دعاء خبيث/ أسعد البصري

((ذكرياتي مع الثورة العراقية في ساحة التحرير
نص كتبته ونشرته قبل عامين))
ما هي الثورة وماذا سيحدث؟
في النهاية يتقيأ المجتمع أحشاءه على الجدران والشوارع
يعود كل فرد إلى بيته ومأساته الشخصية
الفقير لن يصبح غنياً ، والقبيح لن يصبح وسيماً
الجاهل لن يصبح عالماً
الثورة هي نوع من الصراخ الجماعي ضد العذاب الوجودي
شعب يخلع حكومته ليلبس قميصاً آخر
ليس أكثر نظافة بالضرورة ولكن الهواء الأسود المتراكم
يحتاج إلى مجتمع يصرخه ويتوهم وجود معنى وأهداف سامية
الثورة نوع من تأكيد الهوية الجماعية وهرطقة روحانية تستحضر روح الشعب
الثورة تشبه حفلات نهاية الأسبوع الصاخبة في كندا
حيث يفيق كل شخص في اليوم التالي مصاباً بالصداع والكآبة
تشبه المريض في الغرفة المجاورة الذي يملأ قسم الطواريء
بالصراخ دون أن يعرف سبب وجعه
هؤلاء الذين يكتبون يعبرون عن وجع ومرض
يظنون أنفسهم أطباء يكتبون وصفات شافية
نحن شعب دونكيشوتي بامتياز
خلال قرنٍ كامل توهمنا حروباً مع طواحين هواء كثيرة
كالبعث والشيوعية الملحدة والعدو الفارسي وصدام حسين والخميني
والصهيونية وإسرائيل والإمبريالية والقاعدة والوهابية
ثم عدنا مهزومين من حروبنا الخيالية ببلد محتل ومقسم
لم ننتصر على صدام حسين بل هزمنا حتى في موته
لم ننتصر على الخميني بل تحول ضريحه إلى مزار
لم ننتصر على أمريكا بل قامت أمريكا باحتلالنا
كل ما نريده الآن إسقاط أبو إسراء المالكي
الذي كان قبل سنوات فقط متسكعاً في السيدة زينب
يصرف دولارات في الحسينية الحيدرية
وحتى هذا النصر يبدو بعيد المنال
خلال قرن كامل لم يقدموا لنا سوى انتصار واحد
هو انتصار الشيعة على السنة ، يعني انتصاراً  على أنفسنا وذاتنا
نحن شعب دونكيشوتي أبعد من تصور الإسباني سرفانتس
لأن زعيقنا وحروبنا الوهمية جلبت لنا الهزيمة تلو الهزيمة
شعب مصاب بشيزوفرينيا دينية مزمنة وبعقائد موجعة
بوعي عذابي مخيف ، و كراهية شديدة لأنفسنا بسبب سؤال الهوية
نحن مشكلة لاحل لها في الخيال فما بالك بالواقع
مازلنا نتوهم أن التشابيه حقيقة ، وأن هناك حرباً مازالت قائمة
بين يزيد والحسين وأننا طرف فيها ، نخرج باستمرار بالملايين
لننضم إلى الحسين ونحارب يزيد ونعود إلى بيوتنا منتصرين
نحمل معنا غنائم وفيرة من الطاعات والحسنات
هل رأيتم دونكيشوتية أكثر وضوحاً من هذه؟
الحمد لله لقد تم طردي من موقع (حملة المليون صوت) ومن
موقع ( الثورة العراقية الكبرى) ومن موقع ( شباب من أجل التغيير)
وبهذا عادت صفحتي إلى الهدوء والتأمل والسمو
فقد كانوا يقصفونني بتنبيه كل ثانية فأذهب لأقرأ
خرابيط مال أميين . وحين كتبت لهم مسحوا كتاباتي وطردوني
الوحيد الذي لم يطردني بعد هو الثورة الزرقاء
ولا أعرف متى يحسم الأستاذ مؤيد أمره بشجاعة وطنية
وثورية ويحرر صفحته من مندس مثلي
لا أعتقد أن هذه الثورة لإسقاط نوري المالكي أعتقد أنها لإسقاط أسعد البصري .
كان الكويتيون أيام الحرب بين العراق وإيران يتوجهون إلى الله بدعاء خبيث :
اللهمّ اهزم الخميني ، أللهم لا تنصر صدام حسين
وبعد قلة التهذيب الذي لقيته من المواقع الثورية أتوجه إلى الله بذات الدعاء:
اللهمّ اهزم المالكي ، اللهم لا تنصر الثوار

CONVERSATION

0 comments: