اعملوا حيطة/ عبير حجازى

عندما تفجرت مشكلة السفارة الإسرائيلية رأى المسئولون أن الحل هو بناء سور وعندما اشتعلت أحداث محمد محمود كان الحل هو بناء سور من الأسلاك الشائكة وكذلك كان السور هو الحل الذى لا غنى عنه فى أحداث القصر العينى !!
ولم تقف ظاهرة ( السور هو الحل ) عند هذا الحد بل بدأت فى الانتشار على جميع المستويات وكأنها عدوى قد أصابت المسئولين جميعا , فما إن بدأت بتصفح الأخبار اليوم إلا ولاح لى خبر مفاده أن السيد محافظ دمياط يعتزم بناء سور يحيط به مبنى المحافظة بغرض حماية المنشأة من السرقة !!
ربما تنتشر ظاهرة الأسوار هذه لتصبح الطابع المميز لمصر فتملأ القاهرة وضواحيها حتى يطلق عليها اسم مدينة الأسوار بدلا من مدينة المعز .
أسوار , أسوار , أسوار ليست المشكلة فى بناء الأسوار وإنما فيما وراء بناء هذه الأسوار , فيما تدل عليه هذه الأسوار , فيما هو ناتج عن بناء هذه الأسوار .
أولا : ما هى دلالة معالجة أى أزمة ببناء سور ؟ دلالتها تفكير حجرى , ضعف فى الرؤية , هروب من المواجهة , اتجاه للعزلة , عدم القدرة على حل المشكلة وإن كان تفكير المسئولين فى مصر قد وقف عند هذه الدلالات فلا عجب مما نحن فيه الآن .
ثانيا : ماذا كانت النتائج المترتبة عن بناء هذه الأسوار فى كل مرة ؟
أحداث السفارة .. نتج عن بناء الثور كارثة
محمد محمود ... كارثة
مجلس الوزراء .. كارثة
ومع كل هذه الأحداث والكوارث , ما زال هناك اتجاه لبناء مزيد من الأسوار مما يدعونا لاقتباس مقولة كابتن محمد لطيف .. اعملوا حيطة !!
كتب أحد الولاة إلى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وأرضاه يطلب مالا كثيرا لبناء سور حول الولاية
فما من عمر بن عبد العزيز إلى أن قال له وما فائدة الأسوار .. حصنها بالعدل .. ونقى طرقها من الظلم ..
ليت كل مسئول فى مصر أى كان موقعه يقرأ هذه المقولة لعمر بن عبد العزيز , ليت كل مسئول فى مصر يفهمها ويعيها جيدا
ليت رسالتك تلك يا عمر تصل لكل مسئول فى هذا البلد حتى يعرف أن العدل والمساواة ومنع الظلم هم أساس الأمن والأمان فلا أسوار تنفع ولا عزلة تفيد ولكن شعور كل مواطن على أرض هذا البلد بالعدل ثم العدل ثم العدل هو ما سوف يحقق الأمن ويشعر الناس بالأمان .
ولتكن هذه هى نقطة البداية التى لا بد أن يبدأ بها أى مسئول فى أى منصب ولتكن أولى مهام البرلمان الجديد والرئيس الجديد أيضا ألا وهى تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين بحيث يشعر كل مواطن على أرض مصر بالعدل , بالمساواة فكلنا مصريون لا فرق بين مسلم وقبطى , فقير وغنى , متعلم وأمى كلنا مواطنون لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات مهما اختلفت اتجاهاتنا وميولنا وانتماءاتنا فلا يجب أن يفرق بيننا فى المعاملة ولا أن يميز طرف عن طرف
العدل من صفات الرحمن وكلمة السر فى كل مكان وزمان , العدل أساس الملك واستقرار الشعوب
يروى أن رجلا قد مر بعمر بن الخطاب وهو نائم تحت شجرة فنظر إليه متعجبا ثم قال عدلت فأمنت فنمت يا عمر , فلم يلجأ عمر لأسوار ولا حراسات وإنما عدل وأمن , أمن على نفسه وأمن على أمته , ليتنا نتعلم منهم جميعا ونعود لتعاليم ديننا سريعا فلا منظمات ولا دعاه لحقوق الإنسان تغنى , فديننا العظيم قد وفى وكفى منذ مئات السنين , عودوا لتعاليم دينكم يرحمكم الله ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وساعتها ستستغنون حتما عن بناء الأسوار .

CONVERSATION

0 comments: