أسرة أبو رأفت العيساوي والعيساوية نموذج نضالي مقدسي متميز/ راسم عبيدات


أسرة المناضل أبو رأفت العيساوي،هي احد النماذج النضالية المتميزة،ليست على مستوى القدس فقط،بل على مستوى الوطن وحتى على مستوى كل الشعوب المضطهدة وحركات التحرر العالمية،وهي قدمت وتقدم دروساً في النضال والتضحيات،قلما تجد لها نظيراً،ووالدي الأسرى المناضلين سامر المضرب عن الطعام منذ أكثر من 145 يوماً،والذي تحرر في صفقة الوفاء للأحرار وأعيد اعتقاله مرة أخرى تحت حجج وذرائع خرق شروط الصفقة والإفراج،في قرصنة غير مسبوقة في التاريخ،وخروجاً سافراً عن كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية،اليوم جرى الاعتداء عليه في محكمة الصلح بالقدس بطريقة همجية هو وأسرته من قبل قوات ووحدات قمع السجون المسماة ب"النحشون"لا لذنب اقترفوه إلا أنهم يريدون رؤية ابنهم سامر والاطمئنان عليه،والاحتلال تضايق من ما يتمتعون به من قوة وصلابة ومعنويات عالية،ولذلك فقد صوابه وهجم عليهم كالوحش الضاري،وأعتقل شقيقة الأسيرين سامر ومدحت المحامية شيرين العيساوي،وهي أسيرة محررة أيضاً،لعبت دوراً بارزاً في دعم قضية الأسرى عامة وقضية الأسرى المضربين عن الطعام خاصة،وأسرة العيساوي والتي أعرف أفرادها فرداً فرداً الوالدين والأبناء والمحامية شيرين يوزعون معنويات على ثورة بأكملها،فهي عائلة تربت على النضال والمقاومة وتاريخها مشرف يعرفه القاصي والداني،فهي قدمت ابنها فادي شهيداًً للوطن،ومرت فترات طويلة كانت الأسرة تتوزع على اكثر من سجن لزيارة أبنائها الثلاثة في السجون مدحت وسامر وشادي،او شيرين ومدحت ورأفت،وتعرضت للكثير من المضايقات والاهانات من قبل الاحتلال الصهيوني شرطة ومخابرات وسجانين من أجل كسر إرادتهم وثنيهم عن النضال والمقاومة،ولكن من يمتهن النضال والمقاومة والانتماء عن قناعة حتماً سيكون عصياً على الكسر.
إن من يستحقون النياشين والتماثيل،هم أمثال والدي الأسرى سامر ومدحت،وليس الباحثين عن الشهرة والمال والمتاجرين بنضالات وتضحيات شعبنا،او الذين يجيرون نضالات وتضحيات الأسرى لمصالحهم ويتسلقون عليها،وأنا انحني إجلالا واحتراماً لمثل هذه الأسرة المناضلة التي أنجبت إبطالا يقارعون المحتل في كل الميادين والساحات،وكذلك تلك البلدة التي أنجبتهم والتي تقارع الاحتلال يومياً وبشكل مستمر،ولم تخلو سجون الاحتلال في يوم من الأيام من الأسرى من أبناء العيساوية،والذين شكلوا نماذج نضالية وتضحوية ولهم حضورهم الدائم والبارز في كل المعارك الاعتقالية والدفاع عن حقوق الأسرى ومنجزاتهم ومكتسباتهم،حتى في فعاليات التضامن مع الأسرى لهم حضورهم المميز والفاعل على صعيد القدس،والاحتلال أصبح يتمنى لو أنه يصحو ويجد أن العيساوية قد اختفت عن الخارطة او غابت عن الوجود،كما هو الحال أيام غزة قبل الخروج منها،وانا على يقين بأن الاحتلال يدرس التخلص من العيساوية وغيرها من القرى المقدسية الأخرى كالمكبر وصورباهر،ضمن مخططات التطهير العرقي،لخلق الأغلبية اليهودية في القدس العربية.
نعم بلدة العيساوية ساحة حرب ونضال حقيقية،حيث المواجهات والاحتجاجات والمسيرات والإعتصامات والمهرجانات شبه اليومية ،وكذلك الاعتقالات شبه يومية،والمواجهات التي تحدث في العيساوية،ربما هي الأعنف في مدينة القدس وبشكل مستمر ومتواصل،وحجم المشاركة الشعبية والجماهيرية فيها أوسع وأشمل واكبر من أي قرية فلسطينية أخرى،ومستوى الوعي والحس الوطني فيها،علينا أن نعترف بأنه أعلى منه في أية منطقة أخرى،وهذا بحد ذاته يدلل على أن الحركة الوطنية هناك متجذرة ولها قواعدها وحضورها،وهي تتصلب وتتقوى وتتطور في أساليب مقاومتها ومواجهتها للاحتلال وإجراءاته وممارساته القمعية في ميادين العمل والفعل والنضال،وساحات المواجهة الحقيقية.
ستبقى أسرة أبو رأفت العيساوي وبلدة العيساوية،نموذجاً نضالياً مقدسياً متميزاً،وهي تثبت للاحتلال الصهيوني بأنه رغم كل الهجمة الشرسة على القدس من اسرلة وتهويد وتطهير عرقي،فإن ذلك لن ينجح في كسر إرادة شعبنا،ولن يجبره على الهجرة والتشرد،فشعبنا مصمم على الصمود والبقاء في قدسه وعلى أرضه،ومصمم كذلك على أن تبقى القدس عربية،مهما زرعتم فيها من مستوطنات واحطتموها بجدران الفصل العنصري،ومهما إتخذتم من قرارات وشرعتم من قوانين عنصرية،وكذلك سياستكم التي بنيتموها على أساس أن كبارنا يموتون وصغارنا ينسون،عبر محاولة احتلال وعي طلبتنا والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية من خلال أسرلة مناهج التعليم،هي الأخرى لن يكتب لها النجاح،فهذا الشعب مصمم على نيل حريته واستقلاله،وهو لن يرضى بأقل من حقوقه التي كفلتها له الشرعية الدولية،ولن يأتي ذلك اليوم الذي ستجدونه فيه قيادة فلسطينية تتنازل عن الحدود الدنيا لحقوق شعبنا الفلسطيني المشروعة،وأية قيادة تقدم على ما دون ذلك هي تنتحر سياسياً وسيلفظها شعبنا كما لفظ الأجسام البديلة التي حاول الاحتلال ان يفرضها على شعبنا رغم إرادته.

سامر العيساوي وأيمن الشراونه وبقية الأخوة والمجاهدين من الأسرى المضربين عن الطعام،يجترحون المعجزات،ويسجلون بطولات غير مسبوقة،تثبت بان الاحتلال مهما بلغ من جبروت وطغيان،لا بد ان يتراجع وينهزم أمام الإرادة والصمود،فالمهم بالدرجة الأولى امتلاك الإرادة،لأن من يدخل المعركة منكسر الإرادة،يستحيل ان يحقق نصراً،وتجارب وبطولات وتضحيات الأسرى،يجب أن يتعلم البعض منها في الساحة الفلسطينية ويبني عليها الكثير في إدارة معاركنا مع الاحتلال بكل أشكالها،وليعلم البعض بأن شعار الحياة مفاوضات غير قادر ان يجلب او يعيد حقوقاً لشعبنا بعد كل التجارب المريرة والفاشلة في هذا الجانب،والتي لم تحقق لشعبنا سوى المزيد من الخسارات،والمزيد من الشرذمة والانقسام.

CONVERSATION

0 comments: