التعديل الوقائي/ عباس علي مراد


  ختمت رئيسة الوزراء جوليا غيلارد عامها السياسي بتعديل حكومي ،وكما هو معروف في عالم السياسة ليس هناك من صدفة، وهذا ينطبق على ما حصل فقد تمت ترقية بعض الأشخاص والتخلص من وزراء لا غبار على إدائهم السياسي.
لا شك ان هناك رابحون وخاسرون ،رغم محاولة رئيسة الوزراء اخفاء الحقيقة عندما قالت "لقد اخترت الاشخاص الذين اردتهم. لقد اخترت اقوى فريق ممكنه لتنفيذ اولويات الإصلاح" في العام القادم.
إلا ان هناك ندوباً جديدة ظهرت على وجه الحزب، الذي يعاني أزمة داخلية برزت عوارضها في مؤتمر الحزب الأخير والذي أظهر الى العلن المواقف الشخصية التي ما زالت تحكم عمل رئيسة الوزراء التي لم تأتِ على ذكر اسم كيفن راد عند تعدادها رؤساء الوزراء العماليين السابقين وانجازاتهم ،رغم ان كيفن راد قد حقق انجازان كبيران اولهما إعادة حزب العمال الى الحكم وبغالبية كبيرة في انتخابات عام 2007 بعد ان امضوا 11 عاماً في المعارضة هذا بالإضافة الى عبوره الأزمة المالية العالمية العام 2009 عندما جنب الاقتصاد الأسترالي تداعيات تلك الأزمة رغم بعض الفساد الذي رافق تنفيذ خطة الحوافز التي نفذتها حكومته.
قد تنعم رئيسة الوزراء بهدنة سياسية خلال فترة الأعياد والعطلة الصيفية للبرلمان، لكن المطابخ السياسية ستكون شغالة خلال تلك الفترة. فإذا لم يتحسن وضع رئيسة الوزراء وحكومتها في استطلاعات الرأي فقد يضطر مجلس الحزب (الكوكس) والذي يعقد أول اجتماعانه في أوائل شباط من العام القادم الى النظر في البدائل لأن 30% من أصوات الناخبين الأولية ستوصل الحزب الى هزيمة سياسية كبيرة على غرار ما حصل مع الحزب في ولاية نيوسوث ويلز آذار الماضي ،لان الحزب بحاجة الى 40 % من تلك الاصوات للفوز.
رئيسة الوزراء ورغم الانجازات التي حققتها خلال 18 شهراً الماضية من الضريبة على الكربون والضريبة على المناجم وإعادة تنظيم قوانين المسنين والمعاقين وادائها في ادارة حكومة اقلية تعتمد على دعم النواب المستقلين وحزب الخضر. الا انها وبدون شك ومن خلال التعديل الحكومي الوقائي الذي اجرته ودفعت ببعض الوجوه كبيل شورتن الى الصفوف الأمامية كبديل ومرشح مستقبلي في وجه خصمها اللدود كيفن راد زادت من أعدائها السياسين داخل الحزب، بالاضافة الى تغيير موقف الحزب من زواج المثليين حيث سيضطر بعض النواب للتصويت كل حسب الأجواء في منطقته الانتخابية وطبعا ليس بما يملي عليه\عليها ضميره من أجل ضمان عودته\عودتها الى البرلمان.
وعلى الضفة السياسية الأخرى لا يبدو الوضع افضل فرغم تقدم حزبي الأئتلاف (احرار- وطني) في استطلاعات الرأي والتي تؤمن فوزاً كاسحاً في الانتخابات اذا ما جرت في هذا الوقت ،فإن الخلاف الخفي والصامت بين ابرز الوجوه في الصفوف الأمامية حيث يتنافس كل من جو حقي واندرو روب على حقيبة الخزينة وجوليا بيشوب التي تتشبث دائما بمنصب نائب زعيم المعارضة بالإضافة الى ان طيف مالكوم تيرنبول لا يزال يخيم فوق رأس زعيم المعارضة طوني أبوت.
اضف الى ذلك ان الناخبين لا يثقون بطوني أبوت لأنه حسبما اعترف بنفسه انه لا يمكن تؤخذ كل أقواله بجدية، هذا إضافة الى ان السياسة التي يتبعها وتؤمن له التقدم لا تتواقف مع فلسفة المحافظين التقليدية والتي تشكل عليه مأخذ من قبل المتشددين في الحزب. لكن حلم طوني ابوت الوحيد هو استمرار حزب العمال بتأمين الذخيرة السياسية له من خلال استمرارهم بإظهار خلافاتهم الى العلن والتي تظهرهم بمظهر العاجزين عن حل خلافاتهم، فكيف سيكون بإمكانهم حكم البلاد،ولا شك ان طوني ابوت يجيد الضرب على وتر الاخطاء التي يرتكبها جزب العمال في الافتقار للتسويق لمشاريعهم وانجازاتهم، وهذا ما قد يوافق عليه الناخب الذي يريد ان يذهب الى ادارة شؤونه واعماله بعيداً عن الحملة الأنتخابية المستمرة، فهل يدرك حزب العمال مخاطر الخلافات التي تدور بين اجنحته والاستماع الى نصيحة السنتور المخضرم جون فولكنر بانهم حزب صغير وقد يتلاشى ويزول من الحياة السياسية والمعلوم ان فولكنر وكل من بوب كار رئيس ولاية نيو سوث ويلز الاسبق وستيف براكس رئيس ولاية فكتوريا السابق كانوا قد كلفوا بترأس لجنة لبحث اوضاع الحزب بعد هزيمة العمال في نيو سوث ويلز اذار الماضي والتي ما زالت ابرز توصياتها سرية رغم مطالبة معظم نواب الحزب الافراج عن تلك التوصيات والتي تسرب منها الطلب بتحزيب 8000عضو جديد في السنوات القادمة.
واخيرا لا بد لنا من الانتظار لنرى جدوى التعديل الحكومي الوقائي وتاثيره على الناخبين وهل سيعطي دعم للحكومة في استلاعات الراي واذا لا فما هو البديل ،تحدي زعامة رئيسة الوزراء من قبل فريق كيفن راد، ام ان تجرؤ رئيسة الوزراء وتهرب الى الامام على طريقة علي وعلى اعدائي يا رب ،وتدعو الى انتخابات مبكرة نتيجتها معروفه مسبقا؟!

CONVERSATION

0 comments: