غيلارد وابوت ولعبة القط والفأر/ عباس علي مراد

خلال الاسابيع القليلة الماضية فتحت رئيسة الوزراء جوليا غيلارد النار الانتخابية على عدة جبهات منها، تعليمية من خلال طرحها مشروع الاصلاح التعليمي في البلاد المعروف "بكونسكي"، ومالياً حيث تم الاعلان عن فجوة  بالميزانية العامة تقدر ب 12 مليار دولار. واستمر الهجوم الانتخابي بإعلان رئيسة الحكومة انها قررت ان تطرح مشروع التأمين الخاص بالمعاقين على الناخبين للتصويت عليه عند انعقاد الانتخابات الفيدرالية القادمة المقررة في 14 ايلول، بالاضافة الى الافراج عن الورقة الدفاعية البيضاء والتي تتضمن الاستراتيجية الدفاعية قبل عام من موعدها.
 قدمت الحكومة هذه الاقتراحات وغيرها وهي على عتبة تقديم الميزانية العامة للعام المالي القادم في 14 أيار الحالي، وكأنها اي الحكومة تعمل على سحب الاهتمام من الميزانية وتشتيت تركيز المعارضة  على القضايا المالية المهمة خصوصاً المتعلقة بتمويل مشروع الاصلاح التعليمي والاصلاح الصحي المتعلق المعاقين.
الشهر الماضي ،فشلت رئيسة الحكومة جوليا غيلارد بالحصول على توقيع رؤساء حكومات الولايات والمقاطعات الاسترالية على مشروع كونسكي لإصلاح التعليم، وقد تركت غيلارد الباب مفتوحاً امام رؤساء الولايات حتى آخر حزيران القادم للتوقيع على الاتفاق مع الحكومة الفيدرالية، لم تطل فترة انتظار غيلارد حتى اعلان رئيس ولاية نيوسوث ويلز باري اوفاريل عن توقيع الاتفاق مع الحكومة الفيدرالية، بذلك تكون غيلارد حققت اول هدف وان كان يتيماً في مرمى طوني ابوت زعيم المعارضة الذي يعارض المشروع، علماً ان المعارضة اشترطت ان يوقع جميع رؤساء الحكومات والمقاطعات حتى تمشي بالمشروع.
 تعرض رئيس ولاية نيو سوث ويلز لانتقادات بعض زملائه من رؤساء الحكومات  لتوقيعه الاتفاق مع الحكومة الفيدرالية.
لكن المشروع المتعلق بالتأمين للمعاقين، والذي اصبح يُعرف برعاية المعاقين كان الابرز الاسبوع الماضي واستأثر باهتمام الاعلام والقطاعات الصحية والاقتصاديين والرأي العام، خصوصاً بعد ان تراجعت رئيسة الوزراء وبخطوة مفاجئة عن قرارها بعرض المشروع على الناخبين ،وعلى طريقة ان الغريق لا يخشى من البلل حيث ما زالت تعاني من جراء تراجعها عن وعد بفرض ضريبة على الكربون،وقررت فرض زيادة نسبة 0.5% على ضريبة المديكير لتصبح 2% من اجل تمويل جزء من المشروع والذي سيكلف حوالي 15 مليار دولار سنوياً، وسيبدأ العمل بالزيادة في الاول من آب من العام 2014 وحسب التقديرات الحكومية فإن هذه الزيادة ستؤمن مبلغ 3.3 مليار دولار في العام الاول وحوالي 20.4 مليار دولار بحلول العام المالي 2018 – 2019 (س م ه ص 8 عدد 02/05/2013) بذلك تكون رئيسة الوزراء وحزب العمال قد حققا اكبر عملية اصلاح اقتصادي اجتماعي منذ تأسيس النظام الصحي المعروف بالميديكير في ثمانينات القرن الماضي .
المعارضة الفيدرالية ومن اجل تحييد المشروع في الحملة الانتخابية سارعت وبإسم زعيمها طوني ابوت الى التراجع عن معارضتها للمشروع واعلنت تأييداً مشروطاً وقال ابوت: اننا على استعداد لدعم زيادة طفيفة على ضريبة الميديكير لنتأكد من تنفيذ المشروع في اسرع وقت ممكن (س م ه ص 8 03/05/2013) ومن الشروط التي وضعها ابوت معلومات عن كيفية تأمين بقية الاموال غير التي ستؤمنها الزيادة على ضريبة الميديكير بالاضافة الى ذلك  هناك شرط عن ماهية المعايير التي سٌتتبع في تحديد المستحقين للأموال ونسبة الاعاقة.
تلقفت رئيسة الوزراء موافقة المعارضة واعلنت انها ستقدم مشروع قانون للبرلمان عند عودته من العطلة الاسبوع القادم من اجل زيادة ضريبة الميديكير واضافت ان المشروع سيتضمن كل التفاصيل.
لا بد من ان نشير الى ان حزب الخضر يؤيد المشروع بالاضافة الى النائبين المستقلين اللذين يدعمان الحكومة، روب اوكشوط وطوني وندزر والاخير كان قد غمز من قناة رئيسة الوزراء عندما قال: اننا لسنا بحاجة لطوني ابوت لتمرير المشروع في مجلسي النواب والشيوخ حيث ان الحكومة ليست حكومة تصريف اعمال.
وعلى هامش النقاش حول المشروع برز تصريح الرئيس التنفيذي لشركة ماير للبيع بالتجزئة برني بروكس والذي قال فيه بأن الاموال التي سٌتحصل من الضريبة كان يمكن ان تصرف في محلاتنا، وعلى الرغم من تراجع بروكس عن تصريحه فقد اقيم موقع الكتروني اسمه "قاطع ماير" وظهرت عبارات على الموقع تقول بأن ماير يضع الربح قبل مصلحة الملايين من الاستراليين الذي قد يستفيدون من المشروع.
وقادت الحملة الممثلة الكوميدية والمدافعة عن حقوق المعاقين ستيلا يانغ قائلة: "أحقاً ما تقوله: المعاقين بشر وهم زبائنك ايضاً " (س م ه ص 5 في 04/05/2013). نشير الى ان من المستفيدين من مشروع رعاية المعاقين هناك حوالي 220000 مستفيد قد يدخلون سوق العمل مجدداً، ويؤمنون زيادة في الدخل القومي بنسبة 1% او 32 مليار دولار عام 2050 بقيمة دولار اليوم (س م ه ص 5 تاريخ 04/05/2013).
الاهتمام الذي حظي به موضوع رعاية المعاقين يظهر مدى استعداد الاستراليين للتضحية والوقوف الى جانب المحتاجين من ابناء المجتمع والذي يعبر عنه في اكثر من مناسبة.
لا بد من ان نذكر ان بداية المشروع تعود الى العام 2007 عنذ فوز حزب العمال بالانتخابات برئاسة كيفن راد الذي عين بيل شورتن سكرتير برلماني لخدمات المعاقين والذي بذل جهداً كبيراً من اجل وضع المشروع حتى وصل الى خاتمته السعيدة.
ويبقى السؤال اذا كان مشروع رعاية المعاقين وصل الى خاتمة سعيدة فهل سينعكس ذلك في استطلاعات الرأي لصالح الحكومة ،والتي تحافظ على نسبة لم تتجاوز 35% من الاصوات في كل الاستطلاعات التي جرت اواخر العام الماضي واوائل العام الحالي؟
الشىء الوحيد المؤكد ان المشروع سوف يحمل بصمة حزب العمال ويشكل ارث حسن لرئيسة الوزراء جوليا غيلارد والتي تطمح ايضا الى ترك بصماتها على مشروع كونسكي لاصلاح  النظام التعليمي .
اخيراً من الان وحتى موعد الانتخابات سوف تستمر لعبة القط والفار الانتخابية بين كل من رئيسة الوزراء وزعيم المعارضة.
سيدني
E-mail:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: