كلما لاح في الأفق بريق أمل ووميض تفاؤل باقتراب تحقيق المصالحة الوطنية بين حركتي "فتح" و"حماس" ، فسرعان ما تتبدد الآمال والأحلام ، وتتبخر أجواء التفاؤل ، وتعود الأمور إلى البداية من نقطة الصفر . ويبدأ كل طرف بتوجيه اللوم والاتهام للطرف الآخر ، حتى بات الكثير يرى أن هذه المصالحة ليست سوى كذبة كبرى ، وغدت وهماً وسراباً ، ولن يكتب لها النجاح بسبب الدوافع والخلفيات السياسية والفكرية التنظيمية ، والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة ، وتعنت الطرفين وافتقادهم للإرادة السياسية الجادة .
إن فشل جهود المصالحة يعني بالتأكيد المزيد من التشرذم والانقسام المجتمعي والتناحر الداخلي ، وخلق وقائع جديدة على الأرض ، ومخاطر هذا الانقسام أكثر من أن تعد وتحصى . أما المصالحة الوطنية فهي التي تجعل الفلسطينيين أكثر قوة في مواجهة التحديات وكل المشاريع التصفوية التي تنتقص من الحقوق الوطنية الفلسطينية ، وفي صلبها ومقدمتها خطة كيري سيئة الصيت . وهي التي تشكل الدرع الواقي للكفاح الوطني التحرري والمقاومة الشعبية المشروعة ، وتصون النسيج الاجتماعي الفلسطيني ، وتحمي الجغرافيا الفلسطينية .
هنالك أخطار محدقة بالقضية الفلسطينية فضلاً عن التحديات الكثيرة التي تواجه شعبنا ، على ضوء ما تتعرض الأرض الفلسطينية من أعمال استيطانية واستيلاء على الأراضي وحقول الزيتون ، والاقتحام العنصري الغاشم على الأقصى . وعليه فإن إنهاء حالة الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والميدانية هو الخيار الوحيد لتفويت الفرصة أمام أعداء شعبنا من تحقيق أهدافهم ومخططاتهم المشبوهة الرامية إلى التصفية الكاملة للقضية وللحق الفلسطيني المشروع ، وعلى القيادة الفلسطينية التمسك أكثر بالثوابت الوطنية وعدم الرضوخ للضغوطات الأمريكية والإسرائيلية والعربية ، ورفض التوقيع على أي اتفاقية حتى لا تكبل الأجيال القادمة .
لقد حان الوقت الاستماع للإرادة والرغبة الشعبية بتجاوز الخلافات والشروع بتطبيق اتفاقات المصالحة ، بما يضمن عودة العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية . والمطلوب ممارسة الضغط على الفصائل الفلسطينية وإرغامها على الانصياع للمصلحة الوطنية بعيداً عن الأجندات الفئوية الضيقة ، لتوحيد الصف والموقف الوطني الفلسطيني القادر على التصدي ، ومقاومة مشاريع الاستيطان والتوطين والتهجير ومصادرة الحقوق الفلسطينية ، وفي مقدمتها حق العودة .
0 comments:
إرسال تعليق