بعد استقالة براون حزب الخضر الى اين؟/ عباس علي مراد

كانت استقالة بوب براون من زعامة حزب الخضر الحدث السياسي الأبرز على الساحة السياسية الاسترالية الأسبوع الماضي.
فقد خرج براون بطريقة سلسة وحضارية، وهوفي قمة مجده السياسي، على خلاف ما فعل جون هاورد عندما بقي في زعامة حزب الأحرار حتى خسر وبطريقة مهينة الزعامة ومقعده النيابي ايضاً في انتخابات العام 2007 بعدما رفض التخلي لنائبه وزير الخزينة انذاك بيتر كوستيلو.
انتقلت زعامة الحزب من براون الى كرستين ميلن بدون ضجيج وصخب كالذي رافق التحدي على زعامة حزب العمال يوم اطاحة كيفن راد من رئاسة الوزارة في حزيران من العام 2010 او تحدي كيفن راد لجوليا غيلارد لأستعادة منصبه في شباط من العام الحالي.
استطاع الطبيب بوب براون مؤسس حزب الخضر ان يثبت زعامته وحضوره منذ ان بدأ مشواره السياسي حين ترك العمل في الطب ليدخل برلمان ولاية تزمانيا في العام 1983 بعد خروجه من السجن لمشاركته في مظاهرة ضد مشروع بناء سد على نهر فرانكلين.
عوامل عدة ادت الى نجاح براون ومعه حزب الخضر خلال الستة عشر عاماً الأخيرة اثناء توليه زعامة الحزب على المستوى الفيدرالي، خصوصا في الأعوام الأخيرة عندما بدأ الرأي العام الأسترالي يفقد ثقته بالسياسيين من كلا الحزبين الرئيسيين بسبب عدم وفائهما بالوعود الانتخابية، والسبب الوجيه الآخر غياب اي قوة سياسية أخرى تحفظ التوازن وتراقب وتضبط العمل ما بين الحزبين الكبيرين بعدغياب الحزب الديمقراطي عن الساحة بعد خسارة كل مقاعده النيابية بعد ان اتفقت زعيمة الحزب انذاك ميغ ليز مع حزب الاحرار في العام 2000 على تمرير ضريبة السلع والخدمات (جي اس تي) .
بسبب تلك العوامل وغيرها استطاع حزب الخضر ان ينال ثقة 13% من نسبة اصوات الناخبين حسب استطلاعات الرأي الاخيرة وإدخال 9 نواب الى مجلس الشيوخ ونائب الى مجلس النواب الفيدرالي في انتخابات العام 2010 وذلك لأول مرة حيث فاز الحزب بمقعد ملبورن الذي كان يسيطر عليه تاريخياً حزب العمال الذي تراجعت شعبيته لصالح حزب الخضر خصوصاُ من الجناح اليساري للحزب. هذا العدد جعل الخضر شريكاً رئيسياً في حكومة الأقلية العمالية واصبح منفرداً يمسك بميزان القوى داخل مجلس الشيوخ.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: حزب الخضر الى أين بعد بوب براون؟ زعيمة الحزب الجديدة كريستين ميلن وشريكته السياسية والتي كانت تعمل كمدرسة مطلقة وأم لولدين بدأت حياتها السياسية كما بوب براون من ولاية تزمانيا وخاضت اول معاركها السياسية بعد ان حاولت شركة كندية تدعى نوريندا بناء مطحنة اخشاب في وادي ويزلي في ولاية تزمانيا قريباً من مكان سكنها، وقامت بحملة استمرت 15 شهراً وبدون اية موارد مادية تذكر وذلك بالتحالف مع المزارعين وصيادي الأسماك المحليين وشركات محلية اخرى حتى اوقفوا المشروع.
بالنسبة لرؤيتها المستقبلية للحزب تقول ميلن وحسب الصن هيرولد 15\04\2012 لن يكون اي تغيير من الناحية الفلسفية والرؤية والتوجهات تحت زعامتها، وانها لن تتحكم بالقيادة كما كان براون لكنها ترغب ان يكون فريق عملها قوي ولكل واحد دوره، مضيفة اريد العودة الى ما اعتقد انها الديمقراطية التمثيلية الصحيحة حيث فرص الحزب لا تعتمد على زعيم الحزب وحده، وتوقعت ان يستمر الحزب في النمو والتقدم حتى يستطيع ان يشكل حكومة اقلية في اية ولاية في البلاد ، وذهبت الى ابعد من ذلك عندما قالت يمكن للحزب ان يحكم بمفرده في وقت ما من القرن الحالي رافضة ان يكون حزب الخضر كالحزب الديمقراطي ككلب مراقبة فقط.
وفي خطوة اولية مدت يدها للمزارعين وسكان الأرياف قائلة ان هدفها ازالة سوء التفاهم بين الطرفين، حيث هناك قضايا تجمعهما مثل استثمارمناجم الفحم وحقول الغاز وتملك الأجانب للأراضي الزراعية وغيرها التي تشكل فرص وارضية مشتركة للعمل معاً.
اما بالنسبة لموقف حزبي الأحرار والعمال من استقالة براون، فزعيم المعارضة طوني ابوت مازال على موقفه من علاقة الخضر بحكومة غيلارد حيث يعتقد ان الخضر مشكلة اساسية لحكومة غيلارد وان بوب براون كان يقوم بدور رئيس الحكومة الفعليّ والخضر يشكلون مركز ثقل قوي في الحكومة. اما من ناحية حزب العمال فقد يرى بغياب براون فرصة لأعادة مناصريه السابقين خصوصاً وان رئيسة الوزراء كانت قد بدأت بتمييز سياستها عن سياسة الخضر في عدة مسائل وهذا ما كان اشار اليه بوب كار قبل ان يصبح وزير خارجية عندما قال: يجب ان ننافس الخضر بالحديث عن امكانية العمال العمل باتجاه بيئة خضراء من حيث فرض الضريبة على الكربون او المحافظة على الغابات مع الحفاظ على النمو الأقتصادي (س م ه) 14\04\2012 .وبهذا الخصوص ظهرت الى العلن الخلاف بوجهات النظر بين الزعيمة الجديدة لحزب الخضر التي لا ترى فائدة من محاولة حزب العمال المحافظة على فائض في الميزانية على حساب الحد من الإنفاق، وهذا الموقف الذي انتقدته الحكومة على لسان وزيرة المالية بيني وونغ.
أخيراً من الآن وحتى انتخابات العام 2013 هناك فرصة امام زعيمة الخضر الجديدة لتثبت زعامتها وتواجه التحديات والتي منها إعادة انتخاب 3 نواب الى مجلس الشيوخ سيتنافسون لإعادة انتخابهم في تلك الأنتخابات منهم مقعد الزعيم السابق بوب براون نفسه والتحديات الأخرى لا تقتصر على المحافظة على البيئة والمطالبة بحقوق المثليين والتي رعاها حزب الخضر سابقاً ولا يزال لا بل تتعداها الى قضايا معيشية، تربوية، صحية وغيرها على تماس مع حياة المواطنين اليومية.
وكما هو معروف في السياسة فالأمور تتغير بين يوم وليلة فكيف بأعوام
لكن حتى العام 2014 سيبقى حزب الخضر القوة التي تتحكم بميزان القوى في مجلس الشيوخ سواء كان براون او ميلن او غيرهما زعيماً للحزب.
سيدني
Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: