في أيام عيد الأضحى المبارك، ذكرى التضحية الكبيرة الذي كان سيقوم بها نبي الله إبراهيم عليه السلام بذبحه لابنه إسماعيل عليه السلام تقربا من الله تعالى، و اليوم هو يوم الوقوف بعرفة، حيث يلتقي المسلمون من كل حدب وصوب، حيث يقفون في مكان واحد و على جبل واحد، لا تفرقهم اللغات و لا المسافات و لا الطائفية الهوجاء، توحد بينهم كلمة التوحيد، الله اكبر و شهادة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله...
الله اكبر يا من امتثل له إبراهيم و إسماعيل بروحيهما عليهما السلام، أحدهما كان سيهدي روحه عن طواعية و الآخر كان سيهدي روحه أيضا، فروحه هي ابنه و قرة عينه الذي أتى بعد زمن من الترقب و الانتظار...
مقابل هذا الإيثار و هاته التضحية و هذه الأخوة التي تجمع الحجاج من كل مكان في يوم عرفة وفي مكة من كل دولة، أراني أتساءل سؤالا يؤرقني، كيف يجمعكم دين واحد و دم واحد في بلد واحد وانتم قادمون من بلدان متفرقة، و كيف تتفرقون حينما تعودون لبلدانكم و ما زال نفس الدم يجري في عروقكم؟
يحيرني السؤال، كيف للجيران من دم واحد، دم عربي، المفروض أن يوحد و لا يفرق أن يتقاتلوا وينساقوا وراء أفخاخ نصبت لهم؟
كيف للدول الجيران أن تكن هذا العداء لبعضها البعض عوض أن تفتح المعابر والحدود لتساند بعضها بعضا؟؟؟
كيف لبلدين مسلمين جارين أن يتقاتلا على الحدود و يكره بعضهم بعضا لأن هناك سياسات ارتأت أن تشيع الكره في قلوب هذا من هذه الناحية و ذاك من الأخرى، أمثلة كثيرة ومتعددة للأسف، فهذه السعودية مملكة الأمن و الأمان و اليمن جارتها منذ الأزل، بلدين جارين، كان شعبيهما متآخيين، اليمني يعمل في السعودية دون الحاجة لإثبات جنسيته والسعودي يستثمر في اليمن و كأنه يدخل بيته، فنرى الآن هذا الصراع الذي كان سببه الظاهري...مجموعة من الحوثيين انفصلوا ليعلنوا التمرد....
هذا المغرب و الجزائر، بلدين جارين حتى أن منطقة الشرق المغربي تتحدث بذات اللكنة الجزائرية، قبائل امازيغية جزائرية و أخرى امازيغية مغربية تتحدثان نفس اللهجة تقريبا، نلتقي الجزائري فنرى حبه للمغربي و نلتقي المغربي فيساند أخاه الجزائري، كيف يساند المغرب الجزائر لمحاربة الاستعمار الفرنسي و تأتي مرتزقة صغيرة، شرذمة انفصالية لتكون ما أسموه بالبوليساريو و تفرق بين الجارين؟ من وراء كل هذا؟؟؟
من وراء اغتيال الرئيس "رفيق الحريري" بلبنان و نسب مقتله للجارة سوريا، سوريا و لبنان اقتصادين لا يتفرقان عن بعض و لهجتين لا تختلفان كثيرا و جوار أقرب من شرايين القلب، وشعبين يحب كلاهما الأخر مسيحيون و مسلمون، من وراء كل ما يحدث هناك و من يريد أن يفرق الجار عن الجار و لمصلحة من يحدث هذا؟؟؟
هذه مصر، يسمونها أم الدنيا لأنها كانت تستوعب العرب من كل العالم، تقفل معابرها في وجه الجيران الفلسطينيين و تزيد من شدة حصارهم، و يستقبل مسئولوها جارا آخر لربما هو حل السؤال، مسئولو إسرائيل يزورون مصر باستمرار و يستقبلون بحفاوة...
هذه العراق حينما يخرج أهلها لسوريا الجارة، يعاملون وكأنهم لاجئين من المريخ، و حينما يلجئون للأردن تقول أنها تريد الحد من الهجرة...
مسافات قليلة تفصل بين بلدان عربية جارة، بلدان وحدتها حروب قديمة ضد عدو واحد، فمن المغرب رحلت كتيبة مشاة و سلاح طيران إلى مصر و اجتمعت بجنود سوريا و فلسطين وجزائريون سافروا للانضمام إليهم و عراقيون وزعوا بين سوريا و مصر و كويتيون و جنود من السودان والأردن و السعودية ليدافعوا عن الجولان و سيناء و فلسطين...
الآن أين كل هؤلاء ولمصلحة من يتفرق الجيران؟؟؟
السؤال لا يحتاج إلى تخمين و لا أنا أو انتم تنتظرون جوابا و الكل يعلم من وراء خصام الجيران ولمصلحة من يتم ذلك، فحينما نريد أن نطبق سياسة فرق تسد نبدأ بالأقربين و ليس هناك اقرب من دولة لجارتها...
إذن...
فانا الآن لست ابحث عن جواب لسؤالي...
إنما أتساءل لماذا نقع نحن في فخ الجواب؟؟؟
إن كانت هاته الأيام المباركة تجمع في وقفة عرفة و طواف الحج بين كل الجيران و بين كل البلدان، فلتكن لنا وقفة في كل مكان في العالم، وقفة إلى جانب بعضنا البعض، نمد يدنا لغيرنا، ننبذ العنف والطائفية، لست أتكلم عن السياسات و لا عن القوى الكبرى، أنا أتحدث عنك و عنكم و عني...
لنقف معا مثلما نتمنى أن نقف جميعنا في عرفة و لنفتح قلوبنا لجيراننا إن لم نستطع فتح الحدود، فبالفكر المليء حبا والروح التي تتطلع نحو المستقبل سوف نعود أمة واحدة بدون حدود، أمة لن يستطيع أحد أن يفرق شملها....
لا تكرهوا، لا تبغضوا، لا تبخسوا الآخر حقه...
امحوا الضغينة من القلوب و استعيدوا الحب المسلوب، أعيدوا إلينا أملنا في الشعوب...
و عيدكم مبارك سعيد و كل عام و انتم بألف خير
المملكة المغربية
1 comments:
نعم الجواب واضح
كل عام وانت مبدعة
ابو ياسر
إرسال تعليق