أبوت وسياسة حافة الهاوية/ عباس علي مراد

حسب صحيفة ذي صن هيرالد الصادرة الأحد 15/03/2015 ص 21  فان الحملة  السياسية ضد رئيس الوزراء طوني ابوت مجمدة حالياً،  وان هناك فرصة اخيرة لرئيس الوزراء ووزير الخزينة لتقديم الميزانية الثانية،  كما قال احد وزراء الحكومة البارزين، ولكن احد نواب حزب الأحرار حذّر من ان لا ضمانة لعدم التحرك لعزل رئيس الوزراء اذا ما حدث امر سلبي ما، لأنه في السياسة لا يمكن ان نستبعد اي شيء لأن الأمر متعلق في الكيفية الي تسيربها الأمور.
يقول نائب احراري اخر من نواب المقاعد الخلفية، لقد فعلت الحكومة خيراً عندما تخلصت من ضريبة زيارة الطبيب، ويتساءل هل ستتغير نظرة المواطنين لرئيس الوزراء بعد الغاء تلك الإجراءات الغير شعبية، نفس النائب يعتقد ان ذلك سوف يؤخر سقوط ابوت الحتمي. 
وبجولة سريعة على مواقف رئيس الوزراء من بعض القضايا نرى ان مواقف رئيس الوزراء ما زالت تثير الجدل فبعد انتقاده رئيسة مفوضية حقوق الإنسان الاسترالية جيليان تركس على خلفية التقرير الذي وضعته عن معاملة الأطفال في مراكز الإحتجاز واتهامها بتسييس القضية، واعتبار المدعي العام الفيدرالي جورج برندس ان تركس فقدت ثقة الحكومة وما اثير عن عرض وظيفة اخرى على جيليان تركس اذا تركت منصبها على رأس المفوضية. وقبل ان تهدأ عاصفة رئيسة مفوضية حقوق الإنسان الأسترالية انفجرفي وجه الحكومة تقرير المبعوث الخاص للأمم المتحدة خوان مانديز الذي تحدث في تقريره عن عمليات تعذيب لطالبي اللجؤ وان طريقة استراليا في التعامل مع هؤلاء في مراكز الإعتقال في الخارج وترحيل مجموعة من طالبي اللجؤ السيرلانكيين  التاميل بعد احتجازهم على متن احدى السفن في اعالي البحار لعدة اسابيع تعتبر خرق لإلتزامات استرالي وللقوانين الدولية ومعاهدة منع التعذيب التي توقع عليها استراليا.
جاء رد رئيس الوزراء على تقرير مانديز مفاجئاً عندما قال ان الاستراليين سئموا من محاضرات الأمم المتحدة. الأسبوع الماضي طفت تصريحات رئيس الوزراء عن خيارات نمط الحياة للسكان الأصليين في المناطق النائية  حيث تنوي الحكومة اغلاق 150 مجتمعاً للسكان الأصليين من اصل 274 مجتمع في ولاية غرب استرالي لصعوبة تقديم الخدمات وردم الهوة بين السكان الأصليين وباقي السكان حسب ما تقول به الحكومة، وتصل كلفة النفقات على هذه المجموعات التي يعيش فيها قرابة 12 ألف شخص حوالي 30 مليون دولار سنوياً. لاقت تصريحات رئيس الوزراء انتقادات من قادة السكان الأصليين، وارن ماندين رئيس المجلس الإستشاري للسكان الاصلييين والذي عينه في هذا المنصب رئيس الوزراء طوني ابوت اعتبران السكان الأصليين تربطهم بالإرض علاقة تعود الى آلاف السنين ودعى نويل بيرسون من قادة السكان الأصليين الى معالجة جدية لقضايا هؤلاء  السكان وانتقد تصريحات رئيس الوزراء التي اعتبرها تعليقات هامشية.
وكانت تصريحات سابقة لرئيس الوزراء حول اداء قادة الجالية الإسلامية اثارت ردود فعل سلبية عليها عندما قال الشهر الماضي: اسمع مراراً قادة من الدول الغربية يصفون الدين الإسلامي بأنه دين سلام، اتمنى ان يقول هذا الكلام القادة المسلمون اكثر وان يعنون ما يقولون.
وعلى هامش معالجة قضية الاستراليين المحكومين بالإعدام في اندونيسيا، لاقت تصريحات رئيس الوزراء عن المساعدة المالية لضحايا المد العالي عام 2004 انتقادات لأنه حاول ربط تلك المساعدات الانسانية بقضايا اخرى وكأنه يقدم مساعدات انسانية مشروطة.
وعلى صعيد آخر جاء قرار وزير الصناعة ايان ماكفرلين وموافقة رئيس الوزراء بدعم قطاع السيارات ب 100 مليون دولار دون اخطار الحزب والحكومة بهذا الأمر بمثابة تراجع عن وعد قطعه السيد ابوت بعد التحدي على زعامة الحزب الشهر الماضي بإستشارة زملائه قبل اتخاذ اي اجراءات كأنه تراجع عن ذلك الوعد. المعروف ان الحكومة كانت قد قررت وقف دعم قطاع صناعة السيارات عندما جاءت الى الحكم عام 2013. وحسب صحيفة ذي صن هيرالد 15/3/2015 فأن احد النواب عبرعن صعوبة مساعدة رئيس الوزراء اذا ما استمر سير الأمور على هذا المنوال. لكن وحسب نفس الصحيفة، رأى احد الوزراء انه من الصعوبة حصول تحدي لزعامة ابوت حالياً وأضاف انه لا يرى ان ذلك الأمر سيحصل ابداً.
وفي مقال مطوّل عن اداء رئيس الحكومة  وتحت عنوان"عودة ابوت المخزية للقاعدة الحزبية المتشددة"  لمحرر الشؤون السياسية في صحيفة ذي سدني مورنيغ هيرالد بيتر هارتشر، اعتبر إن التعرض للسكان الاصليين واللاجئين والمسلمين يفقد رئيس الوزراء الأهلية لقيادة امة موحدة.(س م ه عدد 14-15/03/2015 قسم ما وراء الأخبار ص 24).
لا شك ان استراليا بلد التعددية الثقافية وتساوي الفرص بإمتياز والمعروف الدور الإيجابي الذي لعبته وما زالت على الساحة الدولية، ولكن ما قد يسيء الى هذا الدور في المستقبل، هو ادخال كل القضايا في زواريب السياسة الضيقة لأن هناك اموراً تتطلب معالجتها اكثر من محاولة كسب مقعد نيابي هنا او هناك او حتى الوصول الى منصب رئاسة الوزراء او خسارته. 
 بإختصار، المطلوب تحسين إداء السياسيين من اجل ردم اي هوة بين المواطنين، والأخذ بما يعزز الوحدة الوطنية والإنسجام والتناغم الإجتماعي، والمعروف ان رئيس الوزراء كان قد اعترف سابقاً انه كان يخاف ان تحولنا التعددية الثقافية الى دولة من القبائل، لكنه اعترف لاحقاً انه كان على خطأ وغيّر رأيه (س م ه 14-15/03/2015 قسم ما وراء الأخبار ص 25).
أخيراً، هل سيقتنع رئيس الوزراء بأنه فعلاً رئيس "فريق استراليا" لتبدأ الحكومة الجيدة التي وعد بها  بعد محاولة الإطاحة الفاشلة به في شباط الماضي ويبتعد عن سياسة حافة الهاوية قبل ان يخرج او يطاح به؟ 
والعبرة كانت في محاولة فرض الضرائب الجديدة التي لم يذهب بها رئيس الوزراء الى الإنتخابات، ورأينا المشاكل التي اورثتها للحكومة التي لم تتقدم ولو لمرة واحدة على المعارضة في استطلاعات الرأي منذ وصولها الى السلطة في ايلول من العام2013. نشير هنا الى نتائج البحث الذي اجرته مؤسسة الابحاث "الرؤيا" لصالح المؤسسة الاعلامية "فيرفاكس" ونشرته صحيفة سدني مورننغ هيرالد 16/3/2015 ص 5  تحت عنوان ابوت غير كفؤ...اعتبر معظم المستطلعين ان ابوت غير جدير بالثقة وقد اختيرت العينة من الناخبين في مناطق غرب سدني الذين صوتوا لأول مرة لصالح الائتلاف (احرار-وطني) في انتخابات نيو سوث ويلز عام 2011. رغم كل ما تقدم، لا بد ان نذكر ان رئيس الوزراء قد وفى بأهم وعوده الانتخابية وهي الغاء ضريبة الكربون وضريبة التعدين واوقف وصول قوارب طالبي اللجؤ، ولكن الظاهر ان الناخبين وبعض زملاء السيد ابوت من حزب الاحرار لهم راي آخر وينظرون الى المستقبل!

سدني
Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: