أحلام غليون والرؤية الاميركية/ سعيد الشيخ

هي جملة تفكك الغامض وتبسّط ما خفي من مخططات وضعت للحراك العربي في مشهد ما سمّاه الاعلام الغربي "الربيع العربي".
وهو ليون بانيتا وزير الدفاع الاميركي الذي أشار في خطاب له بواشنطن الى ان "الربيع العربي" يمنح اسرائيل فرصة لبناء موقع اكثر أمنا لها في المنطقة.
وربما هنا تكمن عقدة المشهد المتستّرة على تلافيف خفاياه التي كانت تنتظر تصريحا واضحا صادما من السيد برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري لصحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية بأنه في حال الاطاحة بالنظام السوري الحالي واستلام مجلسه الانتقالي للسلطة، سيبادر الى قطع العلاقات المميزة مع ايران ووقف الدعم الى حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية. ويذهب الى أبعد من ذلك عندما يشير الى انه سيربط سوريا بتحالفات مع قوى عربية كبيرة في المنطقة.
هل بهذه الخيارات سيجلب السيد غليون الحرية والكرامة للشعب السوري ويرفع عنه ثمن المواجهة مع النظام؟
استاذ الفلسلفة يقول كلاما سياسيا بامتياز لا تسعفه الفلسفة في التعبير عن دوافع الاحتجاجات المنتشرة هنا وهناك في المدن والقرى السورية، ولا نعتقد ان المواطن السوري الذي يخرج الى هذه الاحتجاجات ويهتف لسقوط النظام يفهم بواطن هذا الكلام ومراميه ، حيث يريد الاستاذ غليون نقل سوريا من محور الى محور آخر، وهو المحور الامريكي الذي تتصدّره دول الخليج العربي وعلى رأسها قطر(الكبيرة) والمملكة السعودية.
وفي نظرة فاحصة لخطاب بانيتا وتصريحات غليون وبالربط بينها، من السهل ان نكتشف ان الاهداف منهما لا تنسجم مع مطالب الحراك السوري ولا الحراك العربي ككل الذي ينشد الحرية والكرامة الانسانية. وليست خافية منهما رائحة المؤامرة التي تحاك ضد دور سوريا التقدمي والريادي في مواجهة التحديات المفروضة على امتنا العربية.
لانعتقد ان نوايا غليون التي تريد أخذ سوريا الى محور الدول التابعة للسياسة الامريكية ستؤّمن الكرامة والحرية للمواطن السوري، ولا نعتقد ان المواطن السوري ترتضي كرامته بأن تتحوّل بلاده الى عامل فاعل في تأمين الامن للاحتلال الاسرائيلي الرابض على أرض فلسطين والمتمدد في الوطن العربي بأشكال مختلفة.
كثيرا ما شكونا من سبات الشارع العربي أمام التحديات المفروضة على الامة العربية، وأمام تهاون النظام العربي الى حد التخاذل المهين بتسليمه بمشيئة القوى المعادية التي ارادت من بلادنا ان تكون مجرد مزارع تجني هذه القوى خيراتها ومقدراتها. وهذه القوى هي ذاتها التي صنعت لنا هياكل الديكتاتوريات كي تظل الساهر الامين على مصالح القوى الاستعمارية.
أما وقد استيقظت بعض الشعوب العربية ولو بشكل متأخر، فعلى أساس هذه اليقظة لا يكفي فقط البناء بما يكفل سقوط الديكتاتوريات، انما يجب البناء بما يكفل عدم التغلغل الاستعماري في أوطاننا.
الحرص الوطني كل الحرص بأن لا تتحوّل مطالب المواطن العربي بالتغيير الى جسر تعبرمن فوقه القوى الاستعمارية الى قلب الوطن العربي لتغرس براثنها وأنيابها أكثر من ذي قبل.
اعتقد ان الرؤية الصائبة ان نكون مع سوريا بقدر قرب سوريا من فلسطين كقضية مركزية. وإن أراد برهان غليون إبعادها عن محيطها الطبيعي الى تحالفات مع انظمة عربية كبيرة كما يقول، عملت في السر والعلن على التآمر على القضية الفلسطينية فأن واجبنا تجاه الحرية والتقدم والتحرر ان نتشبث بسوريا، حيث هذا الخيار يجنبنا ان نكون الى جانب طغاة الممالك والامارت. هؤلاء الذين كبّلونا بخزيهم وعارهم امام القوى العظمى التي تحاول خنقنا لصالح رفاهية وأمن دولة اسرائيل.
فهل حقا ان "الربيع العربي" يمنح اسرائيل فرصة لبناء موقع اكثر أمنا لها في المنطقة؟ كما رأى وزير الدفاع الامريكي.
سؤال برسم الثوار والاحرار في ميادين المدن العربية، كي لا تظل تسميات وتعريفات "الجزيرة" هي المطلقة بما سموّه "الربيع العربي"!

مدير موقع الوان عربية
www.alwanarabiya.se

CONVERSATION

0 comments: