قناة الجزيرة :بدات خارج سياق الانظمة العربية وما تزال/ خليل الوافي
انها خمسة عشرسنة من الانجاز الاعلامي المتميز والمنفرد في الصيغة والتداول. الذي احرج اكثر من دولة عربية واجنبية .وشعر المواطن العربي بالصدمة المعرفية .ومدى جراة الاعلام الجديد الذي يطل علينا من عاصمة قطر .وتبث للعالم صورة مغايرة عما يجري في العالم بقراءات وتحليلات تمس الواقع العربي في الصميم .واحدتث فجوة عميقة في تهديم تقاليد الاعلام العربي المهترىء والمتحجر الذي ينحصر في متابعة ما تفعله الانظمة .وتضخم من مصطلحاتها الفضفاضة في تدعيم وارساء خريطة السلطة في تعاطيها مع الشان المحلي الذي ساءم من هذا الخطاب الاعلامي المتجاوز تاريخيا .والصورة المقنعة التي تضع المشاهد العربي في خانة المستهلك لبضاعة محلية رخيصة .لا ترقى الى طموحات الشعوب التي ظلت لسنوات مقيدة ومحاصرة تحت وطاة اعلام يخدم اهداف النظم الحاكمة .وتقويض دور الاعلام في طريقه الصحيح في التنمية و الوعي الثقافي ...
وجاءت قناة الجزيرة كخطوة مسبوقة في الاعلام العربي .ولم يصدق احد هذا التحول في بنية الخطاب الاعلامي العربي .واصبحنا امام قناة فضائية تنبش في المسكوت عنه .وتتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعت لخدمة مصالح النظام العربي الذي كان ومايزال يتحكم في وسائل الاعلام الموجودة .ويراقبتها بدقة متناهية .ولا يسمح بتجاوزات تراها الانظمة تهدد استقرارها وبقائها على هرم السلطة .وهذه الحدود تعد ممكنة في ظل نقل مباشر وحي للاحداث دون اللجوء الى قنوات فضائية غربية تحاول من جهتها ان ترصد ما يخدم مصالحها .ودعايتها في اعطاء صورة مشوهة عن صورة العربي وانظمة قمعية .التي لا تحترم حقوق الانسان .ولاتعترف بمبادىء الديمقراطية .شانها في ذلك استغلال المصدر الوحيد للمعلومة التي تبث عبر الاعلام العربي دون ان يعي ان الامور تسير في خط اعلام وحشي وفتاك بالعقول .والذي يخدم نوايا الغرب .واضعاف دور الاعلام العربي الذي يتخبط في الانقسامات والصراعات على السلطة والحكم وهذا الاعلام الذي يظل مغيبا ومعدوما في كثير من الحالات التي احبطت المشاهد العربي .ولم يعد يثق في اعلام ايديولوجي رسمي .يضع المتاريس عن اي تسرب لمعلومات عن جهات او احداث لا يراد لها ان تكون في متناول كل مواطن عربي الذي يتعطش لمعرفة ما يجري حوله وبعيون عربية وليس بعدسات الاجنبي المستلب
اطلت علينا قناة الجزيرة .وقد احدتث ذلك الشرخ الواسع الذي اصاب العقل العربي بالذهول والدهشة .وتساؤل في قرارة نفسه .وهل نحن فعلا امام اعلام حر ذا استقلالية كاملة في نقل الخبر .ونجحت الفضائية في الدوحة تصحيح صورة الاعلام العربي .وبدات تشوش على الاعلام الغربي .وتفضح خططه الرامية في اختزال المشهد الاعلامي في يد جهة تسوق ما تراه صالحا لها .وتترك ما يمكن ان يفسد عليها احتكارها المفرط لهذا الاعلام الخطير الذي يستعمل احيانا في اغراض تحريضية لصالح مجموعة ضد اخرى ..
وعانت الجزيرة صعوبات جمة ومضايقات مغرضة .وشنت عليها حرب عشواء في تغطياتها لحرب العراق ولبنان وفي حرب افغانستان والحرب على غزة .وقصف مكاتبها وتعرضها للسرقة والاتلاف .وقتل مراسليها .واقفلت مكاتبها في اكثر من عاصمة عربية وغربية .وهذه المعطيات اعطت لادارة القناة اصرارا للاستمراية والتفرد .والتميزغير المسبوق في التاريخ الاعلامي العربي والدولي الذي بدا ينافس كبريات الوكالات الاعلامية في امريكا وبريطانيا وفرنسا .واعطى زخما للسير باعلام يحترم عقل المواطن العربي .ويقدر مدى طموحات فئات واسعة من المجتمع في طي صفحة اعلام رسمي احتكاري وقطبي .يخدم مصالح الحزب الواحد والنظام الواحد .والمؤسسات المعزولة عن واقع الشعب .وعلى حساب الضمير العربي الذي يطمح اليه كل شاب ومتتبع الذي يبرهن على نضج اليات التعامل مع هذا الاعلام الجديد .الذي غير خريطة المشهد الاخباري والمعلوماتي .ويصبح في متناول الجميع.وتصمد الفضائية في وجه العاصفة الشرسة التي شكلت ضيقا وحرجا للادارة الامريكية في اكثر من مناسبة .وهذا التوجه الانتقالي في صناعة الخبر الاعلامي في الوطن العربي ما يزال يحتاج الى مزيدا من التطور والتنازلات .وفتح قنوات المبادرة العربية واقناعها بلعب دور حاسم واساسي في تغيير المفاهيم والعقليات للوصول الى صورة اعلامية شفافة ومستقلة لا تخدم اية جهة كيف ما كان نوعها وسلطتها في نقل المعلومة الحقيقية حول ما يجري في مكان ما من هذا العالم
ورغم المضايقات التي تعرضت لها الجزيرة وما تزال تتعرض لها .والتي افرزت خصوما تقليديين باتوا معروفين .وهذا المسار الذي دشنته الجزيرة لا بد ان يظل راسخا ومستمرا في نهجه الاصلاحي رغم امتعاض الطرف الاخر الذي لا يؤمن بالراي الاخر في طرح القضايا المشتركة التي تخص الامة العرية والاسلامية
وفي ظل المازق العربي حيال الاوضاع الجديدة التي خيمت على ثورة الربيع العربي .وما تمخض عنه من تغير في سياسات العربية .فلابد من وضع تصورات جديدة تخص قناة الجزيرة التي عرفت لحظات مد وجزر .والتشكيك في منطلقاتها والجهات الداعمة لها .وعن مصداقيتها في نقل الخبر .ورغم الاستقالات التي حصلت في شهر ماي الماضي وتغيير ادارة الجزيرة .فان المعطيات الواردة من الدوحة وما نقلته خلال الاشهر الاخيرة ينم عن تحولات نوعية سرعان ما اتجهت في توسيع هامش الحرية .وافاق الوعي والفهم في سياسة القناة حول ما يجري من حولها من احداث متشاركة تتطلب مهارة متميزة وتقنيات حديثة في توصيل المعلومة.وتغيير من مفاهيم واليات الطرح الاعلامي للاحداث الاتية بصورة متقدمة في الحصول على الخبر.وامتداد ه.وعدم التشكيك في مصداقيته.وتضارب الاخبار حول صحة الخبر ونفيه.وهذا يضر بالتوجه الاعلامي الذي دابت عليه القناة منذ اول بث لها في فاتح نوفمبر 1996.
وامام هذه الاستحفافات التي حركت الوعي العربي.وانططقت تدشن مراحل متفدمة في البحت عن الحقيقة الضائعة في المشهد الاعلامي الموصود من جهات ترى فيه خرقا سافرا في سياسات الاخر.التي تعمد على تزوير الحقائق.وحجبها على المشاهد العربي الذي لم يعد يتحمل هذا الكم الهائل من التعتيم الممنهج في حصول المواطن العربي.واحقته في فهم واستيعاب ما يجري من حوله من خلال عيون عربية صادقة .تعتمد على القيم الحضارية والانسانية .بعيدا عن منطلقات ذاتية او نفعية.بقدر ماهي تحاول جاهدة .رصد الخبر بامان ليصل الى المستهلك العربي الذي يحاول ان يستصيغ هذه التحولات الجذرية التي دابت عليها قناة الجزيرة في اعطاء الفرصة للجميع سواء لهذا الراي وللراي الاخر لتلتمل الصورة والحقيقة عند كل مشاهد في العالم .ويبقى المشاهد هو الحكم الاخير في فهم ما يجري من حوله .ومدى تجاوبه مع ما يقدم له تحت غطاء يحاول ان يكون نزيها في معالجة الخبر من مصدره الحقيقي..
الجزيرة تبحت عن كسب التاكيد الشعبي.والجماهيري.وقد كان لها ذلك .وتلقت عداوة مع الحكومات العربية التي لم تقبل هذا الانفتاح الذي يضر بمصالحها الاسراتيجية.وفضح مخططاتها الرامية الى فرض اعلام الجهل والامية على الشعوب.
وقناة الجزيرة لايمكن ان تحارب لوحدها امام تبارات الجمود.وافشال كل المحولات التي تحاول ان ترقى بمستوى المواطن العربي.وتفتح افاق واسعة لنهضة الشعوب والامم.وعلى هذا الاساس لابد ان يتحرك الاعلام العربي الحكومي منه والحر في الانخراط ضمن مسلسل الاصلاحات العميقة في المشهد الاعلامي العربي.ويتماشىمع ثورة الربيع العربي .و ما يفرزه الواقع العربي من تحركات تاريخية .تغير ملامح المرحلة القادمة من وطننا العربي الكبير الذي يزخر بالطافات الواعدة التي تنتظر فرصتها للاندماج في ركب التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .واعطاء .صورة متقدمة عن الوعي الاعلامي الجديدالذي يحلم به كل فرد من هها المجتمع العربي الذي يفاجىء العالم بتصميمه الدؤوب من اجل التغيير.
khalil-louafi@hotmail.com.
0 comments:
إرسال تعليق