متى يقول العالم لإسرائيل كفى؟/ ابراهيم الشيخ

 لم تنل دولة في العالم  من الاستثنائية مثل الذي  نالته  دولة اسرائيل، وذلك من خلال دعمها بكل الوسائل المتاحة منهاالعسكرية والمادية، ودعمها في اروقة الامم المتحدة، واستعمال حق النقض الفيتو ضد اي قرار يدينها لارتكابها الجريمة تلو الاخرى.
 هذا الوضع قد زاد من شراسة هذه الدولة، وشجعها على المزيد من القتل والتهجير، واقامة المزيد من المستوطنات وسرقة الاراضي تحت مرأى وسمع دول الغرب التي وان ادانت هذه الاعمال في بعض المناسبات تأتي اداناتها خجولة لكي لا تجرح كبرياء هذه الدولة، وبلهجة مخففة، وهذه المواقف تعتبر للاستهلاك، ولاقناع العرب بأنهم ضد هذه الممارسات، ولكن الحقيقة هي غير ذلك  تماما.
ان دعم الدول الغربية المتواصل واللامحدود وعلى رأسها الولايات المتحدة هو الذي أدى الى عدم حل القضية الفلسطينية لحد الان، وسمح للاحتلال بتغيير الحقائق على الارض، ولهذا الدعم اسباب عديدة ومنها المصالح المشتركة، وكذلك  توافق الاهداف الساعية الى شرذمة الوطن العربي واضعافه، وبالتالي السيطرة على منطقة الشرق الاوسط الغنية بالثروات والاستفادة منها.
والأن بدأت هذه الدول تشعر بمخاطر المشاريع الاستيطانية الاسرائيلية بعد اعلان اسرائيل عن بناء ثلاثة الاف وحدة سكنية في القدس لتقطيع امكانية التواصل الجغرافي في حال اقامة دولة فلسطينية، ويأتي ذلك عقاباً ورداً على الخطوة الفلسطينية الاخيرة في الامم المتحدة.
ان استدعاء سفراء دولة الاحتلال في بعض الدول الاوروبية المهمة كفرنسا وبريطانيا وغيرها يشكل بداية لتحرك اوروبي معارض للاستيطان، ويجب ان يشكل بداية معارضة للاحتلال والضغط من اجل الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ولكن قبل كل شيء يجب على الفلسطينيين عدم الاكتفاء بالخطوات السياسية، ويجب عليهم تحقيق الوحدة الوطنية ومواصلة المقاومة بكافة اشكالها، لكي لا يشعر المحتل بالأمان الذي يجعله يطيل من استيطانه للأراضي الفلسطينية، ولن ينسحب الا اذا كان مرغماً.
بلا شك ان الدعم العربي بكافة اشكاله يشكل الركيزة الاساسية لصمود الفلسطينيين، وكذلك يجب على الدول العربية استعمال ضغوطها على الغرب من اجل الاستجابة للمطالب المشروعة للفلسطينيين، فمن ينظر الى خريطة فلسطين والدول المحيطة بها تصيبه الدهشة ممى قد يرى فهناك اربع دول عربية تطوق اسرائيل بعدد سكان يفوق المائة مليون ودولة اسرائيل التي عدد سكانها  يبلغ سبعة ملايين نسمة طبعا مع العرب الاصليين اصحاب الارض، تشعر وكأن اسرائيل هي التي تحاصر هذه الدول، وليست هي المحاصرة، تحاصر هذه الدول باتفاقيات ومعاهدات مذلة هدفها حماية حدودها.
بدون شك ان اعتراف 138 دولة بفلسطين كدولة غير عضو هو خطوة مهمة قانونيا، ولكن يجب ان يقترن هذا الاعتراف بخطوات عملية، من خلال ضغط دولي على دولة الاحتلال بتطبيق القرارات الدولية، ومن المعروف بأن اسرائيل لم تلتزم بتطبيق اي قرارات تتعلق بالقضية الفلسطينية، واذا العالم لن يغير من السياسة المتبعة ازاء اسرائيل بعدم ايجاد الوسائل التي تجبرها على تنفيذ القرارات الدولية، فان القرار الاخير سيبقى حبرا على ورق، وسينتظر الفلسطينيون عشرات السنين، وتكون الارض قد امتلأت بالمستوطنات الصهيونية.
 ان المسؤولية الاخلاقية تقع على عاتق هذه الدول التي لم تتوانى عن دعم الاحتلال، وهي قبل غيرها مطالبة بوقف هذا الدعم، اذا ارادت ان تقوم الدولة الفلسطينية قبل فوات الاوان، لأن دولة الاحتلال تضع شروط تعجيزية من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كالاعتراف بيهودية الدولة وهذا يعني عدم الاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من اراضيهم عام1948  وايضا سيكون السكان الفلسطينيين الذين بقوا على ارضهم مهددين بالطرد.
ان الغرب بسياسته واعلامه الداعم والحامي والمنحاز لهذه الدولة قلب الحقائق، واصبح الفلسطيني الذي يدافع عن ارضه يهدد امن دولة الاحتلال، وهي التي تدافع عن نفسها حتى ولو قتلت العشرات لا وبل المئات ودمرت البيوت على رؤؤس ساكنيها.
ان المرحلة القادمة ستكون حاسمة على صعيد تصرف الدول الغربية ودعمها الاعمى لاسرائيل، ومن المعروف ان هذه الدول كانت على استعداد لشن الحروب من اجل حماية هذه الدولة المحتلة، فهل تبقي على دعمها لها، ام نشهد تغيراً في سياسات هذه الدول لصالح الشعب الفلسطيني، وتقول كفى للاحتلال والإستيطان.

كاتب وصحفي فلسطيني

CONVERSATION

0 comments: