محاولة إنقلاب فاشلة..!!/ موفق ساوا

سيدني   
 ما ان تسطع، في دروب المعرفة، ثقافة العقول المبدعة، كشروق الشمس الساطعة، حتى تشرع بإرسال شعاعها، لتكشف عن الاقنعة المزيفة، والكلمات المستهلكة، وتحرق الصور الكارتونية لثقافة الكهوف المظلمة الهزيلة المحشوة باقطاف السجائر المرمية في عواصم التخلف.
ما ان تسطع شمس الثقافة ونجومها في كبد الحقيقة، حتى تنهض أقلام الحـروف الحرة، حاملة مناشير غير سرية للحب والسلام، المملوءة بحيوية الفعل والفاعل والمفعول به والمطلق لتضم افعال جديدة وترفع الاعمال المبدعة كناطحات السحاب، وتنصب الخيام لمهرجانات الفرح القادم من أعماق القلوب الحزينة وتدع كل الطيور الملونة ترفرف في سماء بلا غيوم لا تعصر غيثها لأنها تفتقد لقطرات الماء....، غيوم كدرة جافة  لاهم لها الا ان تحجب شمس الأمل عنا، وَ تـَحول دون ان تتغذى طيور الاقلام المبدعة بحروف الحقيقة ، التي ترفرف اسرابا اسرابا، تأبى ألا ان تمزق اقنعتهم واظهارهم على مسرح مضاء لكشف حقيقتهم، لتبقى أساطير (ميثولوجيا) بلاد الرافدين، التي ابدعت ملحمة جلجامش، والملكة شميرام، وما شاكلها، في عرس ٍ كعرس العصافير المقام على شجرة الثقافة الباسقة ألخضراء  حاملة فاكهة جميلة بلون قوس قزح.
وفي مقابل هذا الخصب الثقافي، نشاهد في الضفة المعاكسة، عدم ذوبان الثلوج من على صدور أشباه المثقفين، الجالسين القرفصاء في دهاليز مظلمة، لفقدانهم حرارة التعبير ذاتيا، نتيجة ضياع ميزان سين من كتلتهم المهتزة والمائلة الى اليمين تارة، والى الوراء تارة اخرى معللين فشلهم بالتحضير (للإنقلاب) على الأعمدة الثقافية المضاءة على جانبي الطريق.
ورب سائل يسال: لماذا تـذوب ثلوج القمم المبدعة دون سواها..؟!
واستطيع ان أُجيب وأجزم بأن القوة الموسيقة، لمقطوعة - بحيرة البجع - السمفونية الخارقة، التي لحنها المبدع تشايكوفسكي بسلم موسيقى متناغـم ومتناسق ويتبعها غناء الحروف الجميلة ورقصة الازهار الملونة وسط  فضاء الله، الخالية من الاسلحة الجارحة ومفخخات الشوارع المهجورة، هي التي تُذيب الثلوج من قمم المبدعين..!!.
إن المرصد الثقافي، يحاول كشف المستور، عن العقول المحشوة بالتبن المخلوط، بروث الحيوانات الموروثة من بقايا الانظمة، التي جرفتها مياه الامطار الغـزيرة، محاوِلَةً التشبث بأذيال الحيتان  وامتطاء ظهور الخيول الثقافية ولا يعلمون انها من خشب منخور وما كانوا يحلمون ألا بقمامة العصور، ما قبل وبعد، الجاهلية، وتدل رؤية القمامة في الحلم، على سوء تدبير وتنظيم الحروف والجمل في كلمات لها وزن وقافية.
 ن ما يحدث الان، في المشهد الثقافي (في مدن الخريف العربي)، هو إنشطاره الى نصفين، نصف محمل برطب البرحي السيابي، والنصف الاخر محمل بمسدسات كاتمة لأصوات الثقافة، للإستيلاء على دواووين المتنبي، والمعـري، وسعدي يوسف، والبياتي، في عملية سطو يتم التحضير لها، في محاولة لإنقلاب دموي من أحزاب ثقافة الكتب البالية السوداء المستوردة من القرون الوسطى، ظانين، أن المثقفين المبدعين لا يفطنون الى مؤامرتهم التي تحاك ضدهم في قصورهم المبنية بفضلاتهم الملفوفة بلحاياهم العفنة، دون ان ينتبهوا الى طريقهم المزروعة بقشور الموز ..!!.
وفي النهاية سندرك أن فضاءهم الداخلي لا تغادره أشباح الظلام وعفاريت أوهامهم بل سوف تبقى تعشعش بين اضلاعهم الخالية من قلوب الكلمات المشعة فيحاولون بمعاولهم الصدئة تهديم مكتبة اشوربانيبال وتفخيخ مكتبة الحكمة ليرقصوا على اشلاء وهياكل القصائد التي تبقى معلقة على جداران المدن التي ما زالت تعزف الحان السيد درويش وأغاني  فكتور جــارا وتشدو أناشيد الارادة والتصميم على السير بعجلات الثقافة الجديدة، لتكنس نفايات القرون الغابرة، ليبقى فكر النـَيـِّرين كالدرر في قمم المهرجانات ويجوب العالم كسفير للثقافة الحرة المبدعة وفي نهاية النفق لا يصح الا الصحيح، فمحاولة إنقلابهم فاشلة كفشلهم في رسم لوحة مظلمة للعالم ناهيك عن رسوبهم في امتحان بناء قصائد تحمل جماليات القرن الحديث...
..................................
*رئيس المؤسسة العراقية الاسترالية للثقافة والفنون
 رئيس تحرير جريدة العراقية الاسترالية
aliraqianewspaper@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: