الجزء الثاني ☆
أنا لا ألوم الصبح إن ولى وودع أرضنا
فالصبح لا يرضى هوان العيش فى وطن ذليل
أنا لا ألوم النار إن هدأت وسارت نخوة عرجاء فى جسد عليل !!
فاروق جويدة☆
كم هو صعب ان تولد لاجئ؟
و تعيش لاجئ؟
و تسمي لاجئ؟
وان يعلن ذوي الغربي بكل بجاحة
بانك من اختار ذلك؟
أخذ (عامر) نفسا طويلا وهو يجول ببصره بين حامد وبقية الرفاق
وقد اطبق عليهم الصمت؟
ليس لدهشتهم لروايته ؟
ولكن احتراما له؟
فهم مثله؟ يحملون أطنانا من المآسئ والاحزان
وتنقصهم شجاعة البوح فقط ؟
أحس عامر بالارتياح بعد سرده للمحن التي عاشها
وكأنه انزل حملا ثقيلا كان جاسما
علي صدره وانفاسه
وكسر حامد الصمت كعادته
وهو يحول سؤاله الي ضحية اخري من ضحايا ظلم الانسان لاخيه الانسان؟ لقداصبح حامد مثل قائد الاوركسترا وهو يوزع في الادوار و اختار ابراهيم
المنزوي في ركن صالة الفندق وقد اعطي ظهره للتلفاز غير آبه بما ينقله من اخبار
حامد / كيف حالك أخي ومن اين أنت؟
ابراهيم / مرحبا انا من قبيلة*[ التغري ] وذكر القبيلة اهم وسائل التعارف في ارتريا ويختصر ذكرها الكثير في العادة بين مواصلة الحوار او التوقف؟
واهلي من ميناء* ( مصوع)
ولدت ودرست بمدينة جدة السعوديه
حامد : ضاحكا مرحبا باهل الريال والكبسه والعقال؟
انت محظوظ يا ابراهيم
لانك لم تعاني مثلنا
ولا تعرف معسكرات الاعتقال مثل*( ساوا ) ولا المآسي التي يعيشها اهلك في ارتريا؟
ولابد ان قصة عامر التي حكاها قبل قليل ادهشتك !!!
ابراهيم : ضاحكا وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامة ساخره ربما من حامد او من واقعه وما يخفيه صدره من اوجاع ومرارت !!
كان ابراهيم شابا متوسط القامة
وفي نهايه العشرينيات
ولاتخفي ملامحه السمراء بعض النعيم الذي شهده في فترة ما من عمره
انا فعلا ولدت بالسعودية أخي حامد واكملت الثانوية العامة هناك ولكني ذهبت الي ارتريا قبل ثلاث سنوات
بعد وفاة والدي كنت كبير الأسرة
اتصل بي عمي من مصوع
بان منزلنا والذي كانت تقطنه اسرة بالايجار
وهو مكون من ثلاثة
غرف
قسمته الحكومة وصادرت نصفه لصالح أحد الجنود القدامي !
ولابد ان يحضر احدنا لاسترداده وإلا ستبتلع الحكومة
المنزل كما ابتلعت من قبله
الكثير من الحقوق و الأرواح ؟
ساد صمت رهيب بين كل الجالسين ولم تسمع سوي الأنفاس تتقاطع في صعود وهبوط
والعيون تحاصر ابراهيم متمنيتا
ان تكشف اغواره
وان يكذب إحساسها
بانه انتصر علي وحوش النظام رغم استحالة ذلك من الواقع المعاش؟
بينما هناك امام طاولة استقبال الفندق وقف موظف تركي عجوز
يجول ببصره بين التلفاز تارة ورفاق حامد تارة اخري
ربما كان يتسائل العجوز عن هذا الصمت
وكيف هم هؤلاء الأفارقة؟
رغم اعمارهم
التي تدل علي ريعان الشباب ولكن بصمتهم هذا
وكانهم يكبرونه عمرا وعجزا
وهو الذي شارف السبعين
تدخلت * حرية
تسأل ابراهيم عن بقية ما حدث في الحاح
وقد ارتسم علي وجهها حزن عميق
ينبأ عن قرب قدوم سيل من الدموع
كعادة النساء عموما
قد تبكيهم أحداث فيلم
رغم علمهم سلفا انه مجرد تمثيل !
واصل ابراهيم حكايته
بعد ان أخذ نفسا عميقا
يخرج به بعض مما يكبس علي صدره
لقد توجهت الي قنصلية ارتريا في جدة
ودفعت مبالغ طائلة باسم رسوم وجبايات
ولاول مره اتوجه الي وطني
وكم تمنيت سابقا الذهاب
لاتحقق من هذا الحنين الذي جسدته
حكايات أمي عن وطني
ولكني أذهب الان وانا خائفا من فقدان دارنا في مصوع ولن تجتمع المتعه مع الخوف ؟
أبي لم يترك لنا شيئا
غير المنزل في مصوع
فقد كان مرتبه يضيع بين رسوم الكفيل ومصاريفنا؟
ونحن ثلاثة اخوة
وصلت أسمرا ومنها الي مصوع
ولن أستطيع اليوم ان اتذكر انطباعاتي عن اللقاء الاول لوطني
فقد دفنت حب الوطن الذي كنت احمله في قلبي
بعدالوصايا التي سمعتها من اهلي في جدة
لعلمهم بما ينتظرني في مصوع؟
وكانت نصائحهم أشبه
بمن هو ذاهب ليقتلع اللقمة من فم الاسد؟ وكانت تحذيراتهم
تدور في ذهني قبل مغادرتي
مطار جدة
ولم تفارقني انقباضات في القلب شعرت بها حتي وصولي الي منزل عمي
في مصوع
تتشابه مدينة جدة بمصوع
في مناخها والبحر الاحمر
الذي يتقاسمان ضفتيه
اما العماره والرقي وذكريات الطفولة ا
لتي يحملها ابراهيم
سيظلم مصوع
اذا فكر في المقارنة بينهما؟
سألت *حرية / في الحاح كعادتها
ماذا حدث بعد ذلك أخي ابراهيم
وهل ذهبت بالاوراق الي المحكمة ؟
انفجر الجميع بالضحك
علي تساؤلات حرية البريئة!
لقد ولدت بالقاهرة ومعرفتها
بالاوضاع في افريقيا
كمعظم المصريين
لا تتعدي حدود أسوان
للأسف !!!!
رد أحمد ساخرا / انت فاكره نفسك في القاهرة محكمة وقانون واوراق ؟
اصحي يا بنتي
ارتريا ما فيها قانون ولا محامي
في وزراء ومسؤوليين دخلوهم السجن
قبل ما يشوفو محكمة ؟
انت فاكره ابراهيم المسكين دا
يوصل اوراق للمحكمة
وضدد المسؤولين كمان !!!
انزوة حرية في مقعدها بهدؤ
وهي مندهشه لما تسمعه من أحمد
لقد شاهدت الكثير من المسلسلات ينتصر فيها الحق و شاهدت شطارة المحامين
في المحاكم !!
ولكنها لم تستطع ان تتخيل دولة بلا قانون
تسيرها الاهواء والامزجة
وتضيع فيها
ارواح وحقوق
دون ان يطرف جفن لاحد ؟
واصل الجميع ضحكهم
وقد وجدوا أخيرا متنفسا
عبر براءة حرية
يخرجهم ولو مؤقتا من احزان
الوطن ومآسيه !
سأل حامد مجددا : وكيف جرت الأحداث بعد ذلك؟
ابراهيم : وصلت الي منزل عمي في مصوع برفقة قريبي
الذي كان في انتظاري بمطار اسمرا وفي اليوم الثاني
اخذني عمي الي مبني البلدية وقابلت هناك مسؤولا يعرف أبي واسرتي
ورحب بي ونصحني
ان لا اذهب الي منزلنا علي الاطلاق !!!
حتي تنتهي الأمور
وان ابقي في منزل عمي
و ان اجهز اوراق المنزل
وان أتزوج بسرعة لو امكن
طالما والدتي واخوتي
لا يستطيعون الحضور
الي الوطن
وانه سيخبر عمي
كيف ستسير الامور بعد ذلك ؟
ولكن كما يقولون
للحائط آذان أحيانا ؟؟؟؟؟
ويضحك ابراهيم ساخرا من نفسه وواقعه المحزن
لقد وجدت نفسي في النهاية
بمعسكر ساوا !! كبقية الشباب بعد ان مزقوا مستندات السفر؟
وارجوكم ان تعفوني من تفاصيل اكثر؟
لقد كرهت ارتريا؟
واعلن امامكم بتنازلي عنها !
وسيكون وطني اي مكان أخر
اجد فيه العدل والامان
وتتاح لي فيه فرصة الدفاع عن نفسي
وليس مثل دولة الهمباته هذه ؟
حيث كل من ملك سلطة
ولو صغيرة
يأخذك وراء الشمس
دون ان يسأله أحد !!!!
ساد السكون من جديد بينما
دموع حرية تبلل خدها البرئ
وهي منزويه
في مقعدها
كما انزوي اسمها من الوطن ؟
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
*حرية : اسم للمرأة شائع في ارتريا ربما بسبب فترة الكفاح الطويلة ضدد المستعمر .
*مصوع : ميناء يقع علي البحر الاحمر ويقال ان الصحابة نزلوا بالقرب منه في هجرتهم من مكة
*ساوا :معسكر للخدمة العسكرية مشهور بالمعتقل ولاخيار للعودة منه سوي الهروب ولا اعفاء من الخدمة مدي الحياة؟
*التغري: قبيلة تعيش بين السودان و ارتريا ولهجتها خليط بين العربية والافريقيةوتعرف
بقبيلة( بني عامر) في السودان
0 comments:
إرسال تعليق