في البداية تحية من القلب الى اهل غزة في صراعهم البطولي ضد العدوان الاسرائيلي. نبتهل الرحمة للشهداء الأبرياء ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى! على امل ان يتوقف هذا النزف بوحدة الصف الفلسطيني وتحقيق طموحاته في دولة سيدة مستقلة عاصمتها القدس يعيش فيها بأمن وسلام.
عنوان هذا المقال ليس لي وانا لم أخترعه، وانما هو مأخوذ من خطاب الشيخ حسن نصرالله الذي تشجع وقاله شخصيا من وراء الميكرفون، وليس من وراء الشاشة العملاقة كعادته بعد حرب تموز خوفا على حياته الغالية من أن يتربص بها ريب المنون بصاروخ من بني صهيون.
وذلك في ظهور علني بطولي نادر امام القطيع في يوم القدس، آخر جمعة من شهر رمضان سنة 2013، حيث فتح باب فمه على مصراعيه، موجها كلامه المزلزل بوجه عابس مرعب "لأمريكا، وإسرائيل والإنكليز وأدواتهم من دول إقليمية في منطقتنا، نريد أن نقول لكل عدو ولكل صديق، وهذه هي الحقيقة التي عمدت بالدم"، رافعا إلى أعلى مدى من نبرات صوته الجهوري الحنجوري المدوي المريع، والعرق يتصبب من شدة الانفعال على جبهة المقاومة والممانعة والعطب السريع: مزمجرا هادرا، مزبدا مرعدا، مهددا متوعدا، مرددا ومؤكدا للشعب المطيع على أننا:
" نحن شيعة علي بن أبي طالب في العالم لن نتخلى عن فلسطين ولا عن شعب فلسطين ولا عن مقدسات الأمة في فلسطين".
ووقف الجمع الحزبلاتي على الأقدام بحماس منقطع النظير، وتعالى التصفيق في القاعة والهتاف وبحت من صراخ "لبيك يا نصرالله" حناجر الجماهير.
هو لم يقل نحن المسلمون، لأنه لا يعتبر نفسه مسلما بالدرجة الأولي.
وهو لم يقل نحن اللبنانيون، لأنه لا يعتبر نفسه لبنانيا بالدرجة الأولي.
وهو لم يقل نحن العرب، لأنه لا يعتبر نفسه عربيا بالدرجة الأولي.
هو قال "نحن شيعة علي بن ابي طالب في العالم"، لأنه يعتبر نفسه شيعيا بالدرجة الأولي والثانية والثالثة. طائفيا حتى النخاع وعلى المكشوف! أي أن العصبية والتعصب المذهبي تأتي عند حسن قبل الدين وقبل الولاء للوطن وقبل الانتماء العربي، وبالتأكيد ليس على صعيد شيعة لبنان فحسب، وانما على صعيد شيعة العالم أجمع.
ولماذا قال ذلك؟
لأنه يخوض حربا عنصرية مذهبية ذميمة عقيمة حاقدة من مخلفات القرون الماضية لسحق طموحات شعب أراد فقط الحرية والكرامة الانسانية والتخلص من 40 سنة من الذل والقهر والعبودية الأسدية الطائفية.
حرب شريرة اجرامية لا علاقة لها بفلسطين ولا بمقدسات، وانما بمد صفوي ايراني استعماري يدوس على كل القيم والأخلاق والمقدسات.
حرب هو أي نصرالله من سعى اليها في البداية بخجل ثم بفجور ظاهر وعلى عجل، زاجَّا اللبنانيين الشيعة بها. هو أراد من خلال اعلانه الطائفي هذا إيقاظ عصبيتهم وشد عزيمة المتذمرين والمتململين منهم بشيعة العالم أجمع لدعمه في حربه المقدسة المذهبية القذرة في سوريا. وهذا ما حصل حيث شاهدنا بعد ذلك كل فرق الشيعة الارهابية في العالم من افغانستان الى باكستان الى اليمن الى البحرين والعراق ولبنان وبالتأكيد ايران تأتي الى سوريا لترتكب المجازر البشعة وتقاتل بضراوة ووحشية الى جانب حسن وبشار في حربهما الاجرامية الحاقدة على الشعب السوري.
ويا للمصادفة! فنحن اليوم في رمضان 2014 أي بعد سنة على تصريح حسن الناري وغزة الجريحة والمنكوبة تتعرض منذ أسبوعين لأعتى عدوان إسرائيلي استشهد فيه حتى الآن أكثر من مائتي شخص وجرح المئات ودمرت المنازل والمرافق العامة ويعيش شعب غزة في مواجهة هذا العدوان لحظات مرعبة وثقيلة دون ان ينبس حسن ببنت شفة.
فقط صواريخ خجولة مجهولة تطلق على اسرائيل من الجنوب يسقط قسم منها داخل الأراضي اللبنانية دون ان تشكل أي ضغط أو خطورة على اسرائيل.
هو بقوله "نحن شيعة علي بن ابي طالب لن نتخلى عن فلسطين"
يتهم اهل السنة جميعا وبمن فيهم الفلسطينيين أنفسهم أي اصحاب القضية أنهم قد تخلوا عن فلسطين. لا ننسى ان اهل السنة أي الدول العربية قد خاضت أكثر من خمسة حروب ضد اسرائيل، بينما ملالي ايران ومنذ قيام دولتهم الاسلامية وهي تحارب فقط برفع الشعارات، ولم نسمع ان ايرانيا واحدا مات في فلسطين بينما مرتزقة الحرس الايراني يموتون دفاعا عن انظمة الاجرام في سوريا والعراق. لأنهم أخر همهم فلسطين وهدفهم مد نفوذهم بأنظمة شيعية تدور في فلكهم.
وأسأل هنا وبكل هدوء! ماذا قدم نصرالله ومعه ملالي ايران لفلسطين حتى اليوم؟ سوى رفع الشعارات وعرض اليافطات وكثرة التصريحات واظهار العنتريات الطنانة وإلقاء الخطابات الرنانة وتهريب الصواريخ لحماس التي هي الأخرى لم تقصر ابدا ورفعت يافطات في غزة تشكر ايران بأربع لغات: الفارسية والعربية والانكليزية والعبرية.
صواريخ ايران هذه لم تجلب لغزة الجريحة وشعبها المحاصر، الا الدمار تلو الدمار والنكبات والمآسي وضياع أحلام وطموحات الشعب الفلسطيني في بناء مجتمعه الموحد وقيام دولته المستقلة.
فحروب حزب الله في الجنوب اللبناني ضد إسرائيل كلها كانت ضمن الأراضي اللبنانية. ولم نسمع يوما ولا أعتقد اننا سنسمع أن مقاتلين من حزب الله يخوضون معارك داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لتحريرها، بالتأكيد داخل الأراضي السورية لتحريرها من أهلها السوريين.
فلا يوجد عند حزب حسن ايران سوى الضخ الإعلامي التلفزيوني اليومي الشغال في اشعال الحروب ضد اسرائيل بالنظارات والثرثرات والتنظيرات والنظريات وحلقات الطبل والزمر الثورجية التي تبثها قناة المنار واخواتها العالم والميادين وقناة بري الأمين يوميا لتَّذكير بفلسطين.
وفي النتيجة فإن حزب ايران لم يقدم حتى اليوم قتيلا واحدا سقط على الأرض الفلسطينية فدائيا من أجل تحرير فلسطين.
ولهذا فالشيخ حسن لا ينطق بالحقيقة الجلية، اذا لم نقل انه يكذب عندما يردد في نفس الخطاب، قائلا:
" المواجهة مع المشروع الإسرائيلي والدفاع عن هذه الأمة والدفاع عن فلسطين والقدس والمقدسات وعن لبنان وشعب لبنان وكرامة لبنان وسيادة لبنان. هو أمر اختلط بلحمنا ودمائنا وعروقنا، وورثناه عن آبائنا وأجدادنا وأورثناه لأولادنا ولأحفادنا، وعلى هذا الطريق قدمنا آلاف الشهداء وخيرة الشهداء، من السيد عباس إلى الشيخ راغب، إلى الحاج عماد، قدمنا فلذات أكبادنا وأعزائنا شهداء".
كل من ذكرهم حسن في خطابه لم يقتلوا داخل فلسطين ولا دفاعا عن فلسطين، بل في لبنان وخدمة لمشروع ملالي ايران في السيطرة على المنطقة العربية وهذا ما يحدث اليوم في امتداد النفوذ الايراني من بغداد الى ضاحية بيروت وساحل الجنوب.
أما الارهابي عماد مغنية، الرأس المنفذ لعملية اغتيال 14 شباط الهمجية في بيروت، فقد قتل في سوريا، بعد ان قدمت رأسه مخابرات بشار بالتنسيق مع المخابرات الفرنسية كبادرة حسن نية الى الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي الذي استقبل بشار اثر ذلك بحفاوة بالغة في قصر الأليزية كاسرا عزلته ومعيدا له الاعتبار بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعزلة التي فرضتها معظم دول العالم وبالأخص فرنسا عليه.
ونصرالله لو لم يذكر فلسطين والقدس والمقدسات لكان كلامه صحيحا. إلا انه كالعادة يرفع يافطة فلسطين للمتاجرة بها، ككل تجار هذه القضية ومنهم نظام بيت أسد الممانع لفظا والمنبطح ارضا امام اسرائيل والذي ظل يكدس السلاح باسم فلسطين ليقتل به كما نرى اليوم الشعب السوري ويدمر تاريخ وحضارة ومدن وارياف عمرها آلاف السنوات.
وايضا حسن باسم ما يسمى مقاومة ظل يكدس السلاح في لبنان ويبني جيشا تابعا للحرس الرجعي الايراني، موجها سلاحه الى الداخل اللبناني للهيمنة على الدولة اللبنانية وباقي مكونات المجتمع اللبناني تارة بالتفجيرات والاغتيالات وتارة بالتحديات والتهديدات وتعطيل عمل المؤسسات الدستورية كما هو حاصل اليوم بتعطيل مؤسسة رئاسة الجمهورية بعدم انتخاب رئيس بالطرق الديمقراطية حسب التقاليد والأصول البرلمانية اللبنانية.
كيف لا وحقيقة كلامه واضحة ومفضوحة وهي ليس لها علاقة البتة بفلسطين وما يحدث في فلسطين، وانما لذر الرماد في عيون الشيعة اللبنانيين، وصرف الأنظار بتغطية السموات بالقبوات عما يرتكبه حزبه الإيراني من مذابح ومجازر، قتل وتنكيل، اجرام وتهجير، خراب وتدمير بحق سوريا والسوريين وبالأخص السنة منهم.
أريد أن أؤكد هنا محبتي واحترامي لأهلنا أحرار الشيعة اللبنانيين والعرب وهم يعانون مثلنا مما يرتكبه نصرالله وحزبة وملالي ايران بحقنا وحقهم ايضا. واستعمالي لكلمة شيعي وسني فرضها على نصرالله نفسه من خلال الرد عليه.
وفي الاسبوع الأول من الحرب الاسرائيلية على غزة أطل علينا نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم فاتحا شباك فمه بالقول أن “الشعب الفلسطيني المجاهد في غزة يتعرض لحرب حقيقية، في اجواء الصمت العربي الرسمي المخزي".
عجيب أمر هؤلاء شيوخ حالش فهم يعتبرون العرب عملاء وخونة وتخلوا عن فلسطين، وعندما تقع الواقعة يصبون جام غضبهم على العرب للتدخل.
مع العلم ان من يتبجح يوميا بتحرير فلسطين ويطبل ويزمر ليوم القدس هم جماعة محور ايران.
وماذا عن الصمت المخزي لصواريخ نصرالله، وتوازن الرعب يا شيخ نعيم أفندي؟
وماذا عن الصمت المخزي لصواريخ خامنئي، وإزالة اسرائيل من الوجود يا شيخ نعيم أفندي؟
غزة وشعبها تريد افعالا لدعمها وليس كلاما وشعارات ملَّت من تكرارها.
تحية الى السعودية والامارات والمغرب ومصر وما قدموه من دعم مادي بالملايين لمساعدة اهل غزة على الصمود وتضميد جراحهم النازفة.
0 comments:
إرسال تعليق