يتميز العمل السياسي ضمن المناطق والاقاليم التي تخضع للإعتبارات الجيوجغرافية و الجيوسياسية، بأنها تکون محددة الحرکة و الاتجاه و لاتتمکن من التحرك و النشاط خارج ذلك الاطار المحدد لها ولاسيما عندما تسعى الى العمل بإتجاه يفضي الى تغيير لايمکن تحمله او تقبله على الصعيدين الاقليمي والدولي، وهو امر يمکن ان نتلمسه حاليا على أرض الواقع من خلال مايجري في شمال العراق، إذ انه وعلى الرغم من کل ذلك الدعم والاسناد المقدمين للأکراد وکونهم يمتلکون کافة مقومات تأسيس دولة مستقلة عن العراق، إلا انهم أبعد مايکونون عن الانفصال عن العراق بل وان قادة وزعماء الاکراد يؤکدون بين الفترة والاخرى على تمسکهم بالعيش ضمن القطر العراقي وعدم تفکيرهم بالانفصال عن العراق، وهذا الامر بحد ذاته يمکن إعتباره رسالة خاصة ومفهومة وواضحة لمختلف القوميات والحرکات والاتجاهات الحرکية والسياسية ذات الطابع العرقي او الديني او المذهبي في الشرقين الاوسط و الادنى بوجه خاص وفي عموم العالمين العربي والاسلامي، وان الانفتاح الترکي على الاقليم الکردي يعتبر دلالة واضحة جدا على مستقبل هذا الاقليم ضمن التراب العراقي وحتى ان توثيق العلاقات العربية لدول مثل السعودية وقطر والامارات والأردن ومصر وحتى لبنان مع إقليم کردستان العراق يمکن تفسيره أيضا بأنه شهادة عملية على سلامة التراب العراقي وعدم المساس به.
النضال التحرري المشروع الذي يخوضه الشعب العربي في الاحواز من أجل نيل حقوقه المشروعة والذي مر بمراحل متباينة وقدم خلالها الکثير من الشهداء وعانى أکثر من جراء السياسات التعسفية الظالمة لنظام الشاه السابق و کذلك من نظام الملالي القمعي الذي خلفه والذي يبدو انه قد بز وفاق سلفه في القهر القمع والاستبداد، يمر اليوم وفي ظل الاوضاع المتداخلة وبالغة التعقيد التي تمر بها المنطقة بشکل عام وإيران بشکل خاص بظرف بالغ الحساسية والخطورة وتستوجب على طلائعه التحررية السياسية ان تفکر مليا وبإمعان في دقائق وتفاصيل الاوضاع ووضع المعادلات السياسية الاقليمية والدولية تحت المجهر والسعي للبحث والدراسة فيها بصورة دقيقة بعيدا عن أي تعصب او إنغلاق ومحاولة إيجاد ثمة موقع ومکانة مناسبة تليق بما قدمه الشعب العربي في الاحواز من دماء وشهداء وکل غال ونفيس وان السياق والظرف الذي يعيشه نظام ولاية الفقيه والتخبط غير العادي الذي طفق يلف ويغطي مجمل ممارساته السياسية واجرائاته الامنية في ضوء تسارع الاحداث وتداخل الامور والمستجدات، يدفع بکل القوى والحرکات السياسية الناشطة ضد نظام الملالي الاستبدادي القمعي ان تضع نصب أعينها مسألة إسقاط نظام ولاية الفقيه وجعله فوق کل إعتبار آخر، واننا مع بالغ إحترامنا وتقديرنا وتإييدنا للنضال المشروع الذي تخوضه مختلف الاحزاب والحرکات والمنظمات السياسية ضد نظام الملالي فإن جعل الاعتبار القومي شعارا أکبر وأعم من شعار إسقاط نظام ولاية الفقيه سوف يکون للأسف وفي نهاية المطاف في خدمة ملالي قم وطهران ويساعدهم للبقاء فترة أطول على کرسي الاستبداد وهنا يجب أن نشير إلى حقيقة أن النظام الإيراني ومخابراته تحديدا قد تمکن فعلا من إستدراج مختلف التيارات والحرکات السياسية الايرانية ذات الطابع العرقي وسعى لإبقائها ضمن دائرة وهمية وغير عملية المحنا لها في بداية مقالنا لأنه"أي النظام"يدرك جيدا بأنه ليس من الممکن مطلقا المساس بالجغرافية السياسية لإيران مهما بلغ الامر(وهي مسألة مفروغ منها حتى على الصعيد الدولي والعربي)، وإن أي تحرك أو التغريد خارج السرب الايراني العام والذي نجده متمثلا بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية، لن يؤثر مطلقا على النظام وانما وعلى العکس من ذلك يساهم في تقويته ودعمه بأسباب البقاء وکما نجح نظام ولاية الفقيه في دفع أکراد وترکمان وبلوج إيران في السير بسياقات تعجيزية من خلال المطالبة بحقوق وامتيازات تتجاوز السقف المتفق عليه إقليميا ودوليا، فإنه قد نجح أيضا في دفع اخوتنا في الاحزاب والحرکات السياسية بالاحواز الى نفس المفترق واننا إذ نلفت نظر أشقائنا الى خطورة وحساسية هذا الامر فإننا ندعو ونحثهم على المزيد من اليقظة والحذر والسعي لتجاوز هذه الوضعية نحو فضاء أکثر رحابة وشمولا کي تتمکن على الاقل من ضمان الحقوق الاساسية للشعب العربي في الاحواز حيث انه وفي ظل إسقاط النظام ومجئ نظام آخر يمکن تطوير تلك الحقوق ودفعها بخطوات وئيدة للأمام.
إننا کمرجعية إسلامية عربية للشيعة، نجد ان إلتفاف معظم القوى والحرکات السياسية في إيران(ومن ضمنها مايتعلق بأشقائنا في الاحواز) حول المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ورفع الشعار المركزي وهو إسقاط نظام ولاية الفقيه والعمل الجاد الجماعي المشترك من أجله، هو أفضل طريق يمکن السير به حاليا للخروج من الاضطهاد والظلم ومن أجل ضمان الحقوق المشروعة لهم وان تعاضد و تؤازر وتلاحم القوى السياسية الايرانية مع بعضها البعض سوف يکون في النهاية وبعون الله تعالى الصخرة التي يتحطم عليها نظام ملالي طهران وان ذلك ليس ببعيد.
المرجع الإسلامي لشيعة العرب.
0 comments:
إرسال تعليق