في مجتمعنا الفلسطيني نكسة!/ نهاد الطويل

نقلت لي إحدى السيدات على لسان جارتها أنها قلقة مما تتعرض له جارة الأخيرة من ضرب جسدي وقتل للروح على يد زوجها " المحروس"، وقالت تلك الصديقة أنها بالفعل زارت جارتها المعنفة حيث كانت هائمة على وجهها في فراشها وقد تحولت أحدى عينيها الى اللون الأزرق و كانت متورمة ومنتفخة من لكمة بدت طازجة من زوجها الذي لم يتق الله فيها.

وبالفعل تحققت منذ أيام من قصة تلك الزوجة " المغلوبة على أمرها " وقد تعرضت وتتعرض للعنف والاضطهاد،ونقلت بوساطة تلك السيدة التي جاءت تشتكي على لسان جارتها " المعنفة" رسالة مفادها إن تخرج عن صمتها و تلجأ إلى الجهات المختصة والمؤسسات الحقوقية الموجودة في البلد وذلك لتقديم الشكوى وتأديب زوجها المعتدي عليها بالضرب والعنف الروحي، وتكتب تعهدا عليه!!

تابعت من باب الفضول المهني والاهتمام بمساندة قضايا المرأة ومناهضة العنف قصة تلك الزوجة المعنفة وذلك بشكل غير مباشر،حيث أفادتني بعض المعلومات إن التعهد الذي كتب فعلا على الزوج لم يلجمه عن ضرب زوجته واضطهادها نفسيا وجسديا حيث لجأت إلى بيت والدها،في حين لم يدع الزوج من واسطة إلا وبعثها لأهل زوجته ’’ الحبيبة’’ لإرجاعها إلى فراش الزوجية،وقد أبدى حينها الندم وقطع الوعود على نفسه بأن لا يضربها مجددها،وبالفعل عادت المسكينة وعاد الزوج الظالم لضربهاّ!!

وبالفعل كتب لي إن التقي بتلك السيدة في "حديث صحفي " عن مشكلتها المستمرة، حيث أكدت أنها تستغيث اليوم بالصحافة ليس لأجلها فحسب، بل من أجل النساء اللواتي يتعرضن للضرب والعنف اللفظي وغير اللفظي لكنهن لا يرفعن أصواتهن .

فالمطلوب من النساء المعنفات اليوم إن يمضين في رفع أصواتهن كي يصحو المجتمع فيسقطن حجرا كبيرا في البركة كي يحركن المياه الساكنة وتخرج النساء المعنفات حينها عن صمتهن وخوفهن،فالكل وصل إلى قناعة مفادها إن كافة الإجراءات والملايين التي تنفق على مناهضة العنف والأساليب المتبعة غير مثمرة إلى حد كبير.. فما العمل إذا ..؟

فلا احد ينكر هنا إن العنف الأسري ظاهرة عالمية،وقبل كل شيء ظاهرة فلسطينية وتسري في عروق المجتمعات العربية والمشكلة التي نصادفها في الحالة الفلسطينية كما العربية أننا نعتبر الحديث عن العنف الأسري شأنا داخليا اسريا وتدخلا في خصوصيات الغير،علما بأن حجم هذه المشكلة والظاهرة في مجتمعنا الفلسطيني يبعث القلق والخوف ،وينبىء " بنكسة " ضاربة في مجتمعاتنا حتى النخاع!!!

ويكفي إن نشير إلى أن 58.6% منهن تعرضن للعنف النفسي، و55.1% تعرضن للعنف الاقتصادي، و54.8% للعنف الاجتماعي، وللعنف الجسدي 23.5%، و11.8% للعنف الجنسي.
وفي محافظة نابلس بلغ مؤشر العنف الأسري حدا لا يطاق حيث يشير المسح الذي تنفذه المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى ان 32.4 % من النساء تعرضن للعنف و 57% منهن لا تخبر أحدا. أما عن نسبة الرجال الذين تعرضوا لأحد أشكال العنف من قبل الزوجة في نابلس، وفقا لما أدلت به زوجاتهم، فقد أوضحت الدراسة أنهم %10.8
الجهات المعنية بحماية الأسرة والمؤسسات المزودة للخدمات في موضوع العنف الأسري تقوم بدوها من جهة ،لكن من جهة أخرى لم نشهد قفزة نوعية في الأساليب والوسائل المتبعة والتي من شأنها حماية الضحية ولجم الجلاد والمعتدي،بدليل الحالة التي أسلفتها في بداية حديثي.
ومن باب التذكير والتأكيد أيضا أن المسؤولية لا تقع على عاتق الجهات الحكومية المختصة فقط، بل تمتد لتكون قبل كل شيء مسؤولية المجتمع الفلسطيني.كلنا مسئولون والحكومة مطلوب منها حماية مواطناتها حتى من أزواجهن!!

واختم بالقول الفصل : الزوج الذي لم يلتزم بما أمر الله في حياته الزوجية ويعمل بما يرضيه وما أمره به الله ورسوله فكيف سيبني المجتمع بعد إن قتل نصفه وكيف سيحرر أوطانا ؟ فمن ضمن خطبة الوداع قال عليه الصلاة والسلام.. وإنما النساء عندكم عَوَان لا يملكن لأنفسهن شيئا أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهنّ خيرا".ألا قد بلغت اللهم فاشهد .. والاسترشاد دوما برسولنا الأكرم صلى عليه وسلم.
للتواصل : presstoday@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: