في إطار الحملة الدعائية الإعلامية الكاذبة التي تقوم بها إسرائيل في المحافل الدولية وفي أروقة مجلس الأمن الدولي وتهيئة الرأي العالمي، بأن الفصائل الفلسطينية ستخل بتوازن الرعب وقواعد اللعبة، لما تمتلكه من ترسانة أسلحة، فسارعت تشتكي لمجلس الأمن بأن صواريخ غراد يصل مداها 60 كيلو متراً دخلت إلى غزة وأن المئات موجه صوب المدن الإسرائيلية ومنشآت إستراتيجية وحيوية، وفي هذا الأسبوع سارع وزير خارجية الاحتلال بتقديم شكوى إلى مجلس بأن الفصائل الفلسطينية أطلقت قذائف مزودة بمادة الفسفور، وقبل أسبوعين كشفت وزارة الحرب الإسرائيلية أن الفصائل الفلسطينية تمتلك صواريخ مضادة للطائرات، وربطت ذلك بسقوط طائرة استطلاع إسرائيلية شرق القطاع، إضافة إلى تهريب صواريخ متطورة مضادة للدبابات تعمل بالليزر منها( ساغر وكونكورس وكورنيت)؛ يمكنها إصابة الهدف بدقة، وفي سابقة إبان الحرب على قطاع غزة في ديسمبر 2008م، عندما وظفت الدعاية الإسرائيلية نفسها لتهيئة الأجواء الدولية والمحلية لتقبّل فكرة الحرب، فقالت أن صواريخ فلسطينية تحمل مواد كيماوية أطلقت على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، وما زاد الطين بلة أن الفصائل الفلسطينية أخذت تتصارع فيما بينها وتتنافس على تبنّي تلك الصواريخ البدائية والبسيطة التي ربما لم تسقط في الجانب الإسرائيلي، وفي أكثر من مرة تدوي صفارات الإنذار في دولة الاحتلال لتنذر بسقوط صواريخ محلية فلسطينية وتؤكد وسائل الإعلام صحة الخبر، ليتبين فيما بعد أن خللاً فنيا وراء إطلاق الصفارات ولم يكن هناك صواريخ، بينما المقاومة الفلسطينية تترقب وتتبني العمليات.
عدّة صواريخ فلسطينية محلية سقطت هذا الأسبوع على تجمعات فلسطينية في القطاع شرقه وجنوبه كادت أن تتسبب في سقوط ضحايا، ولولا تدخل عناية الرحمن لكُنْتُ أحد هؤلاء الضحايا.
وهكذا تُساق الكثير من الأمثلة وكأنّها صواريخ كبيرة مثل صواريخ كوريا الشمالية أو الصواريخ الإيرانية. تسعى إسرائيل إلى تسويقها على أنها صواريخ بعيدة المدى وتصويرها بأسلحة الدمار الشامل كما صنعوا في العراق، وهكذا أي شخص في العالم يسمع بمصطلح صاروخ بعيد المدى يعتقد بأنه صاروخ "بالستي" يصل مداه لأكثر من ألف كيلو ويحمل رأساً متفجراً يزيد عن الطن أو نووي، التي في النهاية تخدم الدعاية الإسرائيلية لشرعنة العدوان على الشعب الفلسطيني ومنحه الغطاء القانوني والدولي، يسببه عدم الحنكة السياسية الفلسطينية في إدارة الصراع، وقد برزت العديد من النماذج التي أصابت المقاومة الفلسطينية في مقتل، عندما أخذت الفصائل على عاتقها تبنّي عمليات فدائية والإفصاح عن أسماء المنفذين و"الاستشهاديين" أدى ذلك إلى إحباط العديد من العمليات وكشف الجهة المسئولة والمكان، على طبق من ذهب لأجهزة الأمن الإسرائيلية، وتسويق ذلك لخدمة الأهداف الإسرائيلية من تعاطف وتأييد. تمهيداً للعدوان وبأسرع ما يمكن بحجة تواصل تسلح المقاومة بوسائل قتاليه أكثر تطورا سيصعب علي الجيش الإسرائيلي مواجهتها في المستقبل.
إن من حق الفصائل الفلسطينية ورموزها أن تفتخر بقدراتها العسكرية المتواضعة، ولكن في حدود الحديث القائل: (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه) أخذين بعين الاعتبار عدم المبالغة بما تمتلكه من عدة وعتاد، مقارنة مع دولة الاحتلال التي تمتلك الترسانة العسكرية الضخمة والمحرمة دولياً والأشد فتكاً بالبشر لم تفصح عن نوعها أو كمها حتى الآن والتي تتنوع من سلاح نووي وكيماوي، حربي جوي وبحري وبري، لكن يفهم أن دولة الاحتلال قبل نصف قرن تمكنت بسهولة من إلحاق الهزيمة بالجيوش العربية في آن واحد، لكنها استنزفت أمام مقاومة الشعب الفلسطيني البسيطة.
كاتب وباحث
0 comments:
إرسال تعليق