ما زال الجيل الذي عاصر فترة حكم عبد الكريم قاسم يتذكّر السخرية التي رافقت قرار حكومته تحويل العملة الملكية القديمة المعروفة وقتذاك من فئة أربعة فلوس ( عانة بالهندي أو آنة ) إلى خمسة فلوس فشرع خصومه البعثيون يروّجون لأهزوجة شعبية لم تحقق النجاح الذي كانوا يرجون كدعاوة مضادة لعبد الكريم قاسم. نص تلك الأهزوجة [[ عاش الزعيم الزيّد العانة فلس ]].
ما " ربّاط " حكاية هذه العانة الرباعية التي غدت بفضل ثورة تموز 1958 خماسية القيمة ؟
" الربّاط " قويٌّ وقويٌّ جداً جداً ! ... كيف ؟
إذا أضافَ الزعيم قاسم فلساً واحداً لا غير على عملة نحاسية صغيرة فلقد مددت وجعلت حكومة الزعيم الجديد الدكتور حيدر العبادي الشهرَ المعروف والمعتاد وجعلته أربعين يوماً بدل الثلاثين / الواحد والثلاثين فسبحان مُغيّر ومُكبّر وممدد الأمور والأيام والشهور! سيستلم الموظفون والمتعاقدون والمستخدمون رواتبهم الشهرية بعد كل أربعين يوماً بدل كل ثلاثين والصلاة على النبي ! هل ينطبق هذا التقويم الجديد على الرؤساء الثلاثة ونوّابهم ومستشاريهم وهل سيمشي على الوزراء ونوّابهم ومستشاريهم والمدراء العامين ؟ هل سيُطبّق على نائبات ونوّاب البرلمان العراقي وحماياتهم وأعضاء مكاتبهم وهم كثرة كاثرة ؟
[[ عاش العبادي الزيّد الشهر عشرة أيام بأيامها ولياليها ]] تُرى هل سيقبل صاحب الدار المؤّجّر أنْ يقبض بدل استئجار داره كل أربعين يوماً بدل ثلاثين ؟
ما زال البعض ينعتها بحكومة التغيير فأين حصل هذا التغيير وما هو وما كنهه ؟ تعالوا إلى كلمة سواء نتحاسب حساب عرب : ما زال داعش يحتل مساحات شاسعة من أراضي العراق وما زال يسبي ويقتل ويتمدد ويتحدى ويذبح ويشوي الأجساد مثل سمك دجلة المسكوف ويُهرِّب النفط وما زال يتلقى ما تلقي عليه طائرات التحالف الدولي وخاصة الأمريكية منها من أعتدة وذخائر ومؤونات ... بغداد صارت شامْ صلّوا على النبي ... وما زال فقراء العراق يرزحون تحت خطوط الفقر الحُمُر وباقي ألوان طيف الشمس الداكنة المرئية منها وغير المرئية ... وما زال التجاوز على حريات رجال الصحافة والإعلام قائماً على قدم وساق على مرآى ومسمع العبادي وأعضاء حكومته .... وما زالت مدائن العراق الرئيسة تعاني من شحّة الماء الصالح للشرب ومن انقطاعات التيار الكهربائي ... وما زالت بغداد العاصمة تعاني من الوساخات وتراكم النفايات ... وما زالت الهاونات وقذائف الصواريخ تنهال بين فترة وأخرى على بعض أحياء بغداد عاصمة العراق ...
أخطر الجميع هو تزايد جموع العساكر الأمريكية من مارينز وخبراء ومدربين وحرس للسفارة الأمريكية في منطقة " البلواء " الحصينة ولباقي القنصليات الأمريكة هنا وهناك .... وما زالت طائرات التحالف الدولي [ وفيها طائرات دول عربية ! ] تستبيح أجواء العراق نهاراً وليلاً جهاراً نهاراً تقصف فتقتل العدو والبرئ وليس عندي أدنى شك أنَّ الطائرات الإسرائيلية تساهم في الكثير من المجهودات الحربية المشبوهة لا في سماوات العراق حسبُ إنما في أجواء وسماء سوريا.
ماذا تبقّى للعراق من العراق ؟ كيف وأين ومتى سيحصل التغيير العبادي أو غير العبادي؟ في أي مفصل من مفاصل الحياة وفي أي شأن؟ العراق ومشاكل العراق وما يجري على أرض العراق وما يُعدُّ ويخطط له في السراديب السرية أكبر بكثير من أي عباديٍّ ومن أي سياسي عراقي آخر أفرزته ظروف ومسببات الإجهاز على العراق حتى سقوطه في التاسع من شهر نيسان عام 2003 . لقد أجهزت أمريكا ومعها إسرائيل وحلفاء أمريكا في الناتو وبعض أعرابها على العراق كدولة وكيان سياسي ـ إجتماعي ـ تأريخي بدعوى القضاء على صدام حسين ونظام البعث الفاشي وإنقاذ العالم مما كان في العراق من أسلحة تدميرية شاملة لم يجدوا منها شيئاً بل ولم تكن موجودةً أصلاً إلاّ في رؤوس التدمير الأشمل بوش الإبن وأضرابه في الغرب وإسرائيل.
أجلْ سادتي : عن أي تغيير يتحدث القوم اليوم في العراق وفيهم ساسة وعناصر إعلام وبعض كتّاب السلطة والسلطان ؟ ما هو وأين هو؟
0 comments:
إرسال تعليق