تزويج المغتصبات القاصرات: فاطمة بتركيا، وامينة الفيلالي بالمغرب/ خالد الصمري

في المساء وأنا أتناول القهوة أو الشاي بالمنزل، أشاهد لقطات مسلسل تركي يتابعه بعض افراد الأسرة و يعرض بإحدى قنوات MBC اسمه "فاطمة" تدور أحداث المسلسل في قالب رومانسي اجتماعي إنساني حول فتاة فقيرة مخطوبة لصياد تعشقه بجنون، وتحلم بيوم زفافهما، ولكن القدر يحول حلمها الجميل إلى كابوس مزعج بعد أن يغتصبها 4 شباب سكارى.. فتنقلب حياتها رأسا على عقب، خاصة بعد تخلي خطيبها عنها لأنها أصبحت في نظره فتاة ساقطة، ويتم إجبارها على الزواج من أحد المغتصِبين ليغسل شرفها ويفلت هو من العقوبة. ويتناول المسلسل أبعاد مشكلة الاغتصاب التي تعاني منها المجتمعات الشرقية، ويطرح هذه المشكلة من خلال أبعادها القانونية والاجتماعية والنفسية.
ومن غريب الصدف أن مسلسل فاطمة تجلى عندنا بالمغرب ولكن عوضت بطلة المسلسل بأخرى اسمها أمينة والقصة كذلك تتشابه في المضمون، حيث اغتصبت هذه القاصر ذات 15ربيعا، وعوض القصاص من الذئب البشري الذي نهش لحمها بعد أن غرر بها وسلب شرفها زوجت له غصبا وبدون رضها،لتعيش معه فصول العذاب والذل والمهانة،تعيش الاغتصاب المزدوج اغتصاب الجسد والروح، اغتصاب الطفولة والحق في الحياة الجميلة.
كيف لسيد وكيل الملك والذي يمثل الفانون ويسهر على تطبيقه أن يطلب من الأسرة تزويج هته القاصر بناهش لحمها وعرضها، لماذا تسن القوانين إن كانت تطبق بالمزاج؟ ولما هذا التسامح في قضايا مثل هذه والإسراع إلى الزواج؟ نصحح الغلط بأكبر منه لا لشيء سوى لإرضاء المجتمع والخوف من الفضيحة والعار،فالفتاة لم تذهب لتمارس الجنس برضاها أو هي عاهرة تعيش من بيع لحمها وعرضها، قدرها أن تكون في المكان والزمان الخاطئ،و كل النساء مراهقات شابات وحتى زوجات وأمهات أصبحن معرضات لهته المواقف في ظل انعدام الأمن وكذلك الردع والضرب بيد من حديد على كل الذئاب البشرية المهووسة والمريضة بالجنس.
وضعت هذه القاصر الحد لحياتها بانتحارها فإنها عرت على مجموعة كبير من انتهاكات حقوق الإنسان والطفل فقد فقدت التمتع بكامل حقوق الأطفال ومورست عليها التعذيب والتعنيف فصودر حقها في حسن المعاملة وفي الأخير صودر حقها في الحياة الكريمة بدفعها لوضع حد لحياتها.
إن كانت أمينة صرخت جهرا ورفضت العيش في سادية ،فيوجد أمينات أخريات يكتوين بنار الخوف من العار والفضيحة،يضحين بحياتها في سبيل ارضاء مجتمع ذكوري يمارس عليهن ساديته بأعرافه وعاداته البائدة ،بقوانينه التي لا تضمن لنون النسوة حقهن في الرفض و حقهن في القصاص.
الزواج هو رباط مقدس يجمع بين شخصين رضيا الحياة المشتركة،يتقاسمان قواسم مشتركة تجعل عيشهم في سعادة وفرح لكل منهما حقوقه ووجباته دون أن تكون الغلبة والسيطرة لطرف على الأخر،فالزواج ليس مكان لتفريغ الرغبات والشهوات الجنسية بل هو مؤسسة اجتماعية لا يتحمل اعبادئها إلا أشخاص بلغوا سن الرشد وليس أطفال قاصرين لم يشبعوا حتى من اللعب، فتزويج القاصر هو اغتصاب في حد ذاته هو انتهاك للبراءة الطفولة ومصادرة الحق في اللعب والتمتع بالطفولة،و إسقاط المتابعة القضائية عن كل مغتصب لقاصر بتزويجها له هو إفلات من العقاب وتشجيع على التمادي في ذلك،هو ضرب لكل المواثيق والمعاهدات الدولية عرض الحائط،فالاغتصاب جريمة لا يجب التهاون مع مرتكبها.
زواج هته القاصر اعتمد أساسا على تأويل خاطئ و متعسف للفصل 475 من القانون الجنائي المغربي و الذي ينص على أن " من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم. ومع ذلك، فإن القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا". فهل هذا النص من القانون الجنائي كفيل بردع الذئب البشرية التي تتربص بالقاصرات؟ الم يحن الوقت للمطالبة بتغيره وتشديد عقوبته؟
ففي بريطانيا بدأت السلطات بالاخصاء الكيمائي ل 100 سجين انتهى الأمر بهم خلف القضبان، لأنهم من الساعين أبدًا إلى استغلال الأطفال جنسيًا. وهو عبارة عن مشروع حكومي طوعي يهدف إلى منع هؤلاء وغيرهم من تكرار جرائمهم بإعطاء المجرم عقار طبيا يقلل نسبة الشهوة عندهم بخفض هرمون التستوسترون إلى المستوى الموجود عند الأطفال الصغار.
كل هذا لن يشجع كل من اغتصبت على متابعة الذئب الذي نهش لحمها،خوف من العار والفضيحة في مغرب الألفية الجديدة


CONVERSATION

0 comments: