من نكسة "موشى ديان" .. إلى نكسة "مرسى العياط"/ مجدى نجيب وهبة

** فى يونيو 1967 .. تعرضت مصر لنكسة وهزيمة أسعدت بعض الأشقاء العرب ، وأحزنت البعض الأخر .. فقد سمعنا عن شيخ جليل رحمه الله ويعلمه الجميع .. قام بصلاة ركعتين شكر لله على الهزيمة والنكسة التى تعرضت لها مصر ...
** كانت نكسة يونيو 1967 .. صراع إسرائيلى أمريكى إستعمارى .. ضد مصر .. لم تكن صراع بين مصر وإسرائيل فقط ، ولكن ما أجج إشعال الحرب هو التهديدات النارية من الرئيس "جمال عبد الناصر" ، وبعض القادة العسكريين بأن لهم القدرة على الإطاحة بدولة إسرائيل فى غضون بضعة دقائق .. ثم غلق مضيق "تيران الحيوى" ..
** فى يونيو 1967 .. شحن العرب "عبد الناصر" ، ومعهم منظمة فلسطين ، لمواجهة إسرائيل على طول الجبهة المصرية .. وكانت المفاجأة للقوات المصرية هى الحرب المفاجئة التى أقدم عليها سلاح الطيران الإسرائيلى ، بضرب جميع مطارات القوات المسلحة المصرية .. مما سهل تساقط الجنود المصريين كالعصافير على الجبهة المصرية ، ولم تستغرق هذه الحرب أكثر من ستة ساعات هزم فيها الجيش المصرى دون مواجهة حقيقية للعدو الإسرائيلى..
** فى 5 يونيو 1967 .. كان الطيران الإسرائيلى يعربد فى سماء القاهرة ، وكان يمكنه أن يطلق قذائفه لضرب الشعب المصرى .. ولكن ذلك لم يحدث إلا فى مجزرة واحدة فقط هى مجزرة مدرسة "بحر البقر" ..
** وبعد الهزيمة .. ألقى الزعيم "جمال عبد الناصر" خطابه الشهير ، وهو يتحدث إلى الأمة .. ويعترف بالهزيمة .. بل ويقرر أن يتنحى عن الحكم ، وأن ينضم إلى الصفوف الأمامية للمقاتلين .. وكانت نبراته تنم عن حزن عميق ، فقد كان "عبد الناصر" زعيما وطنيا حتى النخاع .. لا يمكن أن يشكك أحد فى وطنيته أو إخلاصه للوطن ..
** وعقب الخطاب مباشرة .. خرج كل الشعب المصرى رافضين الهزيمة ، مطالبين بالنصر .. وظلوا يهتفون فى كل الشوارع والميادين وكل محافظات مصر "هانحارب .. هانحارب" .. خرجوا فى لحظة إنكسار "هزيمة" ، تحولت إلى لحظة نصر ..
** إنه الشعب المصرى الأصيل العظيم .. الذى خرج ليرفض تنحى جمال عبد الناصر ، ويطالبه بالإستمرار .. بل ورفض هذا الشعب الهزيمة ، وظلوا يهتفون "هانحارب .. هانحارب" .. "بالروح .. بالدم .. نفديكى يامصر" .. ومنذ هذه اللحظة ، بدأت القوات المسلحة تعيد ترتيب صفوفها ، وظهرت الشعارات الوطنية فى كل شبر من أرض هذا الوطن "الجيش والشعب إيد واحدة" .. ثم رحل "عبد الناصر" ..
** وتولى "السادات" المهمة الصعبة ، وتحمل السادات ما لا يمكن أن يتحمله رئيس دولة من إنتقادات وسخرية وإستخفاف .. ولكنه كان يثق فى الجبهة الداخلية وهى الشعب المصرى العظيم .. وفى الجبهة العسكرية التى أعيد بنائها على طول خط المواجهة .. حتى تحقق نصر أكتوبر العظيم .. ورفعت مصر هاماتها عالية ، ورفع كل العرب رؤوسهم وإستردوا كرامتهم ، وبدأوا فى جنى ثمار ما دفعته مصر من أرواح وشهداء أبنائها الأبرار لتحرير سيناء ، وتحرير الإرادة المصرية ..
** لقد تذكرت هذه الأيام الكالحة السواد .. التى مرت على مصر وهى منكسرة ، مهزومة .. ظلت تعانى من غطرسة العدو الإسرائيلى حتى تحقق أعظم نصر فى تاريخ الأمة العربية ... قد نخرج منه ببعض الدروس المستفادة التى مرت بها مصر فى هذه السنوات ..
1-      وقوف الشعب خلف قيادته العسكرية فى ثقة تامة لتحقيق النصر ..
2-      إلتحام كل أبناء الشعب المصرى وإنصهارهم فى هدف واحد هو حب مصر والتضحية من أجلها بالروح والدم ..
3-      الإعتزاز بالعلم المصرى والإعتزاز بالسلام الجمهورى  ..
4-      الموقف الرائع للفنانين والكتاب والإعلاميين .. فكل قدم فى مجاله كل ما يملك من إبداع وتضحية فى سبيل هذا الوطن ..
** الجميع يتذكر حفلات السيدة العظيمة الراحلة "أم كلثوم" ، وهى تجوب كل الدول العربية والأوربية لكى تشدو بأعزب أغانيها ، وتجمع التبرعات لدعم الجيش المصرى ، والجبهة الداخلية .. فى الوقت الذى تحولت فيه إلى سفيرة تمثل مصر فى كل الدول التى ذهبت إليها ..
** نتذكر الفنان  والعندليب الأسمر الراحل "عبد الحليم حافظ" الذى ظل يشدو بالأغانى الوطنية التى تلهب مشاعر الجيش والشعب .. نتذكر كل الفنانين الذين بكوا وضحوا ورفعوا إسم مصر عاليا فى كل الدول ..
** تذكرت كل ذلك وأنا أشاهد ما وصلت إليه مصر الأن ..  من إهانات للفنانين والكتاب والإعلاميين .. فنحن فى كارثة ألعن ألاف المرات بل وملايين المرات من نكسة 1967 ..
** الجيش والشعب لم يعد إيد واحدة .. فالشعب يطلق عليه الرصاص فى الميادين والشوارع وأمام قصر الإتحادية من جماعات إرهابية بليت بهم مصر والجيش لا يحرك ساكنا .. ويصدر بيانات فنكوشية .. بأن الجيش يقف على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية .. ودعونا نتساءل ، هل الإخوان تيار سياسى؟ .. هل الإخوان تيار ثورى؟ .. هل الإخوان ينتمون إلى ثورة 23 يوليو التى خرج بها الضباط الأحرار وطرد الملك وتحققت العدالة الإجتماعية بين أبناء الشعب المصرى ..
** الإخوان ليس لهم علاقة بأى ثورات عربية أو مصرية .. ولكنهم يجيدون فن الإنقلاب على الحكومات وإسقاطها .. بل وإسقاط الدول التى يسيطرون عليها ..
** فى نكسة 1967 .. لم يظهر عنصرى الأمة ، بل عنصر واحد .. وفى نكسة مرسى العياط ، ظهرت الخلافات والفتاوى والسفالة وقلة الأدب والحروب الأهلية والحروب الطائفية والإعتداء على الأقباط ، وطردهم من منازلهم ، والإستيلاء على اموالهم ونهب ثرواتهم ، وخطف الفتيات القصر وإجبارهن على الأسلمة .. وظهر بعض القضاة المتشددون على خلفية طائفية ..
** فى نكسة 1967 .. لم تقذف إسرائيل الشعب المصرى .. ولم تلقى عليهم قنابلها .. بإستثناء ما حدث فى مدرسة "بحر البقر" .. وفى نكسة مرسى العياط ، قذفت ميليشيات الإخوان وميليشيات حماس التابعة للإخوان القوات المسلحة المصرية ، وهى تقوم بحراسة الحدود ، وإستشهد 16 جندى وعسكرى ، أثناء تناولهم طعام الإفطار فى رمضان الماضى .. ووجهت ميليشيات حماس والإخوان رصاصها إلى صدور المصريين فى كل الشوارع والميادين وبجوار أسوار "قصر العروبة بمصر الجديدة" ..
** فى نكسة 1967 .. لم تقذف محكمة واحدة .. وفى نكسة مرسى العياط قام بالإعتداء على المحكمة الدستورية ، مع سبق الإصرار والترصد .. وقسم القضاء .. وأحيل النائب العام للتقاعد وهذا ليس من سلطته ، وتوغل على السلطة القضائية وحصن قراراته وحصن الطعن عليها .. فى سابقة أولى لم تحدث فى تاريخ مصر فى يوم من الأيام .. وعلقت جميع المحاكم أعمالها .. وإعتدى مرسى العياط وأتباعه الشياطين على القضاة وأخرهم الإعتداء على المستشار الجليل "أحمد الزند" ..
** فى نكسة 1967 .. لم يسقط الدستور المصرى .. ولم تسقط مصر رغم الهزيمة .. وفى نكسة مرسى العياط ، سقط الدستور وسقطت مصر ، وتم تزوير وتزييف الحقيقة بالبلطجة والإكراه ..
** فى نكسة 1967 .. إحترم الإسرائيليين الفنانين المصريين والإعلاميين ، وفى نكسة مرسى العياط أهين الفنانون وتم سبهم بأبشع الألفاظ ، وشهر بهم على القنوات والبرامج الإسلامية ..
** فى نكسة 1967 .. لم تتساقط القطارات .. ولم تذهب أرواح الأبرياء فى جرائم معدة مسبقا وممنهجة ، ولكن فى نكسة مرسى العياط ، سقطت القطارات وراح ألاف الضحايا أمام حوادث إجرامية دبرت من قبل العصابة الحاكمة لتسقط الدولة فى براثن الفوضى ..
** فى نكسة 1967 .. لم تدمر المؤسسات الأمنية  ولم يطالب الشعب بتطهير الشرطة أو القضاء أو التلسن بألفاظ وقحة على القادة العسكريين بأنهم مفسدون .. وفى نكسة مرسى العياط حدث كل ذلك ، وخرج الغوغاء والإرهابيين يطالبون بتطهير الشرطة وتطهير القضاء وإخراس الجيش المصرى ..
** فى نكسة 1967 .. لم ينقسم الشعب المصرى ، بل إلتحم فى بوتق واحد لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية .. وفى نكسة مرسى العياط ، إنقسم الشعب بل إنقسمت الأسرة الواحدة ، والشارع الواحد .. وأصبح الجميع يتحفز للأخر ..
** فى نكسة 1967 .. كانت الدولة تملك إرادتها .. وفى نكسة مرسى العياط ، أصبحت الدولة عاجزة وفاشلة ومنهارة وساقطة .. ولا تملك من إرادتها أى شئ ..
** فى نكسة 1967 .. ظل الشعب يتغنى بيوم النصر حتى تحقق .. وفى نكسة مرسى العياط خرج الغوغاء لمحاصرة الإعلام والصحافة وتكميم الأفواه وحرق الأقسام وهدم أسوار السجون وإندلاع الفوضى العارمة .. ومحاصرة المحاكم ومنع قضاتها من أداء عملهم .. لكى تمرر الأحكام بالبلطجة والقهر والإرهاب ..
** فى نكسة 1967 .. ظل الشعب المصرى محتفظا بكرامته رغم الهزيمة .. وفى نكسة مرسى العياط ، إنكسر الشعب وسقطت كرامته وهزم من جماعة من البلطجية والهاربين من السجون وأصحاب العاهات ..
** لقد نجت مصر من نكسة 1967 .. وخرجت أكثر قوة وصلابة بعد أن توحد شعار "الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة" .. والأن مصر تمر بنكسة أكثر وقاحة وسفالة وإجرام وإرهاب .. فالجيش فى وادى والشعب فى وادى والشرطة فى وادى .. ولم نعد نعرف من المسئول عن تزوير إستفتاء الرئاسة .. ولم نعد نعرف من المسئول عن التزوير فى إستفتاء الدستور .. ومن المسئول عن إرهاب المحاكم والقضاة .. ومن المسئول عن الفوضى الهدامة التى إندلعت فى مصر .. فهل يعود الشعب كما إلتحم فى نكسة 1967 لمواجهة نكسة مرسى العياط .. أم نقول العوض على الله فى مصر إلى الأبد !!!!!.....
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: