المفروض في هذا اليوم ان يفرح طلبتنا بعد طول انتظار،فهم اثنا عشر عاماً قضوا في التعليم،لكي يحصدوا نتيجة جهدهم وتعبهم،ومن أجل ان ترتسم الفرحة على وجوههم ووجوه أسرهم وعائلاتهم،وان يقيموا حفلاتهم وسهراتهم،ولكن في وطننا هناك من ليس يسرق الفرح فقط،بل حتى يقتله فينا،فهذا الإحتلال الغاشم يستكثر علينا حتى البسمة وليس الفرحة،فالوطن بدل ان يفرح لفرح أبناءه،فها هي فرحة منقوصة بطعم الحزن والموت...حزن يلف وطننا وشعبنا،حيث الإحتلال يشن حرباً شاملة على شعبنا على طول جغرافيا فلسطين التاريخية في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني- 48- والقدس،والعدوان تتجلى مظاهر وحشيته بأقبح وأشنع صورها في قطاع غزة،حيث آلة حرب العدو من طائرات حربية ومدافع وصواريخ وبوارج عسكرية،تقتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل وتشوه وتحرق اجسادهم،وتهدم بيوتهم ومنازلهم،وتبث الرعب والخوف في قلوبهم،تاركة إياهم في العراء بلا ماوى،وليس هذا فحسب فهناك قصص مرعبة وتقشعر لها الأبدان،حيث عائلات بأكملها كوارع وياسر الشيخ والبطش قتلت وأبيدت عن بكرة أبيها،والعالم المتشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لم يحرك سكنا تجاه تلك الجرائم،بل من "يعهرون"القيم والمبادىء الدولية من أمريكان وغرب إستعماري بدلاً من ان يكفروا عن خطاياهم وجرائمهم التي إرتكبوها بحق شعبنا،تنكروا لتلك القيم والمبادىء والقوانين وناصروا الجلاد على الضحية واعتبروا شوي لحم اطفالنا وحرقها حق مشروع للعدو الغاصب،في حين انكروا علينا حقنا في الدفاع عن أنفسنا،وفق ما كفلته لنا الشرعية الدولية.
كيف سيفرح من له ولد شهيد او عائلة بأكملها إستشهدت؟؟،كيف سيفرح الشهيد الخريج؟؟،فهناك طلبة ممن نجحوا في الثانوية العامة إستشهدوا في القصف والعدوان،هم فرحين بالشهادة من اجل الوطن،وشهاداتهم الثانوية ستبقى اكاليل غار وفخر وعز لهم ولعائلاتهم ولشعبنا الفلسطيني،فتكريمهم كخريجين وكشهداء واجب علينا،علينا ان نفرح لهم ونزفهم كانهم احياء فهم غادرونا اجساداً ولكنهم باقين وخالدين فينا فكراً وقيماً ونستحضرهم نماذجاً،وهم كما قال الراحل الروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار الشهداء سيعودون،سيعود شهدائنا،وعودتهم ستكون وبالاً على من يتاجرون بالوطن والدم الفلسطيني،وشهادتهم وعودتهم ستطارد كل المفرطين بحقوقنا وثوابتنا الوطنية،فهم يقولون لنا تحرير الأوطان يتعمد بالدم،تجارب الشعوب تعلم ذلك الجزائر وفيتنام وغيرها من الشعوب،وسياسة الإستجداء والذل لن تعيد حقوقاً ولا لاجئين ولا قدس.
نعم عدو يسرق الفرحة،وفرحنا هذا العام،عذراً طلبتنا الأعزاء بطعم الحزن والموت،فدماء شهدائنا،صناع مجدنا ومستقبلنا،لم تجف بعد وما زالت تنزف،ما يقارب المائتي شهيد واكثر من ألف وأربعمائة جريح،والرقم في تصاعد وتزايد،وألم يعتصر قلوبنا وحزن يدميها عليهم ولفراقهم ولغيابهم،وفي المقابل غضب واكثر من عتب وسخط على أبناء جلدتنا وامتنا،فبدلاً من ان يكونوا سنداً وعوناً لنا،يناصروننا ويدعمونا في وقف هذا العدوان الوحشي على شعبنا،لم نجد منهم حتى أضعف الإيمان إدانة العدوان باللسان،ولتبلغ الوقاحة بالبعض منهم حد الجهر بدعم العدوان على شعبنا،فهل هذه امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة..؟؟ حدود ومعابر عربية تغلق في وجه جرحانا وتمنع وصول الإمدادات الطبية والاغاثة الإنسانية والوفد التضامنية الى قطاعنا،وكذلك مظاهرات تقمع في دول عربية لخروجهم للتضامن مع شعبنا،وكتاب يؤيدون علناً وجهراً العدوان على شعبنا،فالى أي درك وانحطاط وصل حال هذه الأمة،فيا أبا اياد قم من قبرك وانظر،الخيانة لم تعد وجهة نظر،بل هناك من يشرعون الخيانة،وبعض الخونة أصبحوا يفتون في شؤون الوطن ويقررون،قل لأبا عمار والحكيم والرنتيسي والشيخ ياسين وابا جهاد وأبا علي والشقاقي ووديع ونزال والقاسم،وكل شهداء شعبنا ان إنهضوا وعودوا،فالوطن في خطر والمشروع الوطني في خطر،فالوطني والحر والشريف يطارد في هذا الوطن،أين انتم ؟؟لماذا غادرتم مبكرين؟؟،نحن الشرفاء أصبحنا نهان ونطارد ونتهم ونجرم في هذا الوطن،عد يا عبد الناصر،عد يا ابا مدين،عد يا صدام فالمشروع القومي في خطر،وتتكالب عليه المؤامرات والتجار باسم الدين كثيرون وبمسميات مختلفة "داعش" و"نصرة" وتكفيريين وسلفيين،يمارسون مهنة القتل وذبح الأبرياء في الشوارع والساحات والطرقات وبيوت العبادة ودور العلم،تحت حجج وذرائع رفع راية الإسلام والإسلام منهم براءة،فقد شوهوا الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة،الوطن يذبح من المحيط الى الخليج ومن الوريد الى الوريد،يذبح باموال عربية وأسلحة غربية مدفوعة الثمن من المال العربي،وعصابات تستقدم من كل قطر،إرهابيين وقتلة ولصوص للدمار والتخريب،وتنفيذ مشاريع ومخططات مشبوه،تدخل كل الوطن العربي في الفتنة المذهبية والطائفية،تفكك وتعيد تركيب جغرافيته خدمة لمشاريع إستعمارية،يعاد إنتاجها بعد مئة عام على إتفاقية سايكس – بيكو الإستعمارية،ولكن بنسخة جديدة التقسيم والتفتيت على أساس المذهبية والطائفية والثروات،وليس على أساس الجغرافيا.
هو فرح غير مكتمل ومنقوص ومؤجل لكم طلبتنا وأحبتنا،ولكن لا بد من ان يأتي يوم يكتمل فيه هذا الفرح،يوم ينعتق فيه شعبنا من الإحتلال،وتقام فيه أفراح الحرية والنصر والنجاح،أفراح لا يحتفل فيها فقط أنتم الناجحون في إمتحان الثانوية العامة،أفراح يشارك فيها كل الشعب فرحاً بالعودة والتحرير،وحينها سننعم بالهدوء والطمأنينية والأمن ولا نخاف على أطفالنا من الخطف والتعذيب والحرق،كما حصل مع الفتى الشهيد محمد أبو خضير،الذي إختطفته عصابة المستوطنين وحرقته حياً،فهذه في عرف"معهري" القيم والمبادىء والقوانين الدولية ليست جريمة بشعة،فالمحروق فلسطيني وليس من أبناء شعب الله المختار.
عذراً طلبتنا الناجحين سيؤجل فرحكم،وقد يطول هذا التأجيل،فنحن قدرنا كل يوم أن نقارع إحتلال غاشم،يجدف عكس حقائق التاريخ ويزورها،ولا يريد أن يفهم او يتعلم من التاريخ بأن الصراع سيستمر ويطول،مالم يحصل شعبنا على حريته وإستقلاله ويقيم دولته المستقلة ذات السيادة على أرضه وعاصمتها القدس،ويعود لاجئيه الى ديارهم التي طردوا وهجروا منها.
0 comments:
إرسال تعليق