ما بين الثورة الفرنسية 1789م والثورة العراقية 2015 م/ يوحنا بيداويد

ملبورن/ استراليا

يعتبر المؤرخون الثورة الفرنسية التي أطاحت بإمبراطورية ماري انطوانيت (1)، من أعظم الثورات التي الهمت الشعوب والأمم والقوميات في العصر الحديث للسعي الى تحررها من قيود النظام الملوكي والامبراطوريات والدكتاتوريات، حيث تعد هذه الثورة بداية عصر الديمقراطية وحكم الشعب بنفسه، حيث رفعت هذه الثورة الشعارات (الحرية – الأخاء -المساوة) التي اعطت الامل للشعب الفرنسي المنقسم بسبب طبقاته الاجتماعية. وعلى الرغم من نجاح الثورة نجاحا ساحقا في بدايتها الا ان الثورة لم تحقق هدفها في عشر سنوات الاولى، حيث انتخب روبسيير قائد اليعاقبة قائدا للثوار والطبقة الفقيرة، الذي قام باعدام الملك لويس الرابع عشر مع زوجته الامبراطورة ماري انطوانيت في ساحة كونكرد (ساحة الجمهورية) في وسط باريس في 21 كانون الثاني 1793.  حينها حاولت الطبقة الاقطاعية القريبة من الملك وقادة العسكر (الجيرونديين) الرد على روبسيير وجماعته، فحدثت حروب داخلية وصراعات محلية وانقسامات بين الثوار أنفسهم بسبب تسرب نفوذ اصحاب  الدنيئة ووصلت الى مصادر الحكم والقانون، ادت الى ظهور تاثير لها على روح الثورة نفسها، حيث اتيحت الفرصة امام روبسيير ان يصبح جلادا ويعدم اقرب اصدقائه دانتون  مع اكثر من 5000  معارض اخر له بوضع راسهم تحت المقصلة، لم تنتهي الحرب ألاهلية والصراعات الداخلية لحين تم تصفية قائد الثورة نفسه  (روبسيير) من قبل جماعته و بوضع راسه تحت نفس المقصلة التي قطعت راس ماري انطوانيت وزوجها الملك، بعد اتهامه بالخيانة من قبل الجمعية الوطنية.

مر العراق باشع صورة من الحرب الاهلية والطائفية منذ 13 عشرة سنة، حيث تولى الحكم احزابا قومية ودينية ورجال فاسدين لم يعملوا سوى على سرقة الاموال العامة، والتعاون مع الدول الاقليمية مثل السعودية وإيران وتركيا. ثلاث حكومات حكمت منذ حين، كانت الواحدة اسوء من الأخرى، تناوبوا على مقاليد الحكم باسم الدين وثوب الحشمة والعفة، لكن اغلبهم مارسوا مهنة الصوص، ثلاثة انتخابات اقيمت ولكنها مزورة بدليل المشاركين في هذه الحكومات لم يملكوا الروح الوطنية الا القليل منهم، فلم جدا منهم من يعبر عن هموم الشعب او ينتفض ضميره لما جرى من السرقات بعلمه، بالعكس كانوا في اعلام الخارجي كانوا يظهرون لنا انهم أعداء، بينما في الحقيقة كانوا يتقاسمون كانهم يتقاسمون الكعكعة؟!!!، لم نجد بينهم خرج من الحكم واياديه نظيفة الا القليل منهم!!.

في 31 تموز الحالي وبسبب الحر الذي ضرب الوطن لم يقدر الفقراء والمهجرين والنازحيين الذين تم سرق مساعداتهم على عدم تحمل طوق الحر الذي ضرب الوطن المحرق بنار السياسيين وطبخاتهم الفاسدة، فبعدما امنوا، لم يعد لهم شيئا اخر يخسروه بعد موت 52 طفلا من شدة الحرب بغياب الكهرباء، فخرجوا افواجا أفواجا في مسيرة كبيرة، لم تشهد مدينة بغداد الحزينة مثلها منذ نصف قرن تقريبا، توجهوا الى امام ساحة البكاء، الباب الشرقي، امام البوابة التي وضع الفنان الخالد جواد سليم الواح ونصب رموز تعود لأجدادهم (العراقيين القدماء)، الذين كانوا يقودون العالم في تقدم حضارتهم ومعرفتهم وسلطته العسكرية.

سؤالنا للمتظاهرين هل قراتهم ما حصل في الثورة الفرنسية قبل 225 عاما، لنا كل الامل بان الشعب فاق فعلا من سباته او زال عنه أثر مخدره !! وأدرك نيات قادته الذين البعض منهم كانوا يعمل مثل مرتزقة للدول الأجنبية، عملوا على سرقة البلد ونهبها باسم الله والدين، لنا الامل يفهم العراقيين ليس لهم كلهم خلاصا لا في الأحزاب القومية ولا في الأحزاب الدينية ولا في الأحزاب المذهبية ولا في النظام العشائري، انما خلاصهم بخلاص الوطن، ومستقبلهم مع مستقبل الوطن، كل الوطن (كل المواطنين)، بخلاف ذلك اعدائهم يفكرون في التقسيم والتمزيق وخلق الصراعات بينهم، حتى ان يأتي الموت ويدق ابوابهم ويهدي الانتصارات للدواعش اعدائهم، ان لم يتحدوا والا استعدوا لحفر القبور ؟!!

أملى من المتظاهرين الواقفون تحت بوابة الحرية اتي تحمل رموز الحضارة العراقية القديمة ان يفهموا النقاط التالية:
1-   ان لا يخون أحد منهم وطنيته مقابل حفة من النقود التي سرقها اللصوص يهدونها اليوم إليهم مقابل تراجعهم او تحجيمهم من ثورتهم الوطنية.

2-   الاستمرار بالمطالبة الإصلاح التام من اعلى هرم الى ادناه، من الدستور والقضاء والسلطة التنفيذية والتشريعية، الى الوزارات الى اخر موظف في الدولة وبناء جيش عراقي وطني لا يتم ذكر الهوية او القومية في سجلهم ويطرد كل من يتحدث او يبوح عنها.

3-   تشريع نظام العدالة الاجتماعية لشمل الفقراء والايتام والعجزة برواتب رمزية تساعدهم على العيش بكرامة.

4-   المطالبة بحل الأحزاب التي أشرفت قادتها على نشر الفساد والقتال الاهلي وقام البعض منهم بالخيانة للوطن على غرار الحذر المفروض على حزب البعث المقبور الذي استخدمه المجرم صدام حسين في حكمه 35 عاما.

5-   تشكيل جبهة رسمية من قادة المتظاهرين لتمثليهم جميعا وحمل مطالبهم على تكون مطاليب وطنية وعدالة وشاملة مثل الثورة الفرنسية ( الحرية والاخاء والمساواة)  تخدم كل العراقيين  ونابعة من روح وطنية خالصة.

6-   مطالبة تقديم الفاسدين للمحاكم وعدم قبولهم في الحكم باي طريقة كانت والا سرطان الفساد يسري في جسد الوطن والحكومة ويشله وقد يقود الى موته (زواله من الخارطة السياسية)>

7-   تشكيل هيئة إعلامية مستقلة من القنوات والصحف والإعلاميين والاذاعات لبث الاخبار والتقارير الصادقة البعيدة عن التزوير او الترهيب او التلفيق.

8-   تقديس الحياة كل عراقي بغض النظر عن خطئه او خيانته وعدم اللجوء الى العنف بتاتا وانما التشبث بالحقوق على طريقة غاندي ونيلسن مانديلا ومارتن لوثر كينك.

9-   التفكير لتأسيس حزب علماني ذو اهداف وطنية بعيدة عن الطائفية والسلطة الدينية والاحزاب القومية والاستعداد للدخول في الانتخابات القادمة.

10-   تأسيس مجمع علمي عراقي مستقل من الحكومة الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية، يعمل مع المؤسسات الحكومية على التفكير لبناء الدولة العراقية القادمة بروح وطنية على غرار روحية الشهيد عبد الكريم قاسم.

في الختام أتمنى لكم ولكل العراقيين النجاح والتوفيق في مساعدكم لتخليص الوطن من براثين السراق والاعداء والجيران وكل ذي نفس دنيئة.


..................
1-الملكة ماري انطوانيت قالت لحاشيتها حينما رات الجماهير الجائعة تتظاهر امام قصرها المشهور فرسايي “إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء. دعهم يأكلون كعكاً"

CONVERSATION

0 comments: