كلام أوباما وعبور بوابة القتل بالدم العربي/ راسم عبيدات

في الوقت الذي تُجيش وتحرض فيه مشيخات النفط والكاز العربي  على الصراع المذهبي الإسلامي سني – شيعي،وتعظم من حجم الأخطار المذهبية القادمة من ايران،وبأنها بمثابة "البعبع" أو "الغول" الذي سيلتهم العالم العربي (المسلمين السنة)،حيث وصل الأمر حد تشكيل قوة عربية مشتركة بقرار  سعودي قبل أن يكون من قبل جامعة الدول العربية المسيطر على قرارها من قبل السعودية ومشيخات النفط،لهذه الغاية وهذا الهدف،وليس من اجل حماية لا امن قومي عربي ولا تحرير بلدان عربية،"بطولات" عرجاء على فقراء اليمن،كون من يتزعمون عملية الإصلاح والتغيير هناك،هم الحوثيين المقربين من ايران ليس إلا،حيث كان عنوان الحرب حماية "الشرعية" المفقودة والمنتهية، ومنع التمدد الفارسي والشيعي الى منطقة الخليج العربي.ولعل مشيخات النفط العربي بعد توصل أمريكا وطهران الى اتفاق إطار حول برنامج ايران النووي،كانت تنتظر من اوباما أن يبدد مخاوفها وهواجسها،بأنه سيضمن امنها وإستقرارها بعد هذا الإتفاق،ولكن أوباما كان همه الأساس في هذا الإتفاق مع طهران،هو امن اسرائيل ووجودها،وهو يدرك تماماً بأن هذه المشيخات مضمونة في "الجيب" الأمريكي،وهي غير قادرة على الخروج  عن إرادة امريكا،وقد جاء حديثه الى الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان " نيويورك تايمز" قبل  ثلاثة أيام بمثابة الصاعقة التي نزلت على رؤوس قادة وزعامات تلك المشيخات،حيث قال بأن الأولية لمحاربة الإرهاب،وان الأخطار التي تتهدد عروشهم ومشيخاتهم،هي الأخطار الداخلية،نتيجة تجذر الفكر التكفيري في مؤسساتهم الدينية،وتهميش شعوبهم  وإقصائها عن المشاركة في القيادة والقرار ومؤسسات الدولة،وإرتفاع نسبة البطالة بين شبابها،رغم العوائد النفطية الهائلة،والتي تذهب لجيوب  إمراء وشيوخ العائلات المالكة،وتصرف على بذخهم ومجونهم ونزواتهم،وعدم وجود تنمية ومشاريع اقتصادية وانتاجية تستوعب هؤلاء الشباب،حيث ذلك يدفعهم لكي يكونوا الوقود للجماعات التكفيرية من "داعش" و"القاعدة" و"النصرة" وغيرها من القوى التكفيرية والظلامية.

هذه  هي الأخطار التي تهدد عروشهم واقطاعياتهم وممالكهم،وتهدد امنهم وإستقرارهم،وليس الأخطار القادمة من ايران،فعليهم التخلي عن "هواجسهم" و"مخاوفهم" المذهبية،والتوجه نحو الحوار والتعاون الإقليمي مع ايران من أجل مكافحة خطر الجماعات الإرهابية،فهذا الخطر له الأولية على أية اخطار اخرى.

أوباما قال لهم بشكل واضح وصريح،لن نحارب عنكم،ولن يقتل جنودنا دفاعاً وحماية لكم،نساعدكم في القضايا الدفاعية ومواجهة الأخطار الإقليمية،ولكن لا نستطيع حمايتكم من غضب شعوبكم عليكم،آن الآوان لكي تغيروا انظمتكم،وان توسعوا قاعدة المشاركة السياسية،تلك المشاركة غير الموجودة أصلا،إصلاح برامجكم ومؤسساتكم السياسية والدينية،توزيع عادل  للثروات،وقف "تغول الأجهزة الأمنية على المواطنين،عوامل تضمن لكم الإستقرار والأمن.

أنظمة مغرقة في الديكتاتورية والنهب وسلب الحريات،من الصعب عليها أن تستجيب لدعوة اوباما لها لملاقاتها في كامب ديفيد في الصيف القادم،فلماذا تذهب الى هناك..؟؟ لكي تستمع الى ندوات ومحاضرات عن امور تعرفها هي جيداً،وهي ترى فيها خطر جدي على نفوذها وعروشها ومصالحها، واستمرار هيمنتها وسيطرتها وقمعها لشعوبها،فهي في ببنيتها وعقليتها وذهنيتها وثقافتها،غير قادرة على تقبل مثل هذه الأمور،إصلاح سياسي،عدالة إجتماعية، ملكية دستورية،سيادة قانون،حريات فردية وعامة،فصل سلطات وتداول سلطة.والأنكى من كل ذلك تعاون مع "ألد" الأعداء ايران،التي أصبحت الفزاعة والعنوان الأبرز للتحريض المذهبي الذي تمارسه تلك الأنظمة،وتجيش شعوبها على أساسه،بإعتباره الخطر الداهم على وجودها ودينها.

أوباما أيضاً في نفس الوقت، كان يحرد في كلامه على المذهبية بشكل سافر،عندما يتحدث عن "العرب السنة"،فترويج هذا المصطلح الهدف منه تسعير الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة في ظل التقسيمات المذهبية،رغم أنه يقدم التعاون في محاربة الإرهاب على المخاطر المذهبية،ولكن الشيء الأخطر في كلام أوباما،انه يريد من "عرب السنة" حسب وصفه،والذي أصبح هو ونتنياهو مدافعين أشداء عنهم،دخول بوابة الزمن الأمريكي عبر بوابة القتل بالدم العربي،وتصفية الحسابات على حساب العرب  مالاً ونفطاً وبشراً،وعلى ضوء كلام أوباما ورسمه الواضح للحدود والفواصل بين السياسة الأمريكية وسياسة حلفائها التابعة في المنطقة ،وفي ظني انه بعد حديث اوباما الصحفي هذا،فإن من المتوقع أن لا تستجيب مشيخات النفط والكاز لوجهة نظر اوباما،بأن الخطر الداهم والجدي ياتي من الجماعات الإرهابية والتكفيرية وحواضنها ودفيئاتها في تلك الدول،بل هي تريد ان تستمر في السير على نفس النهج والمنوال،بل ربما تنحى منحى تصعيدي،منحى يؤجج مشاعر الإحتقان المذهبي،ويمارس التحريض بكل أشكاله تجاه ايران،كدولة "مارقة" و"طامعة" في الوطن العربي،خطرها على البلاد العربية والدين الإسلامي يتقدم على أية مخاطر أخرى،فهذه، هي الفزاعة التي تمكنها من الإستمرار في السيطرة على شعوبها،ومقاومة أي نهج أو قوى تدعو الى تغيير  الأوضاع القائمة،ولذلك الدعوات الى أن تتولى الجيوش العربية محاربة "الإرهاب"،وتشكيل القوة العربية المشتركة سيتم العمل عليها بشكل حثيث،وسيزداد الخطاب بجناحيه السياسي والديني تطرفاً وتحريضاً وقدحاً،وقد تخرج دعوات تدعو الى ضرورة مراجعة العلاقة مع امريكا على خلفية أنها غدرت بالعربان من مشيخات النفط والكاز،وباعتهم لطهران، وكأن هذه العربان لا تعرف طبيعة الغرب الإستعماري منذ قال تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية،لا يوجد لبريطانيا أصدقاء او اعداء دائمون،بل مصالح دائمة،وعلى هذا النهج تسير القوى الإستعمارية،فالعربان التي تتعامل مع أمريكا بدونية وإستجداء، لا تستحق سوى الركل ولا قيمة لها في ميزان العلاقات الدولية،فهي غير مؤثرة في الأوضاع العربية والإقليمية والدولية،وهي غير مالكة لإرادتها وقرارها السياسي،ومعتمدة في حمايتها والدفاع عنها وعن عروشها ،ليس على شعوبها،بل على القوى الإستعمارية،ولذلك ليس بالغريب على أوباما وغيره من قادة الدول الإستعمارية أن يفرضوا على عربان ومشيخات النفط والكاز العربي دخول بوابة الزمن الأمريكي عبر بوابة القتل بالدم العربي،مشروع الفوضى الخلاقة،تصفية الحرب لخلافاتهم وصراعاتهم من خلال حروب مذهبية وطائفية،يدفعون ثمنها بالكامل،بشراً ومالاً وأرضاً ،وبالمقابل  تستفيد وتحقق أمريكا والقوى  الإستعمارية واسرائيل ربحاً صافياً،تنمية ورفاهية لشعوبها وتشغيل لمصانع سلاحها،وسيطرة على المنطقة ونهب خيراتها وثرواتها،والتحكم في مصير شعوبها لمئة عام قادمة.

CONVERSATION

0 comments: