قاسم ابو عكر وعمر القاسم والمراغي والعكاوي وعبيدات والأخوان الشريف وابو دهيم وتلك القائمة الطويلة من شهداء القدس محاميدها الأربعة وخامسهم الشلودي يا معتز الآن يستعدون لإستقبالك....ويخرجون لزفك شهيداً ويقولون لك بأن بقائنا هنا مؤقت....فنحن للقدس عائدون شهداء بالملايين....فالقدس هي قبلتنا وهي جنتنا،وهذه الجنة التي نحن فيها خالدون...ولكن سنبعث احياءاً وسنطوف في القدس ونعرج على احيائها ونقبل ترابها وحجارتها ونسجد في أقصاها....وسنزور كنائسها....سنجتمع في ساحة بوابة دمشق معلنين بصوت واحد وهادر لا صوت يعلو فوق صوت القدس،لا احزاب ولا فصائل،نلبس زياً موحداً ونرفع علماً واحداً،لا نقتتل ونتناحر على إنتماء الشهيد بعد إستشهادة،فهو لم يستشهد من اجل راية او يافطة،بل إستشهد من اجل وطن وقضية،سندخلها من بوابتها الرئيسية فاتحين محررين....وسنحملك على الأكتاف يا معتز....وسندخلك للأقصى أيضاً محمولاً على الأكتاف مكللاً باكاليل الغار والعز،فأنت تدخل الأقصى بهامة وقامة مرفوعتين...تدخل الأقصى لست بحاجة لإذن ولا تنسيق ولا تصريح ولا حماية من احد.
معتز الآن أخوتك ورفاقك في السجون سيتذكرون كل لحظة وكل تفاصيل الحياة الإعتقالية التي عاشوها معك،وحتماً كلهم يجمعون بأنك كنت نموذجاً وقائداً،فيما يخص حقوق المعتقلين والذود عنها،وعن كرامة الحركة الأسيرة،الآن كل الزنازين التي عشت فيها عزلك الإنفرادي كئيبة وحزينة،فقد كانت عرين أسد تهاب إقتحامه قوات قمع السجون والسجانين،حتى وهم مدججين بالسلاح وكل ادوات القمع.
معتز شهداء مجزرة الأقصى يسلمون عليك،ويقولون لك الأقصى ليس له فقط رب يحميه،بل رجال تدافع عنه،رجال تدافع عن كرامة أمة،بعدما كانت أمة يعتز ويفتخر بها،اصبحت كغثاء السيل،تحكمها قيادات عاقرة تستدخل الهزيمة وتصفق لها على انها انتصار،قيادات تستمرء الذل،قيادات عارية حتى من ورقة التوت.
معتز الان كل اطفال الثوري وسلوان والمكبر والطور والصوانة والشيخ جراح والبلدة القديمة والعيسوية وشعفاط وبيت حنينا وصورباهر وام طوبا وبيت صفافا،سيسيرون في شوارع بلداتهم والقدس،يرددون اسمك واسم كل شهداء قدسنا،يرفعون شارات النصر والحرية،اطفال تشربوا النضال منذ الصغر،الإحتلال يطاردهم على مقاعد الدراسة يقتحم مدارسهم،يلقي عليهم القنابل الصوتية والغاز المدمع والرصاص المطاطي،يطاردهم في ازقة الحارات والشوارع ويغلق مدارسهم.
معتز شهداء الوطن يعودون لأوطانهم،هكذا يعلم الروائي الراحل الكبير الطاهر وطار،حيث قال بان شهداء الجزائر سيعودون،سيعودون لكي يحاسبوا كل من زنى في القضية والثورة،وكل من تسلق على نضالات وتضحيات شعوبهم،نعم يا معتز أنتم أيها الشهداء حتماً ستعودون،وستقلقون مضاجع كل من قالوا بعبثية نضالنا ومقاومتنا،ستعودون للقدس لترفعوا راية الوطن فوق قباب مساجدها ومآذنها واجراس كنائسها بعد تطهيرها من دنس الغزاة،فلا الروم ولا الفرس ولا الصليبيين ولا العثمانيين ولا المستعمرين الجدد من بريطانيين وفرنسيين ولا كل الغزاة دانت لهم مدينتكم.
الان أرى سبارتاكوس يحرض العبيد على الثورة على أسيادهم مصاصي الدماء،وابا ذر الغفاري يقود جموع الفقراء من اجل إنتزاع لقمة عيشهم من الأغنياء،وتشي جيفارا يقود الثوار من اجل ان تعم العدالة الإجتماعية هذا العالم الظالم،ويقول بأممية الثورة وعالميتها، الان اسمع صوت الراحل الرئيس عبد الناصر يخطب بالجماهير العربية موحداً لها من محيطها لخليجها،ويقول لها "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
الان كل امهات شهداء القدس يجتمعن في ساحة المسجد الأقصى،بعد ان أدين الصلاة في المصلى المرواني،معاهدات أبنائهن أن لا يبرحن الأقصى،وان لا يسمحن بتدنيسه من تتار ومغول العصر.
الآن امهات الشهداء قادمات من كل صوب وحدب في فلسطين من غزة هاشم والضفة والجليل والمثلث والنقب،يجددن البيعة والعهد والقسم لأبنائهن،ويلتحمن مع أمهات شهداء القدس،معلنات عن إستعدادهن لدفع المزيد من الدماء والشهداء في سبيل القدس والأقصى.
يا معتز طمن كل الشهداء بأن الأقصى بخير،وبأن القدس رغم كل الألم والقيد والقمع والذل،ورغم كل الحواجز والجدران،فإن اهلها صامدون مرابطون،هاماتهم وقاماتهم تطاول عنان السماء،عيونهم ترنو نحو الفجر والحرية،لا ينتظرون لا عرباً ولا مسلمين،فالعرب والمسلمين مشغولين بمسلسل ذبحهم الذاتي وإغتصاب اوطانهم وتبديد ثرواتهم،حتى أضحت الخيانة عند البعض منهم علنية وبدون مواربة أو خجل.
أضحى الجهاد محرماً في فلسطين،ومشرعاً في الشام وعاصمة الخلافة ،وكأن الشام هي المحتلة وليست فلسطين،أصبح لديهم طائرات لم نراها ولم نسمع بها في معارك العز والشرف،تغير وتقصف في الشام والعراق،رغم ان القدس أقرب من الرقة والموصل،ولكنها طائرات عربية الإسم فقط،أما من يعطيها ويلقنها الأوامر فهم الأسياد في واشنطن وباريس ولندن.
معتز ما احوجنا ان يعود الشهداء،فالشهداء هم ورثة الأنبياء والصديقيين،الشهداء هم ضمير هذا الشعب وبوصلته،نحن نريد عودتكم سريعاً،فهناك من ضيع البوصلة وحرفها عن اتجاهها،البوصلة أصبحت لا تشير الى القدس،كثرت البوصلات المشبوهة يا شهداءنا، نحن في تيه أدخلنا فيه البعض،وما زلنا في التيه،قد نبقى في التيه كبني اسرائيل أربعين عاماً أو اكثر،عودوا سريعاً فهناك من أبناء جلدتنا من يصر على تجريب المجرب،هناك من ما زال يعتقد بحلب الثور،انتم وحدكم قادرون على إنتشالنا واخذنا الى شط الأمان،انتم من نؤمن بأنكم تقودون سفينتنا نحو الحرية والإستقلال،يا معتز قل لكل شهداء القدس عودوا الان،ما احوجنا الى من ينيرون لنا الطريق....ما زالت صور المحاميد الأربعة والشلودي حية في الذاكرة،وما زلنا نحن من بعدكم ندق جدران الخزان،نحن ننتظر عودتكم في ساحة دمشق،دمشق التي احتضنتنا عرباً عاربة ومستعربة،صغار ثوار وكسبة،هناك من يدمرها باسم الدين،عودوا لكي نتجه للشام معاً،فبدون الشام وبغداد والقاهرة ستضيع القدس وفلسطين.
0 comments:
إرسال تعليق