عنان شريكاً للروس والإيرانيين في قتل السوريين/ محمد فاروق الإمام

يؤسفني أن أقول أن الموفد العالمي والعربي كوفي عنان هو شريك مع الروس والإيرانيين في تغول النظام السوري في جرائمه بحق الشعب السوري، بما يوفره من غطاء لهذا النظام وما يسهله له من مهل مكنته خلال تسلمه لمهمته من قتل ما يزيد على أربعة آلاف مواطن، إضافة إلى تدمير ممنهج للمدن والبلدات والقرى وتهجير قسري لسكان بعضها على خلفية طائفية.
لقد ظننا للوهلة الأولى أن تسلم عنان لهذه المهمة ستضع حداً لمسلسل القتل والتدمير الذي يقوم به النظام السوري ضد شعبه وبلاده منذ ما يزيد على سنة ونصف، وظننا هذا جاء على خلفية خبرة عنان الطويلة، كونه شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وشارك في إنهاء العديد من الأحداث الملتهبة التي عصفت في العالم أثناء ولايته، إضافة إلى أن البنود التي وضعها لخطته كانت بنوداً متوازنة يمكن التأسيس عليها (وقف القتل، سحب الجيش من المدن، إطلاق سراح السجناء والمعتقلين، السماح بالتظاهر السلمي، دخول وسائل الإعلام العالمية)، وخاصة وأن تنفيذ البند الأول من الخطة هو المفتاح لبناء أي حل آخر، ولكن تبين لنا أن النظام، الذي أتقن بأسلوب شيطاني إفراغ أي مبادرة من محتواها، في واد ومبادرة كوفي عنان في واد آخر، رغم موافقة النظام على هذه الخطة وإعطائه لها هالة إعلامية كاذبة عن البدء بتنفيذ بنودها، دون أن يكون لكوفي عنان أي ردة فعل سوى التماهي مع دعاوي النظام وكذبه وتضليله، في الوقت الذي ارتفعت فاتورة القتل بين السوريين من 25 ضحية في اليوم إلى 125 بعد توقيع النظام على خطة عنان وقبوله ببنودها، وكان يتم كل ذلك على مرآى من عيون المراقبين الدوليين الذين جاء بهم عنان ليراقبوا مدى تطبيق النظام السوري لبنود خطته.
وبعد أربعة أشهر دموية بامتياز اهتز لجرائمها ومجازرها الضمير العالمي، دون أن يكون لموسكو وطهران أية ردة فعل إنسانية تجاه هذا النظام المجرم، الذي يقتل شعبه بدم بارد بوسائل همجية بدائية مرعبة، ويقوم بتدمير المدن والبلدات والقرى بالسلاح الذي يزودونه به والذي يدفع ثمنه من مال السوريين، وتحت إشراف ورعاية الخبراء والمدربين الروس والإيرانيين جهاراً نهاراً!!
أقول بعد أربعة أشهر دموية فاجئنا كوفي عنان في زيارة يقوم بها إلى دمشق للقاء بشار الأسد اتفق معه خلالها على مبادرة جديدة لوقف دوامة العنف – كما وصفها عنان - والغريب أن صاحب هذه المبادرة لم يكن كوفي عنان بل كان بشار الأسد، وانتشى عنان بهذه المبادرة وراح سريعاً إلى طهران ومن ثم إلى بغداد ليحصل منهما على دعم هذه الخطة وهذا ما حصل بالفعل، ثم طار إلى مجلس الأمن في نيويورك يوم أمس الأربعاء 11 تموز ليعرض ما اتفق عليه مع بشار الأسد على مجلس الأمن، والخطة تتلخص في الوقف التدريجي للعنف على مدار ثلاثة أشهر، ومن المفترض بموجب هذه الخطة أن يقوم عناصر الجيش الحر بالخروج من المدن، دون أية ضمانة من النظام بعدم التعرض لهم أو مضايقتهم، ودون أن يكون هناك أي تعهد بالتزام النظام بتطبيق مبادرة كوفي عنان التي أقرها مجلس الأمن والجامعة العربية وقبلها هو ووقع عليها.
ورغم كل هذا الغموض في المبادرة الجديدة، وبعد إعلان عنان الصريح عن فشل مبادرته السابقة، فإن كوفي عنان مصر على تبني الملف السوري والفصل فيه، وهذا يجعلنا نضع ألف علامة استفهام حول نوايا كوفي عنان وما يدبره ضد طموحات وأماني وأحلام الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية وإقامة الدولة المدنية، التي قدم على مذبحها الشعب السوري حتى الآن ما يزيد على عشرين ألفاً من الشهداء وأضعافهم من الجرحى والمفقودين والنازحين والمهجرين، وهذا يجعلنا نشكك في نوايا كوفي عنان الذي استبعد المعارضة السورية بكل أطيافها من الحوار معها أو أخذ رأيها في كل الذي يحيكه مع بشار الأسد والعواصم المؤيدة والداعمة له.
عنان بتجاهله لمطالب السوريين والشارع الثائر في كل المدن والبلدات والقرى السورية لن يحصد من مبادرته الثانية إلا ما حصده من مبادرته الأولى الإخفاق والفشل، لأن القرار أولاً وأخيراً هو بيد الثائرين وليس بيد بشار وزمرته المجرمة الفاسدة ولا في عاصمتي الشر موسكو وإيران، ونطمئن عنان بأن الشعب الذي دفع ضريبة الحرية كل هذه الدماء وكل هذه الضحايا، هو على استعداد ليدفع المزيد حتى يزيل هذا الكابوس السادي عن صدره، ويعيد لسورية أصالتها وأمجادها، ويحقق لشعبها الحرية والكرامة والعدالة، التي افتقدها لنحو نصف قرن على يد هذه الزمرة السادية المجرمة الفاسدة، وقد قالها السوريون بالصوت العالي أن لا مهادنة مع هذا النظام القاتل ولا تفاوض معه، وأن عليه الرحيل دون شروط رضيت موسكو أو طهران أم لم ترضيا!!

CONVERSATION

0 comments: