رُبَمَا مَعْ فِنْجَانْ قَهْوَةْ الصَبَاح سَتَكونْ هَذِهِ
الأَسْطُرْ خَيْر رَفيقْ لِلْتَسْلِيَة و التَرْفيه، فالهُجومْ على الفُنونْ
المِصْرِيَة مِنْ شَأْنِهِ شَلْ عَجَلَةْ
الإنتاج في هذا البَلَدْ الذي شَهِدَ وِلادَةْ السينما الدرامية بالتَزامُنْ مَعْ
وِلادَتِهَا و نَشْأَتِهَا بالغَرْب لِيُصْبِح توأم لِلْعِمْلاقْ الغَربي في
الشَرْق بهذا المَجَالْ، سَتَتَضَمًن هَذِهِ الخواطِر لَمْحَة بَسيطَة عَنْ تاريخ
السينما و نشأتها بِمَصر، في الواقع السينما بِحَقيقتها حَرَكَة مَدَنية غير دينية
إبْتَدأت في الماضي بالقاهِرَة على يَدْ نُخْبَة مِنْ الفرنسيين بَعْدَ نَجاح
عَرْض فِلْم صامِت لَهُم في سَنَة
1895 ميلادية في باريس، و كان هذا الفِلْم الصامِت مِنْ انتاج الأخوَين
لوميير و بَعْدَ نَجاحِه عَرَضوه بالأسْكَنْدَريًة في يناير مِنْ عام 1896
ليَتْبَعَهُ عَرْض بالقاهِرَة بسينما سانتي في الثامِن و
العِشرين مِنْ يناير مِنْ عام
1896، و
كان العَرْض الثالث بمصر في مدينة بور سعيد في عام 1898 لِتُمَهِد هَذِهِ العُروض الطريق امام أول سينما "توغرافي"
في مِصر للأخوَين لوميير و ذَلِك في مُنْتَصَف عام
1897، و
حَصَلَ على حَقْ الإمتياز هِنري ديللو سترولوجو حيث قام بإعداد مكان واسِعْ و
فَسيح لِتَرْكيب مُعِدَاتِه بِمَنْطِقَة بين بورصَة طوسون و تياترو الهمبرا ، و
وَصَلَ في حينها الى الأسْكَنْدَريًة المُصَوِر الاول للأخوين لوميير بروميو الذي
تَمَكًنَ مِنْ تصوير ميدان القناصِل بالإسْكَنْدَرية و مَيْدان مُحَمد علي و كان
هذا اول تصوير سينمائي لِبَعْض المَناظِر الطبيعية في مِصْر حيث تم عَرْضُه بسينما
لوميير بنجاح، و يُعَدْ تاريخ
20-6-1907
بِدايَة الإنتاج السينمائي بِمِصْر حيث صُوٍرَ فِلْم صامِت
قَصير زيارَة الخديوي عَباس حِلْمي الثاني الى مَعْهَد المُرسي ابو العباس بمدينة
الإسكندرية و لَعَلً اغلبية القيمين على السينما بِمَصْر يَتَفِقوا على هذا
التاريخ ليَعْتَمِدوه كَشرارة إنْطِلاق للأعْمال السينمائية بِبِلادِهِم رسميا،
فَمُنْذُ نُعومَة اظفار السينما في العالم و مصر كانت توأمها لِيَتِم إنتاج أول
فِلْم روائي عام
1917
لِلشَرِكة السينمائية الإيطالية المِصرية، و أنْتَجَتْ
هَذِهِ الشَرِكَة فِلْمَين بَعد هذا العَمَل السينمائي هُما "الشَرَف
البدوي" و "الأزهار القاتلة" كما أعْطَتْ هَذِهِ الشَرِكَة
للمُخْرِج محمد كريم الفُرْصَة في الظُهور بالفِلمين ليَكون هذا الفَنان أوَل
فناني مصري على الإطلاق، و بَعْد عِدًة تَجارُب ناجِحَة للأفلام الصامِتَة تَمً إنْتَاج
و عَرْض أوَل فِلْم ناطِق عام
1932
بإسم "اولاد الذَوَات"، هذه
العَلامات الفارِقَة بِحَياة الثقافَة السينمائية و الفُنون بالدَوْلَة المِصْريًة
هي بالحَقيقة اصْداء مِنْ ماضي جَميل يَعْبَق بِهِ سِحْر آسر للذي يُحِب عالم
السينما...هي ذِكْريات لأيام شَهِدَتْ ميلاد سينما عِمْلاقَة بالشَرْق الأوسَط
بواسِطَة جُهود فَرَنْسية كانت تَسْعى لِمَن يُبادِلُها عِشْق إكْتِشاف إمكانيات
هَذِهِ الميَاكِن التي تُصَوِر الواقِع لِتَعْكِسَهُ على شريط في داخِلِها يَسْري
وراء عَدَسَة التصوير...آلآت تُصَوِر وَميض و اضواء مُنْعَكِسَة مِنْ جَسَد مَنْ
يَتَحَرًك و يَتَنَفًس و يَتَكَلًم امامَها مِنْ مُمَثلين لِتَلْطَقِتَهُم و
لِتَذوق أعْمالَهُم الخُلود عَبْر عُقود طويلَة و تَبْرُز أفلامَهُم كَقاعِدَة
أهرامات متَينَة ليأتي جيل ورَائَها ليُضيفَ طَبَقَة آخرى مِنْ الإنجازات
النَفيسَة فَوْقَهَا بِتَعَبِهِ و مَجْهودِهِ المِعْطَاءْ،
مُنْذُ نَشْأَة أوَل فِلْم صامِت و في خِلال هَذِهِ العُقود
البَسيطَة وُلَدَتْ ماكِنَة إنْتَاج جَبًارَة لَمْ يُكْتَب لها التَوَقُف إطلاقا
الى يومِنا هذا، فَبَعْد أنْ وُلِدَ الفِلْم الناطِق في السينما المِصريًة وُلِدَتْ
مَعَهُ شَرِكات إنتاج قَويًة شَكًلَت المَسيرَة الدرامية بِمَصْر و بِفَتْرَة
تُسَمى بالفُنون الذَهَبيًة التي مَيًزَتْها أفلام الابيض و الأسْوَد فبَرَزَتْ
نُجوم الغِناء و التَمثيل مِنْ خِلالِها و مِنْ أبْرَز الشَرِكات أستوديو مصر
و استوديو النَحًاس و ايضاً ظُهور صَحيفة مصر السينمائية او الجريدة
الناطِقَة التي أخَذَتْ طابعاً سينمائياً و فنياً و التي مازالت تَصْدُر حتى
الآن...و لا ننسى ذِكْر الفنانين الكِبار الذين رَحَلوا عنا مِثْل الفَنانَة
نادِرَة و هي أوَل فَنانَة مصرية تَظْهَر على الشاشَة في تِلك الحَقَبَة و الفَنان
يوسِف وَهْبي و الفَنانَة أمينَة رِزِق و الفَنانَة أُمْ كُلثوم و الفَنان
محمد عَبدالوَهاب، و قُبَيل الحَرْب العالَمية الثانية وَصَل مَجْموع إنتاج
الأفلام إلى سِتَةَ عَشَرة فِلْماً ليَتَضاعَفْ هذا الرَقَم في عام سِتَةً و
أرْبَعين الى سَبْع و ستين فِلماً، و لَمَعَتْ أسْمَاء عَدَد مِنْ المُخْرِجين في
هَذِهِ الفَتْرَة بأعمالِهِم الناجِحَة مِثْل أحمد بَدْرَخان وهِنْري
بَركات وحَسَن الإمام و إبراهيم عمارة و أحمد كامِلْ مرسي و حلمي
رفلة و كمال الشيخ و حَسَن الصيفي و صلاح أبو سيف و كامل التَلْمَسانى و
عِزْ الدين ذو الفُقار، كَذَلِكْ أنور وجدى الذي بَرَعَ كفنان حينما قدم سلسلة من
الأفلام المُمَيًزَة و الناجِحَة جدا، رأينا تَجارِب ناجِحَة مِنْ فَنانات
مِثْل ليلى مُراد، شادية، فاتِنْ حَمامَة، ماجِدَة
الصَباحي، مَرْيَم فَخْر الدين، تَحِيًة كاريوكا، نادية
لُطْفى، هِنْد رُسْتُم، و عَدَد مِنْ الفنانين نَذْكُر مِنْهُم عُمَر
الشريف، يحيى شاهين، إسْتِفان روسْتي، فَريد شَوْقي، أحمد
رَمزي، صلاح ذو الفُقار.
نَتَوَقًف هنا قليلاً في هَذِهِ الحَقَبَة التي مَيًزَتْها
كلاسيكيات الأبيض و الأسود...فإذا امْعَنا النَظَر بتاريخ مصر قليلاً مَعْ
تَطَورات السينما بها سَنَرى أن اساس هذا الفَنْ غربي حيث تَمً تَطويره و
قَوْلَبَتُه ليُناسِبْ ذوق الجُمهور المِصري، و لَعَلً الإنْتِدابات المُتَلاحِقَة
في مِصْر مِنْ العُثْمانية (الأتراك) و بَعْدَها الفَرَنسية و لو لِفَتْرة قَصيرة
ثُمً البريطانية التي تَمَلًكَت الحُكْم للبلاد لِفَتْرَة زَمَنية لَيْسَت بقليلة
ساهَمَ في خَلْق مَناخ ثَقافي غني في هَذِهِ البلاد فَكُل مِنْ تِلْك الدُوَل
جَلَبَ الى مِصْر ثَقافَتُه المَحَلية مَعْ فُنونها و ازيائِها و كِتابات
فلاسِفَتها و رواد كِتابَة القِصَصْ و حتى فَنْ العَمارَة و هَنْدَسَتها...بل حتى
تَعَلًمَ نُخْبَة مِنْ مُثَقًفي مِصر لُغَة بُلْدان الإنتداب ليَسْتَطيعوا
التَفاهُم مَعْ مَنْ يَحْكُم بلادَهُم سياسياً و إقْتِصادياً و لِلْتَفاهُم مَعْ
الضُيوف الذين يَحِلوا بِبِلادِهِم و يَسْتَقروا بها، و بِما أنً الأراضي المَصرية
تُعانِق ساحلاً يَصِل طولَهُ في شمالها الى ألف كيلومترا (مَساحَة الجُمْهورِيًة
المِصرية رَسْمياً بِحُدود المِلْيون كيلومِتْر مُرَبًع فَشَكْلُها المُرَبَع
يَبْلُغ طولاً و عرضاً 1000 كلم في ألف 1000كلم)، فَلَها مَوَانِئُها المَعْروفَة
و لَطَالَما كانَتْ التِجارَة مَعْ البُلدان المُحيطَة بها شُرْشُ حياة للإقتصاد
المَحلي على مَرْ عُصورِها و الخَلْطَة مَعْ التُجار الذين يَتَوافَدوا مِنْ
البُلدان المُحيطَة ساعَدَ اهْلُها بالتَعَرُف على حَضارات غَريبَة عَنْها، فَكُل
تِلْك العَوَامِل جَعَلَتْ مِصْر بِلاد مُنْفَتِحَة على غَيْرِها و فَتَرات
الإنْتِداب البريطاني ساعَد رُوَاد السينما المِصْرية بالتَوَاصُل مَعْ المَدارِس
الأوروبيا مِنْها...لِيَحْدُث شيئ مُهِم، فَمُثَلًثْ النُجومِيًة القائِمْ على
1) فَنان يُمَثِل في أفلام سينمائية...
2) افلام سينما تُنْتِجُها شَرِكات إنْتَاج ثُمً تُعْرَض بِدور
عَرْض سينمائية و...
3) فِكْرَة الشُهْرَة الفَنية التي تُغَذيها الصُحُف التي تَكْتُب
عَنْ الفنانين و تَمْدَح او تَنْتَقِد فَنُهُم...
فِكْرَة أوروبية المَنْشأ و لَكِن إكْتَمَل نِصاب هذا
المُثَلًث في مِصر أيضاً لِتَبْرُز النجومية و فَنْ صناعَة الأفلام و الشُهْرَة
الفنية بِقُوَة بِتِلْك البِلاد، و بما أنً مَصْدَر هَذِهِ الفُنون أوروبا سارَت
السينما المِصْرية جَنْب الى جَنْب مع هَذِهِ السينما الغَربية و حتى و إن تَحَلًت
بروح مصرية إلا ان الفَنان/الفَنانة المصرية رأوا بالفنان الغربي مُنافِس لَهُم
فَلَمَعوا بالصُحُف و بِدور العَرْض مِثْل الفَنانين الغَربيين تماماً، و رأينا
أعمال كَثيرة إسْتَعْمَلَت بها السينما المصرية آخر تَقَنيات التَصوير
باستوديوهاتها و الخِدَع السينمائية الموجودة بالغَرب، بل رأينا أفلام تَنْسَخ
أفكاراً عَنْ السينما الغَربية بِمُحاوَلَة للبَقاء بِنَفْس مُسْتوى السينما
الغَربية فأصْبَح للسينما المصرية بِحَقَبَة بَعْد الحَرب العالمية الثانية هويتها
المُسْتَقِلَة عُموماً و سيادَتَها بالشَرْق الأوْسَط و كيانها المُسْتَقِل و
نَجاحاتِها و كُل تِلْكَ الأمور كانت تَدْفَعها لكي تأبى ان تَتَأخًر عَنْ
مثيلاتِها بالقُدْرَة او زَخْم الإنتاج فَلِذَلِكَ لجأت لهذا النَسْخ عَنْ السينما
الغربية لتُحافِظ على ثِقَتِها بِنَفْسِها مِنْ وَقْت لآخر أنها نِدْ عالمي
للسينما الغربية، فَلِذَلِكَ تَحَوًلَ هذا التواتر مَعْ الغَرْب مَعْ مرور العُقود
الى تَنافُس لكي تُثْبِت السينما المصرية قُدْرَتَها بأن تكون نِدْ للعالمية
ايضاً،
في حَقَبَةْ الستينات تَمً تأميم هَذِهِ الصِناعَة حَيْثُ
أنشأت المُؤَسًسَة العامَة للسينما لإنتاج الأفلام الرِوَائية الطويلة التي
تَتْبَع القِطاع العام بِمِصر، فانْخَفَضَ إنتاج الأفلام سَنوياً مِنْ ستين إلى
أرْبَعين فِلْم كما إنْخَفَضَتْ عَدَد دور العَرْض مِنْ 354 لِعام 1954 الى
255 لعام 1966 ، و إسْتَطاعَت السينما بِنَجاح مُعالَجَة بِهَذِهِ الحَقَبَة
الأوْضَاع السياسية و يُمْكِنْ تَقْسيمها الى فِئَات على النَحو التالي و كَما
هُوَ مُوَضًح في مَوسوعَة ويكيبيديا :
1) أفلام تَتَناوَل موضوع الفَقْر وإعلاء قيمَة العَمَل، والإشادة
بالمُجْتَمَع الإشتراكى مثل فيلم " الِلْص والكِلاب "
2) أفلام أدانَت النَماذِج الإنْتِهازِيَة والأمراض الإجْتِماعية
كالرَشْوَة والفَساد وجَرائِم السَرِقَة مِثْل "ميرامار".
3) أفلام تَناوَلَت قَضايا مُشارَكَة الشَعْب السياسية، وأدانَت
السَلبية، كما عالَجَت موضوعات الديموقراطية والإرْتِباط بالأرْض
والمُقاوَمَة مِثْل فلم "جَفًت الأمطار "
و لَكِنْ في عام الواحِد و السَبْعين إنْحَسَرَ دَوْرُ
الدَوْلَةِ في الإنتاج حينما تم تَصْفِيَتْ المؤسًسَة العامَة و أُنْشِأَت هَيْئَة
عامَة تَضُم مَعْ السينما المَسْرَح و الموسيقى ليَعود القِطاع الخاص بِصورَةٍ
أكْبَر لِحَقْل الإنتاج السينمائي و ظَلً هذا قائِماً الى أن إنْتَهى دور
الدَوْلَة مِنْ الإنتاج الرِوائي، و بقي لدى الدَوْلَة في تِلْك الفَتْرَة
شَرِكتان إحداهُما للأستوديوهات و الثانية للتوزيع و دور العَرْض إلا أن عَدَدَ
الأفلام المُنْتَجَة ظَلً أرْبَعينَ فِلماً في السَنَة الى غايَة سَنَة 1974
حَيْثُ إرْتَفَعَ الى خَمْسين فلم و بالمُقابِل بَقِيَة دور العَرْض بإنخفاض حتى
وَصَلَتْ الى مائة و تسعين دار عام 1977،
في عَقْدِ الثَمانينات ظَهَرَ نُخْبَة مِنْ المُخْرجين
الذين إسْتَطاعوا تَغْيٍر مَسار السينما الى مَنْحَى جديد يُطْلَق عَليهِمْ إسْم
تيار الواقِعية الجديدة او جيل الثمانينات و مِنْ أبْرَز مُخرجين هذا الجيل عاطِف
الطَيب، و رأفَتْ الميهى، وأفلام خيري بشارة ومحمد خان وغيرِهِم
مِما تركوا بَصَمات قوية ليُقَدِموا بأفْلامِهِم ليس فَقَط رؤيتهم الإخراجية بل
عدد من النجوم مِثْل "عادل إمام" و"أحمد زكى"
و"محمود عبد العزيز" و"نور الشريف" و" نادية
الجندي" و"نبيلة عبيد" و"يسرا" و"ليلى علوى"
و"إلهام شاهين" و"سهير رمزي"، و مَعْ قُدوم سَنَة أرْبَعَةٍ و
ثمانين إرْتَفَعَ عَدَد الافلام المَعْروضَة الى ثلاثة و ستين فلم لتَبْدَء أيضاً
ما يُسَمى مَوْجَة افلام المُقاوَلات...و هَذِهِ المَوْجَة تَقوم على إنْتاج أفلام
بِميزانيات ضَئيلَة و تَصْديرِها الى الخارج أي الإنتاج بِصورَة تُجارية و حَيْثُ
بَلَغَ عَدَد الأفلام بِسَنَة 1986 الى خَمْسَة و تِسْعين فِلماً، و يُمَثِل هذا
الرَقَم ما يُسَمَى بِذَرْوَة الخَطْ البياني لسينما المُقاولات...و لَكِن
تَراجَعَتْ أفلام المُقاوَلات بِصورَة مَلْحوظَة في عقد التِسْعينيات نَتيجَة
مُجْريات حَرْب الخَليج و إنْخِفاض الطَلَب عليها، و بالرُغْم مِنْ بُروز عَدَد
مِنْ المُخرجين في هذا العَقْد مِثْل رَضْوان الكاشِف وأسامَة
فوزي وسَعيد حامِد إلا ان السينما شَهِدَت تغير دراماتيكي بإيرَداتِها و
نَوْعيتها في عَقْد الألفية الجَديدَة فَقَد قَدَمَت الشاشات وُجوه سينمائية جديدة
مثل محمد سعد ومحمد هنيدي وأحمد حلمي وهاني رمزي، و بالرُغْم
مِنْ أنً عَدَدَ الأفلام المُنْتَجَة حافَظ على مُسْتَواه و بقي أرْبَعين فلم إلا
أن عَدَدَ الأفلام المُمَيًزَة زاد مِمًا جَلَبَ إيرادات ضَخْمَة للسينما المصرية
ناهزت 250 مليون جينه، الإنتاج السينمائي في مِصر يَقْتَصِر الى يومِنا هذا على
القِطاع الخاص و بَعْض المُؤَسًسات العالمية إلا أنً وزارة الثَقافَة في عام ألفين
و سَبْعَة أعْلَنَت عَنْ بدء تَمْويل عَدَد مِنْ الافلام ذات القيمة المُمَيًزَة و
بَلَغَ عَدَد الأفلام المَنْتوجَة في عام 2008 الى ثلاثَة و خَمْسون فِلْم،
كَمْ عَقْد مَرً علينا و نَحْنُ نَتَحَدًث عَنْ السينما
المِصْريًة؟ موسوعة الويكيبيديا تُعْطينا 74 مُمَثِلاً بَرَزوا بالسينما المِصْرية
كَنُجوم مُنْذُ نَشْأَتِها في عُتْقِيًتْ الزمان في سَنَة 1907، هُنالِكَ
مُمَثلين عانَقَ شَبابهم حياة الفَنْ في أول عُقود القَرْن العشرين و عَشِقوا
إضاءات الكاميرات و أمضوا شَباباهم كُلِهِ الى شَيْخوخَتِهِم و هُمْ
يُمارِسوا هَذِهِ المِهْنَة و حَقَقوا رَصيد مِهَني كبير فَجيل وراء جيل إسْتَمَرًت
هَذِهِ المِهْنَة كالقَلْب الخافِقْ في الجَسَد الثقافي المِصْري و العَربي الى
عِقْدَنا الحالي، و كَمْ مُخْرِج مَرً على السينما و قَدًمَ نِتاج رؤيَتِه و كَمْ
كاتِبْ حالَفَهُ الحَظْ و قَدًمَ مِنْ موهِبَتِهِ ما أمْتَعَ الناس بالأفلام
الرِوائِيًة فَمِنْ الفِئات الرومَنْسِيَة الى الرُعْب الى الإجتماعية و الأَكْشِن
تَوالَت الأعْمَال في تَقْديم كُلْ نفيس لِيُعانِق التَصْفيق الحار للجُمْهور في
دور العَرْض بِنَجاح لا مثيل لَهُ، نَحْنُ نَتَكَلًم عَنْ مائَة و خَمْسَة سنين
مِنْ السينما التي ساهَمَت بصورة فاعِلَة بإيصال الثَقافَة المِصْرِيَة و
العَرَبية الى العالم العَربي و الغَربي و قامَتْ بصورة فَعًالَة عَنْ طريق
التَجارُب الناجِحَة بِصَقْل الخِبْرات الفَنْيًة بأكْثَر مِنْ بَلَد عربي فرأينا
الثَقافَة بِلُبْنان تَنْبُض بالحياة بَعْد النَجاحات الأولى في السينما المِصرية
و لَعَلً لُبْنان ثاني بَلَد بَعْد مصر تَتَنَشًط بِهِ الفُنون على أنواعِها سواء
كانَتْ غِنائِيَة او درامية، و تَبِعَ تِلْكَ البُلدان بَعْدَها بِفَتْرَة الخليج
و بَدَء بِنَهْضَة فَنيًة مُوَفَقَة جداً و في أواخِرْ عَقْد التِسْعينات رأينا
نَهْضَة قَوِيًة جدا في سوريا تَغْزو الشاشات العَرَبية لتُصْبِح نِدْ للمادَة
الدرامية المِصرية، و سَطَعَ عَدَدْ مِنْ نُجوم سوريا و تميزوا بما قَدًموه
للجُمْهور بِنَجاح كبير، فالفِرْع الرئيسي المَوْجود بِمِصر للفُنون و الذي قَدًمَ
ما قَدًمَهُ غَذًى بقِيَة البُلدان المُحيطَة بِهِ بِفنونِه و تَجارُبِه الناجِحَة
لتُصْبِح الصورة مِنْ باب مِهَني لا اكْثَر كالكَرْمَة التي تَفَرًعَ مِنْها
أغْصان كَثيرَة بَعْد نُضوجِها فأَخَذَتْ كُلً دَوْلَةٍ غَرْسَة مِنْ تِلْكَ
الأغَصان و زَرَعَتْها بأرضِها لِتَزْدَهِر كُروم عِنَبْ كبيرة في مِنْطَقَةِ الشَرْق
الأوْسَط، فَحينَما أتى الأخَوَين لوميير و زَرَعوا ما زَرَعوهُ بأَوًلْ القَرْن
العِشرين و حينَما تَمً تَصْوير أَوَلْ فِلْم صامِتْ كانَتْ مِصر البَلَد
المُتَحَضِر الوحيد كثَقافَة الذي يَتَحلى بالحُرِيًة المَدَنِيَة المُتَحَضِرَة
في مِنْطَقَةِ الشَرْقِ الأوْسَط لتَسْتَقْبِل تِلْكَ الفُنون السينمائية و تَجْري
إخْتِبارِها الذاتي عليها لتَرى ما اصداء إسْتِخْدامِها في نِتاجِها و مَسيرَتِها
الثَقافِيَة...
لِنَتَوَقًف عِنْدَ كَلِمات ثَقافَة...حُرِيًة...مَدَنِيًة
مُتَحَضِرَة...لأنً هذا المُثَلًثْ يُوَلِدُ الإبداع الذي يَنْحَدِر مِنْ
المَواهِب الذي زَرَعَها الله بالبَشَر، ففي مَقالَة سَالِفَه لي بِعُنوان خواطِرْ
خاصَة (عِنْ فِلْم طُيورْ الظَلامْ و عَنْ روح الإبداع الرَبانِيَة التي تَسْكُنْ
فينا) شَرَحْتُ وِجْهَة نَظَري و قناعاتي كيف ان الله الذي خَلَقَ هذا الكون
الجَبار مِنْ حَوْلِنا بإبداع رائع و سَرْمَدي زَرَعَ فينا لَمَسات قَوِيًة مِنْ
فَيْضِ مواهِبِهِ الخَلاقَة لأننا و حَسَبِ ما يقول الله بالقُرآن الكَريم بِسْم
الله الرَحْمَنِ الرَحيم "و خَلَقْنا الإنسَان في أحْسَنِ تَقويم"
صَدَقَ اللهُ العَظيم، و في الكِتاب المُقَدًسْ في أوًلِ إصْحاح مِنْ سِفْر
التَكْوين يقول الله "و خَلَقْنا الإنسَان على صورَتِنا كَمِثالِنا"، و
لَعَلً هَذِهِ الآيات تَعْكِسُ مَجْدَ القُدْرِةِ الإلَهِيًة إذ أحَبً الإنسَان
لِدَرَجَةِ أنَهُ مَيًزَهُ بِسِمات لا يَمْلُكْها الحَيْوان و سائِر مَخْلوقات
الله فَرَزَقَنا بالعَقْل المُفَكِر و النَفْس الخالِدَة و الإرادَة الحُرًة...و
لِذَلِكَ إسْتَطاع الله بِمَا أنًنَا بَشَرٌ عاقِلْ أنْ يَزْرَع فينا المَواهِب و
القُدُرات الإبْداعِيًة المُمَيًزَة لأنًنا نَتَمَتًع بِرُقي فَريد مِنْ نَوْعِهِ،
و لَوْلا أنً هَذِهِ الًلمَسَات مِنْ الله لما فَهِمْنا و شَعَرْنا بِجَمال خَلْقِ
الكَوْن مِنْ حَوْلِنا و الطَبيعَة و الذي أبْدَعَها اللهُ فالعَقْل الإنسَاني
يَنْحَدِرُ مِنْ لَدُنِ الله و المَواهِبْ هِبَتَهُ لنا فَلِذَلِكَ نَطْرَبُ
لِجَمال خَلْقِ الله الذي نَراهُ بِعالَمِنا و مُحيطِنا و نَتواصَل بِكُل مَعْنى
الكَلِمَة مَعْ هذا الجَمال إذ نَسْتَطيع خَلْقِ الًلوْحَات الجَميلَة و الفَنِيًة
و صَقْلِ مَواهِبِنا لِيَسْطُع مِنْ صَنيع يَدينا نِتَاج مواهِبْ راقي و فَنْ
جَميل...و أذْكُر على سَبيل المِثال لا الحَصْر بَعْضْ مِنْ هَذِهِ المواهِبْ
كالرَسْم و النَحْت و الكِتَابَة و التَمْثيل و الموسيقى و عَزْف الآلآت و
الرَقْصِ و الغِناء...فَمِثْلَما خَلَقَ الله عالَمَهُ الخاص مِنْ الإبداع حينما
خَلَقَ الكَوْن بإتْقَان و الكواكِبَ العِمْلاقَة و تَدَفًقَتْ الحَياة مِنْ
ذاتَهُ المِعْطائَه لِتَنْبُض الطَبيعَة مِنْ حَوْلِنا بالجَمال هَكَذا يَخْلِق
الإنسَان عالَمَهُ الخاص حينما يَسْتَخْدِم مواهِبَهُ الذاتية الذي مَيًزَهُ الله
بها، و إذا أبْرَعَ بما يُقَدِمْ و عَمِلَ بِمِصْداقِيًة يَصِل الى ما يُسَمَى
الإبداع إذ يُقَدِم ما هو رائع و مُمَيًز جداً...فَلِذَلِكَ هَذِهِ المواهِبْ
تَعْشَقُ هذا المُثَلًثْ : ثقافَة...حُرِيًة...مَدَنِيَة
مُتَحَضِرَة...لماذا؟
لَيْسَ هُنالِكَ إبْداع مِنْ دونِ صَقْل لِلْمَوْهِبَة،
المَوْهِبَة هي قُدْرَة إنْسانِيًة ذاتِيًة داخِلْ الفَرْد تُمَيٍزُهُ عَنْ
الأكْثَرِيًة الباقِيًة، و قَدْ تكون مَهارَة فَنِيًة او أدبية او رياضية في بَعْض
الأحيان او حتى مَقْدِرَة ذاتية جَسَدية خاصَة، و لَكِن بصورة عامَة مَعْ
إسْتِمْراريًة الجِنْس البَشَري على الأرض تَتَكَرًرْ هَذِهِ المواهِبْ مِنْ جيل
الى جيل بلا إنْقِطاع لِذَلِك نَجِد أنً بِكُل فِئَة مِنْ فِئات هَذِهِ المواهِبْ
هُنالِكَ مَنْ سَبَقونَا بها و شارَكونا بإبْداعات حُلْوَة جداً إخْتار
المُجْتَمَع أنْ يُمَيِزْها و أنْ يَذْكُرْها لَهُم فَلِذَلِكَ لَيْسَ هُنالِكَ
مَوْهِبَة مِنْ دونِ صَقْلٍ لأنً هَذِهِ الخِبْرات السابِقَة تَمً تأسيس عليها
عُلوم تُقَوْلِبْ ثَقافَة هَذِهِ المَوْهِبَة...أي بِمَفْهوم الرُجوع الى إنْجازات
الذَينَ سَبَقونا إحْتِراماً مِنًا لِهَذِهِ الإنجازات و لِنُحَفٍزْ و نُثْري
مَوْهِبَتَنا و الفِكْر الذي يُحَرِكْها، و قَدْ نَسْتَلْهِم مِنْها إبْداعات
خاصًة قادِمَة و قَدْ يَتَسَنًى لنا ان نَزيد
مِنْ حِدًة مواهِبَنَا و إحْتِرافها بِتَعَلُم أُسُسِها و ثَقافَتِها
الأكاديمية...و قَدْ تَكون هَذِهِ الدراسات لِلَذي سَبَقَ حافِزْ و مُلْهِمْ
لإبْداع أعْمَال جديدة على الإطلاق فالمَوْهِبَة التي تَنْحَدِر مِنْ الخالِق
خَلًاقَة فينا لِتُقَدِم الشيئ الجديد، و إذا وَفًرَ المُجْتَمَع لِكُل مَوْهِبَة
مِنْ هَذِهِ المَواهِبْ الدِراسَة اللًازِمَة لِصَقْلِها و المَجال لِنَشْر إبْداعَاتُهَا
في المُجْتَمَع حَسَبِ الأصول المَطْلوبَة لِكُل مَوْهِبَة سَيُصْبِح حينها
النِتاج الثقافي حَرَكَة طَبيعِيًة في مُجْتَمَعاتِنا و هذا هُوَ المَطلوب...أن
تُصْبِح الثَقافَة نِتاج طَبيعي و عُنْصُر مِنْ عناصِر المُجْتَمَع السَوي و
الطَبيعي...و بِهَذا يَكْتَمِلُ عُنْصُر مِنْ عناصِر المُثَلًثْ في المُجْتَمَع
الذي تَحَدًثْنا عَنْهُ...و هذا ما سَيَفْتَح المَجال لِنُقْطَة حسًاسَة و للحديث
عِنْ العُنْصُر الثاني لِهذا المُثَلًث الذي هُوَ الحُريًة...
لَيْسَ هُنالِكَ مَسيرَة ثقافِيًة مِنْ دونِ
حُريًة...فالمَوْهِبَة بِما أنًها تَنْحَدِر مِنْ لَدُنِ اللهِ الحُر و قَدْ
زَرَعَها اللهُ بنا بِطَبيعَتِها تَعْشَقُ الحُريًة...لكي تَصْقُلْها الثَقافَة و
تَصِل الى ذَرْوَةِ العَطاء التي هي الإبْداع تَلْزَمُها الحُرِيًة لِتُعَبِر عَنْ
ذاتِها، و هُنا نَسْتُطيع أنْ نَتَوَسًع حَوْلَ ما يَحْدُث حالياً في
مِصر...بِلادِ الفُنون السينمائية...فَلِكُل مَوْهِبَة ثَقافَتُها فَلِلْرَسْم
أُسُسَه الذي يقوم عليه و كذا النَحْت و الموسيقى و كَذَلِكَ الفُنون السينمائية،
فالفِلم السينمائي عِبارَة عَنْ مادة مُصَوًرَة أساسُها سيناريو و هذا السيناريو
لَهُ أسُسْ يَقومْ عليها و هُوَ مَكْتوب على وَرَقْ و يَتَأَلًفْ مِنْ شَخْصِيًات
و حَبَكَة لها مَوْضوع و أحداث، و هَذِهِ الشَخْصِيًات تَتَفاعَل مَعْ ذاتِها و
مَعْ أحداث القِصَة لِيُمْسِكْها المُمَثِلون و يُتَرْجِموها الى أدوار و الى
شَخْصِيًات حَيًة لِيُقَدِموها ضِمْن مشاهِد أمام الكاميرا، و عِنْدَها يأتي دَوْر
المُخْرِج الذي مِنْ واجِبِهِ أن يُديرَ العَمْل و يُصَوِرْ المَشاهِدْ ضِمْن
ضوابِط و أُسُسْ تَقوم عليها عَمَلِيًة الإخراج السينمائي و لَعَلً هَذِهِ الأمور
تَنْطَبِق على الإخراج المَسْرحي و على المُسَلسَلات الدرامِيًة و الافلام، و
المادة الدرامية بِصورَة عامًة أسَاسُها احداث يُمَثِلُها بَشَر و حتى و إنْ
كانَتْ نَسيج خَيال الكاتِبْ، فَلِذَلِكَ تَتًسِم الشَخْصِيَات بالإنْسانِيَة لكي
تَكْتَمِل مَحاوِر الدرامة داخِل العَمَل فَتَرى الشَخْصِيًات الشريرة بالعَمَل و
الخَيٍرَة مِنْها...و نرى العِشْق و الكُرْه...نرى المَشاكِل و السَلام...نرى
العَواطِفْ و الأحاسيس و هي تَتَفاعَل مَعْ الأحداث الدرامية فَيُعَبٍروا العُشاق
عَنْ حُبِهِم لِبَعْض عَنْ طريق النَظرات و الكَلام الجميل و ضَمْ بَعْضِهِم
لِبَعْض ليُعطوا المِصداقِيًة المَطْلوبَة لِلْمَشْهَد فلا يُعْقَل أنْ يَقول
الحَبيب لحَبيبتِه "أنا أُحِبُكِ" و هُوَ يَقِفْ كَتِمْثال الشًمْع
أمامَها فَيَجِبْ أنْ يَتَفاعَل كَما يَتَفاعَل البَشَر الطَبيعي بِهَذِهِ
الظُروف...فَكُلًما تَحَرًكَتْ عَواطِفْ و أحاسيس المُمَثِل كُلًما كان المَشْهَد
مُتْقَن أكْثَر فَلِذَلِكَ العُشاق يَضُموا بَعْضَهُم البَعْض في المَشاهِد
الدرامية و يُقَبِلوا بَعْضَهُم البَعْض مَعْ الذِكْر أنً هذا تَمْثيل...و تَمْثيل
هَذِهِ المَشاهِدْ يَتَمَحْوَر حَوْل تَقَمُسْ الشَخْصِيًات و لِعْبِها فَبِهَذِهِ
الحالَة المُمَثِل لا يَقوم بأداء شَخصيًتَه الحَقيقِيَة بَلْ بإصْطِناع الشَخصيًة
حَسَب السيناريو المَكْتوب أمامَهُ، فَلِذَلِكَ كُل العواطِفْ و إن كانَتْ مُتْقَنَة
لَيْسَتْ إلا تَمْثيل يُجَسِدْ مِنْ خِلالِها الفَنان مَوْهِبَتَهُ لِتَقْديم
الشَخْصِيًة لِلْمُشاهِدْ، و كذا الأَمْر بِلَحَظات إحْتِدام الصِراع بَيْنَ
الخَير و الشَر فَكُلًما تَمَكًنَ المُخْرِج مِنْ تَرْجَمَةْ السيناريو المَكْتوب
بِبَراعَة أمام الكاميرا مَعْ الحِفاظ على سَلامَة المُمَثيلن كُلَما إسْتَطاعَ
صُنْع تأثير أكْبَر على المُشاهِد فَعِنْدَما يَحْتَدِم الصِراع بين الخير و الشَر
و تَلْتَحِم الشَخْصيات بين بَعْضِها البَعْض لا يُؤَدوا المُمَثلين إلا ادوار
تَمْثيل أمام الكاميرا و لا يكونوا حاضِرين بِصِفَتِهِم الشَخْصِيَة...أشْرَح كُلً
هذا لأنً بَعْدَ كُل هَذِهِ الحَيْثيات او المَشْروحات نَصِل الى نَتيجَة مُهِمَة و
هي ان قِصَة السيناريو سَتكون إنعكاس لِواقِع مُعَيًن على الأرض الًا إذا غادَرَ
خيال الكاتِبْ عالَم البَشَر و قَدًمَ لنا قِطْعَة مِنْ الفانتازيا
Fantasy،
و لَكِن لَطالَما أبْتَعَدَ عَنْ هَذِهِ الفِئَة سَتكون
رُؤْيَة السيناريو إنْعِكاس لِواقِع بَشَري مُعَيًن، فَلِذَلِكَ لَطالَما حافَظَ
المُخْرِج على سَلامَة الفنانين سَيَكون مِنْ واجِبِهِ تَقْديم السيناريو
بالمِصْداقِيًة المَطلوبَة ليَكونَ بها نُضوج يَشُدُ المُتَفَرِج اليها...احاسيس
تُتْقَن وراء الكاميرا...إحْتِدام بين الشَخصيات بِصيغَة ناضِجَة...و إذا إحْتوى السيناريو
على الجُيوش مثلا و الحُروب يَجِب أنْ تُقَدًم بِتَقَنية إخراجِيًة عالية كَفِلْم
Troy
مثلا، فرأينا عَمْلَقَة إنْسَانِيًة و حَرْبِيًة بِهَذِهِ
المَلْحَمَة الكَبيرَة...و لَكِن...هل الشيوخ الذين يُهاجِموا الفَنانات بِهَذِهِ
الأيام يَفْهَموا هذا الكلام...فإن نَجَحوا بِتَطْبيق الشَريعَة الإسلامية
بِحَرْفِيًة غير مَرِنَة على السينما لَنْ تَكون مُكْتَمِلَة المَعالِم كما
أسْلَفْنا مِنْ دون عُنْصُر الحُرِيًة و سَتُصْبِح السينما جامِدَة لا تَنْقُل
العواطِفْ و الأحاسيس بتاتاً؟ يَجِبْ التَنْويه أن ثَقافَة وجود الجِنْس بالفِلْم
او الإغراء يعود الى ثَقافَة المُجْتَمَع التي تَنْوَجِد بِهِ هَذِهِ السينما و
دَرَجَة تَقَبُل ثَقافَة هَذِهِ البلاد لِلْمَشاهِد الجِنْسِيًة او التي تَحْتَوي
الإغراء، و ثَقافَة وجود المَشاهِد الجِنْسِيًة او الإغراء هي مُنْحَدِرَة مِنْ
بلاد تَعُدُ الجِنْس جُزء لا يَتَجَزًء مِنْ حياتِها و تَقْبَلُه بِكُل سُهولَة في
مُجْتَمَعاتِها بأسلوب مُنْفَتِح عاكِسَة للعالم كَمْ هي مُتَصالِحَة مَعْ ذاتها
كَشُعوبْ على مُسْتواها الإنساني، فَلِذَلِكَ حينما تُشاهِدُه على الكاميرا لا
تَنْظُر إليه بأنًهُ فاجِعَة او حَدَث مُحَرًم، و إنْوَجَدَتْ هَذِهِ الثَقافَة في
مِصْر بِسَبَب تَعاقُب الثَقافات الأجْنَبِيًة على أراضيا مِنْ الإنْتِدابات
السياسية و ايضاً بِسَبَب الغَزو السينمائي الأمريكي لِمِنْطَقَتِنا بِسَبَبب
العَوْلَمَة و بِسَبَب العِلاقات الشَرْقِيًة الغَرْبِيًة السياسية المَتينَة بين
بَعْض الدُوَل العَرَبِيًة و الغَرْبِيًة، فَلِذَلِكَ تأثًرَتْ السينما
المِصْرِيًة بِهَذِهِ السينما الغَرْبِيًة بِسَبَب العَوْلَمَة و إنْفِتاح العالَم
الشَرقي على الغَربي فأصْبَح ذَوْقُ المُواطِن العَربي السينمائي يَتَقَبًل وجود
مَشاهِد الإغراء و الجِنْس بالأفلام و تَفَهًمَ أنً وجودها ليس المَقْصود بِهِ
الخلاعَة بِقَدْر ما هي تَقَنِيًة سينمائية يَسْتَخْدِمُها المُخْرِجين للتأثير
على عواطِف المُشاهِد بِحَسَبِ الحُرِيات و الثقاقات الموجوده في بِلادِهِم، نَحْن
لا نَتَكَلًم على افلام خَليعَة إطلاقاً بَلْ على سيناريوهات درامِيًة لها
قِصًتُها المُمَيًزَة التي قَدْ تَتَخَلًلْها مَشاهِد إغراء او جِنْس بِحَسَبِ
المَدْرَسَة الغربية، فالأفلام الجِنْسِيًة او ما يُعْرَف بالإنجليزية
pornography
حرام دينياً و ليست مَقْبولَة إطلاقا...و لَكِن هَذِهِ المَدْرَسَة
لا تَسْعى لإسْتِخدام المَناظِر الجِنْسِيًة للإباحَة لأنً الجِنْس اساساً جُزء
مِنْ ثقافَتِها الغَربِيًة بَلْ بما أنًهُ مَقْبول بِبِلادِها تَسْتَخْدِمُه مِنْ
خلال أفلامِها و قِصَصْ درامِيَة لأنًه نِتاجا طبيعي لِثَقافَتِها...فَبِسَبَب
العوامِل التي ذَكَرْتُها تَرَبى جيل كامِل مِنْ الفنانين بِمَصر و هو يَسْتَخْدِم
هَذِهِ التقانيات الى حد مُعَيًن بأفلامه و بِسَبَب الحُرِيًة المَدَنيِةً التي
عاشَها، فالدَوْلَة الإسلامية بِتَشْريعاتِها كانَتْ غائِبَة عَنْ مِصر بآخر
ثلاثَة عُقود و كانَتْ تَشْهَد القاهِرَة و مُحافَظاتِها حالة مِنْ المَدَنِيًة
فَتَحَتْ للسينما المِصرِيًة المَجال لكي تَتَحَلًى بِهَذِهِ الحُرٍيَة
المَقْبولَة سينمائياً، فَمِنْ باب سينمائي كُل النَجْمات التي مَثًلَت ادوار
إغراء و بها جُرْأة و أذْكُر مِنْهُم على سبيل المِثال لا الحَصْر (مع حفظ الألقاب)
يُسرا و الهام شاهين و نادية الجندي و نبيلة عبيد كانوا تلاميذ هَذِهِ المَدْرَسَة
التي أنْتَجَت عَدَد واسِع مِنْ افلامِها و هي تَتَمَتًع بِهَذِهِ الحُرٍيَة
المَدَنِيًة، فسينمائيا و مِهَنيا هؤلاء المُمَثِلات لا غُبار عليهم و لا خَطئ
عليهم فإن عُرِضَت أفلامَهُم بأمريكا او فَرَنسا أو أورويا لَنْ يَجِد المُتَفَرٍج
اي غُبار عَلَيْهِم لأنً ثَقافَتُه الغَرْبِيًة تَتَقَبًل هَذِهِ الأمور كما
اسْلَفْنا بَلْ سَيَجِدْها افلام طَبيعية جداً، و إن هاجَمَ المُتَعَصبين النُجوم
المِصريين فَهُجومِهِم غير مَنْطِقي (مَعْ الإحْتِرام لِهَذِهِ الشَخْصيًات
الدينية طبعاً) لأنً السينما لَمْ تَنْوَجِد بالعُصور التي إنْحَدَرَت بها
تَشْريعات الديانات السَماوِيًة فلا نَجِد آيات في الكُتُب السَماوِيًة تَتَعامَل
مَعْ هَذِهِ المَدْرَسَة المَدَنِيًة و حالَتَها الخاصًة المُمَيًزَة و تَقَنيًاتِها
و على ضوء أنً هَذِهِ الافلام تَمْثيل و إنْعِكاسات لِلْواقِع ضِمْن أُسُس
الدرامَة و بما أنَها تَنْعَكِس مِنْ ثوابِت مِهَنِيًة ضَرورِيًة لكي تَعْمَل
بِكَفائَه عالِيَة و بِما انَها حَرَكَة مَدَنِيَة موجودة بِكُل بَلَد و بما انَها
تَسْتَخْدِم مواهِب ربانِيًة زَرَعَها الله بالبَشَر و بما أنً موضوع الخِصام هو
الثَقافَة الجِنْسِيًة و الإغراء و التي هي جُزء مِنْ حياتِنا و حياة كل البَشَر و
الموضوع بِحَقيقَتِه مَحْصور ضِمْن إذا كان مِنْ المَسْموح التَعبير عَنْهُ
بالافلام او لا...و على ضوء هذه الحيثيات السابِقَة لا داعي لِهَذا الغَضَب و
تَوَقُعاتِنا مِنْ الشرائِع الدينية ان تَتَعامَل مَعَها بِلُيونَة كبيرة و بأن
تَسْتَوعِب هَذِهِ المدارِس بما ان الجِنْس و الإغراء جُزء مِنْ إسنانِيًتِنا
كَبَشَر و هو نِعْمَة أعطاها الله لِلْبَشَر لِلْتَعبير عَنْ حُبِهِم لِبَعْض و
هَذِهِ المواد تَخْضَع لِتَقَبُل المُجْتَمَعات لها إذا كان مِنْ الطَبيعي
مُشاهَدَتِها بِصورة علانية في فِلْم ام لا...و كُلُه بالنِهايَة تَمْثيل و
إيماءات ليس إلًا...فَيَجِب تَبْرِأَة على ضوء هَذِهِ المَعْلومات كُل النَجْمات
مِنْ هذا الهُجوم و إعْطاء الأمور حَجْمَها الحقيقي و البَحْث مَعَهُم و
الخوض مَعْ نقابَة المِهَن التمثيلية لإتفاقات مِنْ شأنِها إرْسَاء قواعِد تَفاهُم
تُرْضي كُل الأطراف...
ايضا أسأل هُنا سؤال مَنْطِقي...تُريدون على الدراما
المِصرية ان تكون خالِيَة مِنْ الحُريات و التي قَدْ يَنْتُج عنها مناظِر إغراء و
جِنْس و هَذِهِ المَواد موجودة بأفلام كَثيرة تَبُثٌها فَضائيات بِمُتَناوَل يَدْ
الجَميع و حَوْل العالَم العَرَبي و القَنَوات الأجْنَبية ايضاً؟ فَهَل سَتَشُنوا
هُجوم على فَضائيات العالَم العَرَبي بأكْمَلِه و العالَمِيًة و تَتًهِموهُم بالمَجون
و الفِسْق و الدَعارَة؟ إنْ سَيْطَرْتُم على الإنْتاج المِصري فَهِذِهِ المواد
مَوْجودة بِعَدَد كبير مِنْ المَدارِس السينمائية بالوَطَن العربي و حول العالم
فَما القيمَة المَرْجُوَة مِنْ هذا الهُجوم؟ ام سَنُمْسِك بالعالَم لأَنًهُ لا
يَخْضَع لِوِجْهَة نَظَرِنا و نَشُن الهُجوم على المُجْتَمَع العالَمي بأكْمَلِه؟
أليس مِنْ المَنْطِقي و الحَضاري أن نَضَعْ ثَقافَتُنا العَرَبِيًة جَنْباً الى
جَنْب مَعْ الثقافات التي تُحيط بنا و نَتْرُك سياسَة التَكْفير التي تَنْبُع مِنْ
التَعَصُب الذي يُفَكِكْ العالم و يَعودَ بنا الى الوَراء الى أزْمِنَة الحُروب و
العِداء و الفُرْقَة؟ فما القيمَة المَرْجوة مِنْ العَيْش و بِداخِلي كإنسَان هذا
الكَمْ الهائِل مِنْ الحِقْد على ثقافات الغَيْر و الإحْتِقان الكَبير و أسْتَطيع
مِعْ قليل مِنْ الليونَة أنْ أعَيش بِسَلام و أَتَقَبًل ثَقافَة الآخَر؟ْ ليس
المَطلوب تَطْبيقَها او إعْتِناق هَذِهِ المُعْتَقدات و لَكِن عَدَم مُهاجَمَتِها
و إحْتِرامَها و أيضاً مُراعاة شُعور الغَيْر، أكَرِر أن تَقَبُل ثقافَة الآخر لا
يَعْني أن أسْلُكَ بها و أطَبِقْها بحياتي و لَكِن لا يَعْني أيضاً إذا كانَتْ
غَريبَة عَني أن أهاجِمْها، هذا عالَمُنا الذي نَعيش بِهِ فيَتَكَوًن مِنْ حَضارات
مُخْتَلِفَة و عَقْليًات مُخْتَلِفَة و هُوَ مَزيج غَني مِنْ المَذاهِب
الثَقافِيًة و الدينية و الإجْتِماعِيًة و إذا كُنْتُ أريد على الآخَر أن
يَحْتَرِم ثقافَتي فَيَجِب أن أحْتَرِم ثَقافَتَهُ بالمُقابِل و أنْ لا اُهاجِم
المُحيط الذي أعيش بِهِ و الذي يَتَعاطى مَعَهُ مُجْتَمَعي، هذا بالنِسْبَة
للحُرِيَة و حيثيات الذي يَحْدُث بالقاهِرَة..
مِنْ جانِبْ آخر ارى ضُعْفاً كَبيرا بِهُجوم الشُيوخ على
الفَنْ المِصري، فاللهُ عِنْدَما خَلَقَ في الإنسان عَقْل مُفَكِراً يَنْبَثِقُ
مِنْهُ إرادَة حُرًة كان يَعْلَمُ أيْنَ سَيوصِل هذا العَقْل البَشَرِيًة
جَمْعاء...و إلًا كَيْفَ سَيُحاكِم الله الإنسَان إنْ لَمْ يَكُن سَيُحاكِمَهُ على
أفْعالَه الذي إخْتارَها بِحُرِيَتِه...فإذا أمَنًا أن الإنسَان مُسَيًر فلا داعي
لِلْحُكْم عَلَيْه لأنً سِمَة إخْتيار ما يريد أن يَفْعَل تَنْوَلِد مِنْ
عَمَلِيًة تَحْليل للخَيارات و هذا كُلَهُ وَليد لِلْتَفْكير و تَحْليل الأمور فَلِذَلِكَ
الإنْسَان يُفَكِر إذ يُحَلٍلْ الأُمور، أي يُخْضِعُها لِمَنْطِق عَقْلَهُ و
لِذَلِكْ يَسْتَطيع إخْتيار ما يُريد في كَافَة حيثيات أُمورِه و تَبَنٍي
العَقائِدْ الذي يُريد، فَلِذَلِكَ بما أنًهُ يَتَمَتًع بِهَذِهِ الحُرِيًة
النابِعَة مِنْ عَقْل مُفَكِر يُحاسِبُنا الله على أفْعالِنا...فَعِنْدَما
وَهَبَنا الله هذا العَقْل كان يَعْلَم اين سَيَقودُنا مِنْ دون شك كَما أسْلَفْت
بِطاقاتِه الخَلًاقَة و مَدى التَطَوُر الذي سَيُحْدِثُهُ بِعالَمِنا فاللهُ
عِنْدَما يَصْنَع يَفْعَل ذَلِكَ بِحِكْمَةٍ فائِقَةٍ تَفوقُ قُدْرَةِ البَشَر
كَثيراً و بِدَرَجات كَبيرَة فَلِذَلِكَ سَخًرَ لنا الطَبيعَة بما إحْتَوَت مِنْ
إمْكانِيًات و تَرَكَنا نَعْمَل بالأرْض نَسْتَخْدِم مَوارِدْها لِتُساعِدَنا
بِصُنْع ما يَلْزَم لِحَضارتِنا على مَرْ العُصور و القُرون السالِفَة...أقول هذا
آخذاً بِعَيْن الإعْتِبار التَطَوُر التِكْنولوجي الكَبير الذي شَهِدَهُ عالَمَنا
الحَديث بالقَرْن الماضي و المُسْتَمِر الى يومنا هذا...الله اعْطانا عَقْل
مُبْدِع خَلًاق و قَصَدَ لنا ان نَسْتَخْدِمَهُ لِنَصْنَع حَضارَتِنا كَبَشَرْ...و
لَكِن أشْعُر مِنْ أفْعال المُتَشَدِدين مَعْ الفنانين أنً طَريقَةَ تَطْبيق
شرائِع دينِهِم حَرْفِيًة لا تَخْضَعْ لأي ليونة كما يُنادي الأزْهَر الشريف و
كَأَنًهُم يُعاكِسوا إبْداعات البَشَر و يُريدوا أن يُلْجِموا البَشَر و يُعيدوه
الى أحْوال كانَتْ سائِدَة مُنْذُ عُصور قديمة عَبَرَتْ عَنْها إنْسانِيَتُنا
الحَديثَة مُنْذُ زَمَنْ بَعيد...و كأنًهُم يَرْفُضوا إرادَةْ الله للإنْسَان
بالتَطَوُر و يُريدوا أن يَشدوا عالَمَنا الى الوَراء و يُحوٍلوا المُجْتَمَعات
العَرَبِيًة الى مُتَعَصِبَة ضَيٍقَةَ الأفُقُ...أنا لا أهاجِمْ الدين الإسلامي بل
أُضْفي ضوءاً على تَحَدي نَسِيَ المُتَشَدِدون الذين يُهاجِموا الفنانين أنًهُ
موجود...قُدْرَةَ الدين على مواكَبَة تَطَوُرات العَصْر فالله اعطانا عَقْل
مُبْدِع إسْتَخْدَمَهُ الإنْسَان بِصورَة حَكيمَة لِيوصِلَ البَشَرِيًة الى الكَمْ
الهائِل مِنْ المَعْرِفَة و التَطَوُر بِكُل أبْعادِهِ في يَوْمِنا هذا و ارى على
نَقيض الإرادَة الإلآهية المُتَشَدِيين يَشُنوا حُروباً غير قادِرين على مُمارَسَة
الٌليونَة المَطْلوبَة ليَسْتَوْعِبوا حَضارَة الإنسان في القَرْن الحادي و
العِشرين الذي نَعيشُ بِهِ...فَعَلى سَبيل المِثال لا الحَصْر بالوَقْت التي
يَتَعامَل فيها عالَمُنا عِنْ طريق مَواثيق الأُمَمْ المُتَحِدَة مع المَرأة على
أنًها عُضو مُنْتِج بالمُجْتَمَع و يُعامِلُها مُعامَلَة الإنسَان و أنً لها
عواطِفْ و أحاسيس و أنًها كيان إنساني لَهُ حاجاتُه و إحْتِرامُه مِثْل الرَجُل
يأتينا نُخْبَة مِنْ المُتَشَدِدون ليَحْرِموها مِنْ قيادَة السَيًارات و
مُمارَسَة حَقًها في العَمَل و إسْتِلام المَناصِب الإدارِيًة...بَلْ يُصَنِفوا
هذا يَجوزُ لِلْمرأة و ذاك الأمر لا يَجوز، ليس مَطلوب مِنْ المَرأة أنْ تَحْمِل
اوزان ثَقيلَة كالذين يُمارِسوا رياضَة كَمال الأجسام او أنْ تُمارِس وظائِفْ
خَشِنَة المَحْضَر عليها...بل المَطلوب أنْ تَشْعُر بإنْسانيًتِها بالمُجْتَمَع و
تَعْمَل بِسوق العَمَل مِثْلَها مِثْل الرَجُل بالشَرِكات و الوَظائِف الإدارية و
البَرْلَمان و التَدْريس و أنْ تَدْرُس بالجامِعات فهي عُضو يَمْتَلِك العَقْل
لتُساعِد الرَجُل ببناء هذا المُجْتَمَع، و ما المانِع أن وَصَلَت لِمَناصِب قيادة
الدُوَل؟ فَهِذِه المَناصِب تَتَطَلًب المَقْدِرات الفِكْرِيًة لَيْسَ إلًا، و لو
لَمْ يَقْصِد الله لها هذا المَصير لما وَهَبَها عَقْل يُمارِس التَفْكير مِثْلَها
مِثْل الرَجُل و بِنَفْس كَفأَتِه و ما اعْطاها الشَخْصِيًة المُناسِبَة
لِتَقْتَحِم أكْبَر الوظائِف بِحَضارَتِنا الإنسانِيًة...أسْتَغْرِب كَيْف يَسير
هؤُلاء المُتَشَدِدون عَكْس إرادَة الله و لا يُحْسِنوا تَفْسير الشرائع التي بين
يَديْهِم بِما يَتَعَلًق بِالمَرأة و لا يَنْظِروا إذا كان بالإمكان إسْتيعاب
التَطَوُر الذي يَعيشُه الإنسان فلو ارادوا لأبْصَروا أنً هَذِهِ الشَرائع التي
بين يَديهِم هي لِلْدين الإسلامي الذي لَهُ حُضورَهُ بالمُجْتَمَع الدُوَلي و
هَذِهِ الشَرائع لَهي قادِرَة على التَعامُل مِعْ اشياء كثيرة،
و اما لِلْسينَما فَهؤلاء المُتَشَدِدين لا يَمْلِكوا
الخِبْرَة بالتَعامُل معها لكي يُهاجِموا فنانين تَتَطَلًب طَبيعَة عَمَلِهِم
الحُرِيًة كما أسْلَفْت و التي كانت مَوْجودة بالعُقود السالِفَة مَعْ الحَضارَة
المَدَنِيًة التي لم يُطَبَق بها الشَريعَة الإسلامية بالكامِل كَما في الدَوْلَة
الإسلامية الرَسْمِيًة...الشَريعَة الإسلامية ما كانَتْ مُفَعًلَة بالصَورَة التي
يُنادوا بها في هَذِهِ الأيام فَبِغياب القانون الذي يُدين الفَنانات و الفنانين
وَقْتَ تَصْويرِهِم لِهَذِهِ الإعمال فبأي عِلًة يُدينونَهُم؟ وَقْتَ تَصوير
هَذِهِ الأعْمال كان القانون يُحَلِلْها و يُوَفِر لها الحُريات اللازِمَة و قَدْ
تَمْ إنْتاجِها بالماضي وقْتَ ما كانَتْ الظُروف تَسْمَح بِهذا فإذا أجاز لَهُم
القانون ذَلِك فبأي حَقْ يُرْجَمون بالتُهَم؟ لا أعلم بالضَبْط، و لكي أستَفيض
بالمَوْضوع أكْثَر قال الله بالقرآن الكريم بِسم الله الرَحمن الرَحيم
"فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" صدق الله العظيم...و
في زَمَنْ الرسول عليه الصلاة و السلام التَسْلِيَة الوَحيدة كانت الكَلام و
العِبَر المَنْقولَة عَبْر الحديث فالقِصَة المُراد مِنْها المَوْعِظَة و فيها
وصْفَ للخير و الشَر و لِلْحَسَن و للطالِح لِيَحْدُثَ ميزان التَبايُن الذي مِنْ
شأنِهِ أن يؤثِر بالمُسْتَمِع و يُبَيٍن الخَيْر بها لكي تَتِم الآيَة الكريمة
"لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" ، السينما بافْلامِها تَتْبَع نَفْس
الشيئ و لكن لأنًها مادة سَمْعِيًة و بَصَرِيًة تَتْبَع أسْلوب نَفْس الميزان
لِتَبْلُغَ نَفْس التَبايُن فَتَبْني بالفِلم عِنْ طريق المَشاهِد المَرئِيَة
الصالح و الطالح بناءاً على مَوْضوع السيناريو الذي يُعالِجُهُ الفِلم فَلِهذا
تَكون الصورَة التي بها الجانِبَين الحَسَن و المُظْلِم مِنْ البَشَرية مؤثراً في
نفس المُتَفَرِج،
خُلاصَةَ خواطري و خِتَامُهَا هي جُمْلَة وَحيدَة : لا
غِنَى عَنْ مِصْر بالإنْتَاجْ الفني بِكُلْ أَبْعَادِهِ، فلا مُتَدَيِنْ
يَسْتَغْني عَنْ السَمَاء كَمُلْهِمْ روحي لِذاتِهِ البَشَرِيَة و بِنَفْس
المِقْيَاسْ لا غِنَى عَنْ مِصْر كَمُلْهِمْ لِحَرَكَة الفُنونْ و الثَقَافَة
بالوَطَنْ العَرَبي، فالحُرِيَاتْ و
الإبداع سَتَكْسِرْ كُلْ القُيودْ و الحَواجِزْ عاجلاً أم آجلاً بِهَذا الحُكْم
فَهِيَ كالمَارِدْ المُكَبًلْ بالقيود الحَديديِةَ الذي يَنْتَفِضْ مِنْ أغْلالِهِ
الثَقيلَة و سَتَتَكَسًرْ تَحْتَ نَيِرْ حَجْمَهَا و وَزْنَهَا، و سَتَرى
القاهِرَة عَوْدَةَ هَذِهِ الحُرِيَاتْ و الفُنونْ سَريعاً، فَحَجْمْ الثَاقَفَة و
الوعي المَوْجودْ في المُجْتَمَع المصري لَنْ يَقْبَلْ بهذا الحُكْم طويلاً...
0 comments:
إرسال تعليق