** كنا نعرف المتطرف من جلبابه ولحيته الطويلة وسلوكه الخشن القاسى وإعوجاج لسانه وتطرف سلوكه وفكره ، ولكن يبدو إنهم أصبحوا موضة قديمة ، فقد ظهر جيل كامل من الإرهابيين بمفهوم جديد وسلوك ومظهر جديد ، وهم أخطر بكثير من الجيل الأول من الإرهابيين الذى بدأ بالهجوم على عقائد المسيحيين فى مصر وذلك رغبة فى حماية عقائد المسلمين من خلال الهجوم على العقائد الأخرى وتشريكها وتكفيرها والإستخفاف بها والإفتراء عليها ، وقد بدأت هذه الموجات من متولى الشعراوى ومحمد الغزالى والشيخ كشك وعمر عبد الرحمن وصلاح إسماعيل وإستمرت حتى ظهور جيل جديد أمثال يوسف القرضاوى ويوسف البدرى ومحمد عمارة وزغلول النجار وعمر عبد الكافى ومحمد سليم العوا وفهمى هويدى وأبو إسلام أحمد ثم يوسف زيدان وغيرهم الكثير .
** والأخير هو مؤلف رواية تحمل فكره الشيطانى أطلق عليها إسم "عزازيل" أى إبليس فى "اليهودية والعبرية" كما ذكر فى روايته وهى حاصلة على جائزة العار للطعن فى المسيحية "البوكر العربية" وهى نسخة مكررة من جوائز البوكر البريطانية للأدب ، ويبدو أن اللعب على المشاعر الدينية وتغذيتها ضد الأخر إستهوت زيدان فصال وجال وزعم إنه متخصص فى التراث العربى وهدد كل من يقف فى طريقه ، ولجأ إلى المحاكم لإرهاب البعض بزعم إنه كاتب عبقرى لا يجب الإقتراب منه أو محاولة شم رائحته ؟!!! .
** أما القصة المزعومة فهى تحكى عن رؤية الكاتب من خلال شخصية وهمية أطلق عليها "راهب مصرى يدعى هيبا" قرر أن يكتب ما مر به من أحداث ، بينما يقوم الأخير بوصف الأباء الكهنة والرهبان الذين إعتنقوا الدين المسيحى بالسفاحين .. عيونهم مثل الذئاب يتصايحون بنشوة الظفر والإرتواء بينما أيديهم ملطخة بالدماء ، وهم يرفعون أيديهم مهللين بالترنيمة الشهيرة "المجد ليسوع المسيح .. والموت لأعداء الرب" ، ثم يتصور "كاتب الندامة" أن حوار قد دار بين الراهب "هيبا" و "نسطور" حيث قال له الأخير : "المسيح ياهيبا مولود من بشر والبشر لا يلد الألهة ، كيف نقول أن السيدة العذراء ولدت رباً ونسجد لطفل عمره شهور لأن المجوس سجدوا له" ... ويستمر الكاتب كما يزعم فى تصور شخصيات من خلال روايته للتجريح فى العقيدة المسيحية والكنيسة الأرثوذكسية وعمود الدين البابا كيرلس ، وقوبلت روايته بإستهجان من الأقباط والكنيسة الأرثوذكسية وسط عاصفة من التصفيق من بعض الشواذ والمختلين عقليا ، ووجدت بعض الفضائيات والقنوات الإعلامية فرصة لإستضافة "صديق الشيطان" للحوار عن روايته المعجزة ، وفى حواره الأخير مع جريدة اليوم السابع جرى خلاله بعض المداخلات من الجمهور وكالعادة صال وجال فى إعلام مملوك للتطرف ، بل وتجاوز حدود الأدب حينما قال أن ما يدرسه المسيحيين بمدارس الأحد ليس إلا مجموعى من الأوهام والضلالات مشيراً إلى غلبة الأساطير على العقل المسيحى وهو ما جعلهم يصدقون أن الله قد هبط من السماء لينقذ البشرية فى الأرض ، ثم جلس يتفاخر بإصدار بعض كتيباته "اللاهوت العربى" ثم كتابه فى الرد على نيافة المطران "الأنبا بيشوى" فى كتاب بعنوان "بهتان البهتان فيما يتوهمه المطران" ، وإذا كان زيدان ضليعاً فى الطعن فى العقيدة المسيحية ، لذا فنحن لا يهمنا مؤلفاته ولكن ما يستحق الرد عليه بعد سقوط القناع الزائف هو ما كشف عن وجهه الإرهابى والقبيح حيث ردد فى حواره المتطرف بجريدة اليوم السابع أو اليوم العاشر أن ما يدرسه المسيحيين بمدارس الأحد ليس إلا مجموعة من الأوهام والضلالات ، وإذا كان يوسف زيدان ضليعاً فى البقدونس أو الجرجير أو أصول الفجل كما يزعم هل يتشرف بإفادتنا بما ورد ببعض الكتب عن سيرة الخلفاء الراشدين الأربعة وكيف كانت طريقة كل منهم للوصول إلى الحكم :
• قال البدوى لأبى بكر : " لو أخطأت لقومناك بسيوفنا ؟!! ، ورغم إنه قبل منه ذلك إلا أنه قوم الجزيرة كلها بسيفه فقتل أهلها شر قتلا ، قتل من إعترضوا على خلافته وشككوا فى شرعية حكمه وصحة بيعته وقتل كل من قرر ترك الإسلام إلى دين قومة ، كما أمر برمى الجميع من شواهق الجبال وتنكيسهم فى الأبار وحرقهم فى النار وأخذ الأطفال والنساء والثروات غنيمة للمسلمين المحالفين لحكم أبى بكر وهو ما دونته كتب "السير والأخبار الإسلامية" .
• والخليفة الثانى هو من تولى أمر شعوب بأكملها ومات مقتولا بيد واحد ممن تعرضوا للقهر فى خلافته .
• أما الخليفة الثالث فكان واضحاً من البداية فى التمييز وعدم العدل خاصة فى العطاء فكان أن قتله أقاربه وصحابته فكسروا أضلاعه بعد موته عندما نزوا عليه بأقدامهم ورفض المسلمون دفنه فى مقابرهم فدفن فى حوش كوكب مدفن اليهود .
• أما عن الخليفة العادل عمر بن الخطاب فقد طلب من إبن المستبعدين أو إبن الأسفلين أن يأخذ بثأره من إبن الأكرمين ؟!! ... فبأى الخلفاء الراشدين سيقتدى بهم المسلمين وبأى طريقة سيتم إختيار الخليفة ، فهل يجهل كاتب الندامة سيرة هؤلاء ؟!!.
** أما دولة النبى أو دولة الراشدين فكانت عبارة عن إئتلافاً قبلياً يصعب علمياً أن نطلق معه كلمة دولة ، لأنه لا يملك أيا من مقومات الدولة ، فهناك فرق بين الحكم الديمقراطى ودولة الرسول والراشدين ، فى الوقت الذى يسعى فيه الإخوان للمطالبة بإقامة نظام إسلامى ونطرح على كاتب الندامة سؤالاً هو كيف يتم حكم الدولة بالكتاب والسنة وهما غير مدونين وغير معلومين من الأمة ، ناهيك عن واضعى الأحاديث وأصحاب الفتاوى التى تصب فى صالح السلطان والحاكم ، وهو ما أكده حديث "أبو بكر الصديق" : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث" رداً على فاطمة بنت النبى عندما طلبت ميراثها وفوجئت بهذا المعنى ، ونحن هنا نتساءل إذا أين حقوق الرعية وواجباتها حتى لا تخالف القانون ؟!!! ، فهناك حديث يدينك وحديث أخر يجرمك وفتوى تهدر دمك ، وهكذا لا يوجد قانون ، فالمتعارف عليه أن القانون هو ما يحدد الجرم بل هو ما يخلق جرما لأنه يحرم أفعالا لا يمكن تميزها إن لم يجد قانونا يحرمها .
** لقد دخل الصحابة قتالا قتلوا فيه بعضهم بعض بالألوف من كربلاء وحتى واقعة الحرة المخزية وحتى ضرب الكعبة بالمنجنيق وحرقها ، وهو ما يؤكده الخوارج فى معركة الجمل ، لذلك لم تعش دولة الراشدين أكثر من سبعين عاما وسقطت وإكتظت بأخبار الفظائع الدموية لأنها لم تكن دولة مؤسسات إنما إئتلاف قبلى لم يتمتع بعد بمؤهلات الدولة المؤسسية .
** إنها صورة لبعض الأحداث الدموية وهى ليست قصص من نسج خيالنا كما كتب كاتب الندامة روايته المسماة "عزازيل" ، ولكنها حروب وأحداث مدونة فى الكتب والتراث الإسلامى ... فهل يكفوا كتاب الندامة وأمثالهم على التجريح فى العقيدة المسيحية ، ويحترم كلا منا مشاعر الأخر فكلا منا له حرية ما يعتقد فيه .
** لذلك فنحن فى إنتظار ما سوف يسفر عنه البلاغ الذى تقدم به المستشار نجيب جبرائيل والأستاذ ممدوح نخلة والأستاذ ممدوح رمزى وإحدى عشر منظمة قبطية للنائب العام ضد د. يوسف زيدان لإزدارء المسيحية وتهكمه على العقيدة والتحريض على إشعال نار الفتنة الطائفية .
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email : elnahr_elkhaled2009@yahoo.com
0 comments:
إرسال تعليق