ما هو تعليقك على وفاة "شارون"؟ سألني مقدم النشرة الإنجليزية لأخبار تلفزيون ‘برس تفي’ الدولي في عنوانها الأول فأجبت :
"شارون" ملك بني صهيون المتوج، لم يكن منفرداً أو متفرداً بمجازره ضد العرب في فلسطين، لبنان ومصر، فمن مجزرته في قبيه الفلسطينية عام 1956 إلى سيناء في مصر التي دفن في صحرائها المئات من الجنود العرب المصريين الأسري أحياء"، إلي مجزرته الأشهر في صبرا وشاتيلا في عام ،1982 بعد انسحاب قوات الثورة الفلسطينية من لبنان و بعد تقديم ضمانات أمريكية فرنسية ، لبنانية و دولية قدمها الدبلوماسي الأمريكي (فليب حليب) إلي الشهيد ياسر عرفات ليسحب قوات الثورة من لبنان في ظل ضمان غربي عربي لسلامة اللاجئين الفلسطينيين.
لقد انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية كرد عنيف ضد الكيان الصهيوني بعد تدنيس شارون المسجد الأقصى عام 2000، و بعد ان تم تتويجه كملك بني صهيون، اطلق حملاته المسعورة ضد الانتفاضة الثانية لتحطيم المدن والبنى التحتية الفلسطينية. اجتاح شارون مخيم جنين عام 2002 و كان المخيم عصياً بكتائب المقاومة الفلسطينية على جيشه. أمطر الجبان المخيم بكل ما ملكت الترسانة الصهيونية من أسلحة أمريكية و فرنسية، على رؤوس أهلنا في المخيم ،هلك المئات من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال، بعد حملته البشعة تشاهد المخيم وكأنه اضحى بقعة من هيروشيما أو نجازاكي بعدما ضربهما الأمريكان بالقنابل الذرية في نهاية الحرب العالمية الثانية! هذا النموذج البشع كرره في غزة بعد ذلك وزيره أولمرت عام 2008 والنتن ياهو في ديسمبر 2012.
شارون خطط واشرف على تنفيذ مجزرة صبرا و شاتيلا من قصر بعبدا في بيروت، و قامت قوات الكتائب اللبنانية تحت أمرة الرئيسين اللبنانيين الأخوة، بشير و أمين الجميل، بتنفيذ تعليمات ملك بني صهيون. عسكر الكتائب و القوات اللبنانية قتلت ثم رقصت فوق جثث الفلسطينيين، من الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز التي كومت بقاياهم فوق بعضها البعض، منصات للراقصين في صابرا و شاتيلا، وشارون يتابع بمنظاره من على شرفات قصر الرئاسة اللبنانية في بعبدا، طقوس الذبح المستمرة. كما راينا ثمرة التحالف الكتائبي الصهيوني ضد الفلسطينيين في لبنان، نشاهد اليوم و عن كثب هذا الحزب الكتائبي اللبناني والقوات اللبنانية، -من المفترض بانهما أداة سياسية مسيحية لبنانية، وهما يساندا جبهة النصرة و داعش في طقوس ذبحٍ شبيهة، تفتك بالسوري والفلسطيني في سوريا وتفترس مسيحيي سوريا، تقتل وتخطف راهباتها ورهبانها، ويساندا كل من حزب الكتائب و القوات اللبنانية من دمر معلولا ثاني اهم مكان و معلم مسيحي في العالم بعد بيت لحم. شركات الحريري في لبنان و آل سعود في جزيرة العرب و معهم باقي مشيخات الخليج يفتحون لحزب الكتائب و القوات اللبنانية خزائنهم البترولية بكرم طائي غير معهود!
حقيقة الكيان الصهيوني هي حقيقة مسخ لدولة إرهابية، أنشأتها و أدارتها العصابات الصهيونية الإرهابية القادمة من الغرب المستعمر و شرق أوروبا تحديداً، لإنشاء المستعمرة القاعدة العسكرية الصهيونية الدائمة للغرب على ارض فلسطين. احتلت الإمبراطورية البريطانية فلسطين من دولة “الخلافة" العثمانية التركية*، وسلمتها للعصابات الصهيونية الإرهابية المجرمة التي استقدمتها من أوروبا، لتمارس تلك العصابات إرهابها، فترتكب المجازر المتوالية وترهب وترعب الشعب العربي الأعزل** في فلسطين لتشتته شر تشتيت في كل بقاع الأرض لكي تأخذ فلسطين خالية من أهلها، و فعلت.
سلطت الأضواء علي شارون اكثر من غيره من المجرمين والجزارين الصهاينة، و ذلك بهدف إظهار الكيان الصهيوني أمام العالم المصدوم من مجزرة "صبرا و شاتيلا" بان "إسرائيل" دولة قانون، مؤسسات و ديموقراطية؟ و لكي لا تحرج أسيادها الغربيين الأوروبيين والأمريكان أمام الراي العام الغاضب، خرجوا بلجنة تحقيق تقول 'بان الديموقراطية الصهيونية الغربية الوحيدة في الشرق الأوسط غير معصومة من الأخطاء'؟! مسرحية التحقيق والمحاكمة و إدانة شارون بدون عقاب فعلي، كانت الأداة لترسيخ صورة "إسرائيل" كدولة قانون و مؤسسات، أمام الراي العام العالمي. بعد المجزرة كرمت "إسرائيل" عملياً حكومةً وجيشاً وشعباً شارون، بتسميته "الجد" ، الحامي لدولة بني صهيون، كان الرمز الأكثر حبا و احتراما لديهم، هو الوحيد الذي اطلق الصهاينة عليه لقب "الملك"، ملك الصهاينة، و بعدها انتخبوه رئيسا لوزراء الكيان الصهيوني، هذا الشعب الذي كان يطير فرحا و نار جيشهم تفتك بشعبنا في غزة، إنهم يطربون لموتنا.
كل قادتهم بلا استثناء أياديهم ملطخة بدمنا العربي من بن غوريون صاحب عصابة الهاغانا المتحالفة مع الإنجليز و إلى ميناحم بيغن زعيم عصابة الأرغون الذي كثفت بولندا من تسليحه ودعمة مقابل التخلص من اليهود البولنديين و أرسالهم إلى فلسطين، حامل جائزة " نوبل للسلام " ؟! أسحاق شامير زعيم عصابة سترن الدموية ، الثعلب شمعون بيرس رئيس دولة الكيان ، و أيضا حامل جائزة "نوبل للسلام " الذي قام بمجزرة قانا في جنوب لبنان عام 1996 طارد المدنيين الهاربين إلى مقر الأمم المتحدة في قانا من نار حملته العسكرية على لبنان 'عناقيد الغضب' فقتل وجرح المئات من اللاجئين اللبنانيين . جنرالات وقيادات الكيان الصهيوني لا يصلون الي العرش كملوك بني صهيون إلا فوق جثث أهلنا، أما من يزعمون بانهم قادة مدنيون، فانهم يتوغلون في سفك الدم العربي اكثر ، انظروا ماذا فعل "يهوذا أولمرت" في غزة و أهلها عام 2008 و2009، و النتن ياهو رئيس وزراء الكيان الحالي ماذا فعل منذ عام في غزة أيضا، انه كيان دموي إرهابي لا يحي إلا بالمجازر و التشتيت لأهلنا، تجمع لصوص و قتلة متشابك التحالفات مع الغرب الاستعماري و الأنظمة الرجعية العميلة العربية التي ربطت مصيرها بمصير الصهاينة في الخفاء. نحن مدركون بأن شارون ما هو إلا صورة مصغرة للكيان الصهيوني...
بقلم صائب شعث
هوامش:
* تركيا استعبدت الشعب العربي في فلسطين فعلياً، كما فعلت في مناطق عربية أخري، كان هذا باسم إعلاء راية الدين والخلافة الإسلامية. خسرت تركيا فلسطين في حرب مع الجيش الإنجليزي بقيادة "إدموند ألنبي" في معركة غزة الثالثة (31 أكتوبر - 7 نوفمبر 1917). بعدما أصبحت تركيا دولة صناعية ذات جيوش و قادرة، لم تحاول ولو مرة واحدة مساعدتنا على تحرير فلسطين التي كانت تحت حمايتها كبقعة من الخلافة او الامبراطورية العثمانية. لا لم تفعل بل دخلت تركيا في تحالف استراتيجي من خلال عضويتها في حلف الناتو مع "إسرائيل"، و اعتبرت أيضاً كالناتو و " إسرائيل" بان المقاومة الفلسطينية خطر عليها.
بعد تولي العثماني الجديد "أردوغان" زعيم الحزب الإخونجي "الرفاه والعدالة" السلطة في تركيا، قام "أردوغان" بمسرحيات خطابية صاخبة الحماس في التآزر مع غزة، الصراخ على الشريك و الحليف "شمعون بيرز" في مؤتمر دافوس الاقتصادي واتهامه بالجرائم ضد غزة، طبعاً طربت العرب لهذا الكلام. بعدما قتلت إسرائيل 9 نشطاء أتراك على متن أسطول الحرية لفك الحصار عن غزة استخدم فلسطين كرافعة له ليتوغل في قلوب العرب وأسواقهم بقوة ،ليسلب اكثر منهم ؟ الأهم ما في جيوب العرب وليجعلهم سوق غير منتج تابع لسوقه المنتج التابع بدوره للصهيوني والأوروبي. باستخدام غزة والدين أستطاع من أن يعظم قوة تركيا على حساب العرب،.
هيمنت الشركات التركية على المنطقة العربية، في ليبيا القذافي لم ينافسها أحد، وفي العراق ( حصة تركيا من السيطرة على الأسواق العراقية تفوق 80%) وأما سوريا فكانت الفريسة للابتلاع الكلي (عشرات الألاف من المصانع السورية الصغيرة و المتوسطة والكبيرة الحجم أقفلت أمام جبروت الاقتصاد النيوليبرالي التركي و بالتالي مئات الألاف من أصحاب المصانع والحرفيين والعمال فقدوا أرزاقهم، مما خلق حنق لدي هذه الشرائح على الدولة في سورية) و مصر أيضاً وحتى فلسطين المحتلة. فوق كل هذا كان الأخ التركي الأكبر يسرق اكثر من مالنا وأسواقنا، مياه دجلة والفرات من سوريا والعراق و ينشئ السدود بالتعاون مع حليفه الاستراتيجي" شركات مائية إسرائيلية " ليزودهم بالماء و يجني هو الثروات من عطشنا، بمالنا وأسواقنا و مائنا أصبحت تركيا بين ليلة وضحاها تحتل المركز السابع عشر في الاقتصاد العالمي. بعد كشف دورها القذر في سوريا ولبيا ومصر، هذه المكاسب بدئت تتبخر و العرب المضحوك على لحاهم من "العصمالي" هل يستيقظون كما فعلوا في مصر و سورية؟
** كان يُمنع على المواطن العربي في فلسطين حمل السلاح أثناء الاحتلال التركي لفلسطين، كما مَنعت الجيوش العربية التي دخلت فلسطين عام 1948 لتمنع قيام الصهاينة بتقسيم فلسطين و إنشاء "إسرائيل"،الفلسطيني من حمل السلاح لمقاومة الصهاينة، بحجة منع فوضي السلاح. قوات الجيش الأردني بقيادة الضابط البريطاني الاسكتلندي غلوب باشا، كانت تعتقل أي فلسطيني يحمل السلاح، وتمنع عن المقاومين المدد أو الحماية، و كما ذكر الراحل المناضل الفلسطيني الكبير "بهجت أبو غربية" -لولا هذه الفرق القليلة العدد من المقاومين العرب الفلسطينيين آنذاك لسقط الحرم الشريف والقدس القديمة كاملة بيد العصابات الصهيونية.
مصطلح جيوش عربية مصطلح مغلوط و مخادع، علي سبيل المثال مصر اكبر الدول العربية و أرسلت اكبر عدد من العسكر والضباط الي فلسطين، تقريبا خمسة ألاف وخمسمئة جندي وضابط، في حين عدد العصابات الإرهابية المسلحة بالمدفعية والطائرات و المدربة جيدا من قبل الغرب، فاق أعداد الجنود العرب عشرات الأضعاف.
ملاحظة توضيحية: حزب الكتائب و القوات اللبنانية هي "أحزاب سياسية" لبنانية كما يصرحوا، في الواقع هي مليشيات عسكرية، تتبادل كرسي الرئاسة في لبنان بين الحين والأخر، ودورهم الأهم والأخطر في حربهم المعلنة والخفية على القيم و الثقافة واللغة العربية، دورهم الأساسي هو التسويق للثقافة الفرنكوفونية في لبنان والمنطقة العربية، لتصبح هذه الثقافة الفرنكوفونية واقع معاش ونمط تفكير وسلوك حياة لدى كل مسيحي في لبنان وسوريا وفلسطين، والتحضير لما يترتب عن ذلك من تشكيل كيان يرتبط بفرنسا كأم و كحامية لهذا المشروع الفرنكفوني.
أعتقد و لا أجزم كنتيجة لانحطاط مكانة فرنسا الدولية و العسكرية والاقتصادية، تعيد هذه الأحزاب المليشيات تموضعها في مشروع أوسع من جديد، لقد فشلوا في تحالفهم مع "إسرائيل" وان يكونوا امتداد لها في لبنان، لوجود مقاومة عربية قوية فوق الأراضي اللبنانية، اليوم يتعاملون مع خليط داعشي وهابي قاعدي اخونجي قطري وعثماني فرنسي وأمريكي – صهيوني أيضا، في شرق بيروت لصياغة هوية جديدة لهذه الكتائب و القوات و الأحزاب، تأخذ افضل ما لدى هذا الخليط! سنيورة لبنان بكل تأكيد ُيحضر المهد، لهذا المولود، فهل ستنجح المقاومة من دفن لحداً أخر.
بقلم صائب شعث
0 comments:
إرسال تعليق