ميشيل كيلو يتجاوز مرة أخرى الخطوط الحمر/ محمد فاروق الإمام

مع كل الاحترام للأستاذ ميشيل كيلو ولفكره وسعة أفقه إلا أنه لابد من كلمة حق أقولها عقب تصريحاته التي أطلقها في موسكو عبر راديو "صوت روسيا"، والتي اعتبر فيها أن العميد مناف طلاس شخصية مقبولة لكي تترأس الحكومة الانتقالية في سورية، كون مناف طلاس – كما يقول كيلو- "لم تتلوث يديه بدماء السوريين".
ونحن بدورنا نرحب بالعميد مناف طلاس منشقاً عن هذا النظام الذي كان فيه ركناً بارزاً من أركانه، علماً أننا لم نسمع له أي تصريح صحفي أو مقابلة تلفزيونية يعلن فيها صراحة عن انشقاقه والأسباب التي دعته إلى ذلك، أو لقائه بقيادة الجيش الحر أو الاعلان عن انضمامه إليه، وكل ما سمعناه أن وزير خارجية فرنسا أعلن في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس أن "العميد مناف طلاس قد انشق وهو في طريقه إلى باريس"، وتوقعنا حضوره اجتماعات هذا المؤتمر الذي كان يضم مختلف أطياف المعارضة السورية، ولكن لم يحضر المؤتمر ولا أدلى بتصريح يدعم هذا المؤتمر أو يؤيده، وهذا يجعلنا نضع إشارة استفهام في نهاية كل الأخبار التي تواترت عن انشقاق مناف طلاس.
من هنا أقول للأستاذ ميشيل كيلو: على هونك فما هكذا تورد الإبل، وما هكذا تتخذ القرارات أو تطرح الأفكار والآراء ويكون القفز على الخطوط الحمراء، وكان الأجدر بك أن لا تتسرع في هذا الطرح وفي هذا الاختيار وخاصة وأنت في بلد معاد للشعب السوري، ومشارك أساسي في ذبح أبنائه وتدمير مدنه وبلداته وقراه بسلاحه الذي يزود به النظام من بداية الثورة وحتى الآن دون أي رادع أخلاقي أو قيمي أو إنساني.
أنا لست ضد ذهاب المعارضة إلى موسكو ولست ضد لقائهم بالقادة الروس إن كان في هذا اللقاء إقناعهم بأن موقفهم إلى جانب النظام السوري هو رهان خاسر، وأن عليهم أن يعترفوا بأن الأسد الصغير وعصابته باتوا من الماضي، وأن على الروس أن يتقبلوا ذلك ويغيروا من مواقفهم إن كانوا فعلاً حريصين على مصالحهم في المنطقة وفي سورية تحديداً، وأن عليهم أن ينظروا إلى العلاقات الروسية السورية "أيام الاتحاد السوفييتي" التاريخية، التي قامت قبل نظام الأسد الأب بسنين طويلة بعقل منفتح، ويتذكروا مواقف البلدين التي كانت تقوم على التعاون والتناصر في كل المحافل الدولية بما يحقق مصالح البلدين وينصر قضاياهم العادلة، وبعكس ذلك فإن على الروس أن يحملوا حقائبهم ويرحلوا عن سورية التي لن يجدوا فيها موطئ قدم على أرضها في قابل الأيام.
أعود إلى الأستاذ كيلو مجدداً وأنصحه أن لا يتسرع بإلقاء التصريحات ذات اليمين وذات الشمال فمثل هذا التصريح الذي أدلى به يتعارض مع ما اتفق عليه في القاهرة في لقاء المعارضة السورية، وكان الأجدر به أن يتشاور مع المجلس الوطني الذي يضم غالبية أطياف المعارضة السورية، وأن يأخذ رأي المجلس العسكري وقيادة الجيش الحر، فهؤلاء أدرى بمعرفة العميد مناف طلاس وببواطن تفكيره وشخصيته، إن كان أهلاً لتحمل أعباء هذا المنصب في هذه الفترة العصيبة والحساسة التي تمر بها سورية، وسورية مقدمة على عهد جديد، وقد مج أهلها حكم العسكر وكل ما يمت إلى العسكر بصلة، فقد ذاقوا على أيديهم مر العلقم لنحو نصف قرن، وجروا سورية إلى المهالك والهزائم والانكسارات والاستبداد والقهر والعذابات والتخلف، ولا أعتقد أن مناف طلاس يمكن أن يكون معارضاً لأبيه الذي يفتخر بأنه كان يوقع يومياً على أحكام بإعدام العشرات من المعتقلين السياسيين طوال فترة حكم الأسد الأب يوم كان الرجل الثاني في البلاد، وأن آخر ما ادلى به من تصريحات قوله: إن بشار الأسد بمثابة ابن له، فكيف تريد من الشعب السوري أن يقبل بمناف وهو ابن العماد مصطفى طلاس، الذي أعتقد جازماً أنه يستحي – أي مناف طلاس - من قبول هذا المنصب حتى وإن قدم له على طبق من ذهب وباتفاق الجميع، لأنه أضعف من أن يعلن على الملأ تبرؤه من أبيه واستنكاره لكل فعاله السوداء، ولا أعتقد أن هذا سيحصل لأن مناف طلاس ليس أبو عبيدة بن الجراح ولن يكون كذلك!! 

CONVERSATION

0 comments: