قداسة البابا شنودة الثالث جال يصنع خيراً مثل سيده/ أنطوني ولسن

رجل الله المؤمن الصالح لا يرحل ، وطبيعي لا يموت وإنما ينتقل كل ما فيه إلى مكانه الأصلي ، الروح إلى السماء حيث كرسي الرب ، والجسد إلى حيثما جاء .. من الأرض .. من التراب بعد أن يكون قد أدى الجسد المطلوب منه مع الروح وجاهدا الجهاد الحسن وتكلل صاحبهما الإنسان البار قداسة البابا شنودة الثالث بإكليل البر .

الجملة الأخيرة " كما سمعنا " التي قالها قداسته :

يــارب أنت تعلم أنه لم يعد لدي قوة بعد ...

إذا تأملنا المعنى الروحي لهذه الجملة نفهم شخصية قائلها ومدى إرتباطه مع الرب . ونستطيع أن نقول أنه بالفعل رجل الله البارالذي خطى خطوات سيده الرب يسوع المسيح الذي جال يصنع خيرا ، والذي لم يخرج من فمه شيئا رديا . كما أنه كان الإنسان الذي بلا خطية . والرب يسوع خالف كل ما كان اليهود يفعلون من ناحية الحياة والعبادة . وضع الرب يسوع أسسه لحياة الإنسان أن تعتمد على " الحب " .. حب قريبك كانفسك .. أحبوا أعداءكم .. باركوا لا عنيكم .. أحسنوا إلى مبغضيكم .. و..و إلخ من بذر بذور المحبة بين الناس .

عذبوه .. جلدوه .. وضعوا فوق رأسه إكليل من الشوك .. سخروا منه وهو يحمل صليبه إلى الجلجثة .. هتفوا بأصوات الغدر وعدم العرفان بما فعله لهم من شفاء مرضاهم ، وإقامة موتاهم ، وإطعامهم من سمكتين وخمسة أرغفه ، أخبر السامرية بإحتياجها إلى ماء الحياة وليس ماء الشرب . غفر للمرأة الزانية عندما قدموها له بعد ضبطها وهي في حالة الفعل ليجربوه ، وعندما كشف أسرارهم وأخبر كل من حاول يرميها بالحجر عن خطيئته كان كل منهم يلقى بالحجر من يده ويترك المكان خجلا . عندما لم يعد أحد منهم في المكان أمسك بيدها وأوقفها وسألها إن كان أحد مازال يدينها . وعندما تلفتت حولها ولم تجد أحدا تطأطأت راسها وردت عليه لا ياسيدي . فكان رده إشارة إلى قوة الغفران التي يمتلكها بقوله ولا أنا أدينك إذهبي ولا تفعلي ذلك مرة أخرى .

ومع ذلك صلبه من كانوا يتربصون به من أعداء الحب والمحبه . ومع ذلك قال وهو على عود الصليب " صليب العار " الذي صلب عليه مع اللصوص وهو البار . أقول قال مقولته الشهيرة " يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعرفون ما يفعلون "

وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا . فأجاب الآخر وإنتهره قائلا أولآ أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه . أمَا نحن فبعدل لأَننا ننال استحقاق ما فعلنا . وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك . فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس . إنجيل لوقا الأصحاح الثالث والعشرون " 39 – 43 " .

تعليم الرب يسوع كلها وهي كثيرة تدعو إلى المحبة والتسامح وفعل الخير غير ناظر إلى شكر أو أشياء مادية زائلة . لكنه كان يريد خلاص النفوس .وكل من صار على درب المسيح نال الحياة الأبدية .

وهذا ما فعله قداسة البابا شنوده الثالث قبل إختياره الإلهي وبعده ، كان يريد خلاص النفوس بإتباع خطوات سيده في معالجة الأمور وما أكثرها في مصر والعالم كله .

واجه قداسته على الصعيد المصري الكثير من التغيرات والتيارات المتشددة ضد المسيحيين في مصر . واجه ظلم إسرائيل للفلسطينيين من إحتلال أراضيهم بدون وجه حق فوقف إلى جانب الفلسطينيين معضدا لقضيتهم غير عابءٍ بما قد يواجه من غدرالإسرائيلين .

كان صاحب رؤيا يريد للكنيسة أن تستمر في رسالتها دون خوف فساهم في دخول أصحاب المؤهلات العلمية إلى الكهنوت فهم سيكونون أكثر الناس تفهما للناحية الجسدية للبشر ويقدرونها لما لهم من علم مع ما سيلتقونه من علوم روحية فيكون لهم المقدرة على معالجة الجسد والروح .

أيضا كان صاحب رؤيا لما يحدث في العالم حوله من إبتعاد الكثير من مسيحي الغرب عن الرب يسوع والكنيسة . فعمل على محاولة إنقاذ الأجيال الناشئة من أبناء الأقباط بالخارج ببناء الكنائس وبرشامة كهنة و شمامسة من المهاجرين أنفسهم فبدأت مع هبوط في الخدمة الروحية المسيحية في الغرب بين أبناء الغرب ، إرتفاع في الخدمة الروحية المسيحية للكنيسة الشرقية الأرثوذكسية وبناء الكنائس في جميع أنحاء المعمورة وبعض من دول الخليج . بدون شك شجع هذا الفعل الكنائس الشرقية الأخرى وصارالعمل التبشيري المسيحي يشق طريقه ويجذب إليه العديد جدا من أبناء الغرب بالصلاة والإنضمام إلى الكنائس الشرقية أرثوذكسية أو كاثوليكية أو إنجيلية أو أي إجتماع للإخوة وخلاص النفوس والكنائس الأخرى . وبدأت ملامح التغير في الغرب من البعد عن الكنيسة إلى التشجيع على العودة إلى بيوت الله لسماع إنجيل المسيح باللغتين العربية والإنجليزية أو أي لغة أخرى يتكلم بها أهالي هذه البلاد .

إستطاع قداسته أن يكون كما يقولون " رمانة الميزان " بالنسبة للأحداث التي تحدث للمسيحيين في مصر . لم يحرض مسيحيا واحدا ضد مسلم ، بل عمل على بذر الحب بين الأشقاء . وقف صلبا ضد التيارات المتشددة الإسلامية ولم يعبأ أو يلتفت لإساءتهم له شخصيا . له شخصية كارزمية لعلمه ومحبته وخبراته الإيمانية والحياتية . كان ذكيا لماحا خفيف الظل يحب النكتة وما يعرف عندنا نحن المصريين " القفشه " ، أي سرعة البديهة في الرد على ما يقال أحيانا بنكتة ضحك القائل والمستمع . كان متواضعا حنونا محبا للناس فأحبه الناس ، وظهر ذلك جليا في وداع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير . لقد عرفت جنازته بالمليونية للعدد الكبير من الشعب المصري الذي بكاه ، مع حزن وآسى على رحيله في جميع أنحاء العالم غربيه وشرقيه .

قداسة البابا المعظم شنودة الثالث رحيلك ترك أثرا كبيرا في نفوس من أحبوك ، وشعور بالذنب لكل من أساء إليك .

لنا رجاء في الرب يسوع المسيح أن نلقاك في الفردوس .

CONVERSATION

0 comments: