لماذا تحاكمون فاطمة ناعوت؟ ولم تدينوا من أساء لمحمد واحرق القرآن/ الدكتور حمدى حمودة

كتبت فى تعليق سابق على هذه القضية الملفقة من أى جهة كانت ، وأنا لا أدين ولا أتهم أشخاص بعينهم أو جماعة معينة ، فأيا من كان قد وجه لها التهمة بحجة غيرته على الأسلام ، فأنا اوجه له السؤال ، لماذا الآن استحضرت هذه الغيرة على محاولة من مجتهدة أرادت تفسيرا مقنعا لظاهرة بشرية تتمثل فى اسالة دماء ملايين البهائم لم يشرعها الله فى كتابه ؟ ولماذا لم  يثيرك هذا قبل الخامس والعشرين من يناير ؟ ألم تقرأ كتاب " سليمان رشدى " ذلك المارق الذى تحالف مع الشيطان ولم نسمع عن شخصا واحدا من أى جماعة كانت من الجماعات الأسلامية فى العالم العربى ندد أو احتج على ما جاء به هذا الماجن ، سمعنا أصواتا منددة فى باكستان وأعلن المرشد الأعلى لجمهورية ايران مكافأة كبيرة لمن يأتى برأس هذا المضلل حيا أو ميتا ، الأمرالذى جعله يحبس نفسه فى بيته سنوات حتى فارق الحياة ، ثم تجرأ بعد ذلك من تجرأ فى بعض دول أوروبا الشرقية بالأساءة العلنية على النبى محمد ( صلى ) ورأينا المظاهرات تعم أندونيسيا وما ليزيا والفلبين وايران وباكستان وافغانستان مطالبين بقطع العلاقات مع هذه الدول ، أما الطامة الكبرى عندما ظهر علينا ذلك القس الأمريكى وهدد بحرق القرآن مرة تلو المرة وعندما لم يجد من يعترض ، تجرأ بالفعل وقام بحرقه أكثر من مرة ، ولم تحرك هذه الجماعات التى نجدها اليوم تقتل وتسبى النساء وتفجر المساجد والكنائس والمعابد والأضرحة وتفجر رؤوس كل من تسبيهم  أو الذين لم  ينهجوا نهجهم فى سوريا والعراق وليبيا ومصر ، هذه الفظائع التى لايتصورها ولا يتقبلها أى عقل أو منطق، يستخفون بها ويعتبرونا من الأسلام ، فلا عجب أن نرى ما تقوم به اسرائيل من هدم للمساجد وسب علنى للنبى وللمسلمين وقتل وتشريد واعتقال يومى بأعداد هائلة للفلسطينين ولم نرى غير صمتا هائلا لدى أمثال الذين يتشدقون بغيرتهم اليوم على الأسلام .
كل هذا حدث ويحدث ولم نجد من ينتصر لنا ولكرامة عقيدتنا ، لانرى ، لانسمع ، لانتكلم ، لكن جوزوا لأنفسهم وضع رقيبا على كل صحفى من أجل أن يتصيدوا له زلات اللسان ، وحتى لم تكن زلة لسان ، فما المانع ان يكون ذلك نوعا من الأجتهاد فى تفسير بعض الآيات التى تحتاج الى فهم أعمق أو بحثا عن الحقيقة التائهة عن فهمها فهما منطقيا ، نعوت لم تتماهى فيما أرادت ان تعبر عنه ، ولكنها كما قلت سابقا انها أثناء الكتابة تضع فى اعتبارها مسبقا أنها تكتب للمثقفين وخواص الناس من الذين غير محتاجين الى شرح مطول لكى توصل اليهم ما تريد ايصاله ، وهذا ما يؤخذ عليها ، وقد كتبت لها أكثر من مرة عندما اتهمت من قبل بعض المتششكيين فى اسلامها واحتسابها على الدين المسيحى ، بأنها تكتب لمن لايفهم ولايعى المراد من وراء أفكارها ، وعليها أن تكتب بشرح واف لفكرتها التى تريد ان تعبر عنها حتى لايؤخذ عليها أى مأخذ ، ولكنها دائما تقع فى المحظور ، فاطمة مسلمة من الطراز الأول وتعرف عقيدتها جيدا وهى قارئة عظيمة ، ليس فى العقيدة الأسلامية فقط ولكن فى كل العقائد وفى شتى انواع المعرفة ، فمن الواضح انها التهمت كتب التاريخ والفلسفة والرياضيات التى تنشط العقل بصفة مستمرة خاصة وانها خريجة الهندسة مما يدل على رجاحة وقوة عقلها .
نحن نعلم أن رؤية النبى ابراهيم رؤية مؤكدة وهذا ما لم تنفيه الكاتبة ، لقد أتته الرؤيا من ربه على أن يصطحب ابنه ويذبحه ، ولكن قبل أن ينفذ ما امره الله به ، جاءه الملك ليقول له أن الله افتداه بذبح عظيم لأنه تم اختباره واختبار ولده على مواجهة المصيبة ،( ولقد وصف الله الموت بالمصيبة فى قوله ( ان أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) ولقد صبرتما على أمر الله وقمتما يتنفيذ ما أمركم به ، فالنبى ابراهيم نفذ ما أمره الله به ، ولكن ليس قبل أن يعرضه على اسماعيل الذبيح حيث قال له ( فلما بلغ معه السعى قال يابنى انى أرى فى المنام انى أذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمرستجدنى ان شاء الله من الصابرين ) ولقد قرأت وسمعت آلاف الخطب فى يوم الجمعة على مدى عمرى ، ما وجدت اماما ولا شيخا اختلف فيما قاله أو فسره شيوخه الأوائل أو السابقين عليه أو المعاصرين له ، وكأن الأجتهاد فى التفسير أو الفقهه أو التوحيد أو فى أى علم من علوم القرآن قد تعطل منذ ألف سنة ، فكل ما هو موجود فى كتب الأولين هو كما هو لازيادة عليه ولانقصان الا ما يدور فى فقه وتفسير التكفيرين الذين يسمحوا لأنفسهم أن يكونوا من الخوارج كأول فرقة خرجت بعد وفاة النبى (صلى ) وبعدها توالت الفرق الضالة والمشككة فى الأسلام الى يومنا هذا .
لذلك علينا أن نختبر النوايا ،لأننا لانعلم ما فى القلوب وما تكنه الصدور ، ويقول النبى ( انما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ) فهل نحن علم بما تكنه نية فاطمة اذا ماكانت طيبة أو خبيثة ؟ علينا ان نأخذ بالأفعال وليس بالأقوال ، فلو ترجمنا أفعالها الى الواقع المعيشى ، لوجدناها صادقة وليست كاذبة أو منافقة ، والآيات التى نزلت فى المنفافقين كثيرة ، وما أنزلت هذه الآيات الا بعد ما قاموا به هؤلاء من أفعال ، وحتى لو نزلت قبلهاأو نزلت بعد عقد نيتهم ، فالذى يعلم بالأسرار والنجوى هو الله وحده ، ويقول الله ( ان تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) ولكوننا لانعلم السر وما أخفى ، فما علينا الا أن نأخذ بالنوايا الحسنة تجاه الآخرين ، لذلك نحن نبرئ فاطمة من دم يعقوب ، وهى لديها من الشجاعة والصدق أن تقول مثلما قالته زليخة فى حق يوسف ( الآن حصص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ، ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لايهدى كيد الخائنين ، وما أبرئ نفسى ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيم ) فاذا كان الله غفور رحيم ، فما بالنا نحن نكون قساة غلاظ بلا رحمة أو شفقة على الآخرين؟ اننى أرى أن الكاتبة صادقة النوايا وثقافتها وتربيتها تجعلها عاشقة لعقيدتها الا انها صعبة الفهم على البعض ،( واذا المؤدة سألت ، بأى ذنب قتلت ) فلماذا تريدون قتل فاطمة ؟ 
            
Dr_hamdy@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: