبقهم ومن سيلحق بهم ، قذفت بهم واشنطن فى سلة المهملات لأنهم أصبحوا عديموا الفائدة بالنسبة لها ، ولقد كان السادات صاحب الأتفاقية المشئومة التى جلبت للأمة العربية العار والخزى أكبر فضل قدمه لكل من تل أبيب وواشنطن ، ومع ذلك غدروا به وتخلصوا منه بعد أن أنهى مهمته !
والأيام نداولها بين الناس ، كم من طاغية ذهب ولم يذكر له التاريخ الا أعماله المخزية، وكم من دول زالت لفجورها وفسوقها وخروجها عن تعاليم الدين القويم ( أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم ان فى ذلك لآيات أفلا يسمعون ) وفى القرون السابقة كم قصم الله بظهور قرى كانت فاسقة أخذها الله أخذا وبيلا ، وفى القرنين الماضييين حقت كلمة الله على بعض الدول التى قصم ظهورها ، ولكنها لم تعتبر وما زالت سائرة فى غيها ( قل يوم الفتح لاينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينظرون ، فاعرض عنهم وانتظر انهم منتظرون )
                        
Dr_hamdy@hotmail.com

الدولة الاسلامية بقيادة الخليفة شيمون اليوت/ موسى مرعي


و أخيرا نفذت الولايات المتحدة الامريكية و بدعم من حلفائها من الدول الاوروبية و من  أغلبية الدول العربية , تهديداتها التي جاءت على لسان وزيرة خارجيتها كونداليزا رايس ابان انتصار المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله على اسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية و من الدول الاوروبية و من بعض الدول العربية بحرب تموز 2006  . و قد وعدت الوزيرة كونداليزا بشرق اوسطي جديد و خارطة طريقه مخططة بدماء شعبنا . تبين ان المشروع الامريكي المشترك هو انشاء دولة اسلامية بادارة يهودية صهيونية و ان يكونوا المسلمين بالاسم الذين سيديروا الدولة الاسلامية اصحاب دعوة جديدة على اهل المنطقة المسلمي الاصل هي من فتاوي جديدة بها متعة من السيكس العائلي اجازوا للاب ان يمارس الجنس مع بناته , و الاخ يمارس مع اخته  , و الام مع ابنها و لها حرية اختيار الابن ليمارس معها الجنس , و الذكر مع الذكر في حال تعثر معهم الحصول على امرأة ليمارسوا معها الجنس و اجازوا ايضا نكاح الجهاد يعني ممكن لمئة مجاهد ان يمارسوا مع امرأة واحدة و هكذا حصل و قد مات كثير من السيدات بسبب هذه الوحشية و بسبب  غبائهن بالحاقهن الى جبهات القتال و معظمهن يحملن مرض الايدز . من هي ايسيس ؟ هي داعش تعني الخدمات السرية للمخابرات الاسرائيلية من صنيعة  المخابرات الامريكية و البريطانية . و الشعب العربي في كبوة يعتقد ان اسم داعش يعني الدولة الاسلامية و الخليفة رجل مؤمن و عادل يخاف الله اسمه الخليفة ابو بكر البغدادي الاسم الاسلامي له ابراهيم بن عواد بن ابراهيم البدوي و معظم شباب المسلمين العرب و علماء دين قد دخلوا قفص اللعبة و علقوا بخيوط العنكبوت بسبب ما يكنون من حقد طائفي و مذهبي , و اسمه الحقيقي شيمون اليوت و قد افتضح امره و سرب المعلومات عن الخليفة المزيف  اعلامي اسمه ادوارد سنودث و يقال ان الصحف الفرنسية اكتشفت امر البغدادي و هو من صنع السيناتور الصهيوني الامريكي جون ماكين المعروف و الممول بأموال سعودية قطرية امريكية . و مع ابو بكر البغدادي مساعدين يهود و لكنهم متخفين بجلباب الاسلام و منهم عملوا علماء رجال دين منهم القيادي آدم يحي وجدان هو شيخ بارز يشوه صورة الاسلام و المسلمين بفتاوي قبيحة للتشويه  و ليكره العالم بالاسلام و المسلمين و اسمه الحقيقي آدم بيرلمان اصله  من سكان نيويورك و هو حفيد لاكبر عضو رابطة كان اسمها رابطة محاربي القذف و التشهير و هذه الرابطة لها اكبر بصمات في الحربين العالميتين الاولى و الثانية وهي من كانت تدعم الحركات الصهيونية بفلسطين بأموال لا تقدر ولا تعد لقتل شعبنا و المعروف منهم المليونير يوسف الذي مول العصابات في مهاجمة سكان القرى السبعة اللبنانية في  العشرينات . وقد افتضح امر هذه المنظمة في المانيا من قبل السلطات الالمانية في الحرب العالمية الثانية . و القيادي يوسف الخطاب له موقع على النت الذي يظهر صورة تمثال الحرية و يقال انه هو الذي قطع رأس الامريكي داني بيرل له مواقف مخادعة بمشاركة مسيرات ضد اليهود و ضد اسرائيل كي لا ينكشف امره و كان يحمل يافطة مكتوب عليها اقتلوا اليهود الموت لاسرائيل  اسمه الحقيقي جوزيف كوهين عمره 39 سنة هو من سكان نيويورك كان يعمل سائق تاكسي .
بدأت القواعد الامريكية في افغانستان منذ تاسيسها لمنظمة القاعدة لمحاربة الاتحاد السوفيتي في افغانستان آنذاك و ازدادت في حرب العراق من عام 1991 عهد جورج بوش الاب رأس الافعى و بدأت ايضا الدول الاستعمارية سابقا للمنطقة فرنسا و بريطانيا بنشر قواعد حربية في المنطقة, فرنسا اقامت قاعدة عسكرية  بحرية في ابو ظبي سنة 2009 , بريطانية لم تكن يوما انسحبت  عسكريا من البحرين و لابسط المسألة ان القواعد الامريكية و البريطانية و الفرنسية قواعدهم المنتشرة في أفغانستان و تركيا و الخليج العربي و الحوض الغربي للبحر المتوسط فهذا يعني جزء من مخطط استعماري للمنطقة و لكن بما يتناسب مع مصالحهم الكبرى و السيطرة على جنوب و شرق بحر الصين و حوض البحر الابيض المتوسط من خلال عودة القواعد العسكرية الغربية الى منطقة الخليج وصولا الى شرق آسيا  و البحر الاحمر . كل هذه القوات الحربية البحرية جاءت بحجة ضرب الدولة اسلامية الارهابية المتطرفة بقيادة داعش و داعش من صنع هذه الدول دون استثناء صنعت باسم الربيع العربي و كلنا نعلم ان المخطط بدأ في تونس ثم امتد الى ليبيا و مصر و سوريا و كان للبنان نصيب . يضربون داعش في العراق و من جهة اخرى يمدونها بآلاف الاطنان من الذخائر عبر الجو طريق جوي اسمه الطريق الغلط و كذلك في ليبيا و سوريا . جاءت هذه القوات لان من ارسلوا الارهابيين قد فشلوا و لم يزالوا يرسلون الالاف من المجرمين و المدمنين و المرضى و ابناء الملاجئ ( ابناء الخطيئة ) قد تربوا تربية خاصة تعلموا الارهاب و الاجرام من علماء اخصائيين يعرفون كيف يسيروا ادمغتهم ليقتلوا و يذبحوا و يحرقوا و يغتصبوا استجابة  للتلمود . و لانهم باؤا بالفشل امام  الجيش السوري الاسدي  و المقاومة بقيادة حزب الله , لقد فشلوا في لبنان و تونس و في العراق سيدفن الخليفة برمالها و فشلوا في مصر , و مصر بطريقها الى ليبيا . و بحجة محاربة الارهاب الذي صنعته ايديهم يحاولون تطويق المنطقة كلها . و بالطبع لروسيا و ايران و الصين دورا مهما يمنع على الامريكان و الحلفاء تنفيذ خططهم في المنطقة و ايضا موقف العديد من دول جنوب امريكا المعادية للولايات المتحدة الامريكية . و السؤال كيف و بيد من الحل ؟ خرجت تونس منتصرة على الارهاب و مصر منتصرة و سوريا منتصرة و لبنان ايضا . انكشف القناع عن وجه ما يسمى بالخليفة . و الحل هو بيد رجال الدين الذين يناصرون الارهاب الداعشي الصهيوني من اجل حفنة من الدولارات و الريالات و من اجل الدنيا و ملذاتها و بسبب حقدهم الطائفي و المذهبي و عدم ايمانهم بالدين .
الحزب السوري القومي الاجتماعي \ مفوضية مجموعة الوحدة الحزبية : موسى مرعي 

ـ"آم آدمي" يفاجيء الكل في نيودلهي/ د. عبدالله المدني

جرت مؤخرا انتخابات برلمانية محلية في ولاية نيودلهي الهندية حققت نتائجها مفاجأة مدوية للجميع. ذلك أن حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم بقيادة رئيس الحكومة "ناريندرا مودي" الذي حقق انتصارا كاسحا في الانتخابات العامة الماضية في مايو 2014 لم يستطع سوى الفوز بثلاثة مقاعد من أصل 70 مقعدا. أما حزب المؤتمر العريق فقد تلقى هزيمة ساحقة ماحقة بعدم حصوله على أي مقعد، فيما كان المنتصر الأكبر هو حزب "آم آدمي" (أنا إنسان) حديث التأسيس بقيادة الناشط المناهض للفساد ورئيس الحكومة المحلية السابق لنيودلهي "أرفيند كيجريوال". ويمكن رؤية المشهد بطريقة أفضل إذا ما استعرضنا نتائج انتخابات الولاية في عام  2013 والتي كانت 31 مقعدا لبهاراتيا جاناتا و 28 لحزب آم آدمي  و8 مقاعد لحزب المؤتمر. 
والمعلوم أن الفوز بمقاعد الجمعية التشريعية لولاية نيودلهي مهم جدا لأنه يحدد عدد مقاعد كل حزب في الغرفة العليا للبرلمان الهندي او ما يعرف بـ"راجيا سابها"، وخسارة الحزب الحاكم لهذه المقاعد تعتبر بمثابة جرس إنذار له وإشارة إلى وجود تذمر من سياساته على المستوىالوطني.

ومن هنا قرأ بعض المحللين في هذه النتائج عقابا لـ"مودي" لأنه بحسبهم لم يف بوعوده الكثيرة، قائلين أن الرجل وعد الشعب بحكومة كفاءات تتميز بتوجهاتها الشفافة وقبولها للمحاسبة وخلوها من الفساد والفاسدين وتحقيقها لانجازات سريعة، لكن حكومته فشلت، بعد مرور تسعة أشهر على وجودها في السلطة، في ترك انطباع ايجابي لدى الجماهير، بل أنّ أسعار الطعام ومعدلات ارتكاب الجرائم في العاصمة شهدت إرتفاعا ملحوظا، ناهيك عن بقاء مظاهر الفساد والبيروقراطية على حالها. 

البعض الآخر من المحللين رفض مثل هذه القراءة وعدّها تجنيا على رئيس الحكومة قائلا أنّ الفوز الكاسح لحزب "آم آدمي" وزعيمه كان نتيجة لتركيزه على مسائل محلية، وليست وطنية، مثل الحصول على خدمات الكهرباء والمياه بتكلفة أقل، ومكافحة الفساد في مواقع معينة، ومضيفا أن حصول بهاراتيا جاناتا على ثلاثة مقاعد لن يؤدي إلى عرقلة جهود "مودي" لجهة الإصلاحات الإقتصادية الموعودة، ومذكرا في الوقت نفسه بأن "مودي" لا يملك وصفة سحرية لحل مشاكل الهند الكثيرة، لكنه يعمل ما في وسعه وفق رؤية واستراتيجية واضحتين. 

وكان هناك من استغرب من فوز "كيجريوال" الساحق لأن ناخبين كثر كانوا قد سبق لهم انتقاده علنا، بل وصفوه بالخائن والجبان بسبب تخليه عن مسئولية قيادة نيودلهي بعد 49 يوما فقط من تعيينه. لكن يبدو أن الرجل تمكن بسرعة من استعادة وهجه وجماهيريته عبر العمل الميداني الدؤوب والمنظم، والتقليل من شأن "مودي" عبر الخطط الإعلامية القائمة على  ضرب ما يتمتع به من كاريزما بنشر اخبار ملفقة عنه او استغلال أحداث معينة للطعن في نزاهته لدى البسطاء والعامة. فعلى سبيل المثال حاول "كيجريوال" وأنصاره استغلال صورة لمودي وهو يستقبل الرئيس الامريكي باراك أوباما قبل عشرة أيام من الانتخابات للنيل من نزاهته عبر الادعاء بأن السترة التي يلبسها يقدر ثمنها بعشرة آلاف دولار. كما حاولوا التركيز على الحفلات النخبوية الباذخة التي جرت على هامش الترحيب بالرئيس الامريكي، وهم يعلمون مسبقا حقيقة أنّ الهنود بصفة عامة وسكان العاصمة بصفة خاصة يستنكرون مثل هذه الحفلات في بلد يعيش فيه الملايين حياة مزرية.

بعض الأقلام الصحافية الهندية انطلقت من نتائج هذه الإنتخابات المحلية لتقول أنّ على مودي أنْ يفهم أنّ انتصاره الكاسح في انتخابات مايو العامة، وسقوط منافسه الأشرس(حزب المؤتمر) لا يعني أنه مطلق اليد في تغيير الأسس والقيم التي قامت عليها جمهورية الهند المستقلة وإستبدالها بأيدلوجية الأحزاب القومية الهندوسية، مشيرة، في هذا السياق، إلى ما شهدته الهند في الفترة الاخيرة من حوادث بعيدة عن التسامح ضد الأقليات على يد عناصر من الجناح اليميني للأحزاب القومية الهندوسية. ويمكن القول أنّ هذه الحوادث لعبت دورا في عدم التصويت لحزب بهاراتيا جاناتا في نيودلهي. ذلك أنّ الكنائس والمساجد والمعابد البوذية اشتركت، كل على حدة، في تنظيم صلوات واجتماعات لأتباعها بقصد الحشد ضد مرشحي الحزب الحاكم.

وعلى الرغم من أنّ هذا يعتبر عملا يتنافى مع علمانية الدولة الهندية لأنه ينطوي على خلط السياسة بالدين، فإن مما يحسب لحزب بهاراتيا جاناتا أنه التزم ضبط النفس وحذر أتباعه من التعرض لمقدسات ومعابد الجماعات الدينية الأخرى، الأمر الذي ساهم في إتمام الانتخابات بهدوء وسلام.

بعيدا عن كل ما سبق، يجب التأكيد على أنّ العامل الحاسم في توجهات الناخب الهندي في أي ولاية وطريقة تصويته يتلخص في السلام والأمن المعيشي الذي بهما يمكنه مواجهة أعباء الحياة اليومية. وهذا ما يعلمه "مودي" جيدا بدليل إيلائه اهتماما كبيرا للشأنين الاقتصادي والمالي للبلاد عبر ترغيب رجال الأعمال في الاستثمار في البلاد ووضع قيود وضوابط على عمليات تهريب أموالهم إلى المصارف الأجنبية. هذا ناهيك عن أنه رجل واقعي وبالتالي فإن هزيمة حزبه في نيودلهي ستدفعه أكثر وأكثر باتجاه تنفيذ ما وعد به شعبه قبل أن تتراجع شعبيته بصورة أكبر. وما إطلاق يد وزير ماليته "أرون جيتلي" مؤخرا لجهة التسريع في إنجاز برنامجه الموسوم بـ "صنع في الهند" الهادف إلى تنمية الصادرات الهندية ـ على النمط الصيني ـ وبالتالي تحقيق معدلات نمو أكبر في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية والخدماتية إلا مثال على واقعيته وإدراكه لما يجب عمله من أجل الحفاظ على الزخم المؤيد له ولحزبه على نحو ما ظهر في انتخابات 2014 العامة.

د. عبدالله المدني
* باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: فبراير 2015 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

عاش الزعيم/ د. عدنان الظاهر

ما زال الجيل الذي عاصر فترة حكم عبد الكريم قاسم يتذكّر السخرية التي رافقت قرار حكومته تحويل العملة الملكية القديمة المعروفة وقتذاك من فئة أربعة فلوس  ( عانة بالهندي أو آنة ) إلى خمسة فلوس فشرع خصومه البعثيون يروّجون لأهزوجة شعبية لم تحقق النجاح الذي كانوا يرجون كدعاوة مضادة لعبد الكريم قاسم. نص تلك الأهزوجة [[ عاش الزعيم الزيّد العانة فلس ]].
ما " ربّاط " حكاية هذه العانة الرباعية التي غدت بفضل ثورة تموز 1958 خماسية القيمة ؟
" الربّاط " قويٌّ وقويٌّ جداً جداً ! ... كيف ؟
إذا أضافَ الزعيم قاسم فلساً واحداً لا غير على عملة نحاسية صغيرة فلقد مددت وجعلت حكومة الزعيم الجديد الدكتور حيدر العبادي الشهرَ المعروف والمعتاد وجعلته أربعين يوماً بدل الثلاثين / الواحد والثلاثين فسبحان مُغيّر ومُكبّر وممدد الأمور والأيام والشهور! سيستلم الموظفون والمتعاقدون والمستخدمون رواتبهم الشهرية بعد كل أربعين يوماً بدل كل ثلاثين والصلاة على النبي ! هل ينطبق هذا التقويم الجديد على الرؤساء الثلاثة ونوّابهم ومستشاريهم وهل سيمشي على الوزراء ونوّابهم ومستشاريهم والمدراء العامين ؟ هل سيُطبّق على نائبات ونوّاب البرلمان العراقي وحماياتهم وأعضاء مكاتبهم وهم كثرة كاثرة ؟
[[ عاش العبادي الزيّد الشهر عشرة أيام بأيامها ولياليها ]] تُرى هل سيقبل صاحب الدار المؤّجّر أنْ يقبض بدل استئجار داره كل أربعين يوماً بدل ثلاثين ؟
ما زال البعض ينعتها بحكومة التغيير فأين حصل هذا التغيير وما هو وما كنهه ؟ تعالوا إلى كلمة سواء نتحاسب حساب عرب : ما زال داعش يحتل مساحات شاسعة من أراضي العراق وما زال يسبي ويقتل ويتمدد ويتحدى ويذبح ويشوي الأجساد مثل سمك دجلة المسكوف ويُهرِّب النفط وما زال يتلقى ما تلقي عليه طائرات التحالف الدولي وخاصة الأمريكية منها من أعتدة وذخائر ومؤونات ... بغداد صارت شامْ صلّوا على النبي ... وما زال فقراء العراق يرزحون تحت خطوط الفقر الحُمُر وباقي ألوان طيف الشمس الداكنة المرئية منها وغير المرئية ... وما زال التجاوز على حريات رجال الصحافة والإعلام قائماً على قدم وساق على مرآى ومسمع العبادي وأعضاء حكومته .... وما زالت مدائن العراق الرئيسة تعاني من شحّة الماء الصالح للشرب ومن انقطاعات التيار الكهربائي ... وما زالت بغداد العاصمة تعاني من الوساخات وتراكم النفايات ... وما زالت الهاونات وقذائف الصواريخ تنهال بين فترة وأخرى على بعض أحياء بغداد عاصمة العراق ... 
أخطر الجميع هو تزايد جموع العساكر الأمريكية من مارينز وخبراء ومدربين وحرس للسفارة الأمريكية في منطقة " البلواء " الحصينة ولباقي القنصليات الأمريكة هنا وهناك .... وما زالت طائرات التحالف الدولي [ وفيها طائرات دول عربية ! ] تستبيح أجواء العراق نهاراً وليلاً جهاراً نهاراً تقصف فتقتل العدو والبرئ وليس عندي أدنى شك أنَّ الطائرات الإسرائيلية تساهم في الكثير من المجهودات الحربية المشبوهة لا في سماوات العراق حسبُ إنما في أجواء وسماء سوريا.
ماذا تبقّى للعراق من العراق ؟ كيف وأين ومتى سيحصل التغيير العبادي أو غير العبادي؟ في أي مفصل من مفاصل الحياة وفي أي شأن؟ العراق ومشاكل العراق وما يجري على أرض العراق وما يُعدُّ ويخطط له في السراديب السرية أكبر بكثير من أي عباديٍّ ومن أي سياسي عراقي آخر أفرزته ظروف ومسببات الإجهاز على العراق حتى سقوطه في التاسع من شهر نيسان عام 2003 . لقد أجهزت أمريكا ومعها إسرائيل وحلفاء أمريكا في الناتو وبعض أعرابها على العراق كدولة وكيان سياسي ـ إجتماعي ـ تأريخي بدعوى القضاء على صدام حسين ونظام البعث الفاشي وإنقاذ العالم مما كان في العراق من أسلحة تدميرية شاملة لم يجدوا منها شيئاً بل ولم تكن موجودةً أصلاً إلاّ في رؤوس التدمير الأشمل  بوش الإبن وأضرابه في الغرب وإسرائيل.
أجلْ سادتي : عن أي تغيير يتحدث القوم اليوم في العراق وفيهم ساسة وعناصر إعلام وبعض كتّاب السلطة والسلطان ؟ ما هو وأين هو؟

يا امرأة أنا رجل بسيط/ المختار لعروسي البوعبدلي الجزائري

يا امرأة ...
إني مسافر على مرافئ الوجود ...
اخط في ضفافها ... أحرف اليقين ...
وارسم في ملامحي من سِمة السطور ...
سطوركِ التي بكل وجهة تبين ...
في همسة يوسف للجمال ليخجل الجمال...
فعشقها ترتيلة الزمان بكلها الأزمان ...
تحوم في أفلاكها أنوارها ...
والضوء في سماءها يُغشى عليه تارة ...
وتارة يستحي من طلة ...
وتارة يأخذه الدوار أمام خدرها الجميل ...
وتارة يغيب في سؤالها بين لجتين...
وتارة يمرح في غدوه رواحه بالجنتين...
يا امرأة ...
أنا رجل بسيط في أفكاره ...
يحمل خبزتين ...
خبزة بيمينه وخبزة بشماله ...
ويعطي الخبزتين ...لكنه يُخفي الخبزتين ...
وكل يوم يغمس خبزتيه في عصيره الزيتون ...
فتكتب الخطوط بكفه وكفه الأخرى تلين ...
يركب في سفينة ... فلكه القديم ...
لكنها مصنوعة من قصب لأنه صيرها الأقلام ...
وبحره المداد ...
يغرف من رضاً ...
وبُعده عن غضب وعن ضلالة العباد...

شهيدك يا مصر/ محمد محمد علي جنيدي


هوه لازم كل يوم دمي يسيل
يعني لازم إني اموت وافقد خليل
هوه دا بكره يا مصري قوللي فين!
جيت يا بكره والعليل أصبح قتيل
يا شهيد الحق في ضلك بعيش
مهما اعاني مهما قالوا الناس مفيش
ضي حلمك فـ.السما مبينتهيش
والحياه من غير ما نحلم متسويش
يللي عمرك ابتدى بطعنة حقود 
يللي من دمك جرى نهر الخلود
انت قصة حب بتوفي العهود
وانت روح البر في كل الوجود 
أنسى روح اللي فدا حريتي
أنسى دمه اللي بيرسم بسمتي
أنسى أجمل ما لقيته فـ. دنيتي
تبقى إيه معنى الكرامه وعزتي!
هوه لازم من قصاص رب الشهيد
هوه لازم ينكسر راعي العبيد
يا آله الكون يا قادر عالشديد
اقهر الطاغوت ولو كان من حديد

m_mohamed_genedy@yahoo.com

الكيان الصهيوني تحت قصف المبدعين والفنانين/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لا نبالغ ولا نحلم، ولا ندعي ولا نكذب، وإن كنا نأمل ونرجو، عندما نقول بأن صورة الكيان الصهيوني لدى دول العالم بدأت تبهت وتتشوه، وتسوء وتزداد قبحاً، فقد ذهب بريقها، وأفل نجمها، وغار ماؤها، وهوت أسهمها، وأصبحت عند البعض لعنة، وتهمةً وشبهةً، ولدى الكثيرين هماً وعبئاً، وكلفةً وضريبة، ولم تعد تلك الصورة الناصعة التي كانوا يحاولون رسمها، ولا واحة الديمقراطية التي كانوا يدعون وجودها، ويتفيأون في ظلالها، ويدعون غيرهم لتقليدها والتأسي بها، ولا أرض الميعاد التي يتوقون إليها، ويدفعون أبناء ملتهم للهجرة إليها، والعيش والموت فيها، وغيرهم لزيارتها والسياحة فيها، والاستمتاع بشمسها وشواطئها، والنوم فوق رمالها الساخنة علاجاً وشفاءً، أو استجماماً وجمالاً، أو طلباً للرحمة والبركة.
صورة الكيان الصهيوني أخذت تتضح وتبدو حقيقة معالمها، وزيف حقائقها، وبهرج دعايتها، للعامة قبل الخاصة، بعد سنواتٍ طويلة من الكذب والتضليل، والتشوية والتزوير، والتآمر والتحايل، وباتت تتكشف حقيقة الكيان العنصرية الفاشية، وصهيونيته المقيتة، وسياساته المهينة، وقياداته السفيهة، وتظهر الصورة الاستعمارية البشعة على حقيقتها، التي ما زالت تعيش عصر الكولونالية، وتحلم بالقوة والتفوق والسيطرة، والتحكم والاستيلاب والهيمنة، وهي صورةٌ آخذةٌ في التدهور والانحطاط، والتراجع والسقوط، رغم كل محاولات التجميل والتزيين، والجبر والتعويض، ومساعي الستر والحماية، والتبرير والتفسير.
ربما أن السياسيين والأنظمة الحاكمة عاجزة عن بيان رأيها، أو التعبير عن مواقفها، أو اتخاذ قراراتٍ تعبر عن ضميرها الإنساني، وحسها البشري، خوفاً على مناصبها، أو التزاماً بعهودٍ أبرمتها حكوماتها، أو قلقاً على مصالحها، وحرصاً على أموالها واستثماراتها، وضماناً لاقتصادها واستقرار أسواقها، الأمر الذي يجعلها ضعيفة وعاجزة، ومترددة ومنحازة، إذ لا يوجد عندها الجرأة الكافية لنقد الكيان الصهيوني، وكشف عيوبه ومخازيه، وفضح سياساته وبيان أفكاره، والاعتراض على سلوكياته وتصرفاته، ورفض عدوانه وصد هجومه، وإلا حرك الكيان أساطينه الاقتصادية، وأقطابه السياسية، ومراكز القوة الكامنة لديه، لينقضوا على منتقديه، ويهاجموا معارضيه، ويعاقبوا الجريء والمتهور، والمجنون والمفكر، ويصدوا من يهدد أمنه، ويعرض استقراره للخطر.
إلا أن ثلةً من المثقفين والمبدعين، والرسامين والنحاتين، والراقصين والفلكلوريين، ومجموعةً كبيرةً من الكتاب والصحافيين، والفنانين والموسيقيين والمخرجين والمنتجين، والمدونين والمحررين، وكوكبةً من الرياضيين ونجوم السينما والتلفزيون، ممن يحترمون عقلهم، ويقدرون تفكيرهم، ولا يهملون حسهم الإنساني ولا قيمهم البشرية، يرفضون الانسياق وراء الغرائز الحيوانية، والتصرفات البهيمية التي يقوم بها الإسرائيليون، ويروج لها أربابهم من الصهاينة اليهود وغيرهم. 
أعلنوا رفضهم للسياسة الإسرائيلية، واستنكروا ممارسات حكومتها، وتصرفات مستوطنيها، واعتبروا أن ما تقوم به من أعمال إنما هي سياسة عنصرية بغيضة، يرفضها العقل، ويأبها الإنسان، ولا تقبل بها النظم والقوانين، ودعوا حكومات بلادهم إلى سرعة التحرك، وقوة التدخل، لوقف الانتهاكات الإنسانية الخطيرة التي تقوم بها حكومة الكيان الصهيوني، معتمدةً على تأييد دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية لها.
لهذا وقع مئات الفنانين والمبدعين البريطانيين في مختلف المجالات الثقافية والفنية، عريضةً يعلنون فيها مقاطعتهم للكيان الصهيوني، ورفضهم إحياء أي فعالية أو نشاطٍ أو حفلة فنية، أو مهرجانٍ ثقافي أو معرضاً للصور والفنون الجميلة مع أو بالتعاون مع الكيان الصهيوني، كما أعلنوا رفضهم قبول أي جوائز أو هدايا، وأي تبرعات أو هبات أو منح أو مساعدات تأتيهم من الكيان الصهيوني، أو من جمعياتٍ ومؤسساتٍ صهيونية تؤيد الاحتلال، وتوافق على سياساته الاستعمارية، حتى توقف إسرائيل قهرها وقمعها الاستعماري للفلسطينيين، وتمتنع عن الاعتداء عليهم، وشن الحروب وتجريد الحملات العسكرية ضدهم، واعتقال أبنائهم وقتل المئات منهم، وحتى تخضع للقانون الدولي، وتتيح للفلسطينيين حرية تقرير مصيرهم، وبناء دولتهم المستقلة، دون تدخلٍ منها، أو إكراهٍ لقيادتهم، أو تأثيرٍ على سلطتهم.
المثقفون والمبدعون، وأصحاب الرسالات الإنسانية الراقية، لا يستطيعون مخالفة ضمائرهم، والسكوت على الجرائم، والصمت على انتهاك القيم الإنسانية التي يناضلون من أجلها، وينادون باحترامها وتقديرها، ولهذا تحركت أقلامٌ وجهودٌ فنية في أكثر من مكانٍ في العالم، ضد الحكومة الإسرائيلية التي قتلت في عدوانها الأخير على قطاع غزة أكثر من 2100 فلسطيني، وطالبوا العالم الحر المتحضر أن يتولى المسؤولية، وأن يتصدى لهذه الجريمة التي ترتكب باسمه وعلى عينه.
لا يبرئ المثقفون والمبدعون الغربيون حكومات بلادهم، ولا يغفرون لأنفسهم صمتهم وسكوتهم، ويرون أن مواصلة الصمت مشاركةٌ في الجريمة، وإمعانٌ في ارتكابها، واصرارٌ على فعلها، ويدعون العالم الحر للانتفاض من أجل القيم، والثورة في سبيل المبادئ، ويعيبون على العالم صمته إزاء الجريمة، وسكوته على الانتهاكات الخطيرة، ويرون أنهم يساندون دولةً وشعبها، على انتهاك حقوق شعبٍ بأكمله، وطرده وحرمانه من أرضه وحقوقه، دون سندٍ من حقٍ أو قانون. 
إنه تضامنٌ غربيٌ لافتٌ وغريب، أن يقوم به غربيون ليسوا عرباً ولا مسلمين، يعلنون تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ويستنكرون على العدو الصهيوني أفعاله وجرائمه، ويرفضون سياسته وينتقدون ممارساته، ويدعون دولهم والأمم المتحدة إلى التحرك ضد الحكومة الإسرائيلية، وفي سبيل ذلك يقاطعون كل عملٍ يشارك أو يساهم فيه الكيان الصهيوني، في الوقت الذي تهدم فيه جدران المقاطعة العربية، وتتهاوى مبادئ العداء للعدو الصهيوني، وترتفع رايات وشعارات التعايش والسلام معه، والقبول به عضواً وشريكاً طبيعياً في المنطقة، والاعتراف به دولةً كاملة السيادة على الأرض الفلسطينية، ويتنازل بعض ذوي الحق له عن حقوقهم، أليس في هذا غرابة مدهشة، ومفارقةٌ عجيبة، تتطلب منا التوقف قليلاً والتفكير فيها كثيراً...

قدسية الحب وممارسته عند الشاعر يحيى السماوي/ المختار لعروسي البوعبدلي الجزائري

تحيتي القلبية الخالصة يا أيها السماوي ...
وسلام على السيد شربل بعيني ...
ما قولي بهذا إلا لأنني ما هضمت عنوان القراءة التي تفضل بها السيد الكريم : شربل بعيني ... حيث قال إباحية يحيى السماوي (الشعرية) قمة  (ذروة) القداسة ... حيث أني ما وجدت بلسان العرب ما يطابق اللفظ إلا من خلال إقحام المفهوم الجنسي له ليس من باب ما ورد في لغتنا العربية بل من باب الفهم الحاصل من إقحام التعريف الغربي له على لغتنا ... - وقد أكون مقصرا في بحثي عن اللفظ ودلالته في قواميسنا ومعاجمنا - 
لكن كيف لنا أن نجعل للإباحة قداسة .؟؟؟
....لكني أقول من باب أن لغة القرآن بها حياء كما جاء في قصة يوسف إذ تجعل منا نمج الفعل ونستنكره ... فأقول بأن العنوان الذي يليق بنصوص الشاعر يحيى السماوي ....
يكون كما أراه :
قدسية الحب وممارسته عند الشاعر يحيى السماوي ...
.وذلك لما أرى من أن الشاعر اعتمد في نصه هذا الأفاظ الدالة على الجمال تبتلا...عفيفا طاهرا ...وعليه لو رجعنا لنص الشاعر لوجدناه أنه استعمل أولا : الخلع . 
والخلع فيه مهلة وإرادة قيام بفعل طلبا لحال كما في قوله تعالى : إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى طه (12)وهنا صورة من صور اللإمتثال للمحبوب في أبدع صور الجمال .
والنهد لا يطلق عليه هذا اللفظ إلاّ إذا كعب وهنا اذكر قوله تعالى : وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا النبأ (33) وارتبطت في سياقه بالجزاء الحسن في طلب متعة الخلود ...كما ارتبطت بما لها من طهر مادي ومعنوي ... ثم ارتباط المعنى بأن أغشى النور المنبعث بيان غياب وتغييب الشهوة لتصير عفة الرؤية من غير مشاهدة نظر تجسيمي مادي للبدن ومفاتنه ... 
وحينما وظف ما جاء في القرآن من قوله : "هَيْتَ لكْ" بنبرة الصراخ والصراخ لا يكون إلاّ من تشتت تفكير عقل وبُعد عن السيطرة عن النفس مع إشارة لما للفظ من حياء بأن صار الفعل مما تمجه النفس ويستنكره العقل ... وهكذا يكون توظيفه اللفظ في بناء العبارة يرتقي بحيائه دلالة على الطُهر الجواني والبراني ...
وقول الشاعر :
ما أذكره أن حريقاً بارد النيران 
شقّ البحر
صار الموج عشباً
طلعت من بينه حورية
تلبس فستاناً من الورد
عليها هالة ضوئية..
أو ربّما شبّه لي.
بداية صار من الشاعر التذكر يكون من استعادة صور سطرت معنا بالذاكرة وكأنه هنا مراجعة بفعل حدث يثير النفس لتعيد " برمجة " شعورها بمقتضى الحدث الحاصل ... 
وهكذا أرى أن الشاعر يحيى السماوي صار إلى تأثر بقوله تعالى : قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ الأنبياء (69) 
وقوله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا النساء(157) -
فالشاعر قد شابك في انسجام رحلة التاريخ بين إرادة الله في بيان حقيقة أن لا جمع بين الضدين إلاّ بأمره حيث صارت النار بردا وسلاما كما حقيقة الإنسان بأنه الكائن الوحيد الذي يحمل الضدين شعورا من انعكاس صور الوجود معه ... وحقيقة ما شُبه من قتل عيسى الذي تقول رسالته بممارسة السلام ... وما قتل عيسى دليل بقاء خالد في الدارين فهنا يريد الشاعر أن السلام حال ممارسة دنوية بمقتضى الإرادة وحال خُلد أخروي ... 
كما جمع بين جمال الصورة " حورية " ولين الشعور " الوردة " واهتداء السبيل من انتشار ضوئي ." هالة ضوئية: 
فصار الشاعر بين نوعين من السلام كل منهما يفوق الآخر نقاء وجمالا في الوقت والزمان ... 
لا أريد أن أطيل لأصل إلى قول الشاعر يحي السماوي :
فخّخت بالقبلات ثغري..
وارتديت حزام شوقي..
يا التي
أضحت لبستاني الربيعَ السومريّ
وجدولَهْ
وصنعتُ من عطشي لمائك
قنبله!
وهنا في لسان العرب أن الفخ هو مصيدة أو فخة هي نومة وكل منهما فيه طلب المتعة والراحة ... وهنا أميل لمعنى الصيد لأنه يوحي هنا بأنه تم إمساك الثغر بالقبلات ليكون الصمت عابرا للشعور قربة شعور في متعة اللقاء 
والحزام كل ما يشد به حتى لا يصير افلات ولا انفلات وارتداؤه وكأنه بذلك أراد من كله أن يكون مشدودا لمحبوبة لا بعُد يرتضيه ... واعتمد الشوق حزاما . ومن شده الشوق صار إلى التماهي فما بال من صار كله شوقا ...
والقنبلة في لسان العرب في ما ذهب إليه الشاعر تدور حول معنيين هما المصيدة أو الإشعال ...وفرق بين المتفجرة والقنبلة لما لهما من واقع حال بين الإنتشار الضار والبقاء على الحال نفعا 
وأميل إلى معنى الإشعال هنا ليكون العطش من شوقه السابق الذكر زيادة ونماء بتزكية طاهرة طلبا لاستمرار وجود لبقاء رسالة الوجود من خلال طهر اللقاء تحت ظل رسالة السماء ...
لأن خاتمة النص تبين وتبلغ أن الحب حرف وامرأة في ظل الوطن تحت راية السماء ...
اعتذر عن الإطالة كما اعتذر عن الخطأ إن ورد مني فلقد كتبت هذه في عجالة ...
**
انقر هنا لقراءة مقال شربل بعيني
**
تعليق الشاعر يحيى السماوي على المقال
المختار لعروسي البوعبدلي الجزائري : السلام عليكم أخي الأديب المضاء بنور التقى ورحمة الله وبركاته .
تعدد الرؤى في فهم النص دليل عافيته ، وبقدر تعلق الأمر برؤى الصديق الشاعر شربل بعيني، فهي تلتقي مع رؤيتك إذ أن القاسم المشترك بينكما ـ كما بالنسبة لدراسات أخرى تناولت قصائد المجموعة كدراسة الشاعر الناقد سردار محمد سعيد والشاعر الناقد عبد الستار نور علي ـ هو أن قصائد المجموعة تتناول موضوعة العشق وتجلياته وموضوعة الجنس لا باعتباره شهوة آنية إنما باعتباره ضرورة وجودية وممارسة جسدية وروحية معا أفضى إليها ذوبان العاشق بالمعشوق في تماه ٍ يجعل من الإثنين واحدا .
الإباحية كلمة قاموسية موجودة في لسان العرب يا صديقي مشتقة من " البوح " الذي يعني ظهور الشيء كما يعني بثّ السرّ كقولنا : باح لي الصديق شوقه، ومن اشتقاقاته الإباحة التي تعني الإنتهاب كما في الحديث الشريف: ( تى يَقْتُلَ مُقاتِلَتَكم ويَسْتبِيحَ ذَرَارِيكم) أو كقول عنترة العبسي: حتى اسْتَباحُوا آلَ عَوْفٍ عَنْوَةً بالمَشْرَفِيِّ
ومن اشتقاقات الفعل أباح الباحة وتعني وسط الدار أو "حوش الدار" كقولنا: هذه دار باحتها واسعة. كما أن من معاني الباحة: البستان الصغير الكثير النخل .
كل المعاني موجودة في قصائد المجموعة بمعناها الإباحي لأنني فعلا ً " أبحتُ " لنفسي الجنس كممارسة أرضية ولكن : بسموٍّ روحيّ ـ وهذا ما توصّل إليه الصديق الشاعر شربل بعيني كما توصّلتَ أنتَ إليه في قولك إن المجموعة تتناول "قدسية الحب وممارسته " .
أنتما ملتقيان يا صديقي الأديب القدير .
**

احذر من دخول داعش لمصر سلمياََ عبر ليبيا/ أشرف حلمى

بعد مذبحة المصريين بليبيا والتى تمت على يد من تؤمن بالمبادئ والتعاليم السلفية طبقاََ لما قاله أحد منفذى المذبحة وبعد ان قامت قواتنا المسلحة بالرد السريع عليها تنفيداََ لمطالب شعب مصر العظيم الذى لم يهدأ ولا ينام منذ مشاهدتهم تنفيذ الجريمة وإختلاط دماء المصريين بمياه البحر التى حركت امواج الغضب داخل قلوب المصريين جميعاََ حكومة وشعباََ وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى للقصاص من التنظيم الداعشى على الرغم من محاربة الحكومة الإرهاب داخلياََ .
لقد عجز دخول الإرهابيين دخول مصر عبر حدودنا الشرقية والغربية لذا فسوف يستغل هذا التنظيم الإرهابى فى ليبيا والمرتبط بالمتاسلمين المصريين المتواجدين بليبيا والذين ذهبوا الى هناك قادمين من قطر وافغانسيان وتركيا وغيرها من الدول الراعية للارهاب بعد ان تلقوا التدريبات القتالية ويتنظروا لحظة ترحيل الالاف من المصريين وفرارهم من ليبيا على ان يكونوا هولاء الإرهابين وسطتهم .
لذا اطالب الحكومة المصرية توخى الحذر عند إستقبال المصريين الفارين والعائدين من هناك والتحقيق الدقيق من هويتهم ومراقبة المشكوك فيهم حتى لا يشكلون خطراََ حقيقياََ على البلاد خاصة بعد رفض مؤسسة الازهر تكفيرهم وفى ظل وجود المناهج الداعشية المخترقة فى التعليم الأزهرى ووجود الأحزاب الدينية الداعشية التى حرصت حكومة محلب بتواجدها ودخولها الإنتخابات البرلمانية القادمة .

كتاب "في عينيك يتمشى الليل"/ سركيس كرم

"في عينيك يتمشى الليل" وكيف لليل يلفه القلق وتحيطه الشكوك وتلبسه الأحزان أن يتمشى ويسترسل في عرض أسراره وغرامياته وعشقه من دون أن تأسره عتمة الزمن الذي غالباً ما تصطدم أحلامه بأصنام الغرور والتعجرف.. وكيف لأفكار ثائرة متعطشة الى التحليق في فضاء الحب أن تجابه الألسن الجافة المحتاجة الى الكثير من رحيق الرؤية وحيوية الحياة...وكيف لشاعر عاشق أن يخترق بأفكاره أسوار أولئك الذين لا يرفضون الحب والفكر والفرح فقط، وإنما يحكمون عليهم بالإعدام على مقصلة الأنانية الخالية حتى من فتات روحانية المحبة والفكر والتواضع.. 
في خضم هذا الصراع المرير الدائر بين الحب والحقد.. يتمكن الشاعر أسعد المكاري من خطف مخيلتنا في ديوانه الجديد " في عينيك يتمشى الليل" كاشفاً أسرار ليله الذي وجد ضالته في عينيها.. فليس هنالك من وسيلة للدخول الى فسحات الليل وأحضانه الدافئة إلا من خلال عينيها.. ونور عينيها.. وهو يدرك تماما أن ما من سراج يضيء العتمة على أنواعها سوى عينيها.. هي المرأة..عشقه النابض.. حبه الأزلي.. حريته المتجددة.. قيثارته..حوريته.. حياته.. وطنه... ويبقى التعبير عن الحب والهيام يرنو الى أقلام مثل قلمه إنبعثت من رحم لغة جميلة ورؤية واضحة وجرأة منضبطة.. اللغة التي تنقل بأناقتها وبسلاستها الفكرة لتدغدع بها المشاعر.. الرؤية النابعة من صلب الموهبة.. والجرأة التي لا تتخطى حدود القيم المتجذرة في عقلية الشاعر... 
قرأت "في عينيك" وتساءلت في قرارة نفسي: هل أجرؤ أن أتمشى في "عينيها" كما فعل الشاعر بحثاُ عن مغامرة لا تنتهي؟  .. حاولت تجاوز الخجل الساكن في باطن جرأتي..  وإذا بي أسمع عند أول منعطف أسعد يلحّن: "تتعريّن أمامي! فكيف أضع ستارة على القمر.." .. ترددت في متابعة المشوار.. وها بمناجاة ثانية تدفعني الى معاودة السير من جديد وفيها يرسم أسعد "سأشتهيك كما أشتهي نفسي! لتكوني على صورة قصيدتي ومثال جرأتي.. وبريق عينيّ..."... وما أروع تقاسم الذات بين حبيبين يجمعهما قلب واحد في جسدين..  
وكلما أنتقلت من قصيدة الى أخرى برفقة الليل تعززت قناعتي بأن الشاعر ما زال يراهن على مخيلة القاريء .. فلا أجد وقاحة او إثارة غريزية أو أباحية رخيصة في الوصف حتى عندما يعترف أنها "عارية إلا من طوق الياسمين"... لأن الشاعر هنا يصر على إلباس المرأة ما يكفي من الحرير..من العطر..من الياسمين.. من النبيذ.. من الغزل .. من الحبر.. فهي لا تقف قطعاً على رصيف الشهوات البخسة، بل على قمة الإجلال .. 
هو يكتب عن العشق والغرام، غير ان أسعد يفك أسر تلك الملذات التعبيرية وينقلها من محدودية الجسد الى رحابة الإنسجام الروحي الذي لا تكتمل حميمية الحب من دونه.. من هنا تاتي إماطة اللثام عن ممارسات العشق الموصوف في اسلوب راق حالم يؤدي الى إغناء النظرة الى المرأة والإرتقاء بها الى ما تجسدّه من نعومة وحنان ومفاتن..
"ها هي أحلامك تنام على كتفي لأفسّرها.. وأشتفهّا نبيذاً أشقر.. أجرح عطرها وأكتب خاطرتي...أحلامك تنام لأستيقظ في الدهشة" .. وهنا أيضاً وأيضاً يسرح أسعد متأرجحاً في ثنايا غرامها وهي تتنشي من عطر أفكاره بلا هوادة.. وإذا بنا نتابع الحلم.. فيما المرأة تتألق .. وتلمع عيناها بهاءً.. فهي المنتصرة ...المتفوقة.. الساحرة... المهيمنة على كل ما يحرك العواطف والمشاعر.. وسلاحها لا تنطلق شرارته إلا من عينيها... من نظرات تتمكن غالباً من القلوب وترسم مصيرها وتتقاذف نبضتاها كيفما شاءت... فرحاً او شوقاً.. نشوة او ألماً...  فطريق العشق ليست مزدانة بالورود فقط.. حتى عشيقة أسعد في مشوار الليل شقية قادرة على إلحاق الأذية، لذلك يعاتبها "عشيقتي الشقية... كيف تخدشين صوتي؟ وأنفاسي أنغام شجيّة..".. ولا يتوانى في مساءلتها " من الذي أرشدك الى حزني؟ وهمس فيك غربة الإنتظار..من الذي أدخلك حلمي؟ وعلمك العزف على ريش الطيور..أخاف يطول إنكساري وتقرأ عيناك لججي..فتنكسر بلّورة القمر.. ونجوع في ليل طويل!!"
"في عينيك يتمشى الليل" فيجد الضوء لعتمته ويجمع في جعبته ما يتوافر من الأحاسيس والنبيذ والعطر والحلم والحب والغيرة والدمعة والصلاة والأرق واليقظة والسعادة والحزن والنشوة والشغف والجرأة والغرام اللامتناهي.. ويقدمهم هدية في عيد العشاق المحتفى به او المغضوب عليه في كل يوم من أيام العمر.. وهكذا يتمشى الليل ليكتشف المرأة في عالم أسعد حيث العشيقة هي الدنيا .. هي الزوجة.. هي الشريكة.. هي الأم.. هي الأخت.. هي القريبة.. هي العشيقة.. هي صاحبة القرار في الحب والحرب.. وهكذا يترسخ في ذهن السهر عشق أسعد وتوهج أفكاره ... وذاكرته المشبعّة بالوفاء... "أختزن في ذاكرتي عينيك المتسّعتين للأفق..وصوتك المرنّم في أحاسيسي..أختزن لهاثك لأبقى..".. وكم هو رائع أن نختتم مشوار الليل ونسمو بكلمة للعلامة الأب الدكتور يوسف يمين وفيها يعلق على صدر أسعد وسام الكلمة "أسعد شاعر مليىء ببراعم الأصالة.. شعره مزيج من تراب أهدن وسمائها..".
بين أيدينا اليوم إبداع آخر من إبداعات أسعد المكاري فهنيئاً لنا وله.. والى المزيد من اللوحات المشرقة التي تتمحور حول الحب ..حول المرأة أيقونة الحب والعطاء والجمال..           
سركيس كرم

دراسة لديوان "ومضات وأعاصير" للشاعر الأستاذ يوسف ناصر/ حاتم جوعيه

مقدمة  وتعريف :  
الشَّاعرُ  والأديبُ الأستاذ  يوسف  نعمان نعمان ناصر" من  سكان  قريةِ " كفر سميع" الجليلية ، يكتبُ  الشعرَ  والقصَّة َ والمقالات  والدراسات النقديَّة والادبيَّة  منذ أكثر من ثلاثين سنة، نشرَ بعضا من إنتاجهِ الشعري والأدبي  في الصحفِ والمجلات  المحليَّة .   حاصلٌ  على  شهادةِ الماجستير (  m.a ) في الأدب العربي  ويحضِّرُ  الآن  لأطروحةِ الدكتوراة ،عملَ في سلك التعليم فترة طويلة  مُدَرِّسًا  في المدرسةِ الثانويةِ  ومحاضرا  في  أكثر من كليَّةٍ... يحظى  بمكانةٍ  أدبيَّةٍ  واجتماعيَّةٍ  مرموقةٍ  في  الداخل  ويعتبرُ من الأساتذةِ الأوائل القديرين والضَّليعين في اللغةِ العربيَّة. والجديرُ  بالذكر انَّ إتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين ( في الضفة  والقطاع)- منطقة الحكم الذاتي - أصدرَ قبل أكثر من 15 سنة  كتابا بعنوان "إبداعات الحجر" يضمُّ  قصائد شعريَّة عديدة ومقالات وخواط أدبيَّة  كُتِبَتْ بمناسبةِ الأنتفاضة وقد  نشروا  قصيدتين  في  هذا الكتاب لشاعرين  محليِّين  فقط  من  الداخل عن  الإنتفاضةِ ،  والشاعران  هما: الأستاذ " يوسف  ناصر"  وأنا  " حاتم جوعيه " .   
  سأتناولُ في هذه المقالةِ ديوان "ومضات وأعاصير من خلال الإستعراض   والتحليل .  
مدخل :  ديوان  " ومضات وأعاصير " للأستاذ  يوسف  ناصر  صدرَ عن   مؤسسةِ الأسوار العكيَّة - بإدارة الأستاذ  يعقوب حجازي . الديوان  يقعُ  في (110) صفحات  من  الحجم  المتوسط  تحليه   بعضُ  الرسوماتِ  الجميلة والمعبرة في الداخل..ويستهلُّ الشاعرُ ديوانهُ بمقدمةٍ رائعةٍ  يشرحُ  ويوضحُ    فيها موقفهُ  من الشعر مُشِيرًا إلى العناصر والمُقوِّمَاتِ الأساسيَّة  التي  يجبُ أن  تتوفرُ  فيِهِ  ليكونَ عملا  إبداعيًّا  متكاملا   ويستحقّ  أن  يُسَمَّى  شعرا . والشاعرُ من أنصار ومؤيِّدي الشعر الموزون- سواء شعر التفعيلة أو الشعر الكلاسيكي ، ولكنهُ  يُحَبِّذ ُ  ويتمسَّكُ   أكثر  بالشعر  الكلاسيكي ( العمودي )  وبوحدةِ الوزن  والرويّ  .  
         إذا  تصفحنا هذا الديوان  نجدُ  جميعَ  قصائدِهِ  كلاسيكيَّة  (عموديَّة )    وتتناولُ  وتعالجُ هذه القصائدُ جميعَ المواضيع :السِّياسيَّة، الوطنيَّة  والقوميَّة  والإنسانيَّة، الإجتماعيَّة ، الغزليَّة، الوطنيَّة، والوصفية والوجدانيَّة .. إلخ .
  يمتازُ شعرُ الأستاذ  يوسف ناصر قبل  كلِّ  شيىء  بجزالةِ  اللغةِ  وجمالها  وبقوِّةِ  السَّبكِ   والعذوبة  في  العباراتِ  والمفرداتِ   وبالموسيقى  الساحرةِ  المؤثرة التي  تأسرُ الفؤاد َ وتسكرُ الأذن َ والوجدان . وهو  فنان  بكلِّ معنى الكلمة  في  كيفيَّةِ اختيار الكلماتِ الجميلةِ  ذات الإيقاع  والجرس  الموسيقي الساحر والمعنى المُشعّ  والمتماوج  الذي  يتركُ  صدَاهُ  في الفكر والوجدان  فيحرِّكُ  النفوسَ  وَيُحفزُ العقلَ  للتفكير والتأمُّل  وينيرُ البصيرة َ ويتركُ  في   نفسيَّةِ المستمع  ومشاعرهِ  ولواعجهِ  الذاتيَّة  مُتعة ً ولذة ً حسيَّة ً فنيَّة.ً..وهذا  هو الشِّعرُ الحقيقي  والأدب الحقيقي ، لأنَّ  الأدبَ  بحدِّ  ذاتهِ -  حسب  رأي معظم النقاد :هو الكلامُ  الجيِّدُ الذي يُحدِثُ في نفس القارىءِ  لذة ً فنيَّة ً سواءً كان هذا  الكلامُ  شعرا  أو  نثرا  .  إنَّ  التجديدَ  والحداثة َ والإبتكارَ  وَصُنعَ واختلاق العوالم الجديدة والصورالجديدة في إطار ومجال الشعر الكلاسيكي القديم ( التقليدي ) أصعبُ  بكثير من التجديد والإبداع في إطار وحيِّز الشعر الحديث (النثري الحرّ وحتى شعر التفعيلة ) .. وقد  يرى البعضُ أنََ التجديدَ    والحداثة َ في الشعر الكلاسيكي أمرٌ  مستحيلٌ  وانَََّهُ  شعرٌ  متقوقعٌ  ورجعيٌّ  ومتأخرٌ  ومتخلف (( حسب رأي  النقاد والشعراء غير المتمكنين  من  اللغةِ العربيَّةِ وقواعدِها وصرفها  ونحوها  ولا  يعرفون الأوزانَ الشعريَّة إطلاقا   ولغتهم مكسَّرة ٌ وكتاباتهم مليئة ٌ بالأخطاءِ حتى الإملائيَّة)) . ولكنَّ  الشعراءَ  الموهوبين  الأفذاذ  وجهابذة  اللغةِ  الضليعين  والمتمرِّسين   فيها   كالأستاذ  "يوسف  ناصر "   فالإبداعُ  والتجديدُ  والتألُّق  في  الشعر الكلاسيكي  شيئا  سهلا وهيِّنا  وبسيطا جدا بالنسبة   له  ولهم   فبإمكان الأستاذ  يوسف  وبكلِّ سهولةٍ  كتابة  القصيدة  الشعريَّة  الكلاسيكيَّة   الطويلة  والعصماء  المترعة  بالإبداع   وبالتجديد  نظرا   لموهبتهِ   وطاقاتهِ   الشِّعريَّة  العظيمة  ولثقافتهِ   الواسعة  في  جميع  المجالات ، ويستطيعُ  أن يضعَ  كلَّ  عناصر والتجديد والتقنيات والتوظيفات الدلاليَّة والرموز  والإيحاءات والمفردات والمركبات الجديدة التي يفتشُ ويلهثُ نحوها النقادُ  والنويقديون ( خاصة الذين  يجهلون  أصول النقد  ومدارسه المُتشعِّبة  وغير متمكنين من اللغةِ العربيَّة)، في إطر وقوالب  الشعر العمودي  القديم  وبلغةٍ  قويَّة  جميلة  وعذبة  فصحى تخلبُ  وتسحرُ القلوبَ  والعقولَ  والألبابَ  بدلا  من  سكبِ  ووضع عناصرالتجديد والفكرة  والموضوع  والتوظيفات  الدلاليَّة  في  إطار  وقالب غير  موزون  إطلاقا  ولا  يوجد  فيه  قافية، وفي  جمل عاديَّة  بسيطة   ليست  شعريَّة  لا تحرِّكُ  ساكنا  ولا تؤَثرُ في القرَّاء  والناس على مختلفِ ثقافتهم .   
   سأختارُ بعضَ  النماذج  من  قصائد الشاعر  في هذا الديوان  مع الدراسةِ والتحليل  وسأبدأ  بقصيدةٍ  بعنوان : ( " بلادي " -  صفحة 43 )  والقصيدة طويلة على وزن ( مجزوء الوافر ) القريب إلى وزن  " الهزج " ويستعملُ فيها عدَّة  قواف ، والقصيدة  تمتازُ  بموسيقاها السَّاحرةِ  وبعناصر التشبيه ، وخاصَّة  في وصف  طبيعةِ  البلادِ  والمروج  والسواقي  والينابيع  والجبال والصخور... إلخ .. وَيُشَدِّدُ  فيها على حُبِّ الأرض  والوطن  وعدم  الإفراط  بهما والتشَبُّث  بالوطن وعدم الرحيل عنهُ  مهما جارت الأيامُ ،  ويذكرُ  فيها  ويُعدِّدُ بعضَ المواقع والقرى والمدن الفلسطينيَّة، والقصيدة ُ غنائيّة ٌ توثيقيَّة ٌ  لقرى   ومدن  البلاد ،  ويُذكي   فيها   الشاعرُ  اللواعجَ  والمشاعرَ  القوميَّة  والوطنيَة... والقصيدة ُ ذات إيقاع  ساحر  كما  ذكرتُ  وتصلحُ جدًّا  للتلحين  وللغناءِ .. فيقولُ فيها : 
  ( "   بلادي       مَرتعُ       الفجر ِ          رُبَاهَا       مُلتقى         الدَّهر ِ    
         سريرُ     الطلِّ        واديهَا            سَمَاهَا       مَسكنُ        الطير ِ  
         ثراها         قبرُ     أجدادي            عليهَا       ينقضي      عُمري 
        على       أملودِهَا       طيرٌ             يُناغي        بسمة َ       الفجر ِ  
ويقولُ :" أخي  إيَّاكَ   أن    ترحَلْ            وَلو    أسْكِنتَ     في      قصر ِ  
          ولو   ضاقت   بكَ    الدُّنيا            وَضَجَّ     القلبُ   في    الصَّدر ِ  
ويقول: " بكفر سميع  "    أولادي             دَمُ         الشريانِ       أكبادِي  
         حكاياتُ     الصبا       فيها             ثرَاهَا       ضمَّ         أجدادِي 
        ويومٌ      بينَ          أهليهَا             يُطفِّي       عِلّة  َ       الصَّادِي 
ويقولُ :"معليا "   لستُ    أنسَاهَا             بعظمي       حبِّها         يسري  
         إذا    ما      متُّ     بثوهَا             حنينَ      القلبِ    من     قبري  
ويقولُ : ألا  زوروا  قرى الكرملْ            نسيم      الريح     لو     يحمِلْ  
        سلامُ     القلب       أشواقي            إليها         حينما           تسألْ  
ويقولُ :أخي، "سخنين" كن  فيهَا            تزدْ         في     شعبها     تيهَا  
         فبَلِّغْ       أهلهَا        عنِّي             بأنِّي          لستُ         ناسيهَا 
ويقول : ألا  عَرِّجْ  على "إقرث"            أنينَ      القلب       كي    تنقثْ  
        لها    في    روحِنا    عهدٌ            وذاكَ    العهد    لا    تنكثْ ..إلخ. 
    و " إقرث " هي قرية ٌ  فلسطينيَّة  في الجليل الأعلى  هُجِّرَ  سكانها   مع  قرية " كفر برعم" عام  1948  ووَعَدُوا سكانها  بالرجوع  إليها  في أوائل الخمسينات  بقرار من  محكمة العدل العليا ... وحتى الآن  لم  يرجعوا  وما  زالوا  يعيشون مشتّتين  وَمُوَزَّعِين  في  مختلف قرى  ومدن البلاد  . 
   وننتقل إلى قصيدةٍ  أخرى  بعنوان : ("هذا سراج الشَّرق يحملهُ الرَّدَى  " - صفحة 25  - في رثاء الزعيم الراحل " جمال عبد الناصر " ) وهي على  وزن الكامل  فيقولُ فيها : 
(" بَكتِ   الكنانة ُ    ناحتِ   الأطيارُ      قوموا  أندبُوا   قد  قامتِ  الأحجارُ  
   ماذا  دَهَى الدُّنيا ، سألتُ ، أجابني      نجمٌ      تُبَلِّلُ       وجنتيهِ      النارُ 
   يبكي على  صدر  الضبابِ  رأيتهُ      فطففتُ   أبكي    والدُّموعُ    غزارُ    
   هذا سراجُ  الشِّرق  يحملهُ  الرًّدَى      فلتأتِ      تبكي   حظَّهَا    الأحرارُ  
   دقَّت  نواقيسُ  الكنائس  في  السَّمَا      لمَّا    أتت    في   نعيهِ     الأخبارُ  ويقول:( يا أيُّها النعشُ المليىءُ عروبة ً   ما  الموتُ  أقوى ..إنَّها الأعمارُ"). 
  والقصيدة ُ  رائعة ٌ جدًّا  وقويَّة ُ النبرةِ  ومتينة ُ  اللغةِ ( على بحر الكامل) . والشعرُ  الكلاسيكي  (العمودي) عادة ً  في  مواضيع  الرثاء ، وخاصَّة   إذا كان المرثي  شخصا  عظيما  يكونُ  مناسبا  جدًّا  وأفضلَ  بكثير من  الشعر الحديث ، لأنَّ  موضوعَ الرثاء يحتاجُ  إلى لغة  قويَّةٍ  ونبرةٍ عاليةٍ  وصخب وتعظيم   أيضا... ولنشر  جوٍّ   من  الحماس  لإذكاء   المشاعر   والضمائر    وتحريك النفوس...وهذا  فقط  يكونُ ويتحققُ  ويتجسَّدُ  في الشعر الكلاسيكي العمودي . وحسب رأيي  فأيَّة ُ قصيدةٍ حديثةٍ ( حُرَّة  أو تفعيليَّة)  ومهما كان كاتبُها  ومهما كان مستواها  الفكري  والتجديد والإبداع  فيها  لا تستطيعُ أن تعطي  إنسانا   وقائدا  عظيما   أثَّرَ  في   مجرى  التاريخ   العربي  الحديث  والعالمي كجمال عبد الناصر حقَّهُ ..وتصوِّر بالضبط مكانتهُ وموقعهُ  الرَّائد ، وتصوِّر جوَّ الحزن والصَّخب أثناء موته..وتصور مشاعرَ الناس والعرب قاطبة ً وقتها  وهياجَهم  كالقصيدةِ  العموديَّة  المنبريَّة  الرَّنانة العصماء .   والشاعرُ هنا يستعملُ عناصرَ الطبيعة : كالضباب والليل والنجوم ..وغيرها .. ويوظفها لإظهار عظم  وهول المصاب وتفاقم الحزن والأسى وكأنهُ  وقعَ جرمٌ من السماءِ  وقضى على معظم سكان  البسيطةِ .. وبالفعل  إنَّ الفاجعة َ لكبيرة ٌ والمصابُ جلل ٌ  فبموتِ جمال عبد الناصر فقدَ العربُ زعيما  قياديًّا أسطوريًّا  لم   ينجبِ  الشَّرقُ   والعربُ   حتى  الآن   قائدا  ملهما  فذا  مثلهُ    وبموتهِ رجعَ  العربُ عشرات  السنين إلى الوراء  في مجال الوحدةِ  والتقدُّم  والتطور وفي مجال قوَّتِهم وشموخِهم ككيان مُوَحَّد ومتماسك يخشاهُ  الغربُ ويعملُ  لهُ  ألفَ حساب  من خلال إتفاقهم  ولحمتهم  القوميَّة   .   
   ومن الأبياتِ الجميلة في هذهِ  القصيدة  حيث يقولُ : 
( " يا  أيُّهَا  النعشُ  المليىءُ  كرامة ً    ما  الموتُ  أقوى .. إنَّهَا  الأعمارُ )
  وربَّما  يكون  الأستاذ  " يوسف ناصر " أوَّلَ  شاعر إستعملَ هذا  التشبيه  (  النعش المليىء عروبة )  فجمالُ عبد الناصر رمزٌ  كان  وسيبقى  للقوميَّةِ وللعروبة، وهو الذي أكملَ  وطوَّرَ مفاهيمَ  وفلسفة َ القوميَّة  العربيَّة الحديثة بحذافيرها وبمفاهيمها التقدميَّة وعملَ على تطبيقهاعلى أرض الواقع بمثابرةٍ  مستمرَّةٍ  دؤُوبةٍ ، فهوَ  يجسِدُ  العروبة َ الحقيقيَّة  الجريئة  ومرفوعة  الرأس المتحرِّرة  من  التبعيَّة  والإستعمار...العروبة  التي   ترفضُ   الذلَّ   والعار والإحتلال ولا تريدُهُ  وتقبلهُ  أيضا  لغيرها من الشعوب ..لا  تقبلُ أن  تكونَ  محتلَّة ً ولا تقبلُ أن تحتلَّ وتجتاحَ شعبا وأرضا أخرى..هكذا هو عبد الناصر   وفكرهُ ونهجهُ ..وهذا هو فكرُ وضميرُ كلِّ إنسان عربيٍّ  تقدُّميٍّ  قومي حرّ .   فذلك النعشُ  الذي  حملَ  جمال عبد الناصر حملَ حلمَ الملايين من  المحيط  إلى الخليج ... حملَ كلَّ أحلام  وتطلعات  ومطامح  ومستقبل العروبة الحرَّة  التقدُّميَّة ...ولكن الموتَ  لم  يهزم "جمال"  فالموت ليسَ قويًّا، بل الأعمار،  وهنا يُظهرُ الشَّاعرُ عنصرَ الإيمان  بالقضاء والقدر وبالخالق ، فكلُّ  إنسان إذا  انتهى  عمرُهُ  فسيموت  جسديًّا ، ولكنَّ  الفعلَ  الحسن  والعملَ الإيجابي  مفعولهُ  وصداهُ   سيبقى  خالدًا...  والإنسانُ  الذي  أعطى  الكثيرَ  لمجتمعهِ وللإنسانيَّةِ   فحتى لو ماتَ جسدًا سيبقى حيًّا خالدًا في ذاكرةِ  ووجدان  شعبهِ  والأجيال والبشريَّة، وسيكون حيًّا عند ربِّهِ وخالقهِ روحيًّا وسيكونُ مكانهُ في الملكوتِ السماوي  مع المؤمنين الأبرار  والقدَّيسين الأطهار  . 
  ولننتقل إلى قصيدةٍ أخرى بعنوان:( "إستحواب في المحطَّة - صفحة 17 )   ويتحدَّثُ فيها الشَّاعرُ عن طريقةِ  استفزاز الشرطة  واستجوابها  للمسافرين  عند الحاجز الأمني في المحطَّةِ وكيف مَثلَ أمام  الشرطيَّة  أكثرَ  من  ساعة  دونما سبب .. وهذا الشيىء كان  موجودًا بشكل  دائم  أثناءَ الحكم العسكري البغيض في منطقة الخط  الأخضر- عرب ال 48 -  وموجودٌ  بشكل  يومي في الضفةِ والقطاع  . 
  يقول الشاعرُ في القصيدة ( على  وزن مجزوء الكامل ) التي  يظهرُ  فيها نبرة َ الإعتزاز القومي  والإنتماء العروبي : 
( "     قف     جانبا    هاتِ     الهويَّة َ   لستُ     أسمحُ     بالذهابْ
         مِن  أينَ  أنتَ  ؟  وبكشرةٍ...  شرَعَتْ  تُفتشُ   في  الثيابْ !!       
        شرطيَّة ٌ   وسط َ    المدينةِ       وجهُهَا       مثلُ      الغرابْ   
         قد     أوقفتني      ساعة ً       عُيِّّيتُ  من    طول   العذابْ  
ويذكرُ  قريتهُ  في القصيدة  فيقولُ :
     (" من    قريةٍ     فوقَ     الجبال ِ   وتحتَ   أعشاش  الغرابْ 
         وحقولُها   مزروعة ٌ   بالفجرِ ...  في   حضنِ     الهضابْ 
         وَطنٌ       لنيسان ...  على     زيتونِهَا      وكرُ     العقابْ  
        عربيَّة ٌ    تمشي   على   التاريخ ِ   لا      تخشى     الرِّقابْ... ) . 
      إنَّها  لتشبيهاتُ وصورٌ شعريَّة ٌ رائعة ٌ فيذكِّرنا  بروائع شعراءِ المهجر  في وصف الطبيعةِ ولبنان الوطن الذي  يراهُ  الكثيرون صورة ً وقطعة  من الفردوس، وخاصَّة ً قصيدة إيليا أبو ماضي ( وطن النجوم ) . وهنا  شاعرنا  يرسمُ  بريشةِ  الفنان  الملهم  جمالَ  البلاد  وجمالَ  قريتِهِ والوداعة والسحر والبراءة  مع الشموخ والصمود والسُّموّ ( وكر العقاب) ، والشبابُ  المتجدِّد  الدائم  يرمزُ  لهُ  الشاعر هنا  بكلمةِ  " نيسان "... فقريتهُ  دائما  شابَّة ٌ  فتيَّة وهي  وطن لنيسان، بل هي الربيعُ  الدائم  وهي عربيَّة ٌ منذ الأزل  وستبقى عربيَّة ً مدى  التاريخ  وللأبد  ولن  تحني  الهامة ( الرقاب ) لمخلوق  مهما  كان ..وهكذا أهلها وسكانها وهكذا  شاعرنا :إنسانٌ عربيٌّ  حُرٌّ أصيلٌ رضعَ منذ  طفولتِهِ  حليبَ  الإباءِ  والكرامةِ  والعادات  العربيَّة  الأصيلة من: فخر  واعتزاز  وكرم أخلاقي  وشرفٍ  وقيم  مثل  كلِّ  عربيٍّ  حُرٍّ، ولا  قوَّة  في الدنيا تستطيعُ  أن  تُغيِّرَ  أفكارَهُ  ومشاعرَهُ الوطنيَّة الجيَّاشة  وهويَّتهُ القوميَّة ، فالشاعرُ في هذه القصيدةِ  يمزجُ  الهمَّ الوطني الخاص مع الجمال والسحر والبراءة  مع  فلسفة  الحياةِ  الشاملةِ  والبقاء لأجل  الحياةِ الكريمة  والجمال  والإبداع  والعطاء .  
     وأمَّا  قصيدته ( " الأرض ..الأرض "- صفحة 33 - 35 ) - على وزن  الكامل  فهي  قصيدة ٌ وطنيَّة ٌ مباشرة ٌ -  يطلبُ فيها الشاعرُ من أبناءِ  وطنِهِ ومن  كلِّ  فلسطيني في الداخل ألاَّ  يُفرِّط  بأراضيهِ  ويبيعَها ، فالأرضُ هي   العرضُ  وهي  رمزُ  وجودِنا  وبقائِنا ،  فيقولُ  فيها :
(حافظ ْ على أرض الجدودِ  ولا  تبعْ    يا  صاحبي  منها  قراطا   أو  شبرْ  
 إغرسْ  بها  قدميكَ  لا  تخرجْ  ولوْ    قسَتِ  الحياة ُ عليكَ  وامتدَّ  الخطرْ ) 
   وفي قصيدةٍ  أخرى  بعنوان : ( " في مكاتب  الترخيص " -  صفحة 4 )   يتحدَّثُ  عن شرعيَّةِ الأرض لسكانها الأصليِّين العرب الفلسطينيِّين ...وكيف  يُغَلِّبُونَ  وَيُتعِبُونَ الشَّخصَ الذي  يريدُ  أن  يبني  مسكنا (  بيتا ) على أرضهِ الموروثةِ  فبعدَ  جُهدٍ  جهيدٍ   يسمحونَ  لهُ  بالبناءِ  حتى  لو  كانت  مسَجَّلة ً في  الطابو  ومعهُ  كواشين  ومستندات، وهذه  المشكلة  يصطدمُ  بها  يوميًّا العديدُ  من (عرب الداخل) مع دائرةِ التنظيم والترخيص لأجل البناء.  فنحنُ أرضنا التي  نملكها  أبا عن  جدٍّ  وَمُسَجَّلة  قانونيًّا  يمنعوننا  أن  نبني عليها  بيوتنا  ومنازلنا ...  يقولُ الشَّاعرُ : 
( "  كوشانُ   طابُو   في    يدي        والأرضُ   ملكي   عن  أبي   
      مفهومة ٌ       فيها      المساحة ُ      والقسيمة ُ            للغبي  
      قرَّرتُ     أبني     مَسكنا           أعطيهِ      بعدي    للصَّبي  
      فوقَ    " الجنينةِ "  من    ترابي    في    المكانِ      الأنسَبِ  
      لمَّا     ذهبتُ      أرُومُ       ترخيصًا        لأبلغَ        مأربي  
     بموظَّفٍ   رَبِّي     ابتلاني        مثل        شكل        العقربِ  
      لمَّا    رأى    اسمي   قد    تسَجَّلَ      في    الهويَّةِ     يَعْرُبي 
     إذهَبْ  !!    تعالَ  !!   وَرُحْ    لهذا    أو     لذاكَ      المكتبِ   
      فقضيتُ      عامًا     كاملا        حتى       تحقَّقَ       مطلبي  " )  .  
    وأمَّا  قصيدتهُ  بعنوان: ( " إعتزاز" - صفحة 51) فهي قصيدةٌ  طريفة ٌ يتحدَّثُ الشاعرُ  فيها عن أولادهِ الصِّغار الذينَ  سَمَّاهُمْ على أسماءِ  الشعراء القدامى : غيَّاث ( الأخطل)، وجرير  وعروه...وكيف  كانوا يلعبونَ  سويَّة ً ويمرحونَ  فرحين في  سرير واحدٍ ... وتذكَّرَ ، بدورهِ، كيف أنَّ الخصومة َ  الشديدة  كانت مشتعلة ً في العهد الأموي وكانَ أوارها مؤَجَّجا  بين الأخطل ( غياث ) وبين  جرير ، فيقولُ في  القصيدة : 
( "  اللهُ   كيفَ  الدَّهرُ   غيَّرَ   أهلهُ       يلهُو   جريرٌ  في  سرير  الأخطل ِ  
      أخوان ِ قسَّمتُ   الفؤادَ  عليهما       أعطيتُ    للثاني   نصيب   الأوَّل ِ    
      أصلحتُ  بينهُما   ببيتي  بعدَمَا   احتدَمَ  الهجاءُ  وجدَّ  ضربُ  الفيصل ِ
      راجعتُ أمجادَ  العروبةِ  فيهما       عبقُ  الأقاحي  في رحيق  السلسَل ِ 
   يُظهرُ   الشاعرُ  هنا  حبَّهُ  للعروبةِ   وللتاريخ   والتراث   العربي  القديم فلذالك  سَمَّى أولادَهُ   كلًَّهم  على أسماءِ  الشعراء القدامى . 
      ولهُ  قصيدة ٌ  في الديوان  بعنوان :   ( "  الطعنة النجلاء "  - صفحة  53 ) ، وهنالكَ  بعض الأبيات  فيها  ارتجلهم الشاعرُ ردًّا على  أحد  رجال  الدين الذي أرادَ أن  يتدخَّلَ  في شؤون الأرض، وقد  بلغَ  بهِ  أن أخذ َ  يُهَدِّدُ  - على  مسمع الشاعر - عائلته  ويتهكَّمُ  بالعربِ، خاصَّة  النصارى   وَيُنكِرُ عليهم  عروبَتهم  ويحط ُّ من  قدرهِم ، وكانت  هذه  القصيدة ُ ردًّا على  ذلك الشَّخص - على حدِّ  قول الشَّاعر :
( لا   تحسبنِّي   قد   سَكَتُّ ..  وإنَّمَا     قد   يسكتُ  الإعصارُ  بعدَ   ثوان ِ  
   لو  أنَّ  شمسًا  قد  زرعتَ  بأفقِنا     فالشَّمسُ  لن  تسعَى   بلا  استِئذان ِ 
   لا     تكبرَنّ   لقد    جهلتَ    بأنَّنا   عربٌ    كرامٌ    من    بني   غسَّان ِ  
   عَرَبٌ  ضربنا  كلَّ ضربةِ  فيصل ٍ    قدَّت    عظامَ    الظالم ِ  الخَوَّان ِ).   
      ويشيرُ الشَّاعرُ هنا إلى أصلهِ العربيِّ العريق ..إلى  قبيلة " العزيزات " الغسَّانيَّة التي تنتمي إليها عائلة الشَّاعر، والغساسنة  كانوا ملوكَ الشَّام   قبلَ الفتح  الإسلامي  وآخر ملوكهم " جبلة بن  الأيهم " .   ولكنَّ  الشَّاعرَ  رغم اعتزازهِ القومي  وجرأتِهِِ  وشجاعتهِ  وشجاعةِ  قومِهِ (  فهو  من قوم  كرام  متسامحين  درجوا  ونشؤُوا على  المَحبَّةِ  والوداعةِ   والسلام   والحِلم   فلا  يعتدونَ على أحدٍ   ويحبُّون الخيرَ  للجميع )...  وهذه  هي  طبيعة ُ  وخلفيَّة ُ  الإنسان العربي الأصيل ( الكرم  والشجاعة  والتسامح ) .   فيقولُ الشاعرُ : 
(من  ثدي أمِّي  قد رضعتُ  تسَامُحًا    وعلى    المَحَبَّةِ     والدي    رَبًَّاني )  
      ولا  ننسى أنَّ  لبنانَ الجريحَ  والمكلومَ  كانَ  لهُ  دورٌ  كبيرٌ  في   شعر  الشاعر، فيقولُ في قصيدةٍ بعنوان ( " قد  خَدَّشَ الدمعُ المُحَيَّا " صفحة 59 ) - على بحر الكامل :  
( من  أينَ  أنتِ، ألستِ  من  لبنان ِ      لا     تكتُميني ،   بَدِّدِي     أحزاني    
  إن كنتِ أنتِ ومن هناكَ  فإنَّ  لي      قلبًا    يرقُّ      لِمحنةِ      الحَيْرَان ِ   
  أختاهُ   إنِّي  قد   رأيتُكِ  ها   هُنا      تبكينَ      زادَ     تفجُّعِي    وَحَناني  
  في    وجنتيكِ   مذابحٌ   وَمعَاركٌ      صُوَر   الجرائم ِ   تحملُ    العينان ِ  
  قد   خدَّشَ   الدَّمعُ  المُحَيَّا، ليتني      أشقى  مكانكِ   إن   شقيت   مكاني )  
     والقصيدة ُ  طويلة ٌ جدًّا  وجميلة  ومؤَثرة ٌ كثيرا  فيتحدَّثُ  الشاعرُ  فيها عن مأساةِ لبنان وجرائم وويلات الحرب التي كانت آنذاك من خلال الحديث  والحوار  مع  هذه  الفتاة ... والقصيدة ُ زاخرة ٌ  وحافلة ٌ  بالصُّور  الشعريَّةِ   الساطعةِ والجديدةِ  والمُؤَثرة، وفيها  وصفٌ  شاملٌ  لأهوال الحرب ولأنهار  الدماءِ وللجثثِ المُكدَّسةِ ولتلال الجماجم وللقصفِ اليومي المكثف وللحرائق   والبيوتِ  المتهدَّمةِ... ويتحدَّثُ عن انتهاكِ الأعراض، وأنَّ العِرضَ لا  يُثمَّنُ    ولا  يُدانيهِ  شيىءٌ  من  النفائس  والأشياءِ  الغاليةِ والثمينة .. حتى انَّهُ  أغلى من الأرض والوطن ، فيقولُ الشَّاعرُ على لسان تلكَ الفتاة التي كانَ لهُ  معهَا  ذلكَ  الحوار : 
( إنِّي  رأيتُ   هناكَ   جثة َ  والدِي      قالت   وَجاشَ  الدَّمعُ   في  الأجفان ِ  
  فمضيتُ   أبكيهِ .. وكنتُ  وحيدة ً      والخطبُ    يقرحُ   مقلتي   وجناني 
  والكلبُ   ينبحُ    والعظامُ    بفكِّهِ       ركضوا    إليَّ    ومزَّقوا    فستاني  
  قبَّلتُ  أرجلهُمْ ..ضَرعتُ  بديهنم        لكنَّهُم     سقطوا    على     جثماني  
  لا  تقتلوا  شرفي ..أقتلوني  دونهُ       شرفي   أعَزُّ   عليَّ    من    لبناني)
       وإنَّها  لقصيدة ٌ مُؤَثرة ٌ جدًّا  ويُبدعُ  الشَّاعرُ  فيها ، وذلك  في  تصوير المشاهد الحزينةِ  والمأساويَّة  والمواقف  الدراميَّة  التي تقشعرُّ لها الأبدانُ . 
   وسأنتقلُ إلى  قصيدة ٌ أخرى من الديوان  بعنوان : ( "حماسيَّة " - صفحة 81 )  يظهرُ الشاعرُ  فيها  حُبَّهُ  وعشقهُ  للغةِ العربيَّةِ والأدب  وأنهُ نهلَ من مَعِين اللغةِ  ومن  ينابيعها  العذبةِ  فيقول :
( هذا دمي، شعري،عصيرُ حُشَاشتِي    دمعُ   الجروح ِ  كتبتَ  بالشِّريان ِ  
إن  تشربوا  فالكأسُ  سكبُ  صبابتي     قطرُ  الفؤادِ،غرقتُ  في وجداني  
نهرُ  البلاغةِ   سالَ  نبعُهُ  من   فمي     والشِّعرُ   جَمَّعَ    نفسَهُ    بلساني) .  
  ولننتقل  إلى موضوع الغزل  فالشَّاعرُ  كتبَ الكثيرَ من القصائد الغزليَّة .. وفي هذا  الديوان  لهُ  عدَّة ُ  قصائد  في هذا  الموضوع  تظهرُ  فيه  مقدرتهُ الشعريَّة المتميِّزة في هذا الباب .  ويمتازُ  شعرُهُ  الغزلي  بالعاطفةِ  الجيَّاشةِ  الصَّادقة والشَّفافيَّة والبراءة وبعذوبة الألفاظ ورقتِهَا أحيانا،وبإختيار الكلماتِ  الجميلةِ المُمَوْسَقة، وبالصُّورالشعريَّةِ الخلابة. ويظهرُ الشاعر الهيامَ والوجدَ  بل  نراهُ  يزيدُ  من اللوعةِ  والتنهيد  وشدَّةِ   التَّتيُّم   والتَّولُّه   في العديدِ  من القصائد الغزليَّة، وأحيانا يمزجُ  بين الغزل والحبِّ  العذري الروحاني وبين الحُبِّ  الحِسِّي والجسدي... يقولُ في قصيدةٍ  بعنوان : ( " المَبسَمُ الفتَّاك " -  صفحة  91 )  :
( " أنا   شاعرٌ   فتكت   بهِ   عيناكِ      أهواكِ   يا   أختَ   المَهَا   أهواكِ 
    يا  خفقَ  قلبي  حينما سقطتْ  بهِ      بسَماتُ    ذاكَ     المَبسم    الفتَّاكِ  
   عيناكِ   مذبحة ٌ   يعزُّ    نظيرُها       كم   من    ذبيح   ٍ ذبَّحَتْ   عيناكِ 
   لم  يُبصِرِ العُشَّاقُ  كلَّ عُصورهِمْْ      عينا    كعين ٍ     ضَمَّهَا    جفناكِ). 
     في هذهِ القصيدةِ  العذبةِ  نتذكّر روائعَ القصائد الغزليَّة للشَّاعر المصري الكبير " إسماعيل صبري "، وخاصة ً في غزليَّاتهِِ للكاتبةِ  والأديبةِ  الكبيرة " مي زياده " حيث  كان  يتمهَّلُ ويتريَّثُ  كثيرا أثناء كتابةِ القصيدة الغزليَّة  ويفكرُ مَليًّا  في  كيفيَّةِ  إختيار وانتقاءِ  الكلماتِ  والعباراتِ العذبةِ  والصُّور والمعاني الجميلةِ والمبتكرة  .. ويذكِّرنا أيضا  بروائع الشعراءِ  الكلاسيكيِّين الغنائيِّين  المُحدِثين  مثل : أحمد  شوقي   وحافظ إبراهيم   وخليل مطران...   وغيرهم  .  وفي مطلع  هذه  القصيدة   يستعملُ  الشاعرُ  " يوسف ناصر "  التكرار اللفظي  فيكرِّرُ  كلمة  "أهواكِ "  مرَّتين  فيضيفُ  للبيتِ  وللشطرةِ الشِّعريَّةِ جمالا لفظيًّا  وحسِّيًّا  لهُ  وقعُهُ  الجميل على الأذن  فيُحرِّكُ  مشاعرَ وحِسَّ القارىء  ولواعِجَهُ . وفي عبارةِ  وتشبيهِ (عيناكِ مذبحة ٌ )  قد  يكونُ  الأستاذ ُ يوسف ناصر  أوَّلَ  من  استعملَ هذا التشبيهَ .   
   وأمَّا  قصيدتهُ بعنوان : (  " ماكرة " -  صفحة  99 )  فيقولُ  فيها :  
(  وقفتْ     تبلُّ    ثياَبَهَا    بإزائي      وتودُّ   لو  ثوبٌ   أنا   في  الماءِ   
   وتبوحُ  عيناها    بسرِّ   فؤادِهَا       وَتُترجمُ     الأشياءَ      بالأشياءِ  ) .   
        والقصيدة ُ زاخرة ٌ أيضا  بالمعاني الجميلةِ  والصور الشعريَّةِ المكثفةِ والمُشعَّة ، وفي البيتِ الأوَّل جاءَ المعنى معكوسا، وعادة ً الشاعرُ أو الرَّجل  بالأحرى يتمنَّى  نفسَهُ  أن يكونَ في الموقع  الموجودة  فيهِ  هذه  الفتاةُ ، فإذا  كانت  تُمَشِّط ُ شعرَهَا يتمنى أن يكونَ  مشطا بيدِهَا ، وإن كانت  تغسلُ  ثوبا  يتمنى أن  يكونَ  ثوبا  في  يديها   فتغسلهُ... وأمَّا  هنا ( فالعكس )  فالشَّاعرُ يتحدَّثُ  على  لسان  الفتاةِ   و يُترجمُ   وينقلُ  أحاسيسَهَا  حيثُ   أنها  تتمنَّى ، بدورها ، وتودُّ أن  يكونَ هُوَ  ثوبا  في الماء  فتغسلهُ  بيديها... إلخ  .   
   ومن المطالع  والإفتتاحيَّاتِ  الجميلة  لقصائِدهِ  قصيدة غزليَّة  بعنوان : 
( " شحرورة " - صفحة  101 )  ويعني بالشحرورةِ  فتاته، فيقولُ : 
( مَن  ذا   يُغنِّي  في  سُفوح ِ الوادي     أهُتافُ    وُرق ٍ   أم   ترَنُّم   حَادِ 
  كلاَّ .. غناءُ  مليحةٍ   في   زهوهَا      خرجَت  تطوفُ   بموكبِ  الأولادِ     
  وكأنَّهَا    لمَّا    سمعتُ     غناءَهَا      شحرورة ٌ نطقت  بحرفِ  الضادِ) .  
  .. وحتى في القصائد الغزليَّةِ  نجدُ  الحِسَّ  القومي  الجيَّاش وحبَّ  الشَّاعر لوطنهِ  ولعروبتهِ ... والتغنِّي  والإعتزاز بالإنتماء  القومي العربي  .  
وأخيرًا: نكتفي  بهذا القدر من إستعراض قصائد الديوان، ونتمنى للشاعر المبدع  الأستاذ " يوسف ناصر" المزيدَ من العطاء  والإبداع  والإصدارات الجديدة   في مجال الشعر والأدب  فهو  ركنٌ هامٌّ  من  أركان ثقافتنا  وأدبنا  المحلي  .