الأعراس في ثقافتنا الشعبيّة عادات وتقاليد مِن أيّام زمان/ د. عصام الحوراني

يُقال أعرس الشّيء أي لزِمه وألِفه. والعرس، بحسب القاموس أيضًا: امرأة الرّجل، وعرسُ المرأة رجُلُها. وعَرَس عَرْسًا، أي أقام في الفرح. ثمّ صار العرس يُفيد الاحتفال بالزّواج وإعلانه، ويُطلق على العُرس في بلادنا اسم "الفرح"، ويُسمّونه في عدد مِن البلاد العربيّة وبخاصّة في مصر "الدُّخلة".
العرس هو نهاية المطاف في عمليّة الزّواج التي قد تستغرق أيّامًا وشهورًا، أو ربّما سنوات. فالتحضير للعرس قد يحتاج إلى وقت طويل. وكلّما تقدّم طالب الزّواج في العمر، كلّما صار أمرُ زواجه أكثرَ تعقيدًا، ولا سيّما في عصرنا هذا، ذلك أنّ الحياة صارت تتطلّب أشياءَ كثيرة مِن مسكن، وملبس، ومأكل، ومشرب، وغيرها من وسائل النقل والاتِّصال. تعقّدت الأمور مع تعقُّد المجتمعات، التي صارت تراعي بتعقيد مُمِلٍّ، كثيرًا من المظاهر الاجتماعيّة الفارغة. هذه المظاهر التي أخذت تكتسي أثوابًا مِن الرّفاهيّة والغيْرة والحسد، بالإضافة إلى تسرّب مظاهر المجتمعات الأجنبيّة إلى بلادنا، وقد عمل عدد مِن أفراد الطبقة العليا على الأخذ بها والسير على خطاهم، وهكذا لحق بهم الناس مع تطوّر الزّمن. أمّا في الزّمن الماضي فكانت القناعة هي السّائدة في الأوساط الشّعبيّة. وكانت أمور الزّواج تُعالج بحسب القول المأثور: "يللي مِتلْنا تعا لَعِنّا"، وكانت المسائل تتمّ بالرِّضى والكفاية المعقولة وبحسب المتيسِّر.   
مسألة انتقاء العروس مهمّة جدًّا، فهي مرحلة بحث وتدقيق، وعلى أساسها تبنى سعادة الزّوجين، أو شقاؤهما في ما بعد. وتختلف العادات والتقاليد في أمر انتقاء العروس، باختلاف المناطق والمقامات الاجتماعيّة والطّبقيّة والطّائفيّة. فلبنان بخاصّة وبلاد الشام بعامّة هي بلاد الأُسَر المتنوِّعة حَسَبًا ونسَبًا. نرى هذا التفاوت الاجتماعيّ في كلّ قرية وفي كلّ  دسكرة. فكلمة "المجاويز" كانت حتّى عصر ليس بالبعيد على كلّ شفة ولسان في هذه الأوساط التقليديّة المغلقة، فكنتَ تسمعهم يقولون: هذا مِن "مجاويزنا" والآخر لا ينتمي إلى نسَبنا أو إلى طبقتنا.وكَمْ يُروى عن أشخاص كانوا ينتمون إلى أُسَر عريقة بحسب الترتيب الطبقيّ والاجتماعيّ المعمول به يومذاك، أبوا أن يُزوِّجوا بناتهم شبّانًا أغنياء مثقّفين، على الرّغم مِن حالتهم البائسة وفقرهم المدقع، وذلك بحجّة أنّهم لا ينتمون إلى طبقتهم أو إلى أسرتهم العريقة النسب. يروي لحد خاطر قصّة شيخ مِن أسرة شوفيّة كان مِن المشايخ الكبار فيها، أخنى عليه الدّهر حتّى كاد لا يملك شروى نقير. وكانت له بنت جميلة، طلب يدها فتى مِن المشايخ الصِّغار, ويُذكر أنّ هذا الفتى كان على جانب كبير مِن الثروة والعلم والجاه، وعنده كلّ الكفايات لإسعاد الفتاة ومساندة والدها في ضيقه وفقره. ولكنّ هذا الوالد المتزمّت رفض تزويجها منه بحجّة أنّه ليس مِن "مجاويزه". ‘1‘
هكذا نرى مِن خلال هذه الواقعة أنّ المشايخ أنفسهم كانوا ينقسمون إلى طبقات، فالصِّغار هم "الملاحيق" الّذين أُذِن لهم بأن يحملوا هذا اللقب نظرًا لمهمّات معيّنة كانوا قد أنجزوها للمشايخ الكبار، أو ساعدوهم في أمور خطيرة، ثمّ أنّهم أصبحوا مِن أصحاب الأملاك الواسعة، فحملوا لقب "مشايخ" من دون أن يكون لهم حقّ الانتساب إلى سلالة المشايخ الكبار أو حقّ مصاهرتهم. فكان على طالب العروس أن يُراعيَ هذه التقاليد والعادات، ويلتزم بها، ويعرف حدوده، ومداه في عمليّة اختيار عروسه. وعليه أن "يحطّ عينه" على فتاة تناسبه قدرًا وتكون مِن "مجاويزه". ثمّ أنّهم كانوا  يُفضِّلون بنت البلد على الغريبة، لأنّ بنت البلد تعرف أحوال عريسها عن كثب: فهي منهم، مأكلاً ومشربًا وملبسًا، وقد اعتادت عل "المليح والوْحيش"، وعلى عثرات الزّمان، والمثل يقول: "تزوّجنا وما جِبْناها غريبي، زوّان بْلادنا وْلا قمح الصّليبي". وسمعتُ أحدهم من نواحي مصياف في سوريا يقول: "زوّان البلاد، ولا قمح المِنجاب".
وكانت الأمّهات يُفضِّلنَ ذوات الوجوه الجميلة على صاحبات المال والجاه، على حدِّ قول المثل: "يا ماخِذِ القِرْدْ على مالُه، بيروحِ الْمالْ وبْيِبْقى القِرْد على حالُه". كان الزّواج في الماضي يتمّ في أكثره بـِ"التَّدْبير"، ولا سيّما في الأوساط المتزمِّتة، لأنّ فرَص التعارف بين الشبّان والصّبايا كانت غير متيسِّرة في ذلك الزّمان، وفي تلك المجتمعات المنغلِقة بالذات. روى لي أحدهم، في هذا السِّياق، طرفة مأساويّة، قال: قدم وفد مِن إحدى قرى جبل لبنان مع بداية القرن العشرين إلى بلدة مجاورة لطلب يد عروس، كان اسمها جميلة، وكانت كما روى "اسمًا على مسمّى"، لكنّها كنت بنت رجل فقير. كان برفقة الوفد شابٌّ وسيم، يتحلّى بكلّ صفات الرجولة والجمال، طلق المُحيّا، فنظرت إليه الفتاة مِن خلال ثِقب في الباب، يفصل بين غرفتها والدّار حيث يجلسون. أُعجبت به، يقينًا منها أنّه هو العريس نفسه كما زعم بعضهم، أو كما تراءى لها. و"تمّ النّصيب"، وكتبوا كتابها على عريس آخر غير هذا الشّابّ الوسيم. وكانت العروس، في ذلك الزّمان، وبخاصّة في المناطق القرويّة الجبليّة البعيدة عن العاصمة، لا ترى عريسها إلاّ في ساعة "الدُّخلة". اِنتهى العُرس، وصمت الطبل والزّمر، وجاءت ساعة الصِّفر، فدخل العريس غرفة عروسته الحسناء، ويا لهول الموقف، إذ بالعروس ترى أمامها رجلاً قبيح المنظر، قصير القامة، أعمش العينين لا يرى ما أمامه بوضوح. اِقترب العريس مِن عروسته، فنفرت منه مذعورة، وأسرعت نحو زاوية في الغرفة تختبئ فيها، لحق بها فهرعت إلى زاوية مقابلة. راح يُطاردها مِن زاوية إلى أخرى، وهو يكاد لا يراها بعينيه "المُدَعْمِصَتين"، بل يُشاهد فقط طيفها المتنقِّل بسرعة. لم يستطع الإمساك بها، واستمرّ يُلاحقها ويدور خلفها وهو يُنادي الزّاوية التي تختفي فيها العروس لعلّ هذه الزّاوية تضحك مع المثل القائل: شرُّ البَلِيّة ما يُضحِكُ، فيستدلّ بقهقهة تلك الزّاوية على العروس، يلحق بها ويقول: دِبّي كِلي، دِبّي اشْرَبي/// يا زاوْيِةِ الْفيها جَميلِة اضْحَكي. وأخيرًا، لا بدّ أن تصمت الزّاوية أمام مصير الفتاة الميؤوس، بعد أن يُنهِكَها التعب، فتُذعن لنصيبها المنحوس! في زمن غاشم عبوس.
هكذا كان يتمّ تبديل العريس، وهناك روايات أخرى تتحدّث عن عمليات يجري فيها تبدّل "العرايس"، فكم مِن فتىً "حطّ عينه" على فتاة، وراح يخطبها، فإذا به يفجأ ساعة "الدّخلة" بأختها الكبيرة التي هي أدنى جمالاً مِن أختها الصّغرى. منهم مَن كان يرضى بنصيبه هذا، مراعاة لمشاعر الأهل ولرجوليّته، ومنهم مَن نفر مِن عروسه وتمّ تطليقها في اليوم التالي.
تلك كانت مساوئ هذه العادات والتقاليد التي كانت تمنع على الفتى لقاء الفتاة التي تُعجبه ويُعجبها، كانت العادات القديمة تمنع عليه رؤيتها، أو التحدّث إليها قبل الزّواج. الزّواج كان يتمّ، في أكثر الأحيان، باتّفاق بين الأهل أوّلاً، وهذا هو المبدأ العامّ، كما يقول يوسف ابراهيم يزبك، ويُردف، "وثِقْ أنّ ما مِن زواج تمّ قبل القرن العشرين إلاّ على هذا المبدأ، والنّادر النّادر زواج الغرام" ‘2‘ غير أنّ أنيس فريحة يرى أنّ هذا الرأي قد يصدق على بعض النّاس، ولكنّه لا يصدق على جميع النّاس. فإنّ فرَص التعارف والتحابب كانت ميسورة في القرى، ويقول: فكم كنّا نسمع أخبارًا وقصصًا عن حوادث غرام عنيفة جارفة حصلت هناك، وكم مِن الزّيجات تمّت نتيجة حبٍّ وغرام. ‘3‘
نعم، فمطارح الحبّ كانت متنوِّعة وكثيرة في قرانا الجبليّة. حيث الطبيعة الغنّاء بعذريّتها، وأناقتها، وسحرها، تبعث في النُّفوس شذى الحبّ وطيب اللِّقاء. الفتيات يرفلنَ على دروب بعض القرى بحريّة: هذه تحمل على كتفها جرّة ماء، "تتغندر" بها على درب العين تحت أشجار التوت الوارفة الظِّلال، وأخرى"تتمشّى" عند العشِيّات مع رفيقات لها على "درب الجمّالَة"، وهذه تساعد أمّها مع طلوع الشمس في "مِسطاح التّين"، وتلك تعمل مع أهلها في جمع الزّيتون... أكثرهنّ كنَّ  يُشاركنَ الأهل في كلّ المواسم، وكم مِن فتىً "حطّ عينه" على فتاة شاركها في مساعدة الأهل عند الفجر قرب "الخلقين" ‘4‘، حاملة على رأسها طبَقًا يحوي القمحَ المسلوق، تنقله صاعدة على السلّم إلى أحد سطوح الأسمنت في البيوت المجاورة، حيث يتناوله منها شابّ يتولّى وضع المحتوى بعناية على السطح، يُحادثها خلسة وتحادثه بعينيها . مطارح الحبّ والغرام كانت كثيرة في قرانا، بيد أنّ الخوف كان مسيطرًا على نفوس الشبّان والشّابّات في معظم الأوقات، لأنّ الغرام في عُرف تلك الأيّام كان ممنوعًا في العلانيّة، فتكفي النظرات الخفيّة، والابتسامات الشاردة، والأحلام الورديّة، لتكون بلسمًا تُداوى به القلوب الحائرة، التّائهة قرب السّواقي، وعلى هاتيك الهضبات الدهريّة الغافية تحت ضوء القمر، ولسان حالهم يُردِّد مع الشّاعر:
كانتْ لنـا في الغـرامِ عهودٌ     صارَتْ حديثَ الرُّبى والشّوادي

تدبير الزّواج

قلنا أنّ "التدبير"، كان الوسيلة التي يتمّ بوساطتها انتقاء العروس. وغالبًا ما تقوم بهذه المهمّة الأمّ أو الأختُ الكبرى، أو الخالة، أو العمّة، أو الجارة، أو "الخطّابَة"، أو إحداهنّ مِن "سماسرة العرائس" اللّواتي جعلنَ مِن أمر هذه الوساطة مهنة يتقاضَين عليها علاوة أو عمولة محدَّدة، وقد أطلقوا على أمثال هؤلاء "الخطّابات" لقب "إمّ لْحاف".
عندما يُعجَب أحدُ الشبّان بفتاة، يسرّ إلى أقربهنّ إليه بسرّ حبّه ونيّته في الزّواج بِـ"فلانة بنت فلان"، ويُنقل الخبر إلى الأمّ والأب، ولا بدّ مِن "المشورة"، مراعاة لخاطر الأعمام والأخوال و"القرايب". تتمّ هذه المشورة، طبعًا، بعد "جسِّ نبض أهل العروس"، والتأكّد مِن إقبال الفتاة ورغبتها بالشّاب. وبخصوص التأكّد مِن هذا القبول، كان يتوجّب على أهل العريس إرسال أحد الأصدقاء أو الصديقات مِن أجل استكشاف الأمر. وكانوا يُطلقون على هذا الرّسول أو هذه لقب "فرّاشة"، فإذا لقِي الرّسول ترحيبًا، وقُدِّمَت له "النعمانيّة" وهي نقل مِن اللّوز والجوز والتّين والزّبيب وغيرها، يأكلونها معًا، فالنّعمانيّة تعني كلمة "نعم". وإن لم يَرُق لهم العريس المرشَّح أعرضوا عن تقديم "النّعمانيّة، للرسول "الفرّاشة"، و"كشّوا" في وجهه، فيعود خائبًا، ليعرِض على الشّابّ ما لقيه عند أهل الفتاة. هذه العادة كانت شائعة في قرى جبل لبنان. ويُروى أنّ الشّابَّ نفسه كان يقوم أحيانًا بزيارة بيت البنت التي يرغب بها، فإذا أبصر بلفتة منه أنّها لمست شعرها بإصبعين فذلك يكون، بحسب المتعارف عليه، القبول، وإن لمست شعرها بإصبع واحدة فتلك علامة الرّفض.
وثمّة رموز أخرى كانت تُعتمَد في نواحٍ مختلفة مِن جبل لبنان منها: أن يقوم الفتى بزيارة أهل الفتاة، فإن كان ذلك في أيّام الشِّتاء، يتحلّق الأهل والشّاب الزّائر حول الموقد، وتكون الفتاة معهم تجلس أمام الموقد تنكث النار بملقط، وهي تعلم القصد مِن زيارة هذا الفتى، الذي لم يسبق له أن زارهم مِن قبل. فإذا راحت الفتاة تجمع الرّماد وتحذفه نحوها، فتكون بذلك قد ألمحت إلى أنّها ترفضه، وإن قذفت بالرّماد نحوه فذلك يعني الرِّضى والقبول. وقد يُرسِل الشّابّ هديّة إلى بيت الفتاة، مع أمّه أو مع أخته، فإن رفض الأهل والفتاة الهديّة يعني ذلك رفض العريس، وإن قبلوها يستبشر الشّابّ وأهله خيرًا. إلى ما هنالك مِن ألغاز ورموز كانت تستعمل في الماضي مِن أجل "جسّ نبض" الفتاة وأهلها، وذلك اجتنابًا "للكسفة"، ومِن أجل مراعاة خواطر الناس وكراماتهم،  فيما لو تقدّموا بطلب يد الفتاة جهارًا.
الخطبة
بعد خطوة التدبير الأوّليّة المهمّة وانتقاء الفتاة المناسبة، يتنفّس الشّابّ الصّعداء، ويُصبح الأمر الآن في قبضة المقام الرّسميّ، وتنتقل الأمور إلى الأهل والأقارب، الّذين يعملون معًا على إكمال الطريق، وذلك مرورًا بـ "التَّتميم"، أو "الحَكِي بالبنت"، فإلى الخطبة. كانت للخطبة عند الموارنة، في الزّمن الماضي، رتبة طقسيّة خاصّة، يُبارك فيها الكاهن "المحبسَيْن" قبل وضعهما في إصبَعَي الخطيبَين. وكانت الخطبة كالزواج لا تفكّ ولا تُحلّ، إلى أن جاء المجمع اللّبناني الذي انعقد سنة 1736، فألغى هذا النظام، وجعل الخطبة أمرًا خاصًا بين الطرفَيْن لا يلزم أحدًا، وهو قابل للحلّ فيما لو أراد الاثنان ذلك.
كانت هدايا الخطبة في أكثر الأحيان النُّقل والحلوى والملابس والذّهب. وفي أثناء الخطبة ترتفع الأصوات مهلِّلة بالزّغاريد والتّراويد، وربّما كانت تُقام حفلات الرّقص والمُساجلة بالمعنّى والقرّادي. وتختلف عادات الخطبة باختلاف المناطق، والطبقات الاجتماعيّة، والطّوائف. فلكلٍّ عاداته وتقاليده. عند الطوائف الإسلاميّة، يتبع طلب يد الفتاة أو "التتميم" كتابة العقد أو كتابة الصّداق، الذي هو كناية عن اتفاق يُحدَّد فيه المهر، الذي يُجعل على قسطَيْن: أحدهما مُعجَّل يُقدَّم للعروس فورًا، تنفقه على شراء الجهاز أو "التقميش": لتكون، كما يُقال، فتاة "مقموشة" تلبس افضل الثياب المصنوعة مِن قماش جيِّد. أمّا القسط الآخر فيُدعى "المُؤخَّر"، ويُتَّفق على قيمته، ويتعهّد العريس بدفعه للعروس في حال الانفصال بالطّلاق.

العرس بيت القصيد، والفرحة الكبرى

تلك كانت مقدِّمات، قد استقيتُ أخبارها مِن مراجع متعدِّدة، كتابيّة أو شفهيّة، وبخاصّة مِن: كتاب د. أنيس فريحة، القرية اللّبنانيّة- حضارة في طريق الزّوال، وكتاب لحد خاطر: العادات والتقاليد اللّبنانيّة، وغيرها مِن المراجع والمصادر. لقد أشرتُ في هذه المقدِّمة إلى صُوَرٍ ولمحاتٍ وأخبار متنوِّعة من مناطق مختلفة، وهي نماذج مبعثرة لعدد مِن قرانا الجبليّة، وهناك الكثير مِن هذه العادات والتقاليد التي لو حاولنا جمعها لملأنا بها كتبًا كثيرة شائقة. بيد أنّ موضوعنا يقتصر إلى حدٍّ ما، على الأعراس التي تُقام في مناطق محدَّدة تقع في متناول أيدينا، وتقديم نماذج حيّة منها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. لقد اعتمدنا على حقبة تلامِسُ بدايات القرن العشرين، ظلّت تقاليدها تُمارس حتّى يومنا هذا في عدد مِن القرى الجبليّة، التي لا تزال تحتفظ بعاداتها القديمة، ولم تصلها المدنيّة الحاضرة كلِّيًّا. وسوف أُقدِّم الآن نماذج لأعراس في جنوب لبنان وفي بقاعه، فلعلّي أضع القارئ الكريم في أجواء حيّة تتلوّن بصور مِن تراثنا الشّعبيّ، ومن عاداته التي زال بعضها، أو هي آخذة في الزّوال مع زحف الحضارة والمدنيّة والعولمة إلى قرانا بشكل سريع. إنّي أنقلها إلى القارئ الكريم، وأدوِّنها لتبقى أثرًا خالِدًا مِن تراث آبائنا وأجدادنا، نستلهم منه بعض القيَم التي قد نفتقدها في يوم مِن الأيّام.

مِن مرجعيون... إلى بعلبك
(ما زالت الأعراس في دياركم عامرة)

كان العرس يكبر ويعمر بحسب مكانة أهل العريس وأهل العروس الاجتماعيّة. إذا كان العريس مِن أهل الحسَب والنّسَب، فعرسُه قد يستغرق أسبوعًا أو أكثر، تسبق يوم "الفرَح"، أو "الإكليل"، وكانوا يُسمّون هذه الأيّام التي تُمهِّد ليوم العرس: "تعليلة". يُدعى إلى حضور هذه الاحتفالات النّاس كلّهم، في البلدة وفي الجوار أو القضاء. يجتمعون كلّ ليلة في بيت العريس، أو في سُرادق أو في صيوانٍ يُقام لهذه المناسبة في باحة الدّار. تُنحَر الخراف وتُقدَّم طعامًا متنوِّعًا للعُرسِيّة، وأكثر هذه الخراف كانت تُقدِّمها الأسَر الّتي تملك قطعانًا مِن الماعز والغنم، وتكون الدعوات قد وُجِّهت إليهم بوساطة وفدٍ ينطلق، مِن قِبَل أهل العريس، إلى البلدة كما إلى القرى والدّساكر المجاورة. أمّا إذا انحسرت الدعوات داخل البلدة، فإنّ أهل العريس ينتخبون عددًا مِن الشبّان والصّبايا، الذين يحملون باقاتٍ مِن الأزهار، وينتقلون مِن منزلٍ إلى آخر، داعين الأهالي للمشاركة في العرس.  
كان يُقدَّم في تلك اللّيالي النقل وما لذّ وطاب مِن مأكولات ومشروبات. تُقام حلقات "الدّبكة" على أنغام "المِجوز" القصبيّ. ونافخ "المِجوز" لا يُفارق وسط حلبة الدّبكة، فهو لا يكلّ ولا يملّ، فتراه منفوخ الفم، يتصبّب العرقُ مِن جبينه على وجه أحمر بعروق متصلِّبة، وهو في حركة دائمة يتمايل مع النّغمات، يُرافقه ضارب "الدِّربكّة" أو الطبلة بإيقاعه المُثير. تنتهي حلقة لتبدأ حلقة أخرى، وهكذا حتّى منتصف اللّيل أو أكثر. وأنت لا تسمع إلاّ الزّغاريد والحداء والأغاني، وكلّ الأنظار تكون موجّهة نحو العروس والعريس، فالنّاس يغمرونهما بالتّحيّات والتبريكات، ويُحيطونهما بكلّ رعاية وإكبار. والعريس يبقى مستنفرًا، دائم التأهّب، وهو بكلّ أناقته ولياقته.
أمّا العروس، فتعرض، قبل أيّامٍ تسبق حفلة العرس، ملابسها على أطباقٍ في غرفة خاصّة. ويأتي النّاس لمشاهدة ثياب العروس، فيُباركون ويُهنِّئون مُردِّدين: "تِلِبْسيها بِالفرَحِ الدّايِم انْ شاء الله، وْما تْشوفوا إلاّ أيّام حِلْوة، وعِقبال العاوزين"! والعروس كانت تحتفظ بثيابها طولَ أيّام حياتها، لتبقى ذكرى حبيبة، فيما لو نجح زواجها وغمرت أيّامها السّعادة. غير أنّ اللّواتي لم يُحالفهنّ الحظّ بالبحبوحة في العيش، فإنّهنّ كنّ قد يلجأن إلى استعارة "فستان العرس" مِن اللّواتي كنّ قد تزوّجنَ مِن قبل. بالنسبة إلى العريس، يُروى أنّ الأمير أو الإقطاعيّ في الزّمان الماضي كان يُقدِّم للعريس في فلاّحي ضياعه أو مِن عمّاله جبّة أو عباءةً مذهّبة يُسمّونها "خلعة"، يرتديها العريس في يوم فرحه، وزوجة الأمير هذا كانت تُقدِّم أيضًا للعروس ثوبًا جميلاً ترتديه في يوم عرسها.
ليلة العرس
تُقام في ليلة العرس حفلتان، واحدة في بيت العريس، وأخرى في بيت العروس حيث تُجلى العروس مِن قِبَل إحدى النساء القديرات. بعد تحميمها وتلبيسها، تُزيَّن بِـ (حطَّة) مُطرَّزة بالنقود الذهبيّة او الفضِّيّة، ولا سيّما إذا كان أهلها مِن الأثرياء. ثمّ يطلون وجهها بالمساحيق المتنوِّعة الألوان. وكانوا في قديم الزّمان، كما يُروى، يدلكون وجه العروس بمسحوق أبيض، مصنوع مِن قِشر البيض الأبيض المطحون، والممزوج بماء الزّهْر والورد وغيره مِن العطور. تُكحَّل عيناها، وتُحمَّر شفتاها، ويُزجَّج الحاجبان، ويُرتَّب شعرها، إلى ما هنالك مِن أنواع الزّينة والمساحيق والحُلى التي تتبرّج بها. ‘5‘
بعد ذلك يُجلِسون العروس على "صَمْدة" في ركن بارز في الدّار، وتتبارى النسوة حولها بإطلاق الزّلاغيط "الزّغاريد"، والأغنيات المتنوِّعة، يرقصن ويهزجن ويمرَحْن . في بعض المناطق اللبنانيّة يرد في هذه الأثناء، مِن قِبَل أمّ العريس، وفد معه إناء فيه "حِنَّة"، فتُخضِّبُ إحدى النسوة يدَي العروس. ويشترك الوفد مع أهل العروس والأصحاب في حفلة جلوة العروس، فيُطاف بها في الدّار، وهم يحملون الشموع ويُزغردون ويُغنّون على أنغام الدُّفوف والطَّبلة و"المِجْوز":

وِتْمَخْطَري يا حِلْوَة يـا زينَه يــا  وَرْدَة  جُـوّاـ الْجيـنيـنَه
كِبْـشِ القُرُنْفُلْ  يــا عَروسَـه وِالآسِ  خَــيَّــمْ  عَا لِـيْــــنا
الْعُمْـرِ  كُــلُّــهْ  يــاسْـميـــنا والنَّـــجْـــمِ  يِسْــأَلْ عنِّـيْــنا
هَنّي حَبيبِـكْ يــا عَروسَـــه وِالْـحُــبِّ  نَــوَّرْ  عَـا لِـيْــنا
بِنْتِ ـالأكابِــرْ يـــا  ديــنــا والشَّمْسِ رِسْيِت عَلْ مـيـنا
وِجِّه القمَـرْ يــا  عَـروسَــه والدِّنْـيا فَــرْحانَــه بْـزيـنَـه

أمّا في بيت العريس، فحلقات "الدّبكة" تعمًر وتنشط في هذه اللّيلة الأخيرة من "التعليلة"، فتتشابك أيادي الشّبّان مع أيادي الصَّبايا في حلقات الدّبكة، ولا سيّما في القرى المسيحيّة، وكلّما فرغت الكؤوس من الخمر تُملأ مِن جديد. الحركة دائمة النشاط مع توالي الوفود مِن كلّ صوب، وهي تصل بالحوربة والزّغاريد.

ليلة "الحنّاء" ‘6‘ وعمليّة خطف العريس

ننتقل إلى قرى بعلبك/ الهرمل، حيث يجعلون هذه اللّيلة مميَّزة جدًّا، فلهم تقاليدهم وعاداتهم الخاصّة، إنّها ليلة "الحنّاء" التي يُدعى إلى حضورها الناس جميعًا، وتكون هذه اللّيلة حافزًا لفضّ النزاعات والخلافات، التي يمكن أن تحصل في كلّ قرية مِن حين إلى آخر. جميع الأُسَر، والعشائر يُشارِكون في هذا الحدث السعيد. فالواجبات مهمّة وثمينة، ولا يستطيع أحد أن يتملّص منها أو يبتعد عنها، مهما بلغ شأنه وعظُم أمرُه.
وليلة"التحنئة" تكون غالبًا في تلك المناطق البقاعيّة مساء الخميس، فقبَيل منتصف اللّيل يتقدّم عدد مِن الشبّان لِيستأذنوا المشايخ وكبار القوم، طالبين أن يسمحوا لهم بإقامة حفلة "التحنئة"، وبالطبع يسمحون لهم، فتدمع عيون الأهل مِن شدّة الفرح. يُجلسون العريس على كرسيّ وسط الصّيوان، ويطوف عدد مِن الشبّان حوله، يحمل واحد منهم طبقًا مغطّى بالأزهار والرّياحين، والورد، وقوارير العطور، وفي وسط هذا الطبق إناء فيه مادّة الحنّاء. يدورون حول العريس عدّة دورات، وهم يصفِّقون ويُردِّدون هذه الأُهزوجة:
وَيْـنِ الحِنِّــهْ وَيْنَـــه بـدِّي  حَـنّـي إيـدَيّي
وْعِقْبالْ فَرْحِةْ خَيّي لاعْزِم قضا سورِيِّه
يُوضَع الطبق أمام العريس، فيتناول أحد الرّجال معجون "الحِنّاء" ويُخضِّب به إصبع العريس، وغالبًا ما يكون خنصر اليد اليُمنى. ثمّ يتقدّم الشبّان بدورهم، الواحد بعد الآخر، يُخضِّبون أصابعهم وسط الأهازيج والزّلاغيط (الزّغاريد) التي تُطلقها النسوة مِن أقرباء العريس. بعد ذلك يُمسكون بقوارير العطور ويسكبون ما فيها على رؤوس العِرسيّة. يتقدّم العريس في هذه الأثناء ويُصافح النّاس مبتدئًا بكبارهم. في هذ الوقت يكون نفر مِن الشبّان في الخارج قد هيّأوا أنفسهم للقيام بعمليّة خطف العريس، والقصد نبيل بلا شكّ، فهم يُريدون مِن وراء ذلك أن يردّوا له أو لأحد أفراد أسرته  جميلاً، كان قد سبق وقدّمه لهم. يبعثون برسول إلى داخل الصّيوان، يطلب إليه مرافقته لغرض ما، فيتمّ خطفه، وينقلونه إلى أحد المنازل، حيث يكون أصحاب المنزل قد أعدّوا له فراشًا ناعمًا، ينام عليه قرير العين، فيستريح مِن تعب أيّام "التعليلة" الماضية، ليتأهّب مرتاحًا لاستقبال يوم العرس في الغد.
عند الصباح يعمُّ خبر خطف العريس في البلدة، فيتداعى الشبّان ويتوافدون إلى بيت الخاطف، حيث يُرحَّب بهم، ويتناولون جميعًا طعام الفطور الذي يُعدّ بسخاء للعريس الضَّيف ولأصحابه. في هذه الأثناء يكون عدد مِن الشبّان قد استحضروا ديكًا جميلاً زاهي الألوان، يُزيَّن بكلّ أنواع الزينة مِن أزهار وخرز وما شابه. يحمل أحدهم الدّيك ويتقدّم جمهرة مِن الشبّان يصحبون العريس محمولاً على الأكفّ ويتَّجهون نحو بيته، وهم يًحَوْرِبون ويرقصون  بالسيف والترس على أنغام المِجوِز والطبلة والرّباب، إلى أن يصلوا إلى الصّيوان المنصوب منذ أيّام في دار أهل العريس، ويتوافد الناس زرافات زرافات للمشاركة بالعرس.

حفلة "الحلاقة" وتحضير العريس

عند الظّهيرة يستأذن نفر مِن الشبّان المشايخ السماح لهم باصطحاب العريس إلى حفلة "الحِلاقة" وارتداء ملابس العرس. هذه العادة معروفة في مختلف المناطق اللّبنانيّة ولدى أكثر الطوائف. فعند المسيحيّين، كانت تُقام هذه الحفلة بحضور الكاهن، الذي يتلو الصّلوات على أنغام كنسِيّة معيَّنة. لا يُقدَّم، في هذه الحفلة، الطّعام أو الشّراب احترامًا لقوانين الكنيسة، التي تنهى عن تناول الطّعام قبل القدّاس وقبل تناول القربان المقدَّس. بعد أن يرتديَ العريس ثيابه، وغالبًا ما يكون ذلك قبل الظّهر، يسيرون جميعًا نحو الكنيسة، ويُقام قدّاس ذلك الأحد على نيّة العروسَيْن. ثمّ يعودون إلى البيت لمتابعة الاحتفال ولتناول الطّعام، قبل أن يحين وقت إتمام حفلة الزّواج في الكنيسة أو في صحن الدّار. ‘7‘
أمّا في عدد من قرى بعلبك / الهرمل، فنرى العرسيّة في حفلة الحلاقة، يُجلِسون العريس على صمدة وسط الصّيوان أو أمام الدّار تحت شجرة جَوز كبيرة وارفة الظلال، ولا سيّما في أيّام الصّيف. وتُقام هذه الحفلة قبل وقت الغداء. يطوف نخبة من الشبّان حول العريس، وهم يحملون أطباقًا عليها ثياب العريس، يهزجون ويُردِّدون:

حَــلاّقْ يــا حَـــلاّقْ بَـالله طَسِّمِ مْواسَكْ
وِحْلُق لَزَيْنِ الشّباب بـِطيـبْ  أنفاسَـــكْ

ويُردّد آخرون:

عَــريسْ يــا عَـريسْ    تَحْتِ الْجَوْزِة حَـلْقولو
وْجابولو بَدْلِة جـوخْ    طِلْعِتْ حِلْوِهْ عا طولو

وكأنّي بأحد الضيوف مِن قرى مرجعيون، تدفعهم "النخوة" والحماسة للمشاركة في حفلة الحلاقة البعلبكيّة، فيهزجون بهذه "الهوبَرة" المرجعيونيّة:

نِحْنَ الشّبــابْ وْمَـرْجعْيــون  مَربــانا...
نِحْنَ الْشِرِبْنا الرّاحْ وِسْقينا السَّمْ لَعْدانا...
يا سِتْ مِيِّـة  بار وْبارْ لَعْيونِ العريس...
وْشباب الْعَريسْ.؟...هُو، هُو، هُو، هُو...

وإذا بـِ "أبو دْعَيبس" قَيْدوم الشباب مِن قليعة مرجعيون يُردِّد مع رفاقه على ألحان "الحَوْرَبة" المعهودة:

قَـدَّيْـش مـا نْهـاري أنيسْ سَكْران مِنْ دونْ خَنْـدَريسْ
طَلّوا الْحَواري مْنِ السّما      وْقالــوا نَـعيمًا يــا عَـريسْ
عَــريسِنا  بَــدْرِ  السَّـــما جيبولوا بَــدْلِـهْ وِالْــقَميصْ

في هذه الأثناء تتمّ سرقة ثياب العريس، فيُسرع نفر مِن الشبّان لاستردادها، يسترجعون الثياب المسروقة، ويعودون بالحَوْربة والتهليل. يُلبسون العريس ثيابه الأنيقة، ومع تناول كلّ قطعة مِن ثيابه، يُردِّدون أبياتًا تتوافق والمقام، مِن مِثل:
عَـلْ بَـنّا الْبَـنّا، عَـلْ بَـنّا عَـريس وْريتـو يِتْهَــنّا
وْجِبْنـا الْبَدْلِــه  لِلْعَريسْ يِلْبِسْها، ريتو بـِالْــهَــنا
وْجِبْنا الْقميصْ لِلْعَريسْ وانشالله  يِلِبْسُهْ وْيِتْهَــنّا
وْجِبْنا الصِّبّاط لِلْعَريسْ وْمِنْ وَرْقاتــو طَـيَّـرْنـا

ويظهر العريس وكأنّه أبو زيد الهلالي على ظهر حصانه، وإذا بأحد العرسيّة مِن مرجعيون يُردِّد بصوتٍ متهدِّج متقطِّع هذه "الهوبَرَة":
حَــمْـرَه مْنِ الْخَـيْـل... خَيّالْــها لا يْبالـــــي...!
خـيّالْــها الْعَـــريسْ ... وْحَقْ اللهْ يــا هُـــــو...!
يِشْبِهْ لَبوزَيْدِ الهِلالي... هُو...هُو... هُو...هُو ‘8‘

ينهض العريس، ويتمخطر بين رفاقه كالطّاووس، يتقدّم أوّلاً نحو كبار أهل العشيرة فيُصافحهم فردًا فردًا، يُقبِّلونه ودموع الفرح تنهمر مِن مآقي أهله. ثمّ يُدعى الجميع، وفي مقدِّمتهم المشايخ وكبار القوم، إلى تناول طعام الغداء الذي اشترك في إعداده عدد كبير مِن النّساء. ‘9‘
تبدأ مراسم ساعات العرس الأخيرة مع ذهاب المشاركين في العرس في بيت العريس إلى بيت العروس يتقدّمهم المأذون مِن أجل كتابة عقد الزّواج، بينما نرى في مناطق أخرى أنّ كتابة العقد تتمّ قبل العرس بأيّام أو بأشهر. على كلّ حال، دعنا نُرافقهم، ونستمتع بزغاريدهم وحَورباتهم وأهازيجهم، وهم في طريقهم إلى بيت أهل العروس، ونُشاهد معًا تلك العادات المميّزة في إحدى بلدات بعلبك/ الهرمل التي ربّما ستزول يومًا ما، أو ربّما زالت في أكثر البلدات والمدن الجبليّة. يدخل المأذون الدّار، وتجلس إلى جانبه العروس ومعها أهلها. يُبادر المأذون العروس بطرح هذا السؤال المشهور: يا فلانة بنت فلان، هل تقبلين بأن أكون موكِّلكِ مِن السيّد فلان ابن فلان، على مهر معجَّل وقدره كذا وكذا، ومهر مؤجَّل إلى أقرب الأجلين وقدره كذا وكذا؟  يعمّ الصمت المكان، كلهم ينتظرون جواب العروس التي يكون الإحمرار قد بان على وجنتيْها مِن الحياء، فلا تنبس ببنت شفة. وإذا بنا نسمع واحدًا من الحاضرين يقول بأعلى صوته: كلاّ إنّها تريد أبو حسين، ويكون الرّجل الذي يعنيه، والموجود بينهم، كبيرًا في السنّ، وليس أهلاً لها. فيصرخ أبو حسين: كلاّ، كلاّ، أنا لستُ المقصود. يُكرِّر المأذون السؤال عينه، وتبقى العروس على صمتها، والنّاس حولها يُحيلون أمرها إلى هذا وذاك مِن العرسيّة، وربّما كرَّر المأذون سؤاله سبع مرّات أو أكثر، إلى أن تلفظ العروس المحروسة بعد جهد جهيد كلمة "نعم". وهذا التقليد يدلّ على مدى تعلّق العروس بأهلها ومدى تعلّقهم بها، ويكون ذلك أيضًا مِن باب التدلُّل والترفُّع عن سرعة القبول بلهفة.
يدخل المأذون بعد أن يُصبح موكِّل العروس شرعيًّا، إلى غرفة مجاورة وتتمّ فيها كتابة عقد الزّواج. يخرج الجميع بعد ذلك بالغناء والحَوربة والزّغاريد والأهازيج، ورشّ العطور، ونثر الأرزّ والنقود، فيما لو كان أهل العروس مِن الأغنياء.‘10‘

إلى بيت العروس المرجعيونيّة
نستعيد تلك السّاعات، لو انطلقنا نحو منطقة مرجعيون في أقصى الجنوب، فبعد ظهر الأحد يأتي وفد من قِبَل العريس، ولا سيّما من أهله وأقربائه وأصحابه، يأتون إلى منزل أهل العروس لمرافقتها إلى الكنيسة، يتصدّرهم أبو دعَيبس أحد قوّالي البلدة، وهو يُحَورِب ومن معه يُردِّدون:
الشَّمْسِ قَبْـلِ مْغيبِــها    والعَيْنِ بَـــدّها تْصيـبِـها
عَريسِــنا بِـالإنْتِظـارْ    الْعَروسِ بَـدْنـا  نْجيـبِهـا

يصل وفد أهل العريس إلى مشارف بيتِ العروس، فإذا بالقيدوم (القوّال) يُردِّد:
يـا بيتِ يَلّلي عَـالـطّرَفْ فيكِ العروسِ بْتِنْجِـلي
شُــبّانِــنا  كلّهُــم شَـرَفْ سِتَـاتِــــــــنا مُـعَــدَّلي

ويُصبحون أمام دار أهل العروس، فنسمع أبو دعَيْبس يُردِّد:
يــا دارِ عَـلّي قْـناطِرِكْ بَدْنـا نِشوفِ مْساطِرِكْ
الْعَروسِ ضِبّي بِالْعَجَلْ إبْنِ الأَكــارِمْ ناطِـرِكْ

وتتمّ في دار العروس، أو في ساحة القرية عمليّة رفع "القَيْمِة" أو الجرن إثباتًا لرجولة العريس،  وربّما ينتدب العريس مَن ينوب عنه مِن أحد أفراد عزوته. وتكون العروس، في هذه الأثناء، قد أصبحت جاهزة لمسيرة تقودها إلى لقاء عريسها، ونسمع القوّال يُردِّد:

الْعَـروسِ ما في زَيِّـهـا نْشا لله تِعيشِ بْغَـيِّــها
وْشُبّــانِ هِـمّوا بِالْعَجَلْ وِاسْتَـأذِنوا مِنْ  بَـيِّـها

وتتبارى النسوة بإلقاءِ زَلاغيطِهنّ، فنسمع إحدى قريبات العريس، تٌردِّد
آويـــها... نِحْنَ قَرايْبِ الْعَريسْ وْدُوبْنا جيــنا
آويــها... قــاصْـديـنِ الْـــفَـرَحْ اللهْ يْهَـنّـيـنـــا
آويــها... قومْ يا بَيّي الْعروس عا باب الدّارْ لاقينا
آويــها... أُضْرُبْ بِسَيْفَــكْ  وْلا تْشَمِّتْ حدا فيــنـا
                                                       لو لو لو لَيْش...
وتُزَلغِط أمُّ العروس مُردِّدة:
آويـــها... يــا عَروسْ ما بِـحْتاجْ وَصّيكي
آويــها... لا تْخَلّـي حـدا بِالدّارْ يِـشْـكيــكي
آويــها... حَماتِكْ حِبّــيـها وْعِزّيـــها
آويــها... وحْسْبيها إمِّكْ عـمِتْرَبّيكي
                                                لو لو لو لَيْش...

ويأتي دور عمّة العروس، ويقول المثل: "خُذوا البَناتْ مِنِ صْدورِ الْعَمّاتْ"، تقول العمّة لابنة أخيها العروس:
آويـــها... يا ناس لا تْلومـوني عا مْحَبِّتْها
آويــها... هِيّي بِنْتْ خيّــي، وانــا عَمِّـتْـها
آويــها... يا رِيْتني طُوقْ ذَهَبْ في رَقْبِتْها
آويــها... يِفْـنى الذَّهَبْ وْلا تِفْنى مْحَبِّـتْـها
                                               لو لو لو لَيْش...

تهمّ العروس بالخروج من بيتٍ ألِفته منذ صِغرها، وهي تتأبّط ذراع والدها، فتتأثّر، وتنهمر الدموع من عينيها، وللحال نسمع إحداهنّ تُزلغِط وتقول لها:

آويـــها... لا تِبْكـي يا نورِ الْعَيْنْ لا تِبْكـي
آويــها... لا إنْتِ غريبِه وْلا نِحْنا نْغَرِّبْكي
آويــها... وِانْ كان بَيِّكْ ما قــامْ بِواجِـبْكي
آويــها... يا شَمْسِ الضُّحى أَشْرَقَتْ مِن بَيْن حْواجِبْكي
                                                        لو لو لو لَيْش...

تغادر العروس البيت، وتتجه بوجهها، في بعض المناطق، نحو بيت أبيها، تجتاز عتبة الدّار وسط الجماهير من العرسيّة، الذين ينثرون عليها الأرزّ وماء الزّهر والورود والملبَّس، والمُحَوْربون يُردِّدون:
بَيّي الْعَروسْ تــاجِ الرُّؤوسْ بَيْــتــو إلى الإمِّـهْ مَـــــزارْ
تْــكَــرَّمْ عَـلَيْــنا  بِـالْـعَروسْ عَريسِــها   بِــالإنْـتِــظـــارْ
يا شَمْـسِ يَـلّـلــي بِالسَّـــــمـا أنْـوارِكِ بْـتِـحْيي النُّـفــوسْ
ضَـوّي عَلَيْـنا بِـــالْــــــحِمى عَ الأَرْضِ في عِنّا عَروسْ

ويتوجّهون إلى والد العروس بترديدهم:
عـاطَيْتِ يــا نِعْمَ الْـعَطـا يِخْلِــفْ عَليـكْ يــا بَيِّــها

يصير الاهتمام موجَّهًا نحو العروس، التي تتقدّم في طريقها نحو الكنيسة، فإذا كان اسمها ليلى، يقولون فيها:
يــا سِتِّ ليلى هَوْدَجِـكْ واقِفْ مُزَيَّنْ لِلرِّكـــوب
سُبْحـانِ ربِّ الْتَوَّجِــكْ بِالْحِسْنِ فِأْتِ عْالَجَنوبْ

يتقدّم الموكب، ويصيرون على مشارف الكنيسة، ونسمع القوّال يُردِّد:
يــا هْـوَيْدَلَكْ يــا هْـوَيْدَلي قــلْبـي إلَـــكْ وِانتَ إلي
بَــدّي أنا روحِ لْــعِنْدِهـــا تَتْصَــفّي  هـالحِـلْوِه إلي
بيعِ الْجَمَلْ وِاشْري فَرَسْ وْلِلْعِرْسِ دِقّوا هالجرَسْ
الْعريسِ في صَيْدِ الْقَنَصْ بَــدّو غَـزالِــه مْـكَـحَّـلي

يصلون إلى أمام دار الكنيسة، فيُردِّد أبو دعيبس، ومجموعته يُردِّدون:
بْحُسْنِ الْعَروسِ تْأَمَّــلوا شوفوا العريسْ ما أجمَلـو
يــا مُحْتَرَمْ دِقِّ الصّـــلا بَــدْنــا الْـعريسِ نْكَــلِّــلوا
يــا مُحْتَرَمْ دِقِّ الصّـــلا والشَّمْسِ صارَتْ عَ الْعِلا
بِضْيوفِنا يا ميتْ هَــــلا عـا بْيــوتِنـا يِتْــفَضَّلــــوا

ونسمعهم يُنادون المحترم (الكاهن):
يــا بونا حَلِّتِ الصَّــــلا والشَّمْسِ صارَتْ عالْعِلا
كَلِّلْ عَريسْنا عالْعَروسْ ريتوهُ إكليـــــلِ الْــهَــنــا

ويتمّ الإكليل، مع الكاهن الذي يُردِّد: بالمَجدِ والكرامَة كلِّلهُما...يخرج العريس وهو يتأبّط ذراع عروسته الوردة الجميلة، بحسب ما يُردِّدون:
الْوَرْدِة الْجميلِه فَتَّحَـتْ وِالْيَوْمِ حَـلِّ قْطــافِــها
وِالْبَدْرِ نِزْلِ مْنِ السَّمـا هـدّى عَ روسِ كْتافِها

العروس، هي مسطرة، إمّا هي من حدائق الشّوف أو من مرجعيون أو من أيّ بلدة أخرى، فيُحَوْربون في هذا السّياق:
عْيونِكْ بِتَّلْــلي الْعُيـونْ وِالِعْيونِ عْلَيْها مْشَوْهَرَة
مْنِ الشّوفِ لمرْجِعيونْ جــابــكْ لَعِــنّا مَسْطَــرَة

بعد إتمام كتابة عقد الزّواج، يخرج الجميع بالزّغاريد إلى باحة الدّار حيث تتمّ عمليّة "النُّقوط"، أي التبرّع للعريس والعروس علنًا بكميّة بسيطة من المال، كلٌ بحسب قدرته وحالته المادّيّة. وهذا المال يُسمّيه بعض النّاس في نواحٍ مختلفة  "النُّقطَة". يقف واحد يمتاز بصوته الجهوَرِيّ ولباقته في التعامل مع الناس، يُطلقون عليه لقب "المُشوْبِش"، يعتلي صخرة أو مكانًا مرتفعًا، والنّاس حوله يُناولونه النّقود، وهو يُردِّد كلّما استلم مِن أحدهم كميّة من المال: خلَفَ الله عَليكْ يا بو فلان، وتفرح من العرسان، أو تفرحْ منهم، وهذي "نقطة" للعروس، يذكر قيمة المبلغ المقدَّم، وربّما بدّل أحيانًا مِن القيمة فيرفعها على هواه تستّرًا لأحوال بعضهم من المُعوزين.
تُسجَّل أسماء كلّ الذين أسهموا في تنقيط العروسين، لأنّ هذا سيبقى دينًا في بال العروسين، يردّانه  عند زواج مَن نقّطهما أو زواج أحد أولاده. هذه العادة لا تزال شائعة في كلّ المناطق اللبنانيّة ولدى كلّ الطوائف، وإن  اختلفت الوسائل في عصرنا الحالي. كانوا قديمًا يستبدلون دفع المال بتقديم ما تيسّر لديهم من حاجات وحيوانات، فنسمع "المُشوْبِش" يُردِّد:
خروف من حنّا الرّاعي
قِفِّة عَجْوة مِن بو حسين
رطل صابون مِن بو الياس
رطل سكّر مِن بو حنّا النجّار
مِدّ بُرغل مِن بو علي........

خلْعِة باب الدّار
          بعد الإكليل، تركب العروس فرسًا، والعريس يركب فرسًا أخرى ويتّجهون نحو بيت العريس تحيط بهما العرسيّة وهم يُحوربون ويُزلغِطون. وغالبًا ما يعودون على طريق غير تلك التي سلكوها قبلاً في طريقهم نحو الكنيسة، ذلك لأنّهم يتشاءمون مِن الذِهاب والرّجوع على الطريق عينها. ومن المستحَبّ أن يقود الفرس التي تمتطيها العروس كبير عائلة العريس.  وساعة وصول الموكب إلى دار العريس، فإنّ والد العريس يُقدِّم للعروس ركبته لكي تستعين بها حال ترجّلها عن الفرس إلى الأرض، وسط حماس الناس الذين يُردِّدون:
والْعَروسْ ما بِتْحَوِّل إلاّ بْخَلْعِة باب الدّار

وخَلْعِة باب الدّار، هي القطعة الذّهبيّة التي تُقدِّمها أمّ العريس لِكِنَّتِها الجديدة. تتقدّم أمّ العريس بالبخور، وتُقدِّم لها الهديّة. كذلك تفعل العروس، فتقدِّم لِحماتِها قطعة نقود عربونًا على احترامها. بعد ذلك تتناول العروس عجينة "الخميرة" وتُلصقها على عتبة باب الدّار، بمساعدة الأصحاب أحيانًا، ولا سيّما إذا كانت العروس قصيرة القامة. يُروى أنّ العروس كانت قديمًا تدخل البيت ووجهها إلى الوراء أي نحو الخارج، وظهرها إلى الدّاخل، من باب القول الجاري: "دخْلِة بلا ظهرَة". أمّا العريس فكانوا يطلبون منه ألاّ يكون داخل البيت عند دخول العروس، بحسب المعتقدات القديمة، لِئلاّ "يُكْبَس"، فيمتنع عليه القيام بواجبه الزّوجيّ.
يُدار الشراب وأطباق النقل والحلوى على المدعوّين، كما يُقدَّم الطّعام أحيانًا، فتُبسَط المآكل المسكوبة في صحاف كبيرة على شراشف بيضاء، أو على حُصُر تمَدُّ على المصاطب أمام الدّار في أيّام الرّبيع والصّيف، وهذا ما يُعرَف اليوم عندنا بحفلة "الكوكتيل" التي تلي العرس مباشرة.

تقديم المشاعل
           هذه العادات كانت معروفة في لبنان ولا سيّما في جنوبه، ففي مساء أحد العرس يتقدّم الأصحاب بالمشاعل المشعشعة بالشموع. والمشعل عبارة عن قالب سكّر، ولم يعد هذا القالب متيسّرًا في الأسواق اليوم. يوضَع القالَب على صينيّة ويُغطّى بالملبّس وما لذّ وطاب من نقول ذلك الزّمان، كذلك يُزَيَّن بالأزهار، ويغرسون فيه الشموع التي يُشعلونها، ويسيرون بها على الطريق في الليل نحو بيت العريس، حيث يُقدِّمون المشاعل للعروسين عربون وفاء ومحبّة. ينصرف الناس مودِّعين ومباركين هذا الزّواج الميمون متمنِّين للعروسين دوام السّعادة والمسرّات بالرَّفاهِ والبنين.
نذكر من العادات السّمجة التي كانت شائعة في الزّمان الماضي البعيد، أنّهم كانوا يُريدون أن يتيقّنوا مِن عذراويّة العروس ورجولة العريس، فكانوا يُصِرّونَ على إظهار علامة هذه العذراويّة في صبيحة اليوم التالي، فيطلقون ثلاثة عيارات ناريّة. وقد تبقى أمّ العروس أو إحدى قريباتها أمام غرفة نوم العروسَين حتّى تظهر هذه العلامة فيتمّ الفرح ويُعلن ذلك على الملأ.
           تلك كانت عادات النّاس وتقاليدهم في زمن البساطة، وهي متنوِّعة ومختلفة بحسب المناطق، واختلاف المناصب، وتوزّع الطبقات الاجتماعيّة، وتنوّع الطوائف والثقافات. فلكلّ عاداته وتقاليده الخاصّة المميَّزة. ولو قمنا بعمليّة إحصاء وجمع لهذه العادات والتقاليد والردّات والأغنيات والزّغاريد والحداء في المناطق اللّبنانيّة المتنوِّعة لملأنا المجلّدات من هذه الآداب الشعبيّة الآخذة بالزوال والسّائرة نحو الاندثار مع زحف المدنيّة العصريّة إلى قرانا الجبليّة وبلداتنا في الجرود البعيدة.       

الهوامش
............
‘1‘-  لحد خاطر، العادات والتقاليد اللبنانيّة، ج 1، ص 241
‘2‘- مِن كتابٍ بعث به المؤرِّخ المشهور يوسف ابراهيم يزبك، صاحب مجلّة "أوراق لبنانيّة"، إلى د. أنيس فريحة، يصف فيه أمر الزّواج في الأيّام القديمة الماضية، يُراجَع: "القرية اللبنانيّة – حضارة في طريق الزّوال"، أنيس فريحة، ص 155
‘3‘- أنيس فريحة، المصدر نفسه، ص 155
‘4‘- مِرجل كبير مِن النُّحاس يُسلق فيه القمح مِن أجل إعداد البُرغل، ويتداور النّاس في الحارة على استعماله في فصل الصّيف، جمعه خلاقين.
‘5‘ - أنيس فريحة، القرية اللبنانيّة – حضارة في طريق الزّوال، ص 161
‘6‘ - "الحنّاء": يُستخرج الحنّاء مِن أوراق شجرة صغيرة، تنمو في البلدان الحارّة، ومنها بلدان الجزيرة العربيّة، وإيران، كما تنمو أيضًا في شرقيّ الهند وشماليّ إفريقية. تعطي هذه الشجرة زهرًا عطِرًا أحمر مثل العناقيد، تُستخرج منه أنواعٌ من الزّيوت العطريّة. تُجفَّف الأوراق، ثمّ تُطحَن ويُضاف إليها موادّ مُثبتة كعصير الليمون والشّاي، وهذه تعطيها اللّون الدّاكن. كان الحنّاء قديمًا يُستخدم في عمليّة تلوين الأقمشة والجلود، وقد عُثِر على مومياء مصريّة قديمة ملفوفة بأقمشة مصبوغة بالحنّاء. يستخدمه الناس في أماكن مختلفة مِن آسيا وإفريقية، فتلوِّن النساء أظافرهنّ وأطراف أصابعهنّ وأجزاء مِن أقدامهنّ بالحنّاء. يُطلق في بلادنا على عصفور صغير اسم أبو الحنّاء، والناس يُسمّونه: أبو الحنّ، وذلك نظرًا للون صدره الذي يشبه لون الحنّاء.
‘7‘ - لحد خاطر، المصدر نفسه، جزء 1، ص 241
‘8‘ - مِن "ضيعتي في البال"، صاحب المقال
‘9‘ - أسهم معي مشكورًا في جمع بعض هذه الأخبار عن الأعراس في منطقة بعلبك السيّد حسن محمّد شمص، وذلك سنة 1994
‘10‘ - المصدر نفسه، حسن شمص

CONVERSATION

0 comments: