أول إنجليزي يدعو إلى الإستيطان في فلسطين
من الشائع أن الدعوة الصهيونية بدأت على أيدي بعض اليهود في القرن الثامن عشر . لكن البحث العلمي يؤكد أن غير اليهود من الاوروبين كانت لهم
المبادرة (كهنري فنش ) الإنجليزي الذي كان يحلم لوطنه انجلترا بسيطرة كاملة على وطننا العربي .فكانت دعوته إلى اليهد لاستيطان فلسطين .
* يظن كثيرون أن فكرة استيطان اليهود في أرض فلسطين إلى وعد بلفور المشؤوم عام 1917 . ومع أن الرسالة التي توجهها اللورد الى الثري اليهودي روتشلد في 2 نوفمبر من ذلك العام أول وثيقة حكومية تؤكد لليهود دعم الامبراطورية البريطانية في استعمار فلسطين.
إلا ان المخطط نفسه لم يكن وليد ساعته , وأن مشروع استيطان فلسطين من قبل اليهود يعود إلى ثلاثة قرون مضت , حين ظهر في لندن أول كتاب عن هذا الموضوع عام 1621 .
إن عنوان الكتاب الذي ظهر عام 1621 هو (( الإحياء العظيم للعالم )) أو ((دعوة اليهود )) بقلم هنري فنش
(1558-1625)
ولد فنشفي عائلة سياسية وابتدأ تغليمه الجامعي في ( كمبردج), حيث نال شهادة البكالوريس عام 1576 . ثم انضم الى كلية المحاماة في لندن . وبعد أن أنهى دراسته انتخب عضواً في البرلمان , وتعاون فنش مع اللورد فرانسيس بيكون في محاولة فاشلة لجمع قوانين المملكة وتصنيفها . وفي عام 1621 , أنهى كتابه عن اليهود . ووجد نفسه بمأزق أدى إلى إعتقاله .:حيث كانت دعوته لليهود لاستيطان أرض فلسطين واقامة امبراطورية تطغى على كل الممالك في العالم لا تتناسب وآراء جيمس الأول الذي رأى في فنش داعية للثورة على حكم عائلة ستيورات . وحين وجد فنش أن كتابه سيؤدي به الى السجن . تراجع عن أجزاء الكتاب التي أزعجت الملك وشجبها علناً لكن الملك لم يكتف بهذا , فآمر بجمع نسخ الكتاب واحراقها , وطلب من أحد المقربين منه أن يهاجم الكتاب وموضوعه . وفي تموز من العام نفسه 1621 , قام وليام لود الذي أصبح فيما بعد رئيس أساقفة كانتربري بانتقاد قاس لفنش ودعوته اليهود باقامة مملكة على أرض فلسطين . وأصبح الكتاب نادراً جداص ولا توجد اليوم منه الا نسخ قليلة , احداها في مكتبة المتحف البريطاني في لندن ولقد افتتح فنش كتابه باهداء : (( إلى أبناء يعقوب المشتتين في أقاصي الارض . أكتب لكم هذا حيثما تكونون . إنها بريق من جوهرة , عن عودتكم واستجدادكم في مملكة عظيمة )) بعد هذا انتقل فنش الى تحليل دقيق للنبوءات اليهودية التي كتبت في القرن السادس ق م , . والتي وصفت لليهود استيطانهم القدس وفلسطين .فقد كان اليهود قد سبوا من أرض فلسطين الى الامبراطورية البابلية عام 586 ق م ..من قبل الامبراطور نبوخذ نصر .
وخلال فترة السبي تلك .ظهر في تاريخهم عدد من الانبياء الذين وعدوا اليهود أن إلههم ((يهوة ))سيعيدهم إلى أرض فلسطين . وقد تمت العودة عام 537 ق م على يد الامبراطور قورش الفارسي الذي عطف عليهمخ . ولا يزال اليهود حتى يومنا هذا يحتفلون كل عام بعيد عودتهم . ويذكرون صداقة الفرس لهم .
نبوءات اليهود ... وشهوة الاستعمار
أراد فنش أن يطبق هذه النبوءات على زمنه وحاضره . ومع أن هذه النبوءات تحص يهود القرن السادس ق م . فقد أصر فنش أن يطبقها على يهود القرن السابع عشر . ومع أنه لم يكن يهودياً . ولم يعرف يهودياً , إذ أن إنجلترا كانت قد طردت اليهود من المملكة في القرن الثالث عشر (م) إلا أنه أراد لليهود لليهود استيطان فلسطين . وهنا تكمن بعض الغرابة : رجل ينادي شعبنا لا يعرفه لاستعمار بلد يعرفه . وطرد شعب لا يعرفه , لإ قامة امبراطورية عالمية يهودية تسيطر على ممالك الارض ز لماذا نادي فنش بكل هذا :؟ ان السبب الرئيسي الذي دفعه في ذلك الزمان البعيد لدعوة اليهود لاستعمار فلسطين هو نفسه الذي دفع اللورد بلفور باصدار وعد المشؤوم : ألا وهو محاولة بريطانيا ايجاد قوم في وسط العالم العربي والاسلامي ليساعدواها على السيطرة والاستعمار . ذلك أنه اذا نظرنا الى القرن السادس عشر وبداية السابع عشر نجد أن بريطانيا كانت تقف مرتعبة أمام القوة العثمانية الاسلامية . فالقرن السادس عشر شهد أعظم انتصارات العثمانيين , ووصول جيوشهم الى حدود النمسا . وسيطرتهم على جميع جزر البحر المتوسط .. أمام هذه القوة العسكرية والدينية وجدت بريطانيا نفسها تتساءل عن كيفية مواجهة الخطر العثماني . ذلك أن المحاولات الأوروبية كانت قد باءت بالفشل .
رأى فنش الخطر العثماني أمامه وقدر أن بلده تسطيع الدفاع عن نفسها . فبدأ بقراءة النبوءات اليهودية باحثاص عن مخرج لهذا المأزق الدولي , وعن وسيلة لإزالة الخطر العثماني وما كان إلا أن وجد نبوءات العودة الى فلسطين فقال :
إن فلسطين اليوم لا يسكنها يهود . بل عرب واتراك . مسلمون ومسيحيون لذا , فإن اليهود حسب نبوؤاتهم . لا محالة عائدون بمساعدة إلههم ((يهوة)) وإذا عادوا . فإنهم لا محالة سيحاربون الأتراك في المشرق وينتصرون عليهم . لذا , إذا استوطن اليهود فلسطين , فذلك سيكون بعد التغلب على العثمانيين وازالتهم من الوجود . أي بعد انهاء الخطر العثماني والاسلامي . وعندها سيكون هناك شعب يهودي في فلسطين ولا يكون خطراص على أوروبا بل سيؤازر
بريطانيا , لأن بريطانيا ستكون الامبراطورية التي ستساعد اليهود على هذا الإستيطان .
من الواضح أن فنش أراد استيطان اليهود لفلسطين ليس محبة بهم .بل خوفاً من العثمانيين . فالمعركة ستكون ضارية بين الأتراك المسلمين واليهود . ولكنها ستنتهي بالتغلب على الاتراك وكتب شعراً ( سيسيطر الطغيان التركي مدة 350 سنة . سيعودون ( اليهود )الى أراضيهم .
سينضب نهر الفرات أمامهم ليجعل طريقهم سالكة مثلما فتح أمامهم قبلا البحر الأحمر
سترعب أخبار تقدمهم القوى . سيحدث اقتتال عظيم بينهم وبين الاتراك وسيكون هذا الاقتتال في أراضهم , أرض يهودا.
وسينالون انتصار نبيلا
وسيلتقي العثمانيون ضربة موجعة قرب مدينة القدس . وسيكون انتصار اليهود الكبير على الجيش التركي قرب بحيرة طبرية
وسيسكنون بعد في بلادهم ))
فكرة خاطئة
من الغريب أن فنش استعمل دائماً كلمة بلادهم
عن فلسطين كأن فلسطين لم تكن في القرن السابع عشر بلاد العرب الذين سكنوها لاجيال واجيال بل . بلاد اليهود ولكن فنش أصر على استيطان اليهود وعلى استيطان حقيقي وبكل معنى الكلمة وأضاف وهذه كانت الاضافة التي أودت به إالى السجن :-
((سيأتون قريباً الى القدس وسيصبحون ملوك ورؤساء العالم ويحكمون الجميع ))
حاول فنش ان يحدد الذي ستتم به كل هذه الآمال , فحسب أن القوة التركية ستبدأ بالإنحلال عام 1650 بعد ذلك وأعتقد أن اليهود سيعيدون بناء مدينة القدس ويعيدون اقامة امبراطورية داود . ومن ثم كانت استعانته بالنبوؤات اليهودية , فقال (( إن أرض فلسطين ستثمر بعد الاحتلال اليهودي وسيكثر فيها اليهود وستحل فيها السعادة والرخاء وستصل حدودها الى اكثر ما كانت عليه من قبل
وستخضع جميع الشعوب المجاورة للمملكة اليهودية . وأما الرافضون فسيقضي عليهم وسيبدأ زمن جديد في التاريخ البشري وبهذا يزول الخطر التركي عن بريطانيا ويحل محله حليف الى الابد ))
كما ذكرت .
استاء الملك جيمس من كتاب فنش وطلب من لود مهاجمته وتناول لود الموضوع في عظة بمناسبة عيد ميلاد الملك فنبه الى أفكار فنش عن دولة يهودية في فلسطين وعن استيطان اليهود في القدس وبناء المعبد وكل ما الى ذلك من ظواهر الاستعمار ما هي الا أفكار مرفوضة تماماً من قبل المعتقدات الدينية وما هي
الا اخطاء يهودية واجتهادات رجال في القمر , أي مجانين
ومع ان فنش تنصل من دعوته اليهود لاستيطان فلسطين الا ان فكرته وجدت العديد من الكتاب والشعراء الذين أقبلوا عليها والعديد الآخر الذي رفضها بشدة وابتدأ بين هذين الفريقين جدل طويل ومتشعب امتد من أوائل القرن السابع عشر حتى انتهى بانتصار الكتاب الذين آزروا فنش وقام ( كيان الدولة ) التي زرعت في فلسطين
0 comments:
إرسال تعليق