شابيل كوربي والهوس الإعلامي/ عباس علي مراد

فكرت ملياً قبل أن اكتب عن شابيل كوربي المدانة بتهريب المخدرات إلى اندونيسيا، والتي أمضت 9 سنوات في سجونها وأطلق سراحها بكفالة مشروطة الإثنين 10/02/2014.
الدافع الرئيسي للكتابة عن الموضوع ليس الشخص المعني وان كانت تتمتع بمواصفات جمالية اعتبرها البعض سبباً كافيا للوقف الى جانبها، والتي ارى انها يجب ان لا تكافأ على تهريبها المخدرات والاستفادة المادية لبيع قصتها للأعلام مع العلم بأن هناك قوانين تنطبق على مثل تلك الحالات. لكن الدافع كان الزوبعة الاعلامية والهوس الإعلامي والذي شكّل رأي عام متعاطف مع كوربي متناسياً انها مدانة بتهريب المخدرات.
الإعلام الريعي يركز على الإثارة من أجل كسب المزيد من القراء والمستمعين والمتفرجين وبيع المساحات الاعلانية ذات المردود العالي، وهذا شيء مفهوم في الإعلام ولكن يجب الا يكون على حساب الحقائق.
عائلة كوربي، والتي دخلت اللعبة الاعلامية من أجل الكسب المادي، تخلّت عن القناة التاسعة والتي حملت لواء الدفاع عن كوربي لسنوات ،لصالح القناة السابعة والتي ابدت استعدادها لدفع مبلغ كبير ،والذي قد يصل الى 3 مليون دولار في سابقة هي الأولى من نوعها من أجل الحصول على حصرية مقابلة شابيل كوربي ،وقد لاقى تصرّف القناة السابعة انتقادات حتى قبل بعض العاملين فيها حيث قال ديفيد كوش مقدم برنامج الصباح (شروق شمس) شخصياً أجد الأمر منافٍ للأخلاق مضيفاً "اعتقد اننا كمؤسسة إعلامية يجب ان لا نتعامل مع الموضوع كلياً. لا أوافق مطلقاً على ان ندفع مبلغ 2 مليون دولار لمتهمة بتهريب المخدرات (س م ه 15/02/2014 ص 11 قسم ما وراء الأخبار)، وقد أيّد وزير الخزينة جو هوكي موقف كوش في تغريدة على تويتر قائلاً: جيد، اننا نرسل الرسائل الخطأ إذا ما دفعنا لمهربة مخدرات لتروي قصتها" واتخذ رئيس وزراء كوينزلند كامبل تيومن موقفاً مشابهاً لموقف هوكي.
وقد شنّ الكاتب ريك فينلي في مقالة له بعنوان الحسابات الصغيرة القذرة للقناة السابعة (س م ه 12/02/2014 ص 19) هجوماً على القناة ليس لدفعها لكوربي فقط، بل لدفعها مبلغ 150000 دولار لصديقة سيمون جعيتاني راشيل لويس التي تصرّ على براءته من قتل صديقته ليزا هارنوم، وذكر فينلي في مقالته أن القناة دفعت لعائلة هارنوم  ايضاً حيث رفضت والدتها جوان التكلم للصحافة بعد الحكم لأنها ملتزمة مع القناة السابعة بعقد.
وتحدثت مؤسسة فيرفاكس الإعلامية عن مقاطعة عائلة كوربي لها وتجنب الإجابة عن اسئلة مراسليها. ويذكر ان مجلات نسائية استرالية اساسية مثل (ذي استراليا وومن ، وومن ويكلي، نيو آيديا، وومن داي) كانت متواجدة في بالي أثناء اطلاق سراح كوربي.
رغم كل هذا السيرك والهوس الإعلامي يعتقد ان عدد المهتمين بقضية كوربي قد انحدر إلى ادنى مستوى 10% بعد ان بلغ ذروته 75% عند توقيفها عام 2004. وكذلك نحمد الله ونشكره أنه لا يزال هناك إعلام رصين وإعلاميون يحرصون على تقديم الحقيقة ولا يريدون ركوب موجة الرأي العام، والذين قادوا حملة ناجحة لمكافحة العنف الناتج عن الإفراط في تناول الكحول في قلب مدينة سدني.
وهنا نرى وجوب وضع حد لتصرفات الإعلام الريعي ومحبي الإثارة من قبل الرأي العام ومن قبل حاملي الأسهم في المؤسسات الإعلامية لأن للإعلام دور إجتماعي ثقافي إنساني مسؤول بعيداً عن الاسفاف والاستخفاف بعقول البشر.
وأخيراً ،هل كان علينا ان ننتظر وزارة العدل الأندونيسية لتضع حداً لهذا الهوس والابتذال الإعلامي وتذكير شابيل كوربي بأن إطلاق سراحها مشروط وفي حال تجاوز تلك الشروط لانها قد تجد نفسها خلف القضبان مجدداً، ويجب ان تتوخى الحذر بأقوالها في حال اجراء اية مقابلة معها.
ونأمل ان لا يلجأ اي حزب سياسي في المستقبل وعلى طريقة اجتذاب المشاهير وان كانوا قد بنو شهرتهم على الفساد  والفضائح ترشيح كوربي الى مجلس النواب!!.
سدني
Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: