خواطر عن وطن عربي ينتهي/ فراس الور

في قلبي غصة حزن كبيرة...فقد انهار بيتنا آخيرا من حولنا...و القصة ليست عبارة عن أسمنت مغشوش أو غش بمواصفات المواد المستخدمة...فبيتنا هذا ليس مصنوع من مواد صلبة كالتي نشيدها لتحمينا من عواصف الشتاء المريرة و حرارة الصيف الكاوية...هنالك بيت معنوي يضمنا اليه في كل يوم نستيقظ به من النوم...مع إطلالة شمس الصباح البهية و هي تفرد اشعته بحنو في افق الرحمن الرحبة و الواسعة كرحمته تعالى...مع كل خطوة رقيقة يأخذه غزال الغاب ليقترب من بحيرة ماء نقية لترتوي منها نفسه الطمأه...مع كل تغريدة حنونة أتية من عصافير البراري في غابات الرحمن تعالى و هي تستيقظ لتغسل النوم عنها بندى الطبيعة العذب...و هي تغني لصباح جديد من بين الأغصان الموردة بالحياة...من بين ثنايا قفزاتها الناعمة و الخجولة التي تغازل بها رقة أعشاشها التي صنعتها بصبر و من دون ملل على أغصان الشجر المثمر...

البيت الذي نأوي اليه في كل يوم سماءه سرمدية لا حدود لها فتعكس مدى جبروت الرحمن فقد بسطها بيديه و قدرته الرهيبة و التي لم يدركها البشر إلا من خلال قلوب نقية وقعت بغرام عظمة صنيع يديه...عظمة خَلًدَتْهَا الكتب السماوية و حفر اياتها المؤمن الذي يسبح القدرة الإلهية في قلبه و خفظها بعقله...جدران هذا البيت صنعها الزمان مع مرور السنين و حفظها من النسيان فهي صفحات التاريخ الذي خط الزمن بها ما أقترفناه بأيدينا كبشر...لتكون مدونة الى حين سيطلبها الرحمن في يوم الدينونة ليحاسب كل واحد على افعاله...الجدران هذه قد تكون كالمقصلة على رقبة من حطمها و هدم هذا البيت و قد تكون ستر على من سندنها كي لا تنهار...ارض بيتنا هذا غابات الوطن العربي بأشجارها و حشيشها الأخضر و تربتها الحمراء الخصبة نزرعها بأيدينا...هذه ليست أحجية أو حزوره...فهذا البيت هو بلادنا العربية...برية كبيرة تأتي بنفس أهمية بيتنا الإسمنتي الذي يأوينا من خشونة الطبيعة...فما الفائدة...أن يكون لدينا بيت اسمنتي قد تقلعه من جذوره عواصف الحروب الطائفية القاتلة...مارد له يدين جبارة نصنعه بقلة محبتنا لبعض و بواسطة الطائفية البغيضة ليقتل سعادتنا...ليقتل ألفتنا مع بعض...ليفتك بحاضرنا و يجعله ملطخ بالدماء البشرية...ليقتلع حتى الأمل في غد قد يملئه سلام و طمأنينة لأولادنا...فهل تملكتنا الأنانية لهذه الدرجة؟  ايامنا الحالية مليئة بالحوادث الدموية و رسمنا غد قد يغتاله ما نزرع من خضومات في ايامنا الحالية؟

ماذا فعلنا ببيتنا الكبير الذي تسكنه اللأمة العربية...فقد تحولة غاباته العامرة بالحيوانات الأليفة الى مقابر تخلو من تغاريد العصافير البهيجة و غزلان البحيرات العذبة...فهاجرت تلك العصافير الى بلاد بها سلام أكثر و اشتاق حشيش الغاب الى لمسة اقدام غزلان البراري و بيوت سنجاب الحقول الأليف...فتكت الحروب و القنابل بِصِحَةْ التربة و الاراضي لدرجة أنه كرهتها زهور الحقول و غادرت ديارنا رحيقها العَطِرْ...بل ترفض أن تنبت بالحياة من جديد...حتى وحوش الغاب قد غاردت الى ديار غريبة قد تجد بها قوت لها و لأشبالها...ألوف من البشر هاجرت بيتها و مساكنها الى ديار غريبة هربا من الموت و آلآت الدمار التي أقتلعتهم من جذورهم...فهذه البيوت لم تكن لهم فحسب..بل لأجداهم القدماء..تخضبت اراضينا بدماء أولادنا و نحن نهتف بشعارات بها كل شيئ إلًا الإنسانية و الرحمة...شعارات تخلو من الرحمة الإلهية...فهل قتل البشر من أعمال الرحمة الإلهية؟

الله غرز الحياة بالأرض لكي نرعاها فقد تركها بين ايادينا كالوديعة...فما أقترفته ايادينا لا يُغْتَفَرْ على الإطلاق...فهدمنا بيتنا الوحيد بهذا العالم لقلة تسامحنا مع بعض...لقلة وُسْع قلبنا مع بعض...لقلة تفهمنا للإنسانية التي تجمعنا و تُقَوِيْ لحمتنا...فلم نفهم هذه المعاني السامية في نفوسنا كبشر لنستبدلها بشعارات لا تخدم حَقْن الدماء إطلاقا...يقول الله بالإنجيل "إلا تروا طيور السماء لا تزرع و لا تحصد و اباكم السماوي يقيتها" فالله إذ يُطْعِمْ الطَيْر الذي لا عقل له و لا دين له ليحيا بسلام الا يريد لنا أن نحيا بسلام مع بعضنا كبشر؟ كيف نقتل ما يريد الله أن يعيش...

كفا دمارا و حروب...فنريد أن نحيا بسلام، كفا إكراما للحياة التي زرعها الله و خلقها من عدم و اسقاها من غيث السماء لتنبت العشب و الشجر و ثماره ليقتات منها الإنسان و الحيوان...فالله يهب الخليقة الحياة بسخاء لتترعرع بين ربوع الاراضي بغاباتها الفسيحة لتحيا...فيأتي الكره بقلب الإنسانية و أنانية البشر و قلة تسمحهم مع بعض ليأخذها بكل همجية...كفا نريد أن نحيا بسلام و طمأنينة بالوطن العربي...فبما نفتخر كعرب...بأننا قتلة؟ ألا يجدر بنا أن نفتخر بالتَحَضُرْ الذي تنعم به بلاد الغرب؟ ألا يجدر بنا أن نفتخر بالسلام؟ أنقف عند قوة التسامح التي تبني و نترك الحرب المدمرة، 

اسأل هنا السؤال المهم...ماذا جلبت لنا الطائفية لبلادنا؟ حياة سياسية مشوشة؟...اقتصاد ضعيف؟...حرب و دمار مزقت أجسادج أهالينا؟...عدم قدرتنا كعرب تقدير و تَقَبُلْ ثقافات الشعوب المحيطة بنا؟..التكفير؟ ماذا تنفع كل هذه وسط عالم قرر منذ خمسين عام التخلي عن هذه اللغة لتنفتح الشعوب الإنسانية على بعضها البعض بهدف التقليل من الحروب و الإحتقانات و الإبتعاد عن الأجواء التي أشعلت الحروب العالمية السالفة...لتبقى منطقتنا الوحدية الغارقة بدوامات الطائفية بصورة عبثية...كالزوان الذي ينبت بأرض خصبة ليقتل ورود الحقل...فالى من نصغي؟ في القرآن الكريم في الإسلام يقول الذكر الحكيم "وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" من صورة النور الآية رقم 22، من يسامح من قلبه سيغفر الله له كثيرا...
     

قراءة في رواية "الهاوية" للكاتبة سالمة صالحة/ عبد القادر كعبان

رواية "الهاوية" للكاتبة العراقية سالمة صالح تقدم رؤية عبثية عن حياة الإنسان و هذا في محاولة منه لفهم ذاته و ما يحدث من حوله و هذا هو شأن البطل "حسن التمار" المسكون بهاجس "الألم الكوني" رغم أنه جامعي و شاعر مثقف تحصل على فرصة عمل كمحرر في جريدة المساء لكنه يفكر في وضع حد لحياته و كأنه يعيدنا إلى مقولة إرتكز عليها ألبير كامو في جملة من أعماله الأدبية ألا وهي: "هل ثمة في الحياة ما يستحق العيش؟"، هذا ما سيكتشفه القارئ عبر أحداث هذه الرواية.
ما يثير الإهتمام في بداية الأمر هو العنوان الذي يعتبر المنطقة الأولى بصريا و دلاليا لفهم أولي للمضمون اختارته الكاتبة بإمعان كمؤشر تعريفي لمحتوى الرواية بشكل عام.
اختارت سالمة صالح "الهاوية" عنوانا نلج بواسطته عالمها المتخيل و في المعنى العام لهذه الكلمة نجدها تشير إلى وضع خطير قد يؤدي بصاحبه إلى الهلاك و هذه سمة تضيء لنا الطريق لنكتشف خلال عملية القراءة هوية النص و نستطيع فك رموزه. 
يعلن السارد منذ البداية عن إهتمامه بعالم الثقافة و الكتب هو و جملة من أصدقائه "مالك القسري"، "رياض عبد الرحيم" و "هشام عبد الله" و غيرهم لتتضح الصورة جليا منذ البداية حيث يقول: " و كان الكثيرون منا يذهبون إلى هناك، يعقدون الصداقات، يتناقشون و يختصمون، يختصمون و يتصالحون، يروون آخر ما قرأوه و يتعرضون له بالنقد بجسارة أو بحذر." (ص 2)
هي ذي شخصية البطل التائهة تعكس حالة الإلتباس في فهم الحياة رغم ثقافته المبنية على قراءة الكتب، و تظهر النص منذ البداية نصا متأزما و محتقنا نفسيا كما يقول السارد على لسان "التمار": "و أنا لا أريد أن أبلغ حتى الثلاثين." (ص 9).
منذ الوهلة الأولى نكتشف أن أحداث الرواية تدور مجملا في العديد من المقاهي بإعتبارها الخلفية المكانية التي ينطلق منها النص، حيث يركز السارد على وصفها ووصف مرتاديها بدقة كقوله: " ودخل رجل وحيد إلى المقهى، تردد برهة وهو يروز الصالة بنظره ثم حزم أمره، تقدم بخطوات ثابتة وجلس إلى المنضدة المجاورة، طلب شايا شربه بتمهل، نهض وتناول واحدة من الصحف الموضوعة على منضدة جانبية، ثم جلس يقرأ، أو ربما تظاهر بالقراءة، لم يضع الصحيفة أمام وجهه كما في أفلام الجاسوسية لكنه كان يرفع وجهه بين حين وآخر وينظر في الفراغ أمامه نظرة توحي بأنه يحاول الإصغاء بتركيز، ثم يعود بنظره إلى نفس الموضع من الجريدة في كل مرة." (ص 4).
و في ظل الضغوط الموجودة في الحياة أصبح المقهى ملاذا للبطل "حسن التمار" و أصدقائه للهرب من عبثية العالم قبل الحرب، و كل ذلك لم يمنعه من السقوط في حالة من الإحباط النفسي مع فقدان الإحساس بكل شيء جميل في هذه الدنيا حتى أن السارد يذكر طفولته و ولادته بأسى كبير: " حين ولد، وكان خامس صبي لأبويه، لم يكن والده سعيدا تماما، فقد كان يريد إبنة تساعد أمها في شؤون المنزل وترعاه في شيخوخته، أما أمه فكانت فخورة بكونها أما لخمسة صبيان، ما لبثوا أن أصبحوا سبعة، ولم يتهيأ لحسن الوقت الكافي ليحظى بإهتمام خاص كأصغر الأبناء. وفيما عدا أخيه الذي يكبره بسنتين لم تنشأ بينه وبين إخوته صلات وثيقة، كان يكبر وهو يرتدي السراويل التي ضاقت على أخوته الأكبر سنا ويلعب بخذروف تركه له أحد هؤلاء الإخوة أو يلوي أسلاكا عثر عليها في صندوق للحدائد في سرداب الدار ليصنع منها عربة يدفعها أمامه في أزقة الحي ويردد الأغنية التي حفظوها قبله." (ص 12-13).
إن الحالة التي وصلت لها شخصية "حسن التمار" عمقت الهوة بينه و بين واقعه حتى أنه كان يتنكر لشخصيته الحقيقية كما يقول السارد: "مرة تعرف عليه رجل جلس قبالته في الحافلة فسأله بمودة: هل تسمح لي بسؤال، لقد قرأت مقالك في الجريدة أمس. و ليمنع الرجل من الاستطراد قاطعه: لا بد أنك توهمت. لكنك تشبه الصورة في الجريدة." (ص 14).
يسترعي الإهتمام ظهور شخصية "قاسم مطر" الذي يعرفه الأصدقاء بإسم "رضوان" في حياة "التمار" و هو المحور المهم في تغيير مجرى الحكي في الرواية، حيث أن البطل سيدفع له مبلغا من المال مقابل قتله كونه قاتل مأجور لكن تسائل "رضوان" بدوره عن فكرة الإنتحار التي راودت "حسن التمار": "...ما الذي يدفع شخص لا يزال في مقتبل العمر، لا يعاني من ضائقة مالية، ليس له زوجة تحول حياته إلى جحيم ولا أطفال ينفطر قلبه حين لا يستطيع أن يلبي لهم رغبة، رجل يمارس مهنة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها محترمة، لا يعاني من العوز إلى الانتحار؟..." (ص 20).
كما أن السارد يعود و يرصد لنا بتشويق كيف يعدل "حسن التمار" عن فكرة الموت و يحاول الهرب من حالة الخوف التي تتملكه من قادم مجهول حيث يقول: "لا يعرف حسن التمار متى حل الخوف محل الألم الكوني، أصبحت حياته منذ أن غير قراره جحيما لا يطاق." (ص 59).
جاءت لغة النص عموما بسيطة و يسيرة في مجملها تدفعنا لإكتشاف النهاية، و قد استطاعت المبدعة سالمة صالح من توجيه الأحداث ببراعة من خلال استخدام تقنية التوازي بين المتخيل و الواقع و هذا الأسلوب جعل البطل لاعبا ماهرا في ترسيم حدود الحركة السردية بإمتياز. 

لصوصُ النهار/ كريم عبدالله

( لغةُ المرآيا والنصّ الفسيفسائي )
سرقوا النشيدَ الوطنيّ مِنْ جيوبنا الباذخاتِ بالخيبةِ , والأيامَ الباقيّةِ لنا وزّعوها ما بينَ السيّاراتِ المفخخةِ وجبهاتِ الأقتتال , أكّدوا لنا بانَّ الموتَ في زمنِ الفتنةِ وتحتَ العَلَمِ فرصةً لا تعوّض فاستبقوا المكرمات , طَوَوا أحلامنا الكثيرة وكثيراً ما حلمنا خلفها بمدينتنا الفاضلة ,إكتضّتْ خرائبُ تواريخنا بخساراتٍ تلاحقنا أيّنما نولّي فثمّةَ فجيعة ,حتى الأيمان زحزحوا أركانهُ فخذلتنا السماء حينَ إستيقنتْ بأنَّ دعواتنا محض إفتراء . متأخرةً دوماً تشرقُ شمسنا وكأنّهم تعاهدوا معها بألاّ تشفي جراحاتنا المزمنةِ , يرطنونَ بالأمجادِ التي حصدناها مؤخراً والفتوحاتِ المدنّسةِ , ما يربكنا أكثر هذا الصباحِ الملثّمَ في طرقاتٍ علّقوا في مفتراقتها تصاويرنا المجعّدةِ , بالكادِ نعودُ لبيوتنا بعدما نقرأُ آيةَ الكرسيّ أكثرَ مِنْ مرّةٍ بمرارةٍ , تذوّقنا الموتَ كثيراً بعدما وزّعوهُ علينا في بطاقاتِ التموينِ , جاهزٌ معنا نكدّسهُ في غرفِ المعيشةِ بدلاً مِنَ الطعام ينتظرنا متململاً . غنِّ أيّها الشعبُ المنتفخ بالوعودِ الكاذبة , مرحى لهديركَ يحتشدُ صفّاً واحداَ يسدُّ منافذَ الدعارةِ , إخلعْ ثيابَ الصمتِ والخنوعَ وتعمّدْ بحريتكِ المستباحة في زنازينهم , الساكنونَ في بروجهم إقتحمْ أسوارَ قداستهم المستوردة , المجدُ لكَ أيّتها المدنُ المفجوعةِ بالطاعونِ أخرجْي منْ كهوفِ العزلةِ , فقوافل العودةِ لاحتْ في الأفقِ تطرّزُ خارطةً جديدةً وتفتحُ مزاراتكِ تهتفُ وتمزّقُ ليلهم الأرعن .
بغداد
العراق

تقابل روح/ ليلى حجازى

 لم نتقابل بعد بالمعنى المفهوم للمقابلة عند أكثر الناس.وهي أن يلتقي شخصان وجها لوجه .ويتجاذبا طراف الحديث بانطلاقة رقراقة لحديث 

طويل ينقب في دهاليز الذكريات ...دون توقف أو تعثر عند نقاط معينة ..تلك التي تتقاطر كالمطر النقي.

بلون الصفاء... في تغلغلٍ بأعماق ما يتعلق بهما من الأمور المختلفة .
ولكن مع ذلك تقابلت أرواحنا, دون سابق موعد...في تجرد اللانهائي وغير محدود في أطار الزمان ...أو حيز المكان الذي يشكل عائقا أمام انسيابية الأرواح ...بأجنحة الحرير المرفرفة بالمشاعر المتدفقة بلهفة شوق هذه الأرواح الجميلة التي تتجرد من الماديات,
, كالكتلة , حجم , وزن , طول , عرض , جسد, غرض , هدف , أنانية ..
كلها هذه الماديات تتلاشى أمام الأرواح التي ..تتعانق في السحاب وتتشابك أياديها كقلادة متقنة التماسك..في خيط واحد , لا تقبل الانفصال أو انفصام ..تتحد على شكل كرة الثلج لتذوب من حرارة شمس الواقع وتنكسر على جدار المفاهيم المادية ..لرقة إحساسها البريء الذي لا يتحمل نسمة حارة ..لا يقبل عطب ...ولا ينكسر ..ولا يمكن أن يميل ..
لان قوته في تمسك جزيئاته المتحابة والمحبة للتوحد و الانسجام  لم يقطع نعلي .ولم يتعب أنفاسي .لكنه أوجد في ذاكرتي يد تسرق من خرائط الرحلات بياناتي السعيدة ..وليس لنا فى الحنين يد 

.وفى البعد كان لنا الف يد!

باريس

ما بين الثورة الفرنسية 1789م والثورة العراقية 2015 م/ يوحنا بيداويد

ملبورن/ استراليا

يعتبر المؤرخون الثورة الفرنسية التي أطاحت بإمبراطورية ماري انطوانيت (1)، من أعظم الثورات التي الهمت الشعوب والأمم والقوميات في العصر الحديث للسعي الى تحررها من قيود النظام الملوكي والامبراطوريات والدكتاتوريات، حيث تعد هذه الثورة بداية عصر الديمقراطية وحكم الشعب بنفسه، حيث رفعت هذه الثورة الشعارات (الحرية – الأخاء -المساوة) التي اعطت الامل للشعب الفرنسي المنقسم بسبب طبقاته الاجتماعية. وعلى الرغم من نجاح الثورة نجاحا ساحقا في بدايتها الا ان الثورة لم تحقق هدفها في عشر سنوات الاولى، حيث انتخب روبسيير قائد اليعاقبة قائدا للثوار والطبقة الفقيرة، الذي قام باعدام الملك لويس الرابع عشر مع زوجته الامبراطورة ماري انطوانيت في ساحة كونكرد (ساحة الجمهورية) في وسط باريس في 21 كانون الثاني 1793.  حينها حاولت الطبقة الاقطاعية القريبة من الملك وقادة العسكر (الجيرونديين) الرد على روبسيير وجماعته، فحدثت حروب داخلية وصراعات محلية وانقسامات بين الثوار أنفسهم بسبب تسرب نفوذ اصحاب  الدنيئة ووصلت الى مصادر الحكم والقانون، ادت الى ظهور تاثير لها على روح الثورة نفسها، حيث اتيحت الفرصة امام روبسيير ان يصبح جلادا ويعدم اقرب اصدقائه دانتون  مع اكثر من 5000  معارض اخر له بوضع راسهم تحت المقصلة، لم تنتهي الحرب ألاهلية والصراعات الداخلية لحين تم تصفية قائد الثورة نفسه  (روبسيير) من قبل جماعته و بوضع راسه تحت نفس المقصلة التي قطعت راس ماري انطوانيت وزوجها الملك، بعد اتهامه بالخيانة من قبل الجمعية الوطنية.

مر العراق باشع صورة من الحرب الاهلية والطائفية منذ 13 عشرة سنة، حيث تولى الحكم احزابا قومية ودينية ورجال فاسدين لم يعملوا سوى على سرقة الاموال العامة، والتعاون مع الدول الاقليمية مثل السعودية وإيران وتركيا. ثلاث حكومات حكمت منذ حين، كانت الواحدة اسوء من الأخرى، تناوبوا على مقاليد الحكم باسم الدين وثوب الحشمة والعفة، لكن اغلبهم مارسوا مهنة الصوص، ثلاثة انتخابات اقيمت ولكنها مزورة بدليل المشاركين في هذه الحكومات لم يملكوا الروح الوطنية الا القليل منهم، فلم جدا منهم من يعبر عن هموم الشعب او ينتفض ضميره لما جرى من السرقات بعلمه، بالعكس كانوا في اعلام الخارجي كانوا يظهرون لنا انهم أعداء، بينما في الحقيقة كانوا يتقاسمون كانهم يتقاسمون الكعكعة؟!!!، لم نجد بينهم خرج من الحكم واياديه نظيفة الا القليل منهم!!.

في 31 تموز الحالي وبسبب الحر الذي ضرب الوطن لم يقدر الفقراء والمهجرين والنازحيين الذين تم سرق مساعداتهم على عدم تحمل طوق الحر الذي ضرب الوطن المحرق بنار السياسيين وطبخاتهم الفاسدة، فبعدما امنوا، لم يعد لهم شيئا اخر يخسروه بعد موت 52 طفلا من شدة الحرب بغياب الكهرباء، فخرجوا افواجا أفواجا في مسيرة كبيرة، لم تشهد مدينة بغداد الحزينة مثلها منذ نصف قرن تقريبا، توجهوا الى امام ساحة البكاء، الباب الشرقي، امام البوابة التي وضع الفنان الخالد جواد سليم الواح ونصب رموز تعود لأجدادهم (العراقيين القدماء)، الذين كانوا يقودون العالم في تقدم حضارتهم ومعرفتهم وسلطته العسكرية.

سؤالنا للمتظاهرين هل قراتهم ما حصل في الثورة الفرنسية قبل 225 عاما، لنا كل الامل بان الشعب فاق فعلا من سباته او زال عنه أثر مخدره !! وأدرك نيات قادته الذين البعض منهم كانوا يعمل مثل مرتزقة للدول الأجنبية، عملوا على سرقة البلد ونهبها باسم الله والدين، لنا الامل يفهم العراقيين ليس لهم كلهم خلاصا لا في الأحزاب القومية ولا في الأحزاب الدينية ولا في الأحزاب المذهبية ولا في النظام العشائري، انما خلاصهم بخلاص الوطن، ومستقبلهم مع مستقبل الوطن، كل الوطن (كل المواطنين)، بخلاف ذلك اعدائهم يفكرون في التقسيم والتمزيق وخلق الصراعات بينهم، حتى ان يأتي الموت ويدق ابوابهم ويهدي الانتصارات للدواعش اعدائهم، ان لم يتحدوا والا استعدوا لحفر القبور ؟!!

أملى من المتظاهرين الواقفون تحت بوابة الحرية اتي تحمل رموز الحضارة العراقية القديمة ان يفهموا النقاط التالية:
1-   ان لا يخون أحد منهم وطنيته مقابل حفة من النقود التي سرقها اللصوص يهدونها اليوم إليهم مقابل تراجعهم او تحجيمهم من ثورتهم الوطنية.

2-   الاستمرار بالمطالبة الإصلاح التام من اعلى هرم الى ادناه، من الدستور والقضاء والسلطة التنفيذية والتشريعية، الى الوزارات الى اخر موظف في الدولة وبناء جيش عراقي وطني لا يتم ذكر الهوية او القومية في سجلهم ويطرد كل من يتحدث او يبوح عنها.

3-   تشريع نظام العدالة الاجتماعية لشمل الفقراء والايتام والعجزة برواتب رمزية تساعدهم على العيش بكرامة.

4-   المطالبة بحل الأحزاب التي أشرفت قادتها على نشر الفساد والقتال الاهلي وقام البعض منهم بالخيانة للوطن على غرار الحذر المفروض على حزب البعث المقبور الذي استخدمه المجرم صدام حسين في حكمه 35 عاما.

5-   تشكيل جبهة رسمية من قادة المتظاهرين لتمثليهم جميعا وحمل مطالبهم على تكون مطاليب وطنية وعدالة وشاملة مثل الثورة الفرنسية ( الحرية والاخاء والمساواة)  تخدم كل العراقيين  ونابعة من روح وطنية خالصة.

6-   مطالبة تقديم الفاسدين للمحاكم وعدم قبولهم في الحكم باي طريقة كانت والا سرطان الفساد يسري في جسد الوطن والحكومة ويشله وقد يقود الى موته (زواله من الخارطة السياسية)>

7-   تشكيل هيئة إعلامية مستقلة من القنوات والصحف والإعلاميين والاذاعات لبث الاخبار والتقارير الصادقة البعيدة عن التزوير او الترهيب او التلفيق.

8-   تقديس الحياة كل عراقي بغض النظر عن خطئه او خيانته وعدم اللجوء الى العنف بتاتا وانما التشبث بالحقوق على طريقة غاندي ونيلسن مانديلا ومارتن لوثر كينك.

9-   التفكير لتأسيس حزب علماني ذو اهداف وطنية بعيدة عن الطائفية والسلطة الدينية والاحزاب القومية والاستعداد للدخول في الانتخابات القادمة.

10-   تأسيس مجمع علمي عراقي مستقل من الحكومة الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية، يعمل مع المؤسسات الحكومية على التفكير لبناء الدولة العراقية القادمة بروح وطنية على غرار روحية الشهيد عبد الكريم قاسم.

في الختام أتمنى لكم ولكل العراقيين النجاح والتوفيق في مساعدكم لتخليص الوطن من براثين السراق والاعداء والجيران وكل ذي نفس دنيئة.


..................
1-الملكة ماري انطوانيت قالت لحاشيتها حينما رات الجماهير الجائعة تتظاهر امام قصرها المشهور فرسايي “إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء. دعهم يأكلون كعكاً"

اللجان التوفيقية : لجان للترقيع والمخترة/ نبيل عودة

*رئيس بلدية الناصرة علي سلام: يوجد 67 رئيس بلدية ومجلس في الوسط العربي عليهم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب*

أعلنت الجبهة أنها رشحت النائب  السابق محمد بركة لقيادة لجنة المتابعة العربية العليا، لا اعتراض شخصي لي على اختيار بركة أو مرشح آخر، إنما ما لا أجده مناسبا ان تجري لفلفة الانتخابات بطريقة عشائرية بين الأحزاب العربية التي لا أرى بها إلا عشائر تتفق على مصالح ومقاعد .
ان تشكيل القائمة المشتركة جرى أيضا عبر لجنة وفاق، السؤال هل تمثل هذه القائمة جماهيرنا العربية؟ 
سينتقد البعض موقفي، بان عدم تشكيل قائمة مشتركة كان سيفقدنا اصواتا كثيرة ويوصل عدد نواب أقل للكنيست.
صحيح أني صوت للقائمة المشتركة بعد طلب شخصي من النائب أيمن عودة، وكنت قد قمت بحملة ضد مثل هذه القائمة وما زلت على قناعة أنها قائمة عبثية.
مثلا القائمة أنقذت حزب التجمع، ماذا كسب شعبنا من إنقاذ حزب التهريج العزماوي؟ هل يقوم نوابه بدور برلماني يستحق ان يشار اليه؟ هل تصريحات نوابه ونشاطهم هو ما يخدم أهداف الجماهير العربية؟ هل مشاركة النائب غطاس في قافلة السفن إلى غزة، خدمت فلسطين أم خدمته هو شخصيا؟ هل التصريحات المثيرة التي تطلقها النائبة حنين زعبي تخدم مجتمعنا ومكانة المرأة مثلا، أم تخدم حنين زعبي بشكل شخصي فقط ؟
الم يكن من  الأفضل ان يترك التجمع ليتفكك تنظيميا لأن دوره السياسي والاجتماعي والبلدي منذ تشكل لم يخدم أي قضية تستحق الذكر؟ وهنا أشير ان أفضل نشطائه قد انشقوا وشكلوا حزبا جديدا.
اليوم نجيء للجنة المتابعة بنفس العقلية التوافقية. السياسة أعزائي ليست صفقات توافق. هذه الصفقات تعني ان الشخص الذي سيجري اختياره محكوم بقيود الوفاق.
لا لسنا مجتمعا قبليا. نحن مجتمع ينشد التنور والتقدم، ولا يجري التقدم بالتوافق بل بالصراع واختلاف الرأي وصولا إلى القرار الصحيح. 
من المخجل ان يجري اختيار رئيس بطريقة لجنة وفاق. هي أشبه بلجان الصلح العشائري.
نحن نريد رئيس لجنة متابعة يملك حرية الحركة والتصرف. رئيس يعطي لهذه اللجنة حياة وحيوية بدل الطابع الميت الذي يميزها منذ تشكيلها. 
علي سلام ، رئيس بلدية الناصرة طرح موقفا صحيحا يجب الانتباه له  وإلا ستكون لجنة متابعة بدون المدينة المركزية للجماهير العربية، وانأ ادعمه بموقفه، قال: "نأمل ان يكون انتخاب رئيس مناسب للجنة المتابعة ، شخص بإمكانه خدمتنا ، وان يكون دورا اكبر لأعضاء الكنيست ، ليس فقط في القضية الفلسطينية ، نحن جزء من الشعب الفلسطيني ونريد دولة للشعب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف ، لكن يجب ان لا ينسوننا ، إذ يوجد شعب يشكل أكثر من 20 % من سكان دولة إسرائيل ونريد حقوقنا  لان وضعنا صعب جدا ".
هذا طرح سليم وعقلاني وجوهري، تجاهله يعني إعادة انتخاب لجنة شكلية لا قيمة لها على ساحة الفعل البلدي للجماهير العربية. لا نريد لجنة تصريحات سياسية . بل لجنة تخطيط وضغط للحصول على حقوقنا كسلطات محلية عربية.

أضاف علي سلام أمرا جوهريا آخر: " الإجراءات لاختيار رئيس للجنة المتابعة مأساوية، يوجد تدخل للجان وفاق ومخترة ، يوجد 67 رئيس بلدية ومجلس في الوسط العربي عليهم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب ، ان رئيس لجنة المتابعة هو الرئيس الأول في الوسط العربي ويمثل كل الجماهير العربية  وإذا تدخلت لجان الوفاق باختيار رئيس لجنة المتابعة فوضعنا سيكون  مأساويا ".
هذا هو الموقف المنطقي. رؤساء السلطات المحلية هم أصحاب القرار ، لا يمكن اختيار رئيس للجنة من خارج السلطات المحلية، المنطق ان ينتخب رئيس ملم بالقضايا الهامة للسلطات المحلية العربية ، التي تواجه سياسة تمييز وحرمان من الميزانيات والمشاريع الحيوية، وطرح برامج تطوير للمرافق العامة للجماهير العربية وتطوير العمل المشترك في مواجهة الحرمان الذي تعاني منه بلداتنا العربية. الموضوع ليس سياسيا كما حدد ذلك بوضوح علي سلام، نحن جزء من الشعب الفلسطيني وموقفنا واضح، لكننا لا ننتخب لجنة متابعة لنعيد تأكيد انتمائنا وتأييدنا لحقوق شعبنا. لدينا قضايا ملحة يجب ان تحتل سلم الأولويات وهذا لا يتناقض مع فلسطينيتنا بل يعززها ويشد أزر شعبنا في نضاله ألمطلبي والسياسي  من اجل المساواة الكاملة مع السلطات المحلية اليهودية.  

nabiloudeh@gmail.com

إزدراء الأديان/ أنطوني ولسن

موضوع إزدراء الأديان موضوع شائك والخوض فيه هذه الأيام لن يحرك أحدا من المفكرين والحريصين على سلامة مصر ووحدة أبناءها ليقول كلمته في هذا الشأن.

لن أدعي أنني أفضل من غيري بالحديث عن هذا الموضوع.لكن مما لا شك فيه حاول البعض ممن يهمهم أمر مصر والوحدة الوطنية التطرق إليه لمعالجة التداعيات التي تنجم عنه خاصة مع فصيل الأقباط المسيحيين في مصر.

الذي شجعني أن أكتب عن "إزدراء الأديان" انني عشت أيام وحدة أبناء مصر وخوفهم على مصر وتضامنهم في محبتهم لبعضهم البعض،ولم نسمع بهذا الذي يدور حاليا من كل محامي يريد الشهرة فيتهم من يتهم ويرفع الأمر للنيابة ثم القضاء للبت في الأمر.

لو بدأنا الحديث عن إزدراء الأديان ،سنجد أن الأمر لا يتوقف عند دين محدد.فمصر وطن واحد متعدد الأديان وأيضا متعدد الإنتماءات العقائدية الدينية.

بمعنى في مصر المسيحي القبطي الأرثوذكسي،والمسيحي البروستانتي،والمسيحي الإنجيلي..إلخ.كذلك المسلم المصري فهو سني المذهب والعقيدة،وشيعي المذهب والعقيدة ...إلخ.

إذن نحن أمام تعدد الأديان والإنتماءات الدينية والعقائدية الواضح تماما من تعدد الأديان والتي يتخذها من يدافع عن الإسلام "وإن كنت لا أظن أن الإسلام يحتاج للدفاع عنه من أحد"للنيل من أشخاص أقباط مسيحيين بتهمة إزدراء الأديان ولا تفسير للجمع هنا بكلمة "الأديان" لأنه المعروف هو إزدراء الدين الإسلامي.وهذا ليس صحيحا.

قد يقول قائل أن البعض يتهم غير المسيحيين بإزدراء الأديان وهم مسلمون.على سبيل المثال ما حدث مؤخرا مع الأستاذة فاطمة ناعوت.ومع ذلك أثبتت الأستاذة فاطمة ناعوت بما لا يدع مجالا للشك أنها مسلمة موحدة مؤمنة.لكنها تعترض أو توضح أشياء لم يفهمها من إتهمها.

كلمة إزدراء الأديان لها معنى واحد وهو إتهام المسيحيون بإزدراء دين بعينه وهو الدين الإسلامي . ولكي أكون واضحا نسبة الذين يتهمونهم من غير المسيحيين بإزدراء الدين الإسلامي تكون قليلة ويكون الإتهام إما للنيل من إنسان صريح أو الشهرة للشخص المدعي بالتهمة.

مصر إجتازت مرحلة من أخطر المراحل التي مرت بها من فتن داخلية. الأقباط الميسحيون كان لهم النصيب الأكبر من إضطهادات وحرق بيوتهم وطردهم من ديارهم وسرقة محلاتهم وخطف بناتهم وإجبارهن على تغير دينهم أو لدفع ديّات لا يقدر عليها الفقراء من المسيحيين . ومازال الأمر كما هو حتى هذه اللحظة يواجه فيه المسيحيون إضطهادات وعند الشكوى يتم عقد جلسات صلح لا تدوم وتعود"ريمة لعادتها القديمة" ولا قانون يحمي ولا حقوق تسترد .والدولة مغيبة والشرطة متواطئة والقانون مغلق عليه ولا ينظر إليه أحد من القضاة وإذا دافع محام أو رجل قانون عن ما يحدث لا أحد يلتفت إليه.

وهذا ما يحدث مع الأقباط المسيحيين في مصر وإزدراء دينهم وإيمانهم وإتهامهم بإتهامات باطلة وملفقة .

المسيحيون في مصر مازالوا يواجهون الصعاب في المعيشة والحياة ومضطهدون ويلفقون لهم التهم ويتم القبض عليهم ويحالون إلى النيابة للتحقيق معهم بتهم هم أبرياء منها،ومع ذلك يطلب سيادة وكيل النائب العام الذي يأمر بحبس المتهم أو المتهمة بالحبس لمدة 4 أيام ثم يجدد الحكم إلى أن يُرفع الأمر إلى القضاء. ينظر القاضي في القضية ويصدر أحكامه على كبار وصغار دون التروي ودراسة التهم الموجهة إليهم والتي تدور كلها حول إزدراء الدين الإسلامي.

بالله عليكم يا أوليّ الأمر.المسيحي يخاف الله"طبعا والمسلم أيضا"،لكن المسيحي يخاف الله ويخشى أن تلفق له تهمة فيؤخذ إلى القضاء بتهم سب وإهانة أحد المسلمين وهذا كفر ما بعده كفر ولا يُستمع لصوته أو لمحاميه ويسجن الرجل دون ذنب إرتكبه حقيقة .مع الأسف هذا يحدث هذه الأيام بصورة لا تليق بمصر والحكومة المصرية في عهد رئيس إستطاع بقوة إيمانه أن يجمع حوله كل أطياف الشعب المصري لثقتهم أنه قادر أن يأخذ مصر والشعب المصري إلى الطريق الصحيح للنهوض بمصر من كبوتها من حكام لا ينتمون إلى مصر والشعب المصري.حكام يريدون بيع مصر للأعداء و"طوز في مصر".

الحقيقة أن المسيحي القبطي شابا أو شابة أو من كبار السن يواجهون صعابات من البعض الذي يريد تفتيت الوحدة المصرية بين أبناء وطن واحد .المسيحي إستقبل الغازي عمرو بن العاص ورحبوا به،فماذا فعل لهم هو وجيوشه؟سؤال الإجابة عليه شائكة.لأن الشروط العمرية أباحت أموال المسيحيون سكان البلاد الأصليين إن كان في مصر أو أي بلد آخر تم غزوه.ومع ذلك رضي سكان البلاد الأصليون بالعيش تحت حكام ظلمة وأقوياء.إستمر الحال هكذا طوال عقود طويلة إلى أن جاء الألباني محمد على باشا الجندي ضمن جنود الخليفة العثماني.لكنه تمرد عليه واستقل بإمارة مصر وجدد الحياة فيها وساوى بين أبناء مصر،فنهضت مصر وكادت أن تحتل الدول الغربية بقيادة إبنه إبراهيم باشا وجنوده المصريين.

إستمر الحال على هذا المنوال وتولى الوزارة نفر من المسيحيين سواء كوزراء أو رئيس الوزراء.فماذا حدث لمصر؟سؤال أتمنى على أحد المهتمين بمصر وشعبها أن يجيب عليه.

مصر الأن تمر بمرحلة غاية الأهمية .مصر إستيقظت من غفوتها وبدأت في نهضتها وتحدت العالم بإمكان حدوث معجزة قناة السويس الجديدة في وقت زمني لم يحدث في العالم من قبل.

مصر تريد أن تعود إلى تلاحم أبناء مصر في ملحمة واحدة وبوطقة واحدة إسمها مصر،ومصر فقط.فهل يمكن أن تحقق مصر حلمها؟

سؤال أتركه لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء مصروكل مؤمن بوحدة الشعب المصري منذ 7آلاف سنة.

وأتمنى على وزير العدل المستشار أحمد الزند إلغاء قانون إزدراء الأديان.لأنه سيف مسلط على رقاب الشعب المصري يستخدمه أعداء مصر للتفرقة بين أبناء وطن واحد ذاق الجميع فيه الأضطهاد والتشرد وسوء المعاملة والتفرقة بين أبناء مصر تارة باستخدام الدين الوسيلة للإضطهاد،وأخرى بإهمال الشعب المصري بحرمانه من أبسط حقوق الإنسان من حرية وعيشة كريمة ورعاية مع تغير في التعليم الإخواني الظالم لمصر ولكل المصريين.

مصر أم الدنيا ..وكل الدنيا.
تحيا مصر.     

صفقة السلاح الروسي لسوريا.. نهاية المنطقة العازلة/ راسم عبيدات

منذ أكثر من عامين وماكنة الإعلام الخليجي القطري- السعودي- الإماراتي والتركي والإسرائيلي والفرنسي،ومعها المعارضات السورية المختلفة تكفيرية وعلمانية، لم تكف عن بث أكاذيبها وسمومها عن بوادر تغير في الموقف الروسي تجاه حليفها الأسد،وأن رحيل الأسد بات وشيكاً،وتعقد اللقاءات والمؤتمرات لبحث ترتيبات ما بعد الأسد في سوريا،وحاولت تلك الدول وخاصة السعودية وقطر  تقديم رشاوي مالية وإقتصادية للقيادة الروسية بمليارات الدولارات من اجل تغيير موقفها وتخليها عن الأسد،واكثر من ذلك وعود بحفظ المصالح الروسية في سوريا،واستمرت تلك الأبواق في نشر الأكاذيب والدعايات المغرضة حتى بعد لقاء وزير الخارجية الروسي لافروف مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في موسكو مؤخراً،وفي المقابل كانت ماكنة الكذب التركي تبث أكاذيبها حول الموافقة الأمريكية على إقامة منطقة حظر جوي في الشمال السوري،او ما يسمى بالمنطقة العازلة في الأراضي السورية،أي اقتطاع جزء من الأراضي السورية ومنع الطيران السوري من التحليق فوقها،لكونها تقع في مرمى صواريخ الباتريوت الأمريكية المنشورة على الحدود التركية – السورية،وتركيا سعت لتوريط أمريكا والغرب الإستعماري عسكرياً في سوريا منذ بداية الأزمة السورية،بحيث يخدم هذا التوريط مصالحها في إستقطاع جزء من الأراضي السوري،وكذلك القضاء على الجماعات الكردية وبالذات حزب العمال الكردستاني،وبما يمنع نشوء أو قيام دولة كردية،ولكن الإدارة الأمريكية كانت تسارع الى نفي موافقتها على اقامة مثل هذه المنطقة،لأن الموافقة الأمريكية على إقامة تلك المنطقة له تداعيات إقليمية ودولية كبيرة،وفيه خطر كبير على المصالح الأمريكية  يطال أوكرانيا وجورجيا وأفغانستان وغيرها من المناطق الأخرى.

صفقة السلاح الروسي لسوريا ليست فقط لها معنى  ودلاله عسكرية،لجهة تحديث السلاح السوري،وإستخدامه في تحصين قوة النظام السوري،وإسترداد الجغرافيا التي سيطرت عليها العصابات التكفيرية والإرهابية،وتشكيل عامل ردع جدي لمن يريد التطاول على سوريا وسيادتها الوطنية والعبث بجغرافيتها تقسيماً وتركيباً.

صفقة السلاح التي اشتملت على أحدث مقتنيات الترسانة العسكرية الروسية  وخاصة الطائرات النوعية ميغ (31) وصواريخ الكورنيت،التي لعبت دوراً كبيراً في المجزرة المرتكبة بحق الدبابات والمدرعات الإسرائيلية  في حربها العدوانية التي شنتها على لبنان وحزب الله تموز/ 2006،وخاصة مجزرة وادي الحجير،التي ألقى منها سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله خطابه الأخير في ذكرى نصر تموز،بل هي تحمل رسالة سياسية واضحة يجب أن تقرأ في كل عواصم "التهويش" الكلامي والكذب بأن روسيا تقف الى جانب حليفها الأسد،وهي تعتبر سوريا منطقة نفوذ استراتيجي لها غير قابلة للتفاوض،وبأن سوريا والأسد هم جزء من الحل وليس جزء من الأزمة،والأولوية يجب أن تكون لكل دول العالم، هي الحرب على الإرهاب وتنظيماته التكفيرية "القاعدة" ومتفرعاتها من "داعش" و"النصرة" و"السلفية الجهادية" وغيرها، التي باتت بمثابة السرطان الذي يهدد تفشيه بخطر جدي على السلم والأمن العالميين،وبعد الحرب الكونية العدوانية التي تدخل عامها الخامس على سوريا،فإن الجيش السوري راكم من التجارب والخبرات الشيء الكثير الذي يمكنه من محاربة تلك الجماعات الإرهابية والتكفيرية وإلحاق الهزيمة بها،ولذلك هو يستحق أن يسلح بأحدث الأسلحة من أجل إجتثاث هذا الخطر الداهم.

الرسالة الروسية وصلت لتلك العواصم،ولتقول لهم تخلوا عن أحلامكم ومناوراتكم واكاذيبكم،فروسيا خيارها سوريا والأسد،ولا حل سياسي للأزمة السورية بدون الأسد ،بل وتحت سقف الأسد.

في الوقت الذي كان يجري فيه الإعلان عن صفقة الأسلحة الروسية  لسوريا،كانت تركيا التي أراد"خليفتها" الجديد أن يحقق نصراً يمكنه من  أن يحقق فوزاً مستحقاً في الإنتخابات التركية القريبة،حيث فشل في تشكيل حكومة تركية جديدة،كان يريد أن يقيم المنطقة العازلة داخل الأراضي السورية،ويوجه ضربة قاصمة للأكراد كعقاب لهم على المشاركة الواسعة في الإنتخابات،وما حصلوا عليه من مقاعد،ساهمت في عدم حصوله على الأغلبية المطلقة،ولكن يبدو أن الهزائم تلاحق هذا الطاغية المتهور، تزامن الإعلان عن الصفقة مع قرار دول رئيسية في حلف "الناتو" سحب منظومة الباتريوت المرابطة على الحدود السورية التركية... ألمانيا والولايات المتحدة ستسحبان بطاريات الصواريخ الخاصة بكل منهما، ولن تمددا لها بعد انتهاء المهلة المقررة.

إعلان سحب الباتريوت يعني عملياً نعي منطقة الحظر الجوي التي أراد الأتراك من خلالها إدارة عملياتهم وتآمرهم على سوريا،بتقديم  الدعم والحماية للجماعات المسلحة التي يقومون بزجّها داخل الأراضي السورية،وبما يعني المس بالسيادة الوطنية لسوريا،والسعي لتقسيم جغرافيتها،وإستخدام ذلك في أي عملية تفاوضية لحل سياسي في سوريا،والهدف الاخر هو سحق الجماعات الكردية وبالذات ،حزب العمال الكردستاني،فهذا يمنح حكومة أردوغان فرصة لفوز مستحق في الإنتخابات المبكرة القريبة،ولعلنا  نعي جيداً اكاذيب أردوغان عن موافقة حكومته للدخول في حرب على "داعش" والإقتراب من الموقف الأمريكي،فالهدف ليس "داعش" بل شن حرب مفتوحة على الجماعات الكردية مستغلاً التوافق الإقليمي والدولي في أولوية الحرب على الإرهاب على أي أولويات أخرى،ولكن أحلام أردوغان تبخرت،حيث القرار الأمريكي – الألماني بسحب بطاريات الباتريوت،ورفض الخطة التركية لسحق الأكراد.
أمريكا تعي جيداً بأن موافقتها على منطقة الحظر الجوي، يعني مخاطر حرب شاملة ستدخلها سورية بكلّ قوتها، ويدخلها معها حزب الله، وتكون «إسرائيل»مرماه، وستدخلها لاحقاً إيران، ولا ضمانات ألا تدخلها روسيا بشكل أو بآخر

وهنا تخشى الولايات المتحدة أن يتكرّر السيناريو الكوبي اذا ما أقدمت على تأمين غطاء جوي لمرتزقة دربتهم في المنطقة لفرض هذا الحظر الجوي بالقوة، بفشل هؤلاء المرتزقة في تحقيق نصر عسكري وهو أمر تضعه الولايات المتحدة في حساباتها، فشل سيقود إلى التدخل الروسي المباشر في صلب المعركة الدائرة في سورية في تكرار لأزمة الصواريخ الكوبية ورفع سقف الاشتباك الحاصل مع الولايات المتحدة، انطلاقاً من الساحة السورية، ورسم معادلات جيوسترايجية أقلها إجهاض الدرع الصاروخية الأميركية انطلاقاً من الجغرافيا السورية .

أمريكا بسحبها لبطاريات الباتريوت تقول لحلفائها من أتراك و"اسرائيل" ومشيخات النفط والكاز،إنّ ما بعد التفاهم النووي غير ما قبله وإنّ زمن الحرب قد انتهى، فزمن حروب حلفاء أميركا هو زمن أميركي تحدّده ساعة توقيت واشنطن لا أيّ عاصمة أخرى، وعلى من يريد أن يفعل خلاف ذلك فليفعله من حسابه.

المحطات التاريخية لدير الأنبا شنودة بسيدنى ورحلة اكثر من عشرين عاماَ/ اشرف حلمي


ساعات قليلة تفصلنا عن الإحتفالية الكبرى التى دعى إليها نيافة الحبر الجليل الانبا دانيال أسقف ورئيس دير الانبا شنودة رئيس المتوحدين بسيدنى / أستراليا إحتفالاَ بذكرى مرور عشرون عاماَ على تدشينة بيد صاحب القداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث وذلك ببركة وصلوات قداسة البابا المعظم تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بحضور لفيف من اباء وشعب الكنيسة القبطية كذلك القمص تادرس الباخومى الذى اشرف علي بنائه و الرهبان الذين قد خدموا فيه منذ تاسيسة وعلى راسهم القمص بافلوس الانبا بيشوى وابونا بيشوى الانطونى

ففى بداية التسعينيات فكر الدكتور مدحت جرجس الذى كان يخدم في ذلك الوقت كسكرتير لمجلس ولاية NSW للكنيسة القبطية الارثذوكسية والذى كان تربطة علاقة ابوية قوية بقداسة البابا شنودة فى شراء قطعة ارض صالحة لإنشاء دير قبطى عليها على نفقته الخاصة كى ما يكون خير إهداء من إبن الى أبيه بمناسبة اليوبيل الفضى لتأسيس الكنيسة القبطية فى إستراليا ليصبح بذرة صالحة لنمو الحياة الرهبانية بسيدنى وتعويض الجالية القبطية فقدانهم للاديرة التى تعتبر احد الاعمدة التى قامت عليها كنيستنا القبطية نتيجة إزدياد عدد الكنائس فى سيدنى ذلك الوقت الى عشرة والكهنة الى ما يقرب من عشرون بينهم رهبان كذلك عدد الاقباط وخاصة الجيل الثانى حيث حازت الفكرة إعجاب المقربون من الدكتور مدحت خاصة زوجته والقمص تادرس الباخومى الذى كان بمثابة تلميذاَ للبابا فى إستراليا مما أسرع الى إنطلاق قطار الخدمة السريع تجاه الدير عبر ثلاثة محطات رئيسية علاوة على العديد من المحطات الفرعية وضع خلالها قداسة البابا شنودة بصماته الروحية على كل جزء من أجزاء الدير كى تكون شاهدا لجميع الأجيال القادمة وكم كانت يد الله تعمل فى كل منها والتى يمكن كتابتها فى عدة كتب ولكننا نذكر ملخص المحطات التى مرت بالدير خلال رحلة اكثر من عشرون عاماَ.

أولاَ: محطة الإنشاء ١٩٩١ - ١٩٩٥
تعد هذه المرحلة من اهم واصعب المراحل التى مر بها الدير حيث شارك القمص تادرس الباخومى العديد من الخدام الامناء الذين أخذوا على عاتقهم تحقيق حلمهم الروحى فى وجود دير للاقباط فى ولاية نيو ساوث ويلز منهم ذو الخبرات الهندسية والمعمارية امثال المهندسان صبحى نيقولا وعيسى تادرس وقد تمجد عمل الرب ببركة وصلوات قداسة البابا شنودة فيما يلى 
١- قام القمص تادرس الباخومى ووالاراخنة صبحى وعيسى برحلات متعددة متحملين اعباء ومشقه السفر حول الولاية لايجاد مكان مناسب واخيرا في اوائل عام ١٩٩١وفقهم االرب الي قطعة ارض مساحتها ١١٠ فدان في منطقة Putty التى تبعد عن سيدنى حوالى ١٥٠ كم والتى تتناسب مع الحياة الرهبانية وتم شراء الارض 
٢- مباركة نيافة الانبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس ارض الدير فى إحدى زياراتة لإستراليا فى نفس السنه والذى إعجب بها وصلى من أجل اتمام العمل ؤترك توقيع نيافته علي احدي الاشجار هناك 
٣ - قدمت الرسوم الهندسية الي الجهات المسئوله والتى كانت عبارة عن مبنى الكنيسة ملحقاَ بها قاعة ومطبخ كذلك اربعة قلالى للرهبان طبقاَ للوائح وقوانين مجلس المدينة التابع لها ارض الدير .
٤- قام القمص تادرس الباخومي والمهندسين صبحي وعيسى باتصالات مكثفة وبعد عناء وبمعجزة تم الحصول علي ال DA
٥- بدأت عمليات تمهيد الارض والإنشاءات حتى وصلت الى مرحلة التشطيبات النهائية عام ١٩٩٣ اثناء وجود قداسة البابا شنودة الثالث الذى بارك الدير وقام بوضع حجر الاساس له بالصلوات الطقسية وقدم الشكر الي القمص تادرس الباخومى والي كل الخدام معطياَ لهم بعض الإرشادات والملاحظات التى يود إضافتها قبل زيارتة القادمة لتدشينه .
٥ - بعد إكتمال مبانى الدير وتشطيبها وعمل تنك المياة وشراء مولدات الكهرباء حضر مجدداَ قداسة البابا شنودة فى ٢٦ أغسطس عام ١٩٩٥ وسط فرحة ابناء الجالية القبطية للإحتفال بتدشين الدير فيما قدم الدكتور مدحت جرجس وزوجتة عقد ملكية دير الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومفاتيحه هدية لإبيهم قداسة البابا شنودة الثالث بمناسبة اليوبيل الفضى للخدمة الكنسية القبطية الأرثوذكسية فى إستراليا وتم توقيع عقود تبادل الملكية بينهما كما وقع ايضاَ القمص تادرس الباخومى شاهداَ على التوقيات بحكم مركزه ( قاضى سلام ) طبقاَ للقانون الإسترالى .
٦- سلم قداسة البابا مفاتيح الدير الي االقمص بافلوس الانبا بيشوى .

ثانياَ: محطة الجذب والتطوير ١٩٩٦ - ٢٠٠٦
بدأت هذه المرحلة بقيادة الاباء الرهبان ابونا بافلوس وابونا بيشوى ومعهم الاخ شنودة الذى تقدم لطلب الرهبة يوم تدشين الدير وكان لهما دوراَ بارزاَ للنهوض بالدير نتيجة محبتهما الفائقة وعلاقتهما القوية بالشعب وحسن إستقبالهم له ونظراَ للاعداد الكبيرة التى كانت تتوافد على الدير خاصة الشباب الذى كان يحتضنهم الدير اثناء العطلات الرسمية والاعياد ففكر ابونا بافلوس فى تطوير وتوسيع الدير كى ما يستوعب زائرية وقبول طالبى قضاء خلوة روحية من الشباب بعد عودة الراهب بيشوى الى القاهرة للعمل سكرتيراَ لقداسة البابا بدير الانبا بيشوى فكانت يد الله وعمله ايضاَ واضحة فى إرسال الخدام المتطوعين الذين عملوا بيداَ بيد مع ابيهم ابونا بافلوس حيث تم إنجاز العديد من الاعمال منها : 
١ - نمت الحياة الرهبانية فى الدير خلال هذه الفترة على النحو التالى
أ - تم رسامة الاخ شنودة باسم الراهب ويصا يوم ١٩٩٩/٤/٣ ثم قساََ يوم ٢٠٠٢/١/٢٩ بيد قداسة البابا شنودة .
ب - تقدم كل من الاخ يوحنا والاخ دانيال للرهبنة عام ٢٠٠٠ ثم رسامتهم رهباناَ بأسماء شنودة و ثيؤدور يوم ٢٠٠٤/٢/٢٢ كما تقدم الاخ شنودة للرهبنه أيضاَ . 
٢ - زيارة مساحة الدير على ثلاثة مراحل حتى وصلت الى ٢٦٨ فدان .
٣ - إقام ورشة كبيرة وشراء معدات ثقيلة وخفيفة لإستخدامها فى عمليات الزراعة والإنشاءات المعمارية .
٤- إستصلاح بعض الإراضى وزراعتها وإقامة بعض مزارع تربية الطيور والابقار والغنم .
٥ - إنشاء مبانى جديدة عبارة عن مبنى كبير خاص بالرهبان يضم إثنى عشر قلاية للرهبان مجهزة وقلاية خاصة بإسقف الدير واخرى الى زائرى الدير من الرهبان ملحق بيهما قاعة ومطبخ ومكتبة خاصة بالرهبان كذلك حجرة طبية لهم إضافة الى بيت لحم ( حجرة لعمل القربان ) ومبنى اخر منفصل خاص بزوار الدير عبارة عن قاعة كبير بها مطبخ وملحق بها سبعة قلالى للضيافة لإستيعاب ٢٨ ضيف ودورات مياة تستخدم مبيتات لطالبى الخلوة كذلك لإقامة الرحلات الكنسية الخاصة بالشباب بالإضافة الى مكتبة خاصة بالشعب وقد بارك قداسة البابا شنودة الثالث هذه الإنشاءات فى اخر زيارة له لإستراليا نهاية عام ٢٠٠٢ .

ثالثاَ : محطة الإعتراف من ٢٠٠٦ الى الان
إنتدب قداسة البابا شنودة الثالث القمص دانيال الأنطونى لتولى شئون الدير بعد عودة القمص بافلوس الى القاهرة ثم تمت رسامته اسقفاَ على الدير عام ٢٠٠٩ بإسم الانبا دانيال الذى استكمل الشروط التى تتيح للمجمع المقدس الإعتراف رسمياَ بالدير ومنها 
١- تكملة بناء البوابة الرئيسة للدير والتى يعلوها منارتان وتركيب برج معدنى ينتهى بجرس بجوار الكنيسة .
٢ - بناء الطافوس وهو عبارة عن مدافن خاصة بالرهبان بعد نياحتهم .
وقد تم الإعتراف بدير الانبا شنودة رئيس المتوحدين بسيدنى 
٣ - وضع حجر الاساس للبدء فى مشروع بناء الكاتدرائية عام ٢٠١٤ وذلك بعد حصول الدير على التصاريح اللازمة من الجهات الحكومية المسئولة 
٤- اصبح الدير محطة تعليمية رئيسية للكهنة الجدد لقضاء فترة الاربعين يوم بعد رسامتهم .
٥ - زيادة مساحة الدير لتصل الى ٤١٨ فداناَ .

واخيراَ نود ان نكون قد استوفينا ملخص بسيط لتاريخ الدير إحتفالاَ بهذه المناسبة مقدماَ التهنئة بالإحتفال لشعب نيو ساوث ويلز عامة وسيدنى خاصة. 
الرب يبارك كل من أعطى من عشوره ومجهوده وأوقاته منذ البداية الى ما لا نهاية من اجل الحفاظ على الدير ورفعه لإستكمال مسيرة الرهبنة فى ولاية نيو ساوث ويلز ببركة وصلوات إبينا المعظم قداسة البابا تواضروس الثانى وشريكه فى الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الانبا دانيال أسقف ورئيس دير الانبا شنودة رئيس المتوحدين و نيافة الحبر الجليل الانبا دانيال أسقف سيدنى و وتوابعها وسائراساقفتنا الارثذوكسيين.

نَاطُورُ الدُّجَى!/ آمال عوّاد رضوان


ظِلاَلُ ثُقُوبِكِ تَيَقَّظَتْ مِنْ مَكَامِنِهَا
تَتَجَنَّى عَلَيَّ 
تَعَرَّجَتْ 
فِي أَزِيزِ سَقِيفَةٍ مَتَأَهِّبَةٍ لِلْمَشَاكَسَةِ
لكِنَّهَا تَرَهَّلَتْ ذَائِبَةً
عَلَى مَرْمَى صَهِيلِكِ الْمَوْشُومِ بِالنَّدَى
وَمَا فَتِئَتْ تَدُكُّ
أَمْوَاهَ نَارٍ انْتَصَبَتْ أَطْيَافًا
عَلَى رِمَالِ الآهِ 
وَمَا هَجَعَتْ!

نَاطُورُ الدُّجَى 
بَاغَتَنِي بِإِفْكِ طُقُوسِ تَسَكُّعِهِ الْمُتَطَفِّلِ
خَلْفًا دُرْررررر ... اسْتَدِرْ حَيْثُكْ
أَنْتَ وَغَدُكَ الْفَضْفَاضُ فِي غلاَلَتِهِ
بَدِيدَانِ.. رَمِيمَانِ!

اُنْظُرْكَ .. لَبْلاَبًا مَنْسِيًّا
لَمَّا يَزَلْ يَكْتَظُّ بِالْقَيْظِ
فِي صَحَارَى مَاضٍ .. تَحَلْزَنَ بِالْحُزْنِ.

هَا ضَفَائِرُ نَخْلِكَ 
الْتَهَبَ فَجْرُ تَمْرِهَا
فِي سَرَاوِيلِ دَهْرِ ضَارٍ
ونَشِيدُكَ الْخَاشِعُ
كَمْ شَعْشَعَ مُتَفَيْرِزًا 
مُرَفْرِفًا
هَا قَدْ شَاطَ نَبْضُهُ
عَلَى جُسُورِ تَلَعْثُمٍ مُتْخَمٍ بِالتَّفَتُّتِ!

يَا أَيُّهَا الْبَحْرُ الْعَارِي 
مِنْ مَوْجِكَ الْوَثَّابِ
أَلْقِ مَا بِرَحْمِ تَبَارِيحِكَ
مِنْ أَصْدَافِ مُحَالٍ 
لَمْ تَكْتَمِلْ بِمَعْبُودَتِكِ!

أَيَا سَاهِيَ الْقَلْبِ 
هَوًى.. هَوَسًا
كَمْ يَقْتَاتُكَ يَمُّ الإِسْهَابِ 
وَتَتَدَلَّهُ وَاجِفَا!

مَرَايَا عَزَاءٍ .. تَوَعَّدَتْكَ مُقَهْقِهَةً 
أَشْعَلَتْ أَدْغَالَ أَضْلُعِكَ بِالإِعْيَاءِ  
وَاسْتَنْزَفَتْ أَغَارِيدَ قَلْبِكَ النَّحِيلٍ!

لِمَ حَبَّرَتْكَ زَمَنًا بَهْلَوَانِيًّا
شَفِيفَ وَحْدَةٍ 
كَسِيفَ تَرَنُّحٍ
عَلَى حَافَّةِ مَعْقَلٍ مُعَلَّقٍ؟

القاتل/ أشرف دوس‏

شاب في الثلاثين من عمرة يعيش في احدي المحافظات الساحلية يهوى الرياضة ومن سنوات ليست بالقليلة يسعى لإيجاد عمل مناسب يحقق له احلامة حاول مرارا وتكرارا العمل سافر إلى الغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية وأجرى اختبارات ومقابلات وكان يسمع دائما المقولة المعروفة مستر احمد سوف نتصل بك وبرغم تفوقه في الدراسة وحصوله على ليسانس الحقوق بتقدير امتياز لم يجد اى فرصة للعمل والحياة . عرف عنه سوء سلوكه وخلقه، خاصة بعد إدمانه المواد المخدرة فأصبح يتجول في الطرقات ليل نهار يستغل جسده الممتلئ وطوله في ابتزاز المارة، وتهديدهم مقابل إعطائه أموالًا يشترى بها المخدرات اعتاد على التجوّل ليل نهار لقطع الطريق على المواطنين وتهديدهم أصبح يقيم بالشارع أيام وأيام “، ويعود لمنزل العائلة بين الحين والآخر ليأخذ ما يجده بحوزة والدته وشقيقته،ويعتدي عليهم بالضرب المبرح. خلافات دائمة وشجارات متتالية، تحولت حياتةإلى ما يشبه الجحيم، فمشاعر الحب التى جمعت بينهم كأسرة واحدة تبدّل حالها من سيئ إلى أسوأ، حيث تورط فى مصادقة أصحاب السوء وساءت حالته الصحية وتدهور عقله نتيجة شراهته في تعاطي الممنوعات.
أمس استغاث الأهالي وتجمع الجيران لعثورهم على جثة ، أبلغوا رجال المباحث فحضرت قوة أمنية من قسم الشرطة وعدد من رجال المباحث ينتشرون بالمكان، يتم التحفظ على احمد لمناقشته عن سبب سقوط امة، يتخبط فى أقواله وتهتز كلماته، ادعى فى البداية اختلال توازنها وسقوطها أثناء وقوفها ببلكونة الشقة، ولم يكن له يد فى وفاتها، إلا أن رجال المباحث لم يتأكدوا من صحة روايته، فتم تضييق الخناق عليه.فأسرع إلى أسفل حيث جسد أمة ملقى والدماء تسيل منه، حاول إفاقتها، قلّب جسدها في محاولة لحثها على التمسك بالحياة فلم تستجب له، وكأنها كانت تتمنى الخلاص من حياتها التي عانت فيها الكثير.

مدرسة الشيخ علي/ محمود شباط

كان حضورهُ بهيّاً كتموج بضع سنابل أخطأها موسم القحط، هو من علَّم آباءنا وعلّمنا في قرية عيحا "فَكَّ" الحرف و نَـسْـخِـهِ طبقاً لمعاييره الصارمة بأفضل وأجمل ما أمكننا، ذلك لغايةِ خمسينات وأواسطِ ستينات القرنِ الماضي.
بقيت مدرسةُ الشيخِ علي واحة التعليم اليتيمة في الضيعة، تفي بالغرض رغم اقتصار برنامجها على العربية وعمليات الحساب الأربع ،والدروس الدينية لمن يرغب، يعاونه من وقت لآخر تلميذان سابقان، إلى أن أرسلت الوزارة مُـدَرِّساً اختبر التلاميذ ووزَّعهم على الصف الأول والثاني والثالث ابتدائي، وراح يدرس الصفوف الثلاثة في غرفة واحدة في "مجلس" الضيعة، ومنذ ذلك اليوم صار لدينا مدرسة "معارف" حكومية، تلاها ربط الضيعة بشبكةِ الكهرباء و سفلتةِ الطريقِ العام المرصوفِ بالحجارة، ولاحقاً، بعد سنوات، صار لدينا شبكةُ مياهٍ وهاتف واحد في دار المختار، وبعدها تم سفلتة الأزقة الترابيةِ أو صبّها بخرسانة فقيرة.
وحين لا يتوفر العدد الكافي من التلاميذ في القرية، بسبب انشغالهم برعي الماشية أو مساعدة ذويهم بالزراعة، كان الشيخُ رحمه الله ينتقل للتعليم  في مدرسة راشيا الوادي التي كنا نعتبرها مدينة، وأهلها،سامحهم الله، يفرطون في نظرتهم إلينا كقرويين، فيلتحق بالشيخ تلاميذ من ضيعتنا، ممن يرغب، ومن يستطيع. وحيث كان أحب العبارات إلى مسامعنا حين يبدأ تساقط الثلج، وخشية من ازدياد سماكته : " أولاد عيحا إنصراف" .
هناك كانت ترتع مدرستنا العتيدة على أرضية باحة ترابية بسطح متفاوت المنسوب والاستواء، وبخشونة تعتورها صخور هنا وشجيرات وعشب هناك، تتوسط منازل "حارة الشرفه" المشرفة على جهة الغرب. 
بين البقع الداكنة الموشاة بالأخضر والبني على سلسلة الهضاب الغربية القريبة نسبياً بدت لنا بيوت تلك القرى نقاطاً سوداء غائمة متداخلة، إنما ما كان يشد انتباهنا ومخيلاتنا الطفولية أكثر هو سلسلة الجبال الأبعد من المحيدثه والرفيد والبيره والأعلى منها، إلى حيث كان يقال لنا بأن خلف تلك الجبال العالية البعيدة، الـمُـعْـتَـمِـرة غالباً غلالات ضباب في الربيع والصيف أو  غيم في الخريف والشتاء، نعيم "لبنان" وبيروت وعاليه والبحر، وكنا في الاستراحات القصيرة نجلس على صخرة نحدق بتركيز عَـرَّافَـةٍ براحة اليد صوب نهر أسود مُـتَـعَـرِّج لامع كثعبان عملاق، عرفنا لاحقاً بأنه الطريق الإسفلتي الذي يصلنا بعالم ما بعد منطقتنا الريفية الجردية، التي تعبرها الغيوم الخلبية بحملها الكاذب صيفاً، ولكنها، وللأمانة تجود في الشتاء مطراً وثلجاً.
كان شيخنا يبدو لنا عجوزاً علماً بأنه كان في منتصف العمر آنذاك، شارباه الأسودان الكثان يتداخلان مع لحيته الجليلة المنظر. وديع النظرات خفيض الصوت، نحيل بقامة أميل إلى الطول، عمامته البيضاء بارتجافة خفيفة دائمة، يلف حولها منديلاً أبيض يتدلى على الرقبة إلى أن يلامس أعلى سترته السوداء، ويرتدي سروالاً عربياً فضفاضاً أسود اللون لافاً وسطه بزنار عريض أبيض مصقول، يدس فيه نصف راحتيه أثناء وقوفه وسيره بانحناءته الخفيفة. وينتعل حذاءً جلدياً بسيط الشكل مما كان يسمى "عَكَّامِـيَّـة". 
كانت مدرستنا في "حارة الشرفه" عبارة عن غرفة طينية واحدة لجميع الصفوف، كما كانته الحال في عيحا، على مبعدة أمتار قليلة عنها غرفة مشابهة يقيم فيها الشيخ أثناء فترة التعليم فقط. وإلى أن يحضر الشيخ من سكنه للشروع في تلقيننا دروسنا اليومية كانت ترتفع أصواتنا بالمراجعة، وبعد دخوله يبدأ الأكبر بتعليم الأصغر بينما الشيخ يراقب الجميع، والجميع في رهبة من قصاص صارم حتى للصغار الذين لا يجيدون قراءة الـ "دَرَجَ.. عَرَجَ".
قرطاسيتنا البسيطة قوامها "لوح حجر" و "قلم حجر" للكتابة يسهل محوها بقطعة قماش عادية لاستخدامها مجدداً، ومقاعدنا جلود ماعز أو غنم، والجميع يشرب من قصعة ماءٍ أتذكر جيداً يوم استخدم الشيخ شكلها الدائري كي يرسم ساعة على اللوح الأسود. والحمام كل أرض بور في أسفل الحارة.
كان قصاص الشيخ يتراوح بين "فركة الأذن" والصفعة طبقاً للذنب و "لسعة" قضيب الرمَّـان و "الفَـلَـقْ". ولطالما ترك عقابه لنا أثره الإيجابي في جودة القراءة و كتابة الخط، و إيجابيته الأكبر بما تركه في نفوسنا من عظيم التقدير والإجلال له، وهو الذي طالما عُـرِفَ عنه لدى الجميع دون استثناءٍ بأنه "الحَكَمُ العادل المتفق عليه" رغم خلافات وحساسيات القرى. رحمك الله يا شيخنا في عليائك.

لعبةُ الدمى الخشبيّة/ كريم عبدالله

( لغةُ المرآيا والنصّ الفسيفسائي )
انظرْ كيفَ تحرّكها أصابعُ الساحر برشاقةٍ ألا تسمعُ مثلي طقطقة امعائها المملوءةِ بالروث ؟  انّها فعلاً تجيدُ رقصةَ ( الهجعْ )*  على أنغامِ ألحاننا المكبوتةِ , تخشى وجعَ سياطهِ على مؤخراتها المكشوفةِ , تمشي على أطرافِ مواعيدها المزيّفةِ لا تحيدُ عنْ أخطائها المرسومة , ضّيعتْ صباحاتنا الجميلة أمستْ رهينة نناغيها مِنْ بعيدٍ , حزيناً ساظلُّ ألفُّ حنيني وللستائر أبثُّها غواياتها الكثيرة . ها هي تخرجُ علينا بزينتها ياليتني لمْ أرها وهي تملأُ روحي بفايروسٍ إستعصى شفاءهُ , صفّقَ  لرقصتها اللصوص وكمْ مِنَ الدفوفِ الماجورةِ طبّلتْ تحتَ شرفاتها , لا تخدعكَ عيونها الفيروزيّة ولا خواتم العقيق , ارفعْ بصركَ قليلاً ستراها عاريةً تنحرُ الأزهارَ وتزرعُ خرافاتها في حقولِ العنبر , هذا ما فعلتهُ أغانيها النشاز في صحائفنا المشرقة , مِنْ أيّ عتمةٍ إنحدرتْ في أنهارنا تلبسُ ملابسّ النبلاء ! . انتبهْ فهذهِ الجلبةُ التي أسمعها طنينٌ فقط والنداءات مبحوحة روّجتْ كثيراً لأستغاثتنا أمامَ منصّاتِ التمثيل , رائحةُ احلامنا المغدورةِ تضمّدها لفافاتٌ عاجزة عنْ الصمتِ بوجهِ ما خلّفتهُ صناديق المرابين , أيّتها الدمى المتصابية ما بالها عيونكِ الحمقى تتخاطفُ أجسادَ العذارى ! أشمُّ رائحة مكركِ كلّما نلملمُ جراحاتِ المغدورينَ , ما أكثر الثكنات التي أقامتها موجةُ احلامنا المروّعة ! آآآآآآآآآآآآهٍ 
لو إستجمعنا أفراحنا العالقة ورجمناها في آخرِ مشهدٍ مِنْ مشاهدها النشاز دوماً !

بغداد - العراق


لعبة أردوغان المزدوجة/ جــودت هوشيار

أشرنا في مقال سابق إلى ان العملية الأرهابية التي وقعت في بلدة برسوس الكردية وذهب ضحيتها عشرات الشباب الكرد ، ربما كانت مدبرة من قبل أحد الأجهزة الخاصة التركية لأتخاذها ذريعة لأستئناف الحرب ضد حزب العمال الكردستاني . وصدق توقعنا ، فقد استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه العملية للتنصل من وعوده بأيجاد حل سلمي للقضية الكردية الملتهبة في تركيا.

السكان الكرد في تركيا وثقوا بأردوغان حين وعدهم بالسلام .وصوتوا لصالحه في الأنتخابات الرئاسية التي جرت في عام 1914 . ولكن تبين أن حزمة الأصلاحات التي وعد بها الكرد فارغة .كما أن تساهل الحكومة التركية مع تنظيم داعش في أثناء حصار مدينة كوباني الكردية البطلة في خريف العام الماضي  ، خيب آمال الكرد ،  وأزال الغشاوة عن أعين من صدّق وعوده المعسولة وكشف عن نوايا أنقرة الحقيقية .
الكرد الغاضبون أدلوا بأصواتهم في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة في حزيران الماضي لصالح حزب الشعوب الديمقراطي ، الذي حصل على 80 مقعداً في البرلمان وبدد حلم أردوغان بتعديل الدستور والحصول على صلاحيات واسعة  تحوله الى حاكم مطلق . وفقد الحزب الحاكم أغلبيته البرلمانية.
في مثل هذه الظروف ، يحاول أردوغان إعاقة تشكيل حكومة إئتلافية  واللعب بورقة التهديد الإرهابي للوطن ، على أمل  إثارة موجة من الوحدة الوطنية حول شخصه .

أردوغان يحاول إستمالة القوميين الأتراك المعارضين لأي حل سلمي للقضية الكردية في تركيا وتخويف المواطنين الأتراك من خطر قيام كيان كردي في سوريا ، ومن الخطر المزعوم الذي يشكله حزب العمال الكردستاني - الذي كان حتى الأمس شريكاً رسمياً في ( عملية السلام ) .
أردوغان يحاول إسترضاء الحلفاء الغربيين ايضاً ، ويتحدث عن محاربة داعش ، ولكن هذا مجرد سحابة دخان ومحاولة لخلط الأوراق ، لأن عدة غارات جوية وبضع مئات من المعارضين السوريين الذين تحتضنهم تركيا لا قيمة لها ولا تشكل خطراً على أقوى تنظيم إرهابي في العالم ، هذا التنظيم الذي كانت تركيا – وربما ما زالت - تقدم له شتى أنواع الدعم المادي واللوجستي .

 وبقدر تعلق الأمر بالعملية الأنتحارية في بلدة برسوس في العشرين من الشهر الفائت ، التي أودت بحياة 32 شاباً كردياً كانوا قد تطوعوا لإعادة بناء مدينة كوباني ، فأن ثمة شكوك عميقة حول   الرواية التركية عن العملية والنضليل الذي أعتادت الشرطة التركية على ممارسته ، ذلك لأنه لم يبق أي أثر لجسد الأنتحاري المزعوم القائم بالعملية ، ما عدا ما يزعم أنها  الهوية الشخصية ، التي سلمت تماماً وبأعجوبة من الحريق الهائل الذي شب عقب الأنفجار ، والأغرب من ذلك كيف تمكن هذا الأنتحاري من التسلل الى داخل البناية في حين أن الشرطة التركية كانت تطوقها وتقوم بتفتيش دقيق وشامل للداخلين اليها .
وتزعم الشرطة  - ويا للمصادفة العجيبة - إن جميع كامرات المراقبة كانت عاطلة في ذلك الوقت .
وأخيراً فأن تنظيم داعش الذي عودنا على التهليل لكل عملية أرهابية يقوم بها ، لم يتبن العملية اطلاقاً. كل هذه الدلائل تشير الى أن العملية كانت من اجل استفزاز حزب العمال الكردستاني ،  وإعطاء أنقرة ذريعة لوقف عملية السلام.
تأريخ تركيا حافلة بالمؤامرات التي حاكتها المخابرات التركية و تلاعبها بالرأي العام ، من الأبادة الجماعية للأرمن الى المذابح اليونانية في أعوام ( 1950 – 1960) .
وتدل عملية أغتيال الناشطات الكرديات الثلاث في باريس في كانون الثاني عام 1913 ، على أن الأجهزة الخاصة التركية لا تتورع عن القيام بعمليات مماثلة في قلب أوروبا .

ولكن الغرب  بدلا من شجب عمليات ( ارهاب الدولة ) من هذا القبيل هرع لدعم أنقرة في المعركة ضد حزب العمال الكردستاني .
الأعتقالات الجماعية ، القصف الجوي لما يزعم أنها معاقل لحزب العمال الكردستاني في اقليم كردستان والذي ذهب ضحيته العشرات من المدنيين العزل المسالمين من الرجال والنساء والأطفال . وملاحقة النواب الكرد بتهمة ( دعم الأرهاب ) كل هذا يثير المخاوف من العودة إلى أعوام التسعينات السوداء.
دول الأتحاد الأوروبي وبخاصة ألمانيا أعربت عن قلق عميق بصدد ما يجري في تركيا اليوم من أحداث دراماتيكية .
لا يوجد حل عسكري للقضية الكردية في تركيا وعلى انقرة استئناف الحوار والأعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الكردي، كما تفعل هي نفسها ( تركيا)  بالنسبة الى 200 ألف مواطن تركي في قبرص .


مع مارسيل خليفة في بيت الدين/ د. مصطفى يوسف اللداوي

مع مارسيل خليفة الأشيب المهاب، ذي الشعر المسترسل والصوت الأصيل، وفي حضرته دائماً، في بيروت وفي كل مكان، حيث يكون ويذهب، ويحيي حفلاته وينظم مهرجاناته، فلسطين حاضرةٌ لا تغيب، تتقدم ولا تتأخر، تسمو وتعلو، ببهائها وعظمتها، وبمكانتها وقيمتها، وبقدرها وقدسيتها، وبكبريائها الخالد ووجودها الماجد، وعشقها الآسر، بكلماتٍ لا تبلى مع الزمن، ولا تبهت مع الأيام، ولا تنساها الأجيال القديمة، ولا تلك التي ولدت مع الجرح، واستفاقت في ظل الألم، وعرفت فلسطين جريحةً تنزف، وأسيرةً تعاني، كانت فلسطين مع مارسيل تغني شعراً، وتشدو لحناً، وتسمو فوق الجراح أملاً.
فلسطين بها خليفةٌ يبدأ حفلاته، وبها ينهي وصلاته الغنائية، كالدر ينظمها، وكقطرات الندي ينثرها، وكعطر الياسمين يضوعها، لا يحتاج إلى من يذكره بها، أو يشجعه عليها، أو يطلب منه بعضها، فهي عنده حاضرةٌ كالخبز، وضرورة كالماء، ولا غنى عنها كالهواء، لا يغنيها طلباً لتصفيق الجمهور، ولا سعياً لشهرة بين الناس، ولا تميزاً له بين المغنين، بل لأنه بها يؤمن، وبعدالتها يعتقد، وبانتصارها لا يشك، فقد عاشت في صدره بين الحنايا والضلوع قضيةً مقدسة، يضحي من أجلها، ويعطي في سبيلها، ولا يتأخر في الانتصار لها دوماً، كلمةً ولحناً، وشعراً وموسيقى.
في قصر بيت الدين حضر، منتصب القامة يمشي، بهامته المرفوعة، وقامته الممدودة، وهيئته الشامخة، وقد سبقته جموعٌ كبيرة، واصطفت في القصر جماهيرٌ كثيرة، صغارٌ وكبارٌ، وكهولٌ وشيوخ، ونساءٌ ورجال، كلهم ينتظر صوته الذي عودهم أن يصدح دوماً بأغاني وطنية، وأهازيج ثورية، وموسيقى أبلغ من الكلمة، وأكثر أثراً من القصيدة، وأشد فعلاً من الرصاصة، وأبعد مدىً من الصوت، جعلت منه بحقٍ مغني الثورة، وحادي ركبها، يبث في رجالها الحماس، ويبعث بين أهلها الأمل، ويزرع في الأجيال اليقين. 
رغم أن الجمهور في أغلبه لا ينتمي إلى أحزابٍ ولا إلى قوى وطنية، ولا ينتظم في صفوف الفدائيين ولا يلتزم بتعليمات المنظمات، وقد لا يعرف أسماء بعضها ولكنه يعرف اسم فلسطين وقدسها، إلا أنه كان يموج مع الكلمات كالبحر، ويهتاج مع الألحان الوطنية كما البركان، تزين أعناق الكثيرين منهم الكوفية الفلسطينية، الحمراء والسوداء معاً، ويسبقهما علم فلسطين يرفرف في أيدي الحضور من الفلسطينيين والعرب، علمٌ لم يبلَ مع الأحداث، ولم تبهت المحنُ ألوانه، ولم تضيع المصائب بريقه، وسيبقى باقياً يرفرف رغم الخطوب، ومرفوعاً رغم المكائد والمؤامرات.
في قصر بيت الدين الذي أدخله لأول مرةٍ، رغم أنه شهيرٌ وذائع الصيت، وأحد رموز لبنان ومعالمه التاريخية والفنية، الذي أصبح بمهرجاناته الفنية علماً، يعرفه العرب جميعاً، وإليه يتجهون كل صيفٍ على مدى ثلاثين عاماً مضت، وفيه سيدٌ عربيٌ كريمٌ، يتقدم الحضور ويسبقهم، ويرحب بالزائرين ويبش في وجوههم وكأنهم ضيوفه، ويهب لملاقاتهم واستقبالهم وكأنهم في بيته، وهو الذي يزهو بالمقاومين، ويفخر بالثائرين، ويعمل أن يكون كوالده، ويجهز ولده لأن يكون من بعده كجده زعيماً، مقاوماً ثائراً، وناصراً لقضايا العرب المحقة، وجندياً في صفوف المقاتلين لأجل فلسطين، وفي سبيل استعادتها وتحريرها.
ذهبت إلى قصر بيت الدين فقط لأسمع لمارسيل خليفة وهو يغني لفلسطين وقدسها، وللعرب وأحزانهم، وللثورة ورجالها، ولأيقونة الثوار الأمميين ورموزهم، فوجئت أنني بين العرب جميعاً، من كل مكانٍ جاؤوا، ومن كل حدبٍ وصلوا، إسلاميين وقوميين، ويساريين واشتراكيين، مقيمين ومغتربين، خليطٌ من العرب عزَّ أن يجتمعوا في غير هذا المكان، أو يلتقوا في غيره، فخلافاتهم تمزقهم، ومشاكلهم تبعدهم، وهمومهم تقسي قلوبهم، ولكنهم لأجل فلسطين يأتون، وعليها يجتمعون.
أصدقاءٌ كثيرون قد وجدتهم قد سبقوني إلى القصر، سياسيون عربٌ، وأساتذةٌ مغاربة، وروادٌ توانسة، وكتابٌ مصريون، ومناضلون فلسطينيون، وثوارٌ عراقيون، ومثقفون لبنانيون، وأردنيون مقاومون، وأجانبٌ عديدون، لا يعرفون اللغة العربية، ولكنهم يفهمون موسيقاها، ويستمتعون بإيقاعاتها، وشبابٌ يافعٌ يتطلع إلى فلسطين، ويرى في مارسيل مناضلاً ثورياً، ومقاوماً أصيلاً، بصوته وفنه، وموسيقاه ولحنه، ويقينه وأمله.
صمت الجمهور وهم آلافٌ، يملأون القصر ويشغلون كل المقاعد، وسكتوا فلا تكاد تسمع لهم همساً، وقد حبست الكلمات أنفاسهم، وهم يسمعون "جواز السفر" الذي بات حلماً، و"فكر في غيرك" التي باتت مفاهيم مستحيلة، وهبوا واقفين بصوتٍ واحدٍ يرددون "منتصب القامة أمشي"، وبحزنٍ وألمٍ صمتوا لكلمات "وقفوني عالحدود"، وتمنى عليه الجمهور أن يغني "إني اخترُتك يا وطني، حُبّاً وطواعية، إني اخترتك يا وطني سِراً وعلانية"، ولكن "يا بحرية" هب لها الحضور وانتفض، وغنى معه وطرب، ولما انتهى من حفله عاد، لفلسطين عاد، ولجمهورها رجع، وغنى لها من جديد.
معاً سنعبر الجسر إلى فلسطين، سنعبره خفافاً وأبطالاً، وسنعود إليها فاتحين، وسنجتاز الحدود ونحطم القيود، ونرفع في سمائها أعلامنا من جديد، ففي فلسطين أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي، وفيها ستعود ريتا الصغيرة بعيونها العسلية وظفائرها الجميلة، ولن يوقفنا على الحدود أحدٌ، ولن يطلب منا للعبور هوية، ولن يلزمنا للمرور جواز سفر، ويومها لن نكون عارين من الانتماء، بل سيكون لنا وطن، من جبهته ينشق سيف الضياء، ومن جوفه ينبع ماء النهر، وعلى أرضه يسقط المطر. 
تحيةً فلسطينيةً إليك مارسيل، وإلى ولديك المبدعين الرائعين رامي وبشار، وإلى الكندي المتضامن جوليان، والمصري الفنان إسماعيل رجب، الذين قدموا لنا منفردين ومعاً، لوحةً فنيةً ووطنيةً رائعة، كانت فلسطين في قلبها زهرة، وتحيةً إلى سيد قصر بيت الدين وراعيه، الذي قال لي يوماً بلسانه، معلقاً على زوار القدس من العرب، الذين دخلوها تحت الاحتلال وبموافقةٍ منه، لزيارتها والصلاة في مسجدها الأقصى، "إن صلاةً في المسجد الأقصى لا تصح بغير عمرَ أو صلاح الدين".

حرق الطفل الفلسطيني علي دوابشة/ مارسيل منصور


طالعتنا الأخبار :
مستوطن يهودي قتل طفلاً فلسطينياً في حريق متعمد !!!!!

أسمعتَ؟
أسمعتَ عن الطفل البريئ؟
الذي قتلوه بنار الحريق؟
......... علي دوابشة .........

هل سمعتَ عن الطفل الرضيع؟
وحرقه المتعمد باللهب الشنيع؟
......... علي سعد دوابشة ......... 

ستة عشر شهراً من العمر
بينما كانت عيناه نائمتان ... حرقوه
وبسمة الملائكة تهيم على شفاه وجهه
قتلوه
قتلوه... برعماُ أخضر
قبل أن ينمو ويزهو ويكبر
في قرية دوما ...  نابلس ... في الضفة الغربية
هؤلاء الجناة ، من مستوطنة يهودية
في الواحد والثلاثين من يوليو أيار
في يوم الجمعة
عند مدخل القرية
بقنابل حارقة
أشعلوا النيران في منزلين
هجموا من شباك المنزل ... وأضرموا النار في بيت أبيه
وجرحوا والديه؟ وشقيقه الصغير في الرابعة من العمر
وعلي دوابشة ... الفلسطيني الرضيع
لم يبق من  أشلائه ... غير حليب وزجاجة
لم يبق شيئا
ولو حتى ... تضميد جرح بتراب شاشة
ورماد
.....

أرأيتَ؟
أرأيتَ صورالبشاعة؟
تتصدر المحطات التلفزيونية والإذاعة
وصفحات المواقع الالكترونية
تلهبها نارا جهنمية
تحفرها فى العيون الآدمية ... الرمادية
لعلها تيقظ  الضمائر البشرية
وتخرجها من دمار الصمت الأخرس
بل من ذاكرة البصيرة العمياء

هذا الطفل البريئ
سلبوا منه حق العيش والبشاشة
إجرام فظيع
حولوه إلى  رماد ... أكوام حطام ... وركام
ويل للحكام !!!!!

هل تسمع ...؟ ألآن ...
هل صدمت باللامعقول؟
أو أصبت بالذهول؟
ماذا ستفعل؟ وماذا ستقول ؟
 للرأي العام  العالمي الأصم الأبكم؟
وأي همجية صهيونية؟
وأي وحشية بربرية؟
وسكوت الحكومات العربية؟
على حرق وجود الإنسان؟
في أي مكان أو زمان؟

هؤلاء الجناة
كتبوا على الجدران بالعبرية
من "أجل الإنتقام "
حرقأ؟
لقد أحس بالطفل الحجر ..
فتألم لعذابه قبل البشر ..

المحتلون الإسرائلييون .... قتلوا الطفل الضحية
اغتالوه
أعدموه
أماتوه
سرقوا روحه عنتاً
قصفوا عمره غيظاً
أحرقوه
.....
الفلسطينيون المسلوبون
باتوا مصلوبين
لفظاعة ماسمعوه وما رؤؤه  
 رماد طفلهم لملموه
بالعلم الفلسطيني لفوّه
والكوفيّة ألبسوه
شيّعوه
ودفنوه
إلى مثواه الأخير ...
 أودعوه
... 
لكنهم أيضاً
نسوا أنهم من حضن الوطن
 قد حرموه
...
وأن العرب في السبات العميق مازالوا يتصارعون
ماذا يهم الاستيطان؟
و تبدد الأوطان؟
فالكل تعوّدعلى الهزيمة والاحتلال
والتاريخ ملوّث بالضياع والهجرة والشتات
مغموس بجرائم الحرب والطغيان
وظلم النكبة في حرب الثماني والأربعين
وآلام النكسة في حرب السبعة والستين
وتعاقب الحروب على مر السنين
وفشل مفاوضات السلام للعام الواحد والعشرين
وهيمنة الفاشية الإسرائيلية
....
فأين عدالة الضمير الإنساني الحي ؟
من الكيان الصهيوني االسقيم؟
والضعف العربي العقيم؟
...
الصهاينة الإرهابيون ينتهكون 
ويهجمون
ويقتلون
يبنون المستوطنات
يقطنون
يستقرون
على الجداريكتبون حجة "الإنتقام"
فينتقمون
ويحرقون
ويحرقون أطفال فلسطين
ويحرقون

في القدس... كيف نخرج من مأزقنا؟/ راسم عبيدات

 رغم كل حالة الصمود التي يبديها المقدسيون،فالواقع يقول بأن ما يملكونه من طاقة وإرادة وإمكانيات كبيرة جداً،ولكن هذا ليس بالكافي لمنع تقدم وتمدد المشروع الصهيوني في المدينة،فهناك دولة إستيطانية تزج بكل طاقاتها وإمكانياتها  لتهويد المدينة وأسرلتها،وأيضاً يجري العمل والتنسيق والتعاون بين مختلف الأجهزة والقطاعات والمستويات الصهيونية رسمية وغير رسمية،لتحقيق ما تصبوا إليه من أهداف في التهويد والأسرلة،ودلالة ذلك بأننا كل يوم نصحو على وقائع جديدة تفرض بالقوة وبالعمل في أرض الواقع،حيث التغيير يطال ويستهدف كل معالم الوجود العربي الإسلامي في المدينة،بكل ظواهره ومظاهره وتجلياته،للوصول الى حالة من نفي الوجود العربي – الإسلامي في المدينة،في أبشع وأحقر عملية للسطو على التاريخ وتزويره.

وصغيرنا قبل كبيرنا في القدس أصبح خبيراً ومحللاً فيما تتعرض له القدس من حرب شاملة يشنها المحتل على المقدسيين،وكذلك لا داعي لكي "نجتر" نفس الحديث عن أزمة السلطة وقصورها وعدم قيامها بدورها و وتحمل مسؤولياتها في المدينة،وحتى الغياب عن اجنداتها،ولا داعي أيضاً بأن نستمر في مطالبة ومناشدة العرب والمسلمين بأن يقفوا الى جانبنا أو يعملوا على دعمنا بالمال والإعلام والسياسة والموقف،فقرارهم وإرادتهم خارج سيطرتهم،ولا احد مهم يستطيع ان يدفع قرش واحد بدون قرار أمريكي- اوروبي- اسرائيلي ،حتى لو كان على شكل وجبة غذائية في شهر رمضان،فعلى سبيل المثال لا الحصر تصريح إدخال الوجبات من قبل هيئة الأعمال الإماراتية الى الأقصى في شهر رمضان كان من وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب،تحت عنوان إدخال الوجبات الى (هار هبيت) يعني جبل الهيكل،وعلى هذا المنوال يجري القياس،حيث تجد الخلاف بين أكثر من جهة وهيئة فيما يتعلق بمحاولة فرض السيطرة أو الموقف في قضية المسجد الأقصى.

ولنبتعد عن النمطية في الكلام وترداد نفس الإسطوانات والندب والبكاء،ولنفكر بشكل جماعي بحلول خلاقة تخرج عن إطار النمطية والرتابة فالأزمة غير العادية تحتاج الى حلول غير عادية ومن نمط خاص،ولنوقف الجدل والنقاش وطرح الحلول والمقترحات حول توحيد العناوين والمرجعيات في المدينة،فهذه مسألة معقدة ومرتبطة بمصالح واجندات لأكثر من طرف وجهة،وأصبح الحديث فيها يدمي القلب،فالإرادة السياسية عند المنظمة والسلطة وحتى الأحزاب والفصائل غير متوفرة،ولذلك الحل يجب ان يتاتى من المقدسيين أنفسهم،فخلق وإيجاد المرجعية والعنوان المقدسي الواحد فيما يتعلق بهمومهم الإقتصادية والإجتماعية،يكون من خلال هيئة  علنية يتمثل فيها أوسع طيف مقدسي سياسي وطني مجتمعي مؤسساتي،يناط به رسم استراتيجيات ووضع خطط وبرامج وآليات يجري اشتقاقها من تلك الخطط والبرامج لكيفية حماية وتعزيز صمود ووجود المقدسيين في المدينة،بحيث يجري طرح ورقة موقف من القضايا المركزية من طراز علاقة المقدسيين ببلدية الإحتلال،وكيفية حصول المقدسيين على حقوقهم وتلقيهم لخدمات مقابل ما يجبى منهم قسرياً من ضرائب متعددة الأشكال والعناوين،وبالذات ضريبة "الأرنونا" المسقفات،قضية التعليم في مدارس القدس،فالمظلات التعليمية متعددة،ولكن ما هو واضح بأن العملية التعليمية والسيطرة عليها تحسم لمصلحة الإحتلال،فنحن نجد تمدد في التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي،ناهيك عن إزدياد عدد الطلبة المقدسيين الملتحقين ب"البجروت" الإسرائيلي،والأخطر بأننا حتى اللحظة لا نمتلك رؤيا او حلول او مواقف،لا على مستوى سلطة او احزاب او وزارة تربية وتعليم،حول توجه أغلب المدارس الأهلية والخاصة لتلقي اموال من بلدية الإحتلال،فالبعض يبرر هذا حق لنا بإسترجاع اموالنا من بلدية الإحتلال..؟؟،ورأي قوي يقول بأن هذا يشكل إختراق مالي له ثمن على صعيد الموقف والمنهاج والعملية التعليمية،وبالتالي هذه المدارس تصبح تحت سيطرة بلدية الإحتلال ودائرة معارفها،وبما يجعلها تتماهى مع المدارس الحكومية،اللهم الفروقات بأن هذه المدارس تأخذ أقساط مرتفعة من الطلبة،وتتلقى مساعدات مالية من البلدية.

هنا لا توجد استراتيجية ولا رؤيا ولا حتى موقف،ومع بداية كل عام دراسي نجد أنفسنا أمام حالة من الضياع و"التوهان".

قضية السلم الأهلي والمجتمعي في المدينة وتفكك النسيج الإجتماعي،غياب المرجعية والعنوان واضحة هنا،وهنا يجب التاكيد بأن أي هيئة أو مرجعية شعبية مقدسية يجري التوافق عليها مقدسياً،يجب ان تفرد حيزاً كبيراً لهذا الجانب من خلال لجنة منضوية تحت مسؤوليتها،بحيث يجب العمل بشكل حثيث لمنع تكريس العشائرية والجهوية والطائفية،وأن تكون الحلول للمشاكل والقضايا وفق رؤيا وطنية تعزز من مفهوم المواطنة والإنتماء الوطني.

قضايا السكن والإسكان،هي واحدة من القضايا المركزية في تعزيز الوجود والصمود المقدسي في المدينة،والإحتلال يمارس ويضع الكثير من العراقيل والمعيقات أمام المقدسيين على صعيد الحصول على الرخصة والكلفة العالية للحصول عليها،وعدم توفر الأراضي لإقامة أبنية أفقية،وكل الدراسات التي أنتجتها أو طرحتها المؤسسات واللجان والإتحادات التي تعني بالإسكان تتحدث عن أزمة عميقة وحاجة كبيرة للإسكان،حيث أننا بحاجة الى (40000) وحدة سكنية في السنوات الخمس القادمة،وفي دراسة قام بها الإتحاد التعاوني للإسكان في القدس، قال أنه بالإمكان الحصول على رخص وإقامة إسكانات عليها،اذا ما جرى تعاون ما بين المواطنين المقدسيين،والبنوك الفلسطينية التي ترفض تقديم أية تسهيلات للمواطنين المقدسيين،رغم ان الجهات الداعمة تضخ الأموال عندها،وتعمل على خلق إحتكارات او شركات يكون أعضائها مكون رئيسي فيها لإستغلال هذه الأموال لمصلحتهم ومنفعتهم وليس لمصلحة ومنفعة المواطنين المقدسيين،وكذلك عجز السلطة والمنظمة والأحزاب عن وضع حلول عملية في هذا الجانب،يفاقم من ازمة المواطن المقدسي ويزيد من حالة غضبه ويأسه وعدم ثقته بكل ما هو قائم.

الخروج من الأزمة يحتاج الى وقفة جريئة وقرارات جريئة بعيداً عن المصالح والأجندات الخاصة،فأهل مكة أدرى بشعابها،ولا يجوز ان يبقى المواطن المقدسي أسير لمزاجية هذا المسؤول او ذاك،او ما يخدم مصلحته واجندته،فالمقدسيون عليهم أخذ زمام امورهم بأيديهم،ولا مناص من تشكل لجنة او جسم مقدسي علني شعبي،يقود كل نضالاتهم المطلبية والمجتمعية،ويعالج كل قضاياهم ومشاكلهم اليومية والحياتية،ويرسم الإستراتيجيات ويضع الخطط والبرامج،والأليات العملية لكيفية تنفيذها في أرض الواقع،بما يحافظ على حقوق المقدسيين ويثبت وجودهم،ويدافع عن انتمائهم وهويتهم الوطنية.


سيد قطب وظلاله/ محمد رفعت الدومي

قبل أعوام قليلة شاهدت المفكر السعودي "محمد سعيد طيب" علي قناة LBC يتحدث إلي "أحمد عدنان" مؤلف كتاب "السجين 32، أحلام محمد سعيد طيب وهزائمه"، حتي ذلك الوقت لم أكن أتصور أن في السعودية ليبراليين إلي هذا الحد؛ ولا أن ناصرياً يحمل كل ذلك التبجيل للشيخ "سيد قطب"، قال:

- عندما قرأت في السجن كتاب "في ظلال القرآن" كدتُ أن أقع في شراك "سيد قطب"!

ما زلت أتذكر اعترافه علي نحو واضح لأنه أثار في ذاكرتي ركناً مهجورًا، أنا أيضًا مررت بالاختبار نفسه عند قراءة الظلال تحديدًا، ولولا يقيني الذي كان آنذاك قد اكتمل بأن القيم الكبري ستواصل الزحف علي القيم الصغري حتي ابتلاعها كاملة لسقطتُ في الشراك نفسها!

وأثناء عام "د. مرسي" وقبله وحتي الآن يضغط إعلام العسكر بقسوة علي عباراتٍ بعينها وردت في الظلال، مثل: 

(ما الوطن إلا حفنة تراب عفنة)

(الوطن وأهله مجرد كلأ ومرعى وقطيع وسياج)

ولقد وقف "قطب" علي جذور قناعته هذه وثبَّتها في "معالم في الطريق"، وبصرف النظر عن صخب العوام، هي قناعة سابقة لأوانها بالقدر الذي يكفي للحكم عليه كأحد المفردات الإنسانية الشرقية التي ساهمت في التأسيس لفكر عالمي جديد علي أنقاض محاولات الأولين المزدحمة بشوائب المدرسية وعبادة الآباء!

غير أنه لم يكن رائد هذا الكلام، فلقد لمس قبله هذا المعني فلاسفة كثر، ورهبان الزن اليابانيون، أشد المفكرين بساطة علي الإطلاق، وأشهر ما قالوا في هذا المعني: 

(خلعتُ ثوب الأنا وأصبحت العالم الفسيح) 

لقد هيَّجوا بلغتهم الخاصة قضية كبري، حتي عندما وضعوا تعريفا لـ "بوذا" وصفوه بـ " السروة في حوش الدار"، فهو موجود في كل مكان كشجرة السرو في حوش الدار..

ولمسه العرب أيضاً في أشعارهم:

شَرِّق وغرِّبْ تجدْ عن مُعْرِضٍ بدلاً / فالأرضُ من تربةٍ .. والناس من رجل

وأنت برأيك، لماذا يقدس الإنسان سجناً لأنه فقط ولد فيه بالصدفة؟! 

هل الحياة طويلة إلي هذا الحد ليقدس الإنسان الحياة في أوصال أرض ينفق عمره فيها عبداً لإقطاعيين يسرقون حقوقه وحريته في وضح النهار؟! 

إن الوطن محله الحذاء الذي يقف علي أرض للجميع بالتساوي، فكر، ليس العقل وحمة أو مجرد زائدة لحمية لتعطيله والسماح للمنتفعين بالتجول فيه بأحذيتهم القذرة، نعم، ما الوطن إلا حفنة تراب عفنة، يا لها من ومضة فكرية بالنظر إلي الزمان الذي ولدت فيه وإلي المكان تحرض الدهشة علي الإشعاع، لا يمكن أن تصدر إلا عن مثقف بلغ من وضوح الرؤية مرتفعات شاهقة لا يطالها حتي الفلاسفة، لذلك، اتهم "عبد الرحمن بدوي" رابعة العدوية" بالشطح الصوفي لأنها وصفت الكعبة بـ "الصنم المعبود في الأرض، وإنه ما ولجه الله ولا خلا منه"، غير أنه اعترف بأن معاني كلامها لم تتكشف بوضوح إلا ابتداءًا من "الحلاج"!  

الغريب أن الإمام "أحمد بن تيمية" في واحدة من المرات القليلة التي تحلي فيها بسعة الصدر هو من نزه "رابعة" عن نسبة هذا التصريح إليها كما فهم من ظاهره، وبرره بأن المسلمين لا يعبدون الكعبة، وإنما يعبدون الله بالطواف حولها!

ولسنا بحاجة إلي كلام "ابن تيمية" لندرك أن كلام "رابعة" يحتاج فقط إلي نظرة إسكاتولوجية لإدراك مراميه، فهي بالتأكيد لم تقصد ما فهم العوام من كلامها، ولا "الحلاج" عندما قال: "ما في الجبة إلا الله" كان يقصد ما فهم أصحاب الحد الأدني، ولا "ابن عربي" كان يقصد ما فهم المتلقون من أبياته:

لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورة ٍ/ فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ

وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبة ُ طائفٍ / وألواحُ توراة ٍ ومصحفُ قرآنِ

أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ / رَكائِبُهُ .. فالحُبُّ ديني وإيماني

فما من شك أن القلائل جدًا بلغوا المطلق عقب رياضة عسيرة للنفس، "سيد قطب" أحدهم، لكن الفرق بين مطلق "رابعة" و "الحلاج" و" بن عربي" وبين مطلق "سيد قطب" هو طريقة التحليق في المطلق، ذلك أن مطلق "رابعة" ومن يشبهونها شديد السلبية يدعو إلي الانسحاب من الحياة، بوحدة الشهود، والفناء في ذات الحبيب، بينما مطلق "سيد قطب" مطلق إيجابي يحرض علي الاشتباك مع الحياة بخشونة في سبيل الحبيب والحياة معًا!

معروف أن "قطب" كان واحداً من شعراء "أبوللو" المطبوعين تعيسي الحظ في الوقت نفسه، معروف أيضًا أنه كان من أوائل من انتبهوا للوعد الذي يحمله قلم "نجيب محفوظ"، لذلك، هو عندما انتسب إلي الجماعة لم يكن محتاجًا إلي مطلق يتحرك من خلاله، فهو قادم إليها من مطلق الشاعر، لذلك، من المنطقيِّ أن يستوعب فكرة "حسن البنا" أكثر من "حسن البنا" نفسه!

الأسرة هي الحجر الذي بني عليه "البنا" فكرته، ونظرة عابرة، من الخارج حتي، تكفي للحكم عليها بأنها فكرة صالحة للتحقق، ولقد تحققت فعلاً، وفي أكثر من مجتمع، لأسباب عدة، أهمها هو أن الجماعة هي البديل الوحيد للكابوس العسكري المزمن الذي يلتحق كالأفكار السوداء بنوم المصريين والتونسيين والليبيين ومن قبلهم الأتراك، لكن الوصول إلي سدة الحكم شئ والحفاظ عليه، لا أقول الزحف إلي الأمام، شئ آخر، فالعالم كريه بشكل أعمق مما كان يتصور "البنا"، لذلك، لا يمكن لفكرته أن تتمدد ما لم يكن لها عضلات صلبة تحميها، كالفكرة الإيرانية، كما أن هناك عوائق دقيقة تناستِ الفكرة وضع حلول للقفز فوقها، أقلها خطرًا أن "البنا" لم يتوقع "صفوت الخرباوي" مثلا، شخص ينتمي لبعض الوقت إلي الجماعة ثم عند أول فرصة يتخذ من رجمها "سبوبة"، إن للخسة عادةً أخلاقا!

الأخطر أن الفكرة رحمٌ صالحٌ لولادة "الجيتو"، "جيتو" ذهني علي كل حال، وضَّحتُ هذا في كلام قديم تحت عنوان "السيسي.. والرقص في درجة الغليان"، وأزعم أن ثقافة "الجيتو" هي خاصرة الجماعة الرخوة، كما أزعم أن الإخوان لو أدركوا أن خارج الجماعة أيضًا أنقياء لبلغوا الدرب، لو احترموا قوس قزح، لو صدقوا أن تجسيد شخصية "ياسر برهامي" لا يحتاج أكثر من قول الشاعر:

شمِّرْ قميصَكَ إنْ أردتَ ولايةً / واحْككْ جبينَكَ للقضاءِ بثوم

مع ذلك، لقد انتهت صلاحية الفكرة مؤقتاً، وأصبح الحديث الآن عن الخلافة حديثاً ضارَّاً، وإن موجة من الشك تضرب الآن عقلي في أن الهدف من ثورات الربيع كان ضرب الظاهرة الإسلامية في الصميم لا تحرير الشعوب، كل ما حدث بعد ذلك يرجح هذا الشك، لا يمكن أن يكون الغرب يكترث لآلامنا المزمنة إلي هذا الحد، وعليه، يجب أن ينسحب الحديث عن الخلافة إلي أطراف لهجة الإسلاميين، مؤقتاً علي الأقل، وأن ينتقل الحديث عن الحريات إلي المركز..

الغريب أن الإخوان لا يفهمون الحدوث العميقة لفكرة "البنا"، وما زالوا يرددون أن الجماعة دعوية وهذا خطأ، فالجماعة ثورية لسبب بسيط، ذلك أن الدعوة تنتهي بقول الداعية: "اللهم بلغت.. اللهم فاشهد"، لا يحدق الداعية النظر إلي الأمام، فما معني "أستاذية العالم" إذاً؟

وبمناسبة "أستاذية العالم"، ضغطت جوقة العسكر علي ماسونية المصطلح، ولا أنفي ذلك بل أؤكده، لكن، هل يعني هذا أن الجماعة ماسونية؟

يقول "حافظ إبراهيم": 

الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى / شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ

لقد كان مصطلحاً شائعًا تجده بسهولة في كل ما ترك كتاب تلك الفترة، كتابات الذين اقتربوا من "جمال الدين الأفغاني" خاصة، وهذا التأثير والتأثر شائع جداً في كل مكان، علي سبيل المثال: 

في التسعينيات كان هناك برنامج يومي يقدمه المذيع "أحمد مختار" لا أتذكر أن حلقة من حلقات البرنامج خلت من ضيف يردد جملة: 

(الكومبيوتر لغة العصر)

عمومًا ينفي هذه التهمة عن الجماعة إخلاصها في قتال اليهود الذين لم تعمل الماسونية يومًا إلا علي تجذيرهم في فلسطين!

يتحرك الإخوان بلا منطق، لذلك، وبعد عامين من اندلاع المعركة ما زالوا مجرد رد فعل، مكاسبهم ناجمة عن الصراع بين أجنحة الانقلاب، وهي مكاسب ضحلة، خدوش سطحية في المكونات الصلبة للنظام يكفي لالتئامها كذبة ككذبة (قناة السويس)، وماكينة أكاذيب النظام وتر مشدود لصناعة المزيد من الأكاذيب المؤجلة، وانتظروا عما قليل من فقدان كذبة القناة بريقها صناعة كذبة "محطة الضبعة" ودخول مصر النادي النووي!

وأقسم، لو أن لمديري معركة الجماعة قدرًا من الذكاء يوازي عُشْر تضحيات قواعدهم لما صمد الانقلاب أكثر من ثلاثة أشهر، لقد كانوا يوم 25 يناير الماضي علي مشارف مشهد جديد لولا الجزر غير المبرر لأسباب غامضة، عندما اعتبرهم العالم لأول مرة طرفاً، هل كانوا يظنون أن ثمة حرية بدون تضحيات كبيرة؟

لا يمكن أن نتجاوز هنا دور مرتزقة الثورة، فمن الخطأ اختزال مفردة "المرتزقة" علي الذين يؤجرون أنفسهم لمن يدفع في الحروب، إنهم حولنا في كل مكان، في السياسة وفي الطب وفي الثقافة وفي كل مهنة عرفها الإنسان! 

مفردات بشرية وفدوا مباشرة من الظل دون تجارب سياسية إلي المقدمة، وجدوا أنفسهم فجأة أرقامًا صعبة، تحت طائلة الأضواء المبهرة، كل ما يلزم أحدهم للبقاء في قبضة الضوء تصريح عقب كل هزيمة تلحق بقواعدهم، أو رهائنهم عند العسكر علي وجه الدقة، ويبدو أنهم استراحوا لهذا الوضع!

وسدًا لثغرة من الممكن أن ينفذ منها قائل: 

- لماذا يطالب الإخوان وحدهم باستعادة الحرية؟ 

لأنهم، ببساطة، قلب المعركة وأصحاب الحق وأولياء الدم الذي سال مجاناً وصارت أطرافه نعيق البوم، ومما لا شك فيه أن الآخرين، عند اتزان المعركة، أو انتصافها، سوف يتسللون من حوافها إلي القلب، ليس العنف بالضرورة، يكفي أن يكسروا حاجز الخوف فقط!

ويجب أولا أن يستوعب الإخوان المسلمون أن لا أحد غير المصريين بإمكانه أن يعيد الأمور إلي نصابها، لا السعودية ولا قطر ولا تركيا ولا الغرب، وأن الغرب يدرك تمامًا أن حكم العسكر صار "إكسباير" وهو عاكفٌ الآن علي تصميم سيناريو ما بعد العسكر بمعاييره الخاصة، لكن السؤال المتطلب هو: 

- متي يتدخل الغرب؟ 

والإجابة صادمة وملتبسة، وهي: 

- عندما يتفضل "نادر بكار" بإنهاء منحته الدراسية في "هارفارد"، أو ينتهي من مراقبة بعض أيقونات الثورة هناك والتلصص علي مخططات الجامعة لوجه مصر القادم!

حتي يجئ ذلك الوقت، تري كم من الأحلام سوف تحترق؟

الأحداث العظيمة لا تولد من تلقائها، ولا تولد في الألفة، و "هارفارد" رحم صالح لولادة حدث عظيم، لماذا "هارفارد"؟ الجواب في عهدة هذه المعلومة التاريخية:

عند تأسيس "هارفارد" عام 1636 كانت اللغة العبرية هي اللغة الرسمية للدراسة، كما حملت أول رسالة دكتوراة نوقشت في الجامعة عنوان:

"اللغة العبرية هي اللغة الأم"!

كان "طلحة بن عبيد الله" أحد الستة الذين اقترحهم "عمر" لخلافته غائبًا عندما تمت البيعة لـ "عثمان"، وعندما عاد إلى المدينة قال علي عهدة صاحب العقد الفريد: 

- أعلى مثلى يُفتات؟!

بالمصرية:

- أنا ينطبخ فوق راسي الطبيخ؟!

وهذا تمامًا حال الإخوان المسلمين، مع ذلك، ما زال أمامهم متسع من الوقت لكبح المخطط، ويستطيعون!